رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)
5 ـ جهاد الهوى ..
تأملت أمراً عجيباً ! ، و أصلاً ظريفاً ! ، و هو إنهيال الإبتلاء على المؤمن ، و عرض صورة اللذات عليه مع قدرته على نيلها ، و خصوصاً ما كان في غير كلفة من تحصيله كـ ( محبوب موافق في خلوة حصينة ) ، فقلت : سبحان الله ، ههنا يبين أثر الإيمان لا في صلاة ركعتين ! ، و الله ما صَعِدَ يوسف ـ عليه السلام ـ و لا سَعِدَ إلا في مثل ذلك المقام ! ، فبالله عليكم ـ يا إخواني ـ تأملوا حاله لو كان وافق هواه ؛ من كان يكون ؟! ، و قيسوا بين تلك الحالة ، و حالة آدم ـ عليه السلام ـ ثم زنوا بميزان العقل عقبى تلك الخطيئة ، و ثمرة هذا الصبر ، و اجعلوا فهم الحال عُدةً لكم عند كل مشتهى ، و إن اللذات لتعرض على المؤمن ، فمتى لقيها في صف حربه ، و قد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب ؛ هُزِمَ !! ، و كأني أرى الواقع في بعض أشراكها ، و لسان الحال يقول له : ( قف مكانك ، أنت و ما إخترت لنفسك ) ، فغاية أمره الندم و البكاء ، فإن أمِنَ إخراجه من تلك الهوة لم يخرج إلا مدهوناً بالخدوش !! ، وكم من شخص زلَّت قدمه ، فما ارتفعت بعدها ؟! ، ومن تأمل ذل ( إخوة يوسف ) ـ عليهم السلام ـ يوم قالوا : ( و تصدق علينا ) ؛ عرف شؤم الزلل ! ، و من تدبر أحوالهم ؛ قاس ما بينهم و بين أخيهم من الفروق ، و إن كانت توبتهم قُبِلَتْ ! ؛ لأنه ( ليس من رَقَّعَ و خاط ، كمن ثوبه صحيح ) ! ، و رب عَظْمٍ هِيْضَ ـ أي : إنكَسَرَ ـ لم ينجبر ، فإن جُبِرَ فعلى و هى ! ، فتيقظوا ـ إخواني ـ لعرض المشتبهات على النفوس ، و استوثقوا من لجم الخيل ، و انتبهوا للغيم إذا تراكم بالصعود إلى تلعة ـ كل ما إرتفع عن الأرض ـ ؛ فربما مد الوادي فراح بالركب .
|