» يومٌ من عمري « | ||||||
|
آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-12-2024, 06:41 AM | #341 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهجر
ذم الهجر والنهي عنه ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ 1- قال بعضُ العُلَماءِ: (من هجر أخاه من غيرِ ذَنبٍ كان كمن زَرع زرعًا ثمَّ حَصَده في غيرِ أوانِه) . 2- وقال بعضُ الحُكَماءِ: (لا تقطَعْ أخاك إلَّا بعد عَجزِ الحيلةِ عن استصلاحِه) . 3- وقال أبو الدَّرداءِ رَضِيَ الله عنه: (معاتبةُ الأخِ أهونُ من فَقدِه، ومن لك بأخيك كُلِّه؟ فأعطِ أخاك ولِنْ له، ولا تُطِعْ به حاسِدًا فتكونَ مِثلَه، غدًا يأتيه الموتُ فيكفيك فَقْدَه، فكيف تبكيه في المماتِ، وفي الحياة تَركتَ وَصلَه؟!) . 4- وقال ابنُ حِبَّانَ: (لا يجِبُ للمرءِ أن يدخُلَ في جملةِ العوامِّ والهَمَجِ بإحداثِ الوُدِّ لإخوانِه وتكديرِه لهم بالخُروجِ بالسَّبَبِ الذي يؤدِّي إلى الهِجرانِ الذي نهى المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنه بَيْنَهم، بل يقصِدُ قصدَه الإغضاءَ عن ورودِ الزَّلَّاتِ، ويتحرى تركَ المناقشةِ على الهفَواتِ، ولا سيَّما إذا قيل في أحَدِهم الشَّيءُ الذي يحتَمَلُ أن يكونَ حَقًّا وباطِلًا معًا؛ فإنَّ النَّاسَ ليس يخلو وصلُهم من رَشقِ أسهُمِ العِذالِ فيه) . 5- وقال أيضًا: (لا يحِلُّ التَّباغُضُ ولا التَّنافُسُ ولا التَّحاسُدُ ولا التَّدابُرُ بَيْنَ المُسلِمين، والواجبُ عليهم أن يكونوا إخوانًا كما أمَرَهم اللهُ ورسولُه، فإذا تألَّم واحدٌ منهم تألَّم الآخرُ بألَمِه، وإذا فَرِح فَرِح الآخرُ بفَرَحِه، ينفي الغِشَّ والدَّغَلَ مع استسلامِ الأنفُسِ للهِ عزَّ وجَلَّ، مع الرِّضا بما يوجِبُ القضاءُ في الأحكامِ كُلِّها، ولا يجِبُ الهِجرانُ بَيْنَ المُسلِمين عِندَ وجودِ زلَّةٍ من أحَدِهما، بل يجبُ عليهما صرْفُها إلى الإحسانِ والعَطفِ عليه بالإشفاقِ وتَركِ الهِجرانِ) . 6- وقال السَّعديُّ: (الواجِبُ على المُسلِمين عمومًا، وعلى أهلِ العِلمِ خُصوصًا: أن يبذُلوا جُهدَهم وطاقتَهم في حصولِ التَّوادُدِ، وعدَمِ التَّقاطُعِ والتَّهاجُرِ، ويُرغِّبوا غيرَهم فيه؛ امتثالًا لأمرِ اللهِ، وسعيًا في محبوبِه، وطلَبًا للزُّلفى لديه... ويقابلون المسيءَ إليهم بالعَفوِ عنه والصَّفحِ وسَلامةِ النَّفسِ، ولا يعامِلونه بما عامَلَهم به، بل إذا عاملَهم بالبُغضِ عامَلوه بالمحبَّةِ، وإن عامَلَهم بالأذى عامَلوه بالإحسانِ، وإذا عامَلَهم بالهَجْرِ وتَركِ السَّلامِ عامَلوه ببَذلِ السَّلامِ والبَشاشةِ، ولِينِ الكلامِ والدُّعاءِ له بظَهرِ الغيبِ، ولا يُطعيوا أنفُسَهم الأمَّارةَ بالسُّوءِ بمعاملتِه من جِنسِ ما عامَلَهم به) . أضرارُ الهَجْرِ 1- أنَّه معصيةٌ للهِ ورَسولِه مُوجِبةٌ للعقابِ، وحِرمانِ الثَّوابِ. 2- من أسبابِ ضَعفِ الإيمانِ. 3- قد يترَتَّبُ على التَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ اقتِتالٌ وسَفكُ دِماءٍ. 4- التَّهاجُرُ يُضَيِّعُ كثيرًا من المصالِحِ، ويُطَمِّعُ أعداءَهم فيهم؛ لتفَرُّقِ كَلِمتِهم وتشتُّتِ أمرِهم . 5- الهَجْرُ يؤدِّي بالمتهاجِرين إلى تعييبِ كُلِّ واحدٍ أخاه صادِقًا أو كاذِبًا، فهما دائران بَيْنَ الغِيبةِ والبُهتانِ. 6- استحقاقُ مَن يهَجُرُ إخوانَه بغيرِ سَبَبٍ شَرعيٍّ لبُغضِ اللهِ سُبحانَه وسَخَطِه. 7- الهَجْرُ يُعَطِّلُ النَّصيحةَ؛ إذ لا يتناصحُ متهاجِرانِ. 8- حصولُ العداوةِ بَيْنَ المتهاجِرينِ، خصوصًا إذا طالت مدَّةُ التَّهاجُرِ. 9- من أسبابِ التَّفكُّكِ الاجتماعيِّ. 10- التَّهاجُرُ والتَّقاطُعُ أحَدُ أسبابِ ضَعفِ الأمَّةِ. 11- الهَجْرُ يقبِضُ يدَ المساعَدةِ عن المهجورِ، وهو عقوقٌ إذا كان المهجورُ أحَدَ الوالِدَينِ، وقطعٌ للرَّحِمِ إن كان أحَدَ الأقارِبِ. 12- الهَجْرُ يُعَطِّلُ حُقوقَ الأُخُوَّةِ بَيْنَ المتهاجِرين؛ فلا يُسَلِّمُ أحَدُهما على الآخَرِ، ولا يَرُدُّ سلامَه، ولا يعودُه إذا مَرِض، ولا يُشَيِّعُ جِنازتَه إذا مات. 13- المتهاجِرانِ محرومانِ ممَّا يُفيضُ اللهُ على المُسلِمين في مواسِمِ الخيرِ حتَّى يصطَلِحا. 14- الهَجْرُ انعِزالٌ وفُرقةٌ، والإسلامُ حَثَّ على الجماعةِ، ونبذِ الفُرْقةِ . أقسامُ الهَجْرِ الهَجْرُ ثلاثةُ أقسامٍ: الأول: الهَجْرُ ديانةً، أي: (الهَجْرُ لحَقِّ اللهِ تعالى) وهو من عَمَلِ أهلِ التَّقوى في: هَجرِ السَّيِّئةِ، وهَجرِ فاعِلِها مبتَدِعًا أو عاصِيًا. وهذا النَّوعُ من الهَجْرِ للفُجَّارِ على قِسمَينِ: 1 - هَجرُ تَركٍ: بمعنى هَجرِ السَّيِّئاتِ، وهَجرِ قُرَناءِ السُّوءِ الذين تضُرُّه صُحبتُهم إلَّا لحاجةٍ أو مصلحةٍ راجحةٍ؛ قال اللهُ تعالى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: 5] ، وقال سُبحانَه: وَاهْجُرْهُم هَجْرًا جَمِيلًا [المزمل: 10] ، وقال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 68] ، وقال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء: 140] ، وفي الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المهاجِرُ مَن هَجَر ما نهى اللهُ عنه)) . 2 - هَجرُ تَعزيرٍ: وهذا من العُقوباتِ الشَّرعيَّةِ التَّعبُّديَّةِ التي يوقِعُها المُسلِمُ على الفُجَّارِ، كالمبتَدِعِ، على وجهِ التَّأديبِ، في دائرةِ الضَّوابِطِ الشَّرعيَّةِ للهَجرِ، حتَّى يتوبَ المبتَدِعُ ويفيءَ. وهذا النَّوعُ بقِسمَيه من أصولِ الاعتقادِ، والأمرُ فيه أمرُ إيجابٍ في أصلِ الشَّرعِ، ومباحِثُه في كتُبِ السُّنَنِ والتَّوحيدِ والاعتقادِ وغيرِها. الثَّاني: الهَجْرُ لاستصلاحِ أمرٍ دُنيويٍّ، أي (الهَجْرُ لحَقِّ العبدِ): وفيه جاءت أحاديثُ الهَجْرِ بما دونَ ثَلاثِ ليالٍ، وجميعُها تفيدُ أنَّ الشَّرعَ لم يرخِّصْ بهذا النَّوعِ من الهَجْرِ بَيْنَ المُسلِمين إلَّا بما دونَ ثلاثِ لَيالٍ. ومن الهَجْرِ هنا: هَجرُ الوالِدِ لوَلَدِه، والزَّوجِ لزوجتِه؛ قال الخطَّابيُّ: (فأمَّا هِجْرانُ الوالِدِ وَلَدَه والزَّوجِ لزَوجِه، ومن كان في معناهما، فلا يُضَيَّقُ أكثَرَ من ثلاثٍ، وقد هَجر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نساءَه شهرًا) . وهذا النَّوعُ من الهَجْرِ هو الذي يدورُ عليه الكلامُ في هذه الصِّفةِ. النَّوعُ الثَّالثُ: الهَجْرُ قضاءً، وهو من العُقوباتِ التَّعزيريَّةِ للمُعتدينَ، وهذا يبحَثُه الفُقَهاءُ في بابِ التَّعزيرِ . دَرَجاتُ الهَجْرِ الأولى: الهَجْرُ بالأبدانِ، وقد يكونُ هَجرًا كُلِّيًّا، بهَجرِ مكانٍ لمكانٍ آخَرَ، وهَجْرًا جُزئيًّا، كهَجرِ الزَّوجِ زوجتَه في الفِراشِ، أو هَجرِ مَكانٍ تُرتَكَبُ فيه المعاصي لغيرِه. الثَّانيةُ: الهَجْرُ باللِّسانِ، وهو إمَّا أن يكونَ هَجرًا كُلِّيًّا أيضًا، بتركِ السَّلامِ والكلامِ بالكُلِّيَّةِ، أو هَجرًا جزئيًّا كالاكتفاءِ بالسَّلامِ ويسيرِ الكلامِ، ويدخُلُ في الهَجْرِ الجُزئيِّ ما يقَعُ بَيْنَ الأهلِ والإخوانِ من المغاضَبةِ مع عدَمِ هَجرِ السَّلامِ والكلامِ. الثَّالثةُ: الهَجْرُ بالقَلبِ، وهو هَجرٌ خاصٌّ بالكافِرين . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 06:41 AM | #342 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهجر
ذم الهجر والنهي عنه ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ 1- قال بعضُ العُلَماءِ: (من هجر أخاه من غيرِ ذَنبٍ كان كمن زَرع زرعًا ثمَّ حَصَده في غيرِ أوانِه) . 2- وقال بعضُ الحُكَماءِ: (لا تقطَعْ أخاك إلَّا بعد عَجزِ الحيلةِ عن استصلاحِه) . 3- وقال أبو الدَّرداءِ رَضِيَ الله عنه: (معاتبةُ الأخِ أهونُ من فَقدِه، ومن لك بأخيك كُلِّه؟ فأعطِ أخاك ولِنْ له، ولا تُطِعْ به حاسِدًا فتكونَ مِثلَه، غدًا يأتيه الموتُ فيكفيك فَقْدَه، فكيف تبكيه في المماتِ، وفي الحياة تَركتَ وَصلَه؟!) . 4- وقال ابنُ حِبَّانَ: (لا يجِبُ للمرءِ أن يدخُلَ في جملةِ العوامِّ والهَمَجِ بإحداثِ الوُدِّ لإخوانِه وتكديرِه لهم بالخُروجِ بالسَّبَبِ الذي يؤدِّي إلى الهِجرانِ الذي نهى المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنه بَيْنَهم، بل يقصِدُ قصدَه الإغضاءَ عن ورودِ الزَّلَّاتِ، ويتحرى تركَ المناقشةِ على الهفَواتِ، ولا سيَّما إذا قيل في أحَدِهم الشَّيءُ الذي يحتَمَلُ أن يكونَ حَقًّا وباطِلًا معًا؛ فإنَّ النَّاسَ ليس يخلو وصلُهم من رَشقِ أسهُمِ العِذالِ فيه) . 5- وقال أيضًا: (لا يحِلُّ التَّباغُضُ ولا التَّنافُسُ ولا التَّحاسُدُ ولا التَّدابُرُ بَيْنَ المُسلِمين، والواجبُ عليهم أن يكونوا إخوانًا كما أمَرَهم اللهُ ورسولُه، فإذا تألَّم واحدٌ منهم تألَّم الآخرُ بألَمِه، وإذا فَرِح فَرِح الآخرُ بفَرَحِه، ينفي الغِشَّ والدَّغَلَ مع استسلامِ الأنفُسِ للهِ عزَّ وجَلَّ، مع الرِّضا بما يوجِبُ القضاءُ في الأحكامِ كُلِّها، ولا يجِبُ الهِجرانُ بَيْنَ المُسلِمين عِندَ وجودِ زلَّةٍ من أحَدِهما، بل يجبُ عليهما صرْفُها إلى الإحسانِ والعَطفِ عليه بالإشفاقِ وتَركِ الهِجرانِ) . 6- وقال السَّعديُّ: (الواجِبُ على المُسلِمين عمومًا، وعلى أهلِ العِلمِ خُصوصًا: أن يبذُلوا جُهدَهم وطاقتَهم في حصولِ التَّوادُدِ، وعدَمِ التَّقاطُعِ والتَّهاجُرِ، ويُرغِّبوا غيرَهم فيه؛ امتثالًا لأمرِ اللهِ، وسعيًا في محبوبِه، وطلَبًا للزُّلفى لديه... ويقابلون المسيءَ إليهم بالعَفوِ عنه والصَّفحِ وسَلامةِ النَّفسِ، ولا يعامِلونه بما عامَلَهم به، بل إذا عاملَهم بالبُغضِ عامَلوه بالمحبَّةِ، وإن عامَلَهم بالأذى عامَلوه بالإحسانِ، وإذا عامَلَهم بالهَجْرِ وتَركِ السَّلامِ عامَلوه ببَذلِ السَّلامِ والبَشاشةِ، ولِينِ الكلامِ والدُّعاءِ له بظَهرِ الغيبِ، ولا يُطعيوا أنفُسَهم الأمَّارةَ بالسُّوءِ بمعاملتِه من جِنسِ ما عامَلَهم به) . أضرارُ الهَجْرِ 1- أنَّه معصيةٌ للهِ ورَسولِه مُوجِبةٌ للعقابِ، وحِرمانِ الثَّوابِ. 2- من أسبابِ ضَعفِ الإيمانِ. 3- قد يترَتَّبُ على التَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ اقتِتالٌ وسَفكُ دِماءٍ. 4- التَّهاجُرُ يُضَيِّعُ كثيرًا من المصالِحِ، ويُطَمِّعُ أعداءَهم فيهم؛ لتفَرُّقِ كَلِمتِهم وتشتُّتِ أمرِهم . 5- الهَجْرُ يؤدِّي بالمتهاجِرين إلى تعييبِ كُلِّ واحدٍ أخاه صادِقًا أو كاذِبًا، فهما دائران بَيْنَ الغِيبةِ والبُهتانِ. 6- استحقاقُ مَن يهَجُرُ إخوانَه بغيرِ سَبَبٍ شَرعيٍّ لبُغضِ اللهِ سُبحانَه وسَخَطِه. 7- الهَجْرُ يُعَطِّلُ النَّصيحةَ؛ إذ لا يتناصحُ متهاجِرانِ. 8- حصولُ العداوةِ بَيْنَ المتهاجِرينِ، خصوصًا إذا طالت مدَّةُ التَّهاجُرِ. 9- من أسبابِ التَّفكُّكِ الاجتماعيِّ. 10- التَّهاجُرُ والتَّقاطُعُ أحَدُ أسبابِ ضَعفِ الأمَّةِ. 11- الهَجْرُ يقبِضُ يدَ المساعَدةِ عن المهجورِ، وهو عقوقٌ إذا كان المهجورُ أحَدَ الوالِدَينِ، وقطعٌ للرَّحِمِ إن كان أحَدَ الأقارِبِ. 12- الهَجْرُ يُعَطِّلُ حُقوقَ الأُخُوَّةِ بَيْنَ المتهاجِرين؛ فلا يُسَلِّمُ أحَدُهما على الآخَرِ، ولا يَرُدُّ سلامَه، ولا يعودُه إذا مَرِض، ولا يُشَيِّعُ جِنازتَه إذا مات. 13- المتهاجِرانِ محرومانِ ممَّا يُفيضُ اللهُ على المُسلِمين في مواسِمِ الخيرِ حتَّى يصطَلِحا. 14- الهَجْرُ انعِزالٌ وفُرقةٌ، والإسلامُ حَثَّ على الجماعةِ، ونبذِ الفُرْقةِ . أقسامُ الهَجْرِ الهَجْرُ ثلاثةُ أقسامٍ: الأول: الهَجْرُ ديانةً، أي: (الهَجْرُ لحَقِّ اللهِ تعالى) وهو من عَمَلِ أهلِ التَّقوى في: هَجرِ السَّيِّئةِ، وهَجرِ فاعِلِها مبتَدِعًا أو عاصِيًا. وهذا النَّوعُ من الهَجْرِ للفُجَّارِ على قِسمَينِ: 1 - هَجرُ تَركٍ: بمعنى هَجرِ السَّيِّئاتِ، وهَجرِ قُرَناءِ السُّوءِ الذين تضُرُّه صُحبتُهم إلَّا لحاجةٍ أو مصلحةٍ راجحةٍ؛ قال اللهُ تعالى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: 5] ، وقال سُبحانَه: وَاهْجُرْهُم هَجْرًا جَمِيلًا [المزمل: 10] ، وقال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 68] ، وقال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء: 140] ، وفي الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المهاجِرُ مَن هَجَر ما نهى اللهُ عنه)) . 