» ..... « | ||||||
|
آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-17-2025, 06:20 PM | #741 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
الترغيب في المحبة والحث عليها أ- من القرآنِ الكريمِ 1- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [مريم: 96] . قولُه: وُدًّا هي المَحَبَّةُ والقَبولُ الذي يجعَلُه اللهُ في القلوبِ لمن شاء من عبادِه . يجعَلُه لهم من دونِ أن يطلُبوه بالأسبابِ التي توجِبُ ذلك كما يَقذِفُ في قلوبِ أعدائِهم الرُّعبَ . 2- وقال جلَّ في علاه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه: 39] . قال أبو جعفَرٍ الطَّبريُّ: (والذي هو أَولى بالصَّوابِ من القَولِ في ذلك أن يقالَ: إنَّ اللهَ ألقى محبَّتَه على موسى، كما قال جَلَّ ثناؤه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي فحبَّبه إلى آسيةَ امرأةِ فِرعَونَ، حتى تبنَّتْه وغذَتْه وربَّتْه، وإلى فِرعَونَ، حتى كفَّ عنه عاديَتَه وشَرَّه. وقد قيل: إنَّما قيل: وألقيتُ عليك مَحَبَّةً منِّي؛ لأنَّه حَبَّبه إلى كُلِّ مَن رآه) . وقال الشَّوكانيُّ: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي أي: ألقى اللهُ على موسى مَحَبَّةً كائنةً منه تعالى في قلوبِ عبادِه لا يراه أحدٌ إلَّا أحَبَّه، وقيل: جَعَل عليه مَسحةً من جمالٍ لا يراه أحَدٌ من النَّاسِ إلَّا أحَبَّه...، وقيل: كَلِمةُ مِنِّي متعلِّقةٌ بألقيتُ، فيكونُ المعنى: ألقيتُ مني عليك مَحَبَّةً، أي: أحبَبْتُك، ومَن أحبَّه اللهُ أحبَّه النَّاسُ) . 3- وقال تعالى في بيانِ صِفةِ المحبِّين له سُبحانَه وأنَّ من لوازِمِها مَحَبَّةَ المُؤمِنين والرَّأفةَ بهم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة: 54] . قال ابنُ رجَبٍ: (فوصف اللهُ سُبحانَه المحبِّين له بأوصافٍ: أحدُها: الذِّلَّةُ على المُؤمِنين، والمرادُ لِينُ الجانِبِ وخَفضُ الجَناحِ والرَّأفةُ والرَّحمةُ للمُؤمِنين، وهذا يرجِعُ إلى أنَّ المحبِّين للهِ يحبُّون أحبَّاءَه ويعودون عليهم بالعَطفِ والرَّأفةِ والرَّحمةِ) . وقال السَّعديُّ: (فهم للمُؤمِنين أذِلَّةٌ؛ من محبَّتِهم لهم، ونُصحِهم لهم، ولِينِهم ورِفقِهم ورأفتِهم، ورحمتِهم بهم وسُهولةِ جانِبِهم، وقُربِ الشَّيءِ الذي يُطلَبُ منهم) . 4- وقال تعالى في ذِكرِ مَحَبَّةِ الأنصارِ للمُهاجِرين وما نتَجَ عنها من التَّضحيةِ والإيثارِ: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر: 9] . (يعني: أنَّ اللهَ تعالى ألقى إليهم مَحَبَّةً؛ حتى أنزلوا المهاجِرين ديارَهم، وأنفَقوا عليهم أموالَهم) . وقال ابنُ كثيرٍ: (أي: من كَرَمِهم وشَرَفِ أنفُسِهم، يحبُّون المهاجِرين ويواسونهم بأموالِهم) . وهذا لمحبَّتِهم للهِ ولرسولِه، أحبُّوا أحبابَه، وأحبُّوا من نَصَر دينَه . 5- وقال تعالى ذاكِرًا صُوَرًا من المَحَبَّةِ المباحةِ، كمَحَبَّةِ الزَّوجةِ والأولادِ ما كانت باستقامةٍ واعتدالٍ: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: 14] قال الخازِنُ: (جَعَل اللهُ تعالى في قلبِ الإنسانِ حُبَّ الزَّوجةِ والوَلَدِ لحِكمةٍ بالغةٍ، وهي بقاءُ التَّوالُدِ، ولو زالت تلك المَحَبَّةُ لما حصَل ذلك) . ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ - عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، كيف تقولُ في رجُلٍ أحَبَّ قومًا، ولم يَلحَقْ بهم؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: المرءُ مع من أحبَّ)) . (يعني: من أحَبَّ قومًا بالإخلاصِ يكونُ مِن زُمرتِهم، وإن لم يعمَلْ عَمَلَهم؛ لثبوتِ التَّقارُبِ بَيْنَ قلوبِهم، وربَّما تؤدِّي تلك المَحَبَّةُ إلى موافقتِهم، وفيه حثٌّ على مَحَبَّةِ الصُّلَحاءِ والأخيارِ؛ رجاءَ اللَّحاقِ بهم والخَلاصِ من النَّارِ) . قال ابنُ بطَّالٍ: (فدَلَّ هذا أنَّ من أحَبَّ عبدًا في اللهِ فإنَّ اللهَ جامِعٌ بَينَه وبينَه في جنَّتِه، ومُدخِلُه مُدخَلَه، وإنْ قَصَّر عن عَمَلِه، وهذا معنى قولِه: "ولم يَلحَقْ بهم". يعني في العمَلِ والمنزلةِ، وبيانُ هذا المعنى -واللهُ أعلَمُ- أنَّه لمَّا كان المحِبُّ للصَّالحين وإنَّما أحبَّهم من أجلِ طاعتِهم للهِ، وكانت المَحَبَّةُ عمَلًا من أعمالِ القُلوبِ واعتقادًا لها، أثاب اللهُ مُعتَقِدَ ذلك ثوابَ الصَّالحين؛ إذ النِّيَّةُ هي الأصلُ، والعَمَلُ تابعٌ لها، واللهُ يؤتي فَضْلَه من يشاءُ) . وقال النَّوويُّ: (فيه فضلُ حُبِّ اللهِ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والصَّالحين وأهلِ الخيرِ الأحياءِ والأمواتِ) . وقال السَّعديُّ: (هذا الحديثُ فيه: الحثُّ على قوَّةِ مَحَبَّةِ الرُّسُلِ وأتباعِهم بحَسَبِ مراتِبِهم، والتَّحذيرُ من مَحَبَّةِ ضِدِّهم؛ فإنَّ المَحَبَّةَ دليلٌ على قوَّةِ اتصالِ المحِبِّ بمن يحِبُّه، ومناسبتِه لأخلاقِه، واقتدائِه به؛ فهي دليلٌ على وجودِ ذلك، وهي أيضًا باعثةٌ على ذلك) . - وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ رَجُلًا زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصَدَ اللهُ له على مَدْرَجَتِه مَلَكًا، فلمَّا أتى عليه قال: أين تريدُ؟ قال: أريدُ أخًا لي في هذه القريةِ، قال: هل لك عليه من نِعمةٍ تَرُبُّها ؟ قال: لا، غيرَ أنِّي أحبَبْتُه في اللهِ عزَّ وجَلَّ، قال: فإنِّي رَسولُ اللهِ إليك بأنَّ اللهَ قد أحَبَّك كما أحبَبْتَه فيه)) . قال النَّوويُّ: (في هذا الحديثِ فَضلُ المَحَبَّةِ في اللهِ تعالى، وأنَّها سببٌ لحُبِّ اللهِ تعالى العَبدَ) . وأيضًا فيه: (دليلٌ على عِظَمِ فَضلِ الحُبِّ في اللهِ، والتَّزاوُرِ فيه) . - وعن مُعاذِ بنِ جَبلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَذ بيَدِه، وقال: ((يا معاذُ، واللهِ إنِّي لأحِبُّك، واللهِ إنِّي لأحِبُّك، فقال: أوصيك يا مُعاذُ، لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِك، وشُكْرِك، وحُسنِ عِبادتِك)) . قولُه: (... ((أخَذ بيَدِه)). كأنَّه عَقَد مَحَبَّةً وبَيعةَ مَودَّةٍ. ((واللهِ إنِّي لأحِبُّك))... فيه أنَّ من أحَبَّ أحدًا يستحَبُّ له إظهارُ المَحَبَّةِ له. فقال: ((أوصيك يا مُعاذُ، لا تدَعَنَّ)) إذا أردْتَ ثباتَ هذه المَحَبَّةِ فلا تترُكَنَّ. ((في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ))، أي: عَقِبَها وخَلْفَها أو في آخِرِها ...) . وقال ابنُ عُثَيمين: (وهذه مَنقَبةٌ عظيمةٌ لمعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه؛ أنَّ نبيَّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقسَم أنَّه يحِبُّه، والمحِبُّ لا يدَّخِرُ لحبيبِه إلَّا ما هو خيرٌ له) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:22 PM | #742 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
