» يومٌ من عمري « | ||||||
|
آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
09-01-2024, 04:22 AM | #31 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
التعسير
إن التعسير صفة غير مرغوب فيه ولا محمود، بل منهيٌّ عنه، وقد رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- رجلاً في أحد أسفاره تبدو عليه المشقة والتعب والمعاناة، فسأل عنه، فقالوا: صائم، فقال: "ليس من البر الصيام في السفر" (رواه أبو داود)، ورأى رجلاً آخر في حالة من الجهد والإعياء، فسأل عنه، فقالوا: إنه نذر أن يذهب إلى الحجِّ ماشيًا، فقال: "إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني" (متفق عليه) وقد عبَّر القرآن الكريم عن التعسير بعدة ألفاظ منها: الحرج، والإعنات، والتنطع (والمتنطعون هم المتعمقون المبالغون في أقوالهم وأفعالهم)، والتشدد، ومجافاة السنة المحمدية في الوسطية والاعتدال. معنى التَّعْسِير لغةً واصطلاحًا معنى التَّعْسِير لغةً: العُسْر: نقيض اليُسْر. والعُسْرة والإعسار: قِلَّة ذات اليَد، وأصل هذه المادة يدلُّ على صُعوبةٍ وشِدَّة. يقال: عسُر الأمر عسرًا وعَسارة، فهو عسير. أي: صعب شديد، وعسِر الأمر وتعسَّر واستعسر، وعسِر الرجل: قلَّ سماحه في الأمور. وعسَرتُ الغريم أعسُره طلبت منه الدين على عُسره، وأعسرته كذلك . . معنى التَّعْسِير اصطلاحًا: أن يشدِّد الإنسان على نفسه أو غيره في أمر الدِّين بالزِّيادة على المشروع، أو في أمر الدُّنيا بترك الأَيْسَر ما لم يكن إثمًا ذم التعسير والنهي عنه أولًا: مِن القرآن الكريم - قال تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطَّلاق: 6]. تضمنت هذه الآية (معاتبة للأمِّ على المعَاسَرة، كما تقول -لمن تستقضيه حاجةً فيتوانى-: سيقضيها غيرك. تريد أن تبقى غير مقضيَّة فأنت مَلُومٌ، قال سعدي المفتي: ولا يخلو عن معاتبة الأب -أيضًا-؛ حيث أسقط في الجواب عن حيِّز شرف الخطاب مع الإشارة إلى أنَّه إن ضُويِقَت الأمُّ في الأجر، فامتنعت مِن الإرضاع لذلك، فلا بدَّ مِن إرضاع امرأة أخرى، وهي -أيضًا- تطلب الأجر في الأغلب الأكثر، والأُمُّ أشفق وأحنُّ، فهي به أولى، وبما ذكرنا يظهر كمال الارتباط بين الشَّرط والجزاء) . . - وقال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280]. قال ابن كثير: (قوله: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ : يأمر تعالى بالصَّبر على المعسر الذي لا يجد وفاءً، فقال: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ. أي: لا كما كان أهل الجاهليَّة يقول أحدهم لمدِينه إذا حلَّ عليه الدَّين: إمَّا أن تقضي وإمَّا أن تُرْبِي. ثمَّ يندب إلى الوضع عنه، ويَعِدُ على ذلك الخير والثَّواب الجزيل، فقال: وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . أي: وأن تتركوا رأس المال بالكليِّة وتضعوه عن المدِين) ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة - عن عبد الله بن أبي قتادة، أنَّ أبا قتادة، طلب غريمًا له، فتوارى عنه ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفِّس عن معسر، أو يضع عنه)) . . (أي: ليؤخر مطالبة الدين عن المدين المعسر. وقيل: معناه يفرج عنه، أو يضع عنه، أي: يحط عنه، وهذا مقتبس من مشكاة قوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ) . . قال القاري: (فلينفِّس -بتشديد الفاء المكسورة- أي: فليؤخِّر مطالبته عن مُعْسِر، أي: إلى مدَّة يجد مالًا فيها، أو يضع -بالجزم- أي: يحطُّ ويترك عنه -أي عن المعْسِر- كلَّه أو بعضه. فائدة الفرض أفضل مِن النَّفل بسبعين درجة إلَّا في مسائل. الأَوْلَى إبراء المعْسِر مندوب وهو أفضل من إنظاره) . . - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم: ((لا تشدِّدوا على أنفسكم فيشدِّد الله عليكم، فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والدِّيار؛ رهبانيَّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم)) . . قال ابن تيمية: (ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع. والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب، ولا مستحب: بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم، ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه، في الطيبات؛ وعلل ذلك بأنَّ الذين شددوا على أنفسهم من النصارى، شدَّد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة) . . وقال ابن القيِّم: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن التَّشديد في الدِّين، وذلك بالزِّيادة على المشروع، وأخبر أنَّ تشديد العبد على نفسه هو السَّبب لتشديد الله عليه، إمَّا بالقَدَر، وإمَّا بالشَّرع، فالتَّشديد بالشَّرع: كما يشدِّد على نفسه بالنَّذر الثَّقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقَدَر: كفعل أهل الوسواس؛ فإنَّهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد عليهم القَدَر، حتى استحكم ذلك، وصار صفة لازمة لهم) . . - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ((جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) . . أقوال السَّلف والعلماء في التَّعْسِير - عن عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه قال: ((آخى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدَّرداء، فزار سلمان أبا الدَّرداء، فرأى أمَّ الدَّرداء متبذِّلةً، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدَّرداء ليس له حاجة في الدُّنيا. فجاء أبو الدَّرداء، فصنع له طعامًا، فقال: كُلْ. قال: فإنِّي صائمٌ. قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكل. قال: فأكل، فلمَّا كان اللَّيل ذهب أبو الدَّرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام، ثمَّ ذهب يقوم، فقال: نَمْ. فلمَّا كان مِن آخر اللَّيل قال سلمان: قُم الآن. فصلَّيا، فقال له سلمان: إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فأتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان)) . . - كان أبو موسى يشدِّد في البول، ويبول في قارورة، ويقول: إنَّ بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدِهم بولٌ، قرضه بالمقاريض، فقال حذيفة: ((لوددت أنَّ صاحبكم لا يشدِّد هذا التَّشديد، فلقد رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى، فأتى سُبَاطَة . خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم، فبال، فانتبذت منه، فأشار إليِّ فجئت، فقمت عند عقبه حتى فرغ)) . . - قال عبد الملك بن عبد العزيز لأبيه -وقد دخل في القائلة-: (يا أبت، على ما تقيل وقد تداركت عليك المظالم، لعلَّ الموت يدركك في منامك، وأنت لم تقضِ دأب نفسك ممَّا ورد عليك! قال: فشدَّد عليه، قال: فلمَّا كان اليوم الثَّاني فعل به مثل ذلك، قال عمر: يا بنيَّ، إنَّ نفسي مطيَّتي، وإن لم أرفق بها لم تبلِّغني، يا بنيَّ، لو شاء الله عزَّ وجلَّ أن ينزِّل القرآن جملةً واحدةً لفعل، نزَّل الآية بعد الآية حتى إبطاء ذلك في قلوبهم، يا بنيَّ، إنِّي لم أجد الحَقْحَقة . تردُّ إلى خيرٍ) . . - عن الحسن قال: (إنَّ هذا الدِّين دينٌ واصب . ، وإنَّه مَن لا يصبر عليه يدعه، وإنَّ الحقَّ ثقيل، وإنَّ الإنسان ضعيف، وكان يقال: ليأخذ أحدكم مِن العمل ما يطيق، فإنَّه لا يدري ما قَدْرُ أجله، وإنَّ العبد إذا ركب بنفسه العنف، وكلَّف نفسه ما لا يطيق، أوشك أن يسيب . ذلك كلَّه، حتى لعلَّه لا يقيم الفريضة، وإذا ركب بنفسه التَّيسير والتَّخفيف، وكلَّف نفسه ما تطيق كان أكيس أو قال: كان أكثر العاملين، وأمنعها مِن هذا العدو وكان يقال: شرُّ السَّير الحَقْحَقة) . . - وقال الضَّحاك: (مَن كان ذا عُسْرَةٍ فنظرة إلى مَيْسَرة، وكذلك كلُّ دَيْنٍ على المسلم، فلا يحلُّ لمسلم له دَيْن على أخيه -يعلم منه عُسْرَة- أن يسجنه، ولا يطلبه حتى ييسِّره الله عليه) . . - وقال عمر بن عبد العزيز: (مَن لم يكن له إلَّا مَسْكن، فهو والله مُعْسِر ممَّن أمر الله بإنظاره) . . - وقال ابن القيِّم: . (لـمَّا ذكر شيئًا مِن مكائد الشَّيطان، قال بعض السَّلف: ما أمر الله تعالى بأمرٍ إلَّا وللشَّيطان فيه نزغتان، إمَّا إلى تفريط وتقصير، وإمَّا إلى مجاوزةٍ وغلوٍّ، ولا يبالي بأيِّها ظَفَر، وقد اقتطع أكثر النَّاس -إلَّا القليل- في هذين الواديين: وادي التَّقصير، ووادي المجاوزة والتَّعدِّي. والقليل منهم الثَّابت على الصِّراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه) . . - وقال ابن حجر: (لا يتعمَّق أحدٌ في الأعمال الدِّينيَّة، ويترك الرِّفق إلَّا عجز وانقطع، فيُغْلَب) . . - وقال العيني: (التشديد، وهو تحمل المشقة الزائدة في العبادة، وذلك لمخافة الفتور والإملال، ولئلا ينقطع المرء عنها، فيكون كأنه رجع فيما بذله من نفسه وتطوع به) ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-01-2024, 04:30 AM | #32 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
