قِبلة الحرب وقُبلة الحُب وحُزن المنافي

قِبلة الحرب وقُبلة الحُب وحُزن المنافي

الذين يجلسون على شاطئ الأمل ولا ينظرون لشيء غير دنياهم العنيدة خلف ذلك الغيم الممتد حتى الشفق الذي يحيط قرص الشمس. نحن لا نصنع الجسور لأنفسنا بل نحن الجسور التي يتخذها الآخرون عظة وعبرة يعبرون فوقها ثم لا يذكرون حجم آلامنا ونحن ممدون بلا حيلة ولا يسمعون صرخاتنا حين تسحق سنابك خيولهم أطراف أصابعنا الصغيرة وحين نكتب عن أنفسنا نكتب كل تفصيلة عن حياة أحدهم بمكان ما وفاجعة ما وربما قصة حب أو ملحمة وبطولة. نحن المارقون نحو أرض الغياب بلا عودة ونحن العابرون فوق نهرٍ مياهُه مؤجَّجَة بماء لا يروي ونحن الضائعون بين سطور الكتب ونحن ساقطو القيد من دفاتر الموتى في مقابر جماعية لضحايا الحروب ونحن الذين لم تقبلنا القبور رغم أننا نفتح كل لحظة ألف قبر جديد ونحن الذين أطبقت عليهم سطورهم المكتوبة بألف قضيب من عذاب ونحن الذين خلف كل باب ندفئ أجسادنا المرتعشة بفضل كتاب محترق ونحن صانعو الخوف في مدن السعادة حين نتحدث عن قصصنا الموحشة نحن لا نُكرر لكننا لا نَتكرر فنحن ومزقة العرق التي سقطت من جبيننا حين كنا نعاني سكرة الفراق لم نتمايز حين كان سقوطنا فوق بذر الوجع فأنبت بأرضنا رماد من فتنة أحرقت كل ما خلفنا من ضِياع زرعنا فيها ياسمين الغفران لحظة تلاوة لقصيدة وبعد كأس من قبلات ملعونة هل نحن مختلفون؟ إذا كنا محتلون بالكلية فما الفارق إذا كنت أنت في سجن من خلف حدود بينما أنا في سجن لا أعرف وجه من يقف على الباب ومن أصدر أمر اعتقالي الأبدي ولا أمل بالحصول على موعد لجلسة جديدة أناقش فيها حيثيات الاعتقال الجديد أعلم أنك لست حرة ولا أتمتع بمثلك بتلك الرفاهية المزعومة كلنا مقيدون بقيد مختلف وفي كل قرن من قرون الحزن سنتكرر وفي كل عهد من عهود الوفاء سنكون أول مادة في دستوره حين لا يشبهنا شيء ضوء قمر شعاع شمس نسمة هواء شمالية أو غربية ودفء فراش المساء حين تتأرجح أحلامنا على جناح فراشة فالهروب من قنديل الليالي البهيمة خير ختام وصرخة غائب / تباً لك مستند بطولة غير مكتوب ما أسعدني حين أنام حلى حفيف أهدابك وأشرب في أندلسية عينيك سُلاف الغياب يا شغف من قبل ومن بعد لم ولن يتكرر ولن يتم تداوله في حوانيت الأفكار الجميلة ولن يكون ضمن وصفة طبيب أوصى بها لما بعد فترة النقاهة الأخيرة وعن تاريخي المجهول هو يبدأ الآن عصر الازدهار والكبرياء وحين تسقط الحقائب من أيدينا حين قُرب اللقاء سنعلن أنَّنَا في أول مراحل الابتداء وأنَّا سنرسم ما نشاء ونقترب ممن نشاء ونفصح بعشق من نشاء حزن المنافي لن يقلنا لن يزعجنا ذلك السور الكبير ولا ذلك الجندي المدجج بالسلاح يستطيع أن يخيفني من جديد حين تضع الحرب أوزارها بقرار من كثير يشبهوني حين يختفي حطام البيوت في الشوارع حين يكسو بياض الياسمين جوانب الطرقات سنكون هناك ويسقط من منعونا شرف وداعنا لشهيد وفرحة الخروج لأسير فقدناه طفلاً ثم كهلاً أعادوه لن يُسقطونا ولن يمنعوا ألعاب العيد عن أطفال الحارة من جديد قِبلةُ الحربِ كما قُبلة الحب بلا وضوء تقتلُ العاشقين آهــٍ لو كنتِ معي! لقلت لهم أقتلوني أيا مصنوعة من طين وماء متى تسكنين في عيوني وتنامين في عيوني وتحت حصاري وخلف حصوني ثم حين يكون الموت ولادة موتي وحين يكون البعث سعادة عودي وختاماً الهامش الأخير مثل آخر مهاجر من بلاد الغال وكما عصفور الشرق الحزين لا يذكر من وطنه غير قفص الأسر الصغير مثله أنا وهو مثلي أقصى أمانيه الهروب وأول أفكاره الهروب تُشبه قصتي من سبقوني أغرقتني قصيدة وأدركتني قصيدة ورحلت بقصيدة وحين تُغَيِّبُني المنافي سأذكرك بقصيدة ثم لا أكون محمد حجر قِبلة الحرب وقُبلة الحُب وحُزن المنافي الثلاثاء 07/12/2021

للمزيد من مواضيعي