مرحبا سارة
في عام 2009 كنت أقيم في مقاطعة "
كان تا - can tho "..التابعة لمدينة سايغون الفيتنامية ..
وكانت نسبة المسلمين "الفيتناميين فقط " يمثلون 15% من نسبة باقي الأديان في فيتنام كلها..
وكانوا يشكلون 5% من تلك النسبة في المقاطعة التي أقطن فيها..
وهي اقل نسبة مقارنة بباقي النسب للأديان الاخرى.."المسيحية والبوذية" والأخيرة هي الديانة الرسمية للدولة..
لذلك كان الاهتمام بالكنائس والمعابد البوذية أكثر من المساجد..نظرا لأن أغلب الأغنياء في فيتنام كانوا من هاتين الديانتين ..حيث إن اعتماد الجانب الديني للدولة على الدعم الخاص بشكل اكبر آنذاك..فكان جليا التطور العمراني وكثرة عدد الكنائس والمعابد مقارنة بالمساجد..
وقد وضعت في موضوع سليل الضوء صورة للمسجد الوحيد الذي بناه الأهالي بأبسط المواد في تلك المدينة..
وأثناء رحلاتي المتكررة لعدد من المدن والجزر الفيتنامية تعرفت على عدد من السياح العرب كان أحدهم تاجرا للأرز ..
ونظرا لأنني كنت مقيما في فيتنام حينها وأعرف أماكن مزارع الأرز ذات الجودة العالية بحكم عملي حينها في هذا المجال وحتى اللغة الفيتنامية أجدتها تقريبا باللإضافة إلى الانجليزية..
لغتهم كانت مهمة لأن أغلبية السكان المحليين والفلاحين ممن يقطنون المناطق الريفية لايجيدون سوى الفيتنامية..
وحين جاء معي إلى المقاطعة عرّفته على أغلب السكان المسلمين من خلال ارتيادنا معا للمسجد في أوقات الصلاة..
وبدأ الناس ومن بساطتهم يشتكون إليه صعوبة ممارساتهم لفرائضهم تحت قيود سوء المعيشة والفقر وضعف الإمكانيات التي توفرها لهم الحكومة..
ومنها "رغبتهم بالذهاب لحج بيت الله"
فما كان منه إلا أن وعدهم بان يحصل لهم على تصريح للحج على نفقته الخاصة..
ولا يمكنني وصف فرحتهم وسعادتهم وقتها، حيث كان في كل مرة يزورهم يزرع في قلوبهم أملا عظيما بتحقيق هذه الأمنية التي لطالما اعتبروها حلما بعيد المنال .
وبدأ الناس -الذي بلغ عددهم تقريبا على ما أذكر "40" مابين رجل وامرأة- بتجهيز مستمسكاتهم الرسمية كإجراء روتيني في حال طلبها منهم..
سافر الرجل بعد ان أنهى أعماله في مجال التجارة، و وعدهم بالعودة بعد الحصول على التصريح ..
واكد لي بانه سيعود لإتمام ماوعدهم به وأخذت منه كل معلوماته التي تسهل عليّ الاتصال به إن لزم الأمر .
وفي ذاك الوقت كان البريد الألكتروني هو الوسيلة المتعارف عليها والمتاحة دائما للتواصل بالإضافة إلى رقم الجوال..
مرّت أيام ..ولم يصلني منه أي خبر..وبدأ الناس يسألون عن مصير "الوعد"..
والإحراج في الموضوع أنني كنت في نظرهم الوسيط الوحيد والوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم وبين هذا التاجر..
مرّت الأسابيع..اتصلت به فرد علي بأنه يمر بضائقة مالية وقد قرر إرجاء موضوع التصريح مؤقتا حتى أنني كنت أتردد من الاتصال به منعا من إحراجه..وكنت أختلق الأعذار حين أرى كم الحزن واليأس على ملامحهم..ولبساطتهم; صاروا يتقبلون كل التبريرات ..
حتى اقترب موسم الحج فاتصلت به لأنهي الموضوع وأضع النقاط على الحروف وأقطع الشك باليقين فاعترف بأنه تسرّع بوعده لهم والموضوع ليس سهلا.. الخ... من الكلام الذي لامعنى له ..أقفلت الاتصال وقطعت كل وسائل الاتصال به..
وأبلغتهم انه لم يحصل على التصريح ..فغضبوا عليّ وأصبحت في موقف لا يسرّ حتى العدو..
والحمد لله لاحقا بدأت أعيد صياغة علاقتي بهم من جديد من خلال توفير كل مايحتاجونه للمسجد من سجادات الصلاة والمصاحف وحتى ترميم المسجد استطعت أن احصل على تصاريح بناء عن طريق بعض المتنفذين بحكم علاقاتي في العمل..
ولايسعني أن أذكر هنا كمّ الصعوبات التي كنا نواجهها مع الجهات الحكومية عند تقديم تلك الطلبات..والدخول في سين وجيم...
وتفاصيل كثيرة أخرى..
باختصار :
إن النصب ليس شرطا ان يكون "ماديا"..بل انه قد يكون "اقتلاع" الاحلام من حياة إنسان بامل واهم..والأمثلة كثيرة..
همسة : لاأظن أن هناك مشكلة في ذكر الجنسيات....ففي كل مجتمع هناك الصالح والطالح وحالات شاذة وهذا لايعني سوء التعميم على المجتمع بأكمله..
شكرا سارة..