» يومٌ من عمري « | ||||||
|
آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
اليوم, 01:18 AM | #171 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التعاون
الترغيب في التعاون ثانيًا: التَّرغيب في التَّعاون في السُّنَّة النَّبويَّة - قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا )) قال ابن بطَّال: (تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدُّنْيا والآخرة مندوبٌ إليه بهذا الحديث) وقال أبو الفرج ابن الجوزي: (ظاهره الإخبار، ومعناه الأمر، وهو تحريضٌ على التَّعاون) - وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة )) قال ابن بطَّال في شرح هذا الحديث: (... وباقي الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر، والألفة، والسِّتر على المؤمن، وترك التَّسمع به، والإشهار لذنوبه) وقال ابن حجر والعيني : (في الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر والألفة). - وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا))، قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالـمًا؟ قال: ((تأخذ فوق يده )) قال ابن بطَّال: (والنُّصرة عند العرب: الإعانة والتَّأييد، وقد فسَّره رسول الله أنَّ نصر الظالم منعه مِن الظُّلم؛ لأنَّه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أدَّاه ذلك إلى أن يُقْتَصَّ منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدلُّ مِن باب الحكم للشَّيء، وتسميته بما يؤول إليه...) وقال العيني: (النُّصرة تستلزم الإعانة) - وعن أبي عبد الرَّحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا، ومَن خلَّف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا )) (قال ابن بطَّال: قال الطَّبري: وفيه مِن الفقه أنَّ كلَّ مَن أعان مؤمنًا على عمل برٍّ فللمُعِين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرَّسول أنَّ مَن جهَّز غازيًا فقد غزا، فكذلك مَن فطَّر صائمًا أو قوَّاه على صومه، وكذلك مَن أعان حاجًّا أو معتمرًا بما يتقوى به على حجِّه أو عمرته حتى يأتى ذلك على تمامه فله مثل أجره. ومَن أعان فإنَّما يجيء مِن حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة، فله مثل أجر القائم، ثمَّ كذلك سائر أعمال البرِّ، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البرِّ فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها مِن الوزر والإثم مثل ما لعاملها) وقال ابن عثيمين: (هذا مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، فإذا جهَّز الإنسان غازيًا، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي كُتِب له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه على الخير. وكذلك مَن خَلَفَه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أنَّ الغازي أراد أن يغزو ولكنَّه أُشْكِل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلًا مِن المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإنَّ هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه) - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا نفَّس الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدُّنْيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدُّنْيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه... )) قال ابن دقيق العيد: (هذا الحديث عظيم جامع لأنواعٍ مِن العلوم والقواعد والآداب، فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسَّر مِن عِلْم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك) وقال ابن حجر (في الحديث حضٌّ على التَّعاون وحسن التَّعاشر والألفة) وقال النَّوويُّ في تعليقه على حديث: ((مثل المؤمنين في توادهم... )): (صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا، وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ) أقوال العلماء في التَّعاون - قال عطاء بن أبي رباح: (تفقَّدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو نسوا فذكِّروهم) - وقال ابن تيمية: (حياة بني آدم وعيشهم في الدُّنْيا لا يتم إلَّا بمعاونة بعضهم لبعضٍ في الأقوال أخبارها وغير أخبارها وفي الأعمال أيضًا) - وقال أبو حمزة الشَّيباني لمن سأله عن الإخوان في الله مَن هم؟ قال: (هم العاملون بطاعة الله عزَّ وجلَّ المتعاونون على أمر الله عزَّ وجلَّ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم) - وقال أبو الحسن العامري: (التَّعاون على البرِّ داعية لاتِّفاق الآراء، واتِّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للوداد) ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:21 AM | #172 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع - التعاون
