قراءتي لـ( السؤال الخامس) للمهندس

قراءة في قصة السؤال الخامس
القصة على هذا الرابط

https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=14722

يستمد أي نص أدبي قوته الإبداعية من مدى قدرته على التأثير على المتلقي، وخلق حالة وجدانية يمتزج فيها التفكير والمتعة، وبراعة الكاتب تتجلى أساسا في صياغة مفردات الحياة العادية في قالب مبتكر غير مألوف، يبعث على الدهشة ويحقق صورة فنية متناسقة.

وتندرج قصة السؤال الخامس في هذا الإطار بداية من العنوان، بصفته العتبة الأولى لكل عمل أدبي، والمفتاح لمضمونه وما التبس منه، والذي جاء مكونا من كلمتين معرفتين، تتسمان بالغموض والإثارة، وتستفزان القارئ وتشحذان مخيلته، فالسؤال هو رفيق الإنسان في الوجود بامتياز، وهو رغبة الفكر حسب الكاتب والفيلسوف الفرنسي موريس بلانشو، والخامس يخفي في دلالته أسئلة سابقة تغاضى عنها العنوان، وأسبغ عليها النص رداء التجلي لتوائم فكرته الأساسية.

تدور فكرة القصة حول شاب عاطل في متوسط العمر يعاني الفقر والعزلة والتردد، وحين يفوز في مسابقة أسئلة عبر الهاتف، يلفظ أنفاسه نتيجة حريق في مسكنه.

والنص ذو لغة سلسة وبسيطة، ومنسجمة مع الطابع النفسي الذي يطغى على أحداث القصة، ولا يخلو أيضا من بعض الصور الفنية ( الحظ لن يطرق بابه أبدًا - ما انفك يحاصره بكل قسوة، ويغتال أحلامه الواحد تلو الآخر - وعبراته تقاطعت مع حبات العرق …) كما يرد أسلوب السخرية أحيانا ليضفي تنوعا على إيقاع السرد ( لينتزع أحدٍ الأمرين، إيجار البيت أو روحه- قد دفع ثمن شجاعته النادرة من رصيده)
وقد استعمل الكاتب ضمير الغائب، لينقل المشهد ويصوره بدقة، حيث تتزاحم الأحداث وتنمو مع اتضاح أفكار البطل التي تقفز عند كل سؤال.
ويتموضع الزمان والمكان في النص كمعوقين رئيسين يساهمان في تأزم الحدث، حيث أن الحارة رغم تكدسها بالبشر وامتلائها بالضجيج والصياح، تبعد البطل وتفاقم من أزمته، بل تجعله يعتزلها، ويلجأ إلى الأدب كمتنفس بديل لحياته الحقيقية عوض البحث عن حل حقيقي لمشاكله كصديقه عاصم.، أما الزمان فنفسي متمدد يلقي بثقله على ذات البطل، وواقعي قصير تتسارع فيه الأسئلة وأحلام الفوز بالمسابقة.

وتبدو الشخصية الرئيسية مركبة، نتعرف عليها من خلال تفاصيل حياتها على امتداد الحدث، فهي تعاني من الفقر والعزلة رغم مستواها التعليمي العالي، ومتشائمة وقلقة وغير قادرة على اتخاذ القرارات، وقد تعمد الكاتب عدم ذكر اسم لها، إذ أن ما يهم هو شعورها الداخلي، وقد ركز الكاتب عليها من خلال إبراز صراعها النفسي. أما باقي الشخصيات فتحضر بذكاء من خلال تحركها بما يخدم النص.

يستعمل الكاتب تقنية الاسترجاع والإضمار السردي، مسلطا الضوء على الزوايا الخفية لنفسية البطل، عبر حبكة متماسكة متصاعدة تستجيب للبناء الفني للنص. أما قفلتها المغلقة فمتقنة، وتبدو رغم طابعها المأساوي والدهشة التي قد تنتاب القارئ جراءها، نتيجة منطقية لطبيعة شخصية البطل المتأزمة.

تتركز الأسئلة وترتبط في ذهنية البطل بالبطالة والعزلة والحب العاجز، والسكن في بيئة ضاغطة،
وهي المنغصات الأساسية لكل حياة كريمة، التي تستحق أن يناضل ويضحي من أجل تغييرها الإنسان ( من هو المناضل الذي ضحى بحياته من أجل…؟)

وإذا كانت الإجابات الصحيحة على الأسئلة أحيانا في الميثولوجيا اليونانية، نذير مستقبل قاتم، كجواب أوديب الصحيح على سؤال الوحش القاتل أبي الهول، الذي كان وبالا عليه، رغم فوزه بحكم مدينة طيبة، وأحرق نور عينيه.
فإن نفس الأمر ينطبق في قصة السؤال الخامس، فالأجوبة الصحيحة كانت سببا في احتراق البطل، في مفارقة ساخرة، بعد أن حسم تردده المتواصل وإيمانه العميق بحظه السيء، وفاز بالمسابقة.

أما السؤال الثاني عن الروائي، والمرتبط بعزلة البطل فقد تكون فيه إشارة خفية وجميلة إلى رواية مائة عام من العزلة للروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركييز، فعزلة البطل في حارته الشعبية اختيارية كعزلة سكان قرية ما كوندو عن العالم في رواية غارسيا.

والنص يتميز بالتكثيف، والإيجاز الذي يخدم فكرة القصة الأساسية، في ترابط فني متناسق، وظف فيه الكاتب مسابقة الهاتف ليطرح واقعا نفسيا مزريا لشاب يطمح إلى الخروج من دوامة الفقر والتردد. ويدفع به اختياره للطريق السهل المريح إلى نهاية مأساوية. وشتان بين من يضحي بحياته من أجل النضال كما طرح السؤال الخامس، ومن يحترق من أجل المال!


القصة كانت جميلة جدا ،استمتعت بقراءتها
رُغم أنها أخذت وقتا…
ألا أنني لم أشعر بالوقت أثناء قراءتي
شكرا لأخي المهندس جمال السؤال الخامس

للمزيد من مواضيعي

 

السؤال الخامس: من هو المناضل الذي ضحى بحياته من أجل ... ؟
ضحى بنفسه المسكين لأجل المال.؟

قراءة رائعة من الاخت الفاضلة الياسمين
وكـ العادة ولا غرابة؛ في ذلك..
فهي مبدعة اينماكانت..
فشكراً لكما ..أستمتعت وجداً بهذة اللوحة الفنية

احمد حماد ,المهندس ,بُشْرَى ,الْياسَمِينْ معجبون بهذا

.
.

قراءة دسمة
والقصة منثورة باحتراف عالٍ
المهندس لله درّه ما أجمل اللغة التي يقدمها لنا
قراءة مثرية
ومجهود طيب
سلمت ياسمين
وشكرا لجمال المعهود
بوركت

مكافأة مستحقة لشخصك الراقي

احمد حماد ,المهندس معجبون بهذا

أ. الياسمين

قرأت تحليل السؤال الخامس أكثر من مرة ..
توقفت عند كل فقرة، فوجدتني أمام كشف خبايا النص وكيف كنت أفكر في كل سؤال لرسم معالم الشخصية والمحيط الخارجي.
أحببت توقفكِ عند ( مائة عام من العزلة )

وأما هذه ..

وإذا كانت الإجابات الصحيحة على الأسئلة أحيانا في الميثولوجيا اليونانية، نذير مستقبل قاتم، كجواب أوديب الصحيح على سؤال الوحش القاتل أبي الهول، الذي كان وبالا عليه، رغم فوزه بحكم مدينة طيبة، وأحرق نور عينيه.
فإن نفس الأمر ينطبق في قصة السؤال الخامس، فالأجوبة الصحيحة كانت سببا في احتراق البطل، في مفارقة ساخرة، بعد أن حسم تردده المتواصل وإيمانه العميق بحظه السيء، وفاز بالمسابقة.

فلم يكشفها غير قلم الياسمين .. أبدعتِ

قصة السؤال الخامس تطرح اشكالية وضع شبابنا المطحون في دولنا العربية ..

ختاماً ..
ممتنٌ لهذه القراءة النابعة من حب الأدب اولاً ، ومن خلفية قصصية ثقافية مميزة ثانياً.

شكراً لكِ القديرة الياسمين
كل التحية

الْياسَمِينْ ,احمد حماد ,شتاء.! معجبون بهذا

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شتاء.!

السؤال الخامس: من هو المناضل الذي ضحى بحياته من أجل ... ؟
ضحى بنفسه المسكين لأجل المال.؟

قراءة رائعة من الاخت الفاضلة الياسمين
وكـ العادة ولا غرابة؛ في ذلك..
فهي مبدعة اينماكانت..
فشكراً لكما ..أستمتعت وجداً بهذة اللوحة الفنية

أ. شتاء

صدقت ..
فقراءة الياسمين كانت موفقة جداً لقصة السؤال الخامس ..
وقد أبحرت فيها، حتى حصدنا هذه القراءة الرائعة

شكراً لتواجدك
لا حرمك الله البهاء

احمد حماد ,شتاء.! معجبون بهذا

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بُشْرَى

.
.

قراءة دسمة
والقصة منثورة باحتراف عالٍ
المهندس لله درّه ما أجمل اللغة التي يقدمها لنا
قراءة مثرية
ومجهود طيب
سلمت ياسمين
وشكرا لجمال المعهود
بوركت

مكافأة مستحقة لشخصك الراقي

أ. بشرى

شكراً لكلماتكِ الطيبة
وبالفعل قراءة الياسمين كانت ممتعة وتحمل كل الفائدة

امتناني وتقديري لكما
كل التحية

احمد حماد ,شتاء.! معجبون بهذا

قراءة متمعنة وفاحصة من أديبةٍ قديرةٍ فذة
تقديري والاحترام للـ الياسمين هذه القراءة
وللـ الوارف الفذ المهندس للقصة المثيرة
النجوم الخمس والتقييم المستحق
وهذه لـ ر وحك

استمتعت بأدبكم
يعطيـك ـآلـعـآفيـهَ لطرحك الراقي
د ـآم عطـآؤك ورؤعـة تمَـيـزك
كل الشكر لك
كل التحايا لسموك

الْياسَمِينْ معجب بهذا

متوهجة بلغتك ياسمين
وحرفك سطع حيث العلو

الْياسَمِينْ معجب بهذا

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد حماد

قراءة متمعنة وفاحصة من أديبةٍ قديرةٍ فذة
تقديري والاحترام للـ الياسمين هذه القراءة
وللـ الوارف الفذ المهندس للقصة المثيرة
النجوم الخمس والتقييم المستحق
وهذه لـ ر وحك

أحسد حرفي على مرافقة سيد العطر والنقد والأدب
شكراً لروحك الفتية
وامتناني بحجم قللك الكبير ..