آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-13-2024, 09:46 AM | #31 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( الإحسان إلى الغير )
|
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-13-2024, 12:34 PM | #32 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة عملية في ذلك، فما بلغ أحدٌ ما بلغهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف لا وقد كان خُلُقُهُ القرآن، فبلغ بذلك عليه السلام مبلغ التمام، وهو سيد الأنام، فإن الصورة العملية لخُلق الرسول الكريم لهي نبراسٌ وتوجيه يقتدي به كل مسلم، وان حسن الخلق لباب من أبواب الدعوة العملية، وهي دليل على صحة الرسالة، تلكم الرسالة التي بلغت الكمال، ومرادها كل خير وعلو وجمال، وهي من الله الكريم المتعال.
|
|
11-13-2024, 01:29 PM | #33 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المفيد
متابعة لكل مواضيعك الرائعة والقيمة مراقبنا الكبير والقدير البراء اشكرك وبارك الله فيك |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
يوم أمس, 03:46 AM | #34 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
الإحسان
الإحسان مستق من «الحُسن» الذي هو الجمال والبهاء لكل ما يصدر من العبد من خطرات ونبرات وتصرفات، وهو أعلى مقامات الرفعة الإنسانية والمفتاح السحري لكل أزماتها وجسر سعادتها الأبدية، وكفى الإحسان شرفا أن البشرية جمعاء اتفقت على حبه ومدحه وأجمعت على كره ضده من كافة صنوف الإساءة، ولذلك أولى الإسلام الإحسان عناية بالغة وجعله أسمى هدف تصبو إليه نفوس العابدين، وهو طريق الوصول لمحبة الله تعالى ومعيته ورحمته، بل ورؤيته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، في جنة الخلد، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. من أبلغ الأقوال في الإحسان قول من أوتي جوامع الكلم –صلى الله عليه وسلم-: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» [البخاري ومسلم] ففي هذه الكلمات النبوية الجامعة من مقتضيات المراقبة والخشية والإنابة والإتقان والإتباع وصفاء السريرة .. ما فيه صلاح الدنيا والآخرة. فبين صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين، (أعلاهما) عبادة الله كأنك تراه، وهذا «مقام المشاهدة»، وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه حيث يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان، وهذا هو حقيقة مقام الإحسان. ولذلك لما خطب عروة إِلَى ابن عمر ابنته وهما في الطواف لم يجبه بشيء، ثم رآه بعد ذلك فاعتذر إِلَيْهِ، وقال: «كنا في الطواف نتخايل الله بين أعيننا».[الحلية، أبو نعيم] (الثاني): «مقام المراقبة» وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى؛ لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل، قال الحارث المحاسبي: «أوائل المراقبة علم القلب بقرب الرب»، وقال بعض السَّلف: «من عمل لله عَلَى المشاهدة فهو عارف، ومن عمل عَلَى مشاهدة الله إياه فهو مخلص». ويتفاوت أهل هذين المقامين بحسب نفوذ البصائر لذلك قال النووي –رحمه الله-: (وهذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين، وقاعدة مهمة من قواعد المسلمين، وهو عمدة الصديقين، وبغية السالكين، وكنز العارفين، ودأب الصالحين). وقالوا أيضا في الإحسان: «فعل الخيرات على أكمل وجه». «تحسين الظاهر والباطن». «الإتيان بغاية ما يمكن من تحسين العمل المأمور به، ولا يترك شيئاً مما أمر به». «امتلاء القلب بحقيقة الألوهية كأنه يشاهد الله عياناً». «مراعاة الخشوع والخضوع». وبالجملة فالإحسان هو الذي خُلقنا من أجله، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} ثم بيّن الحكمة فقال: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2]. والإحسان ذروة الأعمال، وهو أن تقدم الفعل من غير عوض سابق، بل يساء إليك ولا يسعك إلا أن تقدم الإحسان، كما فعل يوسف الصديق عليه السلام {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف46-48] فعاملهم بالإحسان فلم يعبر لهم الرؤيا فقط بل أعطاهم الحل معه {فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ}. بل إن الذي يستلفت النظر في قصة يوسف عليه السلام كثرة تكرار صفة الإحسان، فكان محسنا مع ربه ومع الناس –وهما متلازمان- فقد سمى الله قصته {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ} [يوسف3] أي من أحسنه. ورتب على الإحسان إيتاءه الحكم والعلم مع الشباب {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف22] ووصفه السجناء بذلك {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف36] وبه مكنه الله تعالى في الأرض {وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف56] وقال له إخوته وهم لا يعرفونه {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف78] وقال عن نفسه وأخيه {قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف90] ثم أثنى على ربه بإحسانه إليه {وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف100] فلم يذهب إحسانه سدى، فكل إحسان يفعله العبد حتى فيمن لا يستحقون لابد أن يكافئه عليه الله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن60] فاصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن صادف أهله فهو أهله، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله. والإحسان خير مكانة يتبوأها العبد لأنه إن أساء وسعه بعده الإيمان ثم الإسلام، أما من يعيشون على الحد الأدنى للإسلام فهو مع النقص مهدد بكفر الاعتقاد أو كفر النعمة. قال ابن تيمية: (جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات: أعلاها الإحسان، وأوسطها الإيمان، ويليه الإسلام. فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسنا، ولا كل مسلم مؤمنا ..)، ثم قال: (وأما الإحسان فهو أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان، والإيمان أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإسلام، فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام، والمحسنون أخص من المؤمنين، والمؤمنون أخص من المسلمين). وخلق الإحسان يتسع ليشمل القول والعمل والعبادات والمعاملات .. فهو إكسير الحياة الذي يحيلها طيبة متآلفة، لذلك جعل الله تعالى رحمته ومحبته جائزة المحسنين {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134] {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف56] كما أن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم-: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» [الترمذي] أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم** فطالما استعبد الإنسان إحسان وأعظم ثمرات الإحسان قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس26] الحُسْنَى: أي البالغة الحسن في كل شيء، من جهة الكمال والجمال، وهي الجنة، وقد ثبت عن النبي في صحيح مسلم تفسير الزيادة المذكورة في هذه الآية الكريمة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة، ولا يخفى ما بين هذا الجزاء وذلك الإحسان من المناسبة، فالمحسنون الذين عبدوا الله كأنهم يرونه، جزاهم على ذلك العمل النظر إليه عياناً في الآخرة {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن60] وعكس هذا ما أخبر الله به عن الكفار في الآخرة بقوله: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم31] إن الإحسان هو الأمارة الدالة على الفوز والنجاة. فمن كان من أهل السعادة، عمل عمل المحسنين، ومن كان من أهل الشقاء عمل عمل المسيئين. فهو طريقك وهدفك ومحل كدك ونصبك .. روى الطبراني عن أبي سلمة عن معاذ –رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله أوصني. قال: «اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية» [حسن لغيره، الألباني] من خلال حديثنا عن الاحسان سنتطرق الى المواضيع التالية : 1- معنى الإحْسَان لغةً واصطلاحًا 2- الفرق بين الإحْسَان وبعض الصِّفات 3- الترغيب في الإحسان 4- أقوال السَّلف والعلماء في الإحسان 5- فوائد الإحْسَان 6- أقسام الإحْسَان 7- صور الإحْسَان 8- الأمثال في الإحْسَان 9- الإحْسَان في واحة الشِّعر ( يتبع – الاحسان لغة واصطلاحا ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !
التعديل الأخير تم بواسطة البراء ; يوم أمس الساعة 03:51 AM
|
يوم أمس, 03:57 AM | #35 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاحسان
معنى الإحْسَان لغةً: الإحْسَان ضِدُّ الإساءة. مصدر أحسن أي جاء بفعل حسن معنى الإحْسَان اصطلاحًا: (الإحْسَان نوعان: - إحسان في عبادة الخالق: بأن يعبد الله كأنَّه يراه فإن لم يكن يراه فإنَّ الله يراه. وهو الجِدُّ في القيام بحقوق الله على وجه النُّصح، والتَّكميل لها. - وإحسانٌ في حقوق الخَلْق... هو بذل جميع المنافع مِن أي نوعٍ كان، لأي مخلوق يكون، ولكنَّه يتفاوت بتفاوت المحْسَن إليهم، وحقِّهم ومقامهم، وبحسب الإحْسَان، وعظم موقعه، وعظيم نفعه، وبحسب إيمان المحْسِن وإخلاصه، والسَّبب الدَّاعي له إلى ذلك) وقال الراغب: (الإحسان على وجهين: أحدهما: الإنعام على الغير، والثاني: إحسان في فعله، وذلك إذا علم علمًا حسنًا أو عمل عملًا حسنًا) - الفرق بين الإحْسَان والإنْعَام: (أَنَّ الإحْسَان يكون لنفس الإنسان ولغيره، تقول: أَحْسَنْتُ إلى نفسي. والإنْعَام لا يكون إلَّا لغيره) - الفرق بين الإحْسَان والإفضَال: ( أنَّ الإحسان: النفع الحسن. والإفْضَال: النَّفع الزَّائد على أقلِّ المقدار، وقد خُصَّ الإحْسَان بالفضل، ولم يجب مثل ذلك في الزِّيادة؛ لأنَّه جرى مجرى الصِّفة الغالبة) - الفرق بين الإحْسَان والفضل: (أنَّ الإحْسَان قد يكون واجبًا وغير واجب. والفضل لا يكون واجبًا على أحد، وإنَّما هو ما يتفضَّل به مِن غير سبب يوجبه) الترغيب في الإحسان أولًا: الترغيب في الإحسان في القرآن الكريم - قال سبحانه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النَّحل:90] قال السعدي: (الإحْسَان فضيلة مستحبٌّ، وذلك كنفع النَّاس بالمال والبدن والعِلْم، وغير ذلك مِن أنواع النَّفع حتى إنَّه يدخل فيه الإحْسَان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره) - وقال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: 83] أي: (أحسنوا بالوالدين إحسانًا، وهذا يعمُّ كلَّ إحسان قولي وفعلي ممَّا هو إحسان إليهم، وفيه النَّهي عن الإساءة إلى الوالدين، أو عدم الإحْسَان والإساءة؛ لأنَّ الواجب الإحْسَان، والأمر بالشَّيء نهيٌ عن ضِدِّه. وللإحْسَان ضِدَّان: الإساءة، وهي أعظم جرمًا، وترك الإحْسَان بدون إساءة، وهذا محرَّم، لكن لا يجب أن يلحق بالأوَّل، وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى، والمساكين، وتفاصيل الإحْسَان لا تنحصر بالعَدِّ، بل تكون بالحَدِّ. ثمَّ أمر بالإحْسَان إلى النَّاس عمومًا فقال: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً، ومِن القول الحَسَن: أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليمهم العِلْم، وبذل السَّلام، والبشاشة وغير ذلك مِن كلِّ كلام طيِّب. ولـمَّا كان الإنسان لا يسع النَّاس بماله، أُمِر بأمرٍ يقدر به على الإحْسَان إلى كلِّ مخلوق، وهو الإحْسَان بالقول، فيكون في ضمن ذلك النَّهي عن الكلام القبيح للنَّاس حتى للكفَّار) - وقوله: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص: 77] قال الشَّوكاني في تفسير قوله: وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ: (أي: أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بما أنعم به عليك مِن نعم الدُّنْيا) - وقال عزَّ مِن قائل: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56] قال ابن القيِّم: (وقوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56] ، فيه تنبيه ظاهر على أنَّ فعل هذا المأمور به هو الإحْسَان المطلوب منكم، ومطلوبكم أنتم مِن الله هو رحمته، ورحمته قريبٌ مِن المحسنين الذين فعلوا ما أُمِروا به مِن دعائه خوفًا وطمعًا، فَقَرُب مطلوبكم منكم، وهو الرَّحمة بحسب أدائكم لمطلوبه منكم، وهو الإحْسَان الذي هو في الحقيقة إحسان إلى أنفسكم؛ فإنَّ الله تعالى هو الغنيُّ الحميد، وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم. وقوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ له دلالة بمنطوقه، ودلالة بإيمائه وتعليله، ودلالة بمفهومه، فدلالته بمنطوقه على قرب الرَّحمة مِن أهل الإحْسَان، ودلالته بتعليله وإيمائه على أنَّ هذا القُرْب مستحقٌّ بالإحْسَان، فهو السَّبب في قرب الرَّحمة منهم، ودلالته بمفهومه على بُعْد الرَّحمة مِن غير المحسنين، فهذه ثلاث دلالات لهذه الجملة. وإنَّما اختُصَّ أهل الإحْسَان بقرب الرَّحمة منهم؛ لأنَّها إحسان مِن الله أرحم الرَّاحمين، وإحسانه تعالى إنَّما يكون لأهل الإحْسَان؛ لأنَّ الجزاء مِن جنس العمل، فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته. وأمَّا مَن لم يكن مِن أهل الإحْسَان فإنَّه لـمَّا بَعُد عن الإحْسَان بَعُدَت عنه الرَّحمة بُعْدًا بِبُعْد، وقُرْبًا بقرب، فمَن تقرَّب بالإحْسَان تقرَّب الله إليه برحمته، ومَن تباعد عن الإحْسَان تباعد الله عنه برحمته، والله -سبحانه- يحبُّ المحسنين، ويبغض مَن ليس مِن المحسنين، ومَن أحبَّه الله فرحمته أقرب شيء منه، ومَن أبغضه فرحمته أبعد شيء منه، والإحْسَان- هاهنا-: هو فِعْل المأمور به سواءً كان إحسانًا إلى النَّاس أو إلى نفسه، فأعظم الإحْسَان: الإيمان والتَّوحيد، والإنابة إلى الله، والإقبال عليه، والتَّوكل عليه، وأن يعبد الله كأنَّه يراه إجلالًا ومهابةً وحياءً ومحبةً وخشيةً، فهذا هو مقام الإحْسَان، كما قال النَّبيُّ، وقد سأله جبريل عن الإحْسَان، فقال: ((أن تعبد الله كأنَّك تراه )) ثانيًا: الترغيب في الإحسان في السُّنَّة النَّبويَّة - عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: ((إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه، فليُرح ذبيحته )) قال المباركفوري: (قوله: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)) أي: إلى كلِّ شيء، أو ((على)) بمعنى: في، أي: أمركم بالإحْسَان في كلِّ شيء، والمراد منه العموم الشَّامل للإنسان حيًّا وميتًا. قال الطَّيبي: أي أوجب مبالغة؛ لأنَّ الإحْسَان هنا مستحبٌّ، وضمَّن الإحْسَان معنى التَّفضُّل وعدَّاه بعلى. والمراد بالتَّفضُّل: إراحة الذَّبيحة بتحديد الشَّفرة، وتعجيل إمرارها وغيره. وقال الشُّمُنِّيُّ: على- هنا- بمعنى اللام متعلِّقة بالإحْسَان، ولا بدَّ مِن على أخرى محذوفة بمعنى: الاستعلاء المجازي، متعلِّقة بكَتَبَ، والتَّقدير: كَتَبَ على النَّاس الإحْسَان لكلِّ شيء) - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهليَّة؟ قال: ((مَن أحسن في الإسلام لم يُؤاخذ بما عمل في الجاهليَّة، ومَن أساء في الإسلام أُخذ بالأوَّل والآخر )) - وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: ((أقبل رجلٌ إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر مِن الله. قال: فهل مِن والديك أحدٌ حيٌّ؟ قال: نعم، بل كلاهما. قال: أفتبتغي الأجر مِن الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما )) - وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص؛ قال: حدَّثني أبي، أنَّه شهد حجَّة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ. فذكر في الحديث قصةً فقال: ((ألا واستوصوا بالنِّساء خيرًا، فإنَّما هنَّ عَوَان عندكم ليس تملكون منهنَّ شيئًا غير ذلك، إلَّا أن يأتين بفاحشة مُبَيِّنَة، فإن فعلن فاهجروهنَّ في المضاجع، واضربوهنَّ ضربًا غير مُبَرِّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلًا. ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا. فأمَّا حقُّكم على نسائكم فلا يُوطِئْن فرشكم مَن تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقُّهنَّ عليكم أن تحسنوا إليهنَّ في كسوتهنَّ وطعامهنَّ )) - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله صلى - الله عليه وسلم: ((كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا سمعت جيرانك يقولون: أن قد أحسنت فقد أحسنت. وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأت، فقد أسأت)) ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
يوم أمس, 04:00 AM | #36 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاحسان
أقوال السَّلف والعلماء في الإحسان - قال ابن عيينة: (سئل علي رضي الله عنه عن قول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل: 90] ، فقال: العدل: الإنصاف، والإحْسَان: التفضُّل) - وقرأ الحسن البصري: (هذه الآية إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل: 90] الآية، ثمَّ وقف فقال: إنَّ الله جمع لكم الخير كلَّه والشَّر كلَّه في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والإحْسَان شيئًا مِن طاعة الله عزَّ وجلَّ إلَّا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي مِن معصية الله شيئًا إلَّا جَمَعه) - وقال ابن القيِّم: (مفتاح حصول الرَّحمة الإحْسَان في عبادة الخالق، والسَّعي في نفع عبيده) - وقال أيضًا: (فإنَّ الإحْسَان يفرح القلب ويشرح الصَّدر ويجلب النِّعم ويدفع النِّقم، وتركه يوجب الضَّيم والضِّيق، ويمنع وصول النِّعم إليه، فالجبن: ترك الإحْسَان بالبدن، والبخل: ترك الإحْسَان بالمال) - وقال في موضع آخر: (ومِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: منزلة الإحْسَان؛ وهي لبُّ الإيمان وروحه وكماله، وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل، فجميعها منطوية فيها، وكلُّ ما قيل مِن أوَّل الكتاب إلى هاهنا فهو مِن الإحْسَان) - وقال رجلٌ لأحد السلاطين: (أحقُّ النَّاس بالإحْسَان مَن أحسن الله إليه، وأولاهم بالإنصاف مَن بُسِطت القدرة بين يديه؛ فاسْتَدِم ما أوتيت مِن النِّعم بتأدية ما عليك مِن الحقِّ) فوائد الإحْسَان 1- للإحْسَان ثمرة عظيمة تتجلَّى في تماسك بنيان المجتمع، وحمايته مِن الخراب والتَّهلكة ووقايته مِن الآفات الاجتماعيَّة. 2- المحسن يكون في معيَّة الله عزَّ وجلَّ، ومَن كان الله معه فإنَّه لا يخاف بأسًا ولا رهقًا. 3- المحسن يكتسب بإحسانه محبَّة الله عزَّ وجلَّ. 4- للمحسنين أجر عظيم في الآخرة حيث يكونون في مأمن مِن الخوف والحزن. 5- المحسن قريب مِن رحمة الله عزَّ وجلَّ. 6- الإحْسَان هو وسيلة المجتمع للرُّقي والتَّقدُّم، وإذا كان صنوه، أي: العدل وسيلة لحفظ النَّوع البَشَريِّ فإنَّ الإحْسَان هو وسيلة تقدمه ورقيِّه؛ لأنَّه يؤدِّي إلى توثيق الرَّوابط وتوفير التَّعاون. 7- الإحْسَان وسيلة لإزالة ما في النُّفوس مِن الكدر وسوء الفهم وسوء الظَّنِّ ونحو ذلك. 8- الإحْسَان في عبادة الخالق يمنع عن المعاصي. قال ابن القيِّم: (فإنَّ الإحْسَان إذا باشر القلب منعه عن المعاصي، فإنَّ مَن عبد الله كأنَّه يراه، لم يكن كذلك إلَّا لاستيلاء ذكره ومحبَّته وخوفه ورجائه على قلبه، بحيث يصير كأنَّه يشاهده، وذلك سيحول بينه وبين إرادة المعصية، فضلًا عن مواقعتها، فإذا خرج مِن دائرة الإحْسَان، فاته صحبة رفقته الخاصَّة، وعيشهم الهنيء، ونعيمهم التَّام، فإن أراد الله به خيرًا أقرَّه في دائرة عموم المؤمنين) 9- الإحْسَان إلى النَّاس سببٌ مِن أسباب انشراح الصَّدر: الذي يحسن إلى النَّاس ينشرح صدره، ويشعر بالرَّاحة النَّفسيَّة، وقد ذكر ابن القيِّم في (زاد المعاد) أن الإحْسَان مِن أسباب انشراح الصَّدر، فقال: (... إنَّ الكريم المحسن أشرح النَّاس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق النَّاس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا) 10- الإحْسَان إلى النَّاس يطفئ نار الحاسد. (إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحْسَان إليه، فكلَّما ازداد أذًى وشرًّا وبغيًا وحسدًا ازددت إليه إحسانًا، وله نصيحةً، وعليه شفقةً، وما أظنُّك تصدِّق بأنَّ هذا يكون، فضلًا عن أن تتعاطاه، فاسمع الآن قوله عزَّ وجلَّ: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصِّلت: 34-36] وقال: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [القصص: 54] .. هذا مع أنَّه لا بدَّ له مع عدوِّه وحاسده مِن إحدى حالتين، إمَّا أن يملكه بإحسانه فيستعبده وينقاد له ويذلُّ له، ويبقى مِن أحبِّ النَّاس إليه، وإمَّا أن يفتِّت كبده ويقطع دابره إن أقام على إساءته إليه، فإنَّه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه ومَن جرَّب هذا عرفه حقَّ المعرفة، والله هو الموفق المعين بيده الخير كلِّه لا إله غيره، وهو المسؤول أن يستعملنا وإخواننا في ذلك بمنِّه وكرمه) أقسام الإحْسَان الإحْسَان ينقسم إلى قسمين: إحسان في عبادة الله. وإحْسَان إلى عباد الله، وكل قسم منهما ينقسم إلى واجب ومستحب. فأما الإحسان في عبادة الله فيتضمن الإحْسَان في الإتيان بالواجبات الظَّاهرة والباطنة، وذلك بــــ(الإتيان بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القَدْر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ، وأمَّا الإحْسَان فيها بإكمال مستحبَّاتها فليس بواجب. والإحْسَان في ترك المحرَّمات: الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى: وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ [الأنعام:120] ، فهذا القدر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ. وأمَّا الإحْسَان في الصَّبر على المقدورات، فأن يأتي بالصَّبر عليها على وجهه مِن غير تسخُّط ولا جزع) وأما الإحسان إلى عباد الله فالواجب منه (هو الإنصاف، والقيام بما يجب عليك للخلق بحسب ما توجَّه عليك مِن الحقوق...بأن تقوم بحقوقهم الواجبة، كالقيام ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإنصاف في جميع المعاملات، بإعطاء جميع ما عليك مِن الحقوق، كما أنَّك تأخذ مالك وافيًا. قال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النِّساء: 36] فأمر بالإحْسَان إلى جميع هؤلاء) وقال ابن رجب: (والإحْسَان الواجب في معاملة الخَلْق ومعاشرتهم: القيام بما أوجب الله مِن حقوق ذلك كلِّه، والإحْسَان الواجب في ولاية الخَلْق وسياستهم، القيام بواجبات الولاية كلِّها) وأما المستحب منه فهو (القَدْرُ الزَّائد على الواجب في ذلك كلِّه) ومثال ذلك (بذل نفع بدنيٍّ، أو ماليٍّ، أو علميٍّ، أو توجيه لخير دينيٍّ، أو مصلحة دنيويَّة، فكلُّ معروف صَدَقة، وكلُّ ما أدخل السُّرور على الخَلْق صَدَقة وإحسان. وكلُّ ما أزال عنهم ما يكرهون، ودفع عنهم ما لا يرتضون مِن قليل أو كثير، فهو صَدَقة وإحسان) (يتبع) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
يوم أمس, 04:03 AM | #37 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاحسان
صور الإحْسَان قبل أن نُـفَصِّلَ في صور الإحْسَان نذكر هذه الصور على جهة الإجمال، والتي منها الإحسان في العبادات، والإحسان في المعاملات، والإحسان إلى الحيوانات، والإحسان في الأعمال البدنية، فـ(الإحْسَان في باب العبادات أن تؤدِّى العبادة أيًّا كان نوعها؛ مِن صلاة أو صيام أو حجٍّ أو غيرها أداءً صحيحًا، باستكمال شروطها وأركانها، واستيفاء سننها وآدابها، وهذا لا يتمُّ للعبد إلَّا إذا كان شعوره قويًّا بمراقبة الله عزَّ وجلَّ حتى كأنَّه يراه تعالى ويشاهده، أو على الأقلِّ يشعر نفسه بأنَّ الله تعالى مطَّلع عليه، وناظرٌ إليه، فبهذا وحده يمكنه أن يحسن عبادته ويتقنها، فيأتي بها على الوجه المطلوب، وهذا ما أرشد إليه الرَّسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ((الإحْسَان أن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك )) وفي باب المعاملات فهو للوالدين ببرِّهما بالمعروف، وطاعتهما في غير معصية الله، وإيصال الخير إليهما، وكفِّ الأذى عنهما، والدُّعاء والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما. وهو للأقارب ببرِّهم ورحمتهم والعطف عليهم، وفعل ما يَجْمُل فعله معهم، وترك ما يسيء إليهم. وهو لليتامى بالمحافظة على أموالهم، وصيانة حقوقهم، وتأديبهم وتربيتهم بالحسنى، والمسح على رؤوسهم. وهو للمساكين بسدِّ جوعهم، وستر عورتهم، وعدم احتقارهم وازدرائهم، وعدم المساس بهم بسوء، وإيصال النَّفع إليهم بما يستطيع، وهو لابن السَّبيل بقضاء حاجته، وسدِّ خلَّته، ورعاية ماله، وصيانة كرامته، وبإرشاده إن استرشد، وهدايته إن ضلَّ. وهو للخادم بإتيانه أجره قبل أن يجفَّ عرقه، وبعدم إلزامه ما لا يلزمه، أو تكليفه بما لا يطيق، وبصون كرامته، واحترام شخصيَّته. وهو لعموم النَّاس بالتَّلطُّف في القول لهم، ومجاملتهم في المعاملة، وبإرشاد ضالِّهم، وتعليم جاهلهم، والاعتراف بحقوقهم، وبإيصال النَّفع إليهم، وكفِّ الأذى عنهم. وهو للحيوان بإطعامه إن جاع، ومداواته إن مرض، وبعدم تكليفه ما لا يطيق، وحمله على ما لا يقدر، وبالرِّفق به إن عمل، وإراحته إن تعب. وهو في الأعمال البدنيَّة بإجادة العمل، وإتقان الصَّنعة، وبتخليص سائر الأعمال مِن الغش، وهكذا) وإليك تفاصيل هذه الصُّور: 1- الإحْسَان في عبادة الله: (والإحْسَان في عبادة الله له ركن واحد بيَّنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((بأن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك )) فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مرتبة الإحْسَان على درجتين، وأنَّ المحسنين في الإحْسَان على درجتين متفاوتتين، الدَّرجة الأولى: وهي ((أن تعبد الله كأنَّك تراه)) الدَّرجة الثَّانية: أن تعبد الله لأنَّه يراك، والمعنى إذا لم تستطع أن تعبد الله كأنَّك تراه وتشاهده رأي العين، فانزل إلى المرتبة الثَّانية، وهي أن تعبد الله لأنَّه يراك. فالأولى عبادة رغبة وطمع، والثَّانية عبادة خوف ورهب) 2- الإحْسَان إلى الوالدين: جاءت نصوص كثيرة تحثُّ على حقوق الوالدين وبرِّهما والإحْسَان إليهما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24] قال القرطبي: (قال العلماء: فأحقُّ النَّاس بعد الخالق المنَّان بالشُّكر والإحْسَان والتزام البرِّ والطَّاعة له والإذعان مَن قرن الله الإحْسَان إليه بعبادته وطاعته، وشكره بشكره، وهما الوالدان، فقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لقمان: 14] ) وقوله تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام: 151] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أفضل؟ قال: الصَّلاة لوقتها. قال قلت: ثمَّ أي؟ قال: برُّ الوالدين. قال قلت: ثمَّ أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله )) قال الرَّازي: (أجمع أكثر العلماء على أنَّه يجب تعظيم الوالدين والإحْسَان إليهما إحسانًا غير مقيَّد بكونهما مؤمنين؛ لقوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83] ) 3- الإحْسَان إلى الجار: عن أبي شُريح الخُزاعي أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليسكت )) ويكرم جاره بالإحسان إليه وكف الأذى عنه، وتحمل ما يصدر منه، والبشر في وجهه، وغير ذلك من وجوه الإكرام 4- الإحْسَان إلى اليتامى والمساكين: ومِن الإحْسَان إلى اليتامى والمساكين: المحافظة على حقوقهم والقيام بتربيتهم، والعطف عليهم، ومدُّ يد العون لهم، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: 83] (فإنَّ الإحْسَان إليهم والبرَّ بهم وكفالة عيشهم وصيانة مستقبلهم مِن أزكى القربات، بل إنَّ العواطف المنحرفة تعتدل في هذا المسلك وتلزم الجادَّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنَّ رجلًا شكا إلى رسول الله قسوة قلبه، فقال: ((امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين)) وفي رواية: أنَّ رجلًا جاءه يشكو قسوة قلبه، فقال له: ((أتحبُّ أن يلين قلبك وتدرك حاجتك، ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه مِن طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك)) وذلك أنَّ القلب يتبلَّد في المجتمعات التي تضجُّ بالمرح الدَّائم، والتي تصبح وتمسي وهي لا ترى مِن الحياة غير آفاقها الزَّاهرة ونعمها الباهرة، والمترفون إنَّما يتنكَّرون لآلام الجماهير؛ لأنَّ الملذَّات -التي تُيَسَّر لهم- تُغلِّف أفئدتهم وتطمس بصائرهم، فلا تجعلهم يشعرون بحاجة المحتاج وألم المتألِّم وحزن المحزون، والنَّاس إنَّما يُرْزَقون الأفئدة النَّبيلة والمشاعر المرهفة عندما ينقلبون في أحوال الحياة المختلفة، ويُبْلَون مسَّ السَّرَّاء والضَّرَّاء.. عندئذ يحسُّون بالوحشة مع اليتيم وبالفقدان مع الثَّكلى وبالتعب مع البائس الفقير) 5- الإحسان في المعاملات التجارية : قد أمر الله تعالى بالعدل والإحْسَان جميعًا، والعدل سبب النَّجاة فقط، وهو يجري من التِّجارة مجرى سلامة رأس المال، والإحْسَان سبب الفوز ونيل السَّعادة، وهو يجري من التِّجارة مجرى الرِّبح، ولا يُعدُّ مِن العقلاء مَن قنع في معاملات الدُّنْيا برأس ماله، فكذا في معاملات الآخرة. ولا ينبغي للمتديِّن أن يقتصر على العدل واجتناب الظُّلم، ويدع أبواب الإحْسَان وقد قال الله تعالى: وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص: 77] ، وقال عزَّ وجلَّ: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل: 90] ، وقال سبحانه: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56] ، وينال المعامل رتبة الإحْسَان بواحدٍ مِن ستَّة أمور: الأوَّل: في المغابنة، فينبغي أن لا يغبن صاحبه بما لا يتغابن به في العادة، فأمَّا أصل المغابنة فمأذونٌ فيه، لأنَّ البيع للرِّبح، ولا يمكن ذلك إلَّا بغبن، ولكن يراعى فيه التَّقريب، ومَن قنع بربحٍ قليلٍ كثرت معاملاته، واستفاد مِن تكررها ربحًا كثيرًا، وبه تظهر البركة. الثَّاني: في احتمال الغبن، والمشتري إن اشترى طعامًا مِن ضعيف أو شيئًا مِن فقير فلا بأس أن يحتمل الغبن ويتساهل، ويكون به محسنًا وداخلًا في قوله عليه السَّلام: ((رحم الله سهل البيع وسهل الشِّراء ))، وأما احتمال الغبن مِن الغني فليس محمودًا، بل هو تضييع مال مِن غير أجر ولا حمد، وكان كثيرٌ مِن السَّلف يستقصون في الشِّراء، ويهبون مِن ذلك الجزيل مِن المال، فقيل لبعضهم في ذلك فقال: إنَّ الواهب يعطي فضله، وإنَّ المغبون يغبن عقله. الثَّالث: في استيفاء الثَّمن وسائر الدُّيون والإحْسَان فيه مرَّة بالمسامحة وحطِّ البعض، ومرَّة بالإمهال والتَّأخير، ومرَّة بالمساهلة في طلب جودة النَّقد، وكلُّ ذلك مندوبٌ إليه ومحثوثٌ عليه، وفي الخبر: ((مَن أقرض دينارًا إلى أجلٍ، فله بكلِّ يوم صدقة إلى أجله، فإذا حلَّ الأجل فأنظره بعده، فله بكلِّ يوم مثل ذلك الدَّين صدقة ))، ونظر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى رجل يلازم رجلًا بدين، فأومأ إلى صاحب الدَّين بيده، أي: ضع الشَّطر، ففعل، فقال للمديون: ((قم فأعطه )) الرَّابع: في توفية الدَّين، ومِن الإحْسَان فيه حسن القضاء، وذلك بأن يمشي إلى صاحب الحقِّ، ولا يكلِّفه أن يمشي إليه يتقاضاه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((خيركم أحسنكم قضاءً ))، ومهما قدر على قضاء الدَّين فليبادر إليه ولو قبل وقته، وإن عجز فلينوِ قضاءه مهما قدر، ومهما كلَّمه مستحقُّ الحقِّ بكلام خشن، فليتحمَّله وليقابله باللُّطف اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم لـمَّا ردَّد عليه كلامه صاحب الدَّين، فهمَّ به أصحابه، فقال: ((دعوه؛ فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالًا )) ومِن الإحْسَان أن يميل الحكم إلى مَن عليه الدَّين لعسره. الخامس: أن يُقيل مَن يستقيله؛ فإنَّه لا يستقيل إلَّا متندِّمٌ مُسْتَضِرٌّ بالبيع، ولا ينبغي أن يرضى لنفسه أن يكون سبب استضرار أخيه، وفي الخبر: ((مَن أقال نادمًا صفقته، أقال الله عثرته يوم القيامة )) السَّادس: أن يقصد في معاملته جماعة مِن الفقراء بالنَّسيئة، وهو في الحال عازم على أن لا يطالبهم إن لم يظهر لهم مَيْسَرة، وكان مِن السَّلف مَن يقول لفقير: خذ ما تريد، فإن يُسِّر لك فاقض، وإلَّا فأنت في حلٍّ منه وسعة. 6- الإحْسَان إلى المسيء: (ومِن أجلِّ أنواع الإحْسَان: الإحْسَان إلى مَن أساء إليك بقولٍ أو فعلٍ. قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصِّلت: 34-35] ومن كانت طريقته الإحْسَان، أحسن الله جزاءه: هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ [الرحمن: 60]) وذكر الهرويُّ أنَّ مِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين (الفتوَّة)، وقال: (هي على ثلاث درجات، الدَّرجة الأولى ترك الخصومة، والتَّغافل عن الزلَّة، ونسيان الأذيَّة. والدَّرجة الثَّانية أن تقرِّب مَن يقصيك، وتكرم مَن يؤذيك، وتعتذر إلى مَن يجني عليك، سماحةً لا كظمًا، ومودَّةً لا مصابرةً) قال ابن القيِّم في ذلك: (هذه الدَّرجة أعلى ممَّا قبلها وأصعب؛ فإنَّ الأولى تتضمَّن ترك المقابلة والتَّغافل، وهذه تتضمَّن الإحْسَان إلى مَن أساء إليك، ومعاملته بضِدِّ ما عاملك به، فيكون الإحْسَان والإساءة بينك وبينه خُطَّتين فخُطَّتك: الإحْسَان. وخُطَّته: الإساءة. وفي مثلها قال القائل: إذا مرِضْنا أتَيْناكم نَعودُكمُ وتُذْنبون فنَأْتيكم ونَعتذرُ ومَن أراد فهم هذه الدَّرجة كما ينبغي فلينظر إلى سيرة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مع النَّاس يجدها بعينها) 7- الإحْسَان في الكلام: قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الإسراء: 53] قال ابن كثير: (يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطَّيبة؛ فإنَّهم إذا لم يفعلوا ذلك، نزغ الشَّيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشَّرُّ والمخاصمة والمقاتلة، فإنَّ الشَّيطان عدوٌّ لآدم وذرِّيته مِن حين امتنع مِن السُّجود لآدم، فعداوته ظاهرة بيِّنة؛ ولهذا نهى أن يشير الرَّجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإنَّ الشَّيطان ينزغ في يده، أي: فربَّما أصابه بها) 8- الإحْسَان في الجدال: يقول الله تبارك وتعالى: وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النَّحل: 125] قال الشَّوكاني: (أي: بالطَّريق التي هي أحسن طرق المجادلة. وإنَّما أمر -سبحانه- بالمجادلة الحسنة لكون الدَّاعي محقًّا وغرضه صحيحًا، وكان خصمه مبطلًا وغرضه فاسدًا) 9- الإحْسَان إلى الحيوان: ومِن الإحْسَان إلى الحيوان، إطعامه والاهتمام به، وحدُّ الشَّفرة عند ذبحه، وأن لا يحدَّ الشَّفرة أمامه، وعدم الحمل إليه أكثر مِن طاقته. قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة... ))، وكره أبو هريرة أن تُحَدَّ الشَّفرة والشَّاة تنظر إليها، وروى أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا أضجع شاة، فوضع رجله على عنقها، وهو يحدُّ شَفْرته، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((ويلك، أردت أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شَفْرتك قبل أن تضجعها ))، وكان عمر بن الخطَّاب ينهى أن تُذْبَح الشَّاة عند الشَّاة قال ابن رجب: (والإحْسَان في قتل ما يجوز قتله مِن النَّاس والدَّواب: إزهاق نفسه على أسرع الوجوه، وأسهلها. وهذا النَّوع هو الذي ذكره النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، ولعلَّه ذكره على سبيل المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال، فقال: ((إذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة ))، والقِتْلة والذِّبْحة -بالكسر- أي: الهيئة، والمعنى: أحسنوا هيئة الذَّبح، وهيئة القَتْل. وهذا يدلُّ على وجوب الإسراع في إزهاق النُّفوس التي يُبَاح إزهاقها على أسهل الوجوه. وقد حكى ابن حزم الإجماع على وجوب الإحْسَان في الذَّبيحة) وقال صلى الله عليه وسلم: ((في كلِّ كبد رطبة أجر )) قال النَّوويُّ: (معناه في الإحْسَان إلى كلِّ حيوان حي -بسقيه ونحوه- أجر، وسمَّي الحي ذا كبد رطبة؛ لأنَّ الميِّت يجفُّ جسمه وكبده. ففي الحديث الحثُّ على الإحْسَان إلى الحيوان المحترم، وهو ما لا يُؤمر بقتله. فأمَّا المأمور بقتله فيمتثل أمر الشَّرع في قتله، والمأمور بقتله كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس المذكورات في الحديث وما في معناهن. وأمَّا المحترم فيحصل الثَّواب بسقيه والإحْسَان إليه، أيضًا بإطعامه وغيره سواءً كان مملوكًا أو مباحًا، وسواءً كان مملوكًا له أو لغيره) وقال صلى الله عليه وسلم: ((عُذِّبت امرأة في هرَّة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النَّار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل خَشَاش الأرض )) (يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
يوم أمس, 04:06 AM | #38 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الاحسان
الأمثال في الإحْسَان - اسْقِ رَقَاشِ إنَّها سَقَّايَة: يُضْرَب في الإحْسَان إلى المحسن - إنَّما يَجْزِي الفَتى ليْسَ الجَمَل: ومعناه إنَّما يجزي على الإحْسَان بالإحْسَان مَن هو حرٌّ وكريم، فأمَّا مَن هو بمنزلة الجمل في لؤمه وموقه، فإنَّه لا يُوصَل إلى النَّفع مِن جهته إلَّا إذا اقتُسر وقُهر - إنَّما هو كبَارحِ الأَرْوَى قليلًا ما يُرى: وذلك أن الأرْوَى مساكنُها الجبالُ، فلا يكاد النَّاس يرونها سانحةً ولا بارحةً إلَّا في الدَّهر مرَّة. يُضْرب لمن يُرى منه الإحْسَان في الأحايين - جَــزَيْــتُهُ كَيْلَ الصَّاعِ بِالصَّاعِ: إذا كافأتَ الإحْسَانَ بمثله والإساءةَ بمثلها - وجدت النَّاسَ إن قارضْتَهُم قارَضُوك: أي: إن أحسنت إليهم أحسنوا إليك، وإن أسأت فكذلك الإحْسَان في واحة الشِّعر قال أبو الفتح البستي: زيادةُ المرءِ في دنياه نقصانُ وربحُه غيرَ محضِ الخير خسرانُ أَحْسِنْ إلى النَّاسِ تَسْتَعبِدْ قلوبَهم فطالما استعبدَ الإنسانَ إِحسانُ مَن جادَ بالمالِ مالَ النَّاسُ قاطبةً إليه والمالُ للإنسانِ فتَّانُ أَحْسِنْ إذا كان إمكانٌ ومَقْدِرَةٌ فلن يدومَ على الإنسان إِمكانُ حيَّاك مَن لم تكنْ ترجو تحيَّتَه لولا الدَّراهمُ ما حيَّاك إنسانُ وقال أيضًا: إن كنتَ تطلبُ رتبةَ الأشرافِ فعليك بالإحسانِ والإنصافِ وإذا اعتدى خِلٌّ عليكَ فخلِّهِ والدَّهرَ فهو له مكافٍ كافِ وقال المتنبي: وللتَّرْك للإحسانِ خيرٌ لمحسنٍ إذا جَعَل الإحْسَانَ غيرَ ربيبِ وقال أحمد الكيواني: مَن يغرسِ الإحْسَانَ يجنِ محبَّةً دونَ المسيءِ المبعدِ المصرومِ أقِلِ العثارَ تُـقَلْ ولا تحسدْ ولا تحقِدْ فليسَ المرءُ بالمعصومِ وقال ابن زنجي: لا تَحْقِرَنَّ مِن الإحسانِ محقرةً أحْسِنْ فعاقبةُ الإحسانِ حُسناه وقال آخر: واللهِ ما حُلي الإمامُ بحليةٍ أبهى مِن الإحْسَانِ والإنصافِ فلسوفَ يلقَى في القيامةِ فِعْلَه ما كان مِن كدرٍ أتاه وصافي وقال أبو العتاهية: لا تمشِ في النَّاس إلَّا رحمةً لهمُ ولا تعاملْهم إلَّا بإنصافِ واقطعْ قوَى كلِّ حقدٍ أنت مُضْمِرُه إن زلَّ ذو زلَّةٍ أو إن هفا هافِ وارغبْ بنفسك عمَّا لا صلاحَ له وأوسِعِ النَّاسَ مِن بِرٍّ وإلطافِ وإن يكنْ أحدٌ أولاك صالحةً فكافِهِ فوقَ ما أولى بأضعافِ ولا تكشِّفْ مُسيئًا عن إساءتِه وصِل حبالَ أخيك القاطعِ الجافي |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
يوم أمس, 04:07 AM | #39 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون إن شاء الله عن الإلفة ( الإلفة )
ونتناول فيه : 1- معنى الأُلْفَة لغةً واصطلاحًا 2- التَّرغيب الأُلْفَة 3- أقوال السَّلف والعلماء في الأُلْفَة 4- فوائد الأُلْفَة 5- أسباب الأُلْفَة 6- الأُلْفَة في واحة الشِّعر |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
يوم أمس, 09:09 AM | #40 |
|
رد: الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد )
الإلفة
قال الله تعالى : ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لوأنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ) الأنفال 62 - 63 . ألِفه ، إلْفا ، وأُلفا ، وإلافا : أحبه وأنس به . ألفةًً : إجتماع والتئام وملائمة . وفي علم النفس : - الألفة : هي خاصية التجاذب للظواهر النفسية ، بتداعي الأفكار وترابطها ، وفي الأخلاق وشيجة بين شخصين أو أكثر يحدثها تجاذب الميول النفسية لصلة الصداقة ولحمة القرابة . ربّى رسولنا صلى الله عليه وسلم أصحابه تربية إيمانية ، وجمعهم على أخوة إيمانية ، فتحركت أحاسيس الفطرة ، ومشاعرها داخل النفوس ، وتحولت إلى اعتقاد راسخ ، وقناعات ومبادئ تهون دونها الأوطان ، والنفوس ، والأهلون ، حفاظا على هذا الدين وأهله ، وذودا عن حياضه . وتصديقا بوعد الله تبارك وتعالى لهم . قال الله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم . وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) التوبة 71 – 72 إنها رابطة الإيمان التي ألّف بها الله سبحانه بين قلوب عباده!! ، وجمعهم بها على محبته ، وإن اختلفت الألسنة والألوان ، وتباعد الزمان والمكان !! . إن أهل الكفر ينفقون أموالهم وأوقاتهم في التنمية والتطور العلمي ... اهتموا بالجانب الجانب المادي الملموس من حياة الإنسان ، الذي يفنى بفناءه، وقد يكون حسرة ووبالا على صاحبه في الدنيا والآخرة ، وضيعوا الجانب المعنوي الروحي ، الذي لن يمتلكه إلا من كان مرتبطا بمدد من عند الله تبارك وتعالى !! . عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ وحقت محبتي للمتناصحين فيّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ ، وحقت محبتي للمتباذلين في، المتحابون في ّ على منابر من نور ، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء) صحيح الجامع 4321 . وفي رواية : عن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى : ( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء ) صحيح الجامع 4312 . وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( قال الله تعالى حقت محبتي على المتحابين ، أظلهم في ظل العرش يوم القيامة ، يوم لاظل إلا ظلي ) صحيح الجامع 4320 . من خلال هذا الموضوع عن الإلفة سأتناول المحاور التالية 1- معنى الأُلْفَة اصطلاحًا: 2- التَّرغيب والحثُّ على الأُلْفَة مِن القرآن الكريم: 3- التَّرغيب والحثُّ على الأُلْفَة مِن السُّنَّة النَّبويَّة: 4- أقوال السَّلف والعلماء في الأُلْفَة 5- فوائد الأُلْفَة 6- أسباب الأُلْفَة 7- الأُلْفَة في واحة الشِّعر .. ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 1 والزوار 15) | |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد ) | البراء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 351 | 11-12-2024 08:09 AM |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |