قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
خنتُ صديقتي
كانت رشيقة القوام ، ممتلئة الخصر ـــــ نسبيا ـــــ جذابة الرؤية ، تسحر من ينظر إليها ، حتى ضفائرها تستطيعُ لفَّها حول جسدها ، غانية ذات جمال أخاذ ، أحبتني بلا حدود ، وأحببتها أكثر من ذلك ، منحتني قلبها وفكرها وثقتها ، وأعطتني كل ما تملك .
كنت حينها في أوج الشباب ، فتيا تعشقه العيون قبل الأفئدة ، غُصنا غضًّا مُخْضَرَّ المحيا في العشرين من العمر بعد التخرج بأشهر . أبرم الشيطان بيننا عقد قِران غير مشروع فعشقنا بعضنا ، ونفث في فضاء هذا العشق ضَلالا فتعلقنا ببعضنا ، حضورها سلوتي ، ووجودها بهجتي ، أميرتي في الحياة ، وأنيستي في وحشتي ، وحيلتي في فراغي ، قضيتُ معها أجمل الأمسيات وأحلى اللحظات ، أطلب لقاءها كلما هزني الشوق إليها فتستجيب دون تردد ، تجاوزت معها كل الخطوط حتى أمسيتُ لا أستطيع الفكاك عنها ، لدرجة أنني لا أستطيع النوم إلا بعد الاختلاء بها في زاوية نائية من المنزل . كانت هي النقطة السوداء في مسيرة حياتي ، فأنا شاب معروف بالتزامه الديني والأخلاقي عند السواد الأعظم من الناس ، لا أفارق مصحفي إلا قليلا ، ولا تفوتني تكبيرة مع الجماعة إلا في الظروف القهرية ، الكثير لا يعلم عن تلك العلاقة المشبوهة إلا الأقارب والأصدقاء المقربون ، يعرفون أنني عشقتها بلا حد ، بل وأدمنتُ روائحها الفواحة المنبعثة من أعلى هامتها ، تلك الروائح التي يكتشفون عن طريقها ـــــ عند زيارتي ــــ أنني في خلوة معها ؛ فأتلَقَّى منهم النصائح والتقريع . استمرت تلك العلاقة سبع سنوات ، ثم تزوجتُ ، وهنا واجهتُ الكثير من الإشكالات مع زوجتي بسبب تلك الصديقة ، كانت زوجتي تحس ــــ دائما ــــ أن تلك الصديقة تأخذني منها كل مساء ، وتستشيط غضبا كلما تسربتْ إليها روائح صديقتي الفواحة وقهقهاتها المنتشية رغم استماتتي في الحيلولة دون ذلك التسرب ، لذا كم حاولَتْ اغتيالها مرارا ، لكنني كنتُ أتصدى لتلك المحاولات في كل مرة . مرت الأيام وتقدمتُ في العمر مدى ، وأصبحتُ أُرهق من لقاءاتها ، فكنتُ كلما اختليتُ بها تداهمني الرعشة والتعرق والدوار فالغثيان ، حينها أدركتُ أنني لم أعد أقوى على تحمُّل ذلك المجهود المبذول معها فبدأتُ التفكير في الخلاص منها ، وساعدني إبليس الذي أبرم بيننا تلك الغواية في الخلاص ، حيث شجعني على تركها موحيا لي أن رفيقتها هي أجمل منها وأكثر رشاقة ، وأن اللقاء معها لن يتطلب مجهودا كبيرا كالأولى ، ولا تحضيرا مسبقا ، وأنها ستكون رهن إشارتي في كل وقت وفي أي مكان ، ثم مضى يصور لي جمالها المتناهي وأناقتها ورقتها وخفة دمها فهجرتُ صديقتي الأولى وتعلَّقتُ برفيقتها . نعم خنتُ صديقتي الأولى الشيشة عام 1430ه ، وتعلقتُ برفيقتها السيجارة التي وصلتُ الآن إلى قناعة تامة بوجوب خيانتها هي الأخرى ، وهجرتها إلى الأبد . *** الغيث حصري للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|