أنت غير مسجل في منتديات مدائن البوح . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
. .

... .. ..


آخر 10 مشاركات ‏- رسائل من حرير.!       بمناسبة الذكرى الخامسة مدائن البوح تحتفي بروّاد القبس       دبلة العروس       سجل تواجدك بجمال الاستغفار       سجل تواجدك في مدائن البوح بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم       دفتر الحضور اليومي للأعضاء       ياعيني على الازرق       ازياء انيقة وراقيه       إن الله على كل شيء قدير       التهادي      
روابط تهمك القرآن الكريم الصوتيات الفلاشات الألعاب الفوتوشوب اليوتيوب الزخرفة قروب الطقس مــركز التحميل لا باب يحجبنا عنك تنسيق البيانات
العودة   منتديات مدائن البوح > المدائن الأدبية > قناديـلُ الحكايــــا

قناديـلُ الحكايــــا

يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..

( يمنع المنقول )



"صداع بالقلب" .. رواية قصيرة

يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..

( يمنع المنقول )


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-23-2023, 10:41 AM
أحمد عدوان متواجد حالياً
SMS ~

Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 99
 تاريخ التسجيل : Sep 2020
 فترة الأقامة : 1496 يوم
 أخر زيارة : 10-30-2024 (07:55 PM)
 المشاركات : 19,176 [ + ]
 التقييم : 41074
 معدل التقييم : أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute أحمد عدوان has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


حصري "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة











الفصل الأول


"لا أعلم هل ولدتُ بهذا العيب أم أنني اكتسبتُه ، الشيء الوحيد الذي أعلمه أنني أنسى كثيرًا ، أتجاوز وأعبر دون أن ترف لي ذاكرة ، لكن ما يؤرقني فعلا ليس ذلك قطعا ، بل أنني لم أتمكن من عبورك وتجاوزك ونسيانك ، وكأنك ماثل للعيان ، وللعشق أيضا ، كنت دائما الاستثناء الوحيد في حياتي، حتى عندما أردت نسيانك، صحت ذاكرتي كأفضل ما تكون . ليلة الأمس لم أنم مطلقا، لقد كنتُ أواري ذلك النعاس الذي ينجبه السهر قبل أن يصل إلى عيوني في مقابر الزوال وأعود ضجِرا يقظًا أشاطر الأرق ما تبقى من الليل."
أغلق سالم دفتره الأسود الصغير الذي اعتاد أن يتوسده كل ليلة بعد أن كتب فيه كما اعتاد. نظر إلى السقف وكأنه يتأمل شيئا، وظل كذلك وأفكار عديدة تتزاحم برأسه: حتى الأقلام تمرض، تفقد بريقها . هذا ما يشغله الآن، لقد اعتاد أن يكتب صفحتين أو أكثر ، ولكنه منذ ليلتين لم يكمل صفحة واحدة ، لقد صار يحس أكثر من أي وقت مضى أن حرفه قد فقد بريقه ، وهو الذي كان يسمع عبارات الإشادة والإعجاب كلما نشر شيئا عبر حسابه في تويتر .
هذا الأمر يرهقه كثيرا، يوجعه أن تضمر أو تتلاشى قدرته تلك التي كانت سبب تعارفه ولؤلؤة قبل ستة أعوام.
لا زال يتذكر تلك اللحظة تماما ، ذاك المساء الساحر بمنتصف إبريل ، حينما قرأ ما كتبته تلك اللؤلؤة بالمنتدى الذي كان يشرف عليه ، وهو الذي تروقه الأحرف الجميلات ، وتبهره اللغة السامقة ، حينها قرر أن يقتحم تلك الفتاة ، ولكنه تأنّى قليلا.
أنثى كمثلها لابد أن يمهد لها دربا خالصة تسلكه، راح بأحرفه الفاتنة يقارع ما تكتب، ثم أرسل لها مبديا إعجابه، لم يكن الأمر بتلك السهولة ولكن أن يبدأ بينهما حوارٌ فتلك نصف المسافة، حتى وإن كان حوارا عبر محادثة افتراضية.
"لولا" .. هكذا كان يناديها ، وهكذا كانت تحب أن يناديها ، أخبرته فيما بعد ، أنها تعتبر ذلك الاسم كلام غزل من النوع الفاخر ، وأنها لا تحب أن يناديها به شخص آخر .
كان سالم لا يزال مستغرقا بأفكاره ، وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل ، فجأة نهض فزعا ، لقد تذكر أنه نسي صلاة العشاء ، في الطريق من غرفته إلى الحمام ، كان يتسلل على أطراف أصابعه خشية أن تحس به أمه زينب وتُسمِعه تقريعا وتأنيبا ، لأنها كل ليلة تصلي ، وتفتح باب غرفته وتخبره أنه موعد الصلاة ، فيهز سالم رأسه دلالة أنه سيقوم في الحال ، وغالبا لا يفعل إلا بعد ساعة أو اثنتين ، وربما أكثر . توضأ سالم وصلى ، وعند سجوده الأخير أطال دعاءه كما اعتاد ، دائما كان يدّخر أمنياته إلى الركعة الأخيرة من صلاة العشاء ، كان ينفث فيها كل ضيقه وهمه وحزنه ، حينما استلقى على سريره هذه المرة كان منطفئا تماما ، واستغرق في نوم عميق ، من فترة طويلة لم يحدث أن نام هكذا ، لدرجة أن فاته وقت دوامه ، لا يجد تفسيرا منطقيا لذلك ، كما يعلم تماما أنه لن يجد تبريرا مقنعا يقدمه لمديره في العمل .
أعدّ فنجاني قهوة ، وقرّر أن يقضي يومه مع "الحجة زينب" ، رغم أن عمرها تجاوز الستين ، ولكنها كانت تقوم بشؤون البيت كأحسن ما تقوم به امرأة في عز شبابها ، كانت تعلم بعادة ابنها بإعداد قهوته الصباحية بنفسه ، لذلك كانت تنام بعد صلاة الفجر وقراءة ما تيسر لها من القرآن رغم أنها تتعثر كثيرا ، ولكن سالم أخبرها ذات يوم أن من يقرأ القرآن ويجد مشقة في ذلك له أجران لا أجرا واحدا ، ومن يومها هي لا تنفكّ تخبر كل من تعرفه بذلك . حينما رشف سالم أول رشفه من فنجانه ، باغتته والدته بكلامها :
ـ الله يهديك يا ابني ، لا تنسى صلاتك ، الصلاة قبل كل شي يا سالم ، لا تأخرها مثل امبارح .
ـ ايه يا أمي . إن شاء الله ما تتكرر .
صمت سالم وهو يستحضر أثرا مرويّا عن الفخر الرازي "اللهم إيمانا كإيمان العجائز" ، ولم ينتبه إلا وأمه تسأله : علاه ما رحت الشغل اليوم ؟
لم يشأ أن يخبرها أنه استغرق في نومه ولم يصل الفجر أيضا بموعده ، فأخبرها أنه طلب إجازة ليوم واحد ، لأنه يحس بالتعب . دقائق قليلة وصديقه زياد يتصل ، يودّ أن يستفسر عن سباب غيابه عن دوامه اليوم ، انسحب سالم برفق إلى غرفته حتى لا تسمع والدته حديثهما ، وطمأنه أن لا شيء مهم ، مجرد نوم ثقيل أودى بعشر ساعات من عمره .
"يا لغرابة الدنيا ، تعطيك بيد ثم تأخذ منك بعشر أخرى ، تجبر كسرك اليوم بفرحة عظمى ، ولكنها تنسج بالخفاء كمينا يطيح بك أعواما ، حينما دقّ هذا الحبّ بابي ، أقبلت تلك الدنيا بكامل زينتها تختال على هودج من شغف ، تزيح من على كاهلي رتابة الأعوام التي مرت قبل ذلك وتركت ندوبها على قلبي ، وجسدي ، ذاته الحب من أضرم بروحي بعد تلك نارا متقدة ، وحزنا وكدرا لا يغادر إلا ليعود أشد أنكى ،
لماذا يا لولا ؟ لماذا كلما حاولت أن أطرد هذا الحب وجدته يتبرعم في داخلي كأشجار سرو وصفصاف ؟ لماذا ظل صامدا عندي .. ولماذا تضاءل عندك إلى تلك الدرجة التي غابت فيها رسائلك وكلماتك .. وحتى أخبارك ؟ هل من المنصف أن أعلّق كل خيباتي على مشجب الحياة ، وأمنح نفسي وأمنحك معي صكوك براءة مما اقترفناه بأيدينا ، وقلوبنا ، وعنادنا ؟
منذ فراقنا مرت أربعة أعوام ، لديك الآن طفلان ، وفي يدي حزن وخيبة ودعاء ، أعوامك الثلاثون لا تزيد أبدا ، مازلت بذات العُمر تماما كما يوم فراقنا ، وأنا أفوقك بعامين ، وما فائدة الأعوام التي تمر وأنت بعيدة ؟ لم تكذب أم كلثوم حينما قالت " إلي شفتو ، قبل ما تشوفك عينيا ، عمر ضايع يحسبوه ازاي عليا" ، مع فارق بسيط ، أنني لا أعترف بالعمر الذي مرّ بعد أن التقيتك وافترقنا .
(أن تسقيّ وردة بعد موتها لا يعني أبدا انَّك ستعيدها إلى الحياة ..) ، هكذا كتب أحدهم على تويتر ، لا أدري لِمَ ظلّ ذلك الكلام عالقا بذهني وغاب اسم صاحبه ، صحيح ذلك ، لكن ما أدراك أن ذلك الساقي يود إعادتها للحياة ؟ ربما هو نوع من الندم والوفاء لأجل ذلك التفريط الذي أودى بالوردة ؟
أقسى ما بالحب أن نندم على ذلك التفريط الذي سعينا إليه بكامل العناد ؟ ألا نسامح أنفسنا على إهدار الفرص السانحة ؟ هو ندم ممزوج بالحسرة يمسك بأوردة القلب يعتصرها عن آخرها ، يضخ بها حزنا بدل الدماء ، حزنا يتسرب إلى كل أنحاء الجسد ، فتحزن العيون وتأسى الملامح ، وتتثاقل الأطراف ..
هل يحدث معك هذا يا لولا ؟ أيتها البعيدة عني بمقدار ألف ميل ؟ أيتها القريبة مني بمقدار عناق"
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : أحمد عدوان





 توقيع : أحمد عدوان

حسابي على تويتر


رد مع اقتباس
قديم 04-23-2023, 01:51 PM   #2


الصورة الرمزية نبيل محمد
نبيل محمد متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 340
 تاريخ التسجيل :  Feb 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (02:09 PM)
 المشاركات : 332,345 [ + ]
 التقييم :  263575
 الدولهـ
Jordan
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Crimson


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة



الله الله
مصافحة أولى
الختم وللتنبيه ومكافأة المنتدى
لي عودة تليق بهذا الجمال

تثبت لحين إكتمال باقي فصول الرواية


 
 توقيع : نبيل محمد





رد مع اقتباس
قديم 04-24-2023, 10:10 AM   #3


الصورة الرمزية أحمد عدوان
أحمد عدوان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 99
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 10-30-2024 (07:55 PM)
 المشاركات : 19,176 [ + ]
 التقييم :  41074
 SMS ~

لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة






أحس سالم أن دمعته ستنهمر فوضع دفتره والقلم ، وقرر أن يخرج إلى أطراف المدينة كما اعتاد من حين لآخر ويمر في طريقه على زياد . كان مزاجه هذه المرة سيئا جدا ، ولا أحد يحتمله بصمته وثورته مثل زياد ... مرت الساعات بأغلبها صمتا ،
ولكن سالم كان يجد بعض سلواه بذلك الصمت حينما يجلس بمكان مرتفع ويمد بصره بعيدا ، وكان زياد يعلم ذلك ، ويعلم تفاصيل حكايته مع لؤلؤة ، كان شاهد عيان على فجيعة صاحبه . كان زياد يقوم بتحميل كل الأغاني التي يحبها سالم ، أو التي كانت تصله من لولا على هاتفه ، وكان أحيانا يقوم بتشغيلها في جلساتهما سويا .
جلسا يسمعان " كلك على بعضك حلو " ، وسالم يتذكر .. أتدري يا زياد ، كانت هذه أول أغنية أرسلتها لها بأول محادثة بيننا ، كنت أقصد كل كلماتها ، وكنت أحس بضحكاتها ، بخجلها ، كما تقول الأغنية تماما ، أذكر جيدا أنها كانت أغنية من حفلة ليالي التلفزيون ، وأن ذلك حدث عند الرابعة مساء ، ترهقني التفاصيل يا صديقي ، ذاكرتي تقتلني .. هل سمعتَ قبلا بأحدهم مات من فرط الذاكرة ؟ أخشى أن أكون أول من يحصل له ذلك والله .
في تلك المحادثة الأولى ، كان سالم حريصا أن يعرف اسم تلك الفتاة التي أبهرته بكتاباتها ، بعيدا عن الأسماء المستعارة التي تتدثر بها الفتيات بمواقع التواصل ، وكان له ذلك ، اسمها لؤلؤة ، وعمرها ستة وعشرون عاما وتقيم بالقاهرة ، وفي كل محادثة كان ذلك التعارف يتعمق أكثر ، وانتقل التعارف إلى صداقة ، توطدت الصداقة وصار ثقة متبادلة .
عاد سالم بعد أن أدى صلاة العشاء بالمسجد القريب ، وكانت والدته بانتظاره ، بعد تناول وجبة العشاء سويا ، أخبرته أن حالته لا تعجبها ، وعات لتلح عليه بذات الموضوع الذي يتهرب منه على الدوام ، الزواج :
"تجاوزت الثلاثين يا سالم، ماذا تنتظر وقد صرت موظفا ؟ حتى صديقك زياد أصغر منك بعامين أصبح لديه الآن ولد ربي يبارك ويزيد ، وأنت تتهرب من الارتباط "
في أحايين كثيرة كان سالم يلتزم الصمت، وأحيانا يقول لها أنه لم يعثر على بنت الحلال بعد. وكانت والدته لا تقتنع بصمته ، ولا تقتنع بكلامه .
حينما انفرد سالم بنفسه داخل غرفته كانت الساعة لم تتجاوز العاشرة ، أمسك دفتره الأسود ، وقبل أن يفتحه كان صوت حليم يخترق سمعه من تلك القناة الطربيّة التي لا يغيرها أبدا، "حاول تفتكرني" ، تسمَّر فجأة ، واستغرق يسأل ، لماذا يطلب العندليب المحاولة ، بل ويترجى حبيبته أن تفعل ؟ من لا يتذكرك بمحض إرادته ، ما جدوى أن يفعل ذلك تحت الطلب ؟ مع ذلك أكمل سماع الأغنية بل وكان يردد مقاطعها وكلماتها .. لحليم سحر لا يُقاوم عند سالم، حتى وإن أبدى اعتراضه هنا أو هناك .
كان يتذكر حينما كانا يتبادلان أغنيات حليم كمادة دراسية مقررة ، كانت هي تعشق "موعود" وكان سالم يحب "قارئة الفنجان" ، بعد شهر من أول محادثة بينهما ، كان سالم قد بدأ ينفق ثلثي وقت فراغه مع لولا ، كان يشعر أنه عالق بها ، وغير قادر على التحرر منها ، بل وإنه كل يوم تزداد تعمُّقا بداخله . أيعقل أنه يحبها ؟ كان دائما يهرب من هذا السؤال ؟ بل وينفي أن يحب بهذه الطريقة الغريبة ؟ هو لم يرها، ولم يسمع صوتها، وكل ما بينهما محادثات كتابية . صحيح أنها كانت محادثات مطولة مدججة بالصدق والصراحة ولكنها ليست سبيلا لأن تكون باب حب بينهما .
تذكر سالم أنه أحضر منذ أيام قلما جميلا ، من ذلك النوع الذي يستهويه في الكتابة ، نهض من مكتبه الصغير ليبحث عنه ولكنه لم يجده ، وأخيرا وبعد جهد تذكر انه نسيه بجيب الجاكيت الأسود المرمي على الكنبة ، وحينما أخرج القلم سقطت معه حافظة أوراقه ، فتحها وأخرج من خلف إحداها صورة صغيرة ، لقد كانت صورة لولا ، لم يكن بحاجة إلى صورة حتى يتذكرها ، ملامحها محفورة بداخله ، كلما أغمض عينيه ليلا لينام ترتسم أمامه بكامل حسنها ، ولكنّه أحبَّ أن يتفقّد قدرته على التذكُّر أمام تلك الأنثى التي أنفق ستة أعوام من عمره في حبّها . أعاد الصورة لمكانها ، وأخذ قلمه ودفتره وجلس يكتب .
"افترقنا .. فلماذا لم يفارقني حبُك ، ولماذا يتمادى في حجزي بعيدا عن الحياة يا لولا ؟ أخبريني ، كيف لحبٍ كهذا لا تنال منه أربعة أعوام من الجفاء ؟ كيف له أن يستعيد عافيته ويسلبني عافيتي ؟ هل تراه باولو كويلو حينما قال "إن الحب يتجلى في غياب الحبيب أكثر من حضوره" كان يمر بمثل ما أعانيه وأجاهده ؟ ولماذا يغيب الحبيب أصلا ؟ هل قدر قصص الحب أن يغيب أحد طرفيها ويظل الطرف الآخر معلقا على حبل انتظار ؟ ولماذا لا يغيبان معا ، كل باتجاه ، ولا يجد الغياب انتظارا يعيث به حزنا ؟ إذن المشكلة فيك يا سالم ، أنت من بقيَ في كنف انتظار مقيت ونحيب لا ينقضي ، كان عليك ألا تلتفت ، أن تمضي فحسب نحو ذلك المكان الذي يبتلع الجميع ، ويسمونه الغياب "
أغلق دفتره وحمل هاتفه وفتح حسابه على تويتر وراح يقرأ التغريدات المتاحة بكثير من الملل ، إلى أن مرّت أمام عينيه تغريدة روضة الحاج ، عادت به الذاكرة إلى تلك القصيدة التي أرسلتها له لولا منذ أعوام " في موسم المد جزر" .. كان معجبا بها ولا زال ، "خطئي أنا أني نسيت معالم الطرق التي لا أنتهي فيها إليك" ، ربما لولا قد تذكرت كل الطرق سوى تلك التي تنتهي بها إلى سالم . يا الله كم يروقه هذا المقطع ، وكم يتعبه ، هو يحفظها عن ظهر قلب ، وكانت لولا كذلك ، تعشقها ، ولكن الفارق أن روضة أرادت فراقا متّفقا عليه إذ قالت لحبيبها دعنا نتفق ، أما لولا وسالم فقد كان فراقهما نزقا مثل بركان ثائر . فجأة رنّ هاتف سالم ، صديقه زياد ، وليس من عادته أن يتصل بهكذا وقت متأخر
ـ ألو سالم ، إلحقني أرجوك ، مشكلة كبيرة وليد بحالة خطيرة جدا .
ـ إهدأ يا زياد ، أين أنت ؟ سأتيك حالا .
أخرج سالم سيارته التي لا يستعملها إلا للضرورة ، واتجه إلى المستشفى الوحيد بالمدينة ، كان صديقه زياد وزوجته زهراء بأول الممر ، زهراء كانت تبكي ، بادرهما سالم بالاستفسار عما حدث ، وأخبره زياد أن ابنه وليد ذا الثلاثة أعوام قد تناول قارورة دواء خاص بضغط الدم كان قد أحضره زياد لوالدته الموجودة في بيت الأخ الأكبر ، ولكنه نسي أن يضعه بعيدا عن أيدي الأطفال .
ـ إن شاء الله خير يا جماعة .
كان سالم يطمئن صديقه وزوجته ، ولكنه كان مرعوبا ، كان يحدث نفسه بالأسوأ ، يا الله إنها قارورة كاملة من دواء خطير في جوف طفل لا يتجاوز الثلاثة أعوام .. ليس هذا فحسب ، فقد أخبره زياد منذ أسبوعين أن زوجته حامل في شهرها الثالث ، حاول سالم أن يبعد الأفكار السوداء عن ذهنه ، ولكنها عالقة به لا تغادره . مرت ساعة ، ساعتان ، وكأنهما ليلتان كاملتان ، كانت زهراء لا تكف عن البكاء المكتوم ، وكان زياد يلوم نفسه حينا ، وحينا يلوم زوجته ، وأخيرا فُتح باب في آخر الممر الطويل وخرج منه طبيبان وممرضة ليلعنا أن الطفل دخل بغيبوبة وأن وظائف الرئة لا تشتغل بشكل سليم ، قال سالم للطبيب : دعك من الكلام العلمي ، أريد أن أعرف إن كان سينجو ، أخبره الطبيب بعيدا عن زياد وزوجته أن الأربع والعشرين ساعة القادمة ستحدد إن كان سينجو أم سنفقده . لحظتها كان آذان الفجر يصدح ، وكان وقوف زياد وزوجته خارج قسم الإنعاش بلا جدوى ، فاقترح عليهما سالم أن يذهبا للبيت ويعودا بعد ساعات في مواقيت الزيارة ، وتعهد أنه سيجد لهما سبيلا للدخول على ابنهما ورؤيته . وذاك ما حدث فعلا ، بعد الظهر دخل الوالدان لرؤية صغيرهما ، وإن من خلف زجاج عازل ، حينما نظر سالم شعر أن لا أمل ، وحينما نظر زياد اسودّت الدنيا بين عينيه ، وحينما نظرت زهراء سقطت أرضا .. حينها كلّ أفراد عائلة زهراء بالممر، الحزن والقلق يملآن عيون الجميع .
استغرق الأمر ساعة كاملة كي تستعيد وعيها ، ولكنها كانت تود أن تستعيد فلذة كبدها ،
يا لقسوة الأيام ، طفل ينبعث في رحمها ، وآخر يوشك أن يغادر الدنيا أو غادرها فعلا ، حينما حضر الطبيب المختص قطع الشك باليقين ، وليد لن ينجو ، ما يبقيه على قيد النبض هو أجهزة التنفس لا غير ، هذا يعني أنه بحالة موت سريري . لحظتها انهار زياد تماما وبدأ ينتحب بصوت عال ، كانت لحظة موجعة لسالم ، لا يدري أيشارك صديقه البكاء أم يعزيه؟ أيّ كلمات عزاء يمكن أن تفي بالغرض ؟ هذا أب مكلوم بابنه الوحيد وهو يشعر بقرارة نفسه أنه كان سببا لذلك ، لم يجد سالم بدًّا من أن يحتضن صديقه ويمسح دموعه دون أن يدلي بكلمة واحدة ، أين يجد كلمات تناسب لحظة فراق أبدي وهو الذي لم يتجاوز فراق لولا منذ أربعة أعوام ؟ لا شيء يضاهي وجع الفقد ، ولا كلمات يمكن أن تخفف من وطأة الموت ، هكذا كان سالم يحدث نفسه ، لكنه استجمع كل جلده وصبره ، وشد على يد زياد قائلا : إنا لله وإنا إليه راجعون . عليك بالصبر يا صديقي لأجل زهراء .. لا تنس أنها حامل . لقد عوضك الله بطفل آخر .
ولكنّ الدمع من عيني زياد كان ينهمر كشلال متدفق ، ربما هو الشعور بالذنب ، أو التقصير ، "ولكنها إرادة الله ، ولا راد لمشيئته" هكذا أردف سالم وعيناه تدمعان . قد كانت ليلة عصية على النسيان ، حينما توجه زياد إلى غرفة زوجته ، طلب من سالم أن يرافقه ، كان يتهيّب الموقف ، دخل الرجلان ، كانت تقبع بوسط السرير ، ووالدتها بجانبها ، بادرتهما بالسؤال عن وليد ، ولكنها سرعان ما تبيّنت ملامحهما ، عينا زياد كانتا حمراوين من شدة البكاء ، ووجه سالم كان فضيحة مكتملة ، ملامحه كانت تشي بالبكاء والحزن ، لقد عرفت بالأمر ، وانفجر الموقف بوجه الجميع ، بكاء مستمر وحرقة وحسرة ولوم متبادل وإغماء ، كان مشهدا لا تصفه الكلمات ، مشهد للحزن الخالص ، وكان سالم يبكي بحرقة شديدة ، لم يكن يدري أكان يبكي على حال زياد وزوجته أم على حاله هو ، أم على كليهما .. كانت فرصة مناسبة للبكاء وهو الذي يحتجز دموعه منذ أمد بعيد ، يخشى أن يضعف وينهار بسبب فراق امرأة .


 
 توقيع : أحمد عدوان

حسابي على تويتر



رد مع اقتباس
قديم 04-25-2023, 12:21 AM   #4


الصورة الرمزية محرم على النساء
محرم على النساء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : يوم أمس (07:33 PM)
 المشاركات : 41,642 [ + ]
 التقييم :  118346
 SMS ~


لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة



وقفة إجلال
سأتبع بشغف
ولي تعقيبي بعد
اكتمال الرواية


 
 توقيع : محرم على النساء



رد مع اقتباس
قديم 04-26-2023, 10:35 AM   #5


الصورة الرمزية أحمد عدوان
أحمد عدوان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 99
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 10-30-2024 (07:55 PM)
 المشاركات : 19,176 [ + ]
 التقييم :  41074
 SMS ~

لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة






كانت أياما للحزن ، مرّت ثقيلة بطيئة وموحشة . الموت مصيبة عظيمة ، فقدٌ كامل، ينهش القلب ويحرقه ، بدأ زياد وزهراؤه يعودان إلى حياتهما ببطء ،أجل ، لقد تغيّرا ، أخذ منهما الموت طفلهما الأول ،أخذ منهما سعادتهما ، ودفئهما ، والكثير من روحهما ، لكنه الموت ، إن مر في جوارك يوما سيأخذ منك نصيبا معتبرًا ، سيترك بصمته ويمضي إلى أن يعود ذات يوم أخر ليأخذك كلّك . هكذا كان يفكر
سالم وهو متكئ بجانب أمه ، يشرب فنجان قهوة ، ويحدثها من حين لآخر عن زوجة زياد وما فعل بها موت وحيدها، وتجيبه الحجة زينب : أن في قضاء الله اللطف بأن حفظ لها جنينها كتعويض عن الذي فقدته .
أسبوعان مرّا على ذلك اليوم المشؤوم ، تذكّر سالم أنه منذ وقت طويل لم يسأل عن أخته خلود ، سأل عنها والدته فطمأنته أنها تحدثت معها صباحا ، وهي على أحسن ما تكون ، سأل عن صغيرتها نبراس ، تلك الجميلة التي لا يمل منها ، وأخبرته أيضا بأنها بخير وعافية . فجأة لمعت بذهنه فكرة وأراد تدوينها ، دخل غرفته وأغلق بابها ، فهو دائما يحب أن يستأثر بالحميمية رفقة دفتره الأسود وبدأ يكتب :
" لم أقرأ عبارة أجمل لمي زيادة من قولها : (هل من سبيل إلى حل عقدة تستوجب القطع ، وكلما لمستها علمت أن خيوطها من نياط قلبك) ، يا رب السموات ، ذاك فعلا ما أنا عالق به ، علاقتي بلولا تستوجب القطع ، ولكن قطعها ليس بالأمر الهين ، صحيح أنّها علاقة منتهية ، ولكنها عالقة بالقلب تحيط به كعقدة يصعب فكها ، وقطعها قد يقطع معها أوردتي وشراييني . ما أبدع وصفك يا مي ، لا أحد يبدع الوصف بتلك الطريقة إلا إن كان مرّ بتلك الحالة فعلا . أخبريني الآن يا لولا .. إن كان حلّ العقدة مستحيلا ، فما السبيل للخلاص منها غير البتر القاتل ؟ أعلم أنك بعيدة لا تعلمين ما أعانيه وأكابده ، لكنني لم أتوقف أبدا عن الكتابة لك ، أو عنك ، أحاول أن أتخفف منك على هذا الدفتر الأسود ، كلما كتبت أشعر أنني أرتاح قليلا ، أحس أن جزء من حزني عليك ينسكب عبر الحبر والكلمات والأوراق"
كان سالم كل ليلة يستعيد مراحل علاقته بلؤلؤة ، أحاديثه معها ، ضحكاتهما سويا ، أغاني فيروز بالصباح ، وحليم بالمساء ، وأم كلثوم بالسهرة ، كان مكتظا بالتفاصيل عن آخره ، وبكل ما حدث بينهما ، كانا يلتقيان غالبا بعد الظهر ، حينما يكون الاثنان قد عادا من دوامهما إن كان يوم عمل ، يتبادلان تفاصيل يومهما ، وبعض أسرارهما ، أخبرها بتفاصيل حياته كلها ، كيف نشأ فقيرا ، كيف أنه وحيد والديه إلا من أخت أصغر منه بأربعة أعوام ، حكى لها كيف فقد أباه في حادث سير مروع وهو في عمر العشرين ، حكى لها عن والدته طويلا ، عن طيبتها ، وعن رغبتها العارمة بالحج ، لم يسعفه ذلك الفراق أن يخبرها أنه حقق لها أمنيتها تلك منذ عامين وأصبحت الحجة زينب ،
أخبرها بكل ما يخصه ، ما يحبه من أكل ، ومن لباس ، ألوانه وعطوره ، مواقيت دخوله وخروجه ونومه ، أحلامه وآماله وأحزانه ، كتبه المفضلة ، موسيقاه وأفلامه ، أرسل لها صور غرفته ، لم يدع تفصيلة واحدة تمر دون أن يشاركها مع لولا .
كانت لولا بالمقابل تخبره عن حياتها ، ولعل أهم خبر آلمه كثيرا ، وشعر بعده بالكثير من التغيير في علاقتهما حينما أخبرته أنها فقدت والديها وهي بعمر السادسة ، لم يكن بحادث ما ، ولكنها فقدت والدها أولا ، وبعد بضعة أشهر فقدت والدتها ، . يا رحيم السماوات ، أي وجع ذاك لطفلة بعمر السادسة تفقد سندها كاملا خلال أشهر قليلة وتبقى وحيدة إلا من عم يضمها إلى أطفاله ، منذ تلك اللحظة صار سالم يخشى كثيرا على لولا ، صارت كلماته معها محسوبة ، همساته وأغانيه كلها بحساب ، صار يخشى عليها أكثر من نفسه ، تلك الطفلة التي عانت اليتم والوحدة مبكرا ، لا تستحق ألما آخر حتى وإن كان خدشا بسيطا ، أو كلمة غير محسوبة العواقب . أخبرته أيضا عن أخ لها هاجر إلى أوربا وتزوج هناك ، أخبرته عن عملها بإحدى الشركات الأجنبية بقلب القاهرة ، عن شقتها التي ورثتها عن أبويها ، عن عاداتها وهواياتها ورغباتها وآمالها ، وقبل ذلك عن آلامها .
صباحا استيقظ سالم ، وتوجه إلى بيت صديقه زياد ، كانت أجواء الحزن لا تزال بالمكان ، ولكنه آثر أن يزورهما لقضاء يوم أو بعض يوم معهما تخفيفا ومواساة ، ربما من حسن الحظ أن كل هذا حدث ببدايات الصيف ، حيث تقفل المدارس أبوابها ، ويتحرر سالم وزياد من ارتباطات العمل والدوام المنتظم لمدة طويلة ، وصل سالم ، وبادر زهراء بأنه يشتاق إلى غداء دسم من يديها كما جرت العادة ، وحينما انفرد بصديقه ، حاول أن يطمئن على زهراء وحملها ، وأخبره زياد أنهما بالأمس اطمئنا على كل شيء ، والحمد لله أن الأمور تسير نحو الأفضل ، بقي فقط أن زهراء تعتقد في قرارة نفسها أن ما حدث لولدهما ما كان ليحدث لولا الخطأ الفادح لزياد . " لقد حاولت يا صديقي أن أغيّر تلك القناعة بداخلها ولكنها تقفل ذهنها تماما ، تحمّلني مسؤولية موت وليد ، أيعقل هذا؟ " هكذا تحدث زياد بحرقة وخيبة أمل ، "هذه زهراء التي أحببتها وأحبّتني لسنوات ، يُفترض أن تجد لي ألف عذر، وإن لم تجد الأعذار، كان لها أن تغفر وتصفح .." لحظتها أقفل سالم سمعه وراح يفكر بقصته مع لولا .. يُفترض بالمحب أن يغفر ويصفح " وهذا ما أفعله تماما ، لقد غفرت لها وسامحت ، صدقت يا زياد ، لو كان حبّا لأظهره الغفران ، لا يمكن للمحب أن يكون قاضيا ، المحب من يتجاوز كل ذلك ، يتغاضى عن كل زلّة ، المحب يا صديقي يطيح بالمنطق ويسير خلف قلبه " ، لم ينتبه سالم إلا وزهراء تقدم له فنجان قهوة من الحجم الكبير ، هي تعرف أنه لا يحب الفناجين الصغيرة ، لذلك اشترت مجموعة منها ، وحتى زياد ، تطبّع بذلك الطبع ، وصار يمسك فنجانا كبيرا ، ويحمله معه أينما قام وجلس .
اسمع يا زياد ، مازال الجرح يانعا ، لا تفكر أن الأنثى يمكنها أن تتجاوز مصيبة كالموت في عشرين يوما ، هو وحيدها الذي أنفقت معه أربعة أعوام من عمرها لا ثلاثة مثلك ، تحتاج إلى شهور عديدة حتى تعتاد على الأمر ،، وتتخلص من عاطفتها وتنظر لما حدث بروية وتمهّل ، اسمع ، حتى تضع حملها عليك أن تتحمّلها ، بعد ذلك سيكون هناك من يشغلها ويُنسيها .
كانت حالة زياد وزوجته تؤرّقه كثيرا ، خصوصا أنهما تزوجا عن قصة حب كان سالم شاهدا عليها ، وأحد شاهدي عقد زواجهما ، واستمر به التفكير حتى وهو يدخل المفتاح الخطأ في قفل باب منزله قبل أن ينتبه ويفتح بالمفتاح الصحيح ، وكم كانت فرحته عارمة حينما استقبلته نبراس فاتحة ذراعيها عند الباب .. ياااه ، مرّ شهران تماما عن آخر مرة احتضنها بتلك الحرارة وذلك الحب الشديد ، " لقد كبرت يا نونو" هكذا كان يسمّيها ، " وين ماما ، مع من جئت" ، ويحملها بين ذراعية ويدخل إلى غرفة والدته
سلّم بحرارة على شقيقته خلود ، دون أن يُفلت نبراس من يده ، كان يتعامل معهما بحميمية مطلقة ، ويسأل خلود عن حياتها ، ومدى راحتها مع زوجها ، وكانت تطمئنه كثيرا بأنها على ما يرام ولا ينقصها شي ، سالم يعلم أنه لن ينقصها أي شيء مع معتز ، زوجها ميسور الحال ، لكن دائما يراوده هاجس أن أخته ربما تكون غير سعيدة مع زوجها خصوصا أن زواجهما كان تقليديا ، هما لا يعرفان بعضهما قبل العرس سوى بثلاثة أشهر ، ذلك العرس الذي جرى قبل ثمانية أعوام ، صحيح أن سالم كان يعرفه قبلا ، وإلا ما كان وافق أن تتزوج أخته هكذا ، في النهاية هي وافقت عليه ، لأنه ما كان ليتصور أن يجبرها على شيء هي لا تريده .
قضى سالم ليلته يتسامر رفقة شقيقته ، كان يستطلع تفاصيلها ، يحاول ككل فرصة تتاح له أن يطمئن عليها ، وعلى قلبها بالذات ، إلى أن لمس خوفها ولهفتها ، وتقديرها لمعتز ، فشعر بالراحة والاطمئنان ،
هو لازال يتذكر معاناتها لأكثر من ثلاثة أعوام ، قلقها وخوفها الشديد بعد تأخر الحمل ، وتأكيد الأطباء لها أن نسبة الإنجاب لديها ضئيلة ، بكاءها الطويل لأشهر بعد فرحة قصيرة لم تدم أكثر من ثلاثة أسابيع ، تلاها إجهاض أطاح بالآمال الكبيرة التي كان تملأ قلبها وبيتها ومعتز ، لازال سالم يتذكر جيدا تلك الأيام العصيبة ، لقد جاءت حينها لتقيم عند والدتها ، الحقيقة أن سالم هو من أصرّ أن تأتي في تلك الظروف ، كانت تجهش بالبكاء تحت اللحاف ، لا شيء أقسى على المرأة من أن تعتقد أنها لن تتذوق طعم الأمومة مطلقا ، تلك غريزة كامنة بداخل كل أنثى ، إلى أن ينبت داخل أحشائها جنين ، لحظتها فقط تشعر بالتغيّر الهائل داخل كيانها وعواطفها وروحها وأحاسيسها ، لا شيء يبقى على حاله ، حتى الأكل الذي كانت تحبه ، تنفر منه الآن ، شيء ما ينمو بداخلها ، ينشطر ذلك القلب الذي بداخلها رغما عنها ليصير شطر منه مخصص لوافد جديد ، لم تره ، لكنه أقرب إليها من حبل الوريد . كانت تبكي بحسرة وحرقه وكان سالم يعجز عن مواساتها ، دائما تضعه الأقدار في مواقف يعجز فيها عن تقديم يد العون لمن يحب ، الخبر الجيد في كل هذا ، أنها لجأت إلى الحل الأخير " التلقيح داخل الرحم"، ما أجمل العلم حينما يكون لخدمة الإنسان ، ومسح أحزانه ، كان حلا عبقريا ، يمكنه أن يجعل الكثير من الأسر والبيوت تستقيم ، منذ أربعة أعوام ونصف ، توجهت خلود إلى تلك العيادة الخاصة الواقعة بالجزائر العاصمة ، على بعد مائتين وخمسين كيلومترا من بيتها ، لتبدأ أول إجراءات الولوج لذلك العالم المجهول الذي لا تعرف عنه شيئا ، ولكن لا يهم ، كانت تريد تحقيق حلمها بالأمومة ، حتى وإن كان الثمن مرتفعا ، تجربة أولى فاشلة ، بعد شهرين تجربة ثانية جاءت بثمارها ، وتحقق الحلم ، متابعة حثيثة ، واحتراس شديد ومرت التسعة أشهر ، لتأتي نبراس كأفضل ما يكون ، فتبارك الله أحسن الخالقين .
كانت خلود توشك أن تطير فرحا ، لا الأرض تسعها ، ولا السماء ، وكانت قد جهّزت لنبراس كل شيء ، بداية بالاسم ، واللباس ، والغرفة والسرير والألعاب ، وذاك حال الأحلام حينما تتحقّق ، تكاد أن تطيح ببقية العقل ، فقد كانت خلود تفكر بتجهيز ما تحتاجه نبراس للمدرسة ، منذ شهرها الأول .
منذ تلك الهبة الربانية وخلود ومعتز يعيشان أجمل أيامهما على ما يبدو ، نبراس الآن تقارب عامها الرابع ، تتحدث بطلاقة ، البنت الجميلة المدللة لدى أبويها ، وأخال أنهما يفكران الآن بتكرار التجربة ، لا أدري إن كان الأمر سينجح مجددا ، ولكن سيكون جميلا جدا لو أنهما يمنحان لنبراس أخا أو أختا ، كان هذا ما خطر ببال سالم ، وراح يحدث أخته عن الأمر ، فوجد أنها اتفقت فعلا مع معتز على الأمر ، وأنهما استفسرا عنه من ذات العيادة ، وأكدت لهما الطبيبة المختصة أن ذلك ممكن جدا ، ولا داعي لأي قلق .

**
"لماذا نُفكر دائمًا في نهايات الأشياء رغم أننا نعيش بدايتها. هل لأننا شُعوب تعشق أحزانها ؟ أم لأننا من كثرة ما اعتدنا من الخوف أصبحنا نخاف على كل شيء، ومن أي شيء .. حتى أوقات سعادتنا نخشى عليها من النهاية " ذاك ما قاله جويدة ، أما سالم فكان يقول أننا لا نخشى إلا فراق ما نحب ، ومن نحب ، والفراق نهاية ، نحن نخشى النهايات ، الموت نهاية ، نهاية لأحلام أطلقنا عنانها ، والرحيل نهاية لوعود أطلقنا وفاءها ، هل ينتهي الحب يا لولا ؟ بالنسبة لي ، هو لا ينتهي أبدا ، إن كان حقيقيّا ، هل ينتهي حب الأم لولدها ؟ هل ستتوقف زهراء عن حب وليد وتذكّره مثلا ؟ أكيد أن حزنها سيتوقف ، ولكن يبقى الحنين وتبقى الذاكرة حيّة يانعة ، هكذا الحب ما بيني وبينك يا لولا ، سيبقى راسخا لأنني على يقين أنه حب غير زائف "
وضع سالم دفتره واستغرق يتذكّر حكايته مع لولا ، يوم أن أرسلت له صورتها أول مرة ، كانت كما تصورها تماما ، جميلة وحزينة ، كان الحزن يستأثر بالعيون ، هادئة كليلة صيف ، يتذكر سالم جيدا تلك اللحظة ، هو لم يطلب منها أبدا أن ترسل صورتها ، مع أنه كان يتوق لرؤيتها ، كان يخشى الرفض ، سيكون وقع الرفض سيئا جدا ، وربما سينشأ حاجزا ما بينهما ، بالمقابل هو أرسل لها صورته قبل ذلك ، لا مشكلة لديه ، قد كان كثيرا ما ينشر صورته علنا .
يتذكر أيضا يوم أن اعترف لها بحبه ، كان بعد ثلاثة أشهر تماما من أول تعارف بينهما ، كان يوما مشهودا في ذاكرته ، الثاني عشر من شهر يوليو ، كان قد أرسل لها أغنية حليم " اسبقني يا قلبي " في منتصفها تماما ، كتب أحبك ، بأحرف متقطعة ، وأرسل كل حرف منفردا ، ولأنها كانت خفيفة دم ككل المصريين فقد كان ردُّها عجيبا : تحبني بالتدريج ؟ أم بالتقسيط المريح ؟ .. أريد رجلا يحبني دفعة واحدة يملؤني ويملأ الأرجاء والكون بالحب . ضحك سالم وأجابها بأنه يحبها على مهل ، حتى يرتوي ، تماما كأرض عطشى ، ينزل عليها المطر ودقا فترتوي على مهل ، امرأة كأنت يا لولا ، لا بد للقلب أن يمتلئ بها بكامل التمهل، كان سالم ينتظر أن تعترف له بحبها ، لكنها قالت له : تصبح على حب . انزعج سالم قليلا ، وقبل أن يغلق نافذة المحادثة ، كتبت له : "سالم .. أنت تسكنني"


 
 توقيع : أحمد عدوان

حسابي على تويتر



رد مع اقتباس
قديم 04-30-2023, 11:16 AM   #6


الصورة الرمزية أحمد عدوان
أحمد عدوان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 99
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 10-30-2024 (07:55 PM)
 المشاركات : 19,176 [ + ]
 التقييم :  41074
 SMS ~

لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة






تلك الليلة لم ينم سالم ، ظل يفكر بكلماتها العجيبة ، "ماذا يعني أن أعترف لها بالحب وتقول أنني أسكنها ؟ ثلاثة أشهر كانت كافية لأمتلئ بحبها، لكن أن تقول لي أنني أسكنها فهذا لا يعني شيئا ، الكثير من الأشياء تسكننا ، الحزن والهواجس والمخاوف والأحلام والأوهام والآلام ، هل يُعقل أن أكون واحدا من هؤلاء بداخل لولا ؟ ولماذا يزاحمني كل هؤلاء "
لم يقتنع سالم بتلك الكلمة اليتيمة التي جاءت بعد اعتراف كبير ، بات متوجّسا ، فرق هائل بين الحب ، وبين أن تكون بداخل أحدهم، ربما كنت بداخله على هيئة وجع أو على هيئة تسلية ، ربما كنت مقيما مؤقتا سيأتي موعد مغادرته، "لكن أنا أحبها سواء كانت تبادلني الحب أو لا . حبي لها لا يُلزمها أن تحبّني أيضا .. "
باتت الهواجس تتصارع بداخله ، إلى أن صلّى الفجر وانتظم في نوم عميق إلى ما بعد الزوال ، مساء فور دخوله وجد أن لولا تركت له رسالة مطولة ، توقيتها كان فجرا ، ربما بوقت نومه تماما :

" حبيبي سالم ..
أجل حبيبي ، وصديقي وسكني ، وكل جميل أتمناه بهذه الحياة التي بادرتني بالحزن منذ سنين طفولتي ، أيها الجميل الذي باغتني ذات وحدة ، أيها الجميل الذي أثبت لي أن للحياة وجها آخر غير الحزن ، أيها الجميل الذي أضاءني من الداخل ومسح عني وجه العتمة ، أيها الجميل الذي جاء على مقاسي تماما ، حنونا ومجنونا ، متزنا وشغوفا ، أيها الجميل الذي انتشلني من السواد الذي يسكنني ، ومن الخوف الذي يحيطني ، أيها الجميل الذي سأحبه دائما.
ها أنا أعلنها حتى لو أنك ما سبقتني بها كنت لأفعل ذلك ، أعلنها لا لألزمك بشيء ، أنا موقنة تماما أنّك حلم لا يتحقّق ، وأنُك درب خالصة للفرح لا تقوى قدماي على السير بها، أحبك يا شقيق الروح ، وأحلم بك ، وسأبقى كذلك مهما نأت بنا الدروب وتباعدنا ،
أنت تسكنني ، ولا غيرك يفعل ، أنت لا تدري ما يعنيه ذلك أبدا، طفلة لا تعرف سوى الحزن ، ولا تجد غير الخوف لأعوام عديدة ، ثم تجد كل ما تتمناه برجل اسمه سالم ، لماذا جئت جميلا هكذا ؟ أنت فوق قدرتي على الحلم والتّمنى يا سالم ، لا أخالني أستطيع . عليك أن تعلم ذلك جيدا ، وألا تنساه أبدا ،
أحبّك، أقولا إقرارا واقتناعا، وليس رد فعل أو مبادلة، أقولها بعقلي ، فقلبي لم ينتظر ثلاثة أشهر ليفعل ، هو يرددها منذ اليوم الثالث لتعارفنا يا سالم ، بالأمس قرأت عبارة لغادة السمان تقول : "هناك أشخاص عندما تلتقي بهم تشعر أنك التقيت بنفسك" ، أنت نفسي التي التقيتها بعد سبع وعشرين عاما ، أتدري ما يعنيه ذلك يا حبيبي ؟ يعني أنك توأم هذا القلب الذي ينبض بداخلي ، وشقيق هذه الروح التي تسري بجسدي ، لم أكتب قبلك رسالة كهذه ، ولا أظنني سأفعل بعدك ، ولم تأتي على لساني ـ قبلك ـ كلمة أحبك لرجل ، ولا أخالها ستكون لغيرك ،
لم أنم ليلتي ، لا أدري ماذا حدث لي أيها الجميل الذي اختطفني ، ثم اختطف مني إرادتي ، وزرع حبّه بداخلي ، ثم رسم لي جناحين ودعاني لأن أطير ، فطرت ، ولكن ليس في غير أرجائه ومساحاته ، لماذا جئت قلبت كياني ، وحياتي ، وفتحت لي نافذة على الجنة ، ودعوتني لأن أمرح فيها ؟ ألا تخشى أن نغرق يا سالم ؟ ألا يراودك ولو خاطر عابر أننا نحلم و سنصحو على لاشيء ؟ أو ربما سنصحو وكلانا على جرف يوشك أن يسقط بنا .
أخيرًا أيها الرائع الذي لا يكف عن منازعتي روحي ، ولا يكف عن إعادة تشكيلي كأنثى تسبق كل إناث الأرض وتغلبهم : إن كنت تقصدُ حبّي ـ فأنا أحببتك مرتين" .
قرأ سالم الرسالة مرتين ، وأقفلها ، وأخذ فنجان قهوة كبير ، وجلس وحيدا بغرفته ، ثلاث عبارات علقت بذهنه ، ولا زالت ، بل لقد ارتسمت كما هي ، حاول أن يجد لها مدلولا آخر ، أو أوضح وما وجد ، لماذا تقول له "أنها موقنة تماما أنه حلم لا يتحقق" وأنه درب خالصة للفرح لا يمكنها السير عليها ، وبأنه فوق قدرتها على الحلم والتمني ؟ ، تلك عبارات تزرع الخوف يا لولا ، كيف لرسالة حب أن تأتي مدججة بكل هذا القلق والخوف والمطبات التي لا يجتازها القلب بسهولة ؟ كيف لكل هذه الحواجز أن تجتمع مع اعتراف بالحب في قول واحد ، وبريد واحد ؟ يومها قرر سالم ألا يسألها ذلك ، وأن يترك للأيام كي تفصح له عما كانت تلمح إليه لولا ، أو ربما ما كانت تقصد شيئا محددا .
**
لازالت نبراس حبه الأكبر ، لقد كانت تتسلل إلى غرفته ، تستلقي على سريره وتشد اللحاف وتختبئ تحته ، وتبقى منتظرة إلى أن يتوضأ سالم للعشاء ويصلي ، و يعود ، يتظاهر سالم أنه لم يرها ، ثم ينقض عليها دغدغة وتقبيلا ، إلى أن تنام على سريره فيحملها نحو خلود ، ويجلس معها رفقة والدته للحديث والسمر ، في تلك الليلة تحالفت الأخت والأم ضد سالم ، ونصبا له محاكمة علنية لم يجد فيها مدافعا أو نصيرا أو مفرا .
ــ والدتك يا سالم صارت كبيرة لا تستطيع لشؤون البيت ، وأنت ما عدت صغيرا ، وما بقي لك إلا الزواج ، عليك أن تحسم أمرك وتختار من النساء ما يعجبك ، ولن تجد واحدة ترفض طلبك .
ـ اسمع يا بني ، مريم بنت خالك ، وسلوى بنت خالتك مناسبتان جدا ، أيضا بنات عمك حمزة ، عائشة ، أو سمية ، وبنات عمك صالح ، وفاء وفاطمة ، ولا تنس بنت جيراننا إيمان .. اختر منهن ما شئت .
يا الله .. قائمة الخيارات محصورة بمن تعرفهن الحجة زينب لا غير . شرع سالم في تبيان عيوب كل واحدة .. قصيرة ، غير جميلة ، عمرها كبير ، لا يطيقها منذ الصغر ، وهنا تدخلت أخته ، وقالت له أن إيمان مكتملة وبلا عيوب ، وأردفت : "لا تنسى يا سالم ، أننا لو نفتش خلف كل إنسان لوجدنا ألف عيب ، وأنت مليان عيوب"
انتهت الجلسة تلك الليلة بالتأجيل، بقي كل طرف متمسك برأيه، وقناعته ، سالم مازال لا ينوي التفريط بعزوبيته ، ووالدته متمسكة بسنن الحياة .
" لو أن كل إنسان عرف متى يمتنع عن الخطوة الأولى، لتغيرت أشياء كثيرة " ، عبارة كتبها سالم بأول صفحات دفتره الأسود ، كلما فتحه قابلته بخط جميل ، كتبها منذ عام أو يزيد حينما بدأ يكتب خواطره ، كان مؤمنا جدا مثل الطيب صالح ، بأن الخطوة الأولى هي الأهم ، وأن ما يليها ويعقبها هي نتاج تلك الخطوة لا غير ، هي البدايات تأتي جميلة وناصعة ، وعنها تنبثق النهايات ، والتي غالبا ما تكون على غير ما تشتهي الأنفس ، في البدايات ، تكون الأسئلة شغف ، والإجابات دهشة ، تتعقد الأمور فيما بعد ، حينما ينتهي الكلام ، ويصير للصمت أجران وعمران ووجع ، وبدايته مع لولا كانت "أحبك" ، هي
الخطوة الأولى التي لم يمتنع عنها سالم ، ولم تتمنّع عنها لؤلؤة ، بل وكانا على أشد الحماسة لخطوها على درب حب أوجعته النهايات . استمر سالم بتقليب دفتره إلى أن وصل آخر شيء كتبه ، وشرع يكتب :
خطواتنا الأولى أودت بنا إلى ذلك الحب، هل من خطوة أخرى يمكن أن تودي بذلك الحب ؟
تماسك يا سالم، ليس ثمة امرأة يمكن أن تطيح بك ، ولا حب يمكن أن يستهلك العمر من بين يديك وأنت واقف لا تبالي ، ثمة مواجع لا ينبغي الالتفات لها ، ولا الوقوف عندها ، وثمة جراح لا يجب الكشف عنها أو الإمعان في النظر لها ، هكذا التخلص من العشق ، يكمن في التغاضي ، والسير بعيدا عنه بألف ميل من اللامبالاة ، إن كانت مأساتك في خسارة امرأة تعشقك ، فلا تجعلها في خسارة عُمر بأكمله أيها الوغد "
لم يكن سالم يدري من خطَّ هذه الكلمات على دفتره ، هل كان صوت الضمير في داخله ؟ أيعقل أن يكون قلبه ؟ كيف جاءت الكلمات حادة الحواف هكذا وكأنها تصدر من غريب لا يدري ما الحكاية .


 
 توقيع : أحمد عدوان

حسابي على تويتر



رد مع اقتباس
قديم 05-01-2023, 11:57 PM   #7


الصورة الرمزية إلهام
إلهام غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 419
 تاريخ التسجيل :  Jun 2021
 أخر زيارة : 11-16-2023 (05:00 PM)
 المشاركات : 71,371 [ + ]
 التقييم :  456420
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة




للحب وقت وللفراق وقت وللانتظار كل الوقت
والسؤال الذي لا إجابة له: ماذا تنتظر؟

وسيأتي وقت تضرب ما اعتقدته حقيقة عرض الحائط


سأعود


 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2023, 04:38 PM   #8


الصورة الرمزية بُشْرَى
بُشْرَى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : يوم أمس (11:59 PM)
 المشاركات : 247,313 [ + ]
 التقييم :  786735
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Indianred


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة



.
.

نتابع البقية بشغف ..
أسلوب رائع في السرد ..


 
 توقيع : بُشْرَى




رد مع اقتباس
قديم 05-07-2023, 10:59 AM   #9


الصورة الرمزية أحمد عدوان
أحمد عدوان متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 99
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 10-30-2024 (07:55 PM)
 المشاركات : 19,176 [ + ]
 التقييم :  41074
 SMS ~

لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة





**
كان علاقة زياد وزهراء لم تستقرّ بعد ، رغم مرور شهر كامل على تلك الفجيعة ، بعد منتصف النهار حضر زياد إلى صديقه سالم حسب ما اتفقا ليلة الأمس ، ركبا السيارة وانطلقا إلى الغابة المحاذية للمدينة ، حيث الخُضرة والهواء النقي والهدوء ، وبرّاد القهوة التي أعدّتها زهراء ، كان حديثهما ذا شجون ، وكان سالم حريصا على الاطمئنان على زهراء ، أخبره زياد أنّ علاقتهما لا تزال متوترة ، وأن الأمور تسير بينهما بالتغاضي ، خصوصا من جهته ، كانا يسمعان أغنية "عيناك" لخالد الشيخ ، وكان سالم يدندن : فأنا لا أملك في الدنيا .. إلا عينيك وأحزاني .
ـ هل تعلم يا زياد ، الحب عبر النت ، قد يكون أصدق بمرات من ذاك المتعارف عليه .
ـ كيف ؟ لم أفهم .
ـ شوف يا سيدي ، أنت حينما تقع بحب فتاة ، تتأثر بعدة عوامل كثيرة أولا شكلها وملامحها ، وثانيا وضعها الاجتماعي ، وثالثا روحها وذكاءها وعواطفها . صح ولا أنا غلطان .
ـ نفترض أنّ هذا ما يحدث ، وماذا عن الحب الافتراضي ؟
ـ بالعلاقة الافتراضية يا زياد ، أنت تتعرف أولا على الروح ، دون تأثيرات الجمال والمركز الاجتماعي لتلك الفتاة .
ـ ولكن الخداع والتزييف بالعلاقات الافتراضية كبير جدا، على عكس العلاقات العادية، حيث لا يمكن للفتاة أن تخدعك بملامحها أو نسبها.
ــ صحيح، ولكن هل تستطيع تزييف الروح ؟ أنت أولا تتعامل مع روح ، والأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف. إن حدث ذلك التآلف بين روحين ، ستسقط عوامل الجمال والمرتبة الاجتماعية ، بينما في العلاقات الواقعية ، نحن كرجال ، ننطلق من الجمال فقط ، من تسقط من الفتيات في اختبار الحُسن ، لن نمنحها فرصة أخرى لنتعرف على روحها ، قد يحدث ذلك فقط إن كان زواج مصلحة لأجل الحسب أو المال ، ولا أعتقد أنَّ الحبّ سيكون حاضرًا .
ـ ربما هو ذاك يا صاحبي .
**
سالم ليس من النوع الذي يحتفظ بصداقات كثيرة ، هو يكتفي بصديق واحد ، ولكنه صديقي حقيقي يمكن لسالم أن يعتمد عليه بأي أمر ، إن شئت ، هو أكثر من شقيق ، يعرفه منذ سبعة عشر عاما ، لم يحدث أن حدث بينهما خلاف أو جفاء ، كان زياد من ذلك النوع من الأشخاص الذين يفيض منهم الامتنان لقاء خدمة تُقدّم لهم .. من الذين يحتفظون بالمعروف في ذاكرتهم القريبة، وكان ممن قدموا لسالم خدماتهم الكبيرة ، لاسيما حينما كان صديقه يتعرّض لضائقة مالية . سالم يعتبر أن الحياة لم تجُد عليه بشيء أعظم من خِلّ وفي .
زياد شخص مثقف جدا ، بل وإنه أحيانا يكتب شعرا أفضل مما يكتبه كثير ممن يملأون الساحة ضجيجا فارغا ، لكن لا يستهويه الظهور ، ولا تتملكه رغبة الكتابة كما هم ، لذلك كانت علاقتهما مميزة جدا وحميمية إلى تلك الدرجة التي لا أسرار لأحدهما دون الآخر ، قصته مع زهراء جميلة ، قبل ثمانية أعوام ، تمّ تعيين الأستاذة زهراء كمعلمة جديدة بالمدرسة التي يشتغل بها سالم وزياد ، كان عامها الأول بمهنة التدريس ، وتشاء الصدف أن تشتغل وزياد بنفس المستوى التعليمي، لذلك كان من الضروري أن يكونا مُلزمين بالتشاور والتنسيق والإعداد المشترك، وكذا تبادل الخبرات، والصعوبات التي تعترضهما ، من هنا تبدأ قصص الحب ، القرب يمكن أن يزرع المودة ، يوما بعد آخر نمت قصتهما تحت نظر وسمع سالم، وكم كان يغيض صديقه حينما يقول له أنه سيتوجه إلى حجرة زهراء ليتناقش معها ببعض الأمور ، فيتغير لون زياد وتشتعل غيرته . سالم كان أرقى من أن يفعل شيئا كهذا أو يخطر بباله ، كانت زهراء جميلة ، هادئة وقورة ، إن زياد يستحق زوجه مثلها ، هكذا كان رأي سالم حينما وقع زياد بالحب ، وبقي عليه أن يقرر الخطوة التالية .
المشكلة الأكبر التي واجهت هذا الحب الذي انقضى من عمره عاما كاملا ، لم تكن بسيطة أبدا ، زياد يرفض أن تشتغل زوجته . يريدها أن تتخلى عن العمل وتلتزم البيت ، كأغلب ما هو حاصل هنا في هذه المدينة الصغيرة ، حينما عرض على زهراء هذا الزواج المشروط ، لم ترفض بالمطلق ، وأيضا لم تقبل ، بقيت مترددة بين الأمرين ، ظل الأمر هكذا إلى تدخّل سالم بحل مناسب إذ اقترح عليهما أن تواصل زهراء عملها إلى أن يحدث أول حمل ، حينها تطلب الإحالة على الاستيداع دون راتب لمدة عام ، وأخيرا تقدم استقالتها. ليس سهلا على امرأة أن تفرط بمنصب عمل يدر عليها راتبا شهريّا في سبيل الارتباط برجل، ربما يتخلي عنها بعد أشهر قليلة فتخسر الأمرين معا. الحل الذي جاء به سالم يمنحها سنوات للاطمئنان .اقتنع الطرفان ، ونجت قصة حبّهما من أول اختبار حقيقي ، كان زفافهما بعد عام آخر ، وسارت الأمور على خير، ظلّ زياد وزوجته يذهبان معا للمدرسة ، ويعودان معا للبيت القريب من مكان عملهما .
لم تحمل زهراء إلا بعد ثلاثة أعوام أخرى ، ظلت خلالها تشتغل دون أن ينبس زياد ببنت شفة ، إلى أن حملت بالعام الرابع ، وهنا نفذت بنود الاتفاق بالكامل ، قدمت على إجازة سنوية لتتفرغ لبيتها، ويبدو أنها تعبت من الشغل، فلم تتحسر أبدا على مفارقتها لعملها .
**
"تظل معافى حتى تحب ، حينها فقط سترهقك التفاصيل ، تتسرب منك الساعات والأيام في غفلة مطلقة بين انتظار واحتضار ، تفقد اتزانك وتوازنك ، ويسكنك القلق والأرق ، سينقلب كل ما فيك رأسا على عقب" هكذا كتب سالم وهو يرتشف فنجان شاي ، وأضاف : " في غيابك كنت ألوم الدقائق التي تتعثر بالسير ، أتشاجر مع الساعات التي تتباطأ بالعبور ، وأصارع الأيام التي ترفض المرور، لا تزال بداخلي تلك الأيام التي لم نعشها سويا ، وتلك الليالي التي لم نسهرها سويا على هيئة أشجار عارية لم يمر بها الربيع .
إنني أحسد كل أولئك الذين يلتقونك كل صباح في الطريق ، الذين يحظون برؤيتك كل يوم في الدوام ، الجيران الذين أتاحت لهم الصدفة أن تقيمي بقربهم ، الحديقة التي تزورينها لربع ساعة كل أسبوع ، هاتفك ، وأشياء أخرى حظها فيك أعظم من حظي لديك ، إن حرارة شهر أغسطس الملتهبة ، لا تساوي شيئا أمام حرارة الشوق المستعر بداخلي ، ولكنك - أبعد الله عنك الهم - لا تهتمين . لقد كنت تركضين نحو النهاية ، أما أنا فقد بقيت أنتظرها ، وتحمل قلبي عبء ذلك الوقت المرير الذي يخلو من اليقين ،
منذ أمد طويل وأنا هارب من نفسي ، ومن ذاكرتي وأحلامي ، هارب من الأغنيات ومن الصدف ومن المواعيد، وأشعر أن كل هذه الأشباء تلاحقني كصاحب ثأر .. هذا ما يفعله غياب امرأة كأنت بعاشق مثلي ، ثم إنه لمن المرهق جدا أن أبدو بخير طول الوقت ، وقلبي يتآكل حزنا ولا أجد طريقا مختصرا للعودة إلى نفسي ، ولا حتى طريقا معقدا ، لقد أخذت مني المسالك والمعالم والاتجاهات ، لقد مسحت الدروب ، وزرعت بداخلي شيئا واحدا هو حبك والآن لا جديد سوى " أنني أقول لك كل شيء لأنني أفتقدك ، لأنني أكثر من ذلك تعبت من الوقوف بدونك " تماما كما كتب غسان لغادة .. في الكتابة عزاء ، أو هكذا أظن "
**
الحجة زينب أعدت قائمة طويلة جدا من الطلبات لسالم ، عشرة أنواع من التوابل ، وأربعة أنواع من الفواكه المجففة ، وعصائر ، وغيرها كثير ، سالم لم تكن تنقصه الفطنة لينتبه أن هذه الطلبات بمناسبة شهر رمضان ، ثلاثة أيام وربما أربعة ، هي كل ما تبقى من شهر شعبان ، هكذا أخبرته والدته ،
ياااه .. لماذا ذاكرته مرتبطة دائما بلولا ؟ بدأ يستعيد كيف انه تنافس معها على عدد مرات ختم القرآن ، خلال رمضان ، لم يكن ينهزم أمامها ، سوى بعدد مرات شوقه لها ، كانا متعادلين في كل أمر آخر .
مرّ رمضان بلياليه الجميلة ، كان سالم غالبا يصلي التراويح ، ويعود إلى بيته ، هولا يحب أن يترك والدته لتسهر وحدها، كانت تقرأ القرآن بالوقت الذي يغيبه سالم في المسجد، وحينما يعود يجلس معها ساعة للسمر والقهوة ، ويستقبل بعدها زياد، وربما زوجته أيضا، يظل الاثنان إلى ما قبل وقت السّحور ، ويغادران ، وأحيانا يتسحّران مع سالم وأمه ،
ها قد جاء العيد ، بعد أن أتمّ سالم كل واجباته بمناسبة هذا اليوم السعيد ، استلقى على سريره لينام وقت القيلولة ، كانت الحرارة لا تطاق، ولكن شدة التعب تمنع عنه النوم ، تقلب يمنه ويسرة ، ثم أخذ دفتره وكتب :
"إنه العيد الرابع الذي يتجاوزني وأنا غير قادر على أن أنظر لعينيك وأفرح يا لولا ، غير قادر على تهنئتك كأي عابر سبيل ، غير قادر على تقاسم اللحظات معك ، غير قادر على أن نتبادل الضحكات سويا كما كنا نفعل ، هو عيد للنسيان ، وللشطب من الذاكرة ، كبقية الأيام المنزوعة الفرح ، هل يصح أن اسميه عيدا إن كان بلا طعم ولا رائحة ولا لهفة ؟ ماذا تفعلين الآن ؟ أتراك تتذكرين أيامنا وساعاتنا بالعيد ، ويزورك الحنين كما يفعل بي ؟ هل تجاوزت كل ذلك، وأنت الآن تمرحين رفقة طفليك في أحد شوارع برلين أو لندن ؟
إن كان يهمك .. أنا تقريبا بخير ، يلزمني فقط أن أتخلص من ذاكرتي ، أن أتملص من كل لحظة شوق وانتظار ، أن أتنكر للستة أعوام الأخيرة من عمري وأمضي وكأنني شخص آخر تماما . قد وهبتني الحياة فرصة أن أعشقك وفعلت ، ووهبتك الحياة خيارا بأن تتركيني وفعلت ، ولكنني الآن أعيد للحياة كل هباتها العظيمة وأطوي صفحتك "
سالم يدري أن مشكلته الكبرى أنه لا يعرف كيف يطوي صفحة لولا ، لقد جرّب كل وسيلة لذلك ، ربما عليه أن يفعل كما نصحه زياد منذ عامين أو أكثر حينما طلب منه أن يتزوج ، أو ينخرط بقصة حب جديدة تمحو سابقتها .
ذاك الذي ينوي طي صفحة لولا جلس يستعيد رسالتها الأولى ، تلك التي جاءت مفخخة باعترافات الحب ، وحواجز الشك التي زرعتها بخفة بين الكلمات ، حينها لم يهتمّ كثيرًا ، حديثهما باليوم التالي كان حبٌّا خالصا لوجه السعادة، كانت تلك البارعة على وشك إصدار كتاب ، وكانت ترسل له كل نصوصه ، تلك التي تفيض حبا وحزنا وخوفا ، ثالوث كان يلازمها ، كان كتابا رائعا ، حتى صورة الغلاف ، كان لسالم الرأي الفصل باختيارها ، بعد شهر أو يزيد صدر كتابها الأول ، وجاءت على جناح الفرح لتبشر سالم بصدوره ، وتطلب عنوانه كي يكون أول شخص يصله الكتاب بإهدائها .
أسبوعان ووصل الكتاب ، دخل سالم غرفته ، وأخذ ينظر إلى الظرف من كل جانب ، هذا الظرف أمسكته يدا لولا ، وهذا العنوان كتبته بأناملها ، كان خطها رائعا ، فتحه برفق ، واستخرج الكتاب ، حتى رائحة الكتاب كان سالم يعتقد أن بعضا منها ، هي رائحة حبيبته ، نظر إلى الغلاف الذهبي ، وكان هو من اختار لونه وصورته ، إلى العنوان ، وإلى اسم "لؤلؤة عبد الجليل" تحته ، فتح صفحة الغلاف ، وقلبه يتراقص ، يتلهف لقراءة ما كتبته له كإهداء ، لم يكن طويلا ، سطران قصيران ، ولكنه كان كفيلا بإسعاده وإرضاء غروره :
" الحقيقة يا سالم ..
أنا لا أهديك كتابا ، أنا أهديك روحي أيها الجميل الذي لا يُنسى "
الآن فقط ، بعد أعوام عديدة ، ينتبه سالم أن ذلك الإهداء كان مفخخا ، كيف أنه كان بكل ذاك الغباء ولم يتفطن أنها قالت له أنّك لا تُنسى ، والنسيان وعدمه دائما مرتبطان بمن نفارقهم ، هل يمكن أن نقول لأحد يلازمنا الحياة أنك لا تُنسى؟ .. كان الفراق دائما حاضرا في كلام لولا ، وكان سالم لا ينتبه لذلك إلا بعد فوات الأوان .
نحن نكبر من الداخل أولا ، ملامحنا انعكاس لذلك لا أكثر ، وأيضا نصغُرُ من الداخل ، وملامحنا توحي بذلك ، هكذا كان سالم يعتقد ، بل هو يعتقد أنه خلال عامين كان يصغر مع كل يوم يمر ، أما سنواته الأربع الأخيرة فقد كبُر فيها ضعفين أو يزيد . لا علاقة للعمر بالأعوام ، الأمر لا يقاس هكذا ، قل لي كم حزنا مرّ عليك ، واستوطن فيك ، وأقول لك كم عمرك ، وأخبرني كم عدد أيام سعادتك لأخبرك كم نصيبك من هذه الحياة .. هكذا كان يتحدث مع زياد ، وأيضا مع لولا .
كان سالم مؤمنا جدا بقول مولانا جلال الدين الرومي : المعاملة بالمثل ليست من الحب في شيء ، الحب لا مقابل له . كان يرى حبه لحبيبته تلك ، ذلك الحب العابر للمسافات ، الغريب في شكله وظروف نشأته ، حبا صادقا وحقيقيا وروحيّا لأبعد حد ، بل ويراه أقدس وأنبل من ملايين تجارب الحب التي مرت على قلوب البشر ، .. هل يمكن أن يكون الحب دون مقابل ؟ ماذا لو أن لولا قالت أنها تعتبرك صديقا لا أكثر ، هل كنت لترضى ؟ هل كنت لتبقى ؟ هل كنت لتنفق كل هذه الأعوام يا سالم وأنت على ذمة العشق ، ولولا على ذمة رجل آخر ؟
كان صوت الضمير يجلده ، وسرعان ما يقفل سالم الباب بوجهه ، ويغير الموضوع .. دعنا لا نفسد ليلتنا هذه وتعال لنسمع "أنا وليلى" .. ويجيبه الصوت بداخله .. " ماتت بمحراب عينيها ابتهالاتك" .



 
 توقيع : أحمد عدوان

حسابي على تويتر


التعديل الأخير تم بواسطة أحمد عدوان ; 05-07-2023 الساعة 12:03 PM

رد مع اقتباس
قديم 05-07-2023, 11:32 AM   #10


الصورة الرمزية النقاء
النقاء متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 302
 تاريخ التسجيل :  Jan 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (11:45 PM)
 المشاركات : 3,106,235 [ + ]
 التقييم :  753059
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Blueviolet


افتراضي رد: "صداع بالقلب" .. رواية قصيرة



متابعه للقصة يا رائع
تميز بالسرد والفكر


 
 توقيع : النقاء



هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ
أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا

فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ
وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ



شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,,


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 03:59 AM

أقسام المنتدى

المدائن الدينية والاجتماعية | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | أرواح أنارت مدائن البوح | الصحة والجمال،وغراس الحياة | المدائن الأدبية | سحرُ المدائن | قبس من نور | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | بوح الأرواح | المدائن العامة | مقهى المدائن | ظِلال وارفة | المدائن المضيئة | شغب ريشة وفكر منتج | المدائن الإدارية | حُلة العيد | أبواب المدائن ( نقطة تواصل ) | محطة للنسيان | ملتقى الإدارة | معا نحلق في فضاء الحرف | مدائن الكمبيوتر والجوال وتطوير المنتديات | آفاق الدهشة ومواسم الفرح | قناديـلُ الحكايــــا | قـطـاف الـسـنابل | المدائن الرمضانية | المنافسات الرمضانية | نفحات رمضانية | "بقعة ضوء" | رسائل أدبية وثنائيات من نور | إليكم نسابق الوفاء.. | الديوان الشعبي | أحاسيس ممزوجة | ميدان عكاظ |



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 المنتدى حاصل على تصريح مدى الحياه
 دعم وتطوير الكثيري نت
مجتمع ريلاكس
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas