رد: حدائقُ الأرواح
هديةلأخي هادي علي مدخلي
مِنْ بَابِ كُوخِي مِنْ عَرين شَبَابي
جِئْتُ الْمَدَائِنَ زَائِراً أَحْبَابِي
أَخْفي أَنِينَ اَلْشَّوق عَنْ مُقَلِ الْدُّنا
وَأَصِيحُ مِنْ هَجْري وَطُول غِيَابِي
مَنْ ذِا رَأَنِي؟لَاأَعِي مَنْ ذا رَأى
القَول قَولي وَالجَّوابُ جَوابِي
جِيْرَان كُوخِي كُلّهُم يَعْتَزُ بِي
وَجَمِيعُ مَنْ في المُنْتَدَى أَصْحَابِي
لَا فَرْق بَينَ مُولَّع بِزِيَارَتِي
أَوْ قَارِئ لِقَصَائِدي وَكِتَابِي
فَهُمُ الصّحَابُ وَإِنْ أَنِسْتُ بِقُرْبِهِم
وَهُمُ الرِّفَاقُ وَإنْ أَطَلتُ غِيَابي
وَمَدائِن لِلْبَوحِ تَرْتَشِفُ الصَّدَى
مِنْ ثَغْرِ شِعْرِي وَامْتِزَاجِ رُضَابِي
وَافَيتُ مِنْ كُوخِي إِلَيهَا حَامِل
حُزْنِي وُطَاوٍ بِالطَّوَى أَوْصَابِي
أَمْشِي عَلى دَرْبِ القَريضِ يَقُودُنِي
شَدْوٌ وَتَحْمِلُ شَقْوَتِي أَعْصَابِي
(وَأَخُطُ شِعْري وَالرِّياحُ تَسُفُهُ)
وَتَشُمُّ فِيهِ لَواعِجِي وَلُهَابِي
وَيْلِي عَلى كُوخِي الجَّريح يَرُجُّهُ
جُوعٌ وَتَلهَثُ بَعْدَهُ أَتْعَابي
وَيَلومُني فِيهِ الحَصِيرُ وَيَزْدَري
صَمْتي وَيُمْطِر بِالكَلامِ النَّابِي
وَالقَصْبُ يَسْأَلني إِلَى كَمْ تَحْتَسِي.؟
قَهْرَاً وَتَعْشَقُ يَاأَخي إِغْضَابِي!
وَالمَاءُ يَسْعُلُ وَسْط كُوبي عَاطِشَاً
وَيَعِي وَيَفْهمُ مِحْنَتي وَعَذَابِي
وَأَخَافُ أَنْ أُبْدِي النُّهادَ وَيَعْتَلِي
صَوتِي وَتَسْمعُ زَوْجَتِي إِسْهَابِي
يَا كُوخ مَنْ قُرَّاء شِعْري مَنْ هُمُ.؟
صِنْفٌ مِنَ الشُّعَراءِ والكُتَّابِ
إِنِّي هُنَا أَصْغِي لِصَمْتِك مِثْلمَا
تَصغِي وَأَعْلِنُ فجئة إِضْرابِي
إِنِّي هُنَا بِالصَبْرِ أَفْتَرِشُ الْعَنَا
وَأَنُوءُ كَالفَقْرِ المُقِيم بِبَابِي
وَأَبِيتُ كَالمَطْرُودِ فِي كَنَفِ العَرا
جَمْرِي السُّهَادُ وُشُعْلَتِي أَوْصَابِي
وَمُبَجَّلٌ لَمَعَ البَيَانُ بِثَغْرِهِ
وَأَثَارَ فِيَّ قَرَائِحِي وَجَنَابِي
ضَحِكَتْ لَهُ الفُصْحَى فَأَدْهَشَ طَرْفَهَا
وَأَنَارَهَا بِالمَنْظرِ الخَلَّابِ
أَهْدَى لَهَا النَّظْم الفَرِيد فَعَرّجَت
وَتَمَايَلتْ كَتَمَايلِ الخَطَّابِ
وَصَغَت لَهُ حَتّى أَسْتَقَرَّ حَدِيثَهُ
زَمَناً وَأَرهَصَ بَعدَهُ إِطْنَابِي
مَنْ أَنْتَ يَا (هادي)إِذَا بِكَ طُيّبَت
لَغَةُ الزَمَانِ بَأحْسنِ الأَطْيابِ
شَكَرَتكَ أَفْواهُ اليُراعُ نَوازِف
وَكَسَتْكَ أَجْر دُعَاءها كثَوابِي
شَكَرَتكَ أَنْسَامُ المَدائِن وَالوَرَى
أَهْدَتكَ أَصْنَافُ التَّجَارِب مَا بِي
شَكَرتكَ تِلْكَ الحَانِياتُ مِنَ الهَوَى
ذَاتَ الصُّدور الحَامِلات عِتَابِي
صَلّى عَليكَ الشِّعرُ فِي مِحْرَابِه
وَالبَحْر أَوْشَكَ أَنْ يَقُولَ عُبَابِي
رَجُلٌ يَضُوعُ الطِّيبُ مِنهُ وَتَرْتَقِي
رُوحُ البَيانِ لِأعْظَم الأَسْبَابِ
سِرُ الكِتَابَة مِنْ مَعِينِ خَيَاله
سِر يَفُوقُ تَفُّوقِي وَرُحَابِي
فَلهُ مِنَ الأَدَبِ الرَّفِيعِ رَوائِع
وَحْي القَصِيد سَبِيّهَا وَالسَّابِي
بُورِكتَ مِنْ رَجُلٍ تَحَسّنَ عِنْدَهُ
لَفْظ الكَلام بَأعْذبِ الإِعْرَابِ
فَإِليْكَ مِنْ قَلْبِ الكّلِيم تَحِيَّة
مَمْزُوجَة بِأَصَالَتي وَلُبَابِ
شعر:سام الحناني
|