فوائد التَّعاون مِن فوائد التَّعاون: 1- استفادة كلِّ فرد مِن خبرات وتجارب الآخرين في شتى مناحي الحياة. 2- إظهار القوَّة والتَّماسك. 3- تنظيم الوقت وتوفير الجهد. 4- ثمرة مِن ثمرات الأخوَّة الإسلاميَّة. 5- رفع الظُّلم عمَّن وقع عليه. 6- حماية للفرد. 7- تقاسم الحِمْل وتخفيف العبء. 8- سهولة التَّصدِّي لأي أخطار تواجه الإنسان ممَّن حوله. 9- سهولة إنجاز الأعمال الكبيرة التي لا يقدر عليها الأفراد. 10- القضاء على الأنانية وحبِّ الذَّات. 11- مِن أهم ركائز النَّجاح والتَّفوُّق. 12- مِن ثمار الإيمان. 13- سبب نيل تأييد الله. 14- سبب نيل محبَّة الله ورضاه. 15- يجعل الفرد يشعر بالسَّعادة. 16- يزيل الضَّغائن والحقد والحسد مِن القلوب. 17- يساعد الفرد على بذل المزيد مِن الجهد والقوَّة. 18- يساعد على سرعة التَّنفيذ. 19- يسرِّع مِن عجلة التَّطوُّر العلمي والتَّقدُّم التَّقني. 20- يولد سلامة الصدر ويكسب حبَّ الخير للآخرين. 21- يؤدِّي بالفرد إلى الإتقان في العمل. 22- يولِّد عند الفرد الشُّعور بالقوَّة. 23- يجدد طاقة الفرد وينشِّطها. 24-يسهِّل العمل وييسِّره. 25- يحقِّق أكبر الاستثمارات. 26- يحدُّ مِن الازدواجيَّة في العمل. 27- يتبيَّن للفرد ما يمتلك مِن طاقة وخبرات وقدرات. 28- استغلال الملَكَات والطَّاقات المهدرة الاستغلال المناسب لما فيه مصلحة الفرد والمجتمع. أقسام التَّعاون ينقسم التَّعاون إلى قسمين: 1- تعاون على البرِّ والتَّقوى. 2- تعاون على الإثم والعدوان. قال ابن تيمية: (فإنَّ التَّعاون نوعان: الأوَّل: تعاونٌ على البرِّ والتَّقوى: مِن الجهاد وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإعطاء المستحقِّين؛ فهذا ممَّا أمر الله به ورسوله. ومَن أمسك عنه خشية أن يكون مِن أعوان الظَّلمة فقد ترك فرضًا على الأعيان، أو على الكفاية متوهِّمًا أنَّه متورِّعٌ. وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع؛ إذ كلٌّ منهما كفٌّ وإمساكٌ. والثَّاني: تعاونٌ على الإثم والعدوان، كالإعانة على دمٍ معصومٍ، أو أخذ مالٍ معصومٍ، أو ضرب مَن لا يستحقُّ الضَّرب، ونحو ذلك؛ فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله. نعم، إذا كانت الأموال قد أُخِذَت بغير حقٍّ، وقد تعذَّر ردُّها إلى أصحابها، ككثيرٍ مِن الأموال السُّلطانيَّة؛ فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثُّغور، ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك: مِن الإعانة على البرِّ والتَّقوى) آثار التَّعاون على الإثم والعدوان 1- تقلب نظام المجتمع وتساعد على فساد الذِّمم. 2- تفتح أبواب الشَّرِّ وتطمس معالم الحقِّ. 3- تنبئ عن خسَّة صاحبها ودناءة نفسه. 4- دليل كامل على ضعف الإيمان وقلَّة المروءة. 5- تساعد على الطغيان. 6- إذا تحقَّقت في مجتمع كانت سببًا في خرابه. 7- تضيع الحقوق، وتصل لغير أهلها ومستحقيها ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:25 AM | #173 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع - التعاون
