قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
البياض
على صفحات زقاق حارتنا القديمة ـــــ كثيرا ما ـــــ سطرنا فصول طفولتنا بحبر الوجدان ، هناك وعلى ذلك ( الزبير ) المُطل على زقاقنا الجميل ، والمُشيَّد من أجل صد مياه الأمطار القادمة من الحارات الجنوبية ؛ كي لا تدخل لزقاقنا وتنساب من بين فتحات الجدران الحجرية فتغرق البيوت وتتلف الأشياء داخلها ، كان ذلك الزبير ينحصر ما بين ركن الغبانية أمام باب منزل العم محمد حتيمش والركن الشمالي لبيت العم محمد موسى بكري ، هناك كنا نحمل قلوبنا الصغيرة وبراءاتنا الحالمة ، نجتمع على مرتفعه الشامخ شموخ القدماء الطيبين ، الزاهي زهو الأنفس الطاهرة ، نجتمع لنلهو لهو المحبة ، لهو الوفاق ، لا يكدر صفونا إلا صبيا عابثا أو إنسانا يجري في شرايينه الخصام مجرى الدم ، أو فردا تحتدم في قلبه الكراهية والحقد والحسد ، أو عجوزا ملت من الدنيا وأصبحت ترى كل تسلية بريئة شقاوة ضدها .
هناك كنا نأتي بأفرع النخيل ( الجريد ) ونركبها متخيلين أنها أحصنة نمتطي ظهورها ، وأننا أبطال لا يشق لهم غبار ، نتسابق ونخوض بها معارك وهمية ، أو نلعب لعبة الملاقيف ، أو الكندي ، وهكذا هي مرحلة الطفولة ، وحين لهونا ـــ هذا ــــ تمر بنا تلك المرأة السمينة ( ليلى ) ولكنها تحمل بين أرتال لحمها وشحمها قلبا أبيض مثل البفتة . تعيش هذه المرأة مع أختها ( فاطمة ) وحيدتين مقطوعتين ، فقد توفي والداهما منذ أعوام عدة ، وحيدتان لكن معهما قلوب الكل ، ومحبة الناس ، وعطف الجيران ، والجميع لا يذكرهما إلا بكل خير . ( ليلى ) تمازح الكل وتبتسم للجميع ، متواضعة مع الصغار والكبار ، نداعبها ونمزح معها ــــ كصغار ـــــ ونلاطفها بمقدار محبتنا لها وندعوها بـــ ( الخالة ) ولو ضربتنا لقبلنا يديها ، هذا القلب الطاهر لا يسلم ـــــ أحيانا ــــ من شقاوة صبي أو سخافة صبية أو تنذر البعض على وزنها الثقيل ، فأحيانا يقال لها : ــــــ يا خالة كأنك أتوبيس ، أو كأنك برميل ( وايت ) . وهي تعلم أن ذلك لا يخرج عن كونه مزاحا فترد بمزاح ــــ أيضا ــــ : ـــــ كوع ومسمار وحلتيته . أو ترد : ــــــ الله وأكبر عليك وامحنش دبى عليك . ثم تضحك ونضحك معها جميعا ، صبي آخر يقول لها : ــــــ أخرجي جُعْري . فترد : ــــــ جعري ياكلك وياكل عظامك ،. أو ترد : ــــــ الله يحولك بمه ولا حجرة مكعكمة . أذكر أنها مرت بجوارنا ـــــ ذات مرة ـــــ ونحن نلعب لعبة السيارة وقد تقاطرنا وكل منا يمسك بمؤخرة ثوب زميله ويقودنا أكبرنا ولما شاهدتنا ضحكت وقالت : هيا أنا أسوق بكم فتمسَّكنا بثوبها وأخذت بنا لفة من بداية الزقاق إلى نهايته .. يا الله ما أطيب ذلك القلب الرحيم المملوء بالحنان والمحبة ! . كبرنا نحن ودخلنا مرحلة الشباب ، وتقدمت هي في العمر لكننا لم ننسها أبدا .. استمرت في قلوبنا نزورها ونسأل عن أحوالها وأحوال أختها وندعو لهما بحياة كريمة ومثوبة عظيمة وخاتمة حسنة ، وقد كتب الله لهما ذلك حيث توفيتا في حادث سير أثناء ذهابهما لإداء العمرة . *** الغيث حصري للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
04-24-2022, 09:03 PM | #4 |
|
رد: البياض
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
04-21-2022, 08:54 PM | #5 |
|
رد: البياض
هلا وغلا
فيك شاعرنا الراقي قصه معبرة وحزينه في النهايه حكمة تتوغل في بحور الوصف لتعانق الدهشة ويالها من بياض القلوب هنا بعض الذكريات تبقى للأبد صادق الدعاء ببلوغ المراد شكرًا تتكاثر لروحك الجميلة هناااا |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
04-24-2022, 09:38 PM | #6 | |
|
رد: البياض
اقتباس:
وشكرا لجمال حضورك الذي أسعدني وما أحلةى القلوب البياض تزين بها الحياة لروحك البياض |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
04-24-2022, 09:40 PM | #8 |
|
رد: البياض
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
04-22-2022, 06:56 PM | #9 |
|
رد: البياض
.
. صور من الطفولة حالمة طاهرة .. خلتُ من دفة وصفك أن أسمع القهقهة التي تنبعث من صدوركم وأي ليلى .. والله ابتسمت .. ما بعد الطفولة عمر .. هنا تفاصيل ماتعة حد السكينة والارتياح شكرا لهذه الجولة من حياتك .. |
|
04-24-2022, 09:43 PM | #10 | |
|
رد: البياض
اقتباس:
وما أكثر الصور الناصعة أيام الصغر ليتها تمتد إلى أيام الكبر لننعم بالحياة بلا منغصات شكرا لحضورك الفاخر ولك كل الود والورد |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|