2 - هَجرُ تَعزيرٍ: وهذا من العُقوباتِ الشَّرعيَّةِ التَّعبُّديَّةِ التي يوقِعُها المُسلِمُ على الفُجَّارِ، كالمبتَدِعِ، على وجهِ التَّأديبِ، في دائرةِ الضَّوابِطِ الشَّرعيَّةِ للهَجرِ، حتَّى يتوبَ المبتَدِعُ ويفيءَ. وهذا النَّوعُ بقِسمَيه من أصولِ الاعتقادِ، والأمرُ فيه أمرُ إيجابٍ في أصلِ الشَّرعِ، ومباحِثُه في كتُبِ السُّنَنِ والتَّوحيدِ والاعتقادِ وغيرِها. الثَّاني: الهَجْرُ لاستصلاحِ أمرٍ دُنيويٍّ، أي (الهَجْرُ لحَقِّ العبدِ): وفيه جاءت أحاديثُ الهَجْرِ بما دونَ ثَلاثِ ليالٍ، وجميعُها تفيدُ أنَّ الشَّرعَ لم يرخِّصْ بهذا النَّوعِ من الهَجْرِ بَيْنَ المُسلِمين إلَّا بما دونَ ثلاثِ لَيالٍ. ومن الهَجْرِ هنا: هَجرُ الوالِدِ لوَلَدِه، والزَّوجِ لزوجتِه؛ قال الخطَّابيُّ: (فأمَّا هِجْرانُ الوالِدِ وَلَدَه والزَّوجِ لزَوجِه، ومن كان في معناهما، فلا يُضَيَّقُ أكثَرَ من ثلاثٍ، وقد هَجر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نساءَه شهرًا) . وهذا النَّوعُ من الهَجْرِ هو الذي يدورُ عليه الكلامُ في هذه الصِّفةِ. النَّوعُ الثَّالثُ: الهَجْرُ قضاءً، وهو من العُقوباتِ التَّعزيريَّةِ للمُعتدينَ، وهذا يبحَثُه الفُقَهاءُ في بابِ التَّعزيرِ . دَرَجاتُ الهَجْرِ الأولى: الهَجْرُ بالأبدانِ، وقد يكونُ هَجرًا كُلِّيًّا، بهَجرِ مكانٍ لمكانٍ آخَرَ، وهَجْرًا جُزئيًّا، كهَجرِ الزَّوجِ زوجتَه في الفِراشِ، أو هَجرِ مَكانٍ تُرتَكَبُ فيه المعاصي لغيرِه. الثَّانيةُ: الهَجْرُ باللِّسانِ، وهو إمَّا أن يكونَ هَجرًا كُلِّيًّا أيضًا، بتركِ السَّلامِ والكلامِ بالكُلِّيَّةِ، أو هَجرًا جزئيًّا كالاكتفاءِ بالسَّلامِ ويسيرِ الكلامِ، ويدخُلُ في الهَجْرِ الجُزئيِّ ما يقَعُ بَيْنَ الأهلِ والإخوانِ من المغاضَبةِ مع عدَمِ هَجرِ السَّلامِ والكلامِ. الثَّالثةُ: الهَجْرُ بالقَلبِ، وهو هَجرٌ خاصٌّ بالكافِرين . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 06:43 AM | #343 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهجر
مظاهِرُ وصُوَرُ الهَجْرِ 1- الهَجْرُ الواقعُ بَيْنَ الأصدقاءِ وزُمَلاءِ العَمَلِ. 2- الهَجْرُ الذي يستمِرُّ مدَّةً طويلةً، كأن يستَمِرَّ الهَجْرُ بَيْنَ أخوَينِ لمدةِ سَنةٍ، وقد جعل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الهَجْرَ تلك المدَّةَ كسَفكِ الدَّمِ؛ عن أبي خِراشِ السُّلَميِّ أنَّه سمع رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((من هَجر أخاه سَنةً فهو كسَفْكِ دَمِه)) . قال الصَّنعانيُّ: (هذا تغليظٌ شديدٌ في الهَجْرِ هذه المدَّةَ، والمرادُ أنَّهما سواءٌ في أصلِ التَّحريمِ، وإن كان البادِئُ بالفِعلِ أغلَظَ) . وقيل: المعنى: مهاجَرةُ الأخِ المُسلِمِ سَنةً تُوجِبُ العقوبةَ، كما أنَّ سَفكَ دَمِه يوجِبُها؛ فهي شبيهةٌ بالسَّفكِ من حيثُ حُصولُ العقوبةِ بسَبَبِها، لا أنَّها مثلُه في العقوبةِ؛ لأنَّ القَتلَ كبيرةٌ عظيمةٌ، لا يكونُ بعدَ الشِّركِ أعظَمُ منه، فشَبَّه الهِجرانَ به تأكيدًا في المنعِ عنه، وفي المشابهةِ تكفي المساواةُ في بعضِ الصِّفاتِ. ويمكنُ أن يكونَ تخصيصُ السَّنةِ بالذِّكرِ لاشتمالِها على الفُصولِ الأربعةِ، فإذا لم يعتَدِلْ مزاجُه بمرورِ السَّنةِ عليه فلا يُرجى رجوعُه . 3- هَجرُ الوالدَينِ أو أحَدِهما، ولا يجوزُ هذا الهَجْرُ بحالٍ من الأحوالِ، مهما بدَرَ منهما أو من أحَدِهما إليه من الإساءةِ. قال تعالى في شأنِ الوالِدَين الكافِرَين اللَّذَينِ يدعوانِ إلى الكُفرِ: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: 15] . (فالأبوانِ لهما حقٌّ خاصٌّ، لا يُهجَرانِ، لكِنْ يُنصَحانِ؛ لأنَّ اللهَ قال سُبحانَه في حقِّ الولِدِ، إذا كان أبواه كافِرَينِ، قال له جَلَّ وعلا: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: 15] ، فالوالِدانِ لهما حقٌّ عظيمٌ ولو كانا كافِرين، فعلى الوَلَدِ أن يصحَبَهما بالمعروفِ، وأن يحسِنَ إليهما، وإذا كانا فقيرينِ أنفق عليهما، مع الدَّعوةِ ومع التَّوجيهِ ومع الإحسانِ؛ لعَلَّ اللهَ أن يهديَهما بأسبابِه) . قال أحمدُ بنُ حنبَلٍ: (إذا رأى أباه على أمرٍ يَكرَهُه يُعلِمُه بغيرِ عُنفٍ ولا إساءةٍ، ولا يُغلِظْ له في الكلامِ، وإلَّا تركَه، وليس الأبُ كالأجنَبيِّ) . وقيل لإسحاقَ بنِ راهَوَيهِ: (الرَّجُلُ يأمُرُ أباه بالمعروفِ وينهاه عن المُنكَرِ؟) قال: (في رِفقٍ، عِظْه ولا تفعَلْه على رُؤوسِ النَّاسِ) . وقال سلامُ بنُ مِسكينٍ: (قُلتُ للحَسَنِ: آمُرُ والدَيَّ بالمعروفِ وأنهاهما عن المُنكَرِ؟ قال: مُرْهما إن قَبِلا، فإن سكَتَا فاسكُتْ عنهما) . فالوَلَدُ لا يجوزُ له أن يُنكِرَ على والِدَيه إلَّا في حدودِ مرتبتَيِ التَّعريفِ، ثمَّ الوعظِ بالنُّصحِ اللَّطيفِ، ولا يتجاوَزْهما بحالٍ إلى مرتبتَي السَّبِّ والتَّعنيفِ، أو التَّهديدِ بالضَّربِ والتَّخريفِ . 4- هَجرُ الأقارِبِ والأرحامِ، وقد نهى الشَّرعُ عن ذلك، وهَجْرُ ذوي الرَّحِمِ من كبائِرِ الذُّنوبِ؛ قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد: 22 - 23] (أي: فلعَلَّكم إن أعرَضْتُم عن دينِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن ترجِعوا إلى ما كنتُم عليه في الجاهليَّةِ من الإفسادِ في الأرضِ، بالتَّغاوُرِ والتَّناهُبِ، وقَطعِ الأرحامِ، بمقاتلةِ بعضِ الأقاربِ بعضًا) . وإذا كان المهجورُ من ذوي الرَّحِمِ فإنَّه كبيرةٌ، حتَّى وإن لم تبلُغِ المدَّةُ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ لأنَّ الهَجْرَ هنا أضيفَ إليه قطيعةُ الرَّحِمِ، وقد عدَّ الإمامُ الذَّهبيُّ هَجرَ الأقارِبِ مُطلَقًا من الكبائِرِ . 5- هَجرُ الزَّوجِ زوجتَه بغيرِ سَبَبٍ شرعيٍّ، وقد جعل بعضُ أهلِ العِلمِ هَجرَ الزَّوجةِ بلا موجِبٍ شرعيٍّ من الإضرارِ الذي يسوغُ لها به طَلَبُ الطَّلاقِ . 6- هَجرُ الجيرانِ ومقاطعتُهم، مع أنَّ حَقَّ الجارِ من آكَدِ الحقوقِ وأوجَبِها على المُسلِمِ. قال الذَّهبيُّ: (فإذا كان الجارُ صاحِبَ كبيرةٍ، فلا يخلو إمَّا أن يكونَ متسترًا بها ويغلِقَ بابَه عليه، فلْيُعرِضْ عنه ويتغافَلْ عنه، وإن أمكن أن ينصَحَه في السِّرِّ ويَعِظَه فحَسَنٌ، وإن كان متظاهِرًا بفِسقِه، مِثلُ مَكَّاسٍ أو مُرابٍ، فتهَجرُه هَجرًا جميلًا، وكذا إن كان تاركًا للصَّلاةِ في كثيرٍ من الأوقاتِ، فمُرْه بالمعروفِ وانهَه عن المُنكَرِ مرةً بعدَ أخرى، وإلَّا فاهْجُرْه في اللهِ؛ لعلَّه أن يرعويَ ويحصُلَ له انتفاعٌ بالهِجْرةِ، من غيرِ أن تقطَعَ عنه كلامَك وسلامَك وهديَّتَك، فإن رأيتَه متمَرِّدًا عاتيًا بعيدًا من الخيرِ، فأعرِضْ عنه واجهَدْ أن تتحوَّلَ من جوارِه) . 7- الهَجْرُ الذي يحصُلُ أحيانًا بسبَبِ الاختلافِ في مسائِلِ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مع ما قد يحصُلُ معه من التَّعصُّبِ للرَّأيِ، وربَّما تكلَّم المتهاجِران كُلُّ واحدٍ منهما في حقِّ صاحِبِه بغيرِ حَقٍّ؛ من أجلِ هذا الاختلافِ الحاصِلِ بَيْنَهما في أمرٍ كان يسَعُهما الخلافُ فيه دونَ نزاعٍ، فَضلًا عن الوُصولِ للتَّهاجُرِ بَيْنَهما؛ فالاختلافُ في الفروعِ ليس مَدعاةً أبدًا للهَجرِ. قال القُرطبيُّ في تفسيرِ قولِه تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران: 103] : (قولُه تعالى: وَلَا تَفَرَّقُوا يعني: في دينِكم كما افترَقَت اليهودُ والنَّصارى في أديانِهم... ويجوزُ أن يكونَ معناه: ولا تَفَرَّقوا متابعينَ للهوى والأغراضِ المختَلِفةِ، وكونوا في دينِ اللهِ إخوانًا، فيكونَ ذلك منعًا لهم عن التَّقاطُعِ والتَّدابُرِ، ودَلَّ عليه ما بعدَه، وهو قولُه تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا. وليس فيه دليلٌ على تحريمِ الاختلافِ في الفُروعِ؛ فإنَّ ذلك ليس اختلافًا إذ الاختلافُ ما يتعَذَّرُ معه الائتلافُ والجَمعُ، وأمَّا حُكمُ مسائِلِ الاجتهادِ فإنَّ الاختلافَ فيها بسبَبِ استخراجِ الفرائِضِ ودقائِقِ معاني الشَّرعِ، وما زالت الصَّحابةُ يختَلِفون في أحكامِ الحوادِثِ، وهم مع ذلك متآلفون... وإنَّما منع اللهُ اختلافًا هو سبَبُ الفسادِ) . وقد قال يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى: (ناظَرتُ الشَّافعيَّ يومًا في مسألةِ ثمَّ افتَرَقْنا ولقيني فأخذ بيدي، ثمَّ قال لي: يا أبا موسى ألا يستقيمُ أن نكونَ إخوانًا وإن لم نتَّفِقْ في مسألةٍ؟!) . قال الذَّهبيُّ مُعَلِّقًا: (هذا يدُلُّ على كمالِ عَقلِ هذا الإمامِ، وفِقهِ نَفسِه؛ فما زال النُّظَراءُ يختَلِفون) . 8- الهَجْرُ الذي يحصُلُ بسَبَبِ تشجيعِ الفِرْقِ الرِّياضيَّةِ، وممَّا يثيرُ الاستغرابَ ويثيرُ العَجَبَ أيضًا أن يتسَرَّبَ هَوَسُ اللُّعبةِ إلى بُيوتاتِ المُسلِمين، ويعتو فيها بالإفسادِ، وإفشاءِ الشِّقاقِ، والخِلافِ بَيْنَ أفرادِها! فهذا زوجٌ يتعصَّبُ لفَريقٍ مُعَيَّنٍ، وزوجتُه تتعصَّبُ لفريقٍ آخَرَ، والنِّزاعُ يثورُ بَيْنَ الزَّوجينِ كلَّما جرت مباراةٌ، ولا بدَّ من شِجارٍ وشِقاقٍ بَيْنَ الزَّوجينِ، سواءٌ تغَلَّبَ أحدُ الفريقينِ على الآخَرِ، أو تعادلا! لأنَّ كُلًّا من الزَّوجينِ يمدَحُ فريقَه، ويذُمُّ الفريقَ الآخَرَ، والحَربُ أوَّلُها الكلامُ . 9- الهَجْرُ بتركِ التَّسميةِ وبَسطِ الوَجهِ دونَ السَّلامِ والكَلامِ . عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها قالت: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنِّي لأعلَمُ إذا كُنتِ عنِّي راضيةً، وإذا كنتِ عَلَيَّ غَضْبى! قالت: فقُلتُ: من أين تَعرِفُ ذلك؟! فقال: أمَّا إذا كنتِ عني راضيةً فإنَّك تقولينَ: لا ورَبِّ محمَّدٍ، وإذا كنتِ عَلَيَّ غَضْبى قُلتِ: لا ورَبِّ إبراهيمَ! قالت: قلتُ: أجَلْ، واللهِ يا رسولَ اللهِ ما أهجُرُ إلَّا اسمَك)) . و(إنَّما اغتُفِرَت مغاضَبةُ عائشةَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع ما في ذلك من الحرَجِ؛ لأنَّ الغَضَبَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم معصيةٌ كبيرةٌ؛ لأنَّ الحامِلَ لها على ذلك الغَيرةُ التي جُبِلت عليها النِّساءُ، وهي لا تنشَأُ إلَّا عن فَرطِ المحبَّةِ، فلمَّا كان الغَضَبُ لا يستلزِمُ البُغضَ اغتُفِر؛ لأنَّ البُغضَ هو الذي يُفضي إلى الكُفرِ أو المعصيةِ، وقد دَلَّ قولُها: "لا أهجُرُ إلَّا اسمَك" على أنَّ قَلبَها مملوءٌ بمحبَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) . 10- هَجرُ الكلامِ دونَ هَجرِ السَّلامِ. ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 06:45 AM | #344 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهجر
أسبابُ الوُقوعِ في الهَجْرِ 1- عدَمُ امتثالِ أوامِرِ الشَّرعِ النَّاهيةِ عن الهَجْرِ والقطيعةِ. 2- الجَهلُ بأنَّ المهاجَرةَ والعداوةَ والشَّحناءَ والبَغضاءَ من الذُّنوبِ العِظامِ والسَّيِّئاتِ الجِسامِ. 3- تعظيمُ زَلَّاتِ الإخوانِ واتِّخاذُها ذريعةً للهَجرِ والتَّقاطُعِ. 4- تصديقُ الوِشايةِ التي تقالُ في إنسانٍ فتَقدَحُ فيه. 5- حصولُ المَلَلِ بَيْنَ المتصاحِبَينِ؛ فإنَّ الملالةَ تُورِثُ القَطعَ، ولا يكونُ لملولٍ صَديقٌ . الوسائِلُ المعينةُ على تَركِ الهَجْرِ 1- أن يَعلَمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه نهى عن الهَجْرِ والتَّقاطُعِ، وحَذَّر منهما، فيَحرِصَ ألَّا يأتيَ ما نهى اللهُ سُبحانَه عنه. 2- أن يَعلَمَ أنَّ الهَجْرَ من حبائِلِ الشَّيطانِ، يوقِعُ به أتباعَه فيما لا تُحمَدُ عُقباه. 3- أن يَعلَمَ أنَّ المُؤمِنين إخوةٌ، ومقتضى هذه الأُخُوَّةِ المحبَّةُ والقُربُ والصِّلةُ. 4- أن يَعلَمَ أنَّ التَّغاضيَ عن الزَّلَّاتِ من أخلاقِ الفُضَلاءِ، فلا يَسلَمُ أحدٌ من الخطَأِ، فيَحرِصُ أن يكونَ ممن يصفَحُ عن إخوانِه ولا يهجرُهم لأمرٍ دُنيويٍّ. 5- أن يدفَعَ الوِشايةَ التي تأتيه في حَقِّ إخوانِه. 6- أن يحرِصَ على التَّثبُّتِ غايةَ التَّثبُّتِ فيما يبلغُه عن أخٍ له، ولا يتَّخِذَ ذلك ذريعةً لهَجرِه بمجرَّدِ سماعِه. 7- أن يَذكُرَ ما لأخيه عندَه من الخيرِ والمعروفِ في مقابِلِ ما عَلِمَه عنه ممَّا يُغضِبُه، فيُغلِّبَ جانِبَ الخيرِ من أخيه على جانِبِ شَرِّه. 8- أن يَعلَمَ أنَّ خيرَ المتهاجِرين الذي يبدأُ الآخَرَ بالسَّلامِ، فيَحرِصَ على أن يكونَ قاطِعًا للهَجرِ سبَّاقًا للصُّلحِ. حُكمُ الهَجْرِ وما يجوزُ منه يحرُمُ الهَجْرُ بَيْنَ المُسلِمين فوقَ ثلاثِ لَيالٍ، وعَدَّه غيرُ واحدٍ من كبائِرِ الذُّنوبِ، وهذا فيمن هَجَر لحَظِّ نفسِه ومعايشِ الدُّنيا، إلَّا أن يكونَ يخافُ من مكالمتِه وصِلَتِه ما يُفسِدُ عليه دينَه، أو يُوَلِّدُ به على نفسِه مضرَّةً في دينِه أو دُنياه؛ فإن كان ذلك فقد رُخِّص له في مجانبتِه وبُعدِه. ويباحُ الهَجْرُ في الثَّلاثِ وما دونَها، وكذلك للرَّجُلِ أن يهَجُرَ زوجَه عِندَ النُّشوزِ أو مخافتِه. أمَّا إذا كان الهَجْرُ في حَقِّ الدِّينِ كهَجرِ أهلِ البِدَعِ والأهواءِ ومُنابِذي السُّنَّةِ، وهَجرِ أصحابِ المعاصي بقَصدِ زَجرِهم عمَّا هم فيه؛ فإنَّه يكونُ دائمًا إلى أن يتوبوا . ويقولُ ابنُ عُثَيمين: (فكُلُّ مُؤمِنٍ وإن كان فاسِقًا فإنَّه يَحرُمُ هَجرُه ما لم يكُنْ في الهَجْرِ مصلحةٌ، فإذا كان في الهَجْرِ مصلحةٌ هَجَرْناه؛ لأنَّ الهَجْرَ حينَئذٍ دواءٌ، أمَّا إذا لم يكُنْ فيه مصلحةٌ، أو كان فيه زيادةٌ في المعصيةِ والعُتُوِّ، فإنَّ ما لا مصلحةَ فيه تركُه هو المصلحةُ) . أخطاءٌ شائعةٌ حَولَ الهَجْرِ اعتقادُ البعضِ أنَّ الهَجْرَ كُلَّه ممنوعٌ، أو أنَّ الهَجْرَ يكونُ لأهلِ البِدَعِ فحَسبُ، وأنَّه لا يجوزُ مع أصحابِ المعاصي بغَرَضِ تأليفِهم وكَفِّهم عن معاصيهم بالتَّواصُلِ معهم وعَدَمِ هَجرِهم، وقد بَيَّنَ العُلَماءُ خَطَأَ هذا؛ فإنَّ من أصحابِ المعاصي من لا يردَعُه سوى هَجرِه ومقاطعتِه؛ حتى يُقلِعَ عمَّا هو فيه. قال ابنُ حَجَرٍ مُعَلِّقًا على تبويبِ البُخاريِّ (بابُ ما يجوزُ من الهِجرانِ لِمَن عصى): (أراد بهذه التَّرجمةِ بيانُ الهِجرانِ الجائِزِ؛ لأنَّ عُمومَ النَّهيِ مخصوصٌ بمن لم يكُنْ لهَجرِه سَبَبٌ مشروعٌ، فتبيَّنَ هنا السَّبَبُ المسَوِّغُ للهَجرِ، وهو لمن صَدَرَت منه معصيةٌ، فيسوغُ لمن اطَّلع عليها منه هَجْرُه عليها ليَكُفَّ عنها) . وقد بَيَّنَ العُلَماءُ أنَّ لهذا الهَجْرِ دَرَجاتٍ مختَلِفةً تتفاوَتُ بحسَبِ دَرَجةِ المعصيةِ أو الجُرمِ. قال المُهَلَّبُ: (الهِجرانُ الجائِزُ يتنوَّعُ بقَدرِ الجُرمِ؛ فمن كان من أهلِ العِصيانِ يَستحِقُّ الهِجرانَ بتَركِ المكالَمةِ كما في قِصَّةِ كَعبٍ وصاحِبَيه ، وما كان من المغاضَبةِ بَيْنَ الأهلِ والإخوانِ فيجوزُ الهَجْرُ فيه بتركِ التَّسميةِ مَثَلًا أو بتَركِ بَسطِ الوَجهِ مع عَدَمِ هَجرِ السَّلامِ والكلامِ) . مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ 1- لماذا شُرِع هَجرُ المُسلِمِ لبِدعتِه ومعصيتِه ولم يُشرَعْ هَجرُ الكافرِ مع كُفرِه؟ قال ابنُ حَجَرٍ: (قد استُشكِلَ كَونُ هِجْرانِ الفاسِقِ أو المبتَدِعِ مَشروعًا، ولا يُشرَعُ هِجْرانُ الكافِرِ وهو أشَدُّ جرمًا منهما؛ لكونِهما من أهلِ التَّوحيدِ في الجملةِ، وأجاب ابنُ بَطَّالٍ بأنَّ للهِ أحكامًا فيها مصالِحُ للعبادِ وهو أعلَمُ بشأنِها، وعليهم التَّسليمُ لأمرِه فيها، فجَنَح إلى أنَّه تعبُّدٌ لا يُعقَلُ معناه، وأجاب غيرُه بأنَّ الهِجرانَ على مرتبتَينِ: الهِجرانُ بالقَلبِ، والهِجرانُ باللِّسانِ؛ فهِجْرانُ الكافِرِ بالقَلبِ وبتَركِ التَّودُّدِ والتَّعاوُنِ والتَّناصُرِ لا سيما إذا كان حربيًّا، وإنَّما لم يُشرَعْ هِجْرانُه بالكلامِ لعَدَمِ ارتداعِه بذلك عن كُفرِه، بخلافِ العاصي المُسلِمِ؛ فإنَّه ينزَجِرُ بذلك غالِبًا، ويشترِكُ كُلٌّ من الكافِرِ والعاصي في مشروعيَّةِ مكالمتِه بالدُّعاءِ إلى الطَّاعةِ والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ، وإنما المشروعُ تركُ المكالمةِ بالموادَّةِ ونحوِها) . 2- بذلُ النَّصيحةِ للعالِمِ إذا زَلَّ دونَ هَجْرِه: إذا زَلَّ العالِمُ فإنَّ هذا لا يستلزِمُ هَجرَه واطِّراحَ ما عدا ذلك من عُلومِه النَّافعةِ، كما يفعَلُ الغُلاةُ من المنتَسِبين إلى طَلَبِ العِلمِ، وما زال العُلَماءَ يُنَبِّهون على خطأِ الأئمَّةِ مع الاستفادةِ من عِلمِهم وفَضلِهم، ولو سلَكوا مسلَكَ الهَجْرِ لهُدِّمَت أصولٌ وأركانٌ، ولتقَلَّصَ ظِلُّ العِلمِ في الإسلامِ، وأصبح الاختلالُ واضِحًا للعِيانِ . وتُبذَلُ النَّصيحةُ للعُلَماءِ وعامَّةِ المُسلِمين؛ قال السَّعديُّ: (من أهَمِّ قواعِدِ الدِّينِ وأجَلِّ شرائعِ المُرسَلين: النَّصيحةُ لكافَّةِ الأمَّةِ، والسَّعيُ في جمعِ كَلِمةِ المُسلِمين، وحصولُ التَّآلُفِ بَيْنَهم، وإزالةُ ما بَيْنَهم من التَّباغُضِ والتَّشاحُنِ والإحَنِ. وهذا الأصلُ من أعظَمِ معروفٍ يُؤمَرُ به، وإضاعتُه من أعظَمِ مُنكَرٍ يُنهى عنه، وهذا من فُروضِ الأعيانِ اللَّازمةِ لكلِّ الأمَّةِ؛ عُلَمائِها ووُلاتِها وعَوامِّها، بل هي قاعدةٌ لا يتِمُّ الإيمانُ إلَّا بها، فتَجِبُ مراعاتُها عِلمًا وعَمَلًا، وإنما كان الأمرُ كذلك لِما في ذلك من المصالحِ الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ التي لا يمكِنُ حَصرُها، وفي إضاعتِه من المضارِّ الدِّينيَّةِ والدُّنيويَّةِ ما لا يمكِنُ عَدُّها) . 3- متى يزولُ الهَجْرُ؟ قال ابنُ حَجَرٍ: (قال أكثَرُ العُلَماءِ: تَزولُ الهِجْرةُ بمُجَرَّدِ السَّلامِ ورَدِّه، وقال أحمَدُ: لا يبرَأُ من الهِجْرةِ إلَّا بعودِه إلى الحالِ التي كان عليها أوَّلًا، وقال أيضًا: تَركُ الكلامِ إن كان يؤذيه لم تنقَطِعِ الهِجْرةُ بالسَّلامِ، وكذا قال ابنُ القاسِمِ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 06:48 AM | #345 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهجر
ذم الهجر في واحة الأدب أ- مِنَ الشِّعرِ 1- قال الشَّاعرُ: يا سَيِّدي عندَك لي مَظلَمَهْ فاستَفْتِ فيها ابنَ أبي خَيثَمَهْ فإنَّه يرويه عن جَدِّه وجَدُّه يرويه عن عِكرِمَهْ عن ابنِ عبَّاسٍ عن المصطفى نبيِّنا المبعوثِ بالمرحمَهْ أنَّ صُدودَ الِخِّل عن خِلِّه فوقَ ثلاثٍ رَبُّنا حَرَّمَه . 2- وقال آخَرُ: وكلُّ مودَّةٍ لا خيرَ فيها إذا لم تحتَمِلْ حَقَّ المصافي إذا أحبَبْتُ لم أنقُضْ إخائي ولم أبْنِ الإخاءَ على اعتِسافِ. متى تقطَعْ صديقَك بعد وَصلٍ ولا تثبُتْ فعَهدُك غيرُ وافِ . 3- وقال الشَّاعرُ: ما ودَّني أحَدٌ إلَّا بذَلتُ له صفوَ المودَّةِ مني آخِرَ الأبَدِ ولا قلاني وإن كنتُ المحِبَّ له إلَّا دعوتُ له الرَّحمنَ بالرَّشَدِ ولا ائتُمِنْتُ على سِرٍّ فبُحتُ به ولا مدَدْتُ إلى غيرِ الجَميلِ يَدي ولا أقولُ نعَمْ يومًا فأتبِعُها منعًا ولو ذهَبَت بالمالِ والوَلَدِ ولا أخونُ خليلي في خليلتِه حتى أغيَّبَ في الأكفانِ واللَّحدِ . 4- وقال آخَرُ: لحا اللهُ من لا ينفَعُ الوُدُّ عنده ومن حَبلُه إن مُدَّ غيرُ مَتينِ ومَن هو إن يحدِثْ له الغَيرُ نَظرةً يقطَعْ بها أسبابَ كُلِّ قرينِ . 5- وقال أبو نُواسٍ: لا تهَجُرَنَّ الحبيبَ إن هَجَرَا ولا تعاقِبْه بالذي فَعَلَا . 6- وقال آخَرُ: من اليومِ تعامَلْنا ونطوي ما جَرى مِنَّا فلا كان ولا صار ولا قُلتُم ولا قُلْنا وإن كان ولا بُدَّ من العَتبِ فبالحُسنى فقد قيل لنا عنكم كما قيل لكم عنَّا كفى ما كان من هَجرٍ فقد ذقتُم وقد ذُقْنا وما أحسَنَ أن نرجِعَ للوَصلِ كما كنَّا . ب- في الأمثالِ والحِكَمِ 1- من أمثالِهم في هذا قولُ الرَّجُلِ لأخيه: - "واللهِ لئِنْ فعَلْتَ كذا وكذا لتكونَنَّ بَلْدةَ ما بيني وبينَك". قال ابنُ سلامٍ: (يعني: القطيعةَ) . 2- "تركْتُه تَرْكَ ظَبيٍ ظِلَّه". قال عليٌّ الأحمَرُ: (من أمثالِهم في هَجرِ الرَّجُلِ صاحِبَه) . 3- "لا توبِسَنَّ الثَّرى بيني وبينَك". قال ابنُ سلامٍ: (أي: لا تقطَعَنَّ الأمرَ بيننا) . 4- "أوحَشُ من الهَجْرِ" . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 06:50 AM | #346 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( الهمز واللمز )
|
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 07:49 AM | #347 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
الهمز واللمز
معنى الهَمْزِ واللَّمزِ لُغةً واصطِلاحًا أ- معنى الهَمْزِ لُغةً واصطِلاحًا: (همز) كَلِمةٌ تَدُلُّ على ضَغطٍ وعَصرٍ، ومنه الهَمْزُ في الكلامِ؛ لأنَّه يُضغَطُ، والهَمْزُ قيل: هو الكَسرُ، وقيل: العضُّ، وقيل: الدَّفعُ والضَّربُ، وهَمزُ الإنسانِ: اغتيابُه. والهَمَّازُ: العَيَّابُ، وكذا الهُمَزةُ، وقيل: الهُمَزةُ: مَن اعتادَ كَسرَ أعراضِ النَّاسِ . قيل الهَمْزُ: (أكلُ لُحومِ النَّاسِ واغتيابُهم) ، وقيل: (النَّميمةُ) . وقيل: (الغَمزُ والطَّعنُ في أعراضِ النَّاسِ) . وقيل: (إيذاءُ الجَليسِ بسُوءِ اللَّفظِ) . ب- معنى اللَّمزِ لُغةً واصطلاحًا: اللَّمزُ لُغةً: العَيبُ، والإشارةُ بالعَينِ ونحوِها، والضَّربُ، والدَّفعُ، ورَجُلٌ لمَّازٌ ولُمَزةٌ، أي: عَيَّابٌ. وقيل: اللُّمَزةُ: من اعتاد الطَّعنَ في النَّاسِ . قيل: اللَّمزُ: (أكلُ لُحومِ النَّاسِ) ، وقيل: (تلقيبُ الرَّجُلِ بما يَكرَهُ) . وقيل: (العَيبُ والوقيعةُ في الوَجهِ) ، وقيل: (الطَّعنُ في الأنسابِ) . وقيل: (الغِيبةُ) ، وقيل: (النَّميمةُ) . الفَرْقُ بَيْنَ الهَمْزِ واللَّمزِ اختُلِف في الفَرْقِ بَيْنَ الهَمْزِ واللَّمزِ: فقيل: الهَمْزُ: عيبُ النَّاسِ من خَلفِهم، واللَّمزُ: عَيبُهم مواجَهةً. وقيل بعَكسِ ذلك؛ فالهَمْزُ: الطَّعنُ في وَجهِ الرَّجُلِ، واللَّمزُ: اغتيابُ الرَّجُلِ مِن خَلفِه إذا غاب. وقيل: الهَمْزُ: بالقَولِ، واللَّمزُ: بالفِعلِ. وقيل بعَكسِ ذلك؛ فالهَمْزُ: عيبُ النَّاسِ والطَّعنُ عليهم بالإشارةِ والفِعلِ. واللَّمزُ: عيبُهم بالقَولِ. وقيل: الهَمْزُ واللَّمزُ: كلاهما بمعنًى واحِدٌ، وهو العَيبُ والطَّعنُ . قال ابنُ تَيميَّةَ: (ومِن جِنسِ الغِيبةِ: الهَمْزُ واللَّمزُ؛ فإنَّ كِليهما فيه عيبُ النَّاسِ والطَّعنُ عليهم، كما في الغِيبةِ، لكِنَّ الهَمْزَ هو الطَّعنُ بشِدَّةٍ وعُنفٍ، بخلافِ اللَّمزِ؛ فإنَّه قد يخلو من الشِّدَّةِ والعُنفِ) . ذم الهمز واللمز والنهي عنهما أ- مِن القُرآنِ الكريمِ وردت عِدَّةُ آياتٍ في ذَمِّ الهَمْزِ واللَّمزِ: 1- قال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ [التوبة: 58] ، قال قتادةُ: (يَطعَنُ عليك) . 2- قال تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة: 79] ، يَطعَنون فيها عليهم بقَولِهم: إنَّما تصَّدقوا به رياءً وسُمعةً، ولم يُريدوا وجهَ اللهِ، ويَلمِزون الذين لا يَجِدون ما يتصَدَّقون به إلَّا جُهدَهم، وذلك طاقتُهم، فينتَقِصونهم ويقولون: لقد كان اللهُ عن صدَقةِ هؤلاء غنيًّا؛ سُخريةً منهم بهم . 3- قال تعالى: وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات: 11] ، لا يطعَنْ بعضُكم على بعضٍ؛ فإنَّ ذلك معصيةٌ . 4- قال تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ [القلم: 10 - 11] ، أي: مغتابٍ يأكُلُ لحومَ النَّاسِ ، كثيرِ العَيبِ لهم والطَّعنِ فيهم حالَ غَيبتِهم. والنَّهيُ عن طاعةِ المرءِ نهيٌ عن التَّشبُّهِ به بالأَولى، وفيه تحذيرٌ عن اكتسابِ شيءٍ من أخلاقِهم بالمخالطةِ لهم؛ فلْيَأخُذْ حِذرَه . 5- قال تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهُمَزة: 1] ، الذي يغتابُ النَّاسَ ويَغُضُّهم ، وقيل: المشَّاءُ بالنَّميمةِ، المفَرِّقُ بَيْنَ الجميعِ، المُغري بَيْنَ الإخوانِ . 6- قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58] ، فلا يحِلُّ إيصالُ الأذى إلى المُسلِمِ بوَجهٍ من الوُجوهِ من قَولٍ أو فِعلٍ بغيرِ حَقٍّ . ب- مِن السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ 1- عن أنس بن مالك رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لمَّا عُرِج بي مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يَخمِشونَ وُجوهَهم وصُدورَهم، فقُلتُ: مَن هؤلاء يا جِبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكُلون لحومَ النَّاسِ، ويَقَعون في أعراضِهم)) ، قولُه: ((يخمِشون)) أي: يخدِشون، ولمَّا كان خَدشُ الوَجهِ والصَّدرِ من صِفاتِ النِّساءِ النَّائحاتِ، جعَله اللهُ تعالى جزاءً للواقِعِ في الأعراضِ إشعارًا بأنَّهما ليسا من صفاتِ الرِّجالِ، بل هما من صفاتِ النِّساءِ في أقبَحِ حالةٍ وأشوَهِ صُورةٍ . 