صورٌ مِن التَّعاون للتَّعاون صورٌ كثيرةٌ نذكر منها ما يلي: 1- التَّعاون على تجهيز الغازي. 2- التَّعاون على دفع الظُّلم. 3- التَّعاون في الثَّبات على الحقِّ والتمسُّك به. 4- التَّعاون في الدَّعوة إلى الله. 5- التَّعاون في تزويج العُزَّاب. 6- التَّعاون في طلب العِلْم والتَّفقُّه في الدِّين. 7- التَّعاون لتفريج كربات المهمومين وسدِّ حاجات المعوزين. 8- التَّعاون مع الأمير الصَّالح، وتقديم النُّصح له ومساعدته على القيام بواجباته. 9- تقديم النَّصيحة لمن يحتاجها. 10- معاونة الخدم. 11- التَّعاون على الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر. 12- التَّعاون في جمع التَّبرُّعات والصَّدقات والزكاوات وتوزيعها على مستحقِّيها. 13- التَّعاون على حلِّ الخلافات والنِّزاعات التي تقع في وسط المجتمع المسلم. 14- التَّعاون في إقامة الحدود وحفظ أمن البلاد. موانع اكتساب التَّعاون 1- التَّعصُّب والحزبيَّة. 2- اتِّباع الأوهام والشُّكوك في مدى جدوى هذا التعاون والاستفادة منه. 3- الأنانيَّة، وعدم حبِّ الخير للآخرين. 4- تعذُّر الفرد بانشغاله وكثرة أعماله. 5- تنافس الأفراد. 6- محبة الصَّدارة والزَّعامة وغيرها مِن حظوظ النَّفس. 7- الحسد للآخرين. 8- سوء الظَّن بالآخرين. 9- عدم التَّعوُّد على التَّعاون. 10- الكبر على الآخرين، وتوهُّم الفرد أنَّه أعظم مِن غيره. 11- الكَسَل. 12- النَّظر في التَّجارب الفاشلة لبعض حالات التَّعاون الشَّاذَّة. الأسباب المعينة على اكتساب التَّعاون هناك العديد مِن الطُّرق والسُّبل التي تعمل على تقوية التَّعاون وتثبيته بين المؤمنين، ومن ذلك: 1- التَّعارف. 2- معرفة المسلم لحقوق المسلم عليه. 3- احتساب الأجر. 4- تنمية الرُّوح الجماعيَّة. 5- فقه الواقع. 6- تطهير القلب مِن الأمراض. نماذج من التعاون نماذج تطبيقيَّة في التعاون من حياة الأنبياء والمرسلين - أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السَّلام ببناء الكعبة، فقام إبراهيم عليه السَّلام استجابة لأمر الله، وطلب مِن ابنه إسماعيل أن يساعده على تنفيذ هذا الأمر الإلهي، ويعينه في بناء الكعبة، فقال له: ((يا إسماعيل، إنَّ الله أمرني بأمرٍ، قال: فاصنع ما أمرك ربُّك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإنَّ الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا، وأشار إلى أكمةٍ مرتفعةٍ على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد مِن البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] ، قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) - عندما أرسل الله سبحانه وتعالى موسى عليه السَّلام إلى فرعون وكلَّفه بأن يدعو فرعون إلى عبادة الله وحده، طلب موسى عليه السَّلام مِن ربِّه سبحانه وتعالى المعينَ والمساعدَ على هذا الأمر العظيم، فطلب منه أن يجعل له أخاه هارون معاونًا ومساعدًا في دعوته فرعون، فقال: وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:29-32] فقال الله له: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه: 36] ، وجعل هارون معاونًا ومساعدًا لموسى عليه السَّلام في دعوته إلى الله، وآتاه النُّبوَّة استجابة لدعوة موسى ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:33 AM | #174 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التعاون
نماذج من التعاون نماذج تطبيقيَّة مِن الأمم السَّابقة في التَّعاون التَّعاون بين ذي القرنين وأصحاب السَّدِّ: (لقد مكَّن الله عزَّ وجلَّ لذي القرنين في الأرض، وآتاه مِن كلِّ شيء سببًا، فتوفَّرت القدرة والسُّلطة، وتهيَّأت أمامه أسباب القوَّة والنُّفُوذ التي لم تتوفَّر لكثير غيره. وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا [الكهف:83-84] ، ومع ذلك لم يستغن ذو القرنين عن معونة الآخرين حينما أراد أن يقوم بعمل كبير، وإنجاز عظيم: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا [الكهف: 93-94] ، فصارحهم ذو القرنين بأن مثل هذا العمل الضَّخم يحتاج إلى التَّعاون، ولا يتمُّ دونه؛ فقال: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا [الكهف: 95] . الآيات، فماذا كانت نتيجة هذا التَّعاون العظيم؟ كانت نتيجته إتمام عمل عظيم، سدٌّ منيع، لا يستطيع مهاجموه أن يعلو ظهره، ولا أن يحدثوا فيه خَرْقًا.. والدَّرس الذي نخرج به أنَّ التَّعاون إذا أخلص له أهلوه، وبذلوا فيه بصدقٍ ما استطاعوا حقق لهم مِن النتائج ما يكفي ويشفي) نماذج تطبيقية مِن حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في التَّعاون - كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يسعى لقضاء حوائج المسلمين، ويحبُّ إعانتهم، والوقوف معهم فيما يلمُّ بهم مِن نوازل، وكان مجبولًا على ذلك مِن صغره وقبل بعثته، وقد بيَّنت ذلك أمُّنا خديجة رضي الله عنها عندما كانت تخفِّف مِن روع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عند عودته مِن غار حراء بعد نزول الوحي عليه، وكان فزعًا، فقالت له: (كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنَّك لتصل الرَّحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضَّيف، وتعين على نوائب الحقِّ) - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يكون في مَهْنة أهله، فإذا حضرت الصَّلاة قام إلى الصَّلاة )) - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ((كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ينقل التُّراب يوم الخندق حتى أغمر بطنه أو أغبر بطنه يقول: والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا فأنزلن سكينة علينا وثبِّت الأقدام إن لاقينا إن الأُلى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا ويرفع بها صوته: أبينا أبينا )) نماذج تطبيقيَّة مِن حياة الصَّحابة في التَّعاون كان الصَّحابة رضوان الله عليهم مثالًا يُحْتَذى بهم في التَّعاون، وكانوا في ذلك المثل الأسمى، فكانوا كخليَّة النَّحل في تكاتفها وتعاونها، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى، و(في الوقت الذي كان فيه أبو عبيدة بن الجرَّاح وسعد بن أبي وقَّاص، وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص يفتحون مصر والشَّام والعراق، كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يسوسون النَّاس، ويرعون شؤونهم، وكان معاذ بن جبل وابن عبَّاس وابن عمر يعلِّمون النَّاس، ويفتونهم ويربُّونهم، وكان أبو هريرة وأنس وعائشة يحفظون الحديث ويروونه، وكان أبو ذرٍّ وأبو الدَّرداء يعظون النَّاس والحكَّام وينصحونهم، فتعاونوا ولم يتعايبوا.. وتناصروا ولم يتدابروا) ونقف هنا وقفات مع نماذج مِن تعاون الصَّحابة رضي الله عنهم. تعاون الصَّحابة رضي الله عنهم في حفر الخندق: - نقل لنا الصَّحابيُّ الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه صورة مِن تعاون الصَّحابة وتكاتفهم في حفر الخندق، فيقول: ((جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التَّراب على متونهم، ويقولون: نحن الذين بايعوا محمَّدًا على الإسلام ما بقينا أبدًا والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجيبهم ويقول: اللَّهمَّ إنَّه لا خير إلَّا خير الآخرةْ فبارك في الأنصار والمهاجرةْ )) تعاون أبي بكر وأهل بيته مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في هجرته: - جهَّز أبو بكر راحلتين عندما أعلمه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالهجرة، وخاطر بنفسه وهاجر مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعندما وصلا غار ثور دخل أبو بكر أوَّلًا ليستبرأ الغار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كي لا يصيبه أذى، وأعدَّت أسماء بنت أبي بكر لهما جهاز السَّفر، وكان عبد الله بن أبي بكر يأتي لهما بأخبار قريش، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر يريح الغنم عليهما وهما في الغار ليشربا مِن لبنها، وفي طريقهما إلى المدينة كان أبو بكر إذا تذكر طلب قريش للرَّسول صلى الله عليه وسلم مشى خلفه، وإذا تذكر رصدها له مشى أمامه تعاون الصَّحابة رضوان الله عليهم في بناء المسجد النبوي: - عندما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لبني النَّجار: ((يا بني النَّجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، فقال أنسٌ: فكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين، وفيه خربٌ وفيه نخلٌ، فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين، فنُبِشَت، ثمَّ بالخرب فسوِّيت، وبالنَّخل فقطِّع، فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة، وجعلوا ينقلون الصَّخر وهم يرتجزون والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معهم، وهو يقول: اللَّهمَّ لا خير إلَّا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة )) تعاون الأنصار مع المهاجرين بعد الهجرة: - قال عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه: ((آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الرَّبيع، فقال لي سعد: إنِّي أكثر الأنصار مالًا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها، فإذا حلَّت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلُّوني على السُّوق، فدلُّوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت أقِطًا وسمنًا )) - وقالت الأنصار للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((اقسم بيننا وبينهم النَّخل، قال: لا. قال: يكفوننا المئونة ويشركوننا في التَّمر. قالوا: سمعنا وأطعنا )) ومِن تعاون الصَّحابة أيضًا: - موقفهم في قصَّة سلمان رضي الله عنه عندما كاتب سيِّده، وكان فقيرًا لا يملك ما كاتب عليه، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للصَّحابة: ((أعينوا أخاكم)) فأعانوه، حتى تحرَّر مِن رقِّه، وأصبح حرًّا ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:40 AM | #175 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التعاون
ميادين التَّعاون (لقد أقام الإسلام التَّعاون بين المسلمين على أساس مُحْكَم، ومدَّ له في كلِّ ناحية مِن نواحي الحياة بسببٍ. فالتَّمثيل القرآني لأهل الإيمان أنَّهم كالبنيان المرصوص، وفي التَّمثيل النَّبوي كالجسد الواحد. فأمور الإسلام ومطلوباته لا تتحقَّق على وجهها إلَّا بالتَّعاون. ودين الله بنيان شامخ لا يقوم ولا يثبت إلَّا حين تتراص لبناته، وتتضامن مبانيه؛ لتسدَّ كلُّ لبنة ثغرتها. وإذا كان الله سبحانه قد خَلَق الخَلْق لعبادته وطاعته فإنَّ هذه العبادات والطَّاعات أنواع: قلبيَّة عقليَّة كالإيمان، وبدنيَّة كالصَّلاة، وماليَّة كالزَّكاة، ومركَّبة مِن البدن والمال كالحجِّ والجهاد. وكلُّ هذه العبادات بأنواعها لا تقام ولا تشاد إلَّا بوسائلها: مِن صحة الفكر، وسلامة البدن، وسعة ذات اليد. ولهذه الوسائل وسائل: مِن التَّفقُّه في الدِّين، والإحسان في الأعمال؛ مِن زراعة وصناعة وحرف، وإتقان في العلوم والمعارف؛ مِن الطِّب والحساب والهندسة والمعامل والمختبرات. ومِن المقطوع به -كما سبق- أنَّ الإنسان بمفرده بل حتى الرَّهط مِن النَّاس والجماعة المحدودة مِن القوم لا تستطيع بهذه الوسائل الانفراد بتحقيق هذه المقاصد. ومنه يتبيَّن حاجة النَّاس إلى الاجتماع والتَّآزر، فذلك ما تقتضيه الفطرة، ويتطلبه الدِّين، وتنتظم به الشؤون، وتستقيم به العلوم. وهذا بعض البسط لصورٍ مِن التَّعاون في أحكام الإسلام وآدابه، وإذا استجلاها رجل الدَّعوة عرف ضرورة التَّعاون وحاجته إليه في ميدانه ومجاله. فالصَّلوات الخمس جماعة وجمعة، وصلاة العيدين وآدابهما، والحجُّ بشعائره، وعقد النِّكاح بوليمته وآدابه، وعقيقة المولود، وإجابة الدَّعوى حتى للصَّائم، كلُّها مناشط عباديَّة اجتماعيَّة تعاونيَّة، ولا تكون صورتها الشَّرعية إلَّا كذلك. وينضمُّ إلى اجتماع الأعياد اجتماع الشدائد والكرب في صلوات الاستسقاء والكسوف والجنازة. إنَّه انتظام عجيب بين أهل الإسلام في مواطن السُّرور والحزن، ناهيك بصورة الأخوَّة، ومبدأ الشُّورى، وحقوق المسلمين فيما بينهم؛ في القربى والجوار والضَّيف وابن السَّبيل واليتامى والمساكين، مع ما يحيط بذلك مِن سياج الآداب الاجتماعيَّة؛ مِن إفشاء السَّلام، وفسح المجالس،... أمَّا أنواع المعاملات والتَّعاملات فذلك جليٌّ في عقود المضاربة والعارية والهبة والمهاداة وفرض الدِّية على العاقلة. وثمَّة صورٌ مِن المعاونات في كفِّ الظُّلم، ونصرة المظلوم، ودفع الصَّائل بسلاح أو مال. بل هل يقوم الجهاد، وتُقام الحدود، وتُستوفى الحقوق، ويقوم الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر إلَّا بالتَّعاون والتآزر. وهناك التَّعاون بالرَّأي، بما يدلُّ على الحقِّ، ويخرج مِن الحيرة، وينقذ مِن المأزق والهلكة، في النَّصيحة والمشاورة، وقد يكون تعاونًا بالجاه؛ مِن الشَّفاعة لذي الحاجة عند من يملك قضاءها... فإذا وضع المسلمون أيديهم على هذه الأسباب الوثيقة، يتقدَّمهم أولو الأمر والعلماء والدُّعاة، بلغوا المكانة المحفوفة بالعزَّة المشار إليها بقوله سبحانه: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] ) (قال ابن خويز مندادٍ في أحكامه: والتَّعاون