قراءتي لنص( أرواح عارية) أ. منتصر عبد الله..

قراءتي لنص( أرواح عارية) أ. منتصر عبد الله..

للشاعر أبي الطيب المتنبي بيت شعر شهير يقول فيه:
بذا قضت الأيام ما بين أهلها
مصائب قوم عند قوم فوائد
وتنطبق حكمة هذا المثل القديم
على نص " أرواح عارية "
ففوائد المطر عند جمع من الناس قد تجر مصائب على أشخاص ربما كانوا هم أيضا من ضمن الناس المشمولين بالفائدة، إلا أن انتفاعهم بسقوط الغيث المطلوب عبر الأدعية الدينية بعد الصلاة، واحتياجهم إليه، يقابله احتمال مصيبة أعظم من وجهة نظرهم، وهي معاناة أبنائهم الصغار بسبب افتقار بيوتهم لأسقف تحميهم.
وذكر الأطفال والخشية من تعرضهم للأذى دون ذكر الآباء الذين يقاسمونهم نفس المأوى، فيه دلالة على التضحية، وإنكار الذات من أجل الذرية، رغم أنها قد تعد تغليبا للمصلحة الفردية المتجلية في حفظ صحة الأبناء، على المصلحة الجماعية المتعلقة بنزول المطر لنجاة الجميع من كارثة الجفاف.
لكن هذا المجتمع الذي يدعو بلسانه وقلبه حين تحل به الأزمات، وتتعرض مصالح أفراده للخطر، لا يأبه لمصير أبناء تلك البائسة وأبنائها، وذلك تناقض وخلل قيمي وأخلاقي بين، في مجتمع متدين ويفترض أن يتكاتف أعضاؤه كالجسد الواحد.
فهل يجوز لها أن ترجو وتدعو لأجل أن يحرم الجميع من المطر حماية لأبنائها؟
وهل يستحق هؤلاء الناس الذين يتجاهلون فقرها ومصيبتها المحتملة، ويلهجون بألسنة وقلوب ظاهرها التقوى والخشوع، أن تتنزل عليهم الرحمة ويحل بهم الغيث؟

إنها الأرواح حين تتعرى وتتجرد من لباسها الجسدي وغلافها المادي، فتبدو ملامحها الحقيقية واضحة وجلية، وتبرز تناقضاتها المخفية، رغم وقارها الظاهر وحرارة مشاعرها المعلنة أو تظاهرها بعكس ما تضمره في السر، وهو عري يتجلى أيضا في المسكن المفتقد للسقف والأبناء المعرضين للعراء في ظل توقع تدهور واقعهم الصعب جراء نزول المطر، كما أن في دعاء الأم سرا دلالة على قمع صوتها وتجاهل حالتها المزرية، وعجزها عن إظهار موقفها ورغبتها.
وما يميز المشهد في النص الصورة الانفعالية والجمالية القائمة على المقابلة، فالفرد مقابل الجماعة، والدعاء في السر مقابل صوت الدعاء خلف الإمام جهرا، ورجاء عدم الاستجابة مقابل طلب الغيث.

في ما قرأت لك هنا أخي الجميل الكاتب منتصر عبد الله
الحكمة لا يستطيع إدراكها والتّعبير عنها..
إلاّ مَن يملك فكرًا ثاقبًا كأنت ...

للمزيد من مواضيعي

 

جميلة جدا هذه القراءة
حيث البداية في قول الشاعر : المتنبي
مصائب قوم عند قوم فوائد.
كذلك إيجاد المقابلة في النص
( الفرد/ الجماعة) ( الجهر / السر)
وإكتشاف جماليات النص
حقيقة تبارك الله على الإتقان والدقة
ولا ننسى المبدع / منتصر ونصه الراقي
كل التحايا لكما

منتصر عبد الله ,الْياسَمِينْ معجبون بهذا

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شتاء.!

جميلة جدا هذه القراءة
حيث البداية في قول الشاعر : المتنبي
مصائب قوم عند قوم فوائد.
كذلك إيجاد المقابلة في النص
( الفرد/ الجماعة) ( الجهر / السر)
وإكتشاف جماليات النص
حقيقة تبارك الله على الإتقان والدقة
ولا ننسى المبدع / منتصر ونصه الراقي
كل التحايا لكما


:l_20q6hlka14ejd6q:

رأي جميل من أخ أجمل ككاتبنا الألق شتاء
أعتز برأيك أخي وتشريفك ومرورك البهي
لي دائمًا وأبدًا وتسرني قراءتك البهية للنص…
فائق الود والتحية

منتصر عبد الله ,شتاء.! معجبون بهذا

.
تحية عطره بالياسمين
شكراً لهذه السيميائية الدسمة بالتحليل ، وهذا ليس بالغريب من أديبة قديرة .
( ومصائب قومٍ عند قوم فوائد ) وقد تكون قصائد تندرج تحت الـ ( الطلب ) هي تريد
وهم يريدون والله يفعل ما يريد .
هناك ترف وهناك شقاء / ابتلاء ، والله حكيم بصير بعباده .

فهل يجوز لها أن ترجو وتدعو لأجل أن يحرم الجميع من المطر حماية لأبنائها؟

هناك من يستجدون السماء لتمطر ، ونسوا أنها قد أمطرت بدعاء نملة ، وقصد الدعاء
هنا بطلب النجدة ، حيث لا تتوفر لهم غطاء يحميهم / يقيهم ، فالأمر لا علاقة له
بالضرر/ الحرمان .

لكن هذا المجتمع الذي يدعو بلسانه وقلبه حين تحل به الأزمات، وتتعرض مصالح أفراده للخطر، لا يأبه لمصير أبناء تلك البائسة وأبنائها، وذلك تناقض وخلل قيمي وأخلاقي بين، في مجتمع متدين ويفترض أن يتكاتف أعضاؤه كالجسد الواحد.

اننا قد نفتقد روح التكافل الاجتماعي ، فـ الأنا هي الطاغية والسائدة في مجتمع عقيدته
واحدة ، وإن الله تعالى لن يكتفي بالسؤال عن عباداتنا بل بأفعالنا وصنائعنا اتجاه إخواننا ،
فإسلامنا يحثنا على صنائع المعروف .
وشكراً على منطوقكِ واستنتاجكِ ، وبتقدير ويزيد .

.
.

شكرا للجمال هنا ياسمين
قراءة فاحصة
دامت الروح في هذا العطاء
النص بكل تفاصيله مكتمل الجمال وصاحبه المنتصر الأنيق

بوركت والمكافأة المستحقة

منتصر عبد الله ,الْياسَمِينْ معجبون بهذا