قبس من نور ( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم ) ( يمنع المنقول ) |
( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم )
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
الزماميح
كتابي ( مفردات شعبية ) هو أحد كتب سلسلة الثقافة الشعبية في منطقة جازان ولنأخذ فكرة عن المشروع كاملا وعن الكتاب ومفرداته الشعبية من خلال مقدمته التمهيد عزيزي القارئ ربما أستطيع القول أن هناك قلة قد تصل إلى حد الندرة في البحوث التي تتحدث عن الثقافة الشعبية بمنطقة جازان بصورة مفصلة وشاملة ، فلم أصادف خلال تجربتي الأدبية ـــــ حتى الآن ــــ غير كتاب أستاذنا المؤرخ : محمد بن أحمد عيسى العقيلي ــــ يرحمه الله ـــــ ( الأدب الشعبي في الجنوب ) الذي تناول جوانب منها بشيء من التفصيل ، ثم كتب الأديب الأستاذ : إبراهيم عبد الله مفتاح : ( مقامات فرسانية ) و ( الشعر الشعبي في محافظة فرسان ) و ( الصنبوق ) التي تعرض فيها الأستاذ ( مفتاح ) لمعظم النواحي التراثية في فرسان ، بالإضافة إلى كتيب عن الفنون الشعبية للأستاذ : عبد الرحمن محمد رفاعي ، وآخر عن الألعاب الشعبية للأستاذ : موسى نامس ، وإن كانت هناك بعض الموضوعات المتفرقة التي تنشر بين الفينة والأخرى إلا أنها تتناول جزئيات بسيطة عن التراث الجازاني الثري . ولأهمية الموضوع توثيقا للأجيال الحالية والقادمة راودتني نفسي بخوض هذا الغمار ولو بصورة اجتهادية ، لكني عندما بدأت التخطيط لسير وتبويب الموضوعات التي سأتطرق إليها وجدت نفسي أمام عدة مفترقات ، فتراث منطقتنا عظيم به من الكثرة ما لا أستطيع اختزاله في كتاب واحد من الحجم المناسب للمتلقي ، فهناك تراث قد اندثر تماما ، وهناك موروث ما زالت الأجيال تتوارثه جيلا بعد آخر ، وهناك فولكلور أدائي وآخر حركي ، وهناك أدب شفاهي ، وجميع ما سبق قد تدخل في بند المادي واللامادي ، وإزاء ذلك كان لابد لي من الاسترشاد بمفهوم الثقافة الشعبية الشامل ؛ للخوض في أعماقه والخروج برؤية واضحة أستنير بها في التخطيط السليم لخروج هذا العمل إلى حيز الوجود . وحين تبلورت الرؤية في خاطري وجدتُ أن الفصول والأبواب وتفريعاتها التي سأتطرق إليها ستخلق كتابا ضخما كبير الحجم مما قد يؤدي إلى عزوف المتلقي عنه بمجرد رؤية حجمه الكبير ، كذلك هناك ثمة مشكلة أخرى وهي تحديد عنوان الكتاب ، فإن سميته ( الأدب الشعبي ) فستكون محتوياته أشمل من العنوان بكثير ، وإن قلت : ( الفولكلور الشعبي الأدائي والحركي ) فقد هضمت الكثير من العناصر البارزة التي سيحتوي عليها الكتاب ، وإن أطلقت عليه ( الثقافة الشعبية في منطقة جازان ) فسوف أجد أمامي عنوانا مفتوحا يعود بي إلى أصل المشكلة وهو حجم الكتاب . هنا كان لا بد من التخصيص ، حيث رأيتُ أن أقسِّم الموضوع إلى ستة كتب ذوات حجم معقول ، بحيث يكون الأول منها يختص بأغلب مفردات تراثنا الجميل الذي اندثر الكثير منه ، وأسميته ( مفردات شعبية ) وهو الكتاب الذي بين يديك ، الكتاب الثاني يختص بــــ ( ، العادات والتقاليد الشعبية ، الأكلات الشعبية ولوازمها ، اللباس الشعبي ومواد وأدوات الزينة ) ، وقد أطلقت عليه ( صور من الثقافة الشعبية ) ، الكتاب الثالث يختص بــــ ( ملامح الحياة الاجتماعية الشعبية ( السكن ، النشاط البشري وحياة الناس ، الحرف اليدوية الشعبية ، الصناعات التحويلية التقليدية ، الألعاب والتسالي والأهازيج الشعبية ، الحِكَم والأمثال الشعبية ، الألغاز والأحاجي الشعبية ، جوانب من اللهجات المحلية ، وقد أسميته ( ملامح من الحياة الشعبية ) ، الكتاب الرابع يختص بالشعر الشفاهي الشعبي والفنون والرقصات المرافقة له ، وقد أسميته ( لوحات من الفنون الشعبية ) ، بينما يختص الكتاب الخامس بالحكاية الشعبية في المنطقة ، وقد وسمته بعنوان ( خرافين .. أضواء على الحكاية الشعبية ) ، أما الكتاب السادس والأخير فيختص بثقافة الناس في طرق التعامل مع النبات المنزلية