قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المهاجر ( قصة قصيرة )
في صالة انتظار مطار عاصمة عربية على قيد التدنيس، غَرِق فاضل في بحر أحلامه وظروفه التي جعلته تائهاً حائراً والتي ما انفكت تدفعه لكي يتخذ قرار الهجرة ويبدأ تنفيذه.
وعده أبوه بأن يؤمن له مصاريف السفر بعد جني محصول العنب من (بستانهم الصغير) في فضاء جميل كان يسير إلى حلمه الكبير، وكل همه أن يحزم كرامته في حقيبة سفره ويرحل عله يستعيد ولو القليل مما سلب منه وكخطوة جريئة منه استطاع إخبار حبيبته سعاد للقائه في المكان المعهود فسعاد حبه الأول والأخير والذي يمتد لمسافات بعيدة ويشغل مساحات ناصعة من الصدق والتفاني وعمق المشاعر الصادقة فهو لا يثق إلا بقلب سعاد حضرت سعاد وفي إحدى يديها وردة حمراء ملفوفة بمنديل ابيض وهذا تذكار مني أرجو ألا تفرط به أبدا وفي هدأة الليل والتهاب المشاعر واختلاط وجع الفراق بوعود مؤجلة للقاء جديد يكونان فيه كحلم يقرأه التأويل من فنجان عرافة. اخترق هذا السكون صوت انفجار برميل، سقط على بيت سعاد فأحاله إلى ركام، وشاءت الأقدار أن تكون هي الناجية الوحيدة من بين أفراد عائلتها. فاضل يتذكر كل هذه التفاصيل المؤلمة، يتململ، يعدل جلسته، يحاول نسيان هذه الذكرى المؤلمة، تنهد واخذ نفس عميق ومسح دمعات عينيه المترفات. صوت النداء الأخير ينطلق من مكبرات الصوت في قاعة الانتظار... على الركاب المغادرين على متن الرحلة (512) المتجهة إلى (بنغازي) التوجه إلى البوابة رقم (13) وشكرا. صوت هدير محركات الطائرة يهز قلبه، الركاب يبحثون عن أرقام مقاعدهم، ثم انطفأت الإنارة والتزم الجميع الصمت. تسارعت الطائرة ثم أقلعت وفاضل ينظر من نافذة الطائرة عله يرى بستان العنب ، وسعاد ، و كل ما تركه خلفه. رجع برأسه للخلف وبدأ يسترجع شريط ذكرياته التي كانت تسكنه كطيف تهدج بغنائه وكيف كان يرقص على عزف أنفاسه المبهمة التي لحنتها أحلامه المنتشية بغدٍ أجمل. يتذكر صوت المؤذن الساحر، وصفاء ماء الجدول الذي كان يتغلغل بين أصابع سعاد، يتذكر البيادر، ومواسم الحصاد، ومواويل الحصادين الشجية. يتذكر صوت امه يا (فاضل تعال العشاء جاهز)، يتذكر كيف انه وحال الانتهاء من العشاء يخلو أباه الى (أرجيلته) التي تزيد من شدة سعاله ورائحة (المعسل) التي تطوف المكان، أما طرائف أخيه جابر فحدث ولا حرج وعلى رأي الأغلبية (دمه خفيف). وخاصة أن دعاباته زادت حين وعده أبو فاضل بشراء دراجة نارية في موسم قطاف العنب القادم. يا ساتر.. يا ساتر.. قالها فاضل فلقد تعرضت الطائرة لمطب هوائي ماهي إلا لحظات حتى أغمض فاضل عينيه من جديد وفي هذه الأثناء تذكر خصام سلوى العذب كرضاها، والذي كان لا يزيد قلبيهما إلا قربا، ولا النزق إلا ألقاً، خصاما لا ينقضي إلا وقد ذابت روحه شوقا، وشوقها توقا وتوقهما سعادة حلاوتها في شغاف قلبيهما. وفجأة وقفت المضيفة أول الممر وقالت اربطوا الأحزمة استعدادا للهبوط في مطار بنغازي، فاضل يعجبه صوتها وكأنه ترانيم تشق درب الأمل في عبورها نحو حواسه المتحفزة لما هو آت. لم يجد فاضل صعوبة في الحصول على شريحة جديدة لهاتفه النقال، كانت فرحته عارمة وهو يكتب رسالته الأولى الى سعاد: حبيبتي يا طهرا يتوضأ منه النور، يامن كنتِ وستبقين مغيثة قلبي المجروح، البيلسان في رحاب روحكِ النقية وحتى نلتقي لكِ حبي وقبلاتي. بالرغم من علاقته الغير جيدة مع ابن خالته علاء ، الذي يصر على خطبة سعاد مع معرفته بعلاقة الحب بينها وبين فاضل، قرر أن يكون في ضيافته طيلة فترة اقامته في بنغازي ، وكان استقبال علاء له حافلا لاحبا به بل لأن واجب الضيافة الذي تفرضه العادات والتقاليد أجبره على ذلك . بعد وصوله بثلاثة أيام التقى فاضل بالسمسار الذي سيؤمن انتقاله إلى إيطاليا وتم الاتفاق بينهما على المقابل المادي وموعد الرحلة. في الموعد المحدد، ومن ضفاف ساحل مهجور كانت بداية النهاية، فعندما تعزف الحان الأمل فوق جبال من رخام،وتشرق نجمة بؤس، على مآسي العيون التي تاهت في ظلمة الأقدار، لابد وأن تعلو عقيرة حزينة في بحور تلونت برماد الفقد. على طرف القارب جلس فاضل وهو يرتدي سترة النجاة، يمسك هاتفه النقال ليقرأ آخر رسالة وصلته من سعاد: متى ستأخذني إليك يا حبيبي وتدثرني بدفء عينيك؟ متى سنلتقي ونرقص معا على أنغام ( صوت العصافير) وتفرح لعناقنا زهور النرجس وتتمايل أغصان الزيزفون طربا ، وتبدع الأبجدية في وصف شغفنا .؟ ساعات تمضي والقارب يمخر عباب البحر، وأصوات الهاربين الى المجهول تختلط مع هدير الموج تقطع سكون الليل وفاضل مستسلم لأمل الوصول الذي كان يظنه قريبا. يزداد ارتفاع الأمواج ساعة بعد أخرى، ويبدأ القارب بالتمايل، ترتفع أصوات الابتهال والدعاء، يغمض فاضل أهدابه وخلف أبواب الأحلام تسود العتمة، ويذهب الليل في سبات طويل، وترفض تباشير الفجر أن تظهر. وسعاد تبحث عن حبيبها بين أمواج الأثير، تسأل فوهاته خبرا يطمئنها، تسامر البحر ، وتسأله عن قارب أبحر إلى موانئ مجهولة أم فاضل تغني: "يا فاضل الله على الغربة ماليا حدا يسليني ولهانه روحي على الصحبة مع دمعي تنزل شراييني لما أخذوني على قبري شالوني بنعش الغريبين" يقطع غناءها صوت برميل متفجر يسقط على كرم العنب ثم سكون إلا من صوت لحن جنائزي وقبالة السواحل الإيطالية وجد الصيادون على سطح الماء منديل ابيض .... ووردة حمراء.. وبينهما نور يشع من طهر لا ينتهي ( البراء الحريري ) للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !
آخر تعديل البراء يوم
10-20-2024 في 03:43 PM.
|
10-20-2024, 06:22 PM | #3 |
|
رد: المهاجر ( قصة قصيرة )
.
. . . نبضك كـ الموجة قويه تحملنا نحو الاعماق .. نصارع ألا نغرق في العمق تارة أخالك جبل سرمد .. وتارة أخرى أراك عصفور بَهش ..! : : سيدي قلمك يأسر اللّب .. كالغيم يأتي بالخير أينما حل . اسعد الله نباك يا فاارِه . .. 🌺🌺 |
التعديل الأخير تم بواسطة البراء ; 10-20-2024 الساعة 06:26 PM
|
10-20-2024, 09:12 PM | #4 |
|
رد: المهاجر ( قصة قصيرة )
ماشاء الله تبارك الرحمن
سبحان من وهبك الفكر وحسن السرد والذوق يامراقبنا الكبير طرحت قصة جميلة ونالت إعجاب الجميع فيها معاني كثيرة أمواج القصة كالبحر تنوعت في تسلسل الافكار وتنوع الشعور مبدع وآكثر شكرًا لروحك الجميلة هنآ |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
10-20-2024, 10:46 PM | #5 |
|
رد: المهاجر ( قصة قصيرة )
ما من شيء أشد إيلامًا للنفس من ترك الأهل والوطن والحبيبة، لكن حين تتسع الأحلام وتضيق سبل العيش، تبرز الهجرة كحل يعد بآمال وردية، إلا أن الشوك المتربص بالطريق يمزق بساط الأمنيات ويغرق الحالم في نهاية حكاية حزينة تحملها أمواج البحر متلألئة إلى الشاطئ المنشود. وتلك مأساة إنسانية تتكرر، رسمها النص ببعدها العاطفي والاجتماعي.
أبدعت ورب الكون يا براء |
|
10-21-2024, 01:22 PM | #6 |
|
رد: المهاجر ( قصة قصيرة )
سلمت أناملك على طرحك القيم
دوم الإبداع والتميز بـ إنتظآر جديدك وعذب أطرٌوحآتك |
|
10-21-2024, 06:37 PM | #7 |
|
رد: المهاجر ( قصة قصيرة )
نبراس الابجدية القدير (( البراء )) دائماً ما اجد لنور قلمك ضياء رغم انه يهطل دمعاً متألماً من رحيق الغيم كلهم صامتون .. الدمع يغرقهم والبحر يقصيهم .. صراخ في نعيب الفضاء ومدائن مزقها الخراب وعينان تلوذان إلى دعاء والليل قصيد الغرباء وللحداد لغة لايفهمها سوى الليل البهيم ف بين غمضة عين ورمش تراكم الحطام بشكل هستيري فعمت الفوضى والقدر لا يستر نزف الوجع يكتب ماقدر ولا يمنح حق الجدل عابرة مرت من هنا..!! |
|
10-22-2024, 06:49 PM | #10 |
|
رد: المهاجر ( قصة قصيرة )
.
اقتربنا كثيرًا من المطار ، فمدت جسور الكلام ، اللوحة في الأعلى : ( ا ل م غ ا د ر و ن ) خلف ركام الفناء .. مرغمة حواسنا على التشكل بين المغادرة والوصول ، قدراً يسوقنا إلى احتاف قراراتنا ، لجنة ننعم بها أو جهنم تمضغ أسوأ رغباتنا ، هذا يأمل بحرية وذاك يطمح بمصلحة مهمة ، وكثيراً ما تأخذنا صالات المغادرة إلى نهايات فاشلة !.. ونظل نسافر ونسافر ونرتكب لعّنة المحاولة ، كمأساة طائر صادروا أجنحته في منفذ حدودي !.. في صالة المغادرة ليس هناك سوى قبلة ، عيون منكسرة تضج بالحكايات ، أصابع وجبين شارد بين طقوس الوداع ، هناك في تلك الصالة تشيخ كل التفاصيل برعشة برد ، وداخل كل حقيبة مملكة خاصة تعطرت بقنانين حزن !. الوارف القدير / البراء فما بين سنابك اليم وموج البحر الهادر ، والانتظار المعشوب على أرصفة الموانئ ، فالبحر لا يتقن فن الرفق ولا العذر من أخلاقيته !.. قصة واقعية ومؤلمة ، أجدت زرع تفاصيلها من البداية ووصولاً لتك النهاية . كنت هنا واستمتعت برغم الشجن ، واستحضرني حديث قديم دونته أعلاه ، جزء من قصة كتبتها منذ أمد ( صالة المغادرة ) ، انتهزتها مناسبة لتوارد الأفكار هنا أن أفتتح فيها حضوري . تحياتي لك ولفكرك الأنيق . |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصة قصيرة | صالح بحرق | قناديـلُ الحكايــــا | 7 | 05-07-2024 09:21 AM |
أهلا بك يا مطر أنرت المدائن الطائر المهاجر | بُشْرَى | أرواح أنارت مدائن البوح | 5 | 10-02-2022 12:14 PM |
البِئــــــــر .... قصة قصيرة | الغيث | قناديـلُ الحكايــــا | 6 | 07-15-2022 04:24 PM |
نور ( قصة قصيرة ) | الغيث | قناديـلُ الحكايــــا | 18 | 07-30-2021 09:06 PM |
قصة قصيرة | فتحي عيسي | قناديـلُ الحكايــــا | 20 | 03-06-2021 05:20 PM |