نبتتة الفل

نبتتة الفل

نبتتة الفل





مما لا شك فيه أن لمنطقة جازان ارتباطا وثيقا بنبتة الفل ( الرديمة ) ، فلهذه النبتة الجميلة نصيب وافر من العشق الجازاني ، فقد ارتبطت بوجدان الجازانيين منذ القدم ، ومنذ أن وعينا على هذه الدنيا وجدنا هذه النبتة تكاد لا يخلو منها فناء دار ، أو ( قَبَل ) بيت ، إذ كثيرا ما يكون لها حضور في المناسبات المتنوعة : كالزواج ، وطقوس الولادة ، والختان ( قديما ) ، وحتى في الحياة الجازانية العامة .
وبالإضافة إلى إضفائها جانبا من الجمال في الحدائق المنزلية ـــــ قديمها وحديثها ـــــ بما تتميز به من الروائح العطرية الرائعة ، فقد وجدنا الجدات ــــ قديما ـــــ يضعنها بين الماء في الآنية الفخارية ثم في ترامس الماء البارد ( الثلاجة الزجاجية ) بعد ذلك .
وللإنسان الجازاني ثقافة واسعة ، وخبرة كاملة في التعامل مع هذه النبتة ، سواء المزارعين من الرجال على مستوى المزارع والبساتين ، أو على مستوى النساء في أحواش المنازل ، فهو يعرف كيف يتعامل معها من حيث طريقة زراعتها والعناية بها ، أو نوعية التربة وطريقة الري والتوريق والتقليم والتسميد ، وغير ذلك .
وبما أن هذا البحث مقتصر على النباتات المنزلية ؛ لذا سيكون التركيز هنا على الخبرات والطرائق والأساليب المتخذة تجاه هذه النبتة منزليا .

التعريف بنبتة الفل :
هي شجيرة معمرة دائمة الخضرة ، يصل ارتفاعها إلى مترين ـــــ تقريبا ــــ واسمها العلمي هو ( jasminum sambac ) ، أزهارها بيضاء ناصعة ـــــ تميل إلى الاصفرار قليلا بالنسبة للفل الجازاني ـــــ ولهذه الأزهار رائحة عطرية جميلة ، تظهر أزهار نبتة الفل في فصل الربيع وتستمر حتى نهاية الخريف بالتناقص ، معدل نمو النبتة بطيء نسبيا ، ويتباطأ أكثر في فصل الشتاء ، تندرج هذه النبتة علميا تحت مسمى
( الياسمين العربي ) .

صفات النبتة والمواصفات الزراعية المتطلبة لها :
تتحمل هذه النبتة ظروف البيئة المحلية من حرارة ورياح وجفاف ، غير أنها لا تقبل الملوحة ، حيث تتأثر بنسبة ملوحة التربة وكثرة الري فتصبح أوراقها مائلة إلى الاصفرار ، تحتاج هذه النبة إلى تربة خفيفة قريبة من الرملية والمخلوطة بجزء بسيط من الطين مع قليل من السماد الطبيعي ؛ حتى لا تحتفظ بالماء لفترات طويلة فيؤثر ذلك على اخضرارها ونموها ، أما الري فيجب أن يكون معتدلا وعلى فترات متقطعة تحفظ رطوبة التربة من حولها ، كما تحتاج هذه البتة إلى العناية الدائمة وتنظيف الحيز حولها من الحشائش والنباتات الغريبة ، بالإضافة إلى التوريق والتقليم والتعفير في فترات محددة .

طريقة تكاثرها وزراعتها :
تتكاثر هذه النبتة بواسطة البذور والعقل والتطعيم والترقيد ، والشائع محليا هنا طريقة الترقيد ( الفسائل ) أو ( البنات ) ، وهذا ما وجدناه يتناقل عن الأجداد والآباء كثقافة محلية متوارثة ومكتسبة أيضا ، وكثيرا ما تقوم النساء بذلك في ( قُبلان ) البيوت ؛ حيث يلف غصن طويل من النبتة حول بعضه حلزونيا ثم يدفن تحت التراب بجوار الأم ، فتنشأ لهذا الجزء جذور خاصة به ، ثم يقطع هذا الجزء ( البنت ) أو ( الفسيلة ) عن الأم ويغرس في مكان آخر كنبتة جديدة مستقلة ، وكلما نمت هذه النبتة تحاط بحواجز من الخشب ؛ كي تتسلق عليها .

الآفات التي تصيب نبتة الفل :
هناك بعض الآفات التي تصيب نبتة الفل منها : البق الدقيقي ، المن ، بقع الورق ، الحشرات القرمزية ، وقد عرف الإنسان الجازاني كيف يتعامل مع جميع هذه الآفات بالطرق الخاصة به .

أنوع الفل الجازاني :
1 ــــ الفل المحلي المسمى بــــ ( القريشي ) : وهو أصل الفل الجازاني ، حيث يتميز بأزهاره البيضاء المائلة قليلا إلى الصفار ، وكبر حجم الزهرة نسبة إلى بقية أنواع الفل الموجودة بالمنطقة كالفل اليمني مثلا ، كذلك يتميز القريشي برائحته النفاذة والتي قد تستمر طول اليوم بنفس النسبة ، فيما تقل الرائحة تدريجيا في بقية أنواع الفل على مدار أوقات اليوم .
2 ـــــ فل عزان : ينمو في المناطق الجبلية وقليلا ما تستخدمه النساء ، إذ يقتصر استخدامه على الرجال ؛ حيث تعمل منه عصائب تشد على الرأس ، وهذا من العادات التراثية لسكان تلك المناطق ، ويتميز هذا النوع من الفل بلونه الأصفر .
3 ـــــ النرجس الجبلي : ويتميز بلونه البرتقالي ، وينمو ــــ أيضا ــــ في المناطق الجبلية ، ويستخدم بنفس طريقة استخدام الفل العزان .
هذا وقد دخلت إلى المنطقة ـــــ حديثا ـــــ أنواع أرى من الفل مثل :
ـــــ الفل المصري وأزهاره أكبر حجما من البلدي .
ـــــ الفل المغربي : وأزهاره أكبر من الفل المصري .
ـــــ الفل العراقي .
ـــــ الفل السوري .
وغيرها .

***
الغيث
من كتابي / الثقافة المحلية في نباتات جازان المنزلية
الصورة عن مجلة فكر

للمزيد من مواضيعي