الترغيب في المحبة من السنة النبوية - وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تدخُلون الجنَّةَ حتَّى تؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتَّى تحابُّوا، أوَلا أدُلُّكم على شيءٍ إذا فعَلْتُموه تحابَبْتُم؟ أفشُوا السَّلامَ بينَكم)) . قال النَّوويُّ: (فقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ولا تؤمِنوا حتَّى تحابُّوا)). معناه: لا يَكمُلُ إيمانُكم ولا يَصلُحُ حالُكم في الإيمانِ إلَّا بالتَّحابِّ) . وقال ابنُ عُثَيمين: (ففي هذا دليلٌ على أنَّ المَحَبَّةَ من كمالِ الإيمانِ، وأنَّه لا يَكمُلُ إيمانُ العبدِ حتَّى يحِبَّ أخاه، وأنَّ من أسبابِ المَحَبَّةِ أن يفشِيَ الإنسانُ السَّلامَ بَيْنَ إخوانِه، أي: يُظهِرَه ويُعلِنَه، ويُسَلِّمَ على من لَقِيَه من المُؤمِنين، سواءٌ عَرَفه أو لم يَعرِفْه؛ فإنَّ هذا من أسبابِ المَحَبَّةِ؛ ولذلك إذا مرَّ بك رجلٌ وسَلَّم عليك أحبَبْتَه، وإذا أعرَضَ كرِهْتَه ولو كان أقرَبَ النَّاسِ إليك) . - عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه...)) وذكر منهم: ((ورجلانِ تحابَّا في اللهِ، اجتمعا عليه وتفَرَّقا عليه)) . قال ابنُ الملقِّنِ: (قولُه: ((ورجلانِ تحابَّا في اللهِ، اجتمعا عليه وتفَرَّقا عليه)) أي: اجتَمَعا على حُبِّ اللهِ وتفَرَّقا على حبِّه، وكان سَبَبُ اجتماعِهما حبَّ اللهِ، واستمرارَهما على ذلك حتَّى تفَرَّقا من مجلِسِهما وهما صادقانِ في حُبِّ كُلِّ واحدٍ منهما صاحِبَه في اللهِ حالَ اجتماعِهما وافتراقِهما، وفيه: الحثُّ على مِثلِ ذلك، وبيانُ عظيمِ فَضلِه، وهو من المُهِمَّاتِ؛ فإنَّ الحُبَّ في اللهِ والبُغضَ في اللهِ من الإيمانِ) . وقال الصَّنعانيُّ: (ورجلانِ تحابَّا في اللهِ، اجتمعا عليه وتفَرَّقا عليه، أي: جمع بَيْنَهما الحُبُّ في اللهِ، وافتَرَقا بالموتِ عليه، لم يُفَرِّقْ بَيْنَهما عارِضٌ دُنيويٌّ، أو المرادُ: يحفظانِ الحُبَّ في اللهِ في الحُضورِ والغَيبةِ، وعُدَّت هذه خَصلةً واحدةً مع أنَّها ثنتانِ؛ لأنَّ المَحَبَّةُ لا تكونُ إلَّا بَيْنَ اثنينِ) . ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم - كتبَ عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه عهدًا لمالِكٍ الأشتَرِ النَّخعيِّ حينَ ولَّاه مصرَ، وفيه: (... وأشعِرْ قَلْبَك الرَّحمةَ بالرَّعيَّةِ، والمَحَبَّةَ لهم، واللُّطفَ بهم) . - وعن وَهبِ بنِ مُنَبِّهٍ قال: (من عُرِف بالفُجورِ والخديعةِ لم يُوثَقْ إليه في المَحَبَّةِ) . - وعن الفُضَيلِ بنِ عِياضٍ قال: (إنَّ اللهَ تعالى يَقسِمُ المَحَبَّةَ كما يَقسِمُ الرِّزقَ، وكُلُّ ذا من اللهِ تعالى) . - وقال أبو بكرٍ الورَّاقُ: (سأل المأمونُ عبدَ اللهِ بنَ طاهرٍ ذا الرَّياستَينِ عن الحُبِّ، ما هو؟ فقال: يا أميرَ المُؤمِنين، إذا تقادَحَت جواهِرُ النُّفوسِ المتقاطِعةِ بوَصلِ المُشاكَلةِ، انبَعَثَت منها لمحةُ نورٍ تَستضيءُ بها بواطِنُ الأعضاءِ، فتتحَرَّكُ لإشراقِها طبائِعُ الحياةِ، فيتصَوَّرُ من ذلك خلقٌ حاضرٌ للنَّفسِ، متَّصِلٌ بخواطِرِها، يُسَمَّى الحُبَّ) . - وقال يحيى بنُ مُعاذٍ: (على قَدْرِ حُبِّك للهِ يُحِبُّك الخَلقُ) . - وقال هَرَمُ بنُ سِنانٍ: (ما أقبَلَ عبدٌ بقلبِه إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ إلَّا أقبَلَ اللهُ بقلوبِ أهل ِالإيمانِ إليه، حتَّى يرزُقَه مودَّتَهم ورحمَتَهم) . - وقال الثَّعالبيُّ: (المَحَبَّةُ ثمنٌ لكُلِّ شيءٍ وإن غلا، وسُلَّمٌ إلى كُلِّ شيءٍ وإن علا) . - وقال يحيى بنُ معاذٍ رحمه الله: (حقيقةُ المَحَبَّةِ لا يزيدُها البرُّ ولا يَنقُصُها الجَفاءُ) . - وقال الجُنَيدُ: (إذا صَحَّت المَحَبَّةُ سَقَطت شُروطُ الأدَبِ) . - وقال الرَّاغِبُ: (لو تحابَّ النَّاسُ وتعامَلوا بالمَحَبَّةِ لاستغنَوا بها عن العَدْلِ؛ فقد قيل: العَدلُ خَليفةُ المَحَبَّةِ، يُستعمَلُ حيثُ لا توجَدُ المَحَبَّةُ) . وقال أيضًا: (كُلُّ قومٍ إذا تحابُّوا تواصَلوا، وإذا تواصَلوا تعاوَنوا، وإذا تعاوَنوا عَمِلوا، وإذا عَمِلوا عَمَروا، وإذا عَمَروا عُمِّروا وبوركَ لهم) . - وقال ابنُ تَيميَّةَ: (إنَّك إذا أحبَبتَ الشَّخصَ للهِ كان اللهُ هو المحبوبَ لذاتِه، فكلَّما تصوَّرْتَه في قلبِك تصوَّرْتَ محبوبَ الحقِّ فأحبَبْتَه؛ فازداد حبُّك للهِ، كما إذا ذكَرْتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والأنبياءَ قبلَه والمُرسَلين وأصحابَهم الصَّالحين، وتصوَّرْتَهم في قلبِك، فإنَّ ذلك يجذبُ قلبَك إلى مَحَبَّةِ اللهِ، المنعَمِ عليهم وبهم، إذا كُنتَ تحِبُّهم للهِ. فالمحبوبُ للهِ يجذِبُ إلى مَحَبَّةِ اللهِ، والمحِبُّ للهِ إذا أحبَّ شخصًا للهِ فإنَّ اللهَ هو محبوبُه، فهو يحِبُّ أن يجذِبَه إلى اللهِ تعالى، وكُلٌّ من المحبِّ للهِ والمحبوبِ للهِ يَجذِبُ إلى اللهِ) . - وقال ابنُ القيِّمِ: (كلُّ مَحَبَّةٍ فهي مصحوبةٌ بالخوفِ والرَّجاءِ، وعلى قَدْرِ تمكُّنِها من قَلبِ المحِبِّ يشتَدُّ خوفُه ورجاؤه) . - وقال ابنُ القَيِّمِ أيضًا: (إذا سافَرَ المحِبُّ للقاءِ محبوبِه رَكِبَت جنودُه معه، فكان الحُبُّ في مقدِّمةِ العَسكَرِ، والرَّجاءُ يحدو بالمَطِيِّ، والشَّوقُ يَسوقُها، والخَوفُ يجمَعُها على الطَّريقِ، فإذا شارَف قدومَ بلَدِ الوَصلِ خرَجَتْ تُقادِمُ الحبيبَ باللِّقاءِ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:24 PM | #743 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
