...لطالما كان المساءُ-مبدعَتَنا الآلقة
فاتنة-وكان أصيلُهُ القُرمُزيٌّ الوارفُ حُضناً دافئًا لأولئكَ الذين تتضلعُ مُهَجُهُم الحٌبْلَى بِثِقال الأحمال..!!
..لطالما كان المساءُ محراباً،يرحلُ إليه الخافقُ التعوب،يستجدي من رفيف أنسامه الغرثَى بَرَداً،عَلَّ مزمورَ الفضفضةِ على رَبوتِه العليلة يَرحَمُ وجِيبَهُ اللاهب..!!
...وقفتُ هنا-مبدعتي الكريمة-على أعتابِ هاتيكِ الرّبْوَة،وأغمضتُ عينَيَّ،ورحتُ أرخي السمع لهذا الحُدَاءِ المسائيّ الحاني الدامع الآلِم..!!
...وقفتُ أستمع لشجو الكمَان الدامع وهو يذرفُ لوعتَهُ وأساهُ فوق رُبَى المكان..وحيثُ (
قعر النهر )..و (
بكاء المزارع الحزين على أرض قاحلة )..وحيث الرقص (
...كالماء على حجَرٍ من رخام )..!! وأنصَتُّ إليه وهو يمشي على وخز أنَّاتِه الشادية (
...كالنسمةِ فوق وجْناتِ عذراءَ حزينة )..!! ثم لازمتُهُ وهو يُخبئُ أحزانَه المُعَلَّقَةَ (
على أكتاف من ضاعوا في الزِّحام )..ولازمتُهٌ وهو يتاوَّهُ صَدًّا وهجْراً ولوعة،فيَبكي..وتبكي معه الأماني والضمائرُ،وكأنه (
غيْمةٌ من السماءِ،إذا بكتْ رَوَّتْ )..!!
...وعدتُ من وقفتي له وأنا-القارئُ-أجدُ هفهفاتِ حُدائه أصداءً في حِسِّي وذائقتي...
...إنها-مبدعتنا الكريمة-قطعةٌ مسائيةٌ،لا يَعدِلُ مسحةَ الحزن التي تغشَّتْ أفْقَها إلا جمالُ غَسَقِهِ الأحمر الآلق..
...ودمتِ بيننا (
فاتنةً ) في أحرُفِكِ وفضفضاتِك...