"بين الخوف وجحيم الأفعال

"بين الخوف وجحيم الأفعال

في زاوية مظلمة من دواخلنا، ينبعث صوت هادئ يشبه الهمس، يذكرنا بالنار المستعرة التي نخشى لهيبها. نقف أمام أفعالنا ونزعم أننا نرتجف من جهنم، تلك الهاوية التي لا يعود منها أحد. نحن ندَّعي الخوف من المصير المحتوم لمن يضلون الطريق، من لهيب يعاقب الأرواح الآثمة. ولكن، في ذات الوقت، نجد أنفسنا نسير بخطى ثابتة نحو الهاوية، مستعدين للغرق في بحر الأفعال التي تغذي ألسنة اللهب التي نخافها. نحن نحيا في عالم متناقض، نعيش ازدواجية مريرة بين ما نخشى وما نفعله. نظن أننا نخاف جهنم، لكن أفعالنا تقول غير ذلك. نقف في الصلوات، نرفع أيدينا وندعو الله أن يحمينا من النار، بينما نحن في حياتنا اليومية، نصنع بحارًا من الخطايا، نبني جدرانًا من الظلم، ونشعل نيران الكراهية. كيف يمكن أن يكون الخوف من النار مرشدًا لنا ونحن نغذي شعلتها بأفعالنا؟ نحن نسير في الحياة ونحن نحمل معاول نحفر بها قبورنا، نبني بها جسورًا نحو الهاوية، ونحن ندّعي أننا نخاف من سقوطنا فيها. هل هو ضعف الإنسان الذي يجعله متناقضًا بين الخوف والأفعال؟ أم أنها قوة الطغيان التي تسكننا، تلك التي تجعلنا نسير في الظلام ونحن نحلم بالنور؟ ما الفائدة من ادعاء الخوف إذا كنا نساهم في صناعة الجحيم بداخلنا؟ نقول أننا نخاف، ولكننا نسير نحو اللظى بخطى واثقة. نقول أننا نخشى جهنم، ولكننا نبذل كل ما بوسعنا لنصل إليها. نقول أننا نخاف من العقاب، ولكننا نقترب من نيران الغضب بقلوب مغموسة في الأحقاد، وأيدٍ ملطخة بالظلم، وألسنة تنطق بالكذب والخداع. أليس هذا هو قمة التناقض؟ أن نخاف من مكان لا نريد أن نكون فيه، ولكن نعمل بجدٍ لنسير نحوه؟ أليس هذا هو الكذب الأكبر الذي نعيشه يومًا بعد يوم؟ أن نكون صانعي نارنا الخاصة، ونحن ندّعي البراءة والخوف من حرائقنا. نحن نعيش في عالمٍ ملتبس، عالم لا تُحسب فيه الأقوال إذا لم تتوافق مع الأفعال. الخوف الحقيقي من جهنم ليس في الكلمات، بل في الأفعال التي تتجنبها. أن تكون خائفًا حقًا يعني أن تسير على طريق الحق، أن تسعى للسلام والعدالة، أن تعمل على تهدئة النار قبل أن تشعلها. الخوف الحقيقي يظهر في القلب الذي لا يحمل الكراهية، في اليد التي تمتد لتساعد، وفي اللسان الذي لا ينطق إلا بالحق. فلننظر في أعماق أنفسنا، لنسأل ذواتنا بصدق: هل نحن نخاف جهنم حقًا؟ أم أننا نصنعها بأيدينا ونحن ندعي عكس ذلك؟ السؤال ليس عن الخوف الذي ندّعيه، بل عن الأفعال التي نقوم بها والتي ترسم طريقنا نحو المجهول. بين الخوف وجحيم الأفعال، يقف مصيرنا على مفترق الطرق، ونحن فقط من نملك اختيار الطريق الذي نسلكه. "ونقول إننا نخاف جهنم، لكننا نبذل جهدنا لندخلها، ولا نُعمم" 10 / 6 / 2024

للمزيد من مواضيعي

 

الخوف الحقيقي يظهر في القلب الذي لا يحمل الكراهية،
في اليد التي تمتد لتساعد، وفي اللسان الذي لا ينطق إلا بالحق.
فلننظر في أعماق أنفسنا، لنسأل ذواتنا بصدق:
هل نحن نخاف جهنم حقًا؟
أم أننا نصنعها بأيدينا ونحن ندعي عكس ذلك؟
السؤال ليس عن الخوف الذي ندّعيه، بل عن الأفعال التي نقوم بها والتي ترسم طريقنا نحو المجهول.
بين الخوف وجحيم الأفعال، يقف مصيرنا على مفترق الطرق،
ونحن فقط من نملك اختيار الطريق الذي نسلكه.



ماشاء الله تبارك الرحمن
اديبنا الرآقي
الكبير أحمد حماد

موضوع مميز وقيم جدا
واعطانا نظرة تأمل في معانيه
تحدثت عن الخوف وكيف يكون ومتى يكون

وحقيقة الخوف بالبداية والنهاية
نختصرها في مبدأ الخوف من الله تعالي
قبل كل شيء والشعور بذلك يبعدنا من الوقوع التى توصلنا
الى الخوف من النار والقصد هنا نار الاخرة وعذب الله لكل فعل منكر
يستحق النار
حين يستشعر الفرد ذلك سعرف ويشعر بمدى
الخوف والتردد في فعل أي امر مخالف يوصله الا ذلك
وكما تفضلت
بين الخوف وجحيم الأفعال، يقف مصيرنا على مفترق الطرق،
ونحن فقط من نملك اختيار الطريق الذي نسلكه.

صدقت بذلك
الخوف وجحيم الأفعال
تحدد مصير الشخص في اختيار الطريق
الذي يسلكه

والله عز وجل خلق العقول والقلوب
واوجد الأدراك لكل فرد حتى يمز بين الصواب والخطأ
بين الحق والباطل وبين الخير والشر


قبس من نور استاذي الفاضل
حين تسرد فكرك النير بمدائن البوح

ما آجمل المكان بسموك وفكرك الكبير
سلمت ودمت

وشكراً لروحك الجميلة هنآ

الرجل الغريب ,احمد حماد ,الـتـوق ,ذكرى ,الفيصل ,الْياسَمِينْ معجبون بهذا

يختم النص ويرفع للتنبيهات ويمنح لك المكافأة تستأهل آكثر وآكثر

تقديري لحرفك

احمد حماد ,الـتـوق ,الفيصل ,الْياسَمِينْ معجبون بهذا

من يخاف الله سبحانه وتعالى ويخاف عقابه
يتمتع بقوة الإيمان..
وما خوفنا من جهنم إلا ثمرة من ثمار الإيمان الذي أكرمنا الله به ..
من يتق الله في أفعاله لا يخاف نار جهنم ..
اللهم اجعلنا وصاحب الموضوع وكل من يدخل ويقرأ من أهل الجنة، وأن تنجيه من النار.
أخي الكاتب أحمد حماد..
نحن بأشد الحاجة بأن نراجع أنفسنا ونعود إلى قيمنا وأصولنا إلى ديننا وعقيدتنا وأخلاقنا..
اللهم أصلح لنا شأننا كله ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ،وردنا إلى دينك ردا جميلا ياكريم..
جزاك الله خيرا وفي ميزان أعمالك هذا التذكير من خلال موضوعك القيّم

الرجل الغريب ,احمد حماد ,الـتـوق ,ذكرى ,اصايل ,الفيصل ,النقاء معجبون بهذا

هلابك استاذنا وموضوعك الثري,
الحديث الشريف يقول "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم"
لذا التعميم هنا واجب, فمن هو الذي لا يذنب بفعل أو قول,
قد تذنب بفكرة تطرأ عليك, وقد تفعلها, فتجعلك تتذكر الرب ثم تستغفر, مما يعزز علاقتك بالله ورحمته بك, فالذنب نعمة وهبها الله لمن يخافه لكي يستغفر فيتوب عليه,
فالإستعفار ذكر لله فتقرب إلى الله أكثر ويقترب منك أكثر,
ومن لا يخافه فهو خارج قواعد الدين الحنيف فلا مقياس له,
أسعدك المولى,

احمد حماد ,الـتـوق ,ذكرى ,اصايل ,النقاء معجبون بهذا

‎سحاب وارف معاني راقية
همس موشوم بالترف
تفاصيله باذخة
.
.


‎كالعادة ابداع رائع
‎ وطرح يستحق
‎المتابعة شكراً لك

:
‎بانتظار الجديد القادم
‎دمت بكل خير
كل التقدير والاحترام

الرجل الغريب ,احمد حماد ,الـتـوق ,ذكرى ,الفيصل ,النقاء معجبون بهذا

الخوف الحقيقي من جهنم ليس في الكلمات، بل في الأفعال التي تتجنبها..

كلام جميل ومقال مميز
ابدعت بنصوصك ومعانيك
عوافي عليك

طبت ..

احمد حماد ,الـتـوق معجبون بهذا

ولكن، في ذات الوقت، نجد أنفسنا نسير بخطى ثابتة نحو الهاوية،
مستعدين للغرق في بحر الأفعال التي تغذي ألسنة اللهب التي نخافها.
نحن نحيا في عالم متناقض، نعيش ازدواجية مريرة بين ما نخشى وما نفعله.
نظن أننا نخاف جهنم، لكن أفعالنا تقول غير ذلك.
نقف في الصلوات، نرفع أيدينا وندعو الله أن يحمينا من النار، بينما نحن في حياتنا اليومية،
نصنع بحارًا من الخطايا، نبني جدرانًا من الظلم، ونشعل نيران الكراهية.
كيف يمكن أن يكون الخوف من النار مرشدًا لنا ونحن نغذي شعلتها بأفعالنا؟
==============
كل بني آدم خطَّاء بطبعه ، وغير معصوم (وهديناه النجدين )
والبعض يندم وبراجع أفكاره التي قد تكون معصيةً
و يتوبَ ويتراجَع عن الخطأ :
ليس عيباً أن نخطئ فهذه طبيعة النفس البشربة
فـكل ابنِ آدم خطاء وخيرُ الخطائينَ التوابون
ولكن العيب أن نستمر بالخطأ وكما ذكرت أديبنا الفاضل أحمد حماد
نخاف من النار ونغذي شعلتها بأفعالنا المخالفة للشرع
ولكن ماذا نقول اللهم تجاوز عن ذنوبنا وأدخلنا الجنة ياالله برحمتك
نص رائع ودخل أعماق النفس البشرية وما تشعر به من تأنيب ضمير
ودي وتقديري لك

الرجل الغريب ,احمد حماد ,الـتـوق معجبون بهذا

أعزائي الغالين آل المدائن الطيبين
أشكركم جزيل الشكر على تعليقاتكم الرائعة التي أسعدتني وأثرت الموضوع.
أعتذر لكم عن تأخري في الرد، فقد كنت أواجه بعض الظروف الخاصة التي منعتني من التواصل في الوقت المناسب.
أعدكم بأنني سأقوم بالرد على كل تعليق بالتفصيل والاهتمام الذي تستحقونه حالما أشعر بتحسن.
شكراً لكم على دعمكم وتفهمكم، وأنا ممتن لوجودكم ومشاركتكم القيّمة.
فلا أراكم الله مكروهًا بأنفسكم وأجسامكم.
اللهم آمين

الْياسَمِينْ ,الفيصل معجبون بهذا

أخي حماد الكاتب الأنيق الجميل في فكره ...
أصعب وأغرب مخلوق على وجه الأرض هو الانسان ...
واذا أخذنا الغوص داخل كهف النفس البشرية ...سنتوه ....
كم هو جميل أن يكون الانسان صاحب أخلاق كريمة ....ولسان طاهر نبيل ....ومعاشرة الناس بصدق وأمان ....بدون أن تكون جهنم والعقاب هما الرادعان لذلك ....
ولكن في عالمنا الحالي ....ارتبكت الصورة ....يخافون من جهنم ...ويدعون التقوى ....ويمارسون ما حرم الله قولا وفعلا ...انه النفاق الوجودي ...

مشكور يا طيب على ما اخترت لنا هنا ....شيئ يحرك الضمير ...اذا كان ...
مودتي وسلامي

احمد حماد معجب بهذا