منتديات مدائن البوح - عرض مشاركة واحدة

الغيث · #1 07-13-2022, 02:36 PM

رحلة علمية

تعد الرحلات المدرسية من العوامل المساعدة لرفد المنهج الدراسي والأنشطة الصفية ، وهي منهل متدفق لإثراء خبرات الطالب التربوية والاجتماعية ، كما أنها تساعد الطالب على التخفيف من حدة الضغوط النفسية المرافقة لثقل المناهج ، أو تلك الضغوط ذات المنشأ الأسري ، ففيها يتجدد نشاطه وتنتعش حيويته ، كما تتجدد ثقته بنفسه من خلال المشاركات الإيجابية مع بقية الزملاء وإبدائه للآراء والمقترحات ، وسواء كانت الرحلات علمية أم ترويحية فكلاهما تعود على الطالب بالنفع من حيث التعرف على البيئة المحيطة بمدرسته ومدينته ، والتأمل في خلق الله متمثلا ذلك في الأشجار والنباتات والحيوانات البرية ، أضف إلى ذلك كمية المعلومات والنتائج التي يتوصل لها الطالب من خلال دراسة المشاهد والتجارب العلمية في النبات ، وغير ذلك الكثير .
حين كنتُ طالبا بالصف الثاني متوسط ( إعدادي ) قررتْ مدرستي ( معاذ بن جبل المتوسطة ) ــــ ممثلة في جمعية العلوم ــــ القيام برحلة علمية إلى مركز التنمية الزراعية ومركز الأبحاث بــــ ( حاكمة أبي عريش ) تحت إشراف الأستاذين القديرين : ( كرامة الأحمر ) وهو أحد أبناء جازان المعروفين ، و ( رجاح حسن ) من الأردن الشقيق ، اللذين كانا يقومان بتدريس مادة العلوم بالمدرسة .
تم اختيار مجموعة من الطلاب المتميزين بالصف الثالث ــــ وكنت من ضمنهم ـــــ وتم الإعداد الجيد لتلك الرحلة ببعض الاجتماعات مع الطلاب كان آخرها في منزل الأستاذ كرامة بعد مغرب اليوم السابق لموعد الرحلة ، كما تفضَّلت قيادة وحدة الجيش السعودي الموجودة في المدينة بالمساهمة بسيارة من نوع ( كنْوَر ) لتقلنا في ذهابنا وعودتنا .
في صباح يوم الرحلة ــــ إجازة نهاية الأسبوع ــــ تجمع الطلاب عند بوابة المدرسة ، وكنا قد حضَّرنا لوازم الرحلة وأغراضها . صعد الجميع لتلك السيارة وشقت طريقها نحو الهدف المطلوب ، حيث عرجنا في الطريق على قرية ( قامرة ) وهي إحدى قرى محافظة أبي عريش ؛ للسلام على الأستاذ : ( محمد رفاعي ) بعد أن انتقل من مدرستنا إلى مدرسة قامرة ، وهناك قام باستقبالنا بكل حفاوة وترحيب ، ثم واصلنا السير حتى وصلنا إلى مركز التنمية الزراعية ، حيث تم استقبالنا من قبل المسؤولين هناك وتعرفينا على المركز وأقسامه ، ومن ثم اصطحابنا في جولة على الحقول الزراعية التي تجرى بها التجارب الخاصة بتنمية المحاصيل الزراعية المحلية وتحسين مخرجاتها ، وتوفير الشتلات المناسبة للمزارعين تشجيعا من الدولة لزيادة الرقعة الزراعية في البلاد ، ثم انتقلوا بنا إلى أقسام التجارب التي تجرى على الخضروات والفواكه والمحاصيل المجلوبة من بيئات خارجية ؛ بهدف مواءمتها وأقلمتها على البيئة المحلية ، ومن ثم توطينها إذا أثبتت نجاحها للزراعة في بيئتنا مثل : بعض أنواع المانجو ، الأناناس والباباي الصينية وغيرها .
بعد تلك الجولة واصلنا سيرنا إلى أحد الأودية القريبة من المنطقة ، حيث الكثير من أشجار الدوم التي تغطي المكان وبعض النباتات الجميلة الأخرى ، وقد اكتست الأرض بالخضرة وجداول المياه المتفرعة من الوادي ، ولكن عندما هممنا بإنزال متطلبات وجبة الغداء قفز الخروف من بين أيدينا منطلقا نحو ذلك الفضاء البري الواسع .
كان برفقتنا في هذه الرحلة العم ( علي بغوير ) ــــ يرحمه الله ــــ الذي شرع في الركض خلف ذلك الخروف مع مجموعة من شباب الرحلة وسط شيء من الضحك والصراخ والمطاردات العجيبة وكأنك تشاهد فيلما لـــ ( جيمس بوند ) ، وفي النهاية تمكن العم ( علي ) ـــــ وهو أحد المستخدمين في المدرسة بعد تقاعده من العمل العسكري ــــــ من الإمساك بالخروف وسحبه من أقدامه الأمامية حتى اقترب من معلِّمَينا المُشرفَين وأعطاهما التحية العسكرية ( وهي لزمة رافقته من أيام عمله في السلك العسكري وأصبح يؤديها حتى بعد تقاعده أمام أي مسؤول عنه في العمل الحالي احتراما وتقديرا منه ) حيث باشر ـــــ بعدها ـــــ في ذبح الخروف والبدء في إعداد وجبة الغداء .
مرت تلك السويعات الجميلة من ذلك النهار والكل في سعادة وانتشاء ، وأثناء عودتنا أخذنا نردد بعض الأهازيج الوطنية حتى وصلنا إلى بوابة مدرستنا مرة أخرى .

***

للمزيد من مواضيعي