قطاف السنابل لـ جابر محمد مدخلي

سقيا

من الجميل أن نستعد بخططنا الكتابية،ولكن حين نتورط فيها يتملّكنا أبطالنا فيغدون عبئًا علينا،وعبئهم دوماً كبير؛لأننا لا نثق بالحزن متى سيطرأ عليهم،ولا بمآسيهم متى ستنطبق علينا، وتؤطرنا بهم حتى نغدو هم فنكتب ما يملونه علينا،ويخرجون بنا لأماكن لم نكن نتوقع دخولها لولاهم.
الكتابة فعل جميل، ولكنها مؤذية حقاً ليس لنا فحسب ، بل لآخرين لا ذنب لهم سوى أنهم عابرين، وعبروهم هذا سيجعلهم أمام خيارين: إما التوقف أمام ما ترجمته لنا مشاعر الحياة المتمثلة بألسنة أبطالنا وحكاياتنا، أو المرور بها مرور الكرام.
- مرورك هنا لم يكن إلا (سقيا) من إحساس تلائم مع حالة وحسرة هذه الرفيف، ومشتل حزنها الذي توقف عن الإثمار والبذر بحادثة موت حُبّها وحبيبها بآنٍ واحدة.

مودتي
جابر

المبدعة يمام

على حافتهم جلسا. تقاسما حكاية لا تُقتسم. ووقعا في مواقع لا يشهد عليها ويشاهدها إلا المكان-كما أسلفتِ-
الحكاية الأكبر هي أن ينسجمان في قصتهما حتى الحُب، ثم تنسجم وحدها من بعده حتى الموت.
صورتان لقلب رفيف منذ البدء وحتى المنتهى.
ويبقى الوفاء: هذه اللوحة التي يرسمها النادر فقط، وأما من سواه فلا يجيد إلا طمس معالمها، وجمالها.
وتبقى الوسائد شاهدة، معطوبة، مقوّسة ومحدودبة العُطب كما لو أنها شاخت قبل زمانها، وبانتظارها نهاية واحدة: هي الجفاف من الدموع.

"نص لا يقرأ فقط
إنما للقلب يصل ولكل تفاصيلنا وأشيائنا
وإن إختلفت الحكايا."

- شهادة على النص أن يظل مختزناً، وشاهقاً، ومستشهداً بهذا اليقين منك قارئة وكاتبة.
سعيد بهذا الشعور القرائي المغدق.

مودتي
جابر

وشاية حرف

كيف لأنثى أن تكون كل الإناث؟ وبذات واحدة متسعة ومُشرعة روحها الجميلة إلى جماليات متعددة.
حين تغدقنا الملامح، وتحملنا المشاعر، وتحفنا الاشتياقات إلى كل هذه الصور، والحسيّات ستجعلنا بالتأكيد نتذوق في كل مرةٍ عاطفة تضاف لعواطفنا، وتملأنا حتى نشتهي من جديد حالة مميزة وخالية من التكرار.

سعيد بما قرأته هنا: فكرةً، وتدويناً، وتحريكاً لمشاهد الروح والأخيلة، والحواس.

مودتي
جابر

الرائعة حرفاً: البنفسج

متاهات كثيرة هذه الذاكرة. نقف ثم نتحرك، ومرةً أخرى نقف ولا نتحرك.. ليس لعجزنا بل لأننا لا نريد للذاكرة أن تسير لغير ما أوصلتنا إليه. وقوفنا أمام لوحة قديمة قد يشدنا ولو كان سقفاً مثقوباً تخرّ منه المياه.
أحياناً نشعر أننا أكثر من شخص فيما نحن في الحقيقة واحد فقط؛ وأما الزيادة التي حولنا فنجامة عن أعداد من نختزنهم، ونتذكرهم، ونجيء بهم حتى ولو كنّا نكرههم، أو نتألم منهم، أو انجرحنا -يوماً- منهم، وننجرح مرةً أخرى بإتيانهم حتى ولو عبر الذكرى!.

الفاجعة ليست مصيبة واحدة وكفى .. وإنما هي ذاكرة مملوءة ومشحونة بأكثر من ملّمة، ونازلة.

- تدوينك لهذا النص بهذه الطريقة يوحي بقدراتك السردية فقاموسك جميل، وبإمكانك الكتابة ما أردت ، ومتى أردت ذلك.

مودتي
جابر

صديقي محمد حجر

واشتعل القلب حزنا. وتفتقت عن نبضه عوالم الأمس، مشاهد الحنين، أماكن الحُب.
الاشتعال أول الحكاية. وولِد من إحساسك وله يعيقك حتى عن النداء، أو الركض خلف ذاكرة مثقوبة بالفراغ.
وداد، وآلاف أخر .. كلهن يجذبن الصدور. منهن من تأتيك لتبقيك، ومنهن من تجيء لتكويك.
الحواس بهذا النص ظاهرة علناً، جميلة رغم قسوتها. الحنين والأسى ومخلوق هُلامي لم يُرى لنا كاملاً لكنه وصلنا مشمولاً باسمٍ حمل القصة، والحادثة وأوفى ما عليه لنا كقرّاء. انه اسم وداد، وضمير الكاتب المتكلم.

سعيد بك وببوحك الفيّاض يا محمد.

مودتي
جابر

شاهد قبر

حين نهوى الرقص سنجد أنفسنا أمام أقدام إضافية خلقتها لنا هذه الهواية.
المساحات التي قرأتها على سعتها لكنها مرتبطة بما يجعلها وسيبقيها راسخة في الأذهان، أسماءً بالمدائن، صوراً لأمكنة تزيدنا التصاقاً بما كتبته.
الرقصات تحملنا في كل مقطعٍ إلى فكرة نأوي إليها، وخُطىً نتبعها حتى آخر الرقص.

- لغتك جميلة يا صديقي.

مودتي
جابر

الصولجان

تحملنا الآهات لمسافات الصمت الكبرى. تخرج أحياناً كعصارة ألم، وأخرى كسفينة تحملنا لبر الآمان مرتاحين بعد اغتسالنا في نهر البوح.
العُمر لا ينتظرنا حتى ولو ملأناه بالوعود؛ لأنه لا ينتظر مطلقاً. لهذا مهما استعدنا الأمس بكل ما فيه وكل ما ارتكبناه، أو فعلناه لنا أو لغيرنا فإنه يظل الأمس ولا شيء يزيده أو ينقصه.

مودتي
جابر

الشاعر هادي مهجري

في إيحاءات هذا النص الشعري أوفياء كثُر. حتى الرحيل الذي انختمت به القصيدة وفياً، ولم يكن يوماً بهذا الوفاء قبل قصيدتك؛ ذلك أنه سيرحل إذا انتهى به المقام وحيداً وخالياً من قصة الحُب.

لا أدري أين أقف بين مشاعر هذه القوافي .. ولكن على كل حال محمول أنا على أجنحتك الشعرية فخذني معك إلى كل مكان.

مودتي
جابر

المبدعة سقيا

نحملهم ثم نشعر أننا لا نحيا بدونهم، ولن يكون لعيشنا قيمة لو مضوا عنّا.
هذه التفاصيل مؤذية حين يستخدمها الآخر الذي نتشبث به ضدّ قلبنا. العشّاق نوعين: أحدهما يزيد في العطاء لقاء كل ما نعطيه، وثانيهما يشد ويرخي لقاء ما يأخذ ويعطي.
أمام هذه الجمهرة اللغوية في نصك، والحواس المتقاتلة في إعلان سلطة البوح، وذاكرة المشاعر، وسلطان العشق .. وقفتُ بين الناظر بعين المتأمل، والناظر بعين المعجب في جمع المتضادات: العطاء والجفاء، ومن خلفهما: اليُتم.
ومع ما في هذا النص من تخدير موضعي للمشاعر إلا أن الحقيقة مؤذية مهما خففتها مضادات اللغة الجميلة.
- سعيد بقراءتك.

مودتي
جابر

الكاتبة المبدعة: عُقدة

في لحظات كثيرة نقف أمام من أعطيناهم كل شيء، وقفة على ذات شريط الحياة معهم. في هذه اللحظة نسعى لاسترداد كل ما بذلناه ولو عبر إعادة طي هذا الشريط؛ ليس من أجل استرداده، ولا لمحاولة التخلص منه وكبّه في الجزء الخلفي من الذكريات المهملة .. بل للبحث في تقصيرنا متى وقع منّا تجاههم؟ في عطاءاتنا متى قلّت معهم؟ في مشاعرنا متى نضبت أو تجففت تجاههم؟
- والعُقدة الكُبرى ونحن نتصفحنا وحيدين منهم، خالين من مجاورتهم، فارغين إلا من صدودهم عنّا -بلا قيدٍ ولا سبب- أننا سنُشفى ونحن نقف عند حدود الرضا تجاه ما فعلناه، وقدمناه، وبذلناه لهم ومعهم وبهم عن طيب قلب وطُهر حُب.
الذين نبحث عنهم مراراً وتكراراً -للأسف- نفقدهم سريعاً؛ لأن نفوسهم قاصرة عن فهم حاجتنا لهم، ليبدأ -مجملهم- سريعاً بتغليف فهمهم واستيعابهم بأنهم عليهم الغياب وفق ما يرونه صالحاً لذبحنا حنيناً، وشوقاً، ولهفةً .. وحين يعودن لن يقفون إلا أمام صنفين من القلوب:
-قلوب عاجزة عن احتمال أسلوبهم القاسي في الحضور والغياب دون أدنى رحمة للفرغات بدونهم، والفُقد الذي خلفوه بصمتهم، وذهابهم الغير مؤقت.
-أو قلوب: تقوّت في الغياب وصنعت لها سداً هائلاً رمت لهم من خلفه حبلاً طويلاً فإن تسلّقوه ليصلون إليهم فقلوبهم مفتوحة وإلا فلا !.
- هذا النص جسر يحملنا للعبور إلى أرصدتنا المخبئة في مخازن صدورنا.. نص لتصفية المشاعر.
شكراً أستاذة عُقدة على هذا التلخيص الإبداعي.

مودتي
جابر