خنتُ صديقتي
كانت رشيقة القوام ، ممتلئة الخصر ـــــ نسبيا ـــــ جذابة الرؤية ، تسحر من ينظر إليها ، حتى ضفائرها تستطيعُ لفَّها حول جسدها ، غانية ذات جمال أخاذ ، أحبتني بلا حدود ، وأحببتها أكثر من ذلك ، منحتني قلبها وفكرها وثقتها ، وأعطتني كل ما تملك .
كنت حينها في أوج الشباب ، فتيا تعشقه العيون قبل الأفئدة ، غُصنا غضًّا مُخْضَرَّ المحيا في العشرين من العمر بعد التخرج بأشهر . أبرم الشيطان بيننا عقد قِران غير مشروع فعشقنا بعضنا ، ونفث في فضاء هذا العشق ضَلالا فتعلقنا ببعضنا ، حضورها سلوتي ، ووجودها بهجتي ، أميرتي في الحياة ، وأنيستي في وحشتي ، وحيلتي في فراغي ، قضيتُ معها أجمل الأمسيات وأحلى اللحظات ، أطلب لقاءها كلما هزني الشوق إليها فتستجيب دون تردد ، تجاوزت معها كل الخطوط حتى أمسيتُ لا أستطيع الفكاك عنها ، لدرجة أنني لا أستطيع النوم إلا بعد الاختلاء بها في زاوية نائية من المنزل . كانت هي النقطة السوداء في مسيرة حياتي ، فأنا شاب معروف بالتزامه الديني والأخلاقي عند السواد الأعظم من الناس ، لا أفارق مصحفي إلا قليلا ، ولا تفوتني تكبيرة مع الجماعة إلا في الظروف القهرية ، الكثير لا يعلم عن تلك العلاقة المشبوهة إلا الأقارب والأصدقاء المقربون ، يعرفون أنني عشقتها بلا حد ، بل وأدمنتُ روائحها الفواحة المنبعثة من أعلى هامتها ، تلك الروائح التي يكتشفون عن طريقها ـــــ عند زيارتي ــــ أنني في خلوة معها ؛ فأتلَقَّى منهم النصائح والتقريع . استمرت تلك العلاقة سبع سنوات ، ثم تزوجتُ ، وهنا واجهتُ الكثير من الإشكالات مع زوجتي بسبب تلك الصديقة ، كانت زوجتي تحس ــــ دائما ــــ أن تلك الصديقة تأخذني منها كل مساء ، وتستشيط غضبا كلما تسربتْ إليها روائح صديقتي الفواحة وقهقهاتها المنتشية رغم استماتتي في الحيلولة دون ذلك التسرب ، لذا كم حاولَتْ اغتيالها مرارا ، لكنني كنتُ أتصدى لتلك المحاولات في كل مرة . مرت الأيام وتقدمتُ في العمر مدى ، وأصبحتُ أُرهق من لقاءاتها ، فكنتُ كلما اختليتُ بها تداهمني الرعشة والتعرق والدوار فالغثيان ، حينها أدركتُ أنني لم أعد أقوى على تحمُّل ذلك المجهود المبذول معها فبدأتُ التفكير في الخلاص منها ، وساعدني إبليس الذي أبرم بيننا تلك الغواية في الخلاص ، حيث شجعني على تركها موحيا لي أن رفيقتها هي أجمل منها وأكثر رشاقة ، وأن اللقاء معها لن يتطلب مجهودا كبيرا كالأولى ، ولا تحضيرا مسبقا ، وأنها ستكون رهن إشارتي في كل وقت وفي أي مكان ، ثم مضى يصور لي جمالها المتناهي وأناقتها ورقتها وخفة دمها فهجرتُ صديقتي الأولى وتعلَّقتُ برفيقتها . نعم خنتُ صديقتي الأولى الشيشة عام 1430ه ، وتعلقتُ برفيقتها السيجارة التي وصلتُ الآن إلى قناعة تامة بوجوب خيانتها هي الأخرى ، وهجرتها إلى الأبد . *** الغيث حصري >::>::>::>:: |
رد: خنتُ صديقتي
هههه
اعجبني التشبيه والإستعارات البلاغيه وهذا دليل على قدرتك اللغوية وثقافتك.. كلها ياصديقي مضرة ولا خير فيها ابدا... حماك الرحمن ورعاك ووفقك لكل خير. |
رد: خنتُ صديقتي
يا للحبكة .. والنقطة الأخيرة ..
مساؤكَ أزاهير نبض ربيعيّة يا غيث الأناقة الفكريّة |
رد: خنتُ صديقتي
.
. نص مليئ بالتشبيهات والتصوير .. مدهش بحق واستدراجنا في تتابع الأحداث والانتقال من سطر إلى آخر ونحن نلتقط الأنفاس ..لنهاية النص النهاية مختلفة وغير متوقعة .. أدهشتنا يا غيث ... مبدع بقوة . الوشم والتقييم والنشر مع منح المكافأة flll:flll: |
رد: خنتُ صديقتي
ههههههه بكل صراحة "شكيت بالنهاية لأن أسلوبك غير المعتاد" مبدع الغيث، رعاك ربي |
رد: خنتُ صديقتي
أقرأ وابتسامتي ملؤها الفضول لأعرف ماهيّة تلك المعشوقة سيما أن الوصف في المقدمة جاء فاتنا يوحي بأن بطلة القصة ليست عادية :)
حتى وصلت للخاتمة فضحكت على لقافتي البريئة :) هذا النص من أجمل ماقرأت لك تمكنك من جرّنا بشغف وبحاستي البصر والإحساس لنكمل القراءة حتى النهاية هذا أمر لايتقنه إلا كاتب يعرف من أين تؤكل كتف الأدب.. وسأعترف لك ياعميدنا أنا أحب الاثنتين ;) :rolleyes: سلمت ودمت رائعا |
رد: خنتُ صديقتي
هلا وغلا فيك شاعرنا وأديب الابجدية الغيث
انت مجرم حرف ههههه اغويتنا بالفكر الي النهايه ثم كانت البسمة المضحكة حول تلك القصة هو شعور متخذ مع كل شخص كان يحول من هذا لذاك وكلاهما سم مقيت للنفس ومؤثرات تؤثر على صاحبه وخاصه كلما كبر بالسن أبدعت في شد الانتباه في سردك للقصة تدوم عافيتك وحرفك يالغيث شكرًا لروحك الجميلة هنا |
رد: خنتُ صديقتي
اقتباس:
شكرا يا صديقي لحضورك وإعجابك وانا سعيد بهذا الإعجاب وهو شهادة نعتز بها بورك الفكر والعمر وأسعدك الرحمن >::>:: |
رد: خنتُ صديقتي
اقتباس:
كانت الصدمة في النقطة الاخيرة هههه شكرا لجمال حضورك وسعيد بك بوركت والجمال >::>:: |
رد: خنتُ صديقتي
اقتباس:
وقراءة جميلة وموفقة واستنباط للجمال والدهشة ومعظم الدهشة هنا هي جمال حضورك فشكرا بحجم الكون ولك مفاتيح السعد >::>:: |
الساعة الآن 07:02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
مجتمع ريلاكس