عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2021, 03:47 PM   #16


الصورة الرمزية الغيث
الغيث متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : اليوم (08:31 PM)
 المشاركات : 314,890 [ + ]
 التقييم :  821757
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: الكرسوع ( رواية )






*
الكرسوع






أطلق العم محمود بعض الزفرات وأخذ يتجول بعينيه في أرجاء العيادة وعلامات الارتياح ترتسم على ملامحه ، وحين وقعت عيناه على لوحتين معلقتين على أحد حوائط العيادة تسمرتا عندهما ، فعدل من جلسته وأسند جسده على ظهر ذلك الكرسي مادًّا رجليه إلى أقصى الأمام مسترخيا وراحلا في أعماق تلكما اللوحتين .
كانت اللوحة الأولى لمدينة جيزان في السبعينات الهجرية ـــــ تقريبا ـــــ وتظهر فيها المنازل القديمة المشيدة من الحجر والجص وتلك المشيدة من الجريد والقش ، أما اللوحة الثانية فهي للمدينة في العصر الحديث وتظهر فيها ملامح النهضة العمرانية والشوارع الفسيحة وحركة السيارات واتساع الرقعة السكانية ، غير أن نظراته استقرت على الأولى ؛ ليغوص في أعماقها ويرتحل في تفاصيلها بقلبه وفكره وكل جوارحه .
تساقطت بعض الدموع من عيني العم محمود وكأن كمًّا كبيرا من التداعيات تفجر في داخله ليرتحل به زمنا طواه صبيا وشابا فيافعا فراشدا ثم كهلا ، كانت أشياء كثيرة تكتظ في حناياه ، تتوارد عليه توارد مياه الغدران في جداولها ، حاول ترتيبها وفشل فأطلق لها العنان لتتداعى وتعصف به كيفما شاءت فتهتز من فعلها شفتاه ليردد في داخله :

سلامْ سلامْ يا جماعة
سلامْ سلامْ يا جماعة

يَهْلَ الكرَمْ والشجاعة
يَهْلَ الكرَمْ والشجاعة

سلامْ سلامْ يَهْلَ جَرْوَل
سلامْ سلامْ يَهْلَ جَرْوَل

يَهْلَ الحمامْ المِسَرْوَل
يَهْلَ الحمامْ المِسَرْوَل

ثم بدا عليه شيء من الانفعال والربكة فردد في داخله :
ـــــ ( يا ألله .. يا ألله .. يا لطيف .. الطف بنا يا رب ) .
عادت دموعه إلى التساقط مرة أخرى ؛
ـــــ صدقيني يا بنت الناس عمري ما حبيت غيرك .. أقسم لك .. أنا شاب ( فرنكلي ) ــــ زي ما يقولوا أهل الحارة ــــ وعمر قلبي ما مال لبنت محددة .. لكن أنتِ مدري كيف خطفتِ قلبي .
ثم بدت عليه ملامح التوتر والانفعال مرة أخرى :
ــــــ قلت لا .. يعني لا .. إلا هذي البنت .. عال والله ما بقي إلا بنت ( الحَسيبي ) تتزوجها .
أفاق العم محمود من ارتحالاته وإذا حالة نزع العصب ما زالت لدى الدكتور ماجد فعاد لاسترخائه مجددا ، وهنا صدرت منه بعض الإيحاءات وكأنه يلوح بيده اليمنى لشيء ما :
ــــــ قتلناه .. قتلناه .. ابن الكلب .. ما بقي إلا هذا الخسيس يضحك علينا .
هنا أخرجه من هواجسه تلك صوت الممرضة وهي تنادي على الرقم ( 5 ) ثم ما لبث أن عاد لاسترخائه من جديد .

يتبع ....... الفصل الثاني


***

الغيث
حصري للمدائن






 

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47