فــرق تسـد

في أحد شوارع المدينة، كنتُ بصحبة أبي في مشوار ما، صادفنا سائق تاكسي ثرثار تحدث عن ماضيه الذي لا يعنينا، أخبرنا عن قصة مثيرة للاهتمام بعد تعليق جاد "كل مصايبنا من اليهود" أعجبتني افتتاحية الحديث وأخذ يسرد قصته، ولأنه لا يحب الكذب فكان يحلف كثيراً أنه صادق، ولأني أبي طيّب، وابنة الطيب طيبة كنا نُصدقه.
حسناً .. أخبرنا في حرب ١٩٦٧ كنا نجابه اليهود بالسلاح الأبيض والقلاع والزجاجات الحارقة، وعندما تعبت القوات من مطاردتنا، قررت نصب فخ. جنّدت قوات الاحتلال عميل، جمع كل سارقي الدجاج والخراف وأخذ يوجههم لسرقة ونهب كل شيء يتحرك على أربع، وهنا صارت الأعين تتجه على كل فدائي يخرج من بيته في الليل باعتباره سارق دجاج وخراف، وهنا تغير مسار الثورة وتحولت الثورة من الهجوم إلى الدفاع لمعرفة من هو السارق.
أخبرنا الثائر المتقاعد أنه تمكن مع جماعته من ضبط العميل وتقديمه للعدالة الثورية، وهنا أخبرنا حِكمة عميقة لم أستطع إنكار حقيقتها " أي مشكلة في البلد وراها اليهود حتى لو كانت سرقة خرفان".

لكنني هذه الأيام البائسة أزيد على هذه الحقيقة حقيقة أخرى أننا نمارس الكذب والتدليس بدوافع مصلحجية أو وطنية سواء كان ذلك على حساب الوطن أو الأدب أو الفن أو الإعلام، وأن الحرية يا "نبيل" التي نبحث عنها تبدأ بمعرفة من هو سارق الخراف !!

على الهامش:
أن الكون يتسع للجميع
للجميع ويفيض.

سلمت وسلم الفكر
كل الاحترام والتقدير