2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا قال الرَّجُلُ: هلك النَّاسُ فهو أهلَكُهم)) ، معناه: لا يزالُ الرَّجُلُ يَعيبُ النَّاسَ ويَذكُرُ مَساويَهم حتى يكونَ أسوأَهم حالًا، ممَّا يَلحَقُه من الإثمِ في عَيبِهم والإزراءِ بهم والوقيعةِ فيهم . 3- عن سعيدِ بنِ زيدٍ رَضِيَ الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن أربى الرِّبا الاستِطالةَ في عِرْضِ المُسلِمِ بغَيرِ حَقٍّ)) ، الاستطالةُ: إطالةُ اللِّسانِ في غَيبةِ أحَدٍ أو قَذفُه أو شَتمُه، يعني: غِيبةُ النَّاسِ وقذفُهم أشَدُّ من أكلِ الرِّبا وأخذِه وإعطائِه؛ لأنَّ نفسَ المُسلِم أشرَفُ من مالِه، فإيذاءٌ يتعَلَّقُ بنفسِه أشَدُّ من ضررٍ يتعَلَّقُ بمالِه . 4- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: أتدرون ما الغِيبةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: ذِكْرُك أخاك بما يَكرَهُ، قيل: أفرأَيتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبْتَه، وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه)) . 5- عن أبي بَكرةَ نُفَيعِ بنِ الحارِثِ رَضِيَ الله عنه: ((ذكَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَعَد على بعيرِه، وأمسَك إنسانٌ بخِطامِه أو بزِمامِه ، قال: أيُّ يومٍ هذا؟ فسكَتْنا حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سيُسَمِّيه سوى اسمِه، قال: أليس يومَ النَّحرِ؟ قُلْنا: بلى، قال: فأيُّ شهرٍ هذا؟ فسَكَتْنا حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سيُسَمِّيه بغيرِ اسمهِ، فقال: أليس بذي الحِجَّةِ؟ قُلْنا: بلى، قال: فإنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم بينَكم حرامٌ كحُرمةِ يَومِكم هذا، في شَهرِكم هذا، في بَلَدِكم هذا؛ لِيُبلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ)) ، العِرضُ: كُلُّ ما ذُكِر به الرَّجُلُ من نقصٍ في أحوالِه ونفسِه وسلَفِه . 6- عن أسامةَ بنِ شَريكٍ رَضِيَ الله عنه قال: ((شَهِدتُ الأعرابَ يسألون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعلينا حَرَجٌ في كذا؟ أعلينا حَرَجٌ في كذا؟ فقال لهم: عبادَ اللهِ، وضَعَ اللهُ الحَرَجَ، إلَّا من اقتَرَض مِن عِرضِ أخيه شيئًا، فذاك الذي حَرِجَ)) . الاقتراضُ: افتعالٌ من القَرضِ، وهو القَطعُ؛ لأنَّ المغتابَ كأنَّه يقتَطِعُ مِن عِرضِ أخيه . وقيل: عبَّر عنها بالاقتراضِ؛ لأنَّه يُسترَدُّ منه في العُقبى . والمعنى: أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قد وضَع عنكم الضِّيقَ في الدِّينِ وفسَح لكم، فلا حَرَج إلا فيما تنالون من أعراضِ المُسلِمين . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 07:54 AM | #348 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهمز واللمز
ذم الهمز واللمز والنهي عنهما ج- مِن أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ 1- قال أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: (يُبصِرُ أحَدُكم القَذاةَ في عينِ أخيه، وينسى الجَذلَ أو الجِذعَ في عينِ نَفسِه) . 2- قال ابنُ سيرينَ: (ظُلمٌ لأخيك المُسلِمِ أن تقولَ أسوَأَ ما تعلَمُ فيه وتَكتُمَ خيرَه) . 3- عن عمرِو بنِ مُرَّةً أنَّ الرَّبيعَ بنَ خُثَيمٍ ذُكِر عندَه رَجُلٌ، فقال: (ذِكرُ اللهِ خيرٌ مِن ذِكرِ النَّاسِ!) . وفي روايةٍ قال: (ما أنا عن نفسي براضٍ فأتفرَّغَ من ذمِّها إلى ذَمِّ النَّاسِ!) . 4- قال ابنُ عَونٍ: (ذِكرُ النَّاسِ داءٌ، وذِكرُ اللهِ دواءٌ) ، وقال: (إنَّما هما كلمتانِ تخرُجان مِن صَحيفتي يومَ القيامةِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولَعَن اللهُ، فلأن يخرُجَ من صحيفتي لا إلهَ إلَّا اللهُ أحَبُّ إليَّ مِن أن يخرُجَ لعَنَه اللهُ) . 5- قال الأصمعيُّ: (شاهَدْتُ أعرابيَّةً وهي توصي ابنَها، فقالت: يا بُنَيَّ، أمنَحُك وصيَّتي وباللهِ التَّوفيقُ، فإيَّاك والنَّميمةَ؛ فإنَّها تورِثُ العداوةَ بَيْنَ الأهلينَ، وتُفَرِّقُ بَيْنَ المحبِّين، وإيَّاك والتَّعرُّضَ للعُيوبِ، فتَصيرَ لها أهلًا، وإيَّاك والجُودَ بدينِك والبُخلَ بمالِك، ومَثِّلْ لنَفسِك مثالًا من غيرِك، فما استحسَنْتَه من النَّاسِ فافعَلْه، وما استقبَحْتَه منهم فاجتَنِبْه؛ فإنَّ المرءَ لا يرى عيبَ نَفسِه) . 6- قال قتادةُ في قولِه: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مَنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [إبراهيم: 36] ، (اسمعوا إلى قولِ خليلِ اللهِ إبراهيمَ، لا واللهِ ما كانوا طعَّانين ولا لعَّانين، وكان يقالُ: إنَّ من أشَرِّ عبادِ اللهِ كُلَّ طعَّانٍ لعَّانٍ) . 7- قال يحيى بنُ مُعاذٍ الرَّازيُّ: (ليَكُنْ حَظُّ المُؤمِنِ منك ثلاثةً: إنْ لم تنفَعْه فلا تَضُرَّه، وإنْ لم تُفرِحْه فلا تَغُمَّه، وإنْ لم تمدَحْه فلا تَذُمَّه) . 8- قال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (واللهِ ما يحِلُّ لك أن تؤذيَ كَلبًا ولا خِنزيرًا بغيرِ حَقٍّ، فكيف تؤذي مُسلِمًا؟!) . 9- قال السُّبكيُّ: (كنتُ جالِسًا بدِهليزِ دارِنا، فأقبَل كَلبٌ فقُلتُ له: اخسَأْ ! كلبٌ ابنُ كَلبٍ! فزجرني والدي، فقُلتُ له: أليس هو بكَلبٍ ابنِ كَلبٍ؟ قال: شَرطُ الجوازِ عَدَمُ قَصدِ التَّحقيرِ، فقُلتُ: هذه فائدةٌ!) . 10- قال عبدُ الكريمِ بنُ مالكٍ: (أدرَكْنا السَّلَفَ وهم لا يَرونَ العبادةَ في الصَّومِ ولا في الصَّلاةِ، ولكِنْ في الكَفِّ عن أعراضِ النَّاسِ) . 11- قال أبو جعفرٍ أحمدُ بنُ أبي سليمانَ الصَّوَّافُ: (يا طالبَ العلمِ، إذا طلبْتَ العلمَ، فاتَّخِذْ له قبلَ طلبِه أدبًا تستعينُ به على حملِه. ومِن أدبِ العلمِ الحلمُ، والحلمُ: كظمُ الغيظِ، وأنْ يغلبَ علمُك وحلمُك هواك إذا دعاك إلى ما يشينُك. وعليك بالوقارِ، والتعفُّفِ، والدرايةِ، والصيانةِ، والصمتِ، والسَّمتِ الحسنِ، والتودُّدِ إلى النَّاسِ، ومجانبةِ مَن لا خيرَ فيه، والقولِ الحسنِ في إخوانِك، والكفِّ عمَّن ظلَمك، ولا تهمِزْ أحدًا، ولا تلمِزْه، ولا تقُلْ فيه، ولو كان عدوَّكَ) . 12- قال ابنُ القَيِّمِ: (وكم ترى من رجلٍ متوَرِّعٍ عن الفواحِشِ والظُّلمِ، ولسانُه يَفري في أعراضِ الأحياءِ والأمواتِ، ولا يُبالي ما يقولُ!) . 13- وقال عُبَيدُ اللهِ بنُ عَبدِ الكريمِ الجيليُّ: (من رأيتَه يَطلُبُ العَثَراتِ على النَّاسِ فاعلَمْ أنَّه معيوبٌ، ومَن ذَكَر عوراتِ المُؤمِنينَ فقد هتَك سِترَ اللهِ المُرخى على عبادِه) . آثارُ الهَمْزِ واللَّمزِ للهَمزِ واللَّمزِ آثارٌ سَيِّئةٌ؛ منها: 1- يورِثُ كُلٌّ منهما العداوةَ والبغضاءَ. 2- يأكُلانِ الحَسَناتِ ويَكسِبان السَّيِّئاتِ؛ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ المُفلِسَ مِن أمَّتي يأتي يومَ القِيامةِ بصلاةٍ، وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي قد شتَم هذا، وقذَف هذا، وأكَل مالَ هذا، وسفَك دمَ هذا، وضرَب هذا، فيُعطى هذا مِن حَسَناتِه، وهذا مِن حَسَناتِه، فإن فَنِيَت حَسَناتُه قَبلَ أن يُقضى ما عليه أُخِذ مِن خَطاياهم، فطُرِحَت عليه، ثُمَّ طُرِح في النَّارِ)) . 3- يقطعانِ أواصِرَ الأخُوَّةِ. 4- من أسبابِ بُغضِ اللهِ تعالى؛ قال الثَّوريُّ: (إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يُبغِضُ الذين يأكُلون لُحومَ النَّاسِ) . 5- الهَمْزُ واللَّمزُ من الظُّلمِ، وقد قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ)) . 6- يعاقَبُ الهامِزُ اللَّامِزُ في الدُّنيا بجزاءٍ من جنسِ عَمَلِه؛ عن أبي بَرزةَ الأسلميِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا مَعشَرَ مَن آمَنَ بلِسانِه، ولم يدخُلِ الإيمانُ قَلبَه، لا تغتابوا المُسلِمين، ولا تتَّبِعوا عوراتِهم؛ فإنَّه من اتَّبع عوراتِهم يَتَّبعِ اللهُ عورتَه، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَه يفضَحْه في بيتِه)) . ومن عاب النَّاسَ عابوه، وقد قيل: إذا أنتَ عِبتَ النَّاسَ عابوا وأكثَروا عليك وأبدَوا منك ما كان يُستَرُ . 7- الهامِزُ اللَّامزُ يَستحِقُّ العقوبةَ في الآخِرةِ. 8- الهَمْزُ واللَّمزُ من أسبابِ مَقتِ النَّاسِ وبُغضِهم. أقسامُ الهَمْزِ واللَّمزِ الهَمْزُ واللَّمزُ على ثلاثةِ أقسامٍ: 1- محرَّمٌ: إذا عاب المُسلِمَ بغَرَضِ النَّيلِ منه والانتقامِ وتمزيقِ عِرضِه، والغَضِّ منه، والتَّفكُّهِ بالسُّخريةِ منه. 2- جائزٌ، لسِتَّةِ أسبابٍ مجموعةٍ في قولِ النَّاظِمِ: الذَّمُّ ليس بغِيبةٍ في سِتَّةٍ متظَلِّمٍ ومُعَرِّفٍ ومحَذِّرِ ولمُظهِرٍ فِسقًا ومُستَفتٍ ومَن طَلَب الإعانةَ في إزالةِ مُنكَرِ 3- واجِبٌ أو مستحَبٌّ: فجَرَح الأئمَّةُ الحُفَّاظُ بعضَ نَقَلةِ الحديثِ؛ لتحذيرِ المُسلِمين من الاغترارِ بما روَوا من الأخبارِ، وغرَضُهم في ذلك حِفظُ الدِّينِ وصيانةُ السُّنَّةِ والذَّبُّ عن الشَّريعةِ؛ ولذلك عُدَّ هذا من الواجباتِ للحاجةِ إليه، قال العِزُّ بنُ عبدِ السَّلامِ: (القَدحُ في الرُّواةِ واجِبٌ؛ لِما فيه من دَفعِ إثباتِ الشَّرعِ بقولِ مَن لا يجوزُ إثباتُ الشَّرعِ به؛ لِما على النَّاسِ في ذلك من الضَّرَرِ في التَّحريمِ والتَّحليلِ وغيرِهما من الأحكامِ) . وقال ابنُ رجَبٍ: (الكلامُ في الجَرحِ والتَّعديلِ جائزٌ قد أجمع عليه سَلَفُ الأمَّةِ وأئمَّتُها، لِما فيه من تمييزِ ما يجِبُ قَبولُه من السُّنَنِ ممَّا لا يجوزُ قَبولُه... وذِكرُ عَيبِ الرَّجُلِ إذا كان فيه مصلحةٌ ولو كانت خاصَّةً كالقَدحِ في شهادةِ شاهِدِ الزُّورِ جائِزٌ بغيرِ نزاعٍ، فما كان فيه مصلحةٌ عامَّةٌ للمُسلِمين أَولى) . وبيانُ حالِ أئمَّةِ البِدَعِ من أهلِ المقالاتِ أو العباداتِ المخالِفةِ للكِتابِ والسُّنَّةِ وتحذيرُ الأمَّةِ منهم واجِبٌ باتِّفاقِ المُسلِمين، حتى قيل لأحمَدَ بنِ حَنبَلٍ: الرَّجُلُ يصومُ ويُصَلِّي ويعتَكِفُ أحَبُّ إليك أو يتكَلَّمُ في أهلِ البِدَعِ؟ فقال: إذا قام وصلَّى واعتكف فإنَّما هو لنفسِه، وإذا تكلَّم في أهلِ البِدَعِ فإنما هو للمُسلِمين، هذا أفضَلُ . وكأن يعيبَ مُسلِمًا بقصدِ النَّصيحةِ، كما ذكرَت فاطِمةُ بنتُ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ معاويةَ بنَ أبي سفيانَ، وأبا جَهمٍ خَطَباها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَّا أبو جَهمٍ فلا يَضَعُ عصاه عن عاتِقِه، وأمَّا معاويةُ فصُعلوكٌ لا مالَ له)) . وكذلك جَرحُ الشُّهودِ عِندَ الحُكَّامِ فيه مَفسَدةُ هَتكِ أستارِهم، لكِنَّه واجِبٌ؛ لأنَّ المصلحةَ في حِفظِ الحقوقِ من الدِّماءِ والأموالِ والأعراضِ والأبضاعِ والأنسابِ وسائِرِ الحُقوقِ أعَمُّ وأعظَمُ . قال أبو العبَّاسِ القُرطبيُّ: (ذِكرُ مَساوئِ الرَّاوي والشَّاهِدِ القادِحةِ في عدالتِهما وفي روايتِهما: أمرٌ ضروريٌّ، فيَجِبُ ذلك؛ فإنَّه إن لم يفعَلْ ذلك قُبِل خَبَرُ الكذَّابِ، وشهادةُ الفاسِقِ، وغُشَّ المُسلِمون وفَسَدت الدُّنيا والدِّينُ. ولا يُلتَفَتُ لقَولِ غَبيٍّ جاهِلٍ يقولُ: ذلك غِيبةٌ؛ لأنَّها وإن كانت من جِنسِ الغِيبةِ، فهي واجِبةٌ بالأدِلَّةِ القاطِعةِ، والبراهينِ الصَّادِعةِ؛ فهي مُستثناةٌ من تلك القواعدِ للضَّرورةِ الدَّاعيةِ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 07:57 AM | #349 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع الهمز واللمز
مظاهِرُ وصُوَرُ الهَمْزِ واللَّمزِ 1- السُّخريةُ بالقَولِ والفِعلِ، والرَّسمِ السَّاخِرِ والمقاطِعِ المصَوَّرةِ، ونحوِ ذلك. 2- الضَّحِكُ من كلامِ المتحَدِّثِ أو طريقةِ مِشيتِه ونحوِ ذلك. 3- الاستهزاءُ من صورتِه أو هيئتِه أو لُبسِه. 4- التَّهكُّمُ من مِشيتِه وحَرَكتِه. 5- تلقيبُه بما يَكرَهُ. 6- الإشارةُ إليه باليَدِ أو الرَّأسِ، والإيماءُ بالعَينِ والغَمزُ بغَرَضِ الازدراءِ والطَّعنِ. 7- ذِكرُه بما يَكرَهُ في غَيبتِه. 8- محاكاتُه في الفِعلِ والقَولِ على سبيلِ السُّخريةِ. 9- مخاطبتