رد: ما بين "ربّما" و التّفاصيل
رمضان ما بين الصبر و الابتلاء, امتحان إلهي لأمر نجهله و هو به العليم, هو امتحان قاسٍ لصبر المبتلى و لاتعاظ القريب و البعيد و فرصة للعودة إليه لمن ابتعد..
جاءنا رمضان و في القلب جرح كبير باتساع المدى, نعيش في ثناياه متناقضات الحال, ففي القلب غصة و في العين نبع من الأحزان يكاد ينفجر عويلا, و في الروح خذلان لا حدود له..
اللهم و أنت العليم بالحال, اكتب لأحبتنا في غزة فرجاً لا كرب إثره, فقد خذلناهم جميعنا, و لا ناصر لهم سواك, اللهم ثبت قلوبهم و امسح عليها برحمتك و عوضهم عما ابتلوا به أجراً في الدنيا و الآخرة سواء..
سامحونا يا أحبتنا في غزة, فالعجز أبشع من أن يوصف, و العين لتهرب من مرأى طفل حافٍ يبحث في الركام عن رائحة أمه و بيده فتات رغيف خبز حصل عليه بعد معركة شرسة مع طيران يتربص به, و القلب لينفطر لسماع قهر الرجال بهيئة دمع ترويه الكلمات, و الروح تشكو لله حالنا, عاجزون نحن إلا عن الدعاء, و لعلها ساعة استجابة في شهر فضيل مبارك, فيارب استودعناك غزة و أحبة لنا فيها.
هو أول رمضان لي في سورية, بعد 12 سنة في غربة قسرية, مر رمضان خلالها مليئاً بالحنين و الصبر, و جاء رمضان في هذه السنة ليكون تتويجاً للحزن, حزناً فاق قدرة الشهيق على احتواء زفيره بتنهيدة أمل, ذلك الأمل الذي يصر على الجريان في الوريد و الشريان, و لسان حاله يقول:
عجزٌ بأروقة الفؤادِ نزيلُ
فإلامَ خفقٌ و الرسول عليلُ
يا ربّ ضاقت ما سواكَ مفرجٌ
كرباً لحالٍ سادها التنكيلُ
تبكي الجوارح قهرها موصوفةً
بكثير صمتٍ و الحديث طويلُ
ذا القوم منشغلون في سهراتهم
ويلي من الأرداف حين تميلُ
و صغيرةٌ بالكاد تنطق حرفها
في أرض غزة و الشقاءُ كليلُ
ترنو لأمجاد العروبة وا دمي
ما كنت أحسبها الدماء تسيلُ
سالت و سالت و العروبة صمتها
عن خزي أشباه الرجال دليلُ
يا طفلتي لا تبحثي عن نخوة
فالقوم كثر و الرجال قليلُ
قد جفت الأرحام لا معتصماً
فينا و لا خيلٌ لنا و صهيلُ
زهير حنيضل
21/03/2024
|