فوائدُ المَحَبَّةِ 1- دلالةٌ على كمالِ الإيمانِ وحُسنِ الإسلامِ. 2- المَحَبَّةُ تُغَذِّي الأرواحَ والقلوبَ وبها تَقَرُّ العُيونُ، بل إنَّها هي الحياةُ التي يُعَدُّ من حُرِم منها من جملةِ الأمواتِ. 3- تظهَرُ آثارُ المَحَبَّةِ عِندَ الشَّدائِدِ والكُرُباتِ. 4- من ثمارِ المَحَبَّةِ النَّعيمُ والسُّرورُ في الدُّنيا، الموصِلُ إلى نعيمِ وسرورِ الآخرةِ. 5- مَحَبَّةُ الإخوانِ في اللهِ من مَحَبَّةِ اللهِ ورَسولِه. 6- التَّحابُّ في اللهِ يجعَلُ المتحابِّين في اللهِ من الذين يستظِلُّون بظِلِّ اللهِ تعالى يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه. 7- لا يكتَمِلُ إيمانُ المرءِ إلَّا إذا تحقَّق حبُّه لأخيه ما يحِبُّه لنفسِه، وفي هذا ما يخلِّصُه من داءِ الأنانيَّةِ. 8- أن يستشعِرَ المرءُ حلاوةَ الإيمانِ، فيذوقَ طَعمَ الرِّضا وينعَمَ بالرَّاحةِ النَّفسيَّةِ . 9- شُيوعُ المَحَبَّةِ بَيْنَ أفرادِ المجتَمَعِ تؤدِّي إلى تماسُكِه وترابُطِه. 10- المَحَبَّةُ تفتَحُ البابَ للتَّعاوُنِ على البِرِّ والتَّقوى. 11- المَحَبَّةُ تخَلِّصُ النَّفسَ من أمراضِها كالحَسَدِ والحِقدِ. 12- المَحَبَّةُ طريقٌ إلى راحةِ البالِ وطُمأنينةِ النَّفسِ. أقسامُ المَحَبَّةِ قسَّم بعضُ أهلِ العلمِ المَحَبَّةَ إلى أنواعٍ، كابنِ حَزمٍ، وابنِ القَيِّمِ، وغيرِهما من العُلَماءِ؛ فابنُ حَزمٍ قَسَّمها إلى تسعةِ أنواعٍ، قال: المَحَبَّةُ ضروبٌ: 1- فأفضَلُها: مَحَبَّةُ المتحابِّين في اللهِ عزَّ وجَلَّ، إمَّا لاجتهادٍ في العَملِ، وإمَّا لاتِّفاقٍ في أصلِ النِّحْلةِ والمذهَبِ، وإمَّا لفضلِ عِلمٍ يُمنَحُه الإنسانُ. 2- ومَحَبَّةُ القرابةِ. 3- ومَحَبَّةُ الأُلفةِ في الاشتراكِ في المطالِبِ. 4- ومَحَبَّةُ التَّصاحُبِ والمعرفةِ. 5- ومَحَبَّةُ البِرِّ؛ يضعُه المرءُ عِندَ أخيه. 6- ومَحَبَّةُ الطَّمَعِ في جاهِ المحبوبِ. 7- ومَحَبَّةُ المتحابِّين لسِرٍّ يجتمعانِ عليه يلزَمُهما سَترُه. 8- ومَحَبَّةُ بُلوغِ اللَّذَّةِ وقَضاءِ الوَطَرِ. 9- ومَحَبَّةُ العِشقِ التي لا عِلَّةَ لها إلَّا اتِّصالُ النُّفوسِ. فكُلُّ هذه الأجناسِ منقضيةٌ مع انقضاءِ عِلَلِها، وزائدةٌ بزيادتِها، وناقصةٌ بنقصانِها، متأكِّدةٌ بدُنُوِّها، فاترةٌ ببُعدِها . وقسَّمها ابنُ القيِّمِ إلى أربعةِ أنواعٍ، وهي: مَحَبَّةُ اللهِ، ومَحَبَّةُ ما يحِبُّ اللهُ، والمَحَبَّةُ مع اللهِ، وهي المَحَبَّةُ الشِّركيَّةُ، والحُبُّ للهِ وفي اللهِ، وهي من لوازمِ مَحَبَّةِ ما يحِبُّ، ثمَّ ذكَر نوعًا خامسًا، وهي المَحَبَّةُ الطَّبيعيَّةُ، وهي ميلُ الإنسانِ إلى ما يلائِمُ طَبعَه، كمَحَبَّةِ العطشانِ للماءِ، والجائِعِ للطَّعامِ، ومَحَبَّةِ النَّومِ والزَّوجةِ والوَلَدِ، فتلك لا تُذَمُّ إلَّا إذا ألهَتْ عن ذِكرِ اللهِ، وشَغَلت عن محبَّتِه . وقسَّم الرَّاغبُ الأصفهانيُّ المَحَبَّةَ بحَسَبِ المحبِّين ،فقال: المَحَبَّةُ ضربانِ: 1- طبيعيٌّ: وذلك في الإنسانِ وفي الحيوانِ... 2- اختياريٌّ: وذلك يختصُّ به الإنسانُ... وهذا الثَّاني أربعةُ أضرُبٍ: أ- للشَّهوةِ، وأكثَرُ ما يكونُ بَيْنَ الأحداثِ. ب- للمَنفَعةِ، ومن جنسِه ما يكونُ بَيْنَ التُّجَّارِ وأصحابِ الصِّناعةِ المِهنيَّةِ وأصحابِ المذاهبِ. ج- مُرَكَّبٌ من الضَّربينِ، كمَن يحِبُّ غيرَه لنفعٍ، وذلك الغيرُ يحِبُّه للشَّهوةِ. د- للفَضيلةِ، كمَحَبَّةِ المتعَلِّمِ للعالِمِ، وهذه المَحَبَّةُ باقيةٌ على مرورِ الأوقاتِ، وهي المُستثناةُ بقَولِه تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف: 67] . وأمَّا الضُّروبُ الأُخَرُ: فقد تطولُ مُدَّتُها وتقصُرُ بحَسَبِ طولِ أسبابِها وقِصَرِها . دَرَجاتُ المَحَبَّةِ قسَّم العُلَماءُ المَحَبَّةَ إلى مراتِبَ عديدةٍ، ومن هؤلاء العُلَماءِ ابنُ قَيِّمِ الجوزيَّةِ الذي أوصَلَها إلى عَشرِ مراتِبَ، وهي كما يلي: أوَّلُها: العَلاقةُ، وسُمِّيت عَلاقةً لتعَلُّقِ القلبِ بالمحبوبِ. الثَّانيةُ: الإرادةُ، وهي مَيلُ القلبِ إلى محبوبِه وطَلَبُه له. الثَّالثةُ: الصَّبابةُ، وهي انصبابُ القلبِ إليه، بحيثُ لا يملِكُه صاحبُه، كانصبابِ الماءِ في الحُدورِ. الرَّابعةُ: الغرامُ، وهو الحُبُّ اللَّازمُ للقلبِ، الذي لا يفارِقُه، بل يلازِمُه كملازمةِ الغريمِ لغَريمِه. الخامسةُ: الوِدادُ، وهو صفوُ المَحَبَّةِ. السَّادسةُ: الشَّغَفُ، يقال: شُغِفَ بكذا، فهو مشغوفٌ به. وقد شَغَفَه المحبوبُ، أي: وصَل حُبُّه إلى شَغافِ قَلبِه، وفيه ثلاثةُ أقوالٍ: أحَدُها: أنَّه الحُبُّ المستولي على القلبِ، بحيث يحجُبُه عن غيرِه. الثَّاني: الحُبُّ الواصِلُ إلى داخلِ القَلبِ. الثَّالثُ: أنَّه الحُبُّ الواصِلُ إلى غِشاءِ القلبِ. والشَّغافُ: غِشاءُ القلب ِإذا وصل الحبُّ إليه باشَر القَلبَ. السَّابعةُ: العِشقُ، وهو الحُبُّ المُفرِطُ، الذي يُخافُ على صاحبِه منه. الثَّامنةُ: التَّتيُّمُ، وهو التَّعبُّدُ والتَّذلُّلُ. التَّاسِعةُ: التَّعبُّدُ، وهو فوقَ التَّتيُّمِ؛ فإنَّ العبدَ هو الذي قد ملَك المحبوبُ رِقَّه، فلم يَبْقَ له شيءٌ من نفسِه البتَّةَ، بل كُلُّه عبدٌ لمحبوبِه ظاهِرًا وباطِنًا، وهذا هو حقيقةُ العبوديَّةِ. ومَن كَمَّل ذلك فقد كَمَّل مرتبتَها. العاشِرةُ: مرتبةُ الخُلَّةِ التي انفرد بها الخليلانِ إبراهيمُ ومحمَّدٌ صلَّى الله عليهما وسلَّم . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:26 PM | #744 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
مظاهِرُ المَحَبَّةِ وصُوَرُها - مَحَبَّةُ الإنسانِ لرَبِّه سُبحانَه، وهي أجَلُّ صُوَرِ المَحَبَّةِ وأصفاها وأعظَمُها، وهذه المَحَبَّةُ شرطٌ من شُروطِ الإيمانِ؛ قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة: 165] . 2- مَحَبَّةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يؤمِنُ أحَدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أجمعين)) . وعن عبدِ اللهِ بنِ هِشامٍ قال: كنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، فقال له عُمَرُ: ((يا رسولَ اللهِ، لأنت أحَبُّ إليَّ من كُلِّ شيءٍ إلَّا من نفسي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا، والذي نفسي بيَدِه، حتَّى أكونَ أحبَّ إليك من نفسِك، فقال له عُمَرُ: فإنَّه الآن، واللهِ لأنت أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الآن يا عُمَرُ)) . 3- مَحَبَّةُ الصَّالحين وأهلِ الخيرِ، لا سيَّما العُلَماءِ؛ فهم وَرَثةُ الأنبياءِ، وهم أئمَّةُ الهُدى الذين يَدعون النَّاسَ إلى الخيرِ والصَّلاحِ، ويُبَيِّنون لهم أمرَ دينِهم ودُنياهم. 4- المَحَبَّةُ بَيْنَ الإخوانِ في اللهِ، وهي رابطةٌ وثيقةٌ تسمو على سائِرِ العلاقاتِ؛ إذ هي مبنيَّةٌ على العقيدةِ، وهي من أقوى الرَّوابطِ. يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يجِدُ أحدٌ حلاوةَ الإيمانِ حتَّى يحِبَّ المرءَ لا يحِبُّه إلَّا للهِ)) . قال يحيى بنُ مُعاذٍ: (حقيقةُ الحُبِّ في اللهِ ألَّا يزيدَ بالبِرِّ، ولا يَنقُصَ بالجفاءِ) . والمتحابُّون في اللهِ عزَّ وجَلَّ في ظِلِّه سُبحانَه يومَ القيامةِ؛ يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه. عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ يقولُ يومَ القيامةِ: أين المتحابُّون بجلالي، اليومَ أُظِلُّهم في ظِلِّي يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي)) . ولهذه المَحَبَّةِ آثارٌ من التَّعاضُدِ والنُّصرةِ والتَّعاوُنِ والإيثارِ؛ يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُؤمِنُ للمُؤمِنِ كالبُنيانِ يَشُدُّ بعضُه بعضًا)) . ويقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَثَلُ المُؤمِنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثَلُ الجَسَدِ؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى)) . ويقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يؤمِنُ أحَدُكم حتَّى يحِبَّ لأخيه ما يحِبُّ لنفسِه)) . (ومعلومٌ أنَّ الإنسانَ لا يحِبُّ لأخيه ما يحِبُّ لنفسِه حتَّى يكونَ عندَه شُعورٌ نَحوَ أخيه بالمَحَبَّةِ) . 5- مَحَبَّةُ المساكينِ، فهي مَحَبَّةٌ تُقَرِّبُ إلى اللهِ سُبحانَه؛ إذ المساكينُ لا يملِكون من الدُّنيا ما يوجِبُ محبَّتَهم من أجْلِه، فإنَّما يحبُّهم المرءُ حُبًّا خالصًا للهِ سُبحانَه. وفي حديثِ اختصامِ الملأِ الأعلى: ((قال: سَلْ. قُلتُ: اللَّهُمَّ إني أسألُك فِعلَ الخيراتِ، وتَركَ المُنكَراتِ، وحُبَّ المساكينِ)) . قال ابنُ رجبٍ: (والمقصودُ أنَّ حُبَّ المساكينِ أصلُ الحُبِّ في اللهِ تعالى؛ لأنَّ المساكينَ ليس عندهم من الدُّنيا ما يوجِبُ محبَّتَهم لأجلِه، فلا يحبُّون إلَّا للهِ عزَّ وجَلَّ) . 6- مَحَبَّةُ الوالِدَينِ؛ فهما من أحَقِّ النَّاسِ بحُسنِ الصُّحبةِ والبرِّ؛ لعظيمِ فَضلِهما، وشِدَّةِ عنايتِهما، وحِرصِهما على راحتِك في جميعِ أطوارِ حياتِك. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (برُّ الوالِدَين فرضٌ لازمٌ، وهو أمرٌ يسيرٌ على من يسَّره اللهُ له، وبِرُّهما خَفضُ الجَناحِ ولينُ الكلامِ، وألَّا ينظُرَ إليهما إلَّا بعينِ المَحَبَّةِ والإجلالِ) . 7- مَحَبَّةُ الأقاربِ وذوي الأرحامِ، ومن مظاهِرِ المَحَبَّةِ الِحرصُ على صِلَتِهم، وتفقُّدُ أحوالِهم، والقيامُ على حاجاتِهم، ومواساتُهم، وقد أمرَ الشَّرعُ بصلةِ الأرحامِ، وحَثَّ عليها، وتوعَّد قاطعَها. يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تعلَّموا من أنسابِكم ما تَصِلون به أرحامَكم؛ فإنَّ صِلةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ في الأهلِ، مَثراةٌ في المالِ، مَنسَأةٌ في الأثَرِ)) ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يدخُلُ الجنَّةَ قاطِعٌ)) . 8- مَحَبَّةُ الأولادِ، وهي مَحَبَّةٌ فِطريَّةٌ جَبَل اللهُ سُبحانَه الوالِدَين عليها. 9- المَحَبَّةُ بَيْنَ الزَّوجينِ؛ قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21] . 10- مَحَبَّةُ المُسلِمين ومَحَبَّةُ الخيرِ لجميعِ النَّاسِ. موانِعُ المَحَبَّةِ 1- الجَهلُ بآثارِ المَحَبَّةِ وفضائِلِها الكثيرةِ. 2- الأنانيةُ والأثَرةُ والمبالغةُ في حُبِّ الذَّاتِ. 3- الحِقدُ والحَسَدُ؛ فإنهما آفتانِ ذميمتانِ تمنعانِ مَحَبَّةَ الآخَرينَ، أو الرَّغبةَ في حصولِ خَيرٍ أو منفعةٍ لهم. 4- ظُلمُ النَّاسِ والعُدوانُ عليهم، وأكلُ أموالِهم بالباطِلِ. 5- الانفصالُ عن الجماعةِ، وتركُ الاندِماجِ فيها أو الشُّعورِ بمشاعِرِ الآخَرينَ. 6- عدَمُ التَّحرُّزِ من آفاتِ اللِّسانِ؛ كالغِيبةِ والنَّميمةِ والبَذاءةِ وغيرِ ذلك، فمِثلُ هذه الآفاتِ تقطَعُ أواصِرَ المَحَبَّةِ، وتبعَثُ على البَغضاءِ والنَّفرةِ. 7- البُخلُ والشُّحُّ ومقابلةُ الإحسانِ بالإساءةِ. 8- الطَّمَعُ والحِرصُ؛ فإنَّ النَّاسَ يُبغِضون من يطمَعُ في دُنياهم. 9- الغِلظةُ والشِّدَّةُ وضيقُ الصَّدرِ، والعُبوسُ والتَّجهُّمُ، وعَدَمُ استعمالِ الرِّفقِ. 10- إهمالُ الأسبابِ الدَّاعيةِ إلى المَحَبَّةِ. ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:28 PM | #745 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
الوسائِلُ المُعينةُ على اكتسابِ المَحَبَّةِ للمَحَبَّةِ أسبابٌ جالبةٌ لها توجِبُ لك المَحَبَّةَ في قُلوبِ الآخَرين؛ نذكُرُ منها ما يلي: 1- خِدمةُ الآخَرين والسَّعيُ لمنفعتِهم. 2- تقديمُ الهديَّةِ للآخَرين. قال بعضُ الشُّعَراءِ: إنَّ الهَديَّةَ حُلوةٌ كالسِّحرِ تجتَلِبُ القُلوبا تُدني البغيضَ مِن الهوى حتى تُصَيِّرَه قريبَا وتعيدُ مُضطَغَنَ العَدا وةِ بعدَ نُفرتِه حبيبَا . 3- التَّواضُعُ للآخَرين. وقد قيل: ثَمَرةُ التَّواضُعِ المَحَبَّةُ . 4- الإحسانُ إلى الآخَرين؛ فإنَّ القلوبَ جُبِلت على حُبِّ من أحسَنَ إليها، وبُغضِ من أساء إليها . قال أبو الفَتحِ البُستيُّ: أحسِنْ إلى النَّاسِ تَستعبِدْ قُلوبَهُمُ فطالَما استعبَدَ الإنسانَ إحسانُ . 5- التَّحلِّي بصفةِ الصَّمتِ. قال أبو حاتمٍ: (الصَّمتُ يَكسِبُ المَحَبَّةَ والوقارَ) . 6- البشاشةُ والابتسامةُ. 7- إفشاءُ السَّلامِ. 8- الجُودُ والكَرَمُ. 9- الابتعادُ عن الحَسَدِ. 10- التَّعامُلُ بصِدقٍ وأمانةٍ. 11- الوفاءُ بالعهدِ. 12- زيارةُ الآخَرين وتفقُّدُ أحوالِهم. 13- إنزالُ النَّاسِ منازِلَهم. 14- إخبارُ الآخَرين بمحبَّتِه لهم؛ فعن المقِدامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أحبَّ الرَّجُلُ أخاه فليُخبِرْه أنَّه يحِبُّه)) . قال البَغَويُّ: (ومعنى الإعلامِ: هو الحَثُّ على التَّودُّدِ والتَّآلُفِ، وذلك أنَّه إذا أخبره استمال بذلك قَلبَه، واجتلَب به وُدَّه) . 