» يومٌ من عمري « | ||||||
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
مفهوم الحرية في الإسلام
مفهوم الحرية في الإسلام
بدايةً لابد لنا أن نعلم أن الحرية في العموم مصطلحٌ ومفهوم عملي مرن، يتناوله كلُ طرفٍ حسبَ أمرهِ وحالهِ الذي ينتمي إليه، وقناعاته من إدراك ثوابته وأصوله التي لديه. ولِنُعرِّفْ الحرية في المفهوم الإسلامي لا بد لنا أن نتطرق لها من وجهة نظر الآخر لِيَعرِفَ القارئ ويميز ما هي الحرية عندنا كمسلمين وما هي عند غيرنا، فيتزن بذلك فهمه، ويعلم بإنصاف عقله وصفاء قلبه، إلى ما يدعو إليه كل طرف، وبناء عليه يعرف إلى أي طرف يميل، وأي طريق في الأَخذِ يسلك، طريق الحق وهو الإسلام أو لطرفٍ قد تناول الأمر على غير حقيقته منقاداً فيه لغيره ومفسراً الأمرَ على هواه. إنَّ الحرية في عموم معناها ومما أدركته جميع الأفهام أنها الإرادة الكاملة في الاختيار بلا إكراهٍ أو إجبار، وفي الإسلام نجد انه هو الذي أوجد الحرية الحق، والكاملة للإنسان في صورتها النقية، وضوابطها العلوية، وذلك بأن قامت الشريعة المكرمة بكسر قيد العبودية والتبعية للأشياء والهوى، فوضعت بذلك الإنسان في حالٍ من الاستقرار والميل للعلو والتكريم، فمن قواعد النظر والمقاصد الإسلامية للإنسان انه أُوجِدَ لغاية العبادة بتوحيد الله وطاعته سبحانه وتعالى وجُعلت الأرضُ مسخرةً له، فكان بذلك في أعلى قمة التشريف وأعلى مراتب التكريم؛ التشريف بالعقل وهو مناط التكليف وبالتالي حمل الرسالة السماوية، والتكريم بأن جُعل ذو إرادةٍ حية، وعقل واعٍ يحافظ فيه على مكانته ويتَّبِعُ طرق الهُدى والأسمى في الحياة بما هو الأصلح والأكرم، فالحرية في الإسلام هي انتظامٌ وتوجيه؛ وذلك بأن للإنسان في مقاصد الشرعية الحفظ والكرامة وأعلى درجات الاعتبار، والحرية جزءٌ من ذلك. ومما ينبغي أن يُدرك ويُفهم على وجه كامل، أن الحفظَ والتكريم مرتبطٌ بالالتزام بالتوجيه، فالخالق سبحانه وهو الموجد للإنسان أعلم به وأعلم بما فيه خير له ، فليس الانضباط تحت أحكام الشريعة هي إلغاءٌ للحرية، بل على العكس تماماً، هي الحرية الكاملة، والتفعيل بالتحرك في دائرة التكريم والكرامة، وذلك لأن الإنسان لا يَصلُحُ أن يكون هو المشرع والحاكم على الأمور ما دام هناك خالق له فهذا لا يستوي مع أصل الإيجاد والغاية منه، ولذلك ترى الإسلام الكريم قد ترك تلك المساحة الواسعة للحرية مع مراعاةٍ وحكمةٍ ورحمةٍ لا توجد عندَ غيره، فأوجد الإرشادات والاعتبارات لتوجه الإنسان للطريق الصحيح للسلوك فيه، وأُخبرَ مع التوجيه أن الخروج عليها إنما هو خروجٌ عن أصل الفطرة وتلويثٌ لنقائها، و أنَ عوارض ذلك الخروج تتنافى مع درجة التكريم وعلو التحصيل ونُبل الغاية الذي أُريدَ للإنسان، وإِنه بعد كل ما وصل إليه من إيضاح وتبليغٍ وإِعلام تركت له حرية الاختيار وهذا تابعٌ لإرادته وإِكمالاً لعدالة