كلانا يعلم كيف نضيءُ الحكايا..

كلانا يعلم كيف نضيءُ الحكايا..

بذات الأفكار والأسئلة
والندوب التي أهرب منها
التي تجعلني أكتبني الآن
أكتب لك ..
كشمسٍ تحمل لقيط.

بذات الحرب
وأشباح الليل
التي تجعلني أرسم عينيّ
كحزن إغريقي
عالق بين عالمين
بذات الأغنيات
التي تجعلني حالمة
بعالمٍ أفلاطوني
بحبٍّ كما حبِّ التبريزي.

بذات الأفكار والندبات
التي تجعلني أكتب رسائلي
الطويلة
وأنا هاربة
من العدالة
عدالة عينيك
من حصار المدينة
وازدحام المطارات
من طوابير اليأس
في كلِّ مكان
زرعوا فيه لنا ذلَّاً
ومن عملك كلَّ صباح
ومن كلِّ فنجان قهوة
ومن سماء
تجمعنا سويَّاً
في كون واحد
ويأكلنا الشوق بذات الكون.

بذات الأفكار
التي تجعلني أكتبها لك
وأنا حالمة
بقبلة
على الجبين مثلاً
أو على قلبي
أو على الريحان فيما بيننا
ثمَّ
بذات الأفكار
التي تجعلني
غير مدركة
كيف يُرسِل المُحِبُّ سلامه
كيف يدعو الله
كيف ينام
كيف يعبر جثث المسافات
كيف يقف على الحدود
بوردة؟
بنظرة طفل؟
بشوق أم؟
بجرح وطن؟
بزندٍ ممشوق؟
أم بنصل سيف؟

بذات الأسئلة والأفكار
كيف يضمُّ العاشق حبيبته
وكيف يُقَبِّلُ العاشق حبيبته
وكيف تكون أحلام الفقراء
وكيف يشعر الناجي الوحيد

بذات الأفكار واللغة
التي تجعلني أدور حول نفسي
كمُلامٍ وحيد
على حروب
تقع على ضفة العالم الآخر
لا دخل لي فيها
ولا ناقة لي فيها ولا جمل
مجرد افتراءات وغيرة البشر
على حزن الأرض
وكسرة قلوب الصبايا الجميلات
وبكاء الثكالى
على حزن كافكا
وموت فان كوخ
على بؤس الرجال
في روايات أحلام


بذات الأسئلة والأفكار
التي تجعلني حرفاً
في شارع
في حي
في مدينة
في أرض
في مجرَّة
ثمَّ غبرة سماويَّة
لا تُرى
ثمَّ خطأ لم يُدرِكه الكون
نام.. ووُلِدت أنا


بذات الأسئلة والأفكار
التي تجعلني دائماً صامتة أمامك
أتلعثم بجملة وحيدة
"مش عارفة شو أقولك"
رغم أني أعرف الكثير
لكنه يهرب من شفاهي
وتجعلك تخجل من الكلام
تسبقني في الحديث
عن الشعر
وأسبقك الحديث
عن الحزن
عن الحرب والسياسة
وأيُّ حديثٍ
لا يُجدي نفعاً
ويؤدِّي إليك.
بذات الأسئلة والأفكار
التي تجعلني في كلِّ مرَّة
ودائماً
آخذ نفساً جديداً
حلماً بأن ألتقيك.


بذات الأسئلة والأفكار
التي رسمتْ
إشارات تعجب كثيرة
تحبني !
تشتاقني !
تعرفني !
يؤرِّقك الحنين إليّ !
بذات الآهات
التي تكتبني
على جدران المدينة
نوافذ الغرف والسيارات
قوالب الحلوى
رغيف الخبز
وعلى حلم كلِّ طفل
بأنشودة جديدة
يموت فيها الجوع يوماً
على حلم كل عاشق
بقصيدة جديدة
يموت فيها الغياب يوماً
بذات الأسئلة والأفكار
على علم المدينة
حين يرفرف
وحده يرفرف
وكلُّ القلوب مُتعبة
وكلُّ الجياب فارغة
وكلُّ البطون خاوية


بذات الأسئلة والأفكار
التي تجعلني ممتلئة الآن
بالفرح
بالشوق
بالنعاس
بالحزن
بالأسى
بالبكاء على اليتامى
وبكلِّ الموجودات
والمفقودات
ممتلئة بكون آخر
لا أحد فيه سواك.


بذات الأسئلة والأفكار
التي تجعلني أفيض عشقاً
وأهيم نوراً
كفراشة
قنديلها أنت

بذات الأسئلة
و الندوب والأفكار
أحبك .. وبيننا طرق كثيرة
أطويها في أحلامي
فأراني بين يديك
كلانا على الطرف الآخر
طالما أنَّنا في خُلواتنا
لم يستطيعوا رسم الحدود
بيننا أبداً
ثمَّ في صلاتنا
مع الله
مع بعضنا
في سجدة ما
في نظرة للسماء
في أيِّ أزرق عابر
بصدفة أو بترتيبٍ من القدر
بأغنية
بموسيقى
بلوحة؛
لفراشة
أو لطائرٍ حالم
تحديداً حين تقول فيروز
" بكرا إنت وجاي
رح زين الريح
خلي الشمس مراية
والكنار يصيح
وجمع ناس وعلي قواس
وبكل شارع ضوي حكاية "
كلانا بعلم
أنَّ هناك موعد مقدس ولقاء.
كلانا يعلم كيف نضيء الحكايا
كلانا يعلم كيف يكون العناق
كلانا يعلم أنه أعظم من كلمة حُبّ
لست تائهة فكلمةٌ نُقشت
في قلبي -لن أكتبها هنا-
تُرشدني إليّ..
لكني أنسى نفسي في صوتك،
كمن يمشي في غابة من الموسيقى
فتسرق جسده النغمات.
ثمّ :
أيّ شوق هو هذا الذي يجعلك تعتقد
أنّ على هذه الأرض روحٌ أخرى تائهة تبحث عن يدكَ لتعرف طريقها ؟!



على الهامش :
"‏كم هي قاسية دائرة اليوم الفارغ وخاصة حين تطبق على عنقك في الليل كحبل المشنقة".

من رواية : أيام الهجران 📖

الأربعاء ١٢ فبراير
٥:٨ ص
بتوقيت الشوق
.

للمزيد من مواضيعي