آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
اليوم, 02:05 AM | #51 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاصلاح
موانِعُ الإصلاحِ 1- جَهلُ الإنسانِ بأهميَّةِ الإصلاحِ لنَفسِه وللآخَرينَ، وعَدمُ إدراكِه لأثَرِه النَّافِعِ. 2- يأسُ الإنسانِ مِن إصلاحِ نَفسِه؛ لإسرافِه في المعاصي. 3- اليأسُ مِن حُصولِ الإصلاح؛ِ لكثرةِ الانحِرافاتِ وانتِشارِها بَينَ النَّاسِ. 4- ضَعفُ هِمَّةِ الإنسانِ عن التَّطلُّعِ لمعالي الأمورِ، ومنها الإصلاحُ. 5- استِصغارُ الإنسانِ لنَفسِه، وشُعورُه بالعَجزِ. 6- عَدمُ التَّحلِّي بصفاتِ المُصلِحينَ؛ كالصَّبرِ والرِّفقِ والحِكمةِ، إلى غَيرِ ذلك. الوسائِلُ المُعينةُ على الإصلاحِ 1- أن يعلَمَ أنَّ اللهَ سبحانَه حثَّ على الإصلاحِ، وأمَر به، وأثنى على المُصلِحينَ، فيحرِصَ أن يكونَ منهم. 2- انتِشارُ الوَعيِ الدِّينيِّ، واستِفاضتُه بَينَ النَّاسِ؛ ممَّا يُدرِكُ معَه النَّاسُ فَضيلةَ الإصلاحِ. 3-أن يتخلَّصَ مِن هوى نَفسِه ورغباتِها، ويجعَلَ هواه تابِعًا لِما أراده اللهُ منه، وهذه قاعِدةٌ أساسيَّةٌ في الإصلاحِ. 4- أن يُجاهِدَ كُلَّ ما يقطَعُ عليه طريقَ الإصلاحِ بمُغالَبتِه. 5- أن يعلَمَ أنَّ تَركَ الفسادِ والإفسادِ مُؤذِنٌ بالعُقوبةِ في الدُّنيا والآخِرةِ، فيسعى في إتيانِ ما يُجنِّبُه العُقوبةَ. 6- أن يعلَمَ أنَّ اللهَ سبحانَه لا يُضِيعُ أجرَ المُصلِحينَ. 7-أن يعلَمَ أنَّ اللهَ سبحانَه لا يُهلِكُ أمَّةً أهلُها مُصلِحونَ. 8- أن يعلَمَ أنَّ النَّاسَ بحاجةٍ إلى الرِّفقِ واللِّينِ وتَركِ الانفِعالِ والعُنفِ؛ ليَقبَلوا دعاوى المُصلِحينَ، فيحرِصَ على التَّحلِّي بتلك الصِّفاتِ. 9- أن يعلَمَ أنَّ الإصلاحَ بَينَ المُتخاصِمينَ مِن أفضَلِ القُرُباتِ والأعمالِ الصَّالِحةِ. 10- أن يجعَلَ الإخلاصَ وابتغاءَ وَجهِ اللهِ سبحانَه وحدَه مَقصَدَه في الإصلاحِ، لا طَلبَ السُّمعةِ ولا محبَّةَ المَحمَدةِ مِن النَّاسِ. 11- أن يحرِصَ المُصلِحُ على الإلمامِ التَّامِّ بجوانِبِ الموضوعِ الذي يعمَلُ على إصلاحِه . 12- كثرةُ الدُّعاءِ؛ سَواءٌ بصلاحِ النَّفسِ، وصلاحِ النَّاسِ، وزوالِ ما بَينَهم مِن مُنازَعاتٍ وخِلافاتٍ وشِقاقٍ. قال سُلَيمانُ عليه السَّلامُ: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل: 19] . وقال إبراهيمُ عليه السَّلامُ: رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [الشعراء: 83] . وقال يوسُفُ عليه السَّلامُ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف: 101] . وقال تعالى: حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي [الأحقاف: 15] . وكان مِن دُعاءِ عُمرَ في القُنوتِ: اللَّهمَّ اغفِرْ لنا، وللمُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ، والمُسلِمينَ والمُسلِماتِ، وألِّفْ بَينَ قُلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بَينِهم . 