الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد ) - الصفحة 16 - منتديات مدائن البوح
أنت غير مسجل في منتديات مدائن البوح . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

 ننتظر تسجيلك هـنـا


❆ جدائل الغيم ❆
                        .

.....
» يومٌ من عمري «  
     
 


آخر 10 مشاركات ازياء انيقة وراقيه       فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة       أهلا بك يا مطر أنرت المدائن يا نواف الشمري       بمناسبة الذكرى الخامسة مدائن البوح تحتفي بقناديل الحكايا       بعض الطرق التي تحمّسك لقيام الليل       ماهو الرشد       قاعدة ربانية..!!!       اللهم إني أعوذ بك من…       كوِّن رصيدا من أجل قبرك       أحاديث عن التسامح      
روابط تهمك القرآن الكريم الصوتيات الفلاشات الألعاب الفوتوشوب اليوتيوب الزخرفة قروب الطقس مــركز التحميل لا باب يحجبنا عنك تنسيق البيانات
العودة   منتديات مدائن البوح > المدائن الدينية والاجتماعية > الكلِم الطيب (درر إسلامية)

الكلِم الطيب (درر إسلامية)

رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا



الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )

رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم اليوم, 09:14 AM   #151


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التثبت

نماذج من التثبت
ج- نماذِجُ من التَّثَبُّتِ عِندَ السَّلَفِ
تَثَبُّتُ ثابِتِ بنِ أسلَمَ البُنانيِّ وتَكرارُه سُؤالَه لابنِ عُمَرَ للتَّأكُّدِ من نِسبةِ حديثٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
عن ثابتٍ، قال: (قُلتُ لابنِ عُمَرَ: نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن نبيذِ الجَرِّ؟ قال: فقال: قد زَعَموا ذاك، قلتُ: أنهى عنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قال: قد زعَموا ذاك) .
تَثَبُّتُ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ مِن وشايةِ رَجُلٍ:
دَخَل رَجُلٌ على عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، فذَكَر له عن رَجُلٍ شيئًا، فقال له عُمَرُ: إن شِئتَ نظَرْنا في أمرِك، فإن كُنتَ كاذِبًا فأنت من أهلِ هذه الآيةِ: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6] ، وإن كُنتَ صادِقًا فأنت من أهلِ هذه الآيةِ: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: 11] ، وإن شِئتَ عَفَونا عنك. فقال: العَفوُ يا أميرَ المُؤمِنينَ، لا أعودُ إليه أبَدًا .
تَثَبُّتُ أيمنَ بنِ خُرَيمٍ في أمرِ القِتالِ والإقدامِ عليه:
عن قَيسِ بنِ أبي حازمٍ، وعامرٍ الشَّعبيِّ، قالا: قال مَرْوانُ بنُ الحَكَمِ لأيمَنِ بنِ خُرَيمٍ: ألا تخرُجُ فتقاتِلُ معنا؟ فقال: إنَّ أبي وعمِّي شَهِدا بدرًا، وإنَّهما عَهِدا إليَّ أن لا أقاتِلَ أحَدًا يقولُ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، فإنْ أنت جِئْتني ببراءةٍ من النَّارِ، قاتَلْتُ معك، قال: فاخرُجْ عنَّا، قال: فخَرَج وهو يقولُ:
ولستُ بقاتِلٍ رَجُلًا يُصَلِّي
على سُلطانِ آخَرَ مِن قُريشِ
له سُلطانُه وعَلَيَّ إثمي
معاذَ اللهِ مِن جَهلٍ وطَيْشِ
أأقتُلُ مُسلِمًا في غيرِ جُرمٍ
فليس بنافعي ما عِشتُ عَيشي
عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ يأمُرُ عَدِيَّ بنَ أرطأةَ أميرَه على البصرةِ بالتَّثَبُّتِ في قَتيلٍ وُجِد عِندَ بيتٍ ولم يُعرَفْ قاتِلُه:
فكتب إليه عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ يقولُ: (إن وَجَد أصحابُه بيِّنةً وإلَّا فلا تَظلِمِ النَّاسَ؛ فإنَّ هذا لا يُقضى فيه إلى يومِ القيامةِ) .
بلالُ بنُ أبي بُردةَ لَمَّا وُشِي برجُلٍ عِندَه:
وُشِيَ برجُلٍ إلى بلالِ بنِ أبي بُردةَ، فلمَّا أُتِيَ به قال: قد أتاك كتابٌ من اللهِ في أمرِنا، فاعمَلْ به، قال اللهُ تعالى: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6] فقال: صدَقْتَ .
- عن ابنِ سيرينَ، قال: (لم يكونوا يسألونَ عن الإسنادِ، فلمَّا وقَعَت الفتنةُ قالوا: سمُّوا لنا رجالَكم، فيُنظَرُ إلى أهلِ السُّنَّةِ فيُؤخَذُ حديثُهم، ويُنظَرُ إلى أهلِ البِدَعِ فلا يؤخَذُ حديثُهم) .
- عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بنِ عيسى الطَّالِقانيِّ قال: قلتُ لعبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ، يا أبا عبدِ الرَّحمنِ: الحديثُ الذي جاء «إنَّ من البِرِّ بعدَ البِرِّ أن تُصَلِّيَ لأبويك مع صلاتِك، وتصومَ لهما مع صَومِك». قال: فقال عبدُ اللَّهِ: يا أبا إسحاقَ، عمَّن هذا؟ قال: قلتُ له: هذا من حديثِ شِهابِ بنِ خِراشٍ، فقال: ثقةٌ، عمَّن قال؟ قلتُ: عن الحَجَّاجِ بنِ دينارٍ، قال: ثقةٌ، عمَّن قال؟ قُلتُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! قال: يا أبا إسحاقَ، إنَّ بَيْنَ الحَجَّاجِ بنِ دينارٍ وبَينَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مفاوِزَ تنقَطِعُ فيها أعناقُ المطِيِّ! ولكِنْ ليس في الصَّدَقةِ اختِلافٌ .
- وعن نَصرِ بنِ حَمَّادٍ الوَرَّاقِ، قال: (كنَّا قُعودًا على بابِ شُعبةَ نتذاكَرُ، قال: فقُلتُ: حدَّثَنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عطاءٍ، عن عُقبةَ بنِ عامرٍ، قال: كنَّا نتناوَبُ رِعْيةَ الإبِلِ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجِئتُ ذاتَ يومٍ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسٌ وحولَه أصحابُه، فسَمِعتُه يقولُ: ((من توضَّأ فأحسَنَ الوُضوءَ، ثمَّ دَخَل مسجِدًا فصَلَّى ركعتينِ فاستغفَرَ اللهَ، غَفَر اللهُ له)) قال: فقُلتُ: بَخٍ بَخٍ! قال: فجَذَبني رجُلٌ مِن خلفي، فالتَفَتُّ فإذا هو عُمَرُ بنُ الخطَّابِ، فقال: الذي قال قَبلُ أحسَنُ، قال: ((مَن شَهِد أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رسولُ اللهِ، قيل له: ادخُلْ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتَ)). قال: فخرج إليَّ شُعبةُ فلطَمَني، ثمَّ دخل ثمَّ خرج، فقال: ما له بَعدُ يبكي؟ فقال له عبدُ اللهِ بنُ إدريسَ: إنَّك أسأْتَ إليه، فقال: أمَا تنظُرُ ما يحَدِّثُ عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عطاءٍ، عن عُقبةَ؟ أنا قُلتُ لأبي إسحاقَ: مَن حَدَّثك؟ قال: حدَّثَني عبدُ اللهِ بنُ عطاءٍ عن عُقبةَ، قُلتُ: سَمِع عبدُ اللهِ بنُ عطاءٍ من عُقبةَ؟ قال: فغَضِبَ، ومِسعَرُ بنُ كِدامٍ حاضِرٌ، فقال: أغضَبْتَ الشَّيخَ! فقال مِسعَرٌ: عبدُ اللهِ بنُ عطاءٍ بمكَّةَ، فرحَلْتُ إلى مكَّةَ لم أُرِدِ الحَجَّ، أردتُ الحديثَ، فلَقِيتُ عبدَ اللهِ بنَ عطاءٍ فسألتُه، فقال سعدُ بنُ إبراهيمَ حَدَّثني، فقال لي مالِكُ بنُ أنسٍ: سَعدٌ بالمدينةِ لم يَحُجَّ العامَ، فرَحَلتُ إلى المدينةِ، فلَقِيتُ سَعدًا، فقال: الحديثُ مِن عندِكم، زيادُ بنُ مِخراقٍ حَدَّثني، قال شُعبةُ: فقُلتُ: أيشٍ هذا؟! الحديثُ بينا هو كوفيٌّ إذ صار مدَنيًّا، إذ رَجَع إلى البصرةِ! قال: فرجَعتُ إلى البصرةِ فلَقِيتُ زيادَ بنَ مِخراقٍ فسأَلتُه، فقال: ليس هو من بابتِك، قلتُ: حَدِّثْني به، قال: لا تَرُدُّه؟ قُلتُ: حَدِّثْني به، قال: حَدَّثني شَهرُ بنُ حَوشَبٍ عن أبي رَيحانةَ عن عُقبةَ، قال شُعبةُ: فلمَّا ذَكَر شَهرًا قُلتُ: دَمِّرْ على هذا الحديثِ، لو صَحَّ لي مِثلُ هذا الحديثِ كان أحبَّ إليَّ من أهلي ومالي ومن النَّاسِ أجمعين!) .

د- نماذِجُ من التَّثَبُّتِ عِندَ العُلَماءِ المتقَدِّمين والمتأخِّرين

تَثَبُّتُ محمَّدِ بنِ أحمَدَ بنِ إبراهيمَ العَسَّالِ في القضاءِ بَيْنَ النَّاسِ:
قال الذَّهَبيُّ ذاكِرًا بعضَ ما كان منه في القضاءِ: (وقيل: إنَّه كان لا يُغلِقُ بابَه عن أحَدٍ، وكان إذا توجَّه على الخَصمِ يمينٌ لا يُحلِفُه ما أمكَنَه، بل يَغرَمُ عنه ما لم يَبلُغْ مائةَ دينارٍ، فإذا بلَغ المائةَ أو جاوزَها كان يتثَبَّتُ ويدافِعُ ويمهِلُ إلى المجلِسِ الثَّاني، ويحَذِّرُ المدَّعى عليه وبالَ اليمينِ، ويخَوِّفُه يومَ الدِّينِ، ويُذَكِّرُه الوقوفَ بَينَ يدَيْ رَبِّ العالَمينَ، ثمَّ يُحلِفُه على كُرهٍ) .
تَثَبُّتُ إسحاقَ بنِ منصورٍ المَرْوَزيِّ في بعضِ المسائِلِ عن الإمامِ أحمَدَ:
قال أبو الوليدِ حَسَّانُ بنُ محمَّدٍ: (سَمِعتُ مشايخَنا يذكُرون أنَّ إسحاقَ بنَ منصورٍ بلَغَه أنَّ أحمَدَ بنَ حنبَلٍ رَجَع عن بعضِ تلك المسائِلِ التي علَّقها عنه، قال: فجَمَع إسحاقُ بنُ منصورٍ تلك المسائِلَ في جِرابٍ وحمَلَها على ظَهرِه وخرج راجِلًا إلى بغدادَ، وهي على ظَهرِه، وعَرَض خطوطَ أحمدَ عليه في كُلِّ مسألةٍ استفتاه فيها، فأقَرَّ له بها ثانيًا، وأُعجِبَ بذلك أحمدُ مِن شَأنِه) .
تَثَبُّتُ المَرُّوذيِّ في شأنِ راوٍ:
قال أبو بكرٍ المَرُّوذيُّ: (سألتُ أبا عبدِ اللهِ عن حُمَيدٍ الخَزَّازِ، قال: كُنَّا نزَلْنا عليه أنا وخَلَفٌ أيَّامَ أبي أسامةَ، وكان أبو أسامةَ يُكرِمُه، قلتُ: يُكتَبُ عنه؟ قال أرجو، وأثنى عليه، قلتُ: إنِّي سألتُ يحيى عنه فحَمَل عليه حَملًا شديدًا، وقال: رجُلٌ سَرَق كتابَ يحيى بنِ آدَمَ من عُبَيدِ بنِ يعيشَ، ثمَّ ادَّعاه، قُلتُ: يا أبا زكريَّا، أنت سَمِعتَ عُبَيدَ بنَ يعيشَ يقولُ هذا؟! قال: لا، ولكِنَّ بعضَ أصحابِنا أخبرني، ولم يكُنْ عندَه حُجَّةٌ غيرُ هذا، فغَضِب أبو عبدِ اللَّهِ، وقال: سُبحانَ اللَّهِ! يُقبَلُ مِثلُ هذا عليه؟! يَسقُطُ رجُلٌ مِثلُ هذا! قُلتُ: يُكتَبُ عنه؟ قال: أرجو) .
تَثَبُّتُ أبي القاسِمِ القَزوينيِّ الرَّافِعيِّ فيما ينقُلُه في كتُبِه:
جاء في ترجمتِه أنَّه كان إمامًا في الفِقهِ والتَّفسيرِ والحديثِ والأصولِ وغيرِها، وأنَّه كان طاهِرَ اللِّسانِ في تصنيفِه، كثيرَ الأدَبِ، شديدَ التَّثَبُّتِ والاحترازِ في المنقولاتِ، فلا يُطلِقُ نقلًا عن أحدٍ غالِبًا إلَّا إذا رآه في كلامِه، فإن لم يقِفْ عليه فيه عَبَّر بقولِه: وعن فلانٍ كذا، وكان شديدَ الاحترازِ أيضًا في مراتِبِ التَّرجيحِ .
تَثَبُّتُ ابنِ تَيميَّةَ من مقولةٍ منسوبةٍ للجُنَيدِ:
فقد أورد ابنُ تَيميَّةَ ما نُقِل عن الجُنَيدِ مِن قَولِه: انتهى عَقلُ العُقَلاءِ إلى الحَيرةِ، ثمَّ قال: (فهذا ما أعرِفُه من كلامِ الجُنَيدِ، وفيه نظَرٌ: هل قاله؟ ولعلَّ الأشبَهَ أنَّه ليس من كلامِه المعهودِ؛ فإن كان قد قال هذا فأراد عدَمَ العِلمِ بما لم يَصِلْ إليه، لم يُرِدْ بذلك أنَّ الأنبياءَ والأولياءَ لم يحصُلْ لهم يقينٌ ومعرفةٌ وهدًى وعِلمٌ؛ فإنَّ الجُنَيدَ أجَلُّ مِن أن يريدَ هذا، وهذا الكلامُ مردودٌ على مَن قاله) .


( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 09:18 AM   #152


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التثبت

نماذج من التثبت
هـ- نماذِجُ من التَّثَبُّتِ عِندَ العُلَماءِ المُعاصِرين

ابنُ عُثَيمين وتَثَبُّتُه:
قال عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَليٍّ النهابيُّ: (في مجالِ اهتماماتِه بمُجتَمَعِه كانت له المرجعيَّةُ في التَّوثيقِ بعدَ النَّظَرِ والتَّحقيقِ والتَّدقيقِ، فإذا ما عُرِض خطابٌ لسُؤالِ محتاجٍ، أو طُلِب سؤالُ شفاعةٍ حَسَنةٍ؛ طَلَب التَّزكيةَ لصاحِبِه من اثنينِ أو أكثَرَ ليتحَقَّقَ من ذلك، ومن ذلك كَتَب لصاحبِ حاجةٍ، وكنتُ أحدَ الشَّارِحينَ المزَكِّين صاحِبَه، الموَقِّعين عليه، فلمَّا عُرِض على الشَّيخِ اشتبه في توقيعي وأراد أن يتأكَّدَ ويتحَقَّقَ، فأرسل صاحِبَه إليَّ، وقال: يريدُك الشَّيخُ، فلمَّا قَدِمتُ إلى الشَّيخِ قال: اشتَبَهْتُ في التَّوقيعِ، وأريدُ أن أتحَقَّقَ) .
الألبانيُّ وجُهودُه في التَّثَبُّتِ من حديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
قال إبراهيمُ بنُ محمَّدٍ الشِّبليُّ في ذِكرِه عدَدًا من خصالِه الحَسَنةِ: (تقريبُ السُّنَّةِ بَيْنَ يَدَيِ الأمَّةِ في صحيحٍ ليُعمَلَ به، وضعيفٍ وموضوعٍ ليُجتَنَبَ، وإحياؤه الحِرصَ على التَّثَبُّتِ في ذلك، مع العَمَلِ على إحياءِ بعضِ السُّنَنِ المهجورةِ في كثيرٍ من البلادِ، ودعوتِه إلى بيانِ مكانةِ السُّنَّةِ في الإسلامِ، وعمومِ الاحتِجاجِ بالحديثِ النَّبَويِّ في العقائِدِ والأحكامِ) .

حُكمُ التَّثَبُّتِ
يجبُ على الإنسانِ أن يتَثَبَّتَ فيما يقولُ، خاصَّةً إذا كان الكلامُ يتعَلَّقُ بدينِ اللهِ وشريعتِه، ويتَثَبَّتَ فيمن يَنقُلُ إليه الخَبَرَ: هل هو ثقةٌ، أو غيرُ ثقةٍ؟ ولا سيَّما إذا كَثُرت الأهواءُ وصار النَّاسُ يتخَبَّطون ويُكثِرون من القِيلِ والقالِ بلا تَثَبُّتٍ ولا بيِّنةٍ؛ فإنَّه يكونُ التَّثَبُّتُ أشَدَّ وجوبًا، وإذا صار المرءُ يُحَدِّثُ بكُلِّ ما سَمِع من غيرِ تَثَبُّتٍ وتأنٍّ، فإنَّه يكونُ عُرضةً للكَذِبِ .

أخطاءٌ شائعةٌ حولَ التَّثَبُّتِ
1- الاعتقادُ بأنَّ التَّثَبُّتَ يعني المبالغةَ في السُّؤالِ والتَّضييقَ على النَّفسِ، وقد ينقَلِبُ تعنُّتًا ولَجاجًا ومُكابرةً؛ فالقرآنُ يكرَهُ للإنسانِ ذلك؛ ولذلك قَصَّ علينا ما كان من أمرِ اليهودِ حينَ أمَرَهم اللهُ في مناسبةٍ من المناسَباتِ أن يذبَحوا بَقَرةً.
قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ [البقرة: 67 - 71] .
(ولو أنَّهم تناولوا أيَّ بَقَرةٍ وذبحوها لكفَتْهم، ولكِنَّهم تعَنَّتوا، فأخذوا يسألون عن صِفتِها وعن لونِها وعن عُمُرِها، وكُلَّما تعَنَّتوا شَدَّدوا على أنفُسِهم، وضَيَّقوا أمامَهم المجالَ، وكأنَّ القرآنَ يريدُ أن نعتَبِرَ بهذا الدَّرسِ) .
2- الاعتقادُ برَدِّ خَبَرِ الفاسِقِ وتكذيبِه مُطلَقًا، وهذا خَطَأٌ:
قال ابنُ القَيِّمِ: (وهاهنا فائدةٌ لطيفةٌ، وهي أنَّه سُبحانَه لم يأمُرْ برَدِّ خَبَرِ الفاسقِ وتكذيبِه وشهادتِه جُملةً، وإنَّما أمَر بالتَّبَيُّنِ؛ فإن قامت قرائِنُ وأدِلَّةٌ من خارجٍ تدُلُّ على صِدقِه عُمِل بدليلِ الصِّدقِ، ولو أخبَرَ به من أخبَرَ، فهكذا ينبغي الاعتمادُ في روايةِ الفاسِقِ وشهادتِه. وكثيرٌ من الفاسِقين يَصدُقون في أخبارِهم ورواياتِهم وشهاداتِهم، بل كثيرٌ منهم يتحرَّى الصِّدقَ غايةَ التَّحرِّي، وفِسقُه من جهاتٍ أُخَرَ؛ فمِثلُ هذا لا يُرَدُّ خَبَرُه ولا شهادتُه، ولو رُدَّت شهادةُ مثلِ هذا وروايتُه لتعطَّلَت أكثرُ الحُقوقِ، وبطَل كثيرٌ من الأخبارِ الصَّحيحةِ، ولا سيَّما مَن فِسقُه من جِهةِ الكَذِبِ، فإنْ كَثُر منه وتكَرَّر، بحيث يغلِبُ كَذِبُه على صِدقِه، فهذا لا يُقبَلُ خبَرُه ولا شهادتُه، وإن ندَرَ منه مرَّةً أو مرَّتينِ ففي رَدِّ شهادتِه وخبرِه بذلك قولانِ للعُلَماءِ، وهما روايتانِ عن الإمامِ أحمدَ رحمه اللَّهُ) .
3- الاعتقادُ بأنَّ التَّثَبُّتَ ينتهي بالوقوفِ على الحقيقةِ والتَّأكُّدِ منها فقط، وهذا خطَأٌ؛ فإنَّ تمامَ التَّثَبُّتِ يكونُ بمعرفةِ مُلابساتِ ما حَصَل، وفَهْمِ دوافِعِه، وسؤالِ صاحِبِه، والجَزمِ بمَقصَدِه.
قال ابنُ القَيِّمِ: (والكَلِمةُ الواحِدةُ يقولُها اثنانِ، يريدُ بها أحدُهما أعظَمَ الباطِلِ، ويريدُ بها الآخَرُ محضَ الحَقِّ، والاعتبارُ بطريقةِ القائِلِ وسيرتِه ومَذهَبِه، وما يدعو إليه ويناظِرُ عليه) .

مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ
أَولى النَّاسِ وأحوَجُهم للتَّثَبُّتِ:
قال السَّعديُّ: (وأحوَجُ النَّاسِ إلى هذا الأمرِ الوُلاةُ على اختلافِ مراتِبِهم وطبَقاتِهم، وأهلُ العِلمِ على تفاوُتِ دَرَجاتِهم، وذلك يحتاجُ إلى اجتهادٍ وتمرينٍ للنَّفسِ، وتوطينٍ لها على ملازمةِ التَّثَبُّتِ، مع الاستعانةِ باللهِ، واللهُ الموفِّقُ المعينُ) .
الآثارُ السَّيِّئةُ لتداوُلِ الشَّائعاتِ دونَ تَثَبُّتٍ على المجتَمَعِ:
لا يخفى أنَّه ينبغي التَّنبُّهُ للآثارِ السَّيِّئةِ لعَدَمِ التَّثَبُّتِ على مستوى الأمنِ الخاصِّ والعامِّ، وأنَّه يجبُ تفويتُ الفُرَصِ على مُرَوِّجي الإشاعاتِ في محاولاتِهم اختراقَ أمنِ المجتَمَعاتِ الإسلاميَّةِ، والعَبثَ في مُقَوِّماتِها، ومحاولةِ البعضِ الفَتكَ بنفسيَّةِ الأفرادِ والمجتَمَعاتِ، وجَعْلَهم فريسةً سَهلةً للآراءِ والأفكارِ والدَّعاوى السَّيِّئةِ؛ لكي يقوموا بتنفيذِ أغراضِهم وأهدافِهم، وينفُثوا سُمومَهم الخبيثةَ في المجتمَعاتِ الآمنةِ، والسَّعيَ لترويجِ مناهِجِهم المنحَرِفةِ وأفكارِهم الفاسِدةِ .


( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 09:19 AM   #153


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التثبت

التثبت في واحة الأدب
أ- من الشِّعْرِ

1- قال محمَّدُ بنُ هانئٍ:
وكُلُّ أناةٍ في المواطِنِ سُؤدُدٌ
ولا كأناةٍ من قديرٍ مُحكَّمِ
وما الرَّأيُ إلَّا بعدَ طُولِ تَثَبُّتٍ
ولا الحَزمُ إلَّا بعدَ طُولِ تَلَوُّمِ .
2- وقال الشَّاعِرُ:
بصيرٌ بأعقابِ الأمورِ كأنَّما
يخاطِبُه مِن كُلِّ أمرٍ عواقِبُه
3- قال كُثَيِّرٌ:
وإن جاءكِ الواشون عنِّي بكَذبةٍ
فَرَوْها ولم يأتوا لها بحَويلِ
فلا تَعْجَلي يا عَزُّ أن تتَبَيَّني
بنُصحٍ أتى الواشون أم بحُبولِ
4- وقال ابنُ الرُّوميِّ:
إنَّ التَّثَبُّتَ والأناةَ على امرئٍ
عَدلُ القضاءِ من السَّدادِ مَكينُ .
5- وقال الشَّاعِرُ:
يا آلَ تَغلِبَ لا يغلِبْ تصَبُّرَكم
صَرفُ الزَّمانِ ولا تذهَبْ عظائِمُه
ليس النَّفائِسُ ممَّا تأسَفون بها
ولا التَّثَبُّتُ منقوضٌ عزائمُه
6- وقال ابنُ الرُّوميِّ:
نارُ الرَّويَّةِ نارٌ جِدُّ مُنضِجةٍ
وفي البديهةِ نارٌ ذاتُ تلويحِ
وقد يُفَضِّلُها قومٌ لعاجِلِها
لكِنَّه عاجِلٌ يمضي مع الرِّيحِ

ب- مِن الأمثالِ والحِكَمِ

1- "تَثَبَّتوا ولا تُسارِعوا؛ فإنَّ أحزَمَ الفريقينِ الرَّكينُ"
2- "التَّثَبُّتُ نِصفُ العَفوِ"
قال أبو الفَضلِ النَّيسابوريُّ: (دعا قُتَيبةُ بنُ مُسلِمٍ برَجُلٍ ليعاقِبَه، فقال: أيُّها الأميرُ، التَّثَبُّتُ نصفُ العَفوِ، فعفا عنه، وذهَبَت كَلِمتُه مَثَلًا) .
3- "جاء بوَرِكَي خَبَرٍ"
قال أبو الفَضلِ النَّيسابوريُّ: (يعني: جاء بالخَبَرِ بعدَ أن استَثبَتَ فيه، كأنَّه جاء فيه أخيرًا؛ لأنَّ الوَرِكَ متأخِّرةٌ عن الأعضاءِ التي فوقَها، والمعنى: أتى بخَبَرٍ حَقٍّ) .
4- أخطَأَ مُستعجِلٌ أو كاد، وأصاب متَثَبِّتٌ أو كاد .
5- سُئِل بعضُ الحُكَماءِ: أيُّ الأمورِ أشَدُّ تأييدًا للعَقلِ، وأيُّها أشدُّ إضرارًا به؟ فقال: أشَدُّها تأييدًا له ثلاثةُ أشياءَ: مشاورةُ العُلَماءِ، وتجرِبةُ الأمورِ، وحُسنُ التَّثَبُّتِ. وأشَدُّها إضرارًا به ثلاثةُ أشياءَ: الاستبدادُ، والتَّهاوُنُ، والعَجَلةُ .
6- وقيل: (مع العَجَلةِ تكونُ النَّدامةُ، وفي التَّثَبُّتِ تكونُ السَّلامةُ) .


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 09:22 AM   #154


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( التضحية )

وسوف أتناول من خلاله المحاور التالية إن شاء الله :

1- معنى التَّضْحية لغةً واصطلاحًا
2- التَّرغيب في التَّضْحية
3- فوائد التَّضْحية
4- أقسام التَّضْحية
5- صور التَّضْحية
6- موانع اكتساب صفة التَّضحية
7- الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّضحية
8- نماذج للتَّضْحية
9- حِكَمٌ وأقوالٌ في التضحية
10- التَّضْحية في واحة الشِّعر


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 11:01 AM   #155


الصورة الرمزية سارا الحربي
سارا الحربي متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1132
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (11:11 AM)
 المشاركات : 697 [ + ]
 التقييم :  1249
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



متابعين جملك الله خَلقا وخُلقا .. كل الشكر وجزاك الله خيرا


 

رد مع اقتباس
قديم اليوم, 04:37 PM   #156


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



التضحية

لا جهاد بلا تضحية، فمن ظن أنه يستطيع أن يجاهد في سبيل الله وينتصر دون تضحية فقد خاب ظنه، والتضحية ألوان متعددة: بالمال، والوقت، والجهد، والأهل، والعشيرة، بل والنفس في سبيل نشر الدعوة، وإقامة الدين وحفظه، وهكذا أقيم المجتمع المسلم الأول على أكتاف رجال ضحوا بكل شيء.
إن أهل الباطل يتفانون في الدفاع عن باطلهم، ويغتنمون الفرص المناسبة للهجوم علي المعتقدات التي يرون أنها تهدد وجود باطلهم الذي يتوقف وجودهم عليه، قال تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨)} فأين أهل الحق من التضحية من أجل دينهم؟!

ومن أنواع التضحية :
١ - تضحية بالعلاقات الاجتماعية
قال ابن إسحاق: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لما قدمنا المدينة نزلت مع عياش بن أبي ربيعة في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي بيعة، وكان ابن عمهما وأخاها لأمهما، حتى قدما علينا المدينة ورسول الله بمكة، فكلماه وقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرقَّ لها.
وهكذا ندرك كيف يبذل دعاة الضلال من وقتهم وجهدهم وأموالهم في سبيل نصرة باطلهم، ومحاولة إخماد دعوة الحق، حيث خرج أبو جهل وأخوه من مكة إلى المدينة وتحملا عناء السفر من أجل محاولة فتنة فرد واحد عن دينه، أفلا يتحمل المسلمون مثل هذا الجهد أو أفضل منه من أجل دعوة الناس إلى الرشد واتباع الحق؟!
لقد حاول أبو جهل أن يدخل على عياش من الجانب المؤثر عليه، حيث ذكر وضع أمه ليكسب موافقته على العودة، وهو يعلم أن عياش من أهل البر والصلة.
قال عمر: يا عياش، إنه والله إن يريد القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم فوالله لو آذي أمك القمل لامتشطت، ولو اشتد عليها حر مكة لاستظلت.
فقال عياش: أبر قسم أمي، ولي هناك مال فآخذه، وهنا وقع عياش في شباك عاطفة القرابة، فقال عمر: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالاً فلك نصف مالي ولا تذهب معهما، قال: فأبي عليَّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبي إلا ذلك قال: قلت له: أما إذ قد فعلت فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانجُ عليها.
وهذه تضحية كبيرة من عمر حيث تنازل لعياش عن نصف ماله وعن ناقته، والمال من أعز المحبوبات لدي الإنسان.
قال عمر: فخرج عليها -يعني علي ناقة عمر- معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يا ابن أخي، والله لقد استغلظ عليَّ بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلي، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطًا، ثم دخلا به مكة، وفتناه فافتتن. قالا: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.
وفي ذلك عبرة للمسلمين حتى لا يأمنوا الكفار، وإن أظهروا لهم المودة وقدموا لهم المعونة، إن ذلك نوع من الطعم الذي يصطادون به المسلمين، قال تعالى: {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: ٨].
روي ابن أبي شيبة عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: ما رأيت قريشا أرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا يومًا، ائتمروا به وهم جلوس في ظل الكعبة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند المقام فقام إليه عقبة بن أبي معيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطًا، وتصايح الناس حتى ظنوا أنه مقتول، فأقبل أبو بكر يشتد، حتى أخذ بضبعي رسول الله من ورائه وهو يقول: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر: ٢٨].
ثم انصرفوا عن النبي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلي، فلما قضي صلاته مر بهم -وهم جلوس في ظل الكعبة- فقال: يا معشر قريش: "أما والذي نفس محمد بيده: ما أرسلت إليكم إلا بالذبح، وأشار بيده إلى حلقه" فقال له أبو جهل: ما كنت جهولاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت منهم".
وتحمل الرسول الكثير من الإيذاء من أجل دعوة الناس إلى الخير، فلا تجزع من أول بلاء وتذكر تضحية الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة وجمع من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم (هو عقبة بن أبي معيط)، فلما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة رضي الله عنها -وهي جويرية- فأقبلت تسعى، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ألقته عنه، وأقبلت تسبهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: "اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش" ثم سمى: "اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشية بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد" قال ابن مسعود: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب -قليب بدر- ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"وأتبع أصحاب القليب لعنة".


( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 04:39 PM   #157


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التضحية

٢ - التضحية بالوقت والجهد
هاجر مصعب بن عمير من مكة إلى المدينة بأمر من الرسول، فترك الوطن والأهل والمال وبذل كل وقته سعيًا بين الأوس والخزرج داعيًا إلي الله على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، فمهد لهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان خير سفير، وعاد باثنين وسبعين رجلاً وامرأتين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن آمنوا، وكذلك جعفر بن أبي طالب وإخوانه الذين هاجروا معه إلى الحبشة، والأمثلة كثيرة من أصحاب الهمم العالية.

٣ - التضحية بالمال
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: ١٥].
يأتي أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ماله في غزوة تبوك؛ أربعة آلاف درهم، ويسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أبقيت لأهلك شيئًا؟ فيقول: أبقيت لهم الله ورسوله.

٤ - التضحية بالنفس
عن أم حارثة بن سراقة -رضي الله عنها- أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة -وكان قُتل يوم بدر أصابه سهم غَرب (لا يعرف راميه) - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، قال: "يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" [رواه البخاري].
إن القلب ليطير فرحًا مع هذا الصحابي الذي نال الفردوس الأعلى، ألا تشتاق أن تكون معه في جنة عرضها السماوات والأرض تحت عرش الرحمن، فسارع من الآن قبل فوات الأوان.
استمع الصحابي ضمرة بن جندب - رضي الله عنه - إلي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨)} [النساء: ٩٧ - ٩٨].
فحين استمع إلى هذه الآيات وكان بمكة لم يهاجر بعد، وكان مسنًا لا يقوي على احتمال السفر، قال لبنيه: احملوني فإني لست من المستضعفين وإني لأهتدى إلى الطريق، والله لا أبيت الليلة بمكة، فحملوه على سرير متوجهًا إلى المدينة، فمات بالتنعيم، ولما أدركه الموت أخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال:
"اللهم هذه لك، وهذه لرسولك، أبايعك علي ما بايعك عليه رسولك"، فمات حميدًا، فلما بلغ خبره أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: لو توفي بالمدينة لكان أتم أجرًا، وقال المشركون وهم يضحكون: ما أدرك هذا ما طلب، فنزلت الآية: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٠].
أنها التضحية الصادقة مع الله، فرزقه الله الشهادة، فهل أنت صادق في حبك للإسلام، وعلي استعداد للتضحية من أجل نصرته؟
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر علينا أبا عبيدة ابن الجراح - رضي الله عنه - نتلقى بعيرًا لقريش، وزودنا جرابًا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة؛ نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط (ما يسقط من ورق الشجر) ثم نبله بالماء فنأكله. [رواه أبو داود].
عن ابن عمر قال: بلغ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يزيد بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- يأكل ألوان الطعام، فقال لمولى له يقال له يرفأ: إذا علمت أنه قد حضر طعامه فأعلمني، فلما حضر غداؤه جاء فأعلمه، فأتى عمر فسلم واستأذن فأذن له، فدخل فجاء بلحم فأكل عمر معه منه، ثم قرب شواء فبسط يده وكف عمر يديه ثم قال عمر: الله يا يزيد بن أبي سفيان: أطعام بعد طعام، والذي نفس عمر بيده لئن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم.
عليك بالتضحية بوجبة من وجباتك لإخوانك الفقراء، وليكن طعامك في هذا اليوم خشنًا، للتعود على جهاد النفس، فهو الطريق للتضحية بالنفس في سبيل الله دون تخاذل.
عن أبي عمران قال: كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفًا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين، على صف الروم حتى دخل بينهم فصاح الناس وقالوا: سبحان الله يلقي بيده إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: أيها الناس أنتم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرًّا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله تعالى أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تعالى على نبيه ما يرد علينا ما قلناه: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] وكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحنا وتركنا الغزو، فما زال أبو أيوب شاخصًا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم.
إن البشر إلى فناء، وإن العقيدة إلى بقاء، ومنهج الله للحياة مستقل في ذاته، فإذا كان العمر مكتوبًا، والأجل مرسومًا، فلتنظر نفس ما قدمت لغد؟ ولتنظر نفس ماذا تريد؟ أتريد أن تقعد عن تكاليف الإيمان، وأن تحصل همها كله في هذه الأرض، وأن تعيش لهذه الدنيا وحدها؟ أم تريد أن تتطلع إلى أفق أعلى، وإلى اهتمامات أرفع، فالخوف والهلع والحرص لا تطيل أجلاً، والشجاعة والثبات والإقدام لا تقصر عمرًا، فلا نامت أعين الجبناء.
كان عمرو بن الجموح - رضي الله عنه - أعرج شديد العرج، وكان له أربعة بنين شباب، يغزون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا، فلما توجهوا إلى أحد أراد أن يتوجه معهم، فقال له بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، وقد وضع الله عنك الجهاد، فأتى عمرو بن الجموح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن بني هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، والله إني لأرجو أن أستشهد، فأطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد، وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه؟ لعل الله أن يرزقه الشهادة" فخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتل يوم أحد شهيدًا.
كم كان مشتاقًا إلى دخول الجنة بالعمل لا بالقول فحسب، فالتضحية بالنفس تكون بالدعاء ليل نهار أن يرزقك الله الشهادة، وتتصف بصفات المجاهدين، وتضحي بنفسك كما فعل سحرة فرعون
قال تعالى على لسان السحرة: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣)} [طه: ٧٢ - ٧٣].
فلتعذب الأجساد ولتزهق الأرواح، وتقطع الأيدي والأرجل من خلاف، ولتصلبنا في جذوع النخل، فافعل ما تشاء. وهكذا أصحاب العقيدة يضحون بكل ما يملكون؛ لا يذلون ولا يهنون، ولا يضعفون مهما لاقوا من وسائل التعذيب، بل يظلون أوفياء للفداء، شرفاء عند الابتلاء، أقوياء يتحدون جبروت الأعداء، ومهما تكرر الوعيد أمامهم فإنهم يعتصمون بحبل الله القوي المتين قائلين: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف: ١٢٦].

( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 04:40 PM   #158


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التضحية

في موقعة القادسية برز رجل من المجوس أمام صفوف بكر بن وائل فنادى: من يبارز؟ فخرج له علباء بن جحش العجلي فضربه علباء في صدره، وشق رئتيه، وضربه الآخر فأصاب علباء في بطنه وانتثرت أمعاؤه، وسقطا معًا على الأرض، أما المجوسي فمات من ساعته، وأما علباء فلم يستطع القيام، وحاول أن يعيد أمعاءه إلى مكانها فلم يتأت له، ومر به رجل من المسلمين فقال له علباء: يا هذا أعني على بطني، فأدخل له أمعاءه، ثم زحف نحو صف العجم دون أن يتلفت إلى المسلمين وراءه، فأدركه الموت على ثلاثين ذراعًا من مصرعه وهو يقول:
أرجو بها من ربنا ثوابا ... قد كنت ممن أحسن الضرابا
من منا يستطيع أن يثبت في هذا الموقف، ويضحي بنفسه في سبيل الله؟!
إن خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة وأدرك ذلك، بكى وقال: ما من عمل أرجي عندي بعد "لا إله إلا الله" من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين، بتها وأنا متترس، والسماء تنهل عليَّ، وأنا أنتظر الصبح حتى أغير على الكفار، فعليكم بالجهاد، لقد شهدت كذا وكذا زحفًا، وها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء، لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي.

قال مسعود بن حارثة قائد مشاة المسلمين لجنده: إن رأيتمونا أصبنا فلا تدعوا ما أنتم فيه، فإن الجيش ينكشف ثم ينصرف، الزموا مصافكم وأغنوا غناء من يليكم، وأصيب مسعود وقواد من المسلمين، ورأي مسعود تضعضع من معه لإصابته، وهو ضعيف قد ثقل من الجراح فقال: يا معسكر بكر بن وائل ارفعوا راياتكم رفعكم الله، لا يهولنكم مصرع أخي فإن مصارع خياركم هكذا، وقاتل أنس بن هلال النميري حتى أصيب، فحمله المثني وحمل أخاه مسعودًا وضمهما إليه، والقتال محتدم على طول الجبهة، ولكن القلب بدأ ينبعج في غير صالح الفرس، وأوجع قلب المسلمين في قلب المجوس.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: مر رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بشعب -فيه عيينة- تصغير عين من ماء عذبة فأعجبته لطيبها، فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله، فذكر ذلك لرسول الله فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، ويدخلكم الجنة؟ اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة -هو ما بين الحلبتين من الوقت- وجبت له الجنة" [الترمذي].
احذر النكوص عن الجهاد في سبيل الله بحجة العبادة، فالتضحية بالنفس عبادة ثوابها الجنة.

سوف أتناول من خلال هذا الموضوع المحاور التالية إن شاء الله :

1- معنى التَّضْحية لغةً واصطلاحًا
2- التَّرغيب في التَّضْحية
3- فوائد التَّضْحية
4- أقسام التَّضْحية
5- صور التَّضْحية
6- موانع اكتساب صفة التَّضحية
7- الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّضحية
8- نماذج للتَّضْحية
9- حِكَمٌ وأقوالٌ في التضحية
10- التَّضْحية في واحة الشِّعر


( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 04:43 PM   #159


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التضحية

معنى التَّضْحية لغةً واصطلاحًا
معنى التَّضْحية لغةً:
التضحية مصدر ضحَّى يقال: ضحَّى بنفسه أو بعمله أو بماله: بذله وتبرع به دون مقابل. وهي بهذا المعنى محدثة
معنى التَّضْحية اصطلاحًا:
هو بذل النَّفس أو الوقت أو المال لأجل غاية أسمى، ولأجل هدف أرجى، مع احتساب الأجر والثواب على ذلك عند الله عزَّ وجلَّ، والمرادف لهذا المعنى: الفداء. ومن معانيها: البذل والجهاد.

الترغيب في التضحية
أولًا: التَّرغيب في التَّضْحية في القرآن الكريم
- قال تعالى: وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء [آل عمران:140]
قال القاسمي: (أي: وليكرم ناسًا منكم بالشَّهادة، ليكونوا مثالًا لغيرهم في تَضْحية النَّفس شهادةً للحقِّ، واستماتةً دونه، وإعلاءً لكلمته)
- قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب:21-27]
(لما ذكر تعالى غزوة الأحزاب، وموقف المنافقين المذبذبين منها، بالقعود عن الجهاد، وتثبيط العزائم، أمر المؤمنين في هذه الآيات بالاقتداء بالرَّسول الكريم في صبره وثباته، وتَضْحِيته وجهاده)
- قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: 169]
(فيما ذكر إشارة إلى أنَّ المؤمن الذي يضَحِّي بنفسه في سبيل نصر دينه ودعوة ربِّه، هو من الشُّهداء الأبْـــرَار، الذين يظفرون بجنان الخلد، وهم أحياء، أرواحهم في حواصل طير خُضْر، تسرح في الجنَّة حيث شاءت)

ثانيًا: التَّرغيب في التَّضْحية في السُّنَّة النبوية
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((انتدب الله لمن خرج في سبيله -لا يخرجه إلا إيمان بي، وتصديق برسلي- أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنَّة، ولولا أن أشقَّ على أمَّتي، ما قعدت خلف سريَّة، ولوددت أنِّي أُقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أُقتل ثم أحيا، ثم أُقتل ))
فبذل النَّفس والشَّهادة في سبيل الله هي ذروة التَّضْحية.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: ((من خير معاش النَّاس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً، أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانَّه، أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين، ليس من النَّاس إلا في خير ))
- وعنه أيضًا رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلَّا عزًّا. وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله ))
فلا خوف من التَّضْحية بالمال عند النَّفقة.

فوائد التَّضْحية
1- في التَّضْحية نصرة للدِّين.
2- في التَّضْحية تحقيق التَّكافل بين طبقات المجتمع.
3- في التضحية تقوية الأمَّة، وتحقيق تماسكها، فيهابها أعداؤها، وتصبح قويَّة البنيان عزيزة الجانب.
4- في التَّضْحية تحقيق التَّراحم بين نسيج المجتمع الإسلامي كلِّه.
5- في التَّضْحية تحقيق العزَّة.
6- في التَّضْحية تحقيق السَّعادة.

أقسام التَّضْحية
تنقسم التَّضْحية إلى قسمين:
1- التَّضْحية المحمودة (المشروعة):
ومنها:
- التَّضْحية بالنَّفس:
قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ [البقرة: 216]
(أخبر أنَّه مكروه للنُّفوس؛ لما فيه من التَّعب والمشقَّة، وحصول أنواع المخاوف، والتعرُّض للمتالف، ومع هذا، فهو خيرٌ محضٌ؛ لما فيه من الثَّواب العظيم، والتَّحرُّز من العقاب الأليم، والنَّصر على الأعداء والظَّفر بالغنائم، وغير ذلك، ممَّا هو مُرَبٍّ، على ما فيه من الكراهة)

- التَّضْحية بالمال:
قال تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:10-11]
كذلك تدلُّ وقائع التَّربية النَّبويَّة على أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم كان يشترطها، ويجعلها شارة الإيمان وصدقه. والإنسان عنده ميل فطري إلى أن يضَحِّي بنفسه وماله في سبيل المثل الأعلى، بل إنَّ هذه التَّضْحية هي أمر راسخ في فطرة الإنسان، وجزء من وجوده، وما تعظيم الشَّجَاعَة عند البَشَر إلا تقديرًا لقيمة التَّضْحية في سبيل المثل الأعلى، ولذلك جُعل الجهاد أفضل الأعمال

2- التَّضْحية المذمومة (غير المشروعة):
التضحية المذمومة هي التَّضْحية في نصرة باطل، أو من أجل جاهلية، وكل تضحية لم تكن في سبيل الله أو ابتغاء مرضاته، أو تحقيقًا لمقصد شريف نبيل فهي مذمومة.
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما القتال في سبيل الله؟ فإنَّ أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حَمِيَّةً، فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلَّا أنَّه كان قائمًا، فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله عزَّ وجلَّ ))

( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 04:46 PM   #160


الصورة الرمزية البراء
البراء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (05:28 PM)
 المشاركات : 27,203 [ + ]
 التقييم :  31443
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )



تابع – التضحية

صور التَّضْحية
1- التَّضْحية بالنَّفس وهي من أعلى مراتب التَّضْحية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال: ((من خير معاش النَّاس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هَيْعَةً، أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانَّه، أو رجل في غنيمة في رأس شَعَفَةٍ من هذه الشَّعَف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويعبد ربَّه حتَّى يأتيه اليقين، ليس من النَّاس إلا في خير ))

2- التَّضْحية بالمال:
كما في حديث عن ابن عباس، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الرِّيح المرسلة ))
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطَّاب، يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق، فوافق ذلك عندي مالًا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا ))
3- التَّضْحية بالوقت لبذل العلم.
4- التَّضْحية بنفع البدن.

موانع اكتساب صفة التَّضحية
1- عدم الإخلاص لله في العمل.
2- حبُّ النَّفس والأثرة.
3- الانغماس في اللَّهو والتَّرف والدعة.
4- إساءة الظنِّ وعدم الثِّقة.
5- ضعف الإيمان، والتَّفكير في الرِّزق الذي يقعده عن الإنفاق والتَّضْحية بالمال، والخوف من الموت الذي يقعده عن الجهاد والتَّضْحية بالنَّفس.
6- التَّعلق بالدُّنيا وزينتها، والتثاقل إلى الأرض.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التوبة: 38-39]
7- البخل، وعدم الإنفاق في سبيل الله:
قال تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: 38]
وقال تعالى: أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف: 10-11]

الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّضحية
1- عدم الانكباب على الدُّنيا.
2- التَّخلُّص من الرُّوح الانهزاميَّة.
قال تعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 139]
3- حبُّ الآخرين.
4- التَّحلِّي بالشَّجَاعَة والإقدام.
5- التَّحلِّي بعلو الهمَّة.
6- التَّحلِّي بالكرم وعدم البخل.
7- مصاحبة أهل الخير والرِّفعة، الذين ينفقون أموالهم ودماءهم في سبيل نصرة دين الله.
8- اليقين الجازم بما أعدَّه الله لعباده المجاهدين في سبيله، قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39]
وقال أيضًا: وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [آل عمران: 157]
9- قصر الأمل في الدُّنيا.
10- القراءة في أخبار السَّلف الصالح، والنَّظر في تضحياتهم بالنَّفس والمال، لنستلهم العبرة من أخبارهم ونقتدي بهم.

التَّضْحية في قصَّة الغلام المؤمن مع الملك في الأمم السَّابقة
حيث ضَحَّى الغلام بنفسه من أجل أن يؤمن النَّاس.. فعن صهيب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... فقال للملك: إنَّك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟ قال: تجمع النَّاس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهمًا من كنانتي، ثم ضع السَّهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله، ربِّ الغلام. ثمَّ ارمني. فإنَّك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع النَّاس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثمَّ أخذ سهمًا من كنانته، ثم وضع السَّهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله، ربِّ الغلام. ثمَّ رماه، فوقع السَّهم في صُدْغه، فوضع يده في صُدْغه في موضع السَّهم، فمات. فقال النَّاس: آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام. فأتي الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد -والله- نزل بك حذرك، قد آمن النَّاس. فأمر بالأُخْدُود في أفواه السِّكك، فخُدَّت، وأضرم النِّيران. وقال: من لم يرجع عن دينه فأَحْمُوه فيها. أو قيل له: اقتحم. ففعلوا، حتَّى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمَّه اصبري فإنَّك على الحقِّ ))


( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 0 والزوار 14)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد ) البراء الكلِم الطيب (درر إسلامية) 352 11-17-2024 10:26 PM
الأخلاق أرزاق فاطمة الكلِم الطيب (درر إسلامية) 14 07-16-2024 05:02 PM
الأخلاق وهائب….!!!! النقاء الكلِم الطيب (درر إسلامية) 12 02-25-2024 02:59 PM
ربيع الأخلاق بُشْرَى الصحة والجمال،وغراس الحياة 4 05-15-2023 12:50 PM
الأخلاق وهائب المهرة الكلِم الطيب (درر إسلامية) 5 03-16-2021 10:07 PM

Bookmark and Share


الساعة الآن 05:35 PM

أقسام المنتدى

المدائن الدينية والاجتماعية | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | أرواح أنارت مدائن البوح | الصحة والجمال،وغراس الحياة | المدائن الأدبية | سحرُ المدائن | قبس من نور | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | بوح الأرواح | المدائن العامة | مقهى المدائن | ظِلال وارفة | المدائن المضيئة | شغب ريشة وفكر منتج | المدائن الإدارية | حُلة العيد | أبواب المدائن ( نقطة تواصل ) | محطة للنسيان | ملتقى الإدارة | معا نحلق في فضاء الحرف | مدائن الكمبيوتر والجوال وتطوير المنتديات | آفاق الدهشة ومواسم الفرح | قناديـلُ الحكايــــا | قـطـاف الـسـنابل | المدائن الرمضانية | المنافسات الرمضانية | نفحات رمضانية | "بقعة ضوء" | رسائل أدبية وثنائيات من نور | إليكم نسابق الوفاء.. | الديوان الشعبي | أحاسيس ممزوجة | ميدان عكاظ |



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 المنتدى حاصل على تصريح مدى الحياه
 دعم وتطوير الكثيري نت
مجتمع ريلاكس
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas