شَرُّ الحليم . . ؛

شَرُّ الحليم . . ؛

تَحية طيّبة أُحيباب المدائن وبعد . .
اسمحوا لي اللّيلةَ أن أُثقل عليكم فـ جاملوني وأقدّر لكم ذلكَ سَلَفًا . .

تسلّمتُ منذ عام أول وظيفة لي بعد عناء من البحث
وكُنتُ في أوجِ حماستي وكلّي طاقة وبطبعي أحب "أدّهر"
وأشتغل وأبذل وأنبذ التقاعس بأشكاله؛
إذ كان يُخيّل لي أنّ العالم ما بعد الجامعة ورديُّ اللّون
وسماؤه لا تخلو من فُقاعات الأحلام وفاتني أنّها "فقّاعات"
ستنفجرُ إحداها تلو الأخرى في وجه حماسي!

لم تكن عندي أدنى فكرة عن بيئات العمل المسمومة
والتي يكثر أن ترى فيها عقولًا مجرّدة من كل سمات العقل
وقلوبًا هي كل شيء عدا كونها قلوبًا بشريّة
من فرط ما تدنّست بالأحقاد والضغائن وخصوصًا
بيئات العمل النسائية!

المهم أنّني بدأت أمارس عملي بشكل طبيعي وكنتُ حتى
أُذاكر الدرس حتى يتسنى لي شرحه للطالبات بسلاسة
(أرسم لنفسي خرائط ونقاط وألخّص وهكذا) ثم أدخل
لأتفلسف على الطالبات، ثمّ لم يعجبني نظام معين سائد
بينهن فـ غيرته بطريقتي.

وبعد فترة قصيرة تكرّمت كـ معلمة مبتكرة ( و أمحق تكريم)
لأنّها بدأت معه أساليب الهمز واللمز والمكائد كأن نجاحك
في جانب سينقص من أعمارهم شيئًا (و ليتَهُ على شيء يسوا)
كانت شهادة تقدير و كرة مدوّرة حمراء تعلوها طبقة من العشب
الصناعي ثم يتفرع منها سيقانًا قصديريّة تنتهي
بـ ثلاث ورودٍ حمراء بها ضوءٌ أحمر، ولعلّه خُيّلَ إليهنّ
أنّه كأس العالم للأنديّة مرصّعًا بالذهبِ والماس!

ثمّ توالَت بعد ذلك الأحداث وكُنتُ عمدًا (أمشي بجنب الحيط)
لأنه ببساطة مكان عمل وعقلي منشغلٌ بعملي عن التفاهات
وأغض طرفي عن ما يحدث إذ لم أشأ أن أصدمَ نفسي
برماديّة العالم.

إلى أَنْ صدَمَت إحداهن طفلتي الداخليّة وانتهكت حلمها
الزمرّدي الوردي دون حتى أن تمهّد لها بأن (حلمها مثلًا
يلعب في السطح)؛
إذ زادت من عيار النكبات والتصيد في الماء العكر الشيء
الذي أفقدني صوابي ( فـ قمت شرشحتها على مرأىً ومسمع )
لوضع المعالم والحدود ردعًا لمن تسوّل لها نفسها تكرارالفعل
ثمّ رحت بعدها لـ أنهارَ في معمل العلوم في الطابق السفلي
بعيدًا عن الأعين (لأن كلّش ولا الهيبة).

فـ كيف يا أُحيباب المدائن تتصرفون التصرف السليم مع هذه الفئة
الجبانة التي لا تقوى على المواجهة وتركز على الناس أكثر من نفسها
( من حسد وانتقاد في غير محلّه وتنظير الخ) ؟!

عذرًا على الإطالة . .
محبتي الجَمّة / ذكرى

للمزيد من مواضيعي