بوح الأرواح ( بوحٌ تتسيّدُه أقلامكم الخاصّة في عزلة مقدّسة بعيدا عن الردود ( يمنع المنقول ) |
( بوحٌ تتسيّدُه أقلامكم الخاصّة في عزلة مقدّسة بعيدا عن الردود
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-13-2024, 08:20 PM | #31 |
|
فوق محيط أليم (2)
لماذا يتقلص الحُب في صدورنا كلما أتينا إلى استذكارها؟ تراه إلى أين يتسرب منّا ويختبئ عنّا؟ الذاكرة هذا العصفور الذي يخشى البلل، والطائر الذي يموت بقص جناحيه؛ لأنها بذلك تخرج من دائرة التحكم إلى التنفيذ. لطالما احتكمت إلى ذاكرتي لتصالحني على أشخاص لم أكن بالنسبة لهم شيئاً مذكورا وصرت بذلك ثمين، فيما احتكمت إلى مصالحة مع ذاتي وعجزت هذه النقطة الارتكازية في عقلنا أن تمنحنا ذلك. ثمة صراع بيننا وبين ما نريد استحضاره حتى نتذكره، وبين ما نود نسيانه ويفرض نفسه علينا ويجيء ليدمّر في لحظة واحدةٍ كل ما تبقى فينا من قوة. الذاكرة مثل حكمة الشيوخ والعجائز لا نعرف قيمتها إلا حينما توجهنا لما يصلح لصدورنا، أو يطبب أرواحنا ويبهجها. الذاكرة محيط واسع يلتهمك ولو كنت ترتدي جميع أنواع ستر النجاة. وحينما تكون بين صراعات كثيرة المرض ليس وحده أكبرها بل الأنين الذي يهزّ ويرجّ صدرك بمن وما فيه لتظل تحن عليهم كي لا يستيقظوا أثناء استحضارهم. - يا أيتها الفوضى .. أليس لك من طبيب قادر على استخراجك منّا!؟ |
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة...
التعديل الأخير تم بواسطة جابر محمد مدخلي ; 11-13-2024 الساعة 08:26 PM
|
يوم أمس, 09:28 PM | #32 |
|
فوق محيط أليم (3)
يكون المرء تتمة للفرح أو صانع للحزن طوال عمره لمرة واحدة -هذه المرة- عندما يجد في طريقه للبحث عن أمه أمهات كثيرات وبينهن واحدة بلا أم. يغدو هنا هو صانع للفرح ومعيد للحزن حينما يكون هو بلا أم أيضًا. الأمهات يعلمننا معنى أن نكون قادرين على الموت بعد رحيلهم ونظل موتى حتى نجد من يضخ في أوردتنا دمًا من دمائه، وحياةً من حياته ولو على بعد آلاف المسافات. الدم وحده القادر على إعادة صياغتنا من جديد. ودم الأمهات مهما انعدم لا بد وأن امرأة واحدة في الكون تملك إعادته لك كرجلٍ ولو بعد حين. الأقدار وحدها من تصنع الأوردة وعليك دومًا متابعة أقدارك حتى تفتح لك السماء بحياة أبدية خالدة في وريدٍ قدري يحملك وتحمله.
|
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
يوم أمس, 11:36 PM | #33 |
|
على سراط الأرواح (1)
في طريقك تجاه الشفاء تجد مرضى يشبهونك، وآخرين تشبههم أنت. الشفاء ليس مهمةً سهلة مع أنه ليس مهمة صعبة أيضاً. إنه لا يحتاج سوى متشابهين لديهما نفس العاهات، والآلام والأوجاع. حتى في الحزن توائم. حتى في الأحلام والتمنيات والأرواح توائم. ثمة توأمة تحدث في السماء وتظل معلقةً لسنواتٍ طويلةٍ دون أن تهبط على هيئة غيمة في بستانٍ تنبت وتمتد جذورها لتستقي من ذات الماء، وتنمو من جديد كما لو أنها ولدت مرةً أخرى. الحياة بستان من الناس كلما جزت الأقدار منه روحاً نبتت في مكانٍ منه روح إما أن نجدها أو تجدنا أو نجد كلينا في ذات اللحظة. إننا نتجرع المرارة كل يومٍ من أجل لحظةٍ وحيدةٍ ليس لنا في الامتناع عن عيشها سبب ولا نتيجة.. كل ما في الأمر أن الطريق لم يؤد إليها، أو لم يبلغ بداخلنا الإيمان أن ما أوصلنا إليها سراط لا طريق .. سراط الأرواح الذي لا يخطئ ولا يكذب ولا يمكنه تزييف إيماننا واطمئناننا وشعورنا وسكينتنا مهما سعت الظروف إلى فعل ذلك يوم قادم. يمكنني القول عكس ما قال طاغور تماماً: توجيه بحثنا في الحقول للبحث عن حياتنا لا بد وانه جاء نتيجة بحثٍ مكتملٍ وناضجٍ وفاهمٍ ومؤمنٍ لكل ما تجيء به السماء أو تأخرت عنه حتى تنزل به ملائكة رحمتك الخاصة بك. وما قاله طاغور لا يعدو حقيقة واقعية: الأرض والسماء أختين علينا أن نعيش مع كل واحدةٍ وفق ظروفها وتراكيبها. لدينا سراط روح مهما تشعبت بنا الحياة أو ثقلت علينا .. إذا ما سرنا عليه وباتجاهه لن نخلو من السكينة أبدا.. فيا أيتها الروح المطمئنة اسقي أرضي بخطاك فليس أعظم من مطر آثارك عليها وسقياك لها. |
إلهي منحتني نعمة الكلام ، إلهي فاجعل آخره الشهادة... |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|