على البِرِّ والتَّقوى يكون بوجوهٍ، فواجبٌ على العالم أن يعين النَّاس بعلمه فيعلِّمهم، ويعينهم الغني بماله، والشُّجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة ((المؤمنون تتكافؤ دماؤهم ويسعى بذمَّتهم أدناهم وهم يدٌ على مَن سواهم )) ويجب الإعراض عن المتعدِّي وترك النُّصرة له، وردُّه عمَّا هو عليه)) أصناف النَّاس في التَّعاون قال الماورديُّ: (تنقسم أحوال مَن دخل في عداد الإخوان أربعة أقسام: منهم مَن يعين ويستعين، ومنهم مَن لا يعين ولا يستعين، ومنهم مَن يستعين ولا يعين، ومنهم مَن يعين ولا يستعين. فأمَّا المعين والمستعين فهو معاوضٌ منصف؛ يؤدِّي ما عليه ويستوفي ماله، فهو كالمقرض يُسْعِف عند الحاجة ويستردُّ عند الاستغناء، وهو مشكورٌ في معونته، ومعذورٌ في استعانته، فهذا أعدل الإخوان. وأمَّا مَن لا يُعين ولا يستعين فهو متروك قد منع خيره وقمع شرَّه، فهو لا صديق يُرْجَى، ولا عدوٌّ يُخْشَى، وإذا كان الأمر كذلك فهو كالصُّورة الممثَّلة، يروقك حسنها، ويخونك نفعها، فلا هو مذموم لقمع شرِّه، ولا هو مشكور لمنع خيره، وإن كان باللَّوم أجدر. وأمَّا مَن يستعين ولا يُعين فهو لئيم كَلٌّ، ومهين مستذلٌّ، قد قُطِع عنه الرَّغبة، وبُسِط فيه الرَّهبة، فلا خيره يُرْجَى، ولا شرُّه يُؤْمَن، وحسبك مهانة مِن رجل مستثقل عند إقلاله، ويستقلُّ عند استقلاله فليس لمثله في الإخاء حظٌّ، ولا في الوداد نصيب. وأمَّا مَن يُعين ولا يستعين فهو كريم الطَّبع، مشكور الصُّنع، وقد حاز فضيلتي الابتداء والاكتفاء، فلا يُرى ثقيلًا في نائبة، ولا يقعد عن نهضة في معونة. فهذا أشرف الإخوان نفسًا وأكرمهم طبعًا، فينبغي لمن أوجد له الزَّمان مثله، وقلَّ أن يكون له مثل؛ لأنَّه البَرُّ الكريم والدُّرُّ اليتيم، أن يثني عليه خنصره، ويعضَّ عليه بناجذه، ويكون به أشدَّ ضنًّا منه بنفائس أمواله، وسِنِي ذخائره؛ لأنَّ نفع الإخوان عامٌّ، ونفع المال خاصٌّ، ومَن كان أعمَّ نفعًا فهو بالادِّخار أحقُّ، ثمَّ لا ينبغي أن يزهد فيه لخُلُق أو خُلُقين ينكرهما منه إذا رضي سائر أخلاقه، وحمد أكثر شيمه؛ لأنَّ اليسير مغفور، والكمال مُعْوِز) فـــ(هذا تقسيم مِن الماورديِّ رحمه الله أشبه بالحصر العقلي. وهو تقسيم جميل لتصوير النُّفوس وأحوال النَّاس والشُّخوص. ولكن واقع النَّاس، وما قضت به سنَّة الله في هذه الحياة، مِن بناء الدُّنْيا، واستقامة المعاش على المشاركة والمعاونة، واتخاذ النَّاس بعضهم بعضًا سخريًّا،... يشوِّش على ما قرَّره الماورديُّ، فلا يُتَصَوَّر في الواقع مِن أحد -فيما نحن بصدده- أن يحقِّق مبتغاه إلَّا بتعاضد أطرافٍ مِن النَّاس، هذا جانب. ومِن جانب آخر، فإنَّ البَذْل مِن طرف واحد -على نحو ما ذكر الماورديُّ- لا يسمَّى إلَّا إحسانًا ومنَّة ونعمة، وهذا ليس مِن باب التَّعاون في شيء إلَّا مِن حيث الأثر والفائدة للمُحَسن إليه والمنْعَم عليه. كما أنَّ مَن يستعين ولا يُعين قد رضي لنفسه أن يكون عالة على غيره، وجعل حياته مبنيَّة على السُّؤال والطَّلب والتَّطلُّع إلى ما في أيدي النَّاس. وأمَّا مَن لا يعين ولا يستعين فتصوُّر وجوده في بني الإنسان بعيد، على نحو ما سبق في المقدِّمة مِن تقرير أنَّ التَّعاون ضرورةٌ إنسانيَّة. فالإنسان لا يستغني عن أخيه الإنسان، كما قضى الله عزَّ وجلَّ في سننه) ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:42 AM | #176 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التعاون
التَّعاون بين الحاكم والمحكوم إنَّ الحاكم يحتاج إلى المعاونة والمساعدة، مثله مثل غيره مِن البشر، بل هو أشدُّ حاجةً إلى ذلك مِن غيره، بسبب الأعمال والتَّكاليف الكثيرة التي يواجهها في إدارة البلاد، ومحال أن يتصدَّر لكلِّ شئون البلاد ويديرها دون وجود المعين والمساعد، (فإنَّ الإمام ليس هو ربًّا لرعيته حتى يستغني عنهم، ولا هو رسول الله إليهم حتى يكون هو الواسطة بينهم وبين الله. وإنَّما هو والرَّعية شركاء يتعاونون هم وهو على مصلحة الدِّين والدُّنْيا، فلا بدَّ له مِن إعانتهم، ولا بدَّ لهم مِن إعانته، كأمير القافلة الذي يسير بهم في الطَّريق: إن سلك بهم الطَّريق اتبعوه، وإن أخطأ عن الطَّريق نبَّهوه وأرشدوه، وإن خرج عليهم صائلٌ يصول عليهم تعاون هو وهم على دفعه) وصايا في الحثِّ على التَّعاون - قال أبو هلال العسكري: (أجود ما قيل في التَّضافر والتَّعاون قول قيس بن عاصم المنقري يُوصي ولده وقومه: وجدت في كتاب غير مسموع لما حضر عبد الملك بن مروان الوفاة وعاينته، وقال: يا بني، أُوصيكم بتقوى الله، وليعطف الكبير منكم على الصَّغير، ولا يجهل الصَّغير حقَّ الكبير، وأكرموا مسلمة بن عبد الملك؛ فإنَّه نابكم الذي عنه تعبرون، ومِجَنَّكم الذي به تستجيرون، ولا تقطعوا مِن دونه رأيًا ولا تعصوا له أمرًا، وأكرموا الحجاج ابن يوسف؛ فإنَّه الذي وطَّأ لكم المغابر، وذلَّل لكم قارب العرب، وعليكم بالتَّعاون والتَّضافر، وإيَّاكم والتَّقاطع والتَّدابر. فقال قيس بن عاصم لبنيه: بصلاح ذات البين طول بقائكم إن مدَّ في عمري وإن لم يمدد حتى تلين جلدوكم وقلوبكم لمسود منكم وغير مُسَود إن القداح إذا جمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش أيِّد عزَّت ولم تكسر وإن هي بددت فالوهن والتَّكسير للمتبدِّد) - رُوِي أنَّ أكثم بن صيفي دعا أولاده عند موته، فاستدعى بضمامة مِن السِّهام، وتقدَّم إلى كلِّ واحدٍ أن يكسرها، فلم يقدر أحدٌ على كسرها، ثمَّ بدَّدها وتقدَّم إليهم أن يكسروها، فاستهلوا كسرها، فقال: كونوا مجتمعين؛ ليعجز مَن ناوأكم عن كسركم كعجزكم - و(دعا يزيد بن المهلَّب ولده حبيبًا ومَن حضر مِن ولده، ودعا بسهام، فحزمت، وقال: أفترونكم كاسريها مجتمعةً؟ فقالوا: لا. قال: أفترونكم كاسريها مفترقةً؟ قالوا: نعم، قال: هكذا الجماعة) التَّعاون في عالم الحيوانات والطُّيور: توجد العديد مِن الأمثلة التي تدلُّ على التَّعاون والتَّآزر والتَّكافل بين الكائنات الحيَّة، وكثيرٌ مِن هذه الكائنات تعيش على شكل مجاميع وقطعان، لتكون قوَّة واحدة لحماية بعضها البعض، وللتَّصدِّي لأي خطر قد يُحْدِق بأحد أفرادها. (مخلوقات جعل الله في فطرتها نوع تعاون، إمَّا لتأمين غذائها أو الدِّفاع عن نفسها وجماعتها، ويظهر ذلك في جنسي النَّمل والنَّحل. فقد شُوهِد أنَّ النَّمل إذا عثر على عسل في وعاء، ولم يتمكَّن مِن الوصول إليه مباشرة؛ لوجود ماء أو سائل يحول بينه وبين هذا العسل، فإنَّه يتعاون بطريقة فدائيَّة انتحاريَّة؛ فتتقدَّم فِرَقٌ بعد أخرى فتلتصق بالسَّائل وتموت، وتتقدَّم غيرها مثلها حتى تتكون قنطرة مِن جثث النَّمل الميِّت يعبر عليها الأحياء الباقون، فيدخلون الوعاء، ويصلون إلى العسل، ويبلغون مأربهم. هذا في حال اليُسْر والغذاء. أمَّا في حال العُسْر والتَّعرُّض للمخاطر: فإنَّ مجاميع النَّمل إذا تعرَّضت لتيَّار مائي داهم - مثلًا - فإنَّ بعضها يمسك ببعض ثمَّ تكوِّن كتلة كرويَّة متماسكة تتحمَّل اندفاع التَّيَّار، ثمَّ تعمل حركتين في آن واحد، إحداهما: تتحرَّك فيها الأرجل كالمجاديف في اتجاه واحد نحو أقرب شاطئ، والثَّانية: حركة دائريَّة مِن أعلى إلى أسفل؛ ليتم تقاسم التَّنفُّس بين الجميع، فإذا ما تنفَّس مَن في الأعلى حصل انقلاب؛ ليرتفع مَن في جهة القاع، فيأخذ حظه مِن النَّفس، وهكذا في حركة دائريَّة حتى يبلغوا شاطئ الأمان. فسبحان الذي أعطى كلَّ شيء خَلْقَه ثمَّ هدى. وسبحان مَن وهب الإنسان العقل المفكِّر ليتأسَّى ويعتبر ويكتشف ويرقى بفكره - بعد هداية الله وتوفيقه - ليكون خيرًا مِن الأنعام. أمَّا النَّحل فنظامه في تكوين مملكته، وإنتاج عسله، وترتيب الأعمال بين أفراد خليَّته، فعَجَبٌ عُجَاب في التَّعاون والتَّناوب، ولله في خلقه شؤون) فهذه الأمثلة وغيرها، تبيِّن عظيم قدرته سبحانه وتعالى في الكون، الذي فطر جميع المخلوقات على التَّعاون والتَّكافل والتَّآزر. حِكمٌ وأمثالٌ في التَّعاون - في الجريرة تشترك العشيرة. يُضْرَب في الحثِّ على المواساة والتَّعاون - هل ينهض البازي بغير جناحٍ؟ يُضْرَب في الحثِّ على التَّعاون والوِفَاق - بالسَّاعدين تبطش الكفَّان. يُضْرَب في تعاون الرَّجلين وتساعدهما وتعاضدهما في الأمر - بال حمارٌ فاستبال أَحْمِرَةً. أي حملهنَّ على البول. يُضْرَب في تعاون القوم على ما تكرهه مِن أقوال الحكماء في التَّعاون - مَن جاد لك بمودَّته فقد جعلك عديل نفسه، فأوَّل حقوقه اعتقاد مودَّته، ثمَّ إيناسه والانبساط إليه في غير محرَّم، ثمَّ نصحه في السِّرِّ والعلانية، ثمَّ تخفيف الأثقال عنه، ثمَّ معاونته فيما ينوبه مِن حادثة، أو يناله مِن نكبة، فإنَّ مراقبته في الظَّاهر نفاق، وتركه في الشِّدَّة لُؤْم - فضيلة الفلَّاحين التَّعاون بالأعمال، وفضيلة التِّجَّار التَّعاون بالأموال، وفضيلة الملوك التَّعاون بالآراء والسِّياسة، وفضيلة العلماء التَّعاون بالحِكَم ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:46 AM | #177 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التعاون
التَّعاون في واحة الشِّعر قال الشَّاعر: لولا التَّعاونُ بينَ النَّاسِ ما شرفتْ نفسٌ ولا ازدهرتْ أرضٌ بعمرانِ ويرحم الله شوقي حيث يقول: إنَّ التَّعاون قوَّةٌ عُلويةٌ تبني الرِّجالَ وتبدعُ الأشياءَ وقال آخر: لعمرُك ما مال الفتى بذخيرةٍ ولكن إخوانَ الثِّقاتِ الذخائرُ وقال آخر: يُعرِّفُك الإخوانُ كلٌّ بنفسِه وخيرُ أخٍ ما عرَّفتك الشدائدُ وقال آخر: أُعِين أخي أو صاحبي في بلائِه أقومُ إذا عضَّ الزَّمانُ وأقعُدُ ومَن يفردِ الإخوانَ فيما ينوبُهم تَـنُـبْه الليالي مرَّةً وهو مفردُ وقال حافظ إبراهيم: لا تعجبنَّ لملكٍ عَزَّ جانبُه لولا التَّعاونُ لم تنظرْ له أثرَا وقال آخر: أخاك أخاك إنَّ مَن لا أخًا له كساعٍ إلى الهيجا بغيرِ سلاحِ وإنَّ ابنَ عمِّ المرءِ - فاعلمْ – جناحُه وهل ينهضُ البازي بغيرِ جناحِ ولله درُّ القائل: كونوا جميعًا يا بَنيَّ إذا اعترَى خَطبٌ ولا تتفرَّقوا آحادَا تأبى القِداحُ إذا اجتمعن تكسُّرًا وإذا افترقن تكسَّرت أفرادَا وقال آخر: النَّاسُ للنَّاسِ مِن بَدوٍ وحاضرةٍ بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ وقال آخر: إذا العبءُ الثَّقيلُ توزَّعته رقابُ القومِ خفَّ على الرِّقابِ وقال آخر: وإن قام منهم قائمٌ قال قاعدٌ رشدتَ فلا غرمٌ عليك ولا خَذْلُ وقال آخر: إذا ما تأمَّلنا الأمورَ تبيَّنتْ لنا وأميرُ القومِ للقومِ خادمُ وقال آخر: إذا سيِّدٌ منَّا ذَرَا حَدُّ نابِه تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ وقال أحد الشُّعراء: همومُ رجالٍ في أمورٍ كثيرةٍ وهمِّي مِن الدُّنْيا صديقٌ مساعدُ نكونُ كروحٍ بينَ جسمين قُسمتْ فجسماهما جسمان والرُّوحُ واحدُ وقال آخر: إنِّي رأيتُ نملةً في حيرةٍ بين الجبال لم تستطعْ حملَ الطَّعامِ وحدَها فوق الرِّمال نادت على أختٍ لها تعينُها فالحملُ مال لم يستطيعا حملَه تذكَّرا قولًا يُقَال تعاونوا جميعكم فالخير يأتي بالوصال نادت على إخوانِها جاءوا جميعًا بالحبال جرُّوا معًا طعامَهم لم يعرفوا شيئًا محال وقال حافظ إبراهيم: إذا ألـمَّت بوادي النِّيلِ نازلةٌ باتت لها راسياتُ الشَّامِ تضطربُ وإن دعا في ثرى الأهرام ذو ألمٍ أجابه في ذرا لبنان منتحبُ لو أخلص النِّيلُ والأردنُ ودَّهما تصافحتْ منهما الأمواهُ والعشبُ وقال آخر: وكلُّ عضوٍ لأمرٍ ما يمارسُه لا مشي للكفِّ بل تمشي به القدمُ وقال أحمد محرم: وبلوتُ أسبابَ الحياةِ وقستُها فإذا التَّعاونُ قوَّةٌ ونجاحُ وقال آيضًا: وإن ضاع التَّعاونُ في أناسٍ عَفت آثارُهم في الضَّائعينا |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 01:57 AM | #178 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( التغافل )
وسوف أتناول من خلاله المحاور التالية : أوَّلًا: معنى التَّغافُلِ لُغةً واصطِلاحًا ثانيًا: الفَرقُ بَينَ التَّغافُلِ وغيره من الصفاتِ ثالثًا: الترغيبُ في التَّغافُلِ رابعًا: فوائِدُ التَّغافُلِ خامسًا: أقسامُ التَّغافُلِ سادِسًا: دَرَجاتُ التَّغافُلِ سابعًا: مظاهِرُ وصُوَرُ التَّغافُلِ ثامِنًا: موانِعُ اكتِسابِ التَّغافُلِ تاسعًا: الوسائِلُ المُعينةُ على اكتِسابِ التَّغافُلِ عاشِرًا: نماذِجُ من التَّغافُلِ حادِيَ عَشَرَ: أخطاءٌ شائِعةٌ حولَ التَّغافُلِ ثانِيَ عَشَرَ: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ ثالِثَ عَشَرَ: التَّغافُلُ في واحةِ الأدَبِ |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 0 والزوار 15) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد ) | البراء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 352 | 11-17-2024 10:26 PM |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |