قراءتي لـ( اليقين) أ.مودة

قراءتي لـ( اليقين) أ.مودة

قصة مشاركة
على هذا الرابط
https://www.boohalharf.com/vb/showth...497#post372497

قد تنطبق مقولة جلال الدين الرومي الشهيرة: " في التخلي تجلي" على أمور الدنيا وشؤونها المتشعبة، رغم أن الشاعر المتصوف قصد من خلالها ابتداع مفهوم صوفي يرتكز على التخلي عن الذنوب والشهوات للوصول إلى علو في منزلة الروح وانكشاف للحقائق الغائبة أمام القلب. والتجلي أو بلوغ درجة اليقين لا يتحقق إلا بالإقبال على ترك ما يربط النفس من حرص دنيوي أو حب لوثته أدران الخيانة.
*
* واليقين لغة هو العلم الجازم الذي لا يحتمل الشك، وقد يرد بمعنى الموت وحلول المنية، كما في قوله تعالى: { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر الآية - 99- أي ابق ملازما لعبادة ربك إلى أن يأتيك أجلك.
ولا شك أن للموت سكرات وألما تخشاه النفس المقبلة عليه، إلا أن الأوجاع قد لا تطاق فتدفع إلى ابتلاع مرارته البغيضة، لذلك فالسعي إليه والدنو منه خلاص من خيانة تلتصق بالأنفاس وتستوطن بالصدر.*
* فهل الموت هو الخائن حين يخلف وعده ولا يأتي رغم سعيها إليه أم حبيب لا زال قلبها يئن ببقايا خيانته كل مساء؟
وعندما يحين الموعد الأخير تكتمل أجزاء الصورة، وينجلي ضباب المراوغة والتملص، إذ تسطع الحقيقة التي توارت خلف ستائر الأعذار، بعد أن تمزقت وتلاشت خيوط حجابها.
* وبانبعاثها تتجلى الأشياء ويحل اليقين، فتبصره العيون الأربعة باختلاف طرق وأشكال رؤيتها للأشياء، والتي تشرحها بعض الفلسفات الشرقية بالادعاء أن للإنسان إضافة إلى عينيه الطبيعيتين أخرى ثالثة مكانها بين الحاجبين، يمكن أن يرى من خلالها، عبر التدريب والتكوين الروحي، عوالما وأبعادا مختلفة من الوعي، وعين رابعة لإدراك الوجود هي عين القلب.
*
* وأحسن ما قيل في أمر العيون الأربعة ما روي عن الفقيه التابعي خالد بن معدان: " ما من عبد إلا له عينان في وجهه يبصر بهما أمر الدنيا، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة "
*
* فاليقين أمر مؤكد ما دام قد أدركته كل *الأبصار الظاهرة والخفية، وهو مقترن بالموت ومتعلق بالإقدام عليه، والحب يتقبل تجرع سكرات الردى، أكثر مما يطيق استنشاق رائحة التضليل والخيانة، حسب قول الفرنسي أندريه موروا: " الحب يتحمل الموت أكثر مما يتحمل الخيانة"

للمزيد من مواضيعي