]تابع – التعسير
آثار التَّعْسِير 1- من أكبر المضار وأولاها بالذكر هي أنَّ من كانت صفته التعسير يعتبر مخالفًا لأمر الله، بعيدًا عن شرعه، فالله تبارك وتعالى قد أمر بالتيسير على العباد، والتسهيل في التعامل معهم. 2- قد يدفع به إلى تصرفات غير لائقة، قد تضره في دينه أو دنياه، فقد يفعل المعسر أعمالًا محرمة، وأفعالًا مشينة، والداعي هو التعسير، فقد يضطره إلى السرقة أو النصب أو الاحتيال، بغرض فك عسرته، ودفع الحرج عنه. 3- زرع بذور البغض والكراهية في الصدور، فتظهر في واقع الناس، فيتحول المجتمع إلى مجتمع يتصف بالنفرة والتجافي، يكره بعضه بعضًا، ويحقد بعضه على بعض، فالتعسير نازع لأواصر المحبَّة، قاطع لحبالها، فكم من معسر بتعسيره فارق أصحابه وأحبابه، بل إخوانه وأهله، والعكس بالعكس، فما يسر ميسر إلا صار تيسيره رحمًا بينه وبين من يسر في معاملتهم. 4- التعسير يقتل فضيلة الرفق بين الناس، أو يضعفها. 5- يسبب الانقطاع عن أعمال الخير، فالمشدد على نفسه لا يبلغ ما يرجوه، بل يقع عادةً فتور بعد تعسيره، يجعله يمتنع مِن العبادة بالكليَّة، فالتشديد فى العبادة يسبب الفتور والملل. صور التَّعْسِير للتَّعْسِير صورٌ كثيرةٌ، أهمُّها ما يلي: 1- التَّعْسِير على المدِين عند تأخُّره عن قضاء الدَّين -لعدم مقدرته- وعدم إنظاره، ويخرج مِن هذه الصُّورة: أن يكون المدِين قادرًا على الإعطاء، ومع ذلك يمتنع عن دفع دَيْنِه، فيجوز للدَّائن عندئذ شكايته لولي الأمر-أو مَن ينوب عنه- لأخذ ماله عَنْوَة، لذا قال صلى الله عليه وسلم: ((مَطْل . الغنيِّ ظُلْمٌ)) . . 2- التَّعْسِير في النَّفقة، وهي تضييق الرَّجل على أهله في النفقة، ولها حالتان: أولًا: إذا كان هذا بغير اختياره فلا شيء عليه، كما قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]. ثانيًا: إذا كان هذا باختياره -مع مقدرته على الإنفاق عليهم بما يسدُّ حاجتهم- فيحرم عليه، كما قال تعالى: وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطَّلاق: 6]. 3- التَّعْسِير مع الأجير: بعدم إعطائه حقَّه كاملًا، أو ببخسه. 4- التَّعْسِير على مَن أراد النِّكاح بالمغالاة في مهور النِّكاح، بل واشتراط بعض الشُّروط الخارجة عن المهر: كحجز قاعة لإقامة العرس، وغيره ممَّا يدفع الشَّباب للعزوف عن النِّكاح. 5- التَّعْسِير على الفقير والمحتاج. 6- تَعْسِير ولاة الأمور على الرَّعية: بعدم تلبية حاجاتهم، أو وضع العوائق الكثيرة للحصول على تلك الحاجيات. 7- استعمال الشدة في الدَّعوة والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فالأمر بالمعروف لا يكون إلَّا بالمعروف، والنَّهي عن المنكر يكون غير منكر. 8- تَعْسِير المرء على نفسه: فربما يترك الأخذ بالرخصة، فيقع في حرج ومشقة، معسِّرًا على نفسه، مع أنَّ الله سبحانه يحب أن تُؤتَى رخصه، وقد رفع عنا الحرج، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]. أسباب الوقوع في التَّعْسِير 1- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالتيسير. 2- لا يلجأ للتعسير وتعقيد الأمور إلا من كان في خلقه التواء، وفي طبعه كزازة . ، وفي تربيته نقص وخلل . . 3 – حب الدنيا، والتعلق بالمال، دون النظر إلى الغير أو مراعاتهم، أو تقدير ظروفهم. 4- الجهل بعواقبه الدنيوية والأخروية، والجهل بما يجنيه التيسير من مكاسب وفوائد. 5- ضعف الإيمان، وقلة الدين، والبعد عن مواطن الخير. 6 – مجالسة من يتخلقون به، فمن جالس جانس، وصاحب الأخلاق الرديئة يعدي كما يعدي الأجرب. 7- سوء التربية، فمن تربى في مجتمع يسوده التشديد في الأمور، والتعسير، فسينشأ على هذا الخلق ويعتاده. 8- تزيين الشَّيطان له. 9- ضعف أواصر المحبَّة والألفة بين المسلمين. 10- قلَّة المربِّين والموجِّهين المخلصين. الوسائل المعينة على ترك التَّعْسِير 1- أن يطلع المرء على المكاسب التي سيجنيها الميسر، في الأجلين القريب والبعيد، كما يطلع على المضار التي قد يتسبب فيها بتعسيره وتشديده. 2- تربية الأبناء على التيسير في الأمور، والسهولة في المعاملة، وإنظار المعسرين، وبهذا ينشئ الناشئ على هذا الخلق، ومن ثم يصبح سجية له، وطبعًا. 3- البعد عمن جعل هذه الخلق ديدنه، ومجافاته وهجره، وفي هذا فائدة للطرفين، فالأول سلمت له أخلاقه، فلم تصبه لوثة من الأخلاق الرديئة، والثاني ربما يرتدع ويعرف أن ما هو واقع فيه من التعسير والتشدد أمر مذموم. 4- تقوية الإيمان سبب لترك جميع الأخلاق السيئة، فمن قوي إيمانه اتصف بما هو أهل له من أخلاق المؤمنين، وترك ما يخالفها. 5- الاقتصاد في العبادة، وفي الحديث: ((عليكم من الأعمال ما تطيقون)) . . 6- أن يعامل المرء غيره بما يحبُّ أن يعاملوه به، فهو لا يرضى أن يعسِّر أحدٌ عليه في أي جانب مِن جوانب حياته، فعليه أن يعامل النَّاس بذلك. 7- أن التَّعْسِير على النَّاس -خاصَّة في أمر النِّكاح- قد يحملهم على نيل شهواتهم في الحرام بعدما حُرِمُوها في الحلال. 8- أنَّ مِن معالم الجود والكَرَم أن يدفع المرء ماله لأجل نفع غيره مِن غير أن ينتظر منهم جزاءً أو شكورًا، فكيف بمن يعطي ويعلم أنَّه سيأخذ ماله؛ لكن مَدِينُه أُعْسِر، فهو أولى بإنظاره، بل أولى أن يضع عنه مِن دَيْنِه إن لم يُسْقِط عنه المال. التفريق بين طلب الأكمل في العبادة والتنطع فيها: عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الدِّين يُسْرٌ، ولن يُشادَّ الدِّين أحدٌ إلَّا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والرَّوحة وشيء مِن الدُّلجة . ) . . قال ابن المنِير: (في هذا الحديث عَلَمٌ مِن أعلام النُّبوَّة؛ فقد رأينا ورأى النَّاس قبلنا أنَّ كلَّ متنطِّعٍ في الدِّين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنَّه مِن الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدِّي إلى الملَال أو المبالغة في التَّطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته، كمن بات يصلِّي اللَّيل كلَّه، ويُغَالِب النَّوم إلى أن غلبته عيناه في آخر اللَّيل، فنام عن صلاة الصُّبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشَّمس فخرج وقت الفريضة) ذم التَّعْسِير في واحة الشِّعر: قال الشاعر: فإن يكنِ الرَّحمنُ أعطاك ثروةً فأصبحتَ ذا يَسَرٍ وقد كنتَ ذا عُسْرِ فتابعْ له حمدًا وشكرًا مع الثَّنا يزِدْك وتأمنْ يا أخي مِن الفقرِ وأَخْرِج لحقِّ الله منها مُبَادِرًا لمَن كان ذا فقرٍ قريبٍ وذي عُسْرِ وقال ابن البواب: فالأمرُ يصعبُ ثمَّ يرجعُ هيِّنا ولرُبَّ سهلٍ جاء بعد عَسِيرِ موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن (( التعصب )) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !
التعديل الأخير تم بواسطة البراء ; 09-01-2024 الساعة 04:33 AM
|
09-02-2024, 02:13 PM | #33 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
التعصب
التَّعَصُّبُ لُغةً واصطِلاحًا التَّعَصُّبُ لُغةً: التَّعَصُّبُ: من العَصَبيَّةِ. والعَصَبيَّةُ: أن يدعوَ الرَّجُلُ إلى نُصرةِ عَصَبتِه، والتَّألُّبُ معهم على مَن يناوِئُهم، ظالِمين كانوا أو مظلومين. وقد تعَصَّبوا عليهم إذا تجَمَّعوا، فإذا تجمَّعوا على فريقٍ آخَرَ، قيل: تعَصَّبوا. وتعصَّبْنا له ومعه: نصَرْناه. والعَصَبيُّ: هو الذي يَغضَبُ لعَصَبتِه . التَّعَصُّبُ اصطِلاحًا: التَّعَصُّبُ: فَرطُ التَّمادي في المَيلِ والانحيازِ إلى شَيءٍ ما، والدِّفاعُ عنه ونُصرتُه بحَقٍّ أو بباطِلٍ. وقد يكونُ بفَرطِ التَّمادي في الانحيازِ ضِدَّ شَيءٍ ومقاوَمتِه . أو: هو المحاماةُ والمدافَعةُ عمَّن يلزَمُك أمرُه، أو تلزَمُه لغَرَضٍ . ذم التعصب والنهي عنه أ- مِن القُرآنِ الكريمِ 1- قال تعالى: فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا [النساء: 135] . قال ابنُ كثيرٍ: (أي: فلا يحمِلَنَّكم الهوى والعَصَبيَّةُ وبِغضةُ النَّاسِ إليكم على تَرْكِ العَدْلِ في أمورِكم وشُؤونِكم، بل الزَموا العَدلَ على أيِّ حالٍ كان) . 2- وقال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [لقمان: 20-21] قال الطَّبَريُّ: (يقولُ تعالى ذِكْرُه: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادِلون في توحيدِ اللِه جَهلًا منهم بعَظَمةِ اللهِ: اتَّبِعوا -أيُّها القومُ- ما أنزَلَ اللهُ على رسولِه، وصَدِّقوا به؛ فإنَّه يَفْرُقُ بَينَ المحِقِّ مِنَّا والمُبطِلِ، ويَفصِلُ بَينَ الضَّالِّ والمُهتدي، فقالوا: بل نتَّبِعُ ما وجَدْنا عليه آباءَنا من الأديانِ؛ فإنَّهم كانوا أهلَ حَقٍّ. قال اللهُ تعالى ذِكْرُه: أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ بتزيينِه لهم سوءَ أعمالِهم، واتِّباعِهم إيَّاه على ضَلالتِهم، وكُفرِهم باللهِ، وتَركِهم اتِّباعَ ما أنزَلَ اللهُ من كتابِه على نَبيِّه إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ يعني: عذابَ النَّارِ التي تتَسَعَّرُ وتلتَهِبُ) . 3- وقال تعالى، يذُمُّ هذا المنطِقَ البَليدَ: بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف: 22] . (إنَّه لا مَنطِقَ ولا عَقَلَ، ولا دليلَ ولا بُرهانَ، وإنَّما هي عَصَبيَّةٌ عَمياءُ) . 4- وقال تعالى في ذَمِّ مُعتَقَدِ مُشرِكي قُرَيشٍ وما حملهم عليه من العَصَبيَّةِ الباطِلةِ: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ [الفتح: 26] . قيل: (حميَّةُ الجاهليَّةِ: العَصَبيَّةُ لآلهتِهم التي كانوا يَعبُدونَها من دونِ اللهِ، والأَنَفةُ من أن يَعبُدوا غَيرَها) . وقيل: (إنَّهم قالوا: قَتَلوا آباءَنا وإخوانَنا ثمَّ يَدخُلون علينا في منازِلِنا، واللَّاتِ والعُزَّى لا يَدخُلُنَّها أبدًا. وكانت حَمِيَّةَ جاهليَّةٍ؛ لأنَّها بغيرِ حُجَّةٍ وفي غيرِ مَوضِعِها، وإنَّما ذلك محْضُ تعَصُّبٍ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما جاء مُعَظِّمًا للبَيتِ لا يريدُ حَربًا) . 5- وقال تعالى مُبَيِّنًا ميزانَ التَّفاضُلِ الحَقِّ وداعيًا لنبذِ ما سِواه من أسبابِ التَّعَصُّبِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] . فالحِكمةُ في جَعلِ بني آدَمَ شُعوبًا وقبائِلَ هي التَّعارُفُ فيما بَينَهم، وليست هي أن يتعَصَّبَ كُلُّ شَعبٍ على غَيرهِ، وكُلُّ قبيلةٍ على غيرِها؛ فالأصلُ مَنعُ النِّداءِ بالرَّوابِطِ العَصَبيَّةِ والأواصِرِ النَّسَبيَّةِ . 6- قال تعالى: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم: 31-32] . قال السَّعْديُّ: (في هذا تحذيرٌ للمُسلِمين من تشَتُّتِهم وتفَرُّقِهم فِرَقًا، كُلُّ فريقٍ يتعَصَّبُ لِما معه من حَقٍّ وباطِلٍ، فيكونون مشابِهين بذلك للمُشرِكين في التَّفَرُّقِ، بل الدِّينُ واحِدٌ، والرَّسولُ واحِدٌ، والإلهُ واحِدٌ. وأكثَرُ الأمورِ الدِّينيَّةِ وَقَع فيها الإجماعُ بَينَ العُلَماءِ والأئمَّةِ، والأُخُوَّةُ الإيمانيَّةُ قد عقَدَها اللهُ ورَبَطها أتمَّ ربطٍ، فما بالُ ذلك كُلِّه يُلغَى ويُبنى التَّفَرُّقُ والشِّقاقُ بَينَ المُسلِمين على مسائِلَ خَفيَّةٍ أو فروعٍ خِلافيَّةٍ يُضَلِّلُ بها بعضُهم بعضًا، ويتمَيَّزُ بها بعضُهم عن بعضٍ؟! فهل هذا إلَّا من أكبَرِ نَزَغاتِ الشَّيطانِ وأعظَمِ مقاصِدِه التي كاد بها للمُسلِمين؟ وهل السَّعيُ في جَمعِ كَلِمتِهم وإزالةِ ما بَينَهم من الشِّقاقِ المَبنيِّ على ذلك الأصلِ الباطِلِ إلَّا من أفضَلِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ، وأفضَلِ الأعمالِ المُقَرِّبةِ إلى اللهِ؟!) . 7- قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف: 11-12] . وقد قيل: إنَّ إبليسَ (اعتَرَضَتْه الحَمِيَّةُ، فافتَخَر على آدمَ بخَلْقِه، وتعصَّبَ عليه لأصلِه؛ فعَدُوُّ اللهِ إمامُ المتَعَصِّبين، وسَلَفُ المُتكَبِّرين، الذي وَضَع أساسَ العَصَبيَّةِ) . ب- مِنَ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ 1- عن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قد أذهَبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهِليَّةِ، وفَخْرَها بالآباءِ؛ مُؤمِنٌ تَقِيٌّ، وفاجِرٌ شَقِيٌّ)) . قال القاري: ("إنَّ اللهَ قد أذهَبَ" أي: أزال ورفَع "عنكم عُبِّيَّةَ الجاهِليَّةِ": بضَمِّ العَينِ المُهمَلةِ وكَسرِها، وكَسرِ مُوَحَّدةٍ فتَحْتيَّةٍ مُشَدَّدتَينِ، أي: نَخْوَتَها وكِبْرَها. "وفَخْرَها" أي: وافتِخارَ أهلِ الجاهليَّةِ في زمانِهم بالآباءِ . وقال الخطَّابيُّ: (قَولُه: "مُؤمِنٌ تَقيٌّ وفاجِرٌ شَقيٌّ" معناه: أنَّ النَّاسَ رَجُلانِ "مُؤمِنٌ تَقيٌّ" وهو الخَيِّرُ الفاضِلُ وإن لم يَكُنْ حَسيبًا في قومِه، "وفاجِرٌ شَقيٌّ" فهو الدَّنِيُّ وإن كان في أهلِه شريفًا رفيعًا) . 2- وعن أبي هُرَيرةَ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من قاتَلَ تحتَ رايةٍ عُمِّيَّةٍ يَغضَبُ لعَصَبةٍ، أو يَدعو إلى عَصَبةٍ، أو يَنصُرُ عَصَبةً، فقُتِلَ؛ فقِتلةٌ جاهِليَّةٌ)) . والمعنى: يَغضَبُ ويقاتِلُ ويدعو غيرَه إلى ذلك لا لنُصرةِ الحَقِّ والدِّينِ، بل لمحضِ التَّعَصُّبِ لقَومِه ولهواه كما يقاتِلُ أهلُ الجاهِليَّةِ؛ فإنَّهم إنَّما كانوا يُقاتِلون لمحضِ العصَبيَّةِ والوطنيَّةِ والجِنسيَّةِ، فقُتِل من أجلِ ذلك، فقَتْلُه كقِتلةِ أهلِ الجاهِليَّةِ، والمعنى: من قاتَل عَصَبيَّةً فمات وهو على ذلك، مات على هيئةٍ كانت الجاهِليَّةُ تموتُ عليها في كَونِهم يقاتِلون للعَصَبةِ لا للحَقِّ . 3- وعن أبي نَضرةَ، حَدَّثني من سَمِع خُطبةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في وَسَطِ أيَّامِ التَّشريقِ، فقال: ((يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ رَبَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لعَرَبيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ، إلَّا بالتَّقْوى)) . قال ابنُ عُثَيمين: (فليس بَينَ اللهِ وبَينَ خَلقِه صِلةٌ إلَّا بالتَّقوى؛ فمن كان لله أتقى كان من اللهِ أقرَبَ، وكان عِندَ اللهِ أكرَمَ؛ إذًا لا تفتَخِرْ بمالِك، ولا بجمالِك، ولا ببَدَنِك، ولا بأولادِك، ولا بقُصورِك، ولا سيَّاراتِك، ولا بشَيءٍ من هذه الدُّنيا أبدًا، إنَّما إذا وَفَّقَك اللهُ للتقوى فهذا من فَضلِ اللهِ عليك؛ فاحمَدِ اللهَ عليه) . 4- وعن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، يقولُ: ((كُنَّا في غَزاةٍ فكَسَع رجلٌ من المُهاجِرين رجُلًا من الأنصارِ، فقال الأنصاريُّ: يا لَلأنصارِ، وقال المُهاجِريُّ: يا لَلمُهاجِرين، فسَمَّعَها اللهُ رسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ما بالُ دعوى الجاهِليَّةِ؟ فقالوا: كسَعَ رَجُلٌ من المُهاجِرين رَجُلًا من الأنصارِ، فقال الأنصاريُّ: يا لَلأنصارِ، وقال المُهاجِريُّ: يا لَلمُهاجِرين، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: دَعُوها؛ فإنَّها مُنْتِنةٌ!)) . قال النَّوويُّ: (وأمَّا تسميتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك دعوى الجاهِليَّةِ فهو كراهةٌ منه لذلك؛ فإنَّه ممَّا كانت عليه الجاهِليَّةُ من التَّعاضُدِ بالقبائِلِ في أمورِ الدُّنيا ومُتعَلِّقاتِها، وكانت الجاهِليَّةُ تأخُذُ حُقوقَها بالعَصَباتِ والقبائِلِ؛ فجاء الإسلامُ بإبطالِ ذلك) . ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ - قال أبو بَكرِ بنُ عَيَّاشٍ في بيانِ علامةِ مُتَّبِعِ السُّنَّةِ: (السُّنِّيُّ: هو الذي إذا ذُكِرَت الأهواءُ لم يتعَصَّبْ لشَيءٍ منها) . - وقال الغزاليُّ في ذمِّ تقليدِ الأشخاصِ بغَيرِ سَنَدٍ: (وهذه عادةُ ضُعَفاءِ العُقولِ؛ يَعرِفون الحَقَّ بالرِّجالِ، لا الرِّجالَ بالحَقِّ) . - وقال ابنُ تَيميَّةَ: (وأمَّا التَّعَصُّبُ لأمرٍ من الأمورِ بلا هُدًى من اللهِ، فهو من عَمَلِ الجاهِليَّةِ) . - وقال ابنُ القَيِّمِ في نَبذِ صُوَرٍ من التَّعَصُّبِ: (ومنها: الدُّعاءُ بدعوى الجاهِليَّةِ، والتَّعزِّي بعَزائِهم، كالدُّعاءِ إلى القبائِلِ والعَصَبيَّةِ لها وللأنسابِ، ومِثلُه التَّعَصُّبُ للمَذاهِبِ والطَّرائِقِ والمشايِخِ، وتفضيلُ بَعضِها على بَعضٍ بالهَوى والعَصَبيَّةِ، وكَونُه مُنتَسِبًا إليه، فيدعو إلى ذلك، ويُوالي عليه ويُعادي عليه، ويَزِنُ النَّاسَ به، كُلُّ هذا من دعوى الجاهِليَّةِ) . - وقال التَّفتازانيُّ: (التَّعَصُّبُ يُغَطِّي على العُقولِ، وعِندَه تَعْمَى القُلوبُ التي في الصُّدورِ) . - وقال ابن حجر الهيتمي: (كُلُّ من تعَصَّبَ لإمامٍ ولم يَسِرْ على سيرتِه، فذلك الإمامُ هو خَصْمُه ومِن جملةِ المُوَبِّخين له) . - وقال الشَّوكانيُّ: (المُتعَصِّبُ وإن كان بصَرُه صحيحًا فبصيرتُه عَمياءُ، وأذُنُه عن سماعِ الحَقِّ صَمَّاءُ، يدفَعُ الحَقَّ وهو يظُنُّ أنَّه ما دفع غيرَ الباطِلِ، ويحسَبُ أنَّ ما نشَأ عليه هو الحَقُّ؛ غَفلةً منه وجَهلًا بما أوجَبه اللهُ عليه من النَّظَرِ الصَّحيحِ) . - وقال الزُّرقانيُّ: (واعلَمْ أنَّ هناك أفرادًا بل أقوامًا تعَصَّبوا لآرائِهم ومذاهبِهم، وزَعَموا أنَّ من خالف هذه الآراءَ والمذاهِبَ كان مبتَدِعًا مُتَّبِعًا لهواه، ولو كان مُتأوِّلًا تأويلًا سائغًا يتَّسِعُ له الدَّليلُ والبُرهانُ، كأنَّ رأيَهم ومَذهَبَهم هو المقياسُ والميزانُ، أو كأنَّه الكِتابُ والسُّنَّةُ والإسلامُ! وهكذا استزَلَّهم الشَّيطانُ وأعماهم الغُرورُ) . - نُقِل عن السَّلَفِ أنَّهم كانوا يقولون في الفُروعِ: مذهبي صوابٌ يحتَمِلُ الخطَأَ، ومذهَبُ الخَصمِ خَطَأٌ يحتَمِلُ الصَّوابَ . آثارُ التَّعَصُّبِ 1- دَفعُ الحَقِّ مع وضوحِه، والإعراضُ عن اتِّباعِه. 2- المجادَلةُ عن الباطِلِ ونُصرتُه مع ظُهورِ فَسادِه. 3- توسيعُ هُوَّةِ الخِلافِ والنِّزاعِ، وتضييقُ فُرَصِ التَّقارُبِ والاتِّفاقِ. 