ننتظر تسجيلك هـنـا


❆ جدائل الغيم ❆
                        .


آخر 10 مشاركات خطرفة ...       عندما يهبط طائر الحرف       دفتر الحضور اليومي للأعضاء       قراءتي لومضة أمجد / روبابيكيا..       روبابيكيا       صمود .. فعالية ومضة قلم       لـــــعبـــــة الحـــــروف       النظر في رسالة عظيم الأجر في المحافظة على صلاة الفجر       نهاية التمدن       ماهيني شرابيني      
روابط تهمك القرآن الكريم الصوتيات الفلاشات الألعاب الفوتوشوب اليوتيوب الزخرفة قروب الطقس مــركز التحميل لا باب يحجبنا عنك تنسيق البيانات
العودة   منتديات مدائن البوح > المدائن الدينية والاجتماعية > الكلِم الطيب (درر إسلامية)

الكلِم الطيب (درر إسلامية)

رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا



( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)

رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-2021, 01:51 AM   #81


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فصل : العقل بين التكليف و الإذعان


قلت يوماً في مجلسي : لو أن الجبال حملت ما حملت لعجزت . فلما عدت إلى منزلي ، قالت لي النفس : كيف قلت هذا ؟ و ربما أوهم الناس أن بك بلاء و أنت في عافية في نفسك و أهلك ‍‍ ‍‍‍‌‌‍‍‍‍‍‍!!. و هل الذي حملت إلا التكليف الذي يحمله الخلق كلهم ؟ فما وجه هذه الشكوى ؟
فأجبتها : إني لما عجزت عما حملت ، قلت هذه الكلمة لا على سبيل الشكوى ، و لكن للاسترواح .
و قد قال كثير من الصحابة و التابعين قبلي : ليتنا لم نخلق ، و ما ذاك إلا لأثقال عجزوا عنها . ثم من ظن أن التكاليف سهلة ، فما عرفها .
أتى يظن الظان أن التكاليف غسل الأعضاء برطل من الماء ، أو الوقوف في محراب لأداء ركعتين ؟ هيهات ! هذا أسهل التكليف .
و إن التكليف هو الذي عجزت عنه الجبال ، و من جملته : أنني إذا رأيت القدر يجري بما لا يفهمه العقل ، ألزمت العقل الإذغان للمقدر ، فكان من أصعب التكليف . و خصوصاً فيما لا يعلم العقل ، معناه كإيلام الأطفال ، و ذبح الحيوان ، مع الاعتقاد بأن المقدر لذلك و الأمر به ، أرحم الراحمين .
فهذا مما يتحير العقل فيه ، فيكون تكليفه التسليم ، و ترك الاعتراض ...!!
فكم بين تكليف البدن و تكليف العقل ... ؟!
و لو شرحت هذا لطال ، غير أني أعتذر عما قلته ، فأقول عن نفسي و ما يلزمني حال غيري .
إني رجل حبيب إلي العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به ثم لم يحبب إلى فن واحد منه ، بل فنونه كلها . ثم لا تقتصر همتي في فن على بعضه ، بل تروم استقصاءه . و الزمان لا يسع ، و العمر أضيق ، و الشوق يقوى ، والعجز يظهر ، فيبقى وقوف بعض المطلوبات حسرات .
ثم أن العلم دلني على معرفة المعبود ، و حثني على خدمته ، ثم صاحت بي الأدلة عليه إليه ، فوقفت بين يديه ، فرأيته ، في نعمه ، و عرفته بصفاته ، و عاينت بصيرتي من الطافه مادعاني إلى الهيمان في محبته ، و حركني إلى التخلي لخدمته ، و صار يملكني أمر كالوجد كلما ذكرته ، فعادت خلوتي في خدمتي له أحلى عندي من كل حلاوة . فكلما ملت إلى الانقطاع عن الشواغل إلى الخلوة ، صاح بي العلم أين تمضي ؟ أتعرض عني و أنا سبب معرفتك به ؟



يتبع


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:51 AM   #82


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فأقول له : كنت دليلاً و بعد الوصول يستغني عن الدليل .
قال : هيهات ! كلما زدت ، زادت معرفتك بمحبوبك ، و فهمت كيف القرب منه . و دليل هذا أنك تعلم غداً ، أنك اليوم في نقصان . أو ما تسمعه يقول لنبيه صلى الله عليه و سلم و قل رب زدني علماً .
ثم ألست تبغي القرب منه ؟ فاشتغل ، بدلالة عباده عليه ، فهي حالات الأنبياء عليهم الصلاة و السلام . أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق ، على خلوات التعبد ، لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبهم ؟
أما قال الرسول صلى الله عليه و سلم ، لعلي رضي الله عنه لأن يهدي الله بك رجلاً ، خير لك من حمر النعم ؟ .
فلما فهمت صدق هذه المقالة ، تهوست على تلك الحالة ، و كلما تشاغلت بجمع الناس ، تفرق همي . و إذا وجدت مرادي من نفعهم ، ضعفت أنا ، فأبقى في حيز التحير متردداً ، لا أدري على أي القدمين أعتمد . فإذا وقفت متحيراً صاح العلم : قم لكسب العيال ، و ادأب في تحصيل ولد يذكر الله . فإذا شرعت في ذلك قلص ضرع الدنيا وقت الحلب ، و رأيت باب المعاش مسدوداً في وجهي ، لأن صناعة العلم شغلتني عن تعلم صناعة .
فإذا التفت إلى أبناء الدنيا ، رأيتهم لا يبيعون شيئاً من سلعها إلا بدين المشتري . و ليت من نافقهم أو راءاهم نال من دنياهم ، بل ربما ذهب دينه و لم يحصل مراده . فإن قال الضجر : اهرب . قال الشرع : كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت .
و إن قال العزم : انفرد ، قال : فكيف بمن تعول ؟
فغاية الأمر أنني أشرع في التقلل من الدنيا ، و قد ربيت في نعيمها . و غذيت بلبانها ، و لطف مزاجي فوق لطف وضعه بالعادة . فإذا غيرت لباسي و خشنت مطعمي ، لأن القوت لا يحتمل الانبساط ، نفر الطبع لفراق العادة ، فحل المرض فقطع عن واجبات ، و أوقع في آفات .
و معلوم أن لبن اللقمة بعد التحصيل من الوجوه المستطابة ، و تخشينها لمن لم يألف سعى في تلف النفس .



يتبع


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:51 AM   #83


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فأقول : كيف أصنع و ما الذي أفعل ؟ و أخلو بنفسي في خلواتي ، و أتزيد من البكاء على نقص حالاتي . و أقول : أصف حال العلماء ، و جسمي يضعف عن إعادة العلم ، و حال الزهاد ، و بدني لا يقوى على الزهد ، و حال المحبين و مخالطة الخلق تشتت همي ، و تنقش صور المحبوبات من الهوى في نفسي ، فتصدأ مرآة قلبي .
و شجرة المحبة تحتاج إلى تربية في تربة طيبة تسقى ماء الخلوة من دولاب الفكرة . و إن آثرت التكسب لم أطق . و إن تعرضت لأنباء الدنيا ـ مع أن طبعي الأنفة من الذل و تديني يمنعني ـ فلا يبقى للميل مع هذين الجاذبين أثر . و مخالطة الخلق تؤذي النفس مع الأنفاس !!!
و لا تحقيق التوبة أقدر عليه ، و لا نيل مرتبة من علم أو عمل أو محبة يصح لي . فإذا رأيتني كما قال القائل :
ألقاه في اليم مكتوفاً و قال له إياك إياك أن تبتل بالماء
تحيرت في أمري ، و بكيت على عمري ، و أنادي في فلوات خلواتي بما سمعته من بعض العوام ، و كأنه وصف حالي :
واحسرتي كم أداري فيك تعثيري مثل الأسير بلا حبل و لا سيري
ما حيلتي في الهوى قد ضاع تدبيري لما شكلت جناحي فلت لي طيري


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:52 AM   #84


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فصل : من رام صلاح القلب رام الممتنع


تأملت أمر الدنيا و الآخرة ، فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية ، و حوادث الآخرة إيمانية يقينية . و الحسيات أقوى جذباً لمن لم يقو علمه و يقينه .
و الحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها ، فمخالطة الناس ، و رؤية المستحسنات و التعرض بالملذوذات ، يقوي حوادث الحس .
و العزلة ، و الفكر ، و النظر في العلم يقوي حوادث الآخرة .
و يبين هذا بأن الإنسان إذا خرج في الأسواق ، و يبصر زينة الدنيا ثم دخل إلى المقابر ، ففكر ورق قلبه ، فإنه يحس بين الحالتين فرقاً بيناً .
و سبب ذلك ، التعرض بأسباب الحوادث .
فعليك بالعزلة و الذكر و النظر في العلم ، فإن العزلة حمية ، و الفكر و العلم أدوية . و الدواء مع التخليط لا ينفع .
و قد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق ، و التخليط في الأفعال فليس لك دواء إلا ما وصفت لك .
فأما إذا خالطت الخلق و تعرضت للشهوات ، ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع .


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:52 AM   #85


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فصل : الممنوع مرغوب


تأملت حرص النفس على ما منعت منه . فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع .
و رأيت في الشرب الأول ، أن آدم عليه السلام لما نهي عن الشجرة ، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها .
و في الأمثال : [ المرء حريص على ما منع ، و تواق إلى ما لم ينل ] .
و يقال : [ لو أمر الناس بالجوع لصبروا ، و لو نهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه ] .
و قالوا : ما نهينا عنه إلا لشيء . و قد قيل : [ أحب شيء إلى الإنسان ما منعنا ]
فلما بحثت عن سبب ذلك ، وجدت سببين :
أحدهما : أن النفس لا تصبر على الحصر ، فإنه يكفي حصرها في صورة البدن .
إذا حصرت في المعنى بمنع زاد طيشها .
و لهذا لو قعد الإنسان في بيته شهراً ، لم يصعب عليه .
و لو قيل له : لا تخرج من بيتك يوماً ، طال عليه .
و الثاني : أنها يشق عليها الدخول تحت حكم ، و لهذا تستلذ الحرام ، و لا تكاد تستطيب المباح .
و لذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى ، و تؤثره لا على ما يؤثر .


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:53 AM   #86


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



• فصل : التعليم عبادة


ما زالت نفسي تنازعني بما يوجبه مجلس الوعظ ، و توبة التائبين ، و رؤية الزاهدين ... إلى الزهد و الانقطاع عن الخلق و الانفراد بالآخرة .
فتأملت ذلك فوجدت عمومه من الشيطان ، فإن الشيطان يرى أنه لا يخلو لي مجلس من خلق لا يحصون ، يبكون و يندبون على ذنوبهم . و يقوم في الغالب جماعة يتوبون و يقطعون شعور الصبا .
و ربما اتفق خمسون و مائة . و لقد تاب عندي في بعض الأيام أكثر من مائة .
و عمومهم صبيان ، قد أنشأوا على اللعب و الانهماك في المعاصي . فكأن الشيطان لبعد غوره في الشر . رآني أجتذب منه . فأراد أن يشغلني عن ذلك بما يزخرفه ليخلو هو بمن أجتذبهم من يده .
و لقد حسن إلى الإنقطاع عن المجالس . و قال : لا يخلو من تصنع للخلق .
فقلت : أما زخرفة الألفاظ و تزويقها ، و أخراج المعنى من مستحسن العبارة ، ففضيلة لا رذيلة .
و أما أن أقصد الناس بما لا يجوز في الشرع ، فمعاذ الله .
ثم رأيته يريني في التزهد قطع أسباب ـ ظاهرة الإباحة ـ من الاكتساب .
فقلت له : فإن طاب لي في الزهد ، و تمكنت من العزلة ، فنفذ ما بيدي أو احتاج بعض عائلتي ، ألست أعود القهقرى ؟
فدعني أجمع ما يسد خلتي ، و يصونني عن مسألة الناس ، فإن مد عمري ، كان نعم السبب ، و إلا كان للعائلة . و لا أكون كراكب أراق ماءه لرؤية سراب ، فلما ندم وقت الفوات ، لم ينتفع بالندم .
و إنما الصواب توطئة المضجع قبل النوم ، و جمع المال الساد للخلة قبل الكبر أخذاً بالحزم .
و قد قال الرسول صلى الله عليه و سلم : لأن تترك ورثتك أغنياء ، خير لك من أن تتركهم عالة يتكففون الناس .
و قال : نعم المال الصالح ، للرجل الصالح .


يتبع


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:54 AM   #87


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



و أما الانقطاع فينبغي أن تكون العزلة عن البشر لا عن الخير ، و العزلة عن البشر واجبة على كل حال . و أما تعليم الطالبين ، و هداية المرتدين ، فإنه عبادة العالم .
و إن من تفضيل بعض العلماء إيثاره للتنفل بالصلاة و الصوم ، عن تصنيف كتاب ، أو تعليم علم ينفع ، لأن ذلك بذر يكثر ريعه ، و يمتد زمان نفعه .
و أنما تميل النفس إلى ما يزخرفه الشيطان من ذلك لمعنيين :
أحدهما : حب البطالة ، لأن الانقطاع عندها أسهل .
الثاني : لحب المدحة فإنها إذا توسمت بالزهد كان ميل العوام إليها أكثر .
فعليك بالنظر في الشرب الأول ، فكن مع الشرب المقدم . و هم الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، رضي الله تعالى عنهم .
فهل نقل عن أحد منهم ما ابتدعه جهلة المتزهدين و المتصوفة ، من الانقطاع عن العلم ؟
و الانفراد عن الخلق ؟
و هل كان شغل الأنبياء إلا معانات الخلق ، و حثهم على الخير و نهيهم عن الشر ؟
إلا أن ينقطع من ليس بعالم يقصد الكف عن الشر ، فذاك في مرتبة المحتمي يخاف شر التخليط .
فأما الطبيب العالم بما يتناول ، فأنه ينتفع بما يناله


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:54 AM   #88


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فصل : خيركم من عمل بما علم


تأملت المراد من الخلق ، فإذا هو الذل ، و اعتقاد التقصير و العجز .
و مثلت العلماء و الزهاد العاملين صنفين فأقمت في صف العلماء مالكاً و سفيان و أبا حنيفة و الشافعي و أحمد ، و في صف العباد مالك بن دينار و رابعة و معروف الكرخي و بشر بن الحارث .
فكلما جد العباد في العبادة ، و صاح بهم لسان الحال : عباداتكم لا يتعداكم نفعها و إنما يتعدى نفع العلماء ، و هم ورثة الأنبياء ، و خلفاء الله في الأرض ، و هم الذين عليهم المعول ، و لهم الفضل ، إذاً أطرقوا و انكسروا و علموا صدق تلك الحال ، و جاء مالك بن دينار إلى الحسن يتعلم منه و يقول : الحسن أستاذنا .
و إذا رأى العلماء أن لهم بالعلم فضلاً ، صاح لسان الحال بالعلماء : و هل المراد من العلم إلا العمل ؟ !
و قال أحمد بن حنبل : [ و هل يراد بالعلم إلا ما وصل إليه معروف ؟ ] .
و صح عن سفيان الثوري قال : [ وددت أن قطعت و لم أكتب الحديث ] .
و قالت أم الدرداء لرجل : [ هل عملت بما علمت ] ؟ قال : لا . قالت : [ فلم تستكثر من حجة الله عليك ؟ ] .
و قال أبو الدرداء : [ ويل لمن يعلم و لم يعمل مرة ، و ويل لمن علم و لم يعمل سبعين مرة ] .
و قال الفضيل : [ يغفر للجاهل سبعون ذنباً ، أن يغفر للعالم ذنب واحد ]
فما يبلغ من الكل قوله تعالى : هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون .
و جاء سفيان إلى رابعة : فجلس بين يديها ينتفع بكلامها ، فدل العلماء العلم على أن المقصود منه العمل به ، و أنه آلة فانكسروا و اعترفوا بالتقصير .
فحصل الكل على الاعتراف و الذل فاستخرجت المعرفة منهم حقيقة العبودية باعترافهم ، فذلك هو المقصود من التكليف .


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:54 AM   #89


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فصل : محبة الخالق ضرورة


تأملت في قوله تعالى : يحبهم و يحبونه . فإذا النفس تأبى إثبات محبة للخالق توجب قلقاً و قالت : محبته طاعته ، فتدبرت ذلك فإذا بها قد جهلت ذلك لغلبة الحس .
و بيان هذا أن محبة الحس لا تتعدى الصور الذاتية ، و محبة العلم و العمل ترى الصور المعنوية فتحبها .
فإنا نرى خلقاً يحبون أبا بكر رضي الله عنه ، و خلقاً يحبون علياً بن أبي طالب رضي الله عنه ، و قوماً يتعصبون لأحمد بن حنبل ، و قوماً للأشعري فيقتتلون و يبذلون النفوس في ذلك .
و ليسوا ممن رأى صور القوم ، و لا صور القوم توجب المحبة .
لكن لما تصورت لهم المعاني فدلتهم على كمال القوم في العلوم ، وقع الحب لتلك الصور التي شوهدت بأعين البصائر .
فكيف بمن صنع تلك الصور المعنوية و بذلها ؟ .
و كيف لا أحب من وهب لي ملذوذات حسي ، و عرقى ملذوذات علمي ؟ فإن التذاذي بالعلم و إدراك العلوم أولى من جميع اللذات الحسية ، فهو الذي علمني و خلق لي إدراكاً ، و هداني إلى ما أدركته .
ثم إنه يتجلى لي في كل لحظة في مخلوق جديد ، أراه فيه بإتقان ذلك الصنع و حسن ذلك المصنوع .
فكل محبوباتي منه ، و عنه ، و به ، الحسية و المعنوية ، و تسهيل سبل الإدراك به ، و المدركات منه ، و ألذ من كل لذة عرفاني له ، فلولا تعليمه ما عرفته .
و كيف لا أحب من أنا به ، و بقائي منه ، و تدبيري بيده ، و رجوعي إليه ، و كل مستحسن محبوب هو صنعه و حسنه و زينه و عطف النفوس إليه .
فذلك الكامل القدرة أحسن من المقدور ، و العجيب الصنعة أكمل من المصنوع ، و معنى الإدراك أحلى عرفاناً من المدرك .
و لو أننا رأينا نقشاً عجيباً لاستغرقنا تعظيم النقاش و تهويل شأنه ، و ظريف حكمته عن حب المنقوش ، و هذا مما تترقى إليه الأفكار الصافية ، إذا خرق نظرنا الحسيات ، و نفذ إلى ما وراءها ، فحينئذ تقع محبة الخالق ضرورة . و على قدر رؤية الصانع في المصنوع يقع الحب له .
فإن قوي أوجب قلقاً و شوقاً . و إن مال بالعارف لى مقام الهيبة ، أوجب خوفاً . و إن انحرف به إلى تلمح الكرم أوجب رجاء قوياً قد علم كل أناس مشربهم .


