ختم الإمام الصلاة ومن ثم خرج الجميع
وهو معهم بخطىً متثاقلة على أمله القديم
يلتفت يُسرة ويمُنة ولا يجد ما يبحث عنه
ولا من يتوقع مروره بتلك البقعة من زمانه الفريد
ليعود أدراجه لذلك المنزل الريفي القديم
ومن ثمَّ غوصٌ جديد بقلب تلك الدفاتر
التي لطالما رسم ملامح وجهها كما فهرس بذيل كل صفحة
لم يرى ولن يرى شيئاً سواها
وكما لن يسمع غير صوت ضحكاتها
لم يشعر بغير تلك الدقات الضعيفة من صدرها الحاني
أعتذر عن المرور كما توقعت
ولكن ألقاك كما اعتدنا في نفس المكان والزمان
بل لشيء بيني وبينك لا بعلمه سواك
عندي لك من التساؤلات ما يكفينا من صباح اليوم حتى المساء
وبينما أتحدث أنا ستكون أنت من ينصت
وحالما أنتهي تحدث كما عهدتك من جديد
ولا يدري لماذا جاءه صوت ميادة الحناوي من جديد
يا اللي غدرك أقوى من غدر الزمان
كان مخبي فين ده كله من زمان
لتتقلب الذكرى في مخيلته من جديد
منذ أول يوم رآها تلهو مع الأطفال أحد أيام العيد
وهو لم يكن سوى مجرد عابر للطريق
كانت العيون على وعدٍ بالتلاقي
وكانت القلوب على عهد بالنبض
وهذه الرجفة ليس بعدها نكران
وذلك الـــ كيوبيد القاتل أطلق سهمه فأصاب
ولستُ أدري لماذا تلك الكلمات
التي نطقتها الحناوي تلامس كل المواقف التي كانت ولا تزال بيننا
وكأنها كُتبت وعزفت من لي ولك فقط
ثم ثانية وثالثة ورابعة وخامسة
وبينما أمرُّ في شوارع القرية كما اعتدت
ومن أمام بيتك كما عاهدتك في أحلامي
كان السعير بالأحشاء يتقلب
صدقاً لست أدري لماذا من بين الجميع لم أرى سواك؟
ولم أتذكر غير تلك العيون المصبوغة بزرقة البحر؟
أعود لبيتي ولا شيء في ذاكرتي غيرك أنت
ولا صوت بمخيلتي إلا طنين سهام عينيك
لأدخل في ساعات اعتكاف طويلة
لم أفق منها إلا بعد فاصل من رحلة مجهولة
من لعبة التباديل والتوافيق
وألف احتمال ليس له نهاية إلا استحالة أن نجتمع
وفي صباح اليوم التالي وجدتني على موعدٍ مع ذاتي
وإذ بي أعاود الكرَّةَ من جديد
وبينما الجميع كما حالهم بالأمس
كنت أنت بذلك الرُّكن القصي وحيدة
هادئة على غير ما رأيتك بالأمس
وحينما اقتربت نظرت في عينيك
سمعت صوت دقات قلبك تتسارع
وعيونك تهتف لماذا تأخَّرت؟
بينما أصرخ وأنا الآن بين يديك أتيت