15- الالتزامُ بالأخلاقِ الإسلاميَّةِ. وقد قيل: (عَشرٌ يُورِثنَ المَحَبَّةَ: كثرةُ السَّلامِ، واللُّطفُ بالكلامِ، واتِّباعُ الجنائِزِ، والهَدِيَّةُ، وعيادةُ المرضى، والصِّدقُ، والوَفاءُ، وإنجازُ الوعدِ، وحِفظُ المنطِقِ، وتعظيمُ الرِّجالِ) . نماذج من المحبة أ- عِندَ الأنبياءِ والمُرسَلين - مَحَبَّةُ إبراهيمَ عليه السَّلامُ لوَلَدِه، وابتلاؤه به: قال تعالى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [الصافات: 101 - 107] . قال ابنُ القيِّمِ: (الخُلَّةُ هي المَحَبَّةُ التي تخلَّلت روحَ المحِبِّ وقَلبَه حتَّى لم يَبْقَ فيه موضعٌ لغيرِ المحبوبِ... وهذا هو السِّرُّ الذي لأجلِه -واللهُ أعلَمُ- أُمِر الخليلُ بذبحِ وَلَدِه وثَمَرةِ فؤادِه وفِلذةِ كَبِدِه؛ لأنَّه لما سأل الولَدَ فأُعطِيَه تعلَّقَت به شُعبةٌ من قَلبِه، والخُلَّةُ مَنصِبٌ لا يقبَلُ الشَّركةَ والقِسمةَ، فغار الخليلُ على خليلِه أن يكونَ في قلبِه موضِعٌ لغيرِه، فأمره بذبحِ الولَدِ؛ ليُخرِجَ المزاحِمَ من قلبِه، فلمَّا وطَّن نفسَه على ذلك وعزم عليه عزمًا جازمًا، حصل مقصودُ الأمرِ، فلم يَبْقَ في إزهاقِ نَفسِ الولَدِ مصلحةٌ، فحال بينه وبينه وفداه بالذِّبحِ العظيمِ، وقيل له: يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا أي: عمِلْتَ عَمَلَ المصَدِّقِ إِنَّا كُنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ نجزي من بادَر إلى طاعتِنا فنُقرُّ عينَه كما أقرَرْنا عينَك بامتثالِ أوامِرِنا وإبقاءِ الولَدِ وسلامتِه إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ، وهو اختبارُ المحبوبِ لمحبِّه، وامتحانُه إيَّاه ليؤثِرَ مَرضاتَه، فيُتِمَّ عليه نِعمَه؛ فهو بلاءُ محنةٍ ومنحةٍ عليه معًا) . - مَحَبَّةُ يعقوبَ عليه السَّلامُ لولَدَيه يوسُفَ وأخيه: قال تعالى: قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ [يوسف: 5] وقال تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ * إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [يوسف: 7 - 8] . قال ابنُ عطيَّة: (قولُهم: وأخوه يريدون به: يامينَ -وهو أصغَرُ من يوسُفَ- ويقالُ له: بِنيامينُ، وقيل: كان شقيقَ يوسُفَ، وكانت أمُّهما ماتت، ويدُلُّ على أنَّهما شقيقانِ تخصيصُ الإخوةِ لهما بـ أَخُوهُ، وهي دلالةٌ غيرُ قاطعةٍ. وكان حُبُّ يعقوبَ ليوسُفَ عليه السَّلامُ ويامينَ لصِغَرِهما وموتِ أمِّهما، وهذا من حبِّ الصَّغيرِ، هي فِطرةُ البَشَرِ) . وقال الرَّازيُّ: (يعقوبُ عليه السَّلامُ كان شديدَ الحُبِّ ليوسُفَ وأخيه، فحسَده إخوَتُه لهذا السَّبَبِ، وظهر ذلك المعنى ليعقوبَ عليه السَّلامُ بالأماراتِ الكثيرةِ، فلمَّا ذَكَر يوسُفُ عليه السَّلامُ هذه الرُّؤيا، وكان تأويلُها أنَّ إخوتَه وأبويه يخضَعون له، فقال: لا تخبِرْهم برُؤياك؛ فإنَّهم يَعرِفون تأويلَها، فيَكيدوا لك كَيدًا) . - مَحَبَّةُ يحيى عليه السَّلامُ للنَّاسِ: قال تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا [مريم: 12 - 13] . (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا: أي: رحمةً عظيمةً في قلبِ يحيى من عندِنا، وشَفَقةً منه على النَّاسِ، ومَحَبَّةً لهم صادرةً منَّا) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:31 PM | #746 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
نماذج من المحبة ب- نماذِجُ من المَحَبَّةِ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وعن مُعاذِ بنِ جَبلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَذ بيَدِه، وقال: يا معاذُ، واللهِ إنِّي لأحِبُّك، واللهِ إنِّي لأحِبُّك، فقال: أوصيك يا مُعاذُ، لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِك، وشُكْرِك، وحُسنِ عِبادتِك)) . - وعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النِّساءَ والصِّبيانَ مُقبِلين -قال: حسِبْتُ أنَّه قال:- من عُرسٍ، فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُمثِلًا، فقال: اللَّهُمَّ أنتم مِن أحَبِّ النَّاسِ إليَّ. قالها ثلاثَ مرارٍ)) . وفي روايةٍ: يعني الأنصارَ . أي: أنَّ المرادَ بقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنتم)): طائفةُ الأنصارِ . - وعن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يا أبا ذَرٍّ، إني أراك ضعيفًا، وإنِّي أحِبُّ لك ما أحِبُّ لنفسي، لا تأَمَّرَنَّ على اثنينِ، ولا تَوَلَّينَ مالَ يتيمٍ)) . - وعن عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَثَه على جَيشِ ذاتِ السَّلاسلِ فأتيتُه فقُلتُ: أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إليك؟ قال: عائشةُ، فقُلتُ: مِنَ الرِّجالِ؟ فقال: أبوها. قلتُ: ثمَّ مَن؟ قال: ثمَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ، فعَدَّ رِجالًا)) . - وعن أسامةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، حدَّث عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه كان يأخُذُه والحَسَنَ فيقولُ: اللَّهُمَّ أحِبَّهما؛ فإنِّي أحِبُّهما)) . - وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ نساءَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُنَّ حزبينِ: فحِزبٌ فيه عائشةُ وحفصةُ وصَفِيَّةُ وسَودةُ، والحِزبُ الآخَرُ أمُّ سَلَمةَ وسائِرُ نِساءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان المُسلِمون قد عَلِموا حُبَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عائشةَ، فإذا كانت عِندَ أحَدِهم هديَّةٌ يريدُ أن يُهديَها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَّرَها، حتى إذا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِ عائشةَ بَعَث صاحِبُ الهديَّةِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِ عائشةَ، فكَلَّم حزبُ أمِّ سَلَمةَ فقُلْنَ لها: كَلِّمي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكَلِّمُ النَّاسَ فيقولُ: من أراد أن يُهديَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هَديَّةً فلْيُهدِها حيثُ كان من بيوتِ نسائِه، فكَلَّمَتْه أمُّ سَلَمةَ بما قُلْنَ، فلم يَقُلْ لها شيئًا، فسأَلْنَها فقالت: ما قال لي شيئًا! فقُلنَ لها: فكَلِّميه. قالت: فكَلَّمْتُه حين دار إليها أيضًا، فلم يَقُلْ لها شيئًا. فسأَلْنَها فقالت: ما قال لي شيئًا! فقُلْنَ لها: كَلِّميه حتى يُكَلِّمَك. فدار إليها فكلَّمَتْه، فقال لها: لا تُؤذيني في عائشةَ؛ فإنَّ الوَحيَ لم يأتِني وأنا في ثوبِ امرأةٍ إلَّا عائشةَ. قالت: أتوبُ إلى اللهِ مِن أذاك يا رسولَ اللهِ! ثمَّ إنهنَّ دَعَونَ فاطمةَ بنتَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأرسَلَت إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تقولُ: إنَّ نساءَك يَنشُدْنَك العَدلَ في بنتِ أبي بَكرٍ. فكلَّمَتْه، فقال: يا بُنيَّةَ، ألا تحبِّين ما أحِبُّ؟ قالت: بلى. فرجعَت إليهنَّ فأخبَرَتهنَّ، فقُلنَ: ارجِعي إليه، فأبَتْ أن ترجِعَ...)) . ج- نماذِجُ من المَحَبَّةِ عِندَ الصَّحابةِ - عن أبي حيَّانَ التَّيميِّ قال: (رُئِيَ على عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه ثَوبٌ كأنَّه كان يُكثِرُ لُبسَه، فقيل له فيه. فقال: هذا كسانيه خليلي وصَفِيِّي عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، إنَّ عُمَرَ ناصَحَ اللهَ فنَصَحه) . - وعن مجاهِدٍ قال: (مرَّ على عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَجُلٌ، فقال: إنَّ هذا يحبُّني. فقيل: أنَّى عَلِمتَ ذلك؟ قال: إني أحِبُّه) . - وعن ثابتٍ، عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رجلًا سأل النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن السَّاعةِ، فقال: متى السَّاعةُ؟ قال: وماذا أعدَدتَ لها؟ قال: لا شيءَ إلَّا أني أحِبُّ اللهَ ورسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أنت مع من أحبَبْتَ. قال أنسٌ: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنت مع مَن أحبَبْتَ. قال أنسٌ: فأنا أحِبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبا بكرٍ وعُمَرَ، وأرجو أن أكونَ معهم بحُبِّي إيَّاهم، وإن لم أعمَلْ بمِثلِ أعمالِهم)) . - وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ، واللهِ إنَّك لأحَبُّ إليَّ من نفسي، وإنَّك لأحَبُّ إليَّ من أهلي، وأحَبُّ إليَّ مِن ولَدي، وإني لأكونُ في البيتِ فأذكُرُك فما أصبِرُ حتى آتيَك فأنظُرَ إليك! وإذا ذكَرْتُ موتي وموتَك عَرفتُ أنَّك إذا دخَلْتَ الجنَّةَ رُفِعتَ مع النَّبيِّين، وإنِّي إذا دخَلْتُ الجنَّةَ خَشيتُ ألَّا أراك! فلم يَرُدَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى نزل جبريلُ بهذه الآيةِ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ [النساء: 69] الآية) . - وعن صَفوانَ بنِ أميَّةَ قال: (واللهِ لقد أعطاني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أعطاني، وإنَّه لأبغَضُ النَّاسِ إليَّ، فما بَرِحَ يُعطيني حتَّى إنَّه لأحَبُّ النَّاسِ إليَّ) . د- نماذِجُ من المَحَبَّةِ عِندَ السَّلَفِ - عن عَبدةَ بنتِ خالِدِ بنِ مَعدانَ، قالت: قلَّما كان خالدٌ يأوي إلى فراشِه إلَّا وهو يذكُرُ شَوقَه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإلى أصحابِه من المهاجِرين والأنصارِ، ثمَّ يُسَمِّيهم ويقولُ: هم أصلي وفَصلي، وإليهم يحِنُّ قلبي، طال شوقي إليهم؛ فعَجِّلْ رَبِّ قبضي إليك. حتى يغلِبَه النَّومُ، وهو في بعضِ ذلك ! - عن سُفيانَ بنِ عُيَينةَ قال: (سمِعتُ مساوِرَ الورَّاقَ يحلِفُ باللهِ عزَّ وجَلَّ ما كنتُ أقولُ لرجُلٍ: إني أحبُّك في اللهِ عزَّ وجَلَّ فأمنَعَه شيئًا من الدُّنيا) . - وقال رجلٌ لشَهرِ بنِ حَوشَبٍ: (إني لأحِبُّك، قال: ولمَ لا تحِبُّني وأنا أخوك في كتابِ اللهِ، ووزيرُك على دينِ اللهِ، ومُؤنَتي على غيرِك؟) . - وعن أبي إدريسَ الخَولانيِّ قال: دخَلتُ مَسجِدَ دِمَشقَ بالشَّامِ، فإذا أنا بفتًى برَّاقِ الثَّنايا، وإذا النَّاسُ حولَه إذا اختَلَفوا في شيءٍ أسندوه إليه، وصَدَروا عن رأيه، فسألتُ عنه فقيل: هذا معاذُ بنُ جَبَلٍ ... فسَلَّمتُ عليه، فقُلتُ له: واللهِ إني لأحِبُّك للهِ! فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: آللهِ. فقال: آللهِ؟ فقُلتُ: آللهِ. فأخذ بحَبوةِ ردائي فجَبَذني إليه، وقال: أبشِرْ؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: ((وَجَبت محبَّتي للمُتحابِّين فيَّ، والمتجالِسين فيَّ، والمتزاوِرينَ فيَّ، والمتباذِلين فيَّ)) . - وعن سُهَيلِ بنِ أبي صالحٍ أنَّه قال: كنتُ مع أبي غَداةَ عَرفةَ، قال: فوقَفْنا لعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ لننظُرَ إليه وهو أميرُ الحاجِّ، قال: فقُلتُ: يا أبتاه، واللهِ إني لأرى اللهَ يحِبُّ عُمَرَ، قال: لمَ أيْ بُنَيَّ؟ قال: فقُلتُ: لِما أراه دخل له قلوبَ النَّاسِ من المودَّةِ، قال: فقال: بأبيك أنت! سمِعتُ أبا هُرَيرةَ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ إذا أحَبَّ عبدًا نادى جبرائيلَ: إنَّ اللهَ أحَبَّ فلانًا فأحِبُّوه)) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:33 PM | #747 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع- المحبة
نماذج من المحبة هـ- نماذِجُ من المَحَبَّةِ عِندَ العُلَماءِ - ابنُ تَيميَّةَ ومَحَبَّةُ العُلَماءِ والصَّالحين والعامَّةِ له: يقولُ الذَّهبيُّ: (وله من الطَّرَفِ الآخَرِ محبُّون من العُلَماءِ والصُّلَحاءِ، ومن الجُندِ والأمَراءِ، ومن التُّجَّارِ والكُبَراءِ، وسائِرُ العامَّةِ تحِبُّه؛ لأنَّه منتَصِبٌ لنَفعِهم ليلًا ونهارًا بلسانِه وقَلَمِه) . - المَحَبَّةُ بَيْنَ التَّاجِ السُّبكيِّ والذَّهَبيِّ: يقولُ تاجُ الدِّينِ السُّبكيُّ: (وكنتُ أنا كثيرَ الملازمةِ للذَّهَبيِّ أمضي إليه في كُلِّ يومٍ مرَّتينِ بُكرةً والعَصرَ، وأمَّا المِزِّيُّ فما كنتُ أمضي إليه غيرَ مرَّتينِ في الأسبوعِ، وكان سَبَبُ ذلك أنَّ الذَّهبيَّ كان كثيرَ الملاطَفةِ لي والمَحَبَّةِ فيَّ، بحيثُ يَعرِفُ مَن عَرَف حالي معه أنَّه لم يكُنْ يحِبُّ أحَدًا كمحبَّتِه فيَّ، وكنتُ أنا شابًّا فيَقَعُ ذلك منِّي موقِعًا عظيمًا) . و- نماذِجُ من المَحَبَّةِ عِندَ العُلَماءِ المُعاصِرين - مَحَبَّةُ عبدِ الرَّزَّاق عفيفي لابنِ بازٍ: (كان إذا ذُكِر أمامَه سماحةُ الشَّيخِ عبدِ العزيزِ بنِ باز أو سُئِل عنه، يُثني عليه ثناءً عَطِرًا، ويُعَدِّدُ محاسنَه، وما عليه من خِصالِ الخيرِ ...