التي كان أغلب الأهالي يزرعونها في قُبلان منازلهم ، وقد أسميته بـــ ( الثقافة المحلية في نباتات جازان المنزلية ) . وإني إذ أضع هذا الجهد المتواضع بين يديك ــــــ قارئي الكريم ـــــــ آمل أن تجد بين طياته ما يفيد وينال الاستحسان ، داعيا الله أن يمنحني الصحة والصبر والعزيمة لإتمام هذا العمل وإخراجه إلى حيز الوجود . والله خير مستعان . كتاب مفردات شعبية القارئ الكريم في مسيرة الحياة التي نعيشها تتعدد المفردات والصور والرؤى والذكريات ، بيد أن هناك عدة مفردات شعبية عاصرناها وعاصرها الآباء والأجداد قبلنا ، تلك المفردات التي كانت تستخدم على ألسن الناس في الفترات الزمنية المتعاقبة ، بعضها اندثر والبعض الآخر ما زال قائما وإن كان بصورة أقل . وفي هذا الكتاب سنمتطي ركابنا ونتجول عبر تلك المفردات ونرتحل في تفاصيلها ، ولعل قافلتنا هذه تسير بنا في اتجاهات مختلفة من تراثنا الجميل ، وتنيخ بنا بين لحظة وأخرى عند كل مفردة منها ؛ لنستلهم من خلالها أجمل الذكريات وأسعد المواقف وأبهى الصور . صور ومواقف وذكريات تسلك بنا دروب الزمن ، وتقطع مسافاته بالتأمل اللامحدود ، وتحدِّق في ملامحه بنظرة استرجاع ولهى ، ونبضات حنين حرَّى لما قد فات ، وتتدثر بلحظات استشراف نشوى لما هو قادم ، وكلما طال بنا المسير أنخنا ركائبنا تحت ظلال عصرنا الحديث في استراحة ركبان قصيرة ؛ لمواصلة المسير نحو صور الحياة الجميلة مجددا . وبما أن هذه المفردات تحتوي على العديد من الجوانب المادية من التراث الشعبي ( الفولكلور ) فإنه من الضروري إلقاء الضوء على مفهوم الثقافة الشعبية ، وأهمية دراستها ، وعناصرها ، وركائزها ، وخصائصها ، عبر المدخل التالي . ولا أريد الإطالة عليك ، ولكني سأتركك مع هذه الصفحات لعلك تجد بين طياتها ما يمتع . *** الغيث للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
آخر تعديل الغيث يوم
08-10-2021 في 04:06 AM.
|
08-10-2021, 04:00 AM | #2 |
|
رد: الزماميح
وهذا أحد موضوعات كتاب ( مفردات شعبية )
الزماميح ومفردها ( زمُّوح ) وهي من الحشرات الطائرة التي تفد إلى تهامة منطقة جازان بين نهاية الشتاء وبدايات الربيع ، حيث تكون الأرض قد رويت بمياه الأمطار ، واخضرت الحقول بالنباتات المختلفة ، وأورقت الأشجار الأخرى ، كالسلم والحَصار والسدر وغيرها ، وفي أغلب الظن فإن هذه الحشرة تأتينا من الجبال المطلة على تهامة المنطقة ؛ لتتغذى على أوراق المزروعات المختلفة ، ولذلك يعد مجيئها من المواسم المحببة للصغار والكبار على حد سواء لما فيها من استشعار بجمال الطبيعة وتجدد المواسم ، والتسلية بمطاردة تلك الزماميح والإمساك بها وإهدائها للصغار للهو عليها وتمضية أوقاتهم معها حسب طرائقهم الخاصة . وحشرة الزموح ــــ غالبا ــــ ما تكون سوداء اللون مخطط على ظهرها باللون الأبيض ، أو سوداء مخططة باللون الأصفر ، أو يكون لونها أزرقا قاتما يميل إلى السواد بخطوط صفراء أو بيضاء في بعض الأنواع ، أما لون البطن من الخلف تحت الجناحين فلونه أصفر فاقع ، ولا نستطيع التفريق بين الذكر والأنثى ؛ لتشابهما التام إلا باللجوء إلى الطريقة المحلية التقليدية ، وذلك بقلب الزموح على ظهره فوق راحة اليد ، ثم تحريك اليد يمينا وشمالا مع ترديد عبارة : ( كُجُل كُجُل .. حُرمَة ولا رُجُل ) فإن انقلب على بطنه فهو ذكر ، وإن لم يستطع فهو أنثى ، ولا أدري عن صحة هذه الطريقة من الناحية العلمية ! . والزموح حشرة مسالمة لا تؤذي ولا يوجد بها أي مادة سمية ، فعندما يأتي موسمها تبدأ في الانتشار والتحليق بين الحقول والمزارع على هيئة جماعات أو فرادى ، وتحط على أشجار السلم والحصار والسدر ، وقصب الذرة والدخن ، وهنا يبدأ الصغار والكبار في مطاردتها والإمساك بها وهم يرددون : زموح يا بو اللُّبانَه ما هدَّ بَك تَهامَه جيتَ شتتخضَّر حطيتَ في املزامَه وذلك للهو بها بما يعرف محليا بلعبة الزماميح التي تعد من الألعاب المسلية للصغار ، وتتم هذه اللعبة بإحضار زموح ذكر وخلع مقدمتي ساقيه من المفصل الأولي ، ويتم التأكد من خلعهما من المفصل بواسطة خروج خيط من مادة لزجة من تجويف ساقي الزموح ، ثم يؤتى ببعرة من ( روث الجمال ) يتم ثقبها طوليا من الجانبين وإدخال طِفية أو مشلة ( من سعف النخيل ) داخلها بحيث تخرج من طرفي البعرة ، ثم يتم إدخال طرفي الطفية أو المشلة في تجويف ساقي الزموح ، ثم يدخل عودا جافا من الحشائش المتوفرة في الحقول في فتحتي تلك البعرة بحيث يكون طرفا العود مجاورين للطفية أو المشلة ، ويخرج الطرفان من فتحتي البعرة بمسافة مناسبة للإمساك بهما عن طريق السبابة والإبهام في اليدين ، وعندما نمسك بذلك العود ونحرك الزموح المشبوك في الطفية والبعرة بدائرة مغلقة يقوم بالطيران حول تلك البعرة ؛ مما يدخل البهجة والسرور في نفوس الصغار . وكم مارسنا تلك اللعبة وغيرها من الألعاب الأخرى وارتكبنا إثما كبيرا في تعذيب تلك الزماميح المسكينة دون ذنب ! لكنه الجهل والسن ، فغالبا ما تموت تلك الحشرات بعد مرور ساعات من اللهو بها بهذه الطريقة القاسية . أما نحن هنا في مدينة جيزان فكنا نحصل على تلك الزماميح عن طريق باعة القصب الذين يحضرونه من حقول القرى القريبة من المدينة ؛ لبيعه في برحة الميدان ، وهناك بعض الألعاب الأخرى التي كنا نمارسها بالإضافة إلى اللعبة السابقة ، حيث نقوم بخلع الجزء الأمامي من ساق واحدة ــــ فقط ــــ وندخل في تجويفها طرفا من طفية أو مشلة ، ثم نمسك بالطرف الآخر ونجعل الزموح يطير حول اليد في حلقة مفرغة ، وأحيانا نقوم بالإمساك بطرف إحدى أرجل الزموح ونُرَقِّصَه بواسطة الضغط عليها بالسبابة والإبهام ونحن نردد : تيس امي والله ما بيعُه والحِنـــاء بين صبابيعُه غفر الله لنا وسامحنا . *** الغيث |
التعديل الأخير تم بواسطة الغيث ; 08-10-2021 الساعة 07:04 AM
|
08-10-2021, 11:11 AM | #4 |
|
رد: الزماميح
معلومات في غاية الروعة
كل الشكر لك القدير والكاتب العميق الغيث على الفائدة التي زودتنا بها ..سأطلق عليك فيروزبادي المدائن وعرابها ومرجع كل معلومة واعية تضيف للقارئ ودي واحترامي لك |
|
08-10-2021, 11:16 AM | #5 |
|
رد: الزماميح
جميل ياجميل
احتاج لتكرار الزيارة لأنها شوي طويلة وشكرًا مقدمًا على جمال ما طرحت لأني أعرف ذوقك جيدًا, |
|
08-10-2021, 03:09 PM | #6 |
|
رد: الزماميح
بالتوفيق لك أديب الرقي والأحاديث
مؤلفات مهمه في حياتنا للتطلع لكل ماهو مهم وإعطاء فكره ملمه عن الحياة بمافيها من أعشاب وحياة فطرية ونباتات مختلفه شكرا لفكرك لنظرتك الثاقبة لكل ماحولك لاقوة الابالله زادك الله من فضله كل خير واستحسان |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
08-12-2021, 08:27 AM | #7 |
|
رد: الزماميح
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-12-2021, 08:32 AM | #8 | |
|
رد: الزماميح
اقتباس:
هلا بالمالكية
وشرفتِ الموضوع بحضوركِ الزاهي وأنا سعيد بقراءتكِ الرائعة وتعليقك الجميل وعسى أن نستفيد جميعا من كل المعلومات التي تطرح هنا أما الفيروزأبادي فأين أنا منه ما أنا إلا باحث بسيط جدا ولا أساوي هؤلاء العمالقة الذين تركوا للبشرية العلم النافع لكني سأقبله منكِ زميلة وكاتبة واديبة معروفة وملاطفة منك جميلة صادق الود والتقدير |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-12-2021, 08:36 AM | #9 |
|
رد: الزماميح
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
08-12-2021, 08:39 AM | #10 | |
|
رد: الزماميح
اقتباس:
أهلا بكِ أيتها النقاء الجميلة
ومرحبا بحضوركِ الرائع وقراءتكِ للموضوع أرجو أن اكون عند حسن ظنكم جميعا أسعدك ارحمن في الدارين وبارك الله في عمرك صادق الود والتقدير والمحبة ولروحكِ الصفاء |
|
علمتني الحياة أن أبني جسرا من الأمل فوق أي بحر من الأحزان
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|