الاختبار الذي هو فيه، وهذا هو معتقدنا نحن أهل الإسلام، فما أُعطي لنا من حُريةٍ فاقَ ما ينادي به الآخرين، فحريتنا لا ترجع علينا إِلا بخير، أما غيرنا ممن لا يعتمد المنهج الإلهي في الرؤية والعمل فقد انحرف عن الصواب ونَصَّبَ نفسه مشرعاً وأراد لغيره ممن وافقه أن يحذو حذوه، فضل بفعله وأضلٍ غيره بما أحدث من فِكرهِ وعمله، ولنضرب بعض الأمثلة ليتضح بها المقال، ولتشحذ الأفهام، فالإسلام مثلاً قد احترم العقل وشجَّعَ على التفكير، والتدبر، والنظر، ضمن دائرةٍ لا يستطيع أحدٌ أن يحصرها لاتساعها فيساعده ذلك في إدراك نفسه، وعلو همته، وطمأنينة جوارحه، والميل بذلك عقلاً وقلباً إِلى معرفة ربه، وتنفيذ أمره، وقد نال المؤمن ذلك وزيادة، أما الطرف الآخر فقد ترك الحرية لعقله بلا عقال، فتخبط في أمره واشتعلت حيرته، واضطربت جوارحه، فمثله كمثل رجلٍ ألقى بنفسه في محيط واسع بحجة أنه يتقن السباحة فما يلبثُ أن يغرق، فلو كان على خيرٍ، وكفاية عقل، لركب سفينة الشرع فأيقن النجاة. ومن الأمثلة الأوضح شكلاً وعيناً في هيئة الإنسان وشكله الخارجي، ما أوجب الإسلام من ستر الجسد والحشمة والمكارم في العلاقات، ونهى وتوعد لمن تعدى وأسرف، أما الطرف الآخر فقد تكشف واقترب من البهيمية في السلوك، وربما تعداها بما أحدث من منكرات، وحوادث لم تكن تتخيلها العقول المتزنة، ومن ذلك أن أصبحت المرأة عندهم سلعةً، والغيرةُ رجعية، والارتباط الشرعي تقييد، ووصلَ حالهم من حريتهم المكذوبة إلى أن تزاوج الرجل مع قرينه وارتبطت المرأة مع حيوان، فأي دونيه هذه وأي حرية يدعون إِليها، فالأحرى أن تسمى حيوانية، فهذا أنصف لوصفهم وبيان حالهم، فما يفعلون إن هوَ إِلا عكسُ الحرية تماماً، بل هو عبوديةٌ للشهوة، وتحكيم الهوى والغفلة، ولنضرب مثالاً آخر ليتضح التفريق بين حريتنا وحريتهم، بحريتنا وهي مقام التكريم والحفظ للنفس وللآخرين، وبحريتهم والتي ظُلمت الحرية بما نَسبوا إليها من أفعالهم وأفكارهم، ومثالنا يكون كيف تم تناول الثوابت والأصول بين الطرفين، فنحن كإسلام فأصولنا هي المرجع الأول، والتقدير الأعلى، والامتثال بالالتزام بالتوجيهات والأحكام التي تصدر عنها، وقبول ذلك في أنفسنا يكون بحب وإيمان، وتقربٍ إلى رضا الرحمن، لأننا بذلك نكون في طاعة المولى وفي تحقيق الغاية فنُحَصِّل الموعود ونؤدي المطلوب، ونستشعرُ سعادةَ الدنيا ورجاء الآخرة، وعدالة التقييم، ورقي العلاقات، ومثالية الفهم في الصورة العامة والخاصة والسلوك المقترن بهما، أما الطرف الآخر فَقَدْ فَقَدَ التقييم، وانعدم من الأصول، فاعتباره قائمٌ على الفرد وانه الأساس والحاكم والمصدر، ولا شيء له سيطرةٌ عليه، والغريب بالأمر أن ما يدعون إليه وطريقة تفكيرهم متضاربٌ مع الحرية التي يدعون اليها، فنبذهم للخيرية وتركهم للمثالية العليا، وتقييد أنفسهم بتخبطات العقل والهوى هو في ذاته تقييد وإخلالٌ بالحرية، فهل ترك التوجيه الأكمل واعتماد الأرذل هو الحرية، بل الأصح والصحيح أن يقال عنه عنادٌ وإنكار نابع من رفض الشريعة، وبعنادهم ذلك عندهم، قلبوا فيها موازين الجمال ومظاهر الكمال وصارت حالهم كما يراها كُلُ عقل واعٍ وعين منصفة حياةً حيوانية، وبهيمية الغرائز والسلوك، مغيبةَ العلو. ونطرح هنا سؤالاً نريد الإجابة عليه من هؤلاء، وهو ماذا استفدتم من حريتكم المزعومة؟ وماذا أفدتم البشرية من أفكاركم المسمومة؟ فلم نرى منكم إِلا تكشفٍ في الأجساد، وعريٍ في الأفكار، وتخبطٍ في حياتكم، بما أحدثتم من تجاوز على كل محمودٍ وكريم، وإِن أردتم الحق في تناولكم للحرية فليكن لها الغاية أسمى والمصالح العليا، وان يكون خارجها عفيف، وقلبها على التقوى صريح، وذات فهمٍ قويم ومرجعها الأمثل والأكمل، ولا يأتي عنها ومنها إِلا الخير، وأَصدُقُكُم وأَصدُقُ نفسي لا تجدون ذلك إلا في الإسلام؛ ففيه حريتكم في الدنيا والآخرة، فدونكم فاغترفوا منه شفائكم، ودليل حياتكم. ولا ينظر لنا ناظر أن بلادنا حالها الآن قد اختلَ فيه الحال في أمر الحرية، فليس ذلك من الإسلام ولا من الشريعة في شيء، فإنما هو سلوكُ أفرادٍ لم يحسنوا تطبيق الدين، أو كانوا له فقط بالاسم منتسبين، أو أدواتٍ مستأجرة لهدم الدين، فماضينا كله خير وسيره نبينا عليه السلام، والخلفاء الكرام، و أَأِمه الإسلام، تشهد لنا على ذلك، وما تلك السنون العجاف التي أصابت بلادنا إِلا لبعدنا عن تطبيق الدين، ومن كيد المنافقين، ومؤامرات وهجمات من تراهم اليوم في صورة من يَدَّعون الحرية، فإِلى الله المشتكى. ملاحظة: ليُعْلَمْ من باب الإنصاف أن الإسلام يحترم الإنسانية والرقي فيها. وبعض النماذج في سلوكيات غير المسلمين يقدرها الإسلام ولا يُكِّنُ لها أي اعتراض، فهي التقاء بين الجميع في المشترك الإنساني، وإنما كان تقديره لها لأنها بقت على أصول النقاء، ولم تتعارض مع الاستحسان، ومما نريد أن يُعلم ويرسخ في الأفهام وهو كلامٌ حق لا ادعاء فيه، أنَّ أي صورةٍ من الجمال أو النقاء والتي تحمل الخيرية آنياً ومستقبلاً إِلا ولها من الإسلام توجيه ومكانه. للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
|
11-17-2024, 04:50 PM | #2 |
|
رد: مفهوم الحرية في الإسلام
أحسنت أخي أبو إسلام
وبارك الله فيك وجزاك كل الخير 🌷🌷 |
التعديل الأخير تم بواسطة سارة ; 11-17-2024 الساعة 04:52 PM
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق المحمودة في الإسلام ( متجدد ) | البراء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 92 | يوم أمس 09:05 AM |
مفهوم السعادة الحقيقي | ابو اسلام | ظِلال وارفة | 1 | 11-17-2024 02:02 AM |
الإسلام.. كيف يُريده أعداءه؟ موضوع خطير | ابو اسلام | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 0 | 11-16-2024 11:39 AM |