المكتبة الأدبية ونبراس العلم ( الدروس التعليمية والتربوية ) |
( الدروس التعليمية والتربوية )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
قِصة كِفاح
السلام عليكم سادتي الأكارم / أحببت مشاركتكم بِقصة لأحد الأخوة والأصدقاء ، الذي بيني وبينهم صحبة طويلة ، وعلى ضوء ما اسرده من فصول ، نستنبط بعض الفوائد منها ؛ كان : هذا الأخ كباقي الأولاد يحب اللعب ، ويأتي ما يأتيه أقرانه من مشاغبات ، وشقاوة ، حينها : كنت أكبره بسنوات طويلة ، وكنا حينها في بداية الالتزام ، وكنا : بفضل الله نستقطب الأطفال والشباب ، ونشركهم في الرحلات وفي التعليم ، وكان : صاحبنا هذا يُقبل ويُدبر ، وكان يسبب لنا صداع الرأس بشقاوته ، فيقوم بالضحك علينا ، وبعد : فترة استقر رأيه على الجلوس معنا ، ومرت السنوات ، حتى فقدناه ، لتخلفه عن الرحلات والمناشط ، فكُلفتُ بالذهاب إليه ، ذهبت إليه ، واخبرته بأن الأخوة قلقون عليه ، ولكونه يعزني ويقدرني كثيرا جاء إلينا مجاملة ، وما زِلتُ أذكر آخر رحلة معنا ، كانت رحلتنا إلى _ المزارع _ _ منطقة سياحية معنا في عُمان _ ومنها _ بعد الرحلة _ انقطع خَبره ، ونزلنا عند رغبته ، فمرت الأيام والسنون ، وبعدها : وصل الخبر بأن ذلك الولد الصغير ، أصبح من جُلاَّس أحد العلماء الراسخون في العلم ، وفوق هذا : أصبح هو من يقدمه الشيخ من أجل الإجابة على الأسئلة التي يسألها الناس ! كنت : كثير التردد عند ذلك العالم ، وهو يعدني مثل إبنه ، حينها زاره ذلكَ الأخ ، فسلَّم على الحاضرين ، وما أن جلس الجميع ، إلا وباب الأسئلة قد فُتح ، وأخذت توجَّه الأسئلة للشيخ ، وذلك الشيخ يرُدها على صاحبنا وهو يُجيب ، وأنا في دهشة من أمري كيف يكون ذلكَ ؟! من أين تَعلم ؟! مالذي جعله يَصل لتلكم الدرجة والمكانة ؟! وفي : يوم من الأيام كنت جالساً مع ذلك العالم ، وسألته عن صاحبنا ، على أنه يُقدمه للإجابة فقال لي : جَربته فوجدته يّردُ المسألة لأصلها . حينها : بدأ ذلك المجتهد بالتواصل معي ، فكانت : بيننا رحلات وجلسات ، تبينت منه عن سبب بلوغه لتلك الدرجة من العلم ، ومع هذا وجد من يقف في طريقه حجر عثرة ، ومن أقرب الناس له ، ممن قاسمهم الأكل والشرب ، فسعوا إلى تشويه سمعته ، والتشكيك في علمه ، واتهموه بالكبر ، والغرور ، والعجب ، ولم يتركوا نقيصة ولا قبيحة إلا ولزوها به ! ومع هذا لم يلتفت إليهم ، وكان : أقصى ما يُجيب على من ينقل له خبرهم ، بأنه مستعد للجلوس مع من ينتقده في جلسه علمية أخوية ، ولكن : يقابل الطلب بالرفض ! يخبرني بأنه كان جالساً مع ذلكَ العالم وجاء أحد المشائخ مع طلابه ، وأخذ الطُلاب يسألون الشيخ ، والشيخ كعادته يُحوِّل الإجابة إلى صاحبنا ، في هذه المرة رفض الإجابة ، والشيخ يُلحُ عليه ، ويرفض ، وعندما سأله الشيخ بقوله : " مالك اليوم حاسد " ؟! _ لماذا اليوم تبخل علينا _ رد عليه : بأن شيخهم لا يريد الجواب مني ، حينها ذهب ذلك الشيخ الزائر الى الحمام / والعَالم يقول لصاحبنا : الآن جاوب فشيخهم ليس هنا فرفض ،؛ حتى ذهبوا من عند العَالم من غير اجابة ، وقَبل ذهابهم : حينها طلب ذلك الشيخ الزائر من صاحبنا الحديث معه على انفراد ، يقول صاحبنا : أن ذلك الشيخ أخذ ينصحه بأن لا يَتَصدر المجالس ، ولا يتقدم العلماء في الجواب ، وهو يقول له _ صاحبنا _ : "أحسنت جزاك الله خيرا على النصيحة " . انتهت قصة صاحبنا _ اختصرتُ مسيرته لطولها _ سأضع هنا : بعض التساؤلات ، ولكم لملمتها ، وجمعها ، كي نخرج بفائدة من تلك التجربة . وقبل هذا سوف اطرح بعض الأسئلة تتعلق بما جاء في بداية القصة : _ هل تكون صياغة الإنسان منذ نعومة أظفاره سبباً لنبوغه وتفوقه العلمي ؟ _ ما الذي جعل بطل القصة يتخلف عن مشاركة أصحابه ؟ _ في ذلكَ الموقف الذي ذهب إليه ذلكَ الشخص ، الذي يقدره يطلب منه الحضور ومشاركتهم ، _ هل يمكن أن يضيع المرء هدفه إذا ما جعل المجاملة هي عربون وتأكيد المعزة ، حتى ولو كان لتلك الجلسات إضاعة للأوقات ؟ _ ماذا نستنتج من الصدمة التي وقعت على أقرانه ، عندما بلغهم وصول ذلك الصديق لتلك المكانة العلمية ؟ كيف كانت بداية النجاح ؟ دعونا نسمعها منه يقول صاحبي : بداية المشوار كانت رغبة تشكلت في حنايا قلبي ، وكأني وجدت ذاتي ، وأني خلقت من أجل غاية ، لعل مراحل الطفولة كان لها أثر تأخر إدراك تلك الغاية ، وما أن اختليت بنفسي حتى كان ذلك القرار ، الذي اتخذته ، ومن طبعي الذي كان مختلطا بطبيعتي ، وتركيبتي أني ألغيت من قاموسي كلمة " مستحيل " ، فهدفي سأقطف ثمرته ، ولن أتوقف حتى بلوغه ، أو أموت دونه ، فقد كنت أجلب الكتب من المساجد ، وكنت أختار فترة الظهر لكون حركة الشارع قليلة ، كنت أخبئ الكتاب تحت ثوبي فيستقر بي الحال في المجلس وأبدأ اقرأ ، وعندما تواجهني معضلة في فهم شيء ، اتصل بالعلماء استفتيهم ، وكانوا يحاولون معرفة شخصيتي من تلكم الأسئلة ، وكنت أجيب أنا " السائل " ، وبذاك غرفت من معين العلم ، وعندما رأيت في نفسي تحقيق ما أصبو إليه ، بدأت في مجالسة العلماء ، وكان عمري حينها عندما كنت أجالس ذلك العالم الذي يقدمني للفُتيا " 18 سنة " ! حتى بدأ الناس يستدعوني لجلسات الإفتاء ، والمحاضرات . ومما تَفرد به صاحبنا هو الطموح ، الذي لا يحده حدود ، فقد نوع ثقافته ، تعلم المنطق ، والفكر ، وتعلم الإدارة ، وهو الآن يحضر الماجستير ، وتعلم فنون القتال ، وهو مطلع على الكثير من الثقافات ، فهو : في السياسة سياسي ، وفي الفكر مفكر ، وفي الرياضة رياضي ، وفي الفلسفة فيلسوف ، النحو نحوي ، و .... ما تعلمته من ذاك الأخ الصديق ؛ _ أن التفوق لا يحده عمر . _أن تحديد الهدف والإصرار على تحقيقه ، هو عُدة الساعي وعتاده . _ أن الإنسان لا يجامل غيره ، ليكون على حساب ذلكَ الهدف ، الذي يسعى لتحقيقه . _ أن الإنسان إذا وضع قدمه على طريق التميز ، والتفوق كان هدفاً مشروعا لكل حاسد وحاقد . _ أن الحسد يكون من أقرب الناس لك . _ أن لا يكترث الإنسان بما يقال عنه ، كي لا يأخر عجلة النجاح . _ إذا حمى وطيس التعدي ليتجاوز حدود المعقول ، كانت المواجه هي سبيل قطع حجة المعتدي _ ومع هذا لن يسلم من كيدهم _ . _ لا يظن ظان بأن الإنسان يمكن أن يسلم من لسان الناس ، فحتى الله تعالى ، وخير خلقه من الانبياء والمُرسلين لم يسلموا من كلام الناس ! _ على من ارتقى بعلمه أن يجعل من ذلك الفضل سبباً ليكون في قمة التواضع ، ويذكر فضل الله عليه . _ تعلمت منه أن الإنسان إذا كان في قمة العلم ، ودار حديث في مجلس ما وتطرح قضايا ، ومسائل يخاض فيها أن لا يقحم نفسه ، ليتصدر بذلك المجلس للفت الأنظار إليه ، مالم يطلب منه ، وإذا ما استدعى الأمر من الوقوع في المغالطات . _ تعلمت منه أن يكون الإنسان حين توجيهه ، ونصحه للآخرين أن يتقمص دور المشفق الموجه المشجع ، بحيث لا يحسس الطرف الآخر بأنه جاهل ، وأنه لا يفهم . _ وتعلمت منه أن نحفظ الفضل لأهل الفضل . _ وأن لا يكون همنا بلوغ الشهرة ، وأن تكون لنا شهوة الظهور . فما : تزال تلك الكلمات تتلجلج في سمعي حينما قال لي : يا فلان لا تلتفت لقول العُذال ، لأنك بذلك تحقق ما تريد ، وستراهم بعد سنوات على وضعهم ذاك ، لم يتغير فيهم غير تقادم العُمر ! وأنت قد حققت حينها هدفك ، وتأكد : بأن اؤلئك النُقاد سيخضعون ، وسيعترفون بعلمكِ وفضلِك عندما يجدون الناس يتهافتون عليك ، " حينها لن يجدوا محيصاً من التسليم ، والاعتراف بِعلمك وفضلك . مُهاجر للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
آخر تعديل مُهاجر يوم
11-17-2022 في 08:25 AM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|