آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
العجوز ( فعالية ديوان المدائن )
مرت فترة طويلة على ذلك المنزل الواقع أمام دارنا مهجورا ، فلم يستأجره شخص بعد عائلة ( المحلوي ) ، ففي الفترة التي سكنتْ تلك العائلة ذلك المنزل كانت زوجة المحلوي ( خضراء ) كثيرا ما تزور أسرتي ، وقد نقلتْ لي أسرتي شيئا من أحاديثها ، حيث أخبرتهن بأنهم يحسون بحركات غريبة تحدث في ذلك المنزل : سماع أصوات من داخل دورة المياه ، رؤية خيالات وأشباح ، تحرك بعض قطع الأثاث من تلقاء نفسها ؛ مما اضطرهم لمغادرة ذلك المنزل والبحث عن بديل آخر .
كنتُ قد طويتُ شيئا من سنيِّ الشباب ، وكانت تلك الأحداث التي أسمع عنها في ذلك المنزل تحتل حيزا من تفكيري ، غير أني لم أجرؤ على المغامرة واكتشاف حقيقته ، وبعد فترة فوجئتُ بأحد الأشخاص يخرج من ذلك المنزل صباحا ، وحين سألتُ عنه قيل لي : إنه المستأجر الجديد . كان ذلك المستأجر غريبا بعض الشيء ، كالح الوجه ، مُقطَّب الملامح ، يلبسه الوجوم الدائم ، لم يحاول الاختلاط بأحد من أفراد الحارة ، وخلال مكوثه في الحارة نُسجت حوله الكثير من التحليلات : قيل إنه مختل ، وقيل مريض نفسيا ، وقيل وقيل ، كنتُ أسمع ثمة صياح ينطلق من ذلك المنزل مما يدل بأن هناك شجارا يحدث داخله ، رأيتهُ ـــــ ذات مرة ــــ يصطحب امرأة أعتقد أنها زوجته ، ولم أشاهده بعد ذلك إلا وحيدا . سألتُ نفسي أين اختفت زوجته ؟ وكيف كانا يعيشان في ذلك المنزل المخيف ؟ ولا أدري لماذا انشغلتُ بهذا الرجل ، ولماذا يسيطر على تفكيري ! حاولتُ الاقتراب منه برد التحية عليه كلما قابلته ، عزمتُ على تبادل الحديث معه ، لكني وجدته لا يعطيك الفرصة للمحاولة ، فهو وإن فعل فلا أكثر من رد التحية بكلمة سريعة ومختصرة ، ثم يمضي في حال سبيله . غلبتني شقوتي ؛ لاكتشاف هذا الرجل الغامض ، جمعتُ بعض المعلومات عنه من الجيران وعرفتُ أنه انفصل عن زوجته ، قمتُ بالتجسس عليه ، حيث كنتُ اقترب من جدار المنزل الخلفي حد الملاصقة ؛ لعلي أجد أي خيط يفتح لي بعض مغاليقه ، بدأتُ أسمع بعض الحوارات الجادة تأتي من داخل المنزل وكأن بعض الأشخاص يؤدون أدوارا تمثيلية ، تيقنتُ من ذلك فإذا هو صوته ، أخذتني الدهشة والاستغراب فيما يقوم به ، وذهبتْ بي الظنون كل مذهب ؛ لتفسير ما يحدث ، راقبتُ وقت خروجه من المنزل ووقت عودته ، واكتشفتُ أنه يخرج كل يوم عمل عند الثامنة صباحا ولا يعود إلا عند الثالثة عصرا ، وهنا وسوس لي إبليس بفكرة شيطانية ، أوحت لي المغامرة والدخول إلى ذلك المنزل مهما تكون النتائج . تسلَّقتُ الجدار الخلفي لذلك المنزل وأنا أرتعد خوفا ، قرأتُ آية الكرسي والمعوذتين والإخلاص وما إن هممتُ بالهبوط على أرضية الحوش الخلفي حتى رأيتُ شبه خيال يلتف نحو الزاوية الأخرى ، خفتُ وارتعدتْ مفاصلي وكدتُ أتشنج رعبا لكني تشجعتُ وواصلتُ طريقي نحو بوابة مدخل الشقة وهنا كان الباب مواربا ، ولا أدري إن كان الساكن هو من تركه هكذا ، أو فتح بفعل الأرواح الشريرة التي تسكن المنزل ، دفعتُ الباب ودخلت إلى الصالة ، وفجأة انغلق الباب من تلقاء نفسه ، كدتُ أصرخ بأعلى صوتي لكني خفتُ انكشاف أمري من قبل الجيران . كان المنزل يتكون من غرفتين ودورتي مياه ومطبخ ، جلتُ بنظري في تلك الصالة وأدهشني ترتيبها الفائق الذي ينم عن أن من يسكن هنا صاحب ذوق رفيع ، فتحتُ الغرفة الأولى فإذا بها غرفة نومه وقد نسقت أشياؤها بكل عناية ، دخلتُ الغرفة الثانية فوجدتُ بها مكتبا متواضعا بكرسي متوسط الحال ، وعلى جانبي ذلك المكتب كرسيان من النوع العادي ، شاهدتُ على يمين المكتب بعض الرفوف وقد رُصَّت عليها عدد كبير من الكتب بعناية فائقة ، وعلى شماله رفوف بها بعض الأنتيكات الجميلة ، فجأة سمعتُ صوت هسهسة قوية تأتي من بين دورة المياه والمطبخ ، اقشعر بدني ، ووقف شعر رأسي ، لكن تلك الهسهسة خفتت بالتدريج حتى اختفت ، اقتربتُ من رفوف الكتب وأخذتُ في قراءة عناوينها ، وذهلتُ عندما وجدتها من أقيم الكتب في الأدب والنقد والبلاغة والتاريخ والرواية والمسرح ، ووجدتني أمام رجل عالي التثقيف واسع الاطلاع ، وهنا تحركتْ طاولة صغيرة كانت في الزاوية الشمالية من الغرفة وكادت فازة الزهور الزجاجية أن تسقط من فوقها ، هنا أيقنتُ بأن معي في تلك الغرفة بعض الأشباح ، رددتُ شيئا من الذكر ، وعدتُ لتفحص تلك الكتب فوجدتُ من ضمنها : مجموعات شعرية متنوعة ، مجموعات قصصية ، روايات ومسرحيات عربية وعالمية ،لفت نظري منها : الطوفان ، المارشال ، مسرحيات لزياد الرحباني ، مسرحيات مصرية ، باي باي لندن ، كأسك يا وطن ، هاملت ( وليم شكسبير ) ، وفاة بائع جوال ( آرثر ميللر ) ، بيت الدمية ( هنريك إبسن ) ، وغيرها . في غمرة دهشتي وأنا أقرأ تلك العناوين تنبهتُ للوقت وفضلتُ المغادرة فورا ، وعند التفافي وجدته أمامي ، نعم كان الرجل يقف أمامي بشحمه ولحمه ، وهنا ارتبكتُ وخجلتُ وتصببتُ عرقا ، ثم لزمت الصمت وتركتُ له حرية اتخاذ ما يراه مناسبا لمعاقبتي أو لومي أو حتى تقريعي ، لكنه ربَّت على كتفي قائلا : ـــــ لا عليك .. أهلا بك في داري ومكتبتي . ــــــ أنا ...... ـــــ لا تقل شيئا . ـــــ ولكني .... ــــــ يبدو أن لديك اهتمامات أدبية ؟ . ـــــ نعم . ــــــ في أي فرع ؟ ـــــ فن القصة . ـــــ تفضل .. هذه بعض المجموعات القصصية .. عنوان صداقة . ــــــ لا أدري هل أشكرك أم أعتذر لك ؟ ـــــ لا عليك .. فقط حاول أن تستأذن في المرة القادمة . التهمتُ تلك المجموعات في ظرف أسبوعين ، وعندما أعدتها إليه قام بمناقشتي فيما قرأت ؛ ليتأكد من استفادتي منها ، نشأتْ صداقة وطيدة بيني وبين ذلك الرجل رغم ما تعرضتُ له من همز ولمز من أصحاب القلوب المريضة ؛ لأنهم نظروا إلى تلك الصداقة بين شاب في مقتبل العمر ورجل قد تجاوز عقده الخامس بنظرة مسمومة ، غير أني لم أعر أولئك المرضى أي اهتمام ، بل بتْ أزور الرجل مساء كل خميس ، نتحاور في الشؤون الأدبية ، وأعرض عليه تجاربي في القصة القصيرة ، وأستمع إلى توجيهاته وإضاءاته في ذلك المجال ، حتى أصبحتُ متمرسا في فن القصة ؛ بفضل ما تلقيتُ من توجيهاته على مدى ثلاثة أعوام . انتقل الرجل إلى مدينة جدة وانقطعت أخباره عني ، ومرت الأيام والسنون ، وعج الفضاء بمواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الثقافية ، وفي أحد الأيام نشرتُ في أحد المنتديات قصتي : ( المُذَنَّب حسَّان ) ، وفوجئتُ برد من بين الردود الواردة على قصتي يحمل العبارة الآتية : (( الآن تأكدتُ أن جهودي لم تذهب سدى )) التوقيع : العجوز . *** الغيث حصري لمدائن البوح ( فعالية .. ديوان المدائن ) للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصائد مسموعة من ديوان ( أحِبُّك ) بصوت الفنان محمود ياسين. | يزيد | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | 15 | 05-22-2022 09:14 AM |
قاف حزين - من ديوان أحزاني | قـــاف | الديوان الشعبي | 20 | 11-20-2021 12:36 AM |
حيوان لايشرب الماء واذا شرب مات! | عواد الهران | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 16 | 09-26-2021 11:20 AM |