الموضوع: مُربَّى من ورق
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-05-2022, 09:41 PM
الغيث متواجد حالياً
    Male
Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 395
 تاريخ التسجيل : May 2021
 فترة الأقامة : 1100 يوم
 أخر زيارة : اليوم (12:16 AM)
 المشاركات : 314,901 [ + ]
 التقييم : 821757
 معدل التقييم : الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute الغيث has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


افتراضي مُربَّى من ورق











مُربَّى من ورق

من اللحظات الجميلة في الحياة المدرسية التي لا زالت عالقة في الذاكرة الفسحة الكبيرة ، والتي ــــ غالبا ــــ ما تكون في منتصف اليوم الدراسي ، كانت تلك الفسحة بالنسبة لنا المتنفس الضروري ؛ لتخفيف ضغط الحصص والمناهج ومعاملة بعض المعلمين القاسية ، نسرح فيها ونمرح مع الزملاء والصحاب ، نلهو ونركض ونلعب مع بعضنا ، نختلف ونتفق ونتشاجر ونتسامح ، ونتنفس في فضاء تلك الفسحة الصعداء من هموم الدراسة ، مصروفنا اليومي لا يتعدى الأربعة القروش ، لكنها كانت كافية لاحتياجاتنا في يوم دراسي كامل ، نشتري ساندوتش الفول بقرش واحد ، وكوب العصير من العم ( عبده شرواني ) بقرش واحد ، أو بقرشين إن كان مخلوطا ( شراب التوت مع شراب البرتقال ) ، ثم نعود إلى فصولنا بعد انتهاء الفسحة بنشاط وحيوية لاستقبال بقية دروس اليوم .
كنت ــــ دائما ــــ ما أرتاح وأميل للحصص التطبيقية أو العملية بالمعنى الأدق ، تلك الحصص التي تنفذ خارج الفصل مثل : غرفة التربية الفنية ، أو مختبر العلوم ( المتواضع ) ، أو تطبيقات عملية في دروس العلوم كاستنبات البذور مثلا ، كذلك حصص الأشغال بالورق الملون ، أو الطباعة على النسيج ، أو غير ذلك ، ولأن في تلك الدروس التطبيقية تشويقا واكتشاف مواهب ومشاركة وتعاونا وتبادل خبرات ؛ لذلك تجد معظم الطلاب يميلون لها كثيرا .
لا زلتُ أذكر تفاصيل درسين تطبيقيين قمنا بهما في الصف الخامس الابتدائي بالمدرسة السعودية هما : صناعة المربى ، وعمل آنية من مخلفات الجرائد .
فأما عمل آنية من مخلفات الجرائد فقد قمنا به تحت إشراف معلم التربية الفنية الأستاذ : ( سليمان حمود ) وهو من أبناء المنطقة ، حيث كلفنا قبل الدرس بيومين بإحضار صينية معدنية ( زبدية ) متوسطة الحجم ، وكذلك شيئ من الدقيق والماء , وكمية من الجرائد التي يستخدمها بائعو المواد الغذائية ، حيث يلفون بها تلك المواد أو يصنعون منها أشكالا مخروطية ؛ لتعبئتها بالدقيق أو السكر أو الشاي للمشترين ، كانت تلك الجرائد تأتي في شدات كبيرة ملفوف عليها بسلك معدني من طرفيها لكي لا تتبعثر أثناء تصديرها من بلدانها الأجنبية ، فمحتواها الكتابي ـــــ جميعها ــــ باللغات الأجنبية وليس العربية ، المهم نفذنا الدرس وقمنا بتقطيع تلك الجرائد إلى قصاصات صغيرة تُبل في الماء ثم توضع على ظهر تلك الصينية المقلوبة على شكل طبقات بعضها فوق بعض حتى تأخذ سماكتها وقوامها المطلوبين ، ثم نعمل خليطا من الدقيق والماء ونطلي به الطبقة الأخيرة من ورق الجرايد لمنحها السماكة المناسبة ، وعندما تجف نخلعها عن جسم الصينية المعدنية فتأخذ شكلها وتصبح لدينا صينية من ورق شبيهة بتلك المعدنية .
وأما صناعة المربى فقد قمنا به تحت إشراف معلم العلوم الأستاذ : ( صبحي بعيط ) وهو من الأردن الشقيق ، كان المعلم قد طلب منا قبل التطبيق إحضار متطلبات صناعة المربى ، حيث كلف كل طالب بإحضار شيء معين : ثمار التفاح ، ماء نظيف ، سكر ، ملح الليمون ، إناء متوسط ، سكين ، موقد كيروسين ، ملقعة كبيرة وأخرى صغيرة ، قمنا معا بالعمل ونجحنا في إنتاج مربي التفاح اللذيذ ، وقام أستاذنا بتذويقنا إياه بالملعقة الصغيرة , ونحن في غاية السعادة والانشراح .
عند عودتي إلى المنزل حدَّثتُ أهلي عن التطبيقين ، وفي المساء أحببت أن أجري التجربتين أمامهم ، لكن كان ينقصني الكثير من العناصر المطلوبة لإنجاحهما ، ومع ذلك أجريتهما بطريقتي الخاصة ، فأما صينية الورق فقد أتقنتها وتلقيتُ من أهلي الثناء والإعجاب ، وأما المربى فقد وضعتُ قدرا متوسطا فوق ثلاث طوبات ( كموقد ) وأشعلتُ تحته بعضا من عيدان القصب اليابس ، ووضعتُ الماء في القدر ، وحين بدأ الماء في الغليان قطَّعتُ شيئا من بقايا قصاصات الجرائد ورميتها وسط الماء بديلا عن التفاح ، ثم وضعت قليلا من التراب بديلا عن ملح الليمون ، وكانت النتيجة عينة عجيبة من المربى أسميتها ( مربى الورق ) ، لو تذوق أحدنا شيئا منه لأكمل ليلته على السرير الأبيض . مُربَّىمُربَّى
***
مُربَّىمُربَّىمُربَّى
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : مُربَّى من ورق     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : الغيث





 توقيع : الغيث

علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47