ما يفعله الحب

ما يفعله الحب

يكفي المرء إحدى نوائب الدهر لتقضي عليه

فكيف بهذا الشاب وقد قسى عليه الزمان ما بين ليلة وضحاها

عرف اليتم في ريعان شبابه وهو بأمس الحاجة لوالديه

وكشر إخوته أنيابهم من حوله واضطر لمغادرة بيت العائلة

وحده كان عازباً بين إخوته الخمس وكلهم أصدروا قرار إغلاق هذا البيت

كان الونيس لوالديه بار لهما وكان وحده يضحي لأجل سعادتهما

وهاهو الآن نقل متاعه وبدأ يرتب حياته الجديدة في منزل صغير

قرر ان لا يقع فريسة الحزن وألا يستسلم

وأن يتكيف مع الظروف رغم كل الأهوال التي عانى منها خلال شهر مضى

وأحس أنه يعاني من الوحدة ويفتقد للحنان

وأنه بحاجة لأن يلتقي مع ما كان ينتظره منذ سنين

ألا وهو الحب ولقائه بنصفه الآخر فهي وحدها قد تغير سطور حياته

................

أغلق باب منزله في ذاك الصباح ووقف ينتظر المصعد كي يستقله

ريثما كان ينتظر أطلت جارته تقترب من ذاك المصعد أيضاً

فتح الباب وأشار لها بالدخول ابتسمت وأومأت له برأسها علامة الشكر واستقلا المصعد معاً

لم تستطع شفتاه أن تنطق أي حرف وأي ابتسامة

كل ما شعر به هي قشعريرة من نوع غريب وخفقان قلب

وتمنى لو أن يتوقف المصعد ويطول وجودها إلى جانبه

لكنه مجرد حلم ووصل المصعد الدور الأرضي وافترقا وطوال نهاره يفكر بها

ويفكر بحالة الارتباك التي عانى منها وأتى المساء والليل يمر عليه بطيئاً

وكل ما يعصف بذهنه تلك الدقائق التي جمعته بها في المصعد

وبات يلوم نفسه أنه كان بهذا الخجل الزائد عن حده

كرر المشهد نفسه في الصباح التالي وهو لم يعرف النوم أبداً

استجمع قواه رغم كل ما يعانيه وقال لها صباح الخير

أجابته مبتسمة فقال لها أنا جاركم الجديد واسمي زياد

ابتسمت قائلة وأنا نور مبروك منزلك الجديد

افترقا هذه المرة لكنه لوح له لها بيده مودعاً فأطرقت برأسها خجلة وردت التحية

أحس بسعادة عارمة هذا الصباح فقد اعتبر هذا الأمر خطوة كبيرة بالنسبة له

وكان ما جرى نقطة تحوّل في حياته وتفكيره الذي بدأ يتناسى عذاب الماضي ويفكر بحاضره ومستقبله

الغجرية - حصري

للمزيد من مواضيعي