، ولا شَكَّ أنَّ هذا كُلَّه يُبرهِنُ على صدقِ مَحَبَّةِ الشَّيخِ عبدِ الرَّزَّاقِ لهذا الطَّودِ الشَّامِخِ الذي زاملَه ورافَقَه في العَمَلِ الدَّعَوى من خلالِ اللَّجنةِ الدَّائمةِ للبُحوثِ العِلميَّةِ والإفتاءِ على مدى عِشرين عامًا) . - عبدُ الرَّزَّاقِ عفيفي ومَحَبَّةُ النَّاسِ له ولعِلمِه: (لقد كان العُلَماءُ والعامَّةُ وطَلَبةُ العِلمِ يُقبِلون على مجلِسِ الشَّيخِ ويستَمِعون إلى نصائحِه القيِّمةِ وتوجيهاتِه السَّديدةِ وآرائِه النَّيِّرةِ، مع توقيرِهم لشَخصِه، وتقديرِهم لعلِمهِ، مع مَحَبَّةٍ صادقةٍ خالصةٍ يُرجى بها وَجهُ اللهِ لعالمٍ بَذلَ عِلمَه ووقتَه ومالَه دفاعًا عن دينِه، وذَبًّا عن عقيدتِه، وغَيرةً على مجتَمَعِه وأمَّتِه) . - ابنُ باز ومَحَبَّةُ النَّاسِ له لكريمِ أخلاقِه: (قبلَ أربعين سَنةً تقريبًا من وفاته كتَب لوزيرِ الماليَّةِ وقال له: علَيَّ حاجةٌ شديدةٌ بسَبَبِ كثرةِ الضُّيوفِ؛ فآمُلُ إقراضي مبلَغَ كذا وكذا وأنا أُعيده على أقساطٍ شَهريَّةٍ، تُحسَمُ من راتبي، وتمَّ ذلك، ولعَلَّ هذا من أعظَمِ الأسرارِ في مَحَبَّةِ النَّاسِ له، وإقبالِهم عليه، وقَبولِ نُصحِه، وتوجيهِه، واجتماعِ القلوبِ عليه؛ لأنَّه لم يكُنْ ينظُرُ إلى ما عِندَ النَّاسِ من المالِ) . - ابنُ بازٍ ومحبَّتُه لجيرانِه: (كان سماحةُ الشَّيخِ محِبًّا لجيرانِه، كثيرَ التَّفقُّدِ لهم، كثيرَ السُّؤالِ عنهم، وكان يَفرَحُ بهم إذا قَدِموا إليه، وكان يقولُ: ادعوهم، لعَلَّهم يستحيون من المجيءِ إلينا، ومن صُوَرِ وفائِه لجيرانِه أنَّه كان يحرِصُ كُلَّ الحِرصِ على توديعِهم في المسجِدِ إذا أراد السَّفَرَ؛ حيث يوَدِّعُهم في آخِرِ صلاةٍ يُصَلِّيها معهم في المسجِدِ، ويوصيهم بتقوى اللهِ، سواءٌ كانوا جيرانَه في الرِّياضِ، أو الطَّائفِ، أو مكَّةَ) . - ابنُ عُثَيمين ومحبَّتُه في نفوسِ الخاصَّةِ والعامَّةِ: (إنَّ سَجيَّةَ التَّواضُعِ من السَّجايا التي تحلَّى بها الشَّيخُ، وألقت له المَحَبَّةَ والقَبولَ في نُفوسِ العامَّةِ والخاصَّةِ من النَّاسِ) . حُكمُ المَحَبَّةِ وما يباحُ منها أمَّا مَحَبَّةُ اللهِ سُبحانَه وتعالى ومَحَبَّةُ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهي على قِسمَينِ: فَرضٌ ونَدبٌ؛ فالفَرضُ المَحَبَّةُ التي تبعَثُ على امتثالِ أوامِرِ اللهِ سُبحانَه، والانتهاءِ عن معاصيه، والرِّضا بما يُقَدِّرُه، فمن وقع في معصيةٍ مِن فِعلِ محَرَّمٍ أو تَركِ واجِبٍ، فلتقصيرِه في مَحَبَّةِ اللهِ؛ حيث قَدَّم هوى نفسِه، والنَّدبُ: أن يُواظِبَ على النَّوافِلِ ويتجنَّبَ الوقوعَ في الشُّبُهاتِ. وكذلك مَحَبَّةُ الرَّسولِ على قِسمَينِ: فَرضٌ، وهي ما اقتضى طاعتَه في امتثالِ ما أمَرَ به من الواجباتِ، والانتهاءِ عمَّا نهى عنه من المحرَّماتِ، والرِّضا بذلك، وألَّا يجِدَ في نفسِه حَرَجًا ممَّا جاء به ويُسَلِّمَ له تسليمًا، وألَّا يتلقَّى الهُدى من غيرِ مِشكاتِه، ولا يَطلُبَ شيئًا من الخيرِ إلَّا ممَّا جاء به، وفَضلٌ مندوبٌ إليه، وهو: ما ارتقى بعدَ ذلك إلى اتِّباعِ سُنَّتِه وآدابِه وأخلاقِه، والاقتداءِ به في هَدْيِه وسمتِه، وحُسنِ معاشرتِه لأهلِه وإخوانِه، وفي التَّخلُّقِ بأخلاقِه. كما أنَّ حُبَّ العُلَماءِ والصَّالحين وأهلِ العَدلِ والخَيرِ من أفضَلِ الأعمالِ التي تُقرِّبُ إلى اللهِ سُبحانَه. وأمَّا مَحَبَّةُ الأبناءِ والأقاربِ والعشيرةِ، فهذه وإن كانت مَغروزةً في النَّفسِ فلا ينبغي أن تُقَدَّمَ على حُبِّ اللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ إذ إنَّه سُبحانَه جعَل من مقتضى الإيمانِ إيثارَ حُبِّه سُبحانَه وحُبِّ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ما سِواهما. أمَّا المَحَبَّةُ المؤدِّيةُ إلى الوقوعِ في المحرَّمِ، أو مَحَبَّةُ أهلِ الجَورِ والخيانةِ والفُسوقِ، فحَرامٌ، بل يجِبُ على المُؤمِنِ أن يُبغِضَ هؤلاء في اللهِ؛ لأنَّ بغضَهم من مَحَبَّةِ اللهِ؛ فإنَّ على المحِبِّ أن يحِبَّ ما يحِبُّ محبوبُه، ويُبغِضَ ما يُبغِضُ محبوبُه . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:35 PM | #748 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – المحبة
أخطاءٌ شائعةٌ حولَ المَحَبَّةِ 1- الاعتقادُ بأنَّ مَحَبَّةَ الإنسانِ لنَفسِه مذمومةٌ بإطلاقٍ، وهذا خطَأٌ؛ فإنَّ مَحَبَّةَ النَّفسِ طَبعٌ في الإنسانِ، وإنما المذمومُ هو المَحَبَّةُ التي تؤدِّي إلى إيثارِ محبوباتِ النَّفسِ على ما يحبُّه اللهُ ورسولُه، واتِّباعِها وتلبيةِ شهواتِها ورغباتِها، إلى أن تجُرَّ صاحِبَها إلى الوَقوعِ في المحرَّماتِ أو تَركِ الواجباتِ؛ فمَحَبَّةُ اللهِ ورَسولِه مقَدَّمةٌ على مَحَبَّةِ النَّفسِ والأهلِ والوَلَدِ والنَّاسِ جميعًا. 2- من الأخطاءِ الإفراطُ في المَحَبَّةِ أو في البُغضِ؛ فعن محمَّدِ بنِ عُبَيدٍ الكِنديِّ، عن أبيه قال: سمِعتُ عَليًّا يقولُ لابنِ الكَوَّاءِ: (هل تدري ما قال الأوَّلُ؟ أحبِبْ حبيبَك هَونًا ما؛ عسى أن يكونَ بغيضَك يومًا ما، وأبغِضْ بغيضَك هونًا ما؛ عسى أن يكونَ حبيبَك يومًا ما) . وقال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: (لا يكُنْ حُبُّك كَلَفًا، ولا بُغضُك تَلَفًا. فقال أسلَمُ لعُمَرَ: وكيف ذاك؟ قال: إذا أحبَبْتَ فلا تَكلَفْ كما يَكلَفُ الصَّبيُّ بالشَّيءِ يحِبُّه، وإذا أبغَضْتَ فلا تُبغِضْ بُغضًا تحِبُّ أن يتلَفَ صاحِبُك أو يَهلِكَ) . وعن الحَسَنِ قال: (أحبُّوا هَونًا وأبغِضوا هَونًا؛ فقد أفرَطَ أقوامٌ في حُبِّ أقوامٍ فهَلَكوا، وأفرَطَ أقوامٌ في بُغضِ أقوامٍ فهَلَكوا، لا تُفرِطْ في حُبٍّ ولا تُفرِطْ في بُغضٍ) . وكان يقالُ: (إذا أحبَبْتَ فلا تُفرِطْ، وإذا أبغَضْتَ فلا تُشطِطْ) . مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ الأصلُ في خُلُقِ المُسلِمِ المَحَبَّةُ لا الكراهيةُ: يقولُ عبدُ الرَّحمنِ المَيدانيُّ: (الذي يكشِفُه التَّحليلُ والتَّبصُّرُ في النُّصوصِ الإسلاميَّةِ أنَّ الأصلَ في خُلُقِ المُسلِمِ الذي يعامِلُ به جميعَ عبادِ اللهِ هو خُلُقُ المَحَبَّةِ، لا خُلُقُ الكراهيةِ؛ فالمُسلِمُ المُؤمِنُ مُشرِقُ القَلبِ دائمًا، منفَتِحُ القَلبِ لكُلِّ عبادِ اللهِ، ويريدُ الخيرَ لكُلِّ عبادِ اللهِ، وإذا أبغَضَ أو كَرِه فإنما يبغِضُ ويَكرَهُ الشَّرَّ والرَّذيلةَ والفسادَ والباطِلَ؛ لأنَّ حُبَّه للحَقِّ وللصَّلاحِ والفضيلةِ والخيرِ يَستلزِمُ حتمًا أن يكرَهَ ويُبغِضَ أضدادَها... فحينما يُبغِضُ المُسلِمُ المُبطِلين، وأهلَ الشَّرِّ، ومُرتَكِبي الكبائِرِ من الإثمِ، ومعادي الحَقِّ والخيرِ والفضيلةِ، فإنما يُبغِضُهم لهذه الصِّفاتِ التي فيهم، وليس يُبغِضُهم لذواتِهم؛ فهم بالنَّظَرِ إلى ذواتِهم خَلقٌ من خَلقِ اللهِ، وعبادٌ من عبادِ اللهِ، يحِبُّ لهم الخيرَ، ويرجو لهم الخيرَ، ويسعى في إصلاحِهم، ويُشفِقُ عليهم للمَصيرِ الوخيمِ الذي يدفَعون أنفُسَهم إليه، لكِنَّهم لمَّا حَمَلوا الأمراضَ الوبائيَّةَ التي حمَلوها، وتعَذَّر علاجُهم، لأنَّهم رفضوا بإراداتِهم كُلَّ وسائِلِ العلاجِ؛ كان لا بُدَّ من معاملتِهم بالبُغضِ والكراهيةِ لذلك. ومتى صحَّ أيُّ واحدٍ منهم مِن مَرَضِه الوبائيِّ الخطيرِ، عاد إلى منزلتِه الأصليَّةِ، وهي منزلةُ الأُخوَّةِ، واتَّجه قَلبُ المُؤمِنِ له بالمَحَبَّةِ) . ضابطُ المَحَبَّةِ والبُغضِ: العبدُ يجتَمِعُ فيه سببُ الوَلايةِ وسَبَبُ العداوةِ، والحُبِّ والبُغضِ؛ فيكونُ محبوبًا من وجهٍ مبغوضًا من وجهٍ، فالحُبُّ والبغضُ بحَسَبِ ما فيه من خِصالِ الخيرِ والشَّرِّ؛ فمَن كان مُؤمِنًا وجَبَت موالاتُه من أيِّ صِنفٍ كان، ومن كان كافِرًا وجبت معاداتُه من أيِّ صنفٍ كان، ومن كان فيه إيمانٌ وفيه فجورٌ أعطِيَ من الموالاةِ والمَحَبَّةِ بحَسَبِ إيمانِه، ومن البُغضِ بحَسَبِ فُجورِه . المَحَبَّةُ أفضَلُ من المهابةِ: المَحَبَّةُ (أفضَلُ من المهابةِ؛ لأنَّ المهابةَ تُنَفِّرُ، والمَحَبَّةَ تُؤَلِّفُ، وقد قيل: طاعةُ المَحَبَّةِ أفضَلُ من طاعةِ الرَّهبةِ، لأنَّ طاعةَ المَحَبَّةِ من داخلٍ، وطاعةَ الرَّهبةِ من خارجٍ، وهي تزولُ بزوالِ سببِها) . مَحَبَّةُ زوجةٍ أكثَرَ من الأُخرى: قال تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء: 129] هذا العَدلُ الذي ذَكَر تعالى هنا أنَّه لا يُستطاعُ: هو العَدلُ في المَحَبَّةِ، والميلِ الطَّبيعيِّ؛ لأنَّه ليس تحتَ قُدرةِ البَشَرِ، بخِلافِ العَدلِ في الحقوقِ الشَّرعيَّةِ؛ فإنَّه مستطاعٌ . وفي ذلك عُذرٌ للرِّجالِ فيما يقعُ من التَّفاوتِ في الميلِ القلبيِّ والمَحَبَّةِ؛ فإنَّ العدلَ بينَهنَّ في ذلك محالٌ، خارجٌ عن حدِّ الاستطاعةِ ؛ لأنَّ اللهَ جعَل حُسنَ المرأةِ وخُلُقَها مؤثِّرًا أشَدَّ التَّأثيرِ في مَحَبَّةِ الزَّوجِ وَميلِه إلى بعضِ أزواجِه، ولو كان حريصًا على إظهارِ العَدلِ بينَهنَّ؛ فلذلك قال: وَلَوْ حَرَصْتُمْ، وأقام اللهُ ميزانَ العَدلِ بقَولِه: فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:37 PM | #749 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع - المحبة
المحبة في واحة الأدب أ- مِنَ الشِّعرِ 1- قال ابنُ زُهرٍ الحفيدُ: يا مَن يُذَكِّرُني بعهدِ أحِبَّتي طاب الحديثُ بذِكرِهم ويَطيبُ أعِدِ الحديثَ عليَّ مِن جَنَباتِه إنَّ الحديثَ عن الحبيبِ حَبيبُ ملأَ الضُّلوعَ وفاضَ عن أحنائِها قلبٌ إذا ذُكِر الحبيبُ يذوبُ ما زال يَضرِبُ خافِقًا بجَناحِه يا ليتَ شِعري هل تطيرُ قُلوبُ 2- وأنشَد بعضُهم: واللهِ ما طلَعَت شمسٌ ولا غَرَبت إلَّا وحُبُّك مقرونٌ بأنفاسي ولا جلَسْتُ إلى قومٍ أحَدِّثُهم إلَّا وأنت حديثي بَيْنَ جُلَّاسي 3- وقال آخَرُ: يا مُنيةَ القَلبِ ما جِيدي بمُنعَطِفٍ إلى سِواكم ولا حَبْلي بمُنقادِ لولا المَحَبَّةُ ما استلَمَعتُ بارقةً ولا سألتُ حَمامَ الدَّوحِ إسعادي ولا وقَفْتُ على الوادي أسائِلُه بالدَّمعِ حتَّى رثَى لي ساكِنُ الوادي 4- وقال أبو تُرابٍ النَّخشبيُّ: لا تخدَعَنَّ فللمُحِبِّ دلائِلُ ولديه من تُحَفِ الحبيبِ وسائِلُ منها تنَعُّمُه بمُرِّ بَلائِه وسرورُه في كُلِّ ما هو فاعِلُ فالمنعُ منه عطيَّةٌ مقبولةٌ والفَقرُ إكرامٌ وبِرٌّ عاجِلُ ومن الدَّلائِلِ أن يُرى مِن عَزمِه طوعَ الحبيبِ وإن ألحَّ العاذِلُ ومِن الدَّلائِلِ أن يُرى متبَسِّمًا والقَلبُ فيه من الحبيبِ بلابِلُ ومن الدَّلائِلِ أن يُرى متفَهِّمًا لكلامِ من يحظى لديه السَّائِلُ ومن الدَّلائِلِ أن يُرى متقَشِّفًا متحَفِّظًا من كُلِّ ما هو قائِلُ ب- من الأمثالِ والحِكَمِ - قالوا: لا يَكُنْ حُبُّك كَلَفًا، ولا بُغضُك سَرَفًا . - وقيل: أبَرُّ من الهِرَّةِ. قالوا لأنَّـها تأكُلُ أولادَها من المَحَبَّةِ . - الصَّمتُ يَكسِبُ المَحَبَّةَ . - ألقى عليه شَراشِرَه. إذا أحَبَّه، والشَّراشِرُ: البَدَنُ وما تذبذَبَ من الثِّيابِ. يقولُ: ألقى عليه بدَنَه من حُبِّه له، وقيل: الشَّراشِرُ: جميعُ الجَسَدِ، وألقى عليه شراشِرَه، وهو أن يحِبَّه حتى يُستهلَكَ في حُبِّه . - وقَعتْ عليه رَخْمَتُه. إذا وافَقه وأحبَّه، والرَّخْمةُ: المحبةُ واللينُ، ومنه كلامٌ رخيمٌ أي: سهلٌ لينٌ . - أفضَلُ المَحَبَّةِ ما كان بَعدَ المَعتَبةِ . - قال أعرابيٌّ: (من جَمَع لك مع المودَّةِ الصَّادقةِ رأيًا حازمًا، فاجمَعْ له مع المَحَبَّةِ الخالصةِ طاعةً لازمةً) . - مَن صحَّتْ مودَّتُه احتُمِلَتْ جفوتُه . - المحبةُ ثمنُ كلِّ شيءٍ وإنْ غلا، وسلمٌ إلى كلِّ شيءٍ وإنْ علا . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
01-17-2025, 06:40 PM | #750 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( المداراة )
وسوف اتناول من خلاله المحاور التالية ان شاء الله أوَّلًا: معنى المُداراةِ لغةً واصطِلاحًا ثانيًا: الفَرقُ بَينَ المُداراةِ وغيرِها ثالثًا: التَّرغيبُ في المُداراةِ والحَثُّ عليها رابعًا: فوائدُ المُداراةِ خامسًا: مظاهِرُ وصُوَرُ المُداراةِ سادسًا: موانِعُ اكتِسابِ صِفةِ المُداراةِ سابعًا: الوسائِلُ المُعينةُ على اكتسابِ صِفةِ المُداراةِ ثامنًا: قِصَصٌ ونماذِجُ من المُداراةِ تاسعًا: حُكمُ المُداراةِ عاشرًا: أخطاءٌ شائعةٌ حولَ المُداراةِ حاديَ عَشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ ثاني عَشَرَ: المُداراةُ في واحةِ الأدَبِ |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 47 ( الأعضاء 0 والزوار 47) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد ) | البراء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 352 | 11-17-2024 10:26 PM |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |