رد: ( صَيْدِ الخَاطِرِ ) مقتطفات من روائع ابن الجوزي ( متجدد)
10 ـ غباء العصاة ..
إذا تكامل العقل ؛ قوي الذكاء و الفطنة ، و الذكي يتخلص إذا وقع في آفة كما قال الحسن : ( إذا كان اللِّص ظريفاً ؛ لم يُقطَع ، فأما المغفل ؛ فيجني عـلى نفسه المحن ) ! ، هؤلاء أخوة يوسف ـ عليه السلام ـ أبعدوه عن أبيه ؛ ليتقدموا عنده ، و ما علموا أن حزنه عليه يشغله عنهم ! ، و تهمته إياهم تبغضهم إليه ! ، ثم رموه في الجُبِّ فقالوا : ( يلتقطه بعض السيارة ) ـ وليس بطفل إنما هو صبي كبير ـ وما علموا أنه إذا التُقِطَ ؛ يُحَدِّثُ بحاله ، فيبلغ الخبر إلى أبيه ! ، و هذا ( تغفيل ) ، ثم إنهم قالوا : ( أكله الذئب ) ، و جاؤوا بقميصه صحيحاً !! ، و لو خرَّقوه ؛ إحتُمِل الأمر ، ثم لما مضوا إليه يمتارون قال : ( ائتوني بأخٍ لكم ) ، فلو فَطِنوا ؛ علموا أن مَلك مصر لا غرض له في أخيهم ! ، ثم حبسه بحجة ، ثم قال : ( هذا الصواع يخبرني أنه كان كذا و كذا ) ، هذا ـ كله ! ـ و ما يفطنون !! ، فلما أحس بهذه الأشياء يعقوب ـ عليه السلام ـ ؛ قال : ( اذهبوا فتحسسوا من يوسف ) ، وكان يوسف ـ عليه السلام ـ قد نُهِيَ ـ بالوحي ـ أن يُعْلِمَ أباه بوجوده ، و لهذا ؛ لما إلتقيا قال له : ( هلا كتبت إلي ) ؟ ، فقال : ( إن جبريل عليه السلام منعني ، فلما نُهِىَ أن يُعَرِّفَهُ خَبَرَهُ ـ ليُنْفِذَ البلاء ! ـ ؛ كان ما فعل بأخيه تنبيهاً ، فصار كأنه يُعَرِّضُ بِخِطبة المُعْتَدَّةِ !، و على فهم يوسف ـ والله ـ بكى يعقوب لا على مجرد صورته !
|