الموضوع: منفى الحالمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2021, 06:36 AM   #60
مُجَرَّدْ إنْسَانْ


الصورة الرمزية محمد حجر
محمد حجر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 222
 تاريخ التسجيل :  Nov 2020
 أخر زيارة : 07-20-2023 (06:48 PM)
 المشاركات : 45,222 [ + ]
 التقييم :  174545
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Male
 SMS ~
لايهم العالم إن كنت تبكي أو تبتسم
ابتسم أفضل لك
لوني المفضل : Lightslategray


افتراضي رد: منفى الحالمين



صباحك كما عطر الزنابق يامريم

أيامنا الخوالي لم ولن ننساها ولا يوجد بها ما نخجل منه أو نخفيه
لأن هذه حقيقتنا وتاريخنا ومهما وصلنا من منزلة وتكدست حافظة نقودنا باوراق البنكنوت
سنبقى منغمسون برائحة الطين ما حيينا
يوماً ما أراد إخوتي هدم البيت القديم أو بيعه بعد أن قمنا ببناء بيتنا الكبير بواجهة القرية على طراز معماري حديث
كنت الشخص الوحيد الذي رفض البيع أو الهدم على الإطلاق
فما كان من أبي وإخوتي وأمي إلا أن خيروني بين أن أقوم بشراء البيت ودفع ثمنه نقداً
أو بيعه لمن يرغب من الجيران وكلهم أولاد عمومة
قلت لا بأس أدفع لكم ما تريدون وحكم والدي بالمبلغ المالي وكان مبالغ فيه بذلك الوقت
ولكني دفعت وأنا قمة السعادة والفرح
لم أكن حينها موجود بمصر بل كنت خارج البلاد في هذا الوقت
وكان خوفي أن أعود لأجد القرية بلا ذكريات الوحيد الذي فهمني كان أبي رحمه الله
وحتى اللحظة لا يزال هذا البيت المبني بالطمي ( الرمل المخلوط بالطين ) موجود وشامخ وسط القرية
وفي كل زيارة صدقاً لا أجد راحة وطمانينة غير بين جدرانه الآيلة للسقوط
بيوت آل حجر ليست للبيع وهذا عندي مبدأ لايقبل النقاش

لم يكن أبي فلاح بينما كنا نعيش وسط الفلاحين
بل كان يعمل بالحدادة والسباكة واحيانا يقوم بإصلاح السواقي للفلاحين
كان مشهوراً كما بقية عائلتي لذلك لم اكن بحاجة لأن أعرف نفسي لأحد بالمعهد الأزهري الذي كنا ندرس فيه
فأولاد آل حجر معروفون بين الجميع يكفي فقط أن تقول أو أقول أنا محمد حجر والبقية معروفة
شهرة وسيط كبير بين أهل القرى المحيطة ومع ذلك الفقر شديد
أقولها ولا أخجل وحتى الآن كلما قابلت زوجة خالي أو قابلتها في أي بلد خارجي أقبل يديها
وأقول لها فضلكم علينا مدى الحياة ولن نستطيع أن نفيكم هذا الجميل ما حيينا
***
لنغلق هذا الفصل من الذكريات التي لو تحدثت عنها ما توقفت
لنعود لحديث الأحلام يامريمُ

دائماً لدى الجميع حلم الرجال الباحثون عن المجد هم فقط من يحلمون
والأحلام الكبيرة لا تكون فقط إلا لمن يمتلك الإرادة الكبيرة
كلما كانت أحلامنا أكبر كانت النهايات أجمل وأرقى
الموتى فقط هم الذين لا يملكون حق الأحلام

يقول ويليم شكسبير
الحب أعمى، والمحبون لا يستطيعون أن يروا الحماقات الصارخة التي يرتكبونها هم أنفسهم

والحق يقال كم كثرت حماقاتي ونزواتي
وبصفتي شخص لم يتقن شيء في حياته أكثر من الترحال
أفضل شيء أجيده هو الرحيل وكأنه فيروس موشوم على سلم الــ dna في الخلايا الوراثية عندي
لم أرتبط بشيء في حياتي غير بتلك القرية وتلك الترعة الكبيرة وذلك القصر المهجور على مدخل القرية
الحب والرحيل عندي كمن ينظر لمرآة كلما حاول أن يقترب من ذاته تلاشت الصورة
في كل محاولة للحب عندي كان هناك ألف شوكة وشوكة تمنعني من وضع إحدى قدمي في أي طريق يؤدي بالنهاية لحبيب
ولأن الهروب أصعب رياضة في التاريخ مازلت أمارسها حتى اليوم
أكتب عن الحب حتى وأنا أكتب عن وطني المفقود
وفي المقابر وحفلات الرقص وفي شوارع الفقد وعلى أرصفة القطارات
حين جلوسي على مقعد طائرة في رحلة طويلة
وحين تكون رفيقتي أنثى سماوية أو صديق يحدث غطيط نومه جلبه لا تطاق
أكتب لأنني أشتاق وأكتب لأنني العاجز عن السير في طريق عشق لا أعلم مخاطر المضي فيه

ذات يوم سألتي سيدتي الباريسية في روايتي ( سيِّدة من باريس )؟
هل ستكتب عني يا محمد ؟
قلت لا ولكنك ستسكنين بروحك على ناصية كل حرف
وعلى رأس كل معنى ستجلسين كما أنت بخيلائك
وتترنمين في عليائك كما أردتك حين كانت قبلة التوق من شفاهك
في لحظة تماهي مع شعوري الغائب منذ عهدٍ بعيد
قالت ما أجملك من جديد ! قلت كيف وأنا من يحاكي الشنفرا ... أزمجر وأزجر كما أرى
قالت من الشنفرا ؟ قلت رجل من العرب من بقعة ينتمي لها أسلافي حيث ولد جدي القديم
ثم هاجر إلى مصر مع رحلة من التجار ، فطاب له العيش بإحدى القرى
فنصب الخيام واستوطن وملأ الدنيا شعراً وخيراً
ثم كان أبي الذي تزوج بتلك السيدة ( أمي )من بلاد فلسطين
فكنت أنا نتاج ذلك التناغم بين الأصالة والتاريخ
لا أبيع أرضي ولا أترك ثأري – فأنا الشنفرا الذي قتل تسع وتسعون من الأزد ( أصل القبائل العربية ) ثأراً لأبيه
وسأقتل من الأزد حتى يعلم أبي مَن مِن الرجال أنجب
وأعشق أرضي حتى توقن أمي بأن الأصالة في كل ذرة من كياني
وكما كان حلمها بالعودة .... سأعود ... وأجود ... وعن أرضي وعرضي أزود
وأنظر لريبيكا وتنظر ريبيكا بوجهي من جديد
تتبسم في عجبٍ ... قل ولا تتوقف فخلفك حكايا يطلبها السائرون في كل ليل
ينشدونها عند القطب الذي احدودب من نحر الزمان أثر لهاثه خلف قرص الشمس
فقالت هكذا أنتم ولكننا لا نعلم التاريخ
قلت بل التاريخ حيث أنت
من أي مدينة أتيت يا هذا ؟ فلقد آثرتني حتى بكيت
ولو علقت بك أكثر للهثت خلفك وفي كل وادٍ سعيت
قلت لو فعلتِ لمضيت ... ولكن أودية الذئاب لا تصلح للسكنى
وعن أيَّ وادٍ للذئاب تخبرني أيها الحالم؟
قلت ربما غداً يخبرك الوشاة بما كان ... ؟
والآن دعيني أراك كما أنت ... قالت فعلت وأحسنت
هذا هو الحب الذي سألتني عنه محمد حين بادرتني بسؤالك المتوقع
بالنسبة لي على الأقل ... الحب أن يكون هذا بين تاريخ وأصالة
وحامل رسالة بين جيل وجيل يحملها الثائرون متى كانوا وحين عبورهم
يتركون هذا الأثر المهيب يتخطَّفه كل باحث عن الأمل في كل أرض فقدت عذريتها
نتاج مرور ثُلَّةٌ من الحمقى و الأوغاد
نحن بحاجة سيدتي لهذا الماء المنهمر من سماء الحقيقة كي تغتسل الأرض
من تلك الخطيئة التي ابتليت بها منذ عهد بعيد
قالت في بلادي ام بلادك؟
قلت كلتاهن في شقاء ولكن ثوبكم الأبيض مرتفع شيئاً ما عن الدنس
أما نحن فمن رفعناكم بغبننا وجهلنا بالتاريخ التليد
فقالت دعك من شعور سيفنينا ويفنيكم
قلت وإني فاعل في كل حين غير أنهم لا يفتؤون عن قتلنا برهة من نهار
حتى ظننت أني في ذات حلم من المبلسين ........


مريم يامريم
لو أردت لذاتك قصيدة
فأنت كما انت اجمل من كل قصيد
ولكن قومي يجهلون

لا أعدك بقصيد
فالوعد قيد
وقد أمضيت عمري أهرب من كل القيود
ومن يدري لعله يكون قريب؟


سأعود


 
 توقيع : محمد حجر

تبَّت يدايَ إن خططتُ مثله لكم
في جِيدِ حرفٍ لم يُطلِق بارودَهُ بذي وطنٍ مختلف
وأنا و ذو العرش على خلافٍ مستمر
لا أجلس فيه وصحبةً من حولي ينظرون
فلا تقربوه ببهتان مبين





رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47