حياة خاصة

حياة خاصة

حياة خاصة:
تدير السيدة نفيسة ستة محلات تجارية ورثتها عن زوجها الذي مات في الحرب, وتسكن في صندقة من الخشب، وتبدو على هيئتها الصرامة، فقلما كانت تبتسم لاحد، وإذا فاتحها في زوجها أحد، تقول لقد خدمته ثلاثين سنة واعطيته زهرة شبابي، كانت امرأة عصامية ترتدي دائما السواد، وتحتفظ بقدر من الجمال، وليس لها أي نشاط انساني، وتعتقد انها لو تزوجت احد سينهب كل هذه الثروة لذلك ظلت أرملة تعيش وحيدة في صندقة من الخشب، وفي أيام الجمع تذهب بمفردها إلى ساحل البحر، تجلس تصغي إلى الموج، وتنظر إلى الأطفال بألم، وعندما تجنح الشمس للمغيب تأخذ أمتعتها وتذهب.
لم تفقد مع الايام بهاءها، وعلى وجهها يتبدى النعيم والحرص، تحتفظ بأسرار شطر من حياتها، فالاهالي لايعرفون من اين جاءت، ولا إلى أي العائلات تنتمي، وقد أثيرت حولها شكوك، بممارسة السحر، ولذلك قلما يمر من أمام بيتها الخشبي أحد.
عاشت حياة غريبة، ولا احد كان قد سأل زوجها قبل أن يموت عنها، ومما تعرفه النساء أنها هبطت من أحد القرى، وكثير من الناس يتمنى الارتباط بها، لبشرتها الصافية، وانفها الروماني، وملابسها الغجرية.
كانت تفضل الخروج إلى السوق باكرا، قبل أن تشتد الحركة، وتمر بالحوانيت، فتسمع العم حميد يقول: ياارض احفظي ماعليك وتسمع شريف يقول: سبحان الله وتسمع مراد يقول: اي خدمة ياست الكل. فلا تجيب على أحد.
وكان الجميع ينتظر أن تفارق الحياة ليرى كيف ستصبح هذه الثروة، لكنها كانت قد أعدت العدة لكل شيء، دون أن يعلم أحد، فقد كتبت ثروتها لذلك الشاب المعاق الذي يجلس على كرسي متحرك في وسط السوڨ، ولا احد كان يدري لماذا فعلت ذلك. لكن عمدة المدينة وجد في وصيتها هذه الكلمات: أنه الشخص الوحيد الذي يحييني كل صباح بلا مقابل!!

للمزيد من مواضيعي