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
قديم 11-09-2021, 01:55 AM   #90


الصورة الرمزية فرح
فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 483
 تاريخ التسجيل :  Sep 2021
 أخر زيارة : 10-07-2015 (04:42 PM)
 المشاركات : 44,210 [ + ]
 التقييم :  185890
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)



فصل : لا يخفى على الله شيء


نظرت في الأدلة على الحق سبحانه و تعالى فوجدتها أكثر من الرمل ، و رأيت من أعجبها أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله عز و جل ، فيظهره الله سبحانه عليه وحده و لو بعد حين ، و ينطق الألسنة به و إن لم يشاهده الناس .
و ربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق ، فيكون جواباً لكل ما أخفى من الذنوب ، و ذلك ليعلم الناس أن هنالك من
يجازي على الزلل ، و لا ينفع من قدره وقدرته حجاب ولا استتار ، و لا يصاغ لديه عمل .
و كذلك يخفي الإنسان الطاعة فتظهر عليه ، و يتحدث الناس بها و بأكثر منها ، حتى إنهم لا يعرفون له ذنباً و لا يذكرونه إلا بالمحاسن ، ليعلم أن هنالك رباً لا يضيع عمل عامل .
و إن قلوب الناس لتعرف حال الشخص و تحبه ، أو تأباه ، و تذمه ، أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه و بين الله تعالى ، فإنه يكفيه كل هم ، و يدفع عنه كل شر .
و ما أصلح عبد ما بينه و بين الخلق دون أن ينظر الحق ، إلا انعكس مقصوده وعد حامده ذاماً .


 
 توقيع : فرح



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 0 والزوار 20)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقتطفات من العبرات للمنفلوطي نبوءة حب المكتبة الأدبية ونبراس العلم 8 10-23-2022 05:49 PM
آية وتفسيرها ( متجدد) هادي علي مدخلي الكلِم الطيب (درر إسلامية) 97 01-23-2022 09:40 AM
روائع جبران خليل جبران نقاء الياسمين ظِلال وارفة 10 08-28-2021 05:20 PM
حكم وأمثال شعبية ( متجدد ) نبوءة حب مقهى المدائن 117 06-23-2021 06:36 AM
مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الشادي الكلِم الطيب (درر إسلامية) 5 12-15-2020 03:17 PM

Bookmark and Share


الساعة الآن 12:50 PM

أقسام المنتدى

المدائن الدينية والاجتماعية | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | أرواح أنارت مدائن البوح | الصحة والجمال،وغراس الحياة | المدائن الأدبية | سحرُ المدائن | قبس من نور | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | بوح الأرواح | المدائن العامة | مقهى المدائن | ظِلال وارفة | المدائن المضيئة | شغب ريشة وفكر منتج | المدائن الإدارية | حُلة العيد | أبواب المدائن ( نقطة تواصل ) | محطة للنسيان | ملتقى الإدارة | معا نحلق في فضاء الحرف | مدائن الكمبيوتر والجوال وتطوير المنتديات | آفاق الدهشة ومواسم الفرح | قناديـلُ الحكايــــا | قـطـاف الـسـنابل | المدائن الرمضانية | المنافسات الرمضانية | نفحات رمضانية | "بقعة ضوء" | رسائل أدبية وثنائيات من نور | إليكم نسابق الوفاء.. | الديوان الشعبي | أحاسيس ممزوجة |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas