ماضية الفقد

ماضية الفقد

أنا يحيى !
هذا اسمي الرباعي الكامل
لأن جدتي كانت تقول دائماً وهي توبخ أُمي التي تستسلم سريعاً لطلباتي المتكرره :
هذا الولد ( مو متربي ) !
- لذلك اسمي يحيى فقط وليظلّ اسم أبي طاهراً مقدساً لا يُمس !
ولأن أبي مات قبل ولادتي بيومين .


مُتعب ومرتبك
وليس هناك ما يثير الدهشة أبداً
كل ما أعرفه أني اشتاق اليكِ لكنني لا أفعل شيئاً ..
والأيام ثقيلة وهذا العمر يحرقني كأنما انقسم لنصفين ملحاً وناراً .
وأغلب الظنّ أن الرجل كلما كان قوياً من الخارج يعود طفلاً هشاً من الداخل .

وأنا طفلك الذي يكبر بعيدا عنكِ
طفلك يحيى أتذكرين !؟
ها أنا كبرت ، كبرت كثيرا باتساع فراغ حياتي منكِ ،
كبرتُ جدا من الداخل حيث يمكن لطفل في المهد أن يتكلم و أن يكتب حروف محملة بك
حروف عاجزة عن استنساخك
أو إعادة نشرك
أو إتمام مراسم عزاء فقدك
كبير إلى الحدّ الذي لا شيء يغريكِ فيّ لأقول أنني أُحبكِ ..
وأنا الذي لم أُفطم بعد
كبير إلى الحدّ الذي سيدفعني للسؤال عن كيف حال أهلك ؟
عوضاً عن هل أنتِ بخير ؟!
شعوراً بالندّية بين بياض رؤوسهم واحتراق قلبي
كسؤال المرحلة ؛ لطاعن في الغياب كسر كبرياء قلبه عقوق خذلانك .
ونكوث عهدك بـ : تأكد يا يحيى ما راح يخذني منك إلا الموت .
وأنهرك : بسم الله عليكِ فيني ولا فيكِ
ويستجيب الله لصوت قلبي (وتجي) فيني .
انتظارك الذي لا يأتي ولايفعل معروفا
الصبر الذي لم ينتبه له الفرج
وأنتِ في زحام غوايتك
ماضية الفقد ، وفصّ الملح الذي ذاب .
وماكنت جنبي أبدا !
وفيّ بكاء اليتم ..
بكاء كل اطفال الدنيا ( الّي مو متربيين ! )
الذين مات آباؤهم قبل ولادتهم !

للمزيد من مواضيعي