أحيانا ينعزل المبدع والمثقف ويتقوقع حول ذاته، إذا كان يشعر بغربة فكرية في محيط عاجز أو متهاون في فهمه، أو غير متجاوب مع إبداعه وعصارة مجهوده.
وذلك ما عناه الشاعر أبو العلاء المعري، الذي رأى ببصيرته ما لم يدركه ببصره:
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا *
تجاهلت حتى قيل إني جاهل
لكن على الطرف المقابل تشرئب أعناق أدعياء المعرفة والأدب متلهفة للمديح والإطراء، مسارعة إلى رمي كل نقد بناء أو مخالفة لأطروحاتهم بقلة الفهم والتحامل والتآمر.
والبارانويا *أو الذهان مرض نفسي عصبي، يدفع صاحبه إلى الشعور بالاضطهاد، وتذهب به الظنون إلى الارتياب في الآخرين متوهما أنهم يحيكون المؤامرات ضده.
تعرف القصة القصيرة جدا على أنها فن موجز مكثف سريع التفلت، تغني الإشارة واللمحة فيه عن الشرح والتفاصيل إلا أنه أيضا متشعب التأويلات والقراءات، يتطلب التأني والمثابرة لمن يتوق إلى الغوص في أعماقه، للتمتع بجماليته، وقطف لآلئه، حتى وإن اختلف التأويل عن مراد الكاتب أو حاد عنه قليلا.
إن الخبراء أو الجراحون الحقيقيون لن يعجزوا أبدا عن تشريح جسد بغض النظر عن نتيجة عمل مباضعهم. أما أن يتصفوا بالقصور والعجز فذلك قد يدل على قصد معنى آخر.
والإلغاز *والترميز علامتان بارزتان في الأدب، وفي النص تشيران إلى صعوبة في الفهم والتأويل المستقيم.
فهل يتسم الموضوع بالغموص المعقد كما في بعض أدبيات ما بعد الحداثة؟
والتي نجمت عن الشعور *بأزمة هوية الإنسان الثقافية والاجتماعية والإثنية في العالم الغربي، والرغبة في تحطيم مفاهيم الحداثة والقيم المرتبطة بها. بحيث أصبح طلب الغموض لذاته، *والتجريب المتجدد من أجل التجريب.وانفتاح النص على قراءات لا محدودة.
فلا تهتم ما بعد الحداثة بنشر أو تبيين حقيقة معينة، وإنما تهدف إلى إظهار الفوضى العارمة وجنون العظمة .
والبارانويا…وهي حالات تتجلى في السرد في العمل الأدبي، وأيضا في المستوى اللغوي.
كما أن في الابتسامة نزعة نرجسية وإحساس بالزهو والغرور، ناجمة عن حالة الجدال واللغط ( اختلط الحابل بالنابل) حول الشيء المعروض *أمامهم.
*
والوليدة هي الصبية ويقصد بها أيضا ثمرة المجهود، وحين ينشرها والدها المعنوي على الخبراء المختصين والدارسين، ويفشلون حسب نظره في تفكيكها وشرحها، *يتهمهم بالتآمر ضده، معتقدا حسدهم له لتفوق إبداعه على معارفهم.
والغرور المفرط قد يقود إلى الارتياب المرضي وطمس ميزان العقل، مثلما قالت الروائية الفرنسية أمانتين جورج صاند:
“الغرور هي الرمال المتحركةالتي يغرق فيها المنطق"
أخي القاص الجميل المهندس
أتمنى أن لا أكون قد خدشت هذا النص الجميل
بقراءتي الذاتية والانطباعية المتواضعة،