4- غَرسُ الحِقدِ والبُغضِ والكَراهيةِ. 5- نُصرةُ الظَّالمِ، والتَّفريطُ في نُصرةِ المظلومِ. 6- نشأةُ النِّزاعاتِ وحُصولُ الحُروبِ وسَفكُ الدِّماءِ. 7- انهيارُ المجتَمَعاتِ وتقَطُّعُ الرَّوابِطِ وتفَكُّكُ العَلاقاتِ. 8- يحمِلُ على تتَبُّعِ عَثَراتِ العُلَماءِ، وتصَيُّدِ زَلَّاتِهم والفَرَحِ بها، واستِثمارِها في تأثيمِهم والتَّشهيرِ بهم، والتَّشنيعِ عليهم؛ لإهدارِ قَدْرِهم، وإسقاطِ مَنزلتِهم، وإحباطِ محاسِنِهم، وجُحودِ فَضائلِهم. 9- من آثارِ التَّعَصُّبِ الرِّياضيِّ: - الألفاظُ والكِتاباتُ والإشاراتُ غَيرُ اللَّائقةِ. - إتلافُ المُنَشَآتِ الرِّياضيَّةِ والمُمتَلكاتِ العامَّةِ والخاصَّةِ. - الاعتِداءاتُ الشَّخصيَّةُ. - الاعتِداءُ على وَسائِلِ النَّقلِ . أقسامُ التَّعَصُّبِ التَّعَصُّبُ بمُختَلِفِ أشكالِه وصُوَرِه سواءٌ كان في نُصرةِ رأيٍ أو في المعاداةِ له، يَرجِعُ إلى قِسمَينِ: محمودٌ ومذمومٌ، وإنْ غَلَب التَّعَصُّبُ على النَّوعِ المذمومِ، فإنَّ صاحِبَ الحَقِّ لا يُعتَبَرُ مُتعَصِّبًا، وإن جاز أن يُسَمَّى كذلك، ما دام في نُصرةِ حَقٍّ بحَقٍّ واعتدالٍ، لكِنَّ الأغلَبَ في إطلاقِ لَفظِ التَّعَصُّبِ انصِرافُه إلى القَدحِ والذَّمِّ . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-02-2024, 02:20 PM | #34 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التعصب
أسبابُ الوُقوعِ في التَّعَصُّبِ 1- غرورُ الإنسانِ واعتِزازُه برأيِه. 2- غيابُ الإنصافِ والعَدلِ. 3- الجَهلُ وضآلةُ المعرفةِ. 4- سوءُ التَّربيةِ. 5- الصُّحبةُ السَّيِّئةُ. 6- إذكاءُ رُوحِ التَّعَصُّبِ مِن قِبَلِ بَعضِ المتبوعين. 7- الغُلُوُّ في المحبَّةِ. الوسائِلُ المُعينةُ على تَركِ التَّعَصُّبِ 1- مَعرفةُ العواقِبِ والأضرارِ المترَتِّبةِ على التَّعَصُّبِ؛ كإراقةِ الدِّماءِ، والعَداوةِ والشَّحناءِ والتَّفرُّقِ، إلى غيرِ ذلك. 2- التَّعامُلُ بالعَدلِ والإنصافِ. 3- أن يَعلَمَ أنَّ التَّعَصُّبَ من صفاتِ أهلِ الجاهليَّةِ التي صَدَّتْهم عن الحَقِّ، فيُعرِضَ عنه. 4- أن يَعلَمَ أنَّ المتعَصِّبَ بصيرتُه عَمياءُ، وأذُنُه عن سماعِ الحَقِّ صَمَّاءُ. 5- أن يَعلَمَ أنَّ التَّعَصُّبَ قد يؤدِّي به إلى الكَذِبِ وقَولِ الباطِلِ. 6- أن يَعلَمَ أنَّ التَّعَصُّبَ قد يؤدِّي بصاحِبِه إلى التَّكفيرِ والتَّبديعِ بغيرِ حَقٍّ. 7- أن يَعلَمَ أنَّ التَّعَصُّبَ قد ينَمِّي النِّزاعاتِ القَبَليَّةَ. 8- أن يَعلَمَ أنَّه لا عِصمةَ لأحدٍ، وأنَّ الكُلَّ يُؤخَذُ منه ويُرَدُّ عليه سِوى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأن يَعرِفَ الرِّجالَ بالحَقِّ لا الحَقَّ بالرِّجالِ. حُكمُ التَّعَصُّبِ وما يُباحُ منه إنْ نَتَج عن التَّعَصُّبِ اعتداءٌ على الحُرُماتِ، أو شَتمٌ وسِبابٌ، أو انتِصارٌ للظُّلمِ، أو أدَّى إلى سَلبِ حَقٍّ أو لسَفكِ دِماءٍ، وما شابه ذلك- فهو حرامٌ لا مِريةَ فيه، وقد عدَّ ابن حجر الهيتمي التَّعَصُّبَ للمَذاهِبِ والأهواءِ، والحِقدَ على الخُصومِ، والنَّظَرَ إليهم بعَينِ الازدِراءِ والاحتِقارِ: من الكبائِرِ التي تُهلِكُ العِبادَ، ويُستثنى من التَّعَصُّبِ المحرَّمِ التَّعَصُّبُ دِفاعًا عن حَقٍّ، فيُباحُ حينَئذٍ ما كان منضَبِطًا بأحكامِ الشَّريعةِ وآدابِها، محافِظًا على أواصِرِ الأُخُوَّةِ وحُقوقِها . أخطاءٌ شائعةٌ حَولَ التَّعَصُّبِ الاعتقادُ أنَّ التَّعَصُّبَ لأسماءٍ شَريفةٍ أو معانٍ حميدةٍ لا يُذَمُّ، وإن تجاوز بصاحِبِه حَدَّ الاعتدالِ، وأدَّى إلى غُلُوٍّ وظُلمٍ وبَغيٍ. وهذا اعتقادٌ خَطَأٌ؛ فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين تنادى المهاجِريُّ والأنصاريُّ بنَسَبَيهما وكادا يقتَتِلانِ، أوضَح أنَّ هذه الفَعلةَ مُنتِنةٌ أي: (مُستخبَثةٌ قبيحةٌ؛ لأنَّها تُثيرُ التَّعَصُّبَ على غيرِ الحَقِّ، والتَّقاتُلَ على الباطِلِ، ثمَّ إنَّها تجُرُّ إلى النَّارِ) . مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ هل يَلزَمُ أن يكونَ التَّمَسُّكُ بما كان عليه الأقدَمون تعَصُّبًا ممقوتًا؟ والجوابُ: أنَّ هذا ممَّا قد يختَلِطُ في بعضِ الأذهانِ، فلا تَفهَمُ الفَرقَ بَينَ التَّمسُّكِ المحمودِ بالحَقِّ ولو كان بالقديمِ، وبَينَ التَّعَصُّبِ الجاهِليِّ المذمومِ، وقد تلاعَب البعضُ في هذا المعنى، وأوهَموا متَّبِعيهم أنَّ الاستِمساكَ بشَريعةِ اللهِ، والأخذَ بما ثبَت فيها، والمحافَظةَ على ما كان عليه السَّلَفُ الصَّالحُ من عقيدةٍ صالحةٍ وعَمَلٍ صالحٍ: لونٌ من ألوانِ التَّعَصُّبِ المذمومِ! وهذا من الباطِلِ الذي لا ينبغي أن يَرُوجَ على عُقَلاءِ المُسلِمين . - التَّعَصُّبُ المَذهَبيُّ من أسبابِ عَدَمِ قَبولِ الجَرحِ في الرَّاوي قال السُّبكيُّ: (الصَّوابُ عِندَنا أنَّ من ثبتَت إمامتُه وعدالتُه وكَثُر مادِحوه ومُزَكُّوه، وندَر جارِحُه، وكانت هناك قرينةٌ دالَّةٌ على سَبَبِ جَرحِه من تعَصُّبٍ مَذهَبيٍّ أو غيرِه؛ فإنَّا لا نلتَفِتُ إلى الجَرحِ فيه، ونعمَلُ فيه بالعدالةِ، وإلَّا فلو فتَحْنا هذا البابَ أو أخَذْنا تقديمَ الجَرحِ على إطلاقِه لَمَا سَلِم لنا أحَدٌ من الأئمَّةِ؛ إذ ما مِن إمامٍ إلَّا وقد طَعَن فيه طاعِنون، وهَلَك فيه هالِكون) . وقال أيضًا: (الجارِحُ لا يُقبَلُ منه الجَرحُ وإن فَسَّره في حَقِّ من غَلَبت طاعاتُه على معاصيه، ومادِحوه على ذامِّيه، ومُزَكُّوه على جارِحيه، إذا كانت هناك قرينةٌ يَشهَدُ العقلُ بأنَّ مِثلَها حامِلٌ على الوقيعةِ في الذي جرَحَه؛ من تعَصُّبٍ مذهبيٍّ، أو مُنافَسةٍ دُنيويَّةٍ، كما يكونُ من النُّظَراءِ، أو غيرِ ذلك) . تجاوُزُ الحُدودِ الشَّرعيَّةِ في التَّعَصُّبِ للحَقِّ قد يحَوِّلُه إلى تعصُّبٍ مذمومٍ؛ فمع أنَّ النَّقدَ الموضوعيَّ، والتَّنبيهَ على الأخطاءِ، والتَّحذيرَ من المخالفاتِ: أمرٌ مطلوبٌ ومُهِمٌّ؛ فإنَّ هناك من يتعدَّى أدَبَ النَّقدِ والنُّصحِ، مع أنَّه قد يكونُ مُحِقًّا؛ حيثُ يتجاوَزُ حُدودَ الشَّرعِ في تعصُّبِه للحَقِّ، في أسلوبِ التَّبليغِ أو النُّصحِ، أو في التَّطبيقِ، أو في الإنكارِ على المُخالِفين، حتَّى يُفسِدَ أكثَرَ ممَّا يُصلِحُ، كمَن يدعو النَّاسَ إلى سُنَّةٍ ثابتةٍ غيرِ واجِبةٍ، لكِنَّه يجعَلُها أساسًا يُصَنِّفُ النَّاسَ عليها، ويُفَرِّقُ في المعاملةِ بَينَهم بسَبَبِها، أو كمَن يدعو إلى اتِّباعِ مَنهَجِه في الدَّعوةِ، لكِنَّه يتعصَّبُ له إلى دَرَجةِ تسفيهِ المناهِجِ الدَّعَويَّةِ الأُخرى حتَّى إن كانت صحيحةً وسليمةً من البِدَعِ أو المُخالَفاتِ . ذم التعصب في واحة الأدب أ- مِنَ الشِّعرِ 1- قال ابنُ القَيسَرانيِّ: إنِّي لأغنى النَّاسِ عن عَصَبيَّةٍ ما الحَقُّ مُفتَقِرٌ إلى مُتعَصِّبِ . 2- وقال الشَّاعِرُ: أفكارُهم بهُدى القرآنِ ثاقِبةٌ فلا يخامِرُها في الرَّأيِ تَضليلُ وأمْرُهم بَينَهم شُورى ودينُهم فَتحٌ من اللهِ لا قَتلٌ وتمثيلُ كيف التَّعَصُّبُ من قومٍ شِعارُهم رَغمَ الكوارِثِ إغضاءٌ وتسهيلُ . 3- وقال آخَرُ: أوكُلَّما هاج التَّعَصُّبُ أهلَه صاح الغَوِيُّ بنا وضَجَّ المُرجِفُ . 4- وقال مُنذِرُ بنُ سعيدٍ في ذمِّ التَّعَصُّبِ للمَذهَبِ: عَذيريَ مِن قومٍ يقولونَ كُلَّما طلَبْتُ دليلًا: هكذا قال مالِكُ وإن عُدْتُ قالوا: هكذا قال أشهَبٌ وقد كان لا تخفى عليه المسالِكُ فإن زِدْتُ قالوا: قال سُحْنونُ مِثْلَه ومَن لم يَقُلْ ما قال فهْوَ آفِكُ فإن قُلتُ: قال اللهُ، ضَجُّوا وأكثَروا وقالوا جميعًا: أنت قِرنٌ مُماحِكُ وإن قُلتُ: قد قال الرَّسولُ، فقولُهم ائْتِ مالِكًا في تَرْكِ ذاك المهالِكُ . 5- وقيل: رأيتُ الوُدَّ ليس يكادُ يبقى إذا كَثُر التَّعَصُّبُ والعِتابُ ب- من الأمثالِ والحِكَمِ 1- "حميمُ المرءِ واصِلُه" يُضرَبُ في التَّعَصُّبِ بالقريبِ 2- "بَينَهم داءُ الضَّرائِرِ" يُضرَبُ مَثَلًا للقومِ بَينَهم عداوةٌ وشَرٌّ لا ينقَطِعُ . موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( التفريط ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-03-2024, 03:03 PM | #35 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
التفريط
التَّفريطُ لُغةً واصطِلاحًا التَّفريطُ لُغةً: التَّفريطُ: مَصدَرُ فَرَّط في الأمرِ تفريطًا، ومِثلُه فَرَط في الأمرِ يَفْرُطُ فَرْطًا، أي: قَصَّر فيه وضَيَّعه حتَّى فات. و(فرط) أصلٌ يدُلُّ على إزالةِ شَيءٍ من مكانِه وتنحيتِه عنه، ومنه التَّفريطُ، وهو التَّقصيرُ؛ لأنَّه إذا قصَّر فيه فقد قَعَد به عن رُتبتِه التي هي له . التَّفريطُ اصطِلاحًا: قال ابنُ عَرَفةَ: التَّفريطُ: أن يُترَكَ الشَّيءُ حتَّى يمضيَ وَقتُ إمكانِه، ثمَّ يخرُجَ إلى وقتٍ يمتَنِعُ فيه . أو: هو النَّقصُ وعَدَمُ الوفاءِ بما أمر اللهُ تعالى به . لفَرْقُ بَينَ التَّفريطِ وغيرِه من الصِّفاتِ الفَرقُ بَينَ التَّفريطِ والتَّقصيرِ: لعَلَّ بَينَ التَّفريطِ والتَّقصيرِ خُصوصًا وعُمومًا؛ فالتَّقصيرُ عامُّ الدَّلالةِ على ما هو دونَ الغايةِ مِن غيرِ تعَمُّدٍ أو قَصدٍ، وأمَّا التَّفريطُ فهو تضييعُ الفُرصةِ عن عَمدٍ أو إهمالٍ . الفَرقُ بَينَ الإفراطِ والتَّفريطِ: الفَرقُ بَينَ الإفراطِ والتَّفريطِ: أنَّ الإفراطَ يُستعمَلُ في تجاوُزِ الحَدِّ من جانِبِ الزِّيادةِ والكَمالِ، والتَّفريطَ يُستعمَلُ في تجاوُزِ الحَدِّ من جانِبِ النُّقصانِ والتَّقصيرِ . ذم التفريط والتحذير منه أ- من القُرآنِ الكريمِ 1- قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى [النحل: 90] . بِالْعَدْلِ (أي: بمُراعاةِ التَّوسُّطِ بَينَ طرَفَيِ الإفراطِ والتَّفريطِ، وهو رأسُ الفَضائلِ) . 2- قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] . (أُمَّةً وَسَطًا أي: خِيارًا عُدولًا؛ قال تعالى: قَالَ أَوْسَطُهُمْ [القلم: 28] أي: خَيرُهم وأعدَلُهم. وخيرُ الأشياءِ أوسَطُها لا إفراطُها ولا تفريطُها؛ لأنَّ الإفراطَ: المجاوزةُ لِما لا ينبغي، والتَّفريطَ: التَّقصيرُ عمَّا ينبغي، كالجُودِ بَينَ الإسرافِ والبُخلِ، والشَّجاعةِ بَينَ التَّهوُّرِ -وهو الوقوعُ في الشَّيءِ بقِلَّةِ مُبالاةٍ- وبَينَ الجُبنِ) . 3- قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31] . قال ابنُ كثيرٍ: (فشَرْعُ اللهِ عَدلٌ بَينَ الغالي فيه والجافي عنه، لا إفراطَ ولا تفريطَ) . 4- وقال تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا [الأنعام: 31] . قال الواحِديُّ: (التَّفريطُ: التَّضييعُ والتَّركُ، أي: على ما تَرَكْنا وضَيَّعْنا مِن عَمَلِ الآخرةِ في الدُّنيا) . 5- وقال تعالى في وَصفِ عبادِ الرَّحمنِ، منبِّهًا على أهميَّةِ التَّوسُّطِ وعدَمِ الإفراطِ والتَّفريطِ: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67] . قال ابنُ كثيرٍ: (أي: ليسوا بمُبَذِّرين في إنفاقِهم فيَصرِفون فوقَ الحاجةِ، ولا بُخلاءَ على أهلِيهم فيُقَصِّرون في حَقِّهم فلا يَكْفونهم، بل عَدلًا خيارًا، وخيرُ الأمورِ أوسَطُها، لا هذا ولا هذا) . 6- وقال تعالى مبَيِّنًا نَدَمَ المُفَرِّطِ على تفريطِه في حَقِّه سُبحانَه يومَ القيامةِ: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر: 56] . قال الطَّبَريُّ: (على ما ضَيَّعتُ من العَمَلِ بما أمرني اللهُ به، وقصَّرْتُ في الدُّنيا في طاعةِ اللهِ) ؛ ففيه أنَّ المُفَرِّطَ سيتحَسَّرُ على تفريطِه؛ فينبغي أن يكونَ الإنسانُ حازِمًا ذا نشاطٍ وقُوَّةٍ حتى لا تفوتَه الأمورُ، ثمَّ بعدَ ذلك يندَمُ . 7- وقال تعالى مخاطِبًا نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28] . قال ابنُ كثيرٍ: (وكان أمرُه فُرُطًا: أي: أعمالُه وأفعالُه سَفَهٌ وتفريطٌ وضَياعٌ، ولا تكُنْ مُطيعًا له ولا محِبًّا لطريقتِه، ولا تَغبِطْه بما هو فيه) . 8- وقال جَلَّ ثناؤُه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: 30] ، وقال سُبحانَه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف: 13] ؛ ففي قولِه: ثُمَّ اسْتَقَامُوا إشارةٌ إلى أساسِ الأعمالِ الصَّالحةِ، وهو الاستقامةُ على الحَقِّ، أي: أن يكونَ وَسَطًا غيرَ مائِلٍ إلى طَرَفَيِ الإفراطِ والتَّفريطِ؛ قال تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة: 6] ، وقال: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] ، وقال: وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [الشورى: 15] أي: استقامةً مُوافِقةً لأمرِ اللهِ، لا تفريطَ ولا إفراطَ، بل امتِثالًا لأوامِرِ اللهِ واجتِنابًا لنواهيه، على وَجهِ الاستمرارِ على ذلك . 9- وقال عزَّ وجَلَّ حكايةً عن لُقمانَ رَضِيَ اللهُ عنه: يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان: 16-19] . دَعَت هذه الآياتُ إلى معالي الأخلاقِ، وهي أمَّهاتُ الفضائِلِ الثَّلاثُ: الحِكمةُ، والعِفَّةُ، والشَّجاعةُ، وأمرَتْ بالعَدلِ فيها، وهي وظيفةُ التَّقسيطِ الذي هو الوَسَطُ الذي هو مَجمَعُ الفضائِلِ، ونهَت عن مساوِئِ الأخلاقِ، وهي الأطرافُ التي هي مبدَأُ الرَّذائِلِ، الحاصِلُ بالإفراطِ والتَّفريطِ؛ فإقامةُ الصَّلاةِ التي هي رُوحُ العبادةِ المَبنيَّةِ على العِلمِ هي سِرُّ الحِكمةِ، والأمرُ والنَّهيُ أمرٌ بالشَّجاعةِ ونهيٌ عن الجُبنِ، وفي النَّهيِ عن التَّصعيرِ وما معه نهيٌ عن التَّهَوُّرِ، والقَصدُ في المشيِ والغَضُّ في الصَّوتِ أمرٌ بالعِفَّةِ، ونهيٌ عن الاستِماتةِ والجُمودِ، والخَلاعةِ والفُجورِ . ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ 1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَدِّدوا وقارِبوا)) . قال النَّوَويُّ: (السَّدادُ: الصَّوابُ، وهو بَينَ الإفراطِ والتَّفريطِ؛ فلا تَغْلوا ولا تُقَصِّروا) . 2- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغوا)) . قال المُظهِريُّ: (القَصدُ: الوَسَطُ، أي: لا تفريطَ ولا إفراطَ في العَمَلِ، يعني: التَّفريطُ والإفراطُ مذمومانِ، وخيرُ الأمورِ أوساطُها) . 3- وعن عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((بِئسَ ما لأحَدِهم أن يقولَ: نَسِيتُ آيةَ كَيتَ وكيتَ، بل نُسِّيَ، واستَذكِروا القُرآنَ، فإنَّه أشَدُّ تَفَصِّيًا من صُدورِ الرِّجالِ مِنَ النَّعَمِ!)) . قال القَسْطَلَّانيُّ: (قيل: معنى «نُسِّيَ»: عوقِبَ بالنِّسيانِ لتفريطِه في تعاهُدِه واستِذكارِه) . 4- وعن أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... وفيه: ورَكِبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَكِبْنا معه، قال: فجَعَل بعضُنا يَهمِسُ إلى بعضٍ: ما كفَّارةُ ما صنَعْنا بتفريطِنا في صلاتِنا؟ ثمَّ قال: أمَا لكم فيَّ أُسوةٌ؟، ثمَّ قال: أمَا إنَّه ليس في النَّومِ تفريطٌ، إنَّما التَّفريطُ على مَن لم يُصَلِّ الصَّلاةَ حتَّى يجيءَ وَقتُ الصَّلاةِ الأُخرى، فمَن فَعَل ذلك فلْيُصَلِّها حينَ ينتَبِهُ لها، فإذا كان الغَدُ فلْيُصَلِّها عندَ وَقتِها)) . قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (سَمَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن فَعَل هذا مُفَرِّطًا، والمُفَرِّطُ ليس بمعذورٍ وليس كالنَّائمِ ولا النَّاسي عندَ الجميعِ من جهةِ العُذرِ) . ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ - عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ قال: (لَمَّا صَدَر عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ من مِنًى أناخ بالأبطَحِ. ثمَّ كوَّم كَوْمةً بَطْحاءَ ، ثمَّ طَرَح عليها رداءَه واستلقى، ثمَّ مَدَّ يَدَيه إلى السَّماءِ فقال: اللَّهُمَّ كَبِرَت سِنِّي، وضَعُفَت قُوَّتي، وانتَشَرَت رَعِيَّتي؛ فاقبِضْني إليك غيرَ مُضَيِّعٍ ولا مُفَرِّطٍ) . قال العِراقيُّ: (فإنَّه خائفٌ لضَعفِ قُوَّتِه وانتشارِ رَعِيَّتِه وكَثرتِهم أن يَقَعَ تضييعٌ منه لأمورِهم، وتقصيرٌ في القيامِ بحُقوقِهم) . - قال الحَسَنُ البَصْريُّ: (ولو أنَّ الأمَلَ في غَدِك خرَج مِن قَلبِك أحسَنْتَ اليومَ في عَمَلِك، واقتصَرْتَ لهَمِّ يومِك، غيرَ أنَّ الأمَلَ منك في الغَدِ دعاك إلى التَّفريطِ، ودعاك إلى المَزيِدِ في الطَّلَبِ) . - وقال إبراهيمُ بنُ أدهَمَ: (واللهِ ما الحياةُ بثِقةٍ فيُرجى يَومُها، ولا المنيَّةُ تَغدِرُ فيُؤمَنَ غَدرُها؛ ففيم التَّفريطُ والتَّقصيرُ والاتِّكالُ والتَّأخيرُ والإبطاءُ وأمرُ اللهِ جِدٌّ؟!) . - وقال ابنُ المُبارَكِ: (مَن تهاوَنَ بالأدَبِ عُوقِبَ بحِرمانِ السُّنَنِ، ومَن تهاوَنَ بالسُّنَنِ عُوقِبَ بحِرمانِ الفرائِضِ، ومَن تهاوَنَ بالفرائِضِ عُوقِبَ بحِرمانِ المَعرِفةِ) . -وقال أحمَدُ بنُ عِصامٍ الأنطاكيُّ: (إيَّاك والتَّفريطَ عندَ إمكانِ الفُرصةِ؛ فإنَّه مَيدانٌ يجري لأهلِه بالحَسَراتِ) . -وقال الحارِثُ المُحاسِبيُّ: (فلا تَرْضَ مِن نَفْسِك بالتَّواني؛ فإنَّه لا عُذرَ لأحَدٍ في التَّفريطِ، ولا لأحَدٍ عن اللهِ غِنًى) . -وقال داوُدُ الطَّائيُّ: (ما نُعَوِّلُ إلَّا على حُسنِ الظَّنِّ باللهِ تعالى، فأمَّا التَّفريطُ فهو المُستولي على الأبدانِ) . -وقال ابنُ الجَوزيِّ: (كُلُّ الوَيلِ على المُفَرِّطِ الذي لا ينظُرُ في عاقبتِه) . - وقال طاهِرُ بنُ الحُسَينِ يوصي ابنَه عبدَ اللهِ: (وإيَّاك أن تُنسيَك الدُّنيا وغُرورُها هَولَ الآخِرةِ؛ فتتَهاوَنَ بما يَحِقُّ عليك؛ فإنَّ التَّهاوُنَ يُورِثُ التَّفريطَ، والتَّفريطَ يُورِثُ البَوارَ) . - وقال ابنُ قُتَيبةَ: (كان يُقالُ: دينُ اللهِ بَينَ المُقَصِّرِ والغالي. وقال مُطَرِّفُ بنُ عبدِ اللهِ لابنه: يا بُنَيَّ، الحَسَنةُ بَينَ السَّيِّئتَينِ -يعني: بَينَ الإفراطِ والتَّقصيرِ-، وخيرُ الأمورِ أوساطُها) . -وقال بعضُ الحُكَماءِ: (العَجَلةُ في الأمرِ خُرْقٌ، وأخرَقُ من ذلك التَّفريطُ في الأمرِ بَعدَ القدرةِ عليه) . آثارُ التَّفريطِ 1- يُعَرِّضُ المُفَرِّطَ للعُقوبةِ. 2- يُفَوِّتُ على المُفَرِّط كثيرًا من الأجرِ والثَّوابِ المترتِّبِ على ما فَرَّط فيه. 3- ذَهابُ مصالِحِ الدُّنيا وفواتُ ما فيه خَيرٌ. 4- التَّفريطُ مَجلَبةٌ للمَقتِ من الخَلقِ. 5- التَّفريطُ من أسبابِ بُغضِ اللهِ للعَبدِ وبُعدِه عنه. 6- التَّفريطُ يؤدِّي إلى ضَياعِ الحُقوقِ. 7- التَّفريطُ يؤدِّي إلى حُصولِ الفسادِ وانتشارِه. 8- التَّفريطُ يزرَعُ بُذورَ الفُرقةِ بَينَ المُسلِمين ويؤدِّي إلى تنافُرِ القُلوبِ واختلافِها. 9- التَّفريطُ يؤدِّي إلى النَّدَمِ والحَسرةِ. 10- التَّفريطُ يؤدِّي إلى ضَعفِ الإيمانِ. 11- اعتيادُ التَّفريطِ يَزرَعُ في النَّفسِ صِفةَ الكَسَلِ والإهمالِ واللَّامُبالاةِ. 12- التَّفريطُ قد أدَّى إلى ظُهورِ كثيرٍ مِن فِرَقِ المُبتَدِعةِ. ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-03-2024, 03:07 PM | #36 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع - التفريط أقسامُ التَّفريطِ التَّفريطُ إمَّا أن يكونَ تفريطًا في أمرِ الدِّينِ، أو تفريطًا في أمرِ الدُّنيا؛ فالتَّفريطُ في أمورِ الدِّينِ كالتَّفريطِ في العباداتِ، والتَّفريطُ في الدُّنيا كالتَّفريطِ في أمورِ المعاشِ، أو مُذاكَرةِ الطَّالِبِ دروسَه، إلى غيرِ ذلك. مظاهِرُ وصُوَرُ التَّفريطِ 1- التَّفريطُ في أداءِ الفرائِضِ كما ينبغي وتضييعُها، قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59] . وعن محمَّدِ بنِ سِيرينَ، قال: نُبِّئْتُ أنَّ أبا بكرٍ وعُمَرَ كانا يُعَلِّمانِ النَّاسَ: (تَعبُدُ اللهَ ولا تُشرِكُ به شيئًا، وتقيمُ الصَّلاةَ التي افتَرَض اللهُ لمواقيتِها؛ فإنَّ في تفريطِها الهَلَكةَ) . 2- التَّفريطُ في السُّنَنِ والنَّوافِلِ وفضائِلِ الأعمالِ رَغْمَ عَظيمِ ثَوابِها، ولَمَّا عَلِم ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ مَن تَبِع الجِنازةَ له أجرٌ قيراطٌ؛ قال: (لقد فَرَّطْنا في قراريطَ كثيرةٍ) . 3- التَّفريطُ في الأمانةِ ممَّا وُكِّل إلى الإنسانِ حِفظُه والقيامُ تِجاهَه بما يلزَمُ، كما حكى القرآنُ عن تفريطِ إخوةِ يُوسُفَ في أخيهم يوسُفَ وتضييعِهم له وقد ائتَمَنهم أبوهم يعقوبُ عليه السَّلامُ عليه؛ قال تعالى: قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [يوسف: 80] . 4- التَّفريطُ في حَقِّ الوالِدَينِ؛ قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان: 14-15] ، وقال جَلَّ ثناؤُه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24] . وأوصى زيدُ بنُ عَليٍّ ابنَه فقال: (اعلَمْ أنَّ خيرَ الآباءِ للأبناءِ مَن لم تدْعُه المودَّةُ إلى التَّفريطِ، وخيرُ الأبناءِ للآباءِ مَن لم يَدْعُه التَّقصيرُ إلى العُقوقِ) . 5- التَّفريطُ في تربيةِ الأبناءِ، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم: 6] ، قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا (يقولُ: عَلِّموهم، وأدِّبوهم) ، وقال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما لرَجُلٍ: (أدِّبِ ابنَك؛ فإنَّك مسؤولٌ عن ولَدِك ماذا أدَّبْتَه؟ وماذا علَّمْتَه؟ وإنَّه مسئولٌ عن بِرِّك وطواعيَتِه لك) . 6-التَّفريطُ في اختيارِ المرأةِ ذاتِ الدِّينِ؛ عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجمالِها ولدينِها؛ فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَت يَداك)) . 7-التَّفريطُ في القيامِ بواجِبِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ مع الاستطاعةِ والقُدرةِ. 8-التَّفريطُ في طَلَبِ الصَّديقِ الوَفيِّ أو تضييعُه ممَّن وجَده؛ عن هِلالِ بنِ العَلاءِ الرَّقِّيِّ يقولُ: (كتَب فَيلَسوفٌ إلى مَن في درجَتِه: أنِ اكتُبْ إليَّ بشَيءٍ ينفَعُني في عُمُري. فكتَب إليه: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ: استَوحَشَ مَن لا إخوانَ له، وفَرَّط مَن قصَّرَ في طلَبِهم، وأشَدُّ تفريطًا مَن وَجَد واحِدًا منهم وضَيَّعه بَعدَ وَجْدِه إيَّاه، ولوِجْدانُ الكِبريتِ الأحمَرِ أيسَرُ من وِجدانِ أخٍ أو صديقٍ مُوافِقٍ، وإنِّي لفي طَلَبِهم منذُ خمسينَ سَنةً، فما ظَفِرْتُ إلَّا بنِصفِ أخٍ، وتمرَّدَ عَلَيَّ وانقَلَب!) . 9- التَّفريطُ في حِفظِ العِلمِ ومُذاكَرتِه ومراجَعتِه؛ قال الماوَرْديُّ: (وأمَّا المانِعُ من حِفظِه بَعدَ تصَوُّرِه وفَهمِه فهو النِّسيانُ الحادِثُ عن غَفلةِ التَّقصيرِ وإهمالِ التَّواني؛ فينبغي لِمن بُلِي به أن يَستدرِكَ تقصيرَه بكثرةِ الدَّرسِ، ويوقِظَ غَفلَتَه بإدامةِ النَّظَرِ؛ فقد قيل: لا يُدرِكُ العِلمَ مَن لا يُطيلُ دَرْسَه، ويَكُدَّ نَفسَه. وكثرةُ الدَّرسِ كدُودٌ لا يَصبِرُ عليه إلَّا مَن يرى العِلمَ مَغنَمًا، والجَهالةَ مَغْرَمًا، فيحتَمِلُ تَعَبَ الدَّرسِ ليُدرِكَ راحةَ العِلمِ، وينفيَ عنه مَعَرَّةَ الجهلِ؛ فإنَّ نَيلَ العظيمِ بأمرٍ عظيمٍ، وعلى قَدْرِ الرَّغبةِ تكونُ المَطالِبُ، وبحَسَبِ الرَّاحةِ يكونُ التَّعَبُ. وقد قيل: طَلَبُ الرَّاحةِ قِلَّةُ الاستراحةِ. وقال بعضُ الحُكَماءِ: أكمَلُ الرَّاحةِ ما كانت عن كَدِّ التَّعَبِ، وأعَزُّ العِلمِ ما كان عن ذُلِّ الطَّلَبِ. وربَّما استَثقَل المتعَلِّمُ الدَّرسَ والحِفظَ واتَّكَل بَعدَ فَهمِ المعاني على الرُّجوعِ إلى الكُتُبِ والمطالَعةِ فيها عندَ الحاجةِ، فلا يكونُ إلَّا كمَن أطلَقَ ما صادَه ثِقةً بالقُدرةِ عليه بعدَ الامتناعِ منه، فلا تُعقِبُه الثِّقةُ إلَّا خَجَلًا، والتَّفريطُ إلَّا نَدَمًا) . أسبابُ الوُقوعِ في التَّفريطِ 1- الانشِغالُ بالدُّنيا، والانغِماسُ في مُتطَلَّباتِها. 2- ركونُ الإنسانِ إلى البَطالةِ وتغافُلُه عن مَصالِحِه. 3- ضَعفُ الهِمَّةِ. 4- الجَهلُ بقَدْرِ ما يُفَرِّطُ فيه وما فيه من منفَعةٍ. 5- الغَفلةُ عن الآثارِ المترتِّبةِ على التَّفريطِ. 6- طولُ الأمَلِ يدعو إلى التَّفريطِ. 7- الكَسَلُ والتَّواني والفُتورُ واللَّامُبالاةُ. 8- فَتحُ بابِ التَّأويلاتِ والرَّجاءِ وغيرِ ذلك. الوسائِلُ المُعِينةُ على تَرْكِ التَّفريطِ 1- تركُ الانشِغالِ بالدُّنيا وما لا فائدةَ فيه. 2- مُعالجةُ طُولِ الأمَلِ. 3- العمَلُ على عُلُوِّ الهِمَّةِ، والتَّخَلِّي عن أسبابِ ضَعْفِها وتدنِّيها. 4- النَّظَرُ في الثَّوابِ والأجرِ المترتِّبِ على العَمَلِ قَبلَ فِعلِه. 5- أن يَعلَمَ أنَّ التَّفريطَ يُفَوِّتُ عليه مصالِحَ الدُّنيا والآخِرةِ. 6- النَّظَرُ في عواقِبِ التَّفريطِ والآثارِ المترتِّبةِ عليه؛ قال بعضُهم: (اذكُرْ حَسَراتِ التَّفريطِ تلْتَذَّ الحَزْمَ، والحَظْ مَصارِعَ الهَزْلِ تُؤثِرِ الجِدَّ، وألْقِ خَطَراتِ الهَوى تَذكُرْ عواقِبَه) . 7- الاستعانةُ باللهِ تعالى والإكثارُ مِن دُعائِه. ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-03-2024, 03:11 PM | #37 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع - التفريط
حُكمُ التَّفريطِ إذا أدَّى التَّفريطُ بصاحِبِه إلى التَّقصيرِ في القيامِ بما أوجَبَ اللهُ سُبحانَه؛ كالصَّلَواتِ الخَمسِ، وبِرِّ الوالِدَينِ، وصِلةِ الأرحامِ، أو فِعلِ ما نهى عنه؛ كالزِّنا، والغِيبةِ، والنَّميمةِ- فهو تفريطٌ مُحَرَّمٌ، وقد يخرُجُ المرءُ بالتَّفريطِ من دائرةِ السُّنَّةِ إلى البِدعةِ إذا كان تفريطًا في بابِ العقائِدِ؛ فأهلُ السُّنَّةِ وَسَطٌ بَينَ طرَفَينِ: غالٍ، ومُفَرِّطٍ، وقد يكونُ التَّفريطُ مكروهًا، كالتَّفريطِ في المندوباتِ والمُستَحَبَّاتِ. التفريط في عالم الأدب أ- من الشِّعرِ 1- كان خالِدُ بنُ مَعْدانَ يقولُ: إذا أنتَ لم تَزرَعْ وأبصَرْتَ حاصِدًا نَدِمْتَ على التَّفريطِ في زَمَنِ البَذْرِ . 2- قال ابنُ المُعتَزِّ: نسيرُ إلى الآجالِ في كُلِّ ساعةٍ وأيَّامُنا تُطوى وهُنَّ رواحِلُ ولم نَرَ مِثلَ الموتِ حَقًّا كأنَّه إذا ما تَخطَّتْه الأمانيُّ باطِلُ وما أقبَحَ التَّفريطَ في زَمَنِ الصِّبا فكيف به والشَّيبُ في الرَّأسِ نازِلُ ترَحَّلْ عن الدُّنيا بزادٍ من التُّقى فعُمْرُك أيَّامٌ تُعَدُّ قلائِلُ ودَعْ عنك ما تجري به لُجَجُ الهَوى إلى غَمَراتٍ ليس فيهنَّ ساحِلُ . 3- وقال ابنُ القَيِّمِ: فهناك تَقرَعُ سِنَّ نَدْمانٍ على التَّفريطِ وَقتَ السَّيرِ والإمكانِ . 4- وقال ابنُ دُرَيدٍ: تندَّمْتُ والتَّفريطُ يجني ندامةً ومَن ذا على التَّفريطِ لا يتنَدَّمُ يصانِعُ أو يُغضي العُيونَ عن القَذَى ويُلذَعُ بالمُرَّى فلا يترَمْرَمُ . 5- وقال الإلبيريُّ: وقُلْ لي يا نَصيحُ لأنت أَولى بنُصحِك لو بعَقْلِك قد نظَرْتَا تَقطَعُني على التَّفريطِ لَومًا وبالتَّفريطِ دَهْرَك قد قطَعْتَا . ب- من الأمثالِ والحِكَمِ 1- إيَّاك والسَّآمةَ في طَلَبِ الأمورِ فتَقذِفَك الرِّجالُ خَلْفَ أعقابِها. يُروى عن أبجَرِ بنِ جابِرٍ العِجليِّ فيما أوصى به ابنَه حَجَّارًا. يُضرَبُ في الحَثِّ على الجِدِّ في الأمورِ وتَرْكِ التَّفريطِ فيها . 2- عثَرَتْ على الغَزلِ بأَخَرةٍ فلم تَدَعْ بنَجْدٍ قَرَدَةً. يُضرَبُ مَثَلًا في التَّفريطِ مع الإمكانِ ثمَّ الطَّلَبِ مع الفَوتِ. وأصلُه: أن تَدَعَ المرأةُ الغَزلَ وهي تَجِدُ ما تَغزِلُ من قُطنٍ أو كَتَّانٍ أو غيرِه، حتَّى إذا فاتها تتبَّعَت القَرَدَ في القُماماتِ فتلتَقِطُها وتَغزِلُها، والقَرَدُ: ما تَمعَّطَ عن الإبِلِ والغَنَمِ من الوَبَرِ والصُّوفِ والشَّعرِ . 3- الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ. يُضرَبُ مَثَلًا للرَّجُلِ يُضَيِّعُ الأمرَ ثمَّ يُريدُ استدراكَه. والتَّاءُ من «ضَيَّعْتِ» مكسورٌ في كُلِّ حالٍ إذا خوطِبَ به المذكَّرُ والمؤنَّثُ والاثنانِ والجَمعُ؛ لأنَّ المثَلَ في الأصلِ خُوطِبَت به امرأةٌ، وهي دَخْتَنُوسُ بنتُ لَقيطِ بنِ زُرارةَ كانت تحتَ عَمرِو بنِ عُدَسَ، وكان شيخًا كبيرًا، ففَرِكَتْه فطلَّقَها، ثمَّ تزَوَّجَها فتًى جميلُ الوجهِ، أجدَبَت فبَعَثَت إلى عمرٍو تطلُبُ منه حَلُوبةً، فقال عمرٌو (في الصَّيفِ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ!) فلمَّا رجَع الرَّسولُ وقال لها ما قال عمرٌو، ضرَبَت يدَها على مَنكِبِ زوجِها، وقالت: (هذا ومَذْقَةٌ خَيرٌ!) تعني أنَّ هذا الزَّوجَ مع عَدَمِ اللَّبَنِ خَيرٌ من عمرو، فذهبت كَلِماتُها مَثَلًا . 4- تَدَعُ العَينَ وتَطلُبُ الأثَرَ.. لا تَطلُبْ أثَرًا بَعدَ عَينٍ. يُضرَبُ لِمن تَرَك شيئًا يراه ثمَّ تَبِع أثَرَه بعدَ فَوتِ عَينِه. وهو لمالِكِ بنِ عَمرٍو العامِليِّ، وكان له أخٌ يقالُ له: سِماكٌ، فقتَلَه رجُلٌ من غسَّانَ، فلَقِيه مالِكٌ فأراد قتْلَه، فقال الغَسَّانيُّ: دَعْني ولك مائةٌ من الإبِلِ، فقال: (لا تطلُبْ أثرًا بعدَ عَينٍ) ثمَّ قتَلَه. ومعنى المثَلِ: لا آخُذُ الدِّيَةَ وهي أثَرُ الدَّمِ وتَبِعَتُه وأترُكُ العينَ يعني القاتِلَ . 5- ليس الهِناءُ بالدَّسِّ. قال أبو عُبَيدٍ: (يُضرَبُ للرَّجُلِ لا يبالِغُ في الطَّلَبِ، وأصلُه: أن يَجرَبَ البعيرُ في أرفاغِه وآباطِه، فإذا هُنِئَت تلك المواضِعُ منه قيل: قد دَسَّ دسًّا. يقولُ: فليس ذلك بشيءٍ، وإنَّما الهِناءُ أن تَهنَأَ الجسَدَ كُلَّه، فكذلك المبالَغةُ في الحاجةِ والاستقصاءِ) . 6- جَمِّعْ له جَراميزَك. يُضرَبُ لِمن يؤمَرُ بالجَلَدِ على العَمَلِ، والجراميزُ: القوائِمُ؛ اليدانِ والرِّجلانِ . 7- شَدَّ له حَزيمَه. يُقالُ: شَدَّ للأمرِ حَزيمَه: إذا استعَدَّ له. والحَزيمُ والحَيزومُ: ما والى الصَّدْرَ . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-03-2024, 03:13 PM | #38 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن
(( التقليد والتبعية )) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-06-2024, 02:45 PM | #39 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
التقليد والتبعية
لما كان الإنسان يميل بطبيعته إلى التقليد، ويكتسب كثيراً من سلوكه عن طريق اتباع ما يألفُهُ، كان للقدوة الحسنة أهمية كبيرة في التربية والتعليم والتوجيه والإرشاد. وقد كان النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) قدوة حسنة للصحابة (عليهم السلام) ، يقتدون به ويتعلمون منه، ليس شعائر العبادات فحسب، وإنما كانوا يتعلمون منه كذلك حسن السلوك، وآداب التعامل مع الناس. إن الطفل يكتسب أكثر عاداته بالتقليد، والتلقين، والإيحاء، والتدريب، فكانت تبعةُ الآباء والمربين من جراء ذلك عظيمةً جداً. وبقدر ما تكون العناية بتربية الأطفال جيدة، بقدر ما تؤدي إلى حثّ مشاعرهم على الاعتياد بتحمل المسؤولية، وفي ذلك إنماء لمواهب الطفل، وتكوين شخصيته تكويناً سليماً من شأنه أنْ يرتدَّ بالنفع على المجتمع الذي يعيش فيه؛ لذلك وجب أن ينصبَّ اهتمام المعنيين، ولا سيما المرشدون والموجهون على غرس العادات الطيبة في النفوس - ولاسيما الأطفال والتلامذة - أكثر من اهتمامهم بحشو عقولهم بالمعلومات، ولا سيما العلوم، لأنَّ قسماً كبيراً من هذه العلوم ينساه التلميذ بعد مغادرة المدرسة، بينما تبقى العادات الطيبة ظاهرة في تفكيره، وسلوكه، لأنها تلازم الإنسان مدى حياته. معنى التقليد لغة واصطلاحًا: التقليد لغةً: التقليد: وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به، ويسمى ذلك قلادة، ويأتي بمعنى الإلزام، والتناوب وأصل هذه المادة يدل على تعليق شيء وليه به . التقليد اصطلاحًا: قال ابن تيمية: التقليد هو قبول القول بغير دليل . . وقال الجرجاني: (عبارة عن اتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل، معتقدًا للحقيقة فيه، من غير نظر وتأمل في الدليل) الفرق بين التقليد وبين الاتباع والعلم والتنحيت - الفرق بين التقليد والاتباع: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك- فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح. وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ . . - الفرق بين العلم والتقليد: أنَّ العلم هو اعتقاد الشيء على ما هو به على سبيل الثقة. والتقليد قبول الأمر ممن لا يُؤمن عليه الغلط بلا حجة . . - الفرق بين التقليد والتنحيت: أن التنحيت هو الاعتقاد الذي يعتدُّ به الإنسان من غير أن يرجحه على خلافه، أو يخطر بباله أنه بخلاف ما اعتقده، وهو مفارق للتقليد ما يُقلَّد فيه الغير، والتنحيت لا يُقلَّد فيه أحد ذم التقليد والتبعية والنهي عنها أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [البقرة: 170-171]. قال السعدي: (أخبر تعالى عن حال المشركين إذا أُمِروا باتِّباع ما أنزل الله على رسوله -ممَّا تقدَّم وصفه- رغبوا عن ذلك، وقالوا: بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا، فاكتفوا بتقليد الآباء، وزهدوا في الإيمان بالأنبياء، ومع هذا فآباؤهم أجهل النَّاس، وأشدُّهم ضلالًا، وهذه شبهة -لردِّ الحقِّ- واهيةٌ، فهذا دليلٌ على إعراضهم عن الحقِّ، ورغبتهم عنه، وعدم إنصافهم، فلو هُدُوا لرُشْدِهم، وحسن قصدهم، لكان الحقُّ هو القَصْد، ومن جعل الحقَّ قصده، ووازن بينه وبين غيره، تبيَّن له الحقُّ قطعًا، واتَّبعه إن كان مُنصفًا. ثمَّ قال تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [البقرة: 171]. لـمَّا بيَّن تعالى عدم انقيادهم لِمَا جاءت به الرُّسل، وردَّهم لذلك بالتَّقليد، عُلِم مِن ذلك أنَّهم غير قابلين للحقِّ، ولا مستجيبين له، بل كان معلومًا لكلِّ أحدٍ أنَّهم لن يزُولُوا عن عنادهم، أخبر تعالى أنَّ مَثَلَهم عند دعاء الدَّاعي لهم إلى الإيمان، كمَثَل البهائم التي ينعِق لها راعيها، وليس لها علمٌ بما يقول راعيها ومناديها، فهم يسمعون مجرَّد الصَّوت الذي تقوم به عليهم الحجَّة، ولكنَّهم لا يفقهونه فقهًا ينفعهم، فلهذا كانوا صمًّا لا يسمعون الحقَّ سماع فهمٍ وقبول، عُمْيًا لا ينظرون نظر اعتبار، بُكْمًا فلا ينطقون بما فيه خيرٌ لهم . . وقال القرطبي: (قال علماؤنا: وقوَّة ألفاظ هذه الآية تعطي إبطال التَّقليد، ونظيرها: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا [المائدة: 104] الآية) . . - وقال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ [المائدة: 104]. أي: إذا دُعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه، وترك ما حرَّمه، قالوا: يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد مِن الطَّرائق والمسالك، قال الله تعالى: أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا أي: لا يفهمون حقًا، ولا يعرفونه، ولا يهتدون إليه، فكيف يتَّبعونهم والحالة هذه؟! لا يتَّبعهم إلَّا مَن هو أجهل منهم، وأضلُّ سبيلًا . . - وقال -سبحانه-: قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ [يونس: 78]. أي: أجئتنا لتصدَّنا عمَّا وجدنا عليه آباءنا مِن الشِّرك وعبادة غير الله، وتأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له؟! فجعلوا قول آبائهم الضَّالين حُجَّةً، يردُّون بها الحقَّ الذي جاءهم به موسى -عليه السَّلام- . . - وقوله تعالى: قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ [الأنبياء: 53]. - وقال: قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [الشُّعراء: 74]. قال ابن كثير: (لم يكن لهم حُجَّة سوى صنيع آبائهم الضُّلَّال) . . وقال: (يعني: اعترفوا بأنَّ أصنامهم لا تفعل شيئًا مِن ذلك، وإنَّما رأوا آباءهم كذلك يفعلون، فهم على آثارهم يُهرَعون) . . وقال ابن عبد البر بعدما سرد الآيات التي فيها ذم التقليد كقوله تعالى: - إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ [البقرة: 166-167] - وقوله: إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ []الأنبياء: 52-53[. ] وقوله: إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا [الأحزاب: 67]. قال: (وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أولئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد، كما لو قُلِّد رجل فكفر، وقُلِّد آخر فأذنب، وقُلِّد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كلُّ واحد ملومًا على التقليد بغير حجة؛ لأنَّ كلَّ ذلك تقليد يشبه بعضه بعضًا، وإن اختلفت الآثام فيه) ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة عن عدي بن حاتم: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب، فقال لي: يا عدي بن حاتم، ألق هذا الوثن من عنقك. وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ [التوبة: 31]. قال: قلت: يا رسول الله، إنا لم نتخذهم أربابًا، قال: بلى، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه، ويحرموه عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه؟ فقلت: بلى، قال: تلك عبادتهم)) أقوال السَّلف والعلماء في التقليد والتبعية - عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه كان يقول: (اغْدُ عالما أو متعلِّمًا، ولا تَغْد إمَّعة فيما بين ذلك) . . - وعنه -أيضًا- قال: (أَلَا لا يقلِّدنَّ أحدكم دينه رجلًا، إن آمن: آمن، وإن كفر: كفر ؛ وإن كنتم لا بدَّ مقتدين، فاقتدوا بالميِّت؛ فإنَّ الحيَّ لا يُؤمن عليه الفتنة) . . - وعنه -أيضًا- قال: (لا يكون أحدكم إمَّعة، قالوا: وما الإمَّعة يا أبا عبد الرَّحمن؟ قال: يقول: إنَّما أنا مع النَّاس، إن اهتدوا اهتديت، وإن ضلُّوا ضللت، ألَا ليوطِّن أحدكم نفسه على إن كفر النَّاس، أن لا يكفر) . . - وعنه -أيضًا- قال: (لا يكوننَّ أحدكم إمَّعة، قالوا: وما الإمَّعة؟ قال: يجري مع كلِّ ريح) . . - وقال الخلَّال: وأخبرني حرب بن إسماعيل الكِرْماني، قال: (قلت لإسحاق -يعني ابن راهوية- ما معنى قوله: (لا يكون أحدكم إمَّعة)؟ قال: يقول: إن ضلَّ النَّاس ضللت، وإن اهتدوا اهتديت) . . - قال عبد الله بن مسعود: (ليوطِّننَّ المرء نفسه على أنَّه إن كفر مَن في الأرض جميعًا لم يكفر، ولا يكوننَّ أحدكم إمَّعة، قيل: وما الإمَّعة؟ قال: الذي يقول: أنا مع النَّاس؛ إنَّه لا أسوة في الشَّرِّ) . . - وفي رواية: (إذا وقع النَّاس في الفتنة فقل: لا أسوة لي بالشَّرِّ) . . - وعن الفضيل بن عياض قال: (اتَّبع طريق الهدى، ولا يضرُّك قلَّة السَّالكين، وإيَّاك وطرق الضَّلالة، ولا تغتـرَّ بكثرة الهالكين) . . - و(عن كُمَيْل بن زياد أنَّ عليًّا رضي الله عنه قال: يا كُمَيل: إنَّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير، والنَّاس ثلاثة: فعالم ربَّانيٌّ، ومتعلِّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلِّ ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.. إلى أن قال: أُفٍّ لحامل حقٍّ لا بصيرة له، ينقدح الشَّكُّ في قلبه بأول عارض مِن شبهة، لا يدري أين الحقُّ، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدر، مشغوفٌ بما لا يدري حقيقته، فهو فتنةٌ لمن فُتن به) . . - وقال ابن وهب: سألت سفيان عن الإمَّعة، فقال: (الإمَّعة في الجاهليَّة: الذي يُدْعَى إلى الطَّعام فيذهب معه بغيره، وهو فيكم اليوم المحْقِب دينه الرِّجال) . . - وقال ابن القيم: (وكانوا يسمون – أي: الصحابة والتابعون- المقلد الإمعة ومحقب دينه، كما قال ابن مسعود: الإمعة الذي يحقب دينه الرجال، وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح) ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
09-06-2024, 02:52 PM | #40 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التقليد والتبعية
آثار التقليد والتبعية . 1- التفرق والميل عن سبيل الله: قال تعالى: وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153]. 2- الخذلان وفقدان النصير: قال تعالى:وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة: 120]. 3- التلاعن بين الأتباع والمتبوعين: قال تعالى: قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ [الأعراف: 38-39]. 4- التبرؤ والحسرة: قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: 165-167]. 5- العذاب المهين والاستقبال المشين في جهنم: قال تعالى:هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ [ص: 55-60]. 6- التخاصم والتلاوم: قال تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ [الصافات: 27-34]. 7- التقليد يعمي عن إدراك الحقائق . . 8- المقلد يقبل الكلام بغير حجة سواء كان خيرًا أو شرًّا. حكم التقليد يتحدد حكم من قلد غيره، وصار إمعة له بحسب ما يتابع غيره عليه، إن كان كفرًا كان تقليده له كفرًا- إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع- وإن كان بدعة صار فعله بدعة، وإن كان فسقًا كان فعله فسقًا وهكذا. ويخرج مِن هذا الحكم ما يلي: 1- متابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم فقد أمر الله تعالى بمتابعته . . ولا يعدُّ هذا من التقليد. 2- تقليد العامِّي للعلماء فيما يحتاج إليه مِن أمور دينه؛ لأنَّه لا يستطيع البحث ومعرفة الحكم بدليله . . 3- اتِّباع الإجماع وموافقة الجماعة؛ ولذلك قلنا فيمن يُوصف بالإمَّعة هو الذي يقلِّد غيره تقليدًا مجرَّدًا عن الشَّرع والعقل صور التقليد والتبعية 1- الذي يقلِّد غيره في أصل عقيدته، كما فعل قوم إبراهيم وغيرهم: قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ [المائدة: 104]. 2- الذي يقلِّد غيره في أخلاقه ولو ساءت، كما ذكر الله تعالى عن أهل الجاهلية في قوله: وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 28]. 3- الإمَّعة في فروع الدِّين، ومِن ذلك: التَّعصُّب المذهبي: كالذي يقلِّد غيره في العبادات حتى لو أخطأ وظهر له الدَّليل على خطئه، كما في التَّعصُّب المذهبي. 4- التَّشبُّه بالكفَّار في عاداتهم وتقاليدهم، وهذا واضح في تقليد كثير مِن المسلمين لغيرهم في كثير مِن العادات والتَّقاليد، حتى حقَّقوا في ذلك وصف الإمَّعة، إليك بعض الأمثلة: عيد الأمِّ، عيد شمِّ النَّسيم، عيد الحبِّ... وغيرها. فكلُّ ذلك مِن العادات التي غالبًا ما يُسأل عنها فاعلوها، فيقولون: هكذا يفعل النَّاس!! وقد سُئل محمَّد بن صالح العثيمين السُّؤال التَّالي: (انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحبِّ -خاصة بين الطَّالبات- وهو عيد مِن أعياد النَّصارى، ويكون الزيُّ كاملًا باللَّون الأحمر -الملْبَس والحذاء-، ويتبادلن الزُّهور الحمراء، نأمل مِن فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور، والله يحفظكم ويرعاكم؟. فأجاب: الاحتفال بعيد الحبِّ لا يجوز؛ لوجوه: الأوَّل: أنَّه عيدٌ بدعيٌّ لا أساس له في الشَّريعة. الثَّاني: أنَّه يدعو إلى العشق والغرام. الثَّالث: أنَّه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التَّافهة المخالفة لهدي السَّلف الصَّالح -رضي الله عنهم-. فلا يحلُّ أن يحدث في هذا اليوم شيء مِن شعائر العيد، سواءً كان في المآكل، أو المشارب، أو الملابس، أو التَّهادي، أو غير ذلك. وعلى المسلم أن يكون عزيزًا بدينه، وأن لا يكون إمَّعة يتبع كلَّ ناعق) . . 5- التَّبعيَّة السِّياسية، مثل ما يطالب به الكثيرون اليوم مِن جعل الدَّولة مدنيَّةً على غرار مدنيَّة الغرب التي تعني إقصاء الدِّين. 6- الإمَّعة في الصَّحافة والإعلام، بنشر كلِّ ما يقال بدون تثبُّت وتروٍّ، ويا ليتهم يعقلون قوله تعالى: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً [النَّساء: 83]. 7- ذو الوجهين نوع مِن الإمَّعة: قال الغزالي: (وقد اتَّفقوا على أنَّ ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق، وللنِّفاق علامات كثيرة وهذه مِن جملتها) . . 8- مُسَايرة الواقع: ومِن صور الإمَّعة: فتنة مُسَايرة الواقع؛ فهي كثيرة ومتنوعة اليوم بين المسلمين، وهي تترواح بين الفتنة وارتكاب الكبائر أو الصَّغائر، أو التَّرخُّص في الدِّين، وتتبُّع زلَّات العلماء؛ لتسويغ المخالفات الشَّرعية النَّاجمة عن مسايرة الرَّكب، وصعوبة الخروج عن المألوف، واتِّباع النَّاس إن أحسنوا أو أساؤوا. ومَن هذه حاله يَنطَبق عليه وصف الإمَّعة أسباب الوقوع في التقليد والتبعية 1- تربية الأبناء على التَّبعيَّة لغيرهم في كلِّ شيء، وعدم مشاركتهم في شيء. 2- فقدان الثِّقة بالنَّفس. 3- الجهل. 4- الغلوُّ في الأشخاص. 5- اتباع الهوى والشبهات. 6- تعظيم ما كان عليه الآباء. 7- التَّقليد الأعمى وعدم البحث عن الدَّليل. ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 22 ( الأعضاء 0 والزوار 22) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
لنتصدق على فقراء الأخلاق. | رهيبة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 6 | 09-16-2022 10:57 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |