عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2021, 05:20 AM   #19


الصورة الرمزية زهير حنيضل
زهير حنيضل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 382
 تاريخ التسجيل :  Apr 2021
 العمر : 43
 أخر زيارة : يوم أمس (02:23 AM)
 المشاركات : 17,687 [ + ]
 التقييم :  47503
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: ذي النّار نارٌ بما أضاءتْ!



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغد الديب مشاهدة المشاركة
وتبقى الحياة معلمنا الأول وكذا التجارب وكل تجربة كفيلة بإزجاءنا الدرس تلو الدرس وعليه فقد
حق للأسى أن يضمحل وتذوي عروقه ليستأصل من جذوره ويغدوا بعدها أثرا بعد عين كأن لم يكن يوما
لا شك أن الألم لن يزول بلمسة ساحر أو حرفة نطاسي بارع لكنه رهن إشارة ربانية وحصن إلهي يبعد عنا كل لمزة شيطانية الأثر الأهم أن لا نمنحه فرصة التوغل في أرواحنا او التغول على لحظاتنا والقبض على أنفاسنا
أو حرماننا من لحظات تحمل لنا الفرح ومتع الحياة التي هي هبة الخالق

اما وقد جاء وقت الحديث عن هذا الحرف الأغر الذي شدني منذ اللحظة الأولى مذ قرأته وإن بات سببا لدخولي المتقطع والذي أختلسه من انشغالاتي المتراكمة ولازلت لكنه كان رفيقا لعيني قراءتي ورحلة هبوطي السريعة ومغادرتي الأسرع فلم أعتد الكتابة على الهاتف المحمول إلا للضرورة القصوى
لكن ما قرأته اليوم في متصفحك الراقي حرفا المغرق أدبا اجبرني كسر عادتي والخروج على اعتيادي والتحلل من تململي لأطرق باب حرفك الجميل واسلوبك المعتق دماثة
أخيرا وليس آخرا
تقبل أمنياتي لك بكل الخير وكل ما هو أجمل وكل ما أنت أهلا له
وبالغ احترامي وتقديري
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في حياة المرء أيامٌ عصيّة على النسيان, هي ذاكرته التي لا تفنى, و بوصلته التي لا تخون الوجهة, و من تلك الأيام في وجداني, يومٌ؛ أكرمني به الله وقوفاً بعرفة, و مهما حاولت وصف ما كان من أمر ذلك اليوم المهيب؛ فإني لأعجز بما جهدت, فقد كان يوماً عصيباً بعمر بأكمله, ليعود يوماً بهيجاً بأمل أمة بأكملها.
بدأ ثقيلاً, و راح يزداد وطأة علي حتى فقدت الوعي, لأصحو ما بين الظهيرة و العصر, لا أدرك التوقيت و بالكاد أدرك أين أنا, و لولا جموع الناس من حولي لما عرفت سبيلا لمكاني و الزمان الذي يرتبط به, صحوت من غفوتي التي لا أعرف كيف بدأت و كيف انتابتني و كيف قبضت على وعيي, لأجد نفسي خفيفاً أكاد أطير من على الأرض, بالكاد تلتصق قدماي بها, و في صدري انشراحٌ دفعني لأجهش بالبكاء دون توقف رافعاً يدي إلى السماء و صوتي المتأرجح المبحوح بالكاد يلفظها:
يا رب السموات و الأرض, إن كان هذا كرمك على الأرض في عرفة, فكيف هو كرمك في جنة تتلو فيها على من أحبك و أحببت القرآن بصوتك و هو ينظر إلى وجهك الكريم!
كان بجواري رجل كهل, أمسك بيدي و أراد أن يقبلها فسارعت إلي يده مقبلاً لها و محتضناً إياه و كلانا يجهش بعبرة جعلت من حولنا ينضم إلينا في موقف لا يتكرر كل يوم, لم أتمالك نفسي فهرعت أبحث عن أمي في خيمة مجاورة, و حين لمحتني جاءتني و هي ترى على وجهي ملامحاً تغني عن الشرح, لم أترك لها الفرصة للمبادرة فهبطت إلى قدميها مقبلاً إياهما و أنا أرجوها: رضاك يا أمي ليرضى الله عني..
لا أتجرؤ على الله, و حاشا أن أفعل, لكني أؤمن بالإشارات الربانيّة, يقيناً مطلقاً, و من الإشارات الربانيّة أن يريد الله للمرء مكانة, لكن هذا المرء غير بالغ لها بعمل يدخله في مراتبها, فيكون الابتلاء الإلهي له, ليتقرب هذا المرء من الله أكثر فأكثر و إن من تلقاء حاجة, و من تقرّب إلى الله بعبرة صادقة, تقرّب الله منه بكل الحب, و من نال من حب الله لن يخيب و لن يخسر, و ما الحياة إلا رحلة نحن لها عابرون, و إن تأخر الثواب في دنياها فلعله بكرم إلهي في آخرتها الباقية .



الأخت الكريمة و صاحبة الحرف الأنيق رغد الديب:
و ذا الحزن , ما بين حرف يُقرأُ , و ذاكرةٍ تقاوم النّسيان, فهو ترفٌ شعوري لفئة من الناس, في حين أنه لقلب نزفه بهيئة حرف, وخز تفاصيلَ لا تُدركُ بالعين المجرّدة, إنما تُلتَقطُ تردداً شعورياً, أعلى من الألم, و أدنى من الفرح, فالحرف لكاتبٍ ينتمي إليه, هو إفصاحٌ عن بقعة قصيّة من أصقاع الوجدان, قد تسرّ النّاظر إليها على عجل, لكن التأمل فيها يقود إلى الانتماء, و كحال البؤساء, فالكتابة في حزن , وجع ثلاثيّ لمن ارتكبه, حين نسجٍ و حين قراءةٍ و حين عودة من تلقاء ذاكرة, فالكاتب لا يقرأ السطور بعينيه, إنما يقرأ الحال التي رافقت تلك الحروف فيعود _ لا شعورياً _ لتقمصها كما لو أنها قد ولدت للتوّ.

أصدقك القول ؛ لست ممن يعرفون الطريقة للرد على المديح, و لم أعتد عليه, ربما لعزلة أنا فيها, جعلتني أنزوي عن العابرين و المقيمين سواء, فالعذر إذ لا أملك ما أرد به على كرم خلقك و الحرف, و إنه لفرح عظيم أن يكون حرفي البسيط قد دخل في دائرة الشعور به دون إنقاصٍ من تفاصيله من قبل أي عابر, فكيف الحال و شخصك الكريم !
هي الحياة يا أخيّة, بشدوها و شجوها, و لله عاقبة الأمور.
أسأل الله لكِ؛ قلباً عامراً بالطمأنينة, و روحاً تسبح في ملكوت اليقين, و عمراً بين ظهراني كرم الله, و ذا كرم الله أوسع من أن ندركه في حياة الفناء.
جزيل شكري و عظيم امتناني لكل دقيقة من وقتك في قراءة ما كان من أمري و أمر حروفي.
لك التحية و كامل التقدير و الاحترام, من أخيك في الله , و الذي يحمل لقباً بعنوان " و لَـرُبَّـمَـا " و اسماً في دواوين الحياة بعنوان " زهير حنيضل".
كوني بخير دوما و حفظك الله و رعاك.


 
التعديل الأخير تم بواسطة زهير حنيضل ; 10-03-2021 الساعة 05:22 AM

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47