13- نَشرُ معاهِدِ العِلمِ والقرآنِ فـ (مِن الأعمالِ العريقةِ في الخيرِ إنشاءُ المعاهِدِ لتحفيظِ القرآنِ وتعليمِ العِلمِ، فإذا اتَّجه الخيِّرونَ إلى إنشاءِ هذه المعاهِدِ فإنَّ ذلك يكونُ دليلًا على الأخذِ بأسبابِ الإصلاحِ المُثمِرةِ، وأحِبُّ أن أقولَ للعامِلينَ على الإصلاحِ: إنَّ مِن وسائِلِ الإصلاحِ الأخلاقيِّ الحاسِمةِ أن ينتشِرَ الوَعيُ الدِّينيُّ في استِفاضةٍ، ولن يتأتَّى ذلك إلَّا إذا أكثَرْنا مِن المعاهِدِ الدِّينيَّةِ) . نماذج من الإصلاح أ- نماذِجُ مِن الإصلاحِ عندَ الأنبياءِ والمُرسَلينَ اتَّجهَت جُهودُ الأنبياءِ إلى إصلاحِ عقائِدِ المُجتمَعاتِ قَبلَ كُلِّ شيءٍ، كُلُّ نبيٍّ أرسَله اللهُ سبحانَه يدعو قومَه إلى إصلاحِ العقيدةِ، وإزالةِ فسادِ المُعتقَداتِ الباطِلةِ وما أدَّت إليه مِن انحِرافاتٍ أخلاقيَّةٍ وسُلوكيَّةٍ؛ ولذلك وُصِفَت دَعواتُ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ بأنَّها دَعَواتُ إصلاحٍ. وكانت أولى خَطواتِ الإصلاحِ وأهمَّها لدى الأنبياءِ الدَّعوةُ إلى عبادةِ اللهِ وحدَه ونَبذِ الشِّركِ؛ قال تعالى:وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36] ، وقال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 59] ، وقال تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 65] ، وقال تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 73] ، وقال تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 85] ، وقال تعالى: وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مِنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة: 72] . قال ابنُ عُثَيمينَ: (الرُّسلُ ما جاءت إلَّا لإصلاحِ الخَلقِ، والخَلقُ لا يُمكِنُ صلاحُهم ولا إصلاحُهم إلَّا إذا قاموا بتوحيدِ اللهِ سبحانَه وتعالى، فإن لم يقوموا بتوحيدِه تشتَّتَت قُلوبُهم، وصار كُلُّ واحِدٍ منهم يذهَبُ مَذهَبًا غَيرَ الآخَرِ؛ لأنَّ كُلَّ أمَّةٍ تُريدُ أن يكونَ لها معبودٌ خاصٌّ، فتحصُلَ الفوضى بَينَ العِبادِ، فإذا اجتمَع النَّاسُ على عِبادةِ اللهِ وحدَه حصَل الاتِّفاقُ بدونِ فوضى) . شُعَيبٌ عليه السَّلامُ ورغبتُه في الإصلاحِ: قال تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [الأعراف: 85 - 87] . وقال تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ * قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود: 84 - 88] . قال الطَّبريُّ: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ، يقولُ: ما أُريدُ فيما آمُرُكم به وأنهاكم عنه إلَّا إصلاحَكم وإصلاحَ أمرِكم مَا اسْتَطَعْتُ، يقولُ : ما قدَرْتُ على إصلاحِه) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 02:08 AM | #52 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاصلاح
نماذج من الاصلاح ب- الإصلاحُ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قضى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُمرَه الشَّريفَ يدعو النَّاسَ إلى إصلاحِ أنفُسِهم وعقائِدِهم وأخلاقِهم، والتَّخلُّصِ مِن آفاتِ النُّفوسِ التي كانوا عليها في الجاهِليَّةِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عظيمَ الصَّبرِ في إصلاحِه، رحيمًا بمَن حَولَه، ساعيًا في الإصلاحِ بَينَهم، وفضِّ مُنازَعاتِهم، ومِن ذلك: إصلاحُه بَينَ بَني عَمرِو بنِ عَوفٍ: عن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِديِّ رضِي اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلَغه أنَّ بَني عَمرِو بنِ عَوفٍ كان بَينَهم شيءٌ، فخرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِحُ بَينَهم في أناسٍ معَه...))، الحديث . وفي رِوايةٍ: أنَّ أهلَ قُباءَ وهُم بنو عَمرِو بنِ عَوفٍ اقتتَلوا حتَّى ترامَوا بالحِجارةِ، فأُخبِر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك، فقال: ((اذهَبوا بنا نُصلِحْ بَينَهم)) . ج- نماذِجُ مِن الإصلاحِ عندَ الصَّحابةِ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ وسَعيُه للإصلاحِ بَينَ المُسلِمينَ وجَمعِ كلمتِهم حَقنًا للدِّماءِ ذكَر الطَّبريُّ أنَّ عليًّا رضِي اللهُ عنه أرسَل القَعقاعَ بنَ عَمرٍو، فخرَج حتَّى قدِم البَصرةَ، فبدأ بعائِشةَ رضِي اللهُ عنها، فسلَّم عليها، وقال: أيْ أُمَّهْ، ما أشخَصَكِ وما أقدَمَكِ هذه البَلدةَ؟ قالت: أيْ بُنيَّ، إصلاحٌ بَينَ النَّاسِ، قال: فابعَثي إلى طَلحةَ والزُّبَيرِ حتَّى تسمَعي كلامي وكلامَهما، فبعثَت إليهما، فجاءا، فقال: إنِّي سألْتُ أمَّ المُؤمِنينَ: ما أشخَصها وأقدَمها هذه البِلادَ؟ فقالت: إصلاحٌ بَينَ النَّاسِ، فما تقولانِ أنتما؟ فقالا نَحوًا ممَّا قالَته أمُّ المُؤمِنينَ، فقال لهم القَعقاعُ: كونوا مفاتيحَ الخيرِ كما كنْتُم تكونونَ، ولا تُعرِّضونا للبلاءِ، ولا تَعرِضوا له فيَصرَعَنا وإيَّاكم، فقالوا: نعَم، إذًا قد أحسَنْتَ وأصبْتَ المقالةَ، فارجِعْ؛ فإن قدِم عليٌّ وهو على مِثلِ رأيِك صلَح هذا الأمرُ، فرجَع إلى عليٍّ فأخبَره، فأعجَبه ذلك، وأشرَف القومُ على الصُّلحِ، كرِه ذلك مَن كرِهه، ورضِيَه مَن رضِيَه . الحَسنُ بنُ عليٍّ رضِي اللهُ عنهما وإصلاحُه بَينَ المُسلِمينَ وحِفظُ دِمائِهم: عن أبي موسى قال: سمعْتُ الحَسنَ (هو البَصريُّ) يقولُ: استَقبَل -واللهِ- الحَسنُ بنُ عليٍّ مُعاوِيةَ بكتائِبَ أمثالِ الجِبالِ، فقال عَمرُو بنُ العاصِ: إنِّي لأرى كتائِبَ لا تُولِّي حتَّى تقتُلَ أقرانَها، فقال له مُعاوِيةُ، وكان واللهِ خَيرَ الرَّجُلَينِ: أي عَمرُو، إن قتَل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء مَن لي بأمورِ النَّاسِ؟ مَن لي بنِسائِهم؟ مَن لي بضَيعتِهم، فبعَث إليه رجُلَينِ مِن قُرَيشٍ مِن بَني عبدِ شمسٍ: عبدَ الرَّحمنِ بنَ سَمُرةَ، وعبدَ اللهِ بنَ عامِرِ بنِ كُرَيزٍ، فقال: اذهَبا إلى هذا الرَّجلِ، فاعرِضا عليه، وقولا له، واطلُبا إليه، فأَتَياه، فدخلا عليه، فتكلَّما، وقالا له، وطلَبا إليه، فقال لهما الحَسنُ بنُ عليٍّ: إنَّا بَنو عبدِ المُطَّلِبِ، قد أصبْنا مِن هذا المالِ، وإنَّ هذه الأمَّةَ قد عاثَت في دِمائِها، قالا: فإنَّه يعرِضُ عليك كذا وكذا، ويطلُبُ إليك ويسألُك، قال: فمَن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئًا إلَّا قالا: نحن لك به، فصالَحه، فقال الحَسنُ: ولقد سمعْتُ أبا بَكرةَ يقولُ: رأَيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ والحَسنُ بنُ عليٍّ إلى جَنبِه، وهو يُقبِلُ على النَّاسِ مرَّةً، وعليه أخرى، ويقولُ: ((إنَّ ابني هذا سيِّدٌ، ولعلَّ اللهَ أن يُصلِحَ به بَينَ فِئتَينِ عظيمتَينِ مِن المُسلِمينَ)) . د- نماذج مِن الإصلاحِ عندَ السَّلفِ مُحمَّدُ بنُ المُنكدِرِ يُصلِحُ بَينَ رجُلَينِ تنازَعا: قال مُحمَّدُ بنُ المُنكدِرِ: (تنازَع رجُلانِ في ناحيةِ المسجِدِ، فمِلْتُ إليهما، فلم أزَلْ بهما حتَّى اصطَلَحا) . هـ- نماذِجُ مِن الإصلاحِ عندَ العُلَماءِ المُعاصِرينَ مُحمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ وإصلاحُه ما وقَع مِن انحِرافاتٍ في جزيرةِ العربِ: يقولُ الزِّرِكليُّ: (مُحمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ بنِ سُلَيمانَ التَّميميُّ النَّجديُّ، زعيمُ النَّهضةِ الدِّينيَّةِ الإصلاحيَّةِ الحديثةِ في جزيرةِ العربِ، كان ناهِجًا مَنهَجَ السَّلفِ الصَّالِحِ، داعيًا إلى التَّوحيدِ الخالِصِ ونَبذِ البِدَعِ وتحطيمِ ما عَلِق بالإسلامِ مِن أوهامٍ، كانت دعوتُه الشُّعلةَ الأولى لليقظةِ الحديثةِ في العالَمِ الإسلاميِّ كُلِّه، تأثَّر بها رجالُ الإصلاحِ في الهندِ ومِصرَ والعِراقِ والشَّامِ وغَيرِها) . جمالُ الدِّينِ القاسِميُّ وجُهودُه الإصلاحيَّةُ بإحياءِ الدَّعوةِ السَّلفيَّةِ في دِمشقَ بَعدَ خُفوتِ العِلمِ وانتِشارِ الجَهلِ: يقولُ مُحمَّد رشيد رِضا: (ظهَر الشَّيخُ جمالُ الدِّينِ في الشَّامِ على حينِ فَترةٍ مِن العُلَماءِ، فقد كان مَن أدرَك مِن كِبارِ شُيوخِها آخِرَ الذين عُنوا بدِراسةِ الكُتبِ المعهودةِ التي يُطلَقُ على مُدرِّسيها لقبُ عُلَماءَ، على أنَّ العِلمَ الصَّحيحَ -وهو العِلمُ الاستِقلاليُّ المبنيُّ على الدَّليلِ- كان قد حُجِر عليه وحُكِم بتحريمِه مِن عدَّةِ قُرونٍ، فلم يكنْ أحدٌ يشَمُّ رِيحَه ولا يَشيمُ وَميضَه إلَّا قليلًا، وصار النَّاسُ كالخفافيشِ، لا يفتحونَ في هذا النُّورِ عَينًا، ولا يُحيلونَ في شُعاعِه فِكرًا، ظهَر القاسِميُّ وفي دِمشقِ الشَّامِ أفرادٌ ورِثوا عن آبائِهم وأجدادِهم عمائِمَ العُلماءِ وألقابَهم والرَّواتِبَ التي كانوا يأخُذونَها مِن أوقافِ المُسلِمينَ، ولم يَرِثوا عنهم مِن العِلمِ بتلك الكُتبِ شيئًا، فكان مِن أكبَرِ الخُطوبِ عليهم أن يرَوا في الشَّامِ عالِمًا يتصدَّى للتَّدريسِ والتَّصنيفِ، ويُبيِّنُ حاجةَ البلادِ إلى الإصلاحِ والتَّجديدِ، فماذا يعمَلُ العالِمُ المُصلِحُ بَينَهم؟ إذا كان عَملُ القاسِميِّ للإصلاحِ وتجديدِ عُلومِ الدِّينِ صغيرًا في نَفسِه، فهو كبيرٌ جدًّا في بلادِه وبَينَ قومِه، فما القولُ فيه إذا كان عَملُه كبيرًا في الواقِعِ، وقد عظُم المطلوبُ وقلَّ المُساعِدُ؟!) . ابنُ باديسَ وإصلاحُه بمُحارَبةِ البِدَعِ المُنتشِرةِ بغَلبةِ النَّزعةِ الصُّوفيَّةِ على البلادِ: يقولُ مالِكُ بنُ نبيٍّ: (أمَّا ابنُ باديسَ فقد جاء في فَترةٍ جَدَّدَت فيها النَّزعةُ الصُّوفيَّةُ «المُرابطيَّةُ أو الطُّرُقيَّةُ» دَورةَ المُرابِطينَ، وهنا موضِعُ الخُطورةِ؛ ذلك أنَّ الحَلْقةَ لم تُستأنَفْ بالفِقهِ والرِّباطِ، بل بالتَّميمةِ والزَّاويةِ، ولم يستطِعِ المُصلِحُ الجزائِريُّ أن يطمَحَ إلى تأسيسِ إمبراطوريَّةٍ تُحرِّرُ الضَّميرَ، لقد تغيَّر الزَّمانُ؛ فالاستِعمارُ والقابِليَّةُ للاستِعمارِ غيَّرا كُلَّ المُعطياتِ في الجزائِرِ، كما فعلا ذلك في سائِرِ العالَمِ الإسلاميِّ، كانت الظُّروفُ تقتضي الرُّجوعَ في الإصلاحِ إلى السَّلفِ أدراجًا؛ إذ لم يكنِ القيامُ بأيِّ عَملٍ في النِّظامِ السِّياسيِّ أو الاجتِماعيِّ مُمكِنًا قَبلَ تحريرِ الضَّمائِرِ، وكُلُّ مَذهَبِ الإصلاحِ الجزائِريِّ الذي تجِدُه في ابنِ باديسَ كان لا بُدَّ أن يصدُرَ عن هذه الضَّرورةِ أو عن هذه المُقتضَياتِ الخاصَّةِ) . مُحمَّد البشير الإبراهيميُّ وسَعيُه في الإصلاحِ الدِّينيِّ والاجتماعيِّ في الجزائِرِ: كان البشيرُ الإبراهيميُّ قد نذَر حياتَه للإصلاحِ الدِّينيِّ والاجتِماعيِّ وتكوينِ الرِّجالِ القادِرينَ على حمايةِ إسلامِ الجزائِرِ وعُروبتِها. وقد أكَّد ذلك في آخِرِ حياتِه بقولِه: (لم يتَّسِعْ وقتي للتَّأليفِ والكتابةِ معَ هذه الجُهودِ التي تأكلُ الأعمارَ أكلًا، ولكنَّني أتسلَّى بأنَّني ألَّفْتُ للشَّعبِ رجالًا، وعمِلْتُ لتحريرِ عُقولِه تمهيدًا لتحريرِ أجسادِه، وصحَّحْتُ له دينَه ولُغتَه، فأصبَح مُسلِمًا عربيًّا، وصحَّحْتُ له موازينَ إدراكِه، فأصبَح إنسانًا أبيًّا، وحَسبي هذا مُقرِّبًا مِن رِضا الرَّبِّ ورِضا الشَّعبِ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 02:10 AM | #53 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاصلاح
أخطاءٌ شائِعةٌ حولَ الإصلاحِ الاعتِقادُ بأنَّ شأنَ إصلاحِ العقائِدِ والأخلاقِ مقصورٌ على العُلماءِ أو الدُّعاةِ فقط، وليس لغَيرِهم مِن النَّاسِ وإن امتلَكوا أدواتِ الإصلاحِ، وكان لديهم مِن العِلمِ ما يُؤهِّلُهم للإصلاحِ ولو كان إصلاحًا جُزئيًّا، وهذا خَطأٌ. يقولُ مُحمَّد الخِضر حُسَين- مُنوِّهًا لهذا الاعتِقادِ الخاطِئِ-: (وانبَنى على هذا أنَّ بعضَ مَن يُدرِّسُ حقائِقَ الإسلامِ وآدابَه، ويستطيعُ بيانَ حِكمتِها، ودَفعَ شُبَهِ المُضلِّينَ عنها؛ لا يهُزُّ في هذا الغَرضِ قَلمًا، ولا يُحرِّكُ به لِسانًا، ثُمَّ لا ترى له مِن عُذرٍ عن هذا التَّقصيرِ سِوى أنَّه لم يكنْ مِن أصحابِ العمائِمِ، أو أنَّه لم يكنْ مِن عُلَماءِ المعاهِدِ الدِّينيَّةِ، إن لم يُلقِ إليك هذا العُذرُ بمقالِه، دلَّك عليه بلِسانِ حالِه) . وأيضًا فكُلُّ فَردٍ في المُجتمَعِ مُطالَبٌ بالعَملِ على إصلاحِ المُجتمَعِ، وإزالةِ الفسادِ منه على قَدرِ طاقتِه ووُسعِه، والتَّعاوُنِ معَ غَيرِه لتحقيقِ هذا المطلوبِ. قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2] . مسائِلُ مُتفرِّقةٌ الصَّلاحُ بغَيرِ إصلاحٍ لا يعصِمُ الأمَمَ مِن الهَلاكِ: قال تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود: 117] . وسألَت زَينبُ بنتُ جَحشٍ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: ((يا رسولَ اللهِ، أفنهلِكُ وفينا الصَّالِحونَ؟ قال: نعَم، إذا كثُر الخَبَثُ)) . قال القُرطُبيُّ: (فأمَّا إذا كثُر المُفسِدونَ وقلَّ الصَّالِحونَ، هلَك المُفسِدونَ والصَّالِحونَ معَهم، إذا لم يأمُروا بالمعروفِ، ويكرَهوا ما صنَع المُفسِدونَ) . (فكثرةُ الخَبَثِ مُؤذِنةٌ بالهلاكِ، وهذا يعني أنَّه يجِبُ مَنعُ هذا الخَبَثِ حتَّى لا يحُلَّ بالمُسلِمينَ الهلاكُ) . ادِّعاءُ الإصلاحِ بغَيرِ مَنهَجٍ صحيحٍ وبُرهانٍ صادِقٍ دعاوى زائِفةٌ: فقد ادَّعى المُنافِقونَ -معَ فسادِهم العريضِ- الإصلاحَ، وأخبَر سبحانَه عن ذلك، فقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ [البقرة: 11-12] ، أي: إذا قيل للمُنافِقينَ: لا تُفسِدوا في الأرضِ بمعصيةِ اللهِ تعالى، وبالنِّفاقِ والكُفرِ، واتِّخاذِ الكافِرينَ أولياءَ، والصَّدِّ عن سبيلِ اللهِ، والتَّعويقِ عن طاعتِه وطاعةِ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والإرجافِ...، إلى غَيرِ ذلك- يدَّعونَ أنَّ ما يفعلونَه مِن الفسادِ إصلاحٌ! أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ، أي: هم المُخالِفونَ في الحقيقةِ أمرَ اللهِ عزَّ وجلَّ بالكُفرِ والمعاصي، ولكن لا يدرونَ ولا يفطَنونَ إلى أنَّ ما يفعلونَه هو فسادٌ في الحقيقةِ . وبناءً على هذا يتَّضِحُ أنَّ مفهومَ الإصلاحِ الذي تُروِّجُ له وسائِلُ الإعلامِ العلمانيَّةُ يُرادُ به الإصلاحُ بالمفهومِ والمنظورِ الغربيِّ، فدعاوى تبرُّجِ المرأةِ، والاختِلاطِ بَينَ الجِنسَينِ، والسَّماحِ للشَّواذِّ بمُمارَسةِ شُذوذِهم- عندَهم إصلاحٌ، فما أكثَرَ أدعياءَ الإصلاحِ، وما أقَلَّ دُعاتَه! وتأمَّلْ قولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَثَلُ القائِمِ على حُدودِ اللهِ والواقِعِ فيها كمَثلِ قَومٍ استَهَموا على سفينةٍ، فأصاب بعضُهم أعلاها، وبعضُهم أسفَلَها، فكان الذين في أسفَلِها إذا استقَوا مِن الماءِ مرُّوا على مَن فَوقَهم، فقالوا: لو أنَّا خرَقْنا في نَصيبِنا خَرقًا ولم نُؤذِ مَن فَوقَنا، فإن يترُكوهم وما أرادوا هلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا، ونجَوا جميعًا)) ، فهذا تمثيلٌ لحالةِ طائِفةٍ في «الأسفَلِ» تعمَلُ لرَحمةِ مَن هم في «الأعلى»: عاطِفةٌ شريفةٌ، ولكنَّها سافِلةٌ، وحَميَّةٌ مُلتهِبةٌ، ولكنَّها بارِدةٌ، ورحمةٌ خالِصةٌ، ولكنَّها مُهلِكةٌ! ولن تجِدَ كهذا التَّمثيلِ في تصويرِ البلاغةِ الاجتِماعيَّةِ والغَفلةِ الفَلسفيَّةِ لأناسٍ هم عندَ أنفُسِهم أمثِلةُ الجِدِّ والعَملِ والحِكمةِ، فكأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ لهؤلاء مِن ألفٍ وأربعِمئةِ سنةٍ: أنتم المُصلِحونَ إصلاحًا مخروقًا ! فهؤلاء الذين يخوضونَ معَنا البحرَ، ويُسمُّونَ أنفُسَهم بالمُجدِّدينَ، وينتحِلونَ ضُروبًا مِن الأوصافِ؛ كحُرِّيَّةِ الفِكرِ، والغَيرةِ، والإصلاحِ، ولا يزالُ أحدُهم ينقُرُ موضِعَه مِن سفينةِ دينِنا وأخلاقِنا وآدابِنا بفأسِه، أي: بقَلمِه...، زاعمًا أنَّه موضِعُه مِن الحياةِ الاجتِماعيَّةِ، يصنَعُ فيه ما يشاءُ، ويتولَّاه كيف أراد، مُوجِّهًا لحماقتِه وُجوهًا مِن المعاذيرِ والحُجَجِ مِن المدنيَّةِ والفلسفةِ، جاهِلًا أنَّ القانونَ في السَّفينةِ إنَّما هو قانونُ العاقِبةِ دونَ غَيرِها، فالحُكمُ لا يكونُ على العَملِ بَعدَ وُقوعِه، كما يُحكَمُ على الأعمالِ الأخرى، بل قَبلَ وُقوعِه، والعِقابُ لا يكونُ على الجُرمِ يقتَرِفُه المُجرِمُ كما يُعاقَبُ اللِّصُّ والقاتِلُ وغَيرُهما، بل على الشُّروعِ فيه، بل على توجُّهِ النِّيَّةِ إليه، فلا حُرِّيَّةَ هنا في عَملٍ يُفسِدُ خَشبَ السَّفينةِ، أو يمَسُّه مِن قُربٍ أو بُعدٍ ما دامت مُلجِّجةً في بَحرِها، سائِرةً إلى غايتِها؛ إذ كلمةُ (الخَرقِ) لا تحمِلُ في السَّفينةِ معناها الأرضيَّ، وهنا لفظةُ (أصغَرُ خَرقٍ) ليس لها إلَّا معنًى واحِدٌ، وهو (أوسَعُ قَبرٍ)...! وكلمةُ الحُرِّيَّةِ يكونُ مِن معانيها الجنايةُ والزَّيغُ والفسادُ، وعلى هذا القياسِ اللُّغويِّ فالقَلمُ في أيدي بعضِ الكُتَّابِ مِن معانيه الفأسُ، والكاتِبُ مِن معانيه المُخرِّبُ، والكِتابةُ مِن معانيها الخيانةُ...! والزَّائِغونَ في التَّاريخِ الإسلاميِّ كُلِّه صِنفانِ ليس لهما ثالِثٌ، وقد وصَفهما حديثُ حُذَيفةَ بنِ اليمانِ رضِي اللهُ عنهما، قال: ((كان النَّاسُ يسألونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الخيرِ، وكنْتُ أسألُه عن الشَّرِّ؛ مخافةَ أن يُدرِكَني، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كنَّا في جاهِليَّةٍ وشرٍّ، فجاءنا اللهُ بهذا الخيرِ، فهل بَعدَ هذا الخيرِ مِن شرٍّ؟ قال: نعَم. قلْتُ: وهل بَعدَ ذلك الشَّرِّ مِن خيرٍ؟ قال: نعَم، وفيه دَخَنٌ، قلْتُ: وما دَخَنُه؟ قال: قومٌ يَهدونَ بغَيرِ هَدْيي، تعرِفُ منهم وتُنكِرُ، قلْتُ: فهل بَعدَ ذلك الخيرِ مِن شرٍّ؟ قال: نعَم، دُعاةٌ على أبوابِ جهنَّمَ، مَن أجابهم إليها قذَفوه فيها، قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، صِفْهم لنا، قال: هم مِن جِلدتِنا، ويتكلَّمونَ بألسِنتِنا، قلْتُ: فما تأمُرُني إن أدرَكني ذلك؟ قال: تلزَمُ جماعةَ المُسلِمينَ وإمامَهم، قلْتُ: فإن لم يكنْ لهم جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قال: فاعتَزِلْ تلك الفِرَقَ كُلَّها، ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ، حتَّى يُدرِكَك الموتُ وأنت على ذلك)) . فتأمَّلْ قولَه: ((يَهدونَ بغَيرِ هَدْيي، تعرِفُ منهم وتُنكِرُ))، فهؤلاء هم الذين يُريدونَ الإصلاحَ للمُسلِمينَ لا مِن طريقِ الإسلامِ، بل مِن طُرقٍ أخرى فيها معروفُها ومُنكَرُها، وفيها عِلمُها وجَهلُها، وفيها عَقلُها وحماقتُها. ولعلَّ مِن هذا قولَهم: المدنيَّةُ الأوروبيَّةُ بحَسناتِها وسيِّئاتِها...، وتأمَّلْ قولَه: ((إلى أبوابِ جهنَّمَ))، فليست الدَّعوةُ إلى بابٍ واحِدٍ، بل إلى أبوابٍ مُختلِفةٍ...، ثُمَّ تأمَّلْ قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ولو أن تعَضَّ بأصلِ شجرةٍ))، فإنَّ معناه استِمساكٌ بما بقِي على الطَّبيعةِ السَّليمةِ ممَّا لا يستطيعُ أولئك أن يُغيِّروه ولا أن يُجدِّدوه، أي: بالاستِمساكِ، ولو بأصلٍ واحِدٍ مِن قديمِ الفضيلةِ والإيمانِ، وعِبارةُ العَضِّ بأصلِ شجرةٍ تُمثِّلُ أبدَعَ وأبلَغَ وَصفٍ لمَن يلزَمُ أصولَ الفضائِلِ في هذا الزَّمنِ، ومَبلَغَ ما يُعانيه في التَّمسُّكِ بفضيلتِه . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 02:12 AM | #54 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاصلاح
الإصلاح في واحة الأدب أ- من الشعر 1- قال عليٌّ الجارِمُ: وطريقُ الإصلاحِ في كُلِّ شَعبٍ عَسِرُ المُرتَقى على مُجتابِه 2- وقال مُحمَّد العيد آل خليفةَ: وهُبُّوا إلى الإصلاحِ فاللهُ كافِلٌ لمَن هبَّ للاصلاحِ حُسنَ مآلِ 3- وقال أحمد سُحنون: ولكنَّ ليلَ المُسلِمينَ سينجلي ونُمسي كما كنَّا لنا الفوزُ والسَّبقُ ولسنا على يأسٍ نعيشُ وإنَّما على ثِقةٍ أنْ سوف ينتصِرُ الحقُّ وإن فشِلَت كُلُّ الوسائِلِ في الذي نرومُ مِن الإصلاحِ لن يفشَلَ الصِّدقُ 4- وقال حافِظ إبراهيم: أيُّها المُصلِحونَ أصلحْتُم الأر ضَ وبِتُّم عن النُّفوسِ نيامَا أصلِحوا أنفُسًا أضَرَّ بها الفَقـ رُ وأحيا بموتِها الآثامَا 5- قال مُحمَّدُ بنُ أيمَنَ الرُّهاويُّ: إنَّ المكارِمَ كُلَّها لو حُصِّلَت رجَعَت بُجملتِهـا إلى شيئَينِ تعظيمُ أمرِ اللهِ جلَّ جلالُـه والسَّعيُ في إصلاحِ ذاتِ البَينِ ب- من الأمثال والحكم 1- وفي المَثلِ: أصلَحَ غَيثٌ ما أفسَد البَردُ. يعني: إذا أفسَد البَردُ الكلأَ بتحطيمِه إيَّاه، أصلَحه المطرُ بإعادتِه له. يُضرَبُ لمَن أصلَح ما أفسَده غَيرُه . 2- ومِن الأمثالِ أيضًا: كدابِغةٍ وقد حلِم الأديمُ. يُضرَبُ مَثلًا للرَّجلِ يشرَعُ في إصلاحِ ما لا يصلَحُ وبَعدَ فواتِ الأوانِ، وذلك أنَّ الجِلدَ إذا حَلِم فليس بَعدَه إصلاحٌ 3- ومِن الأمثالِ: قليلُ المالِ تُصلِحُه فيَبقى . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
اليوم, 02:15 AM | #55 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون إن شاء الله عن ( الاعتدال والوسطية )
وسوف أتناول من خلاله المحاور التالية : أوَّلًا: معنى الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ لُغةً واصطِلاحًا ثانيًا: التَّرغيبُ في الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ ثالثًا: فوائِدُ الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ رابعًا: أقسامُ الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ خامسًا: مظاهِرُ وصُوَرُ الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ سادِسًا: موانِعُ اكتسابِ الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ سابعًا: الوسائِلُ المعينةُ على الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ ثامنًا: قِصَصٌ ونماذِجُ مِن صُوَرِ الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ تاسِعًا: حُكمُ الاعتِدالِ والوَسَطيَّةِ عاشِرًا: مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ حادِيَ عَشَرَ: الاعتِدالُ والوَسَطيَّةُ في واحةِ الأدَبِ |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد ) | البراء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 351 | 11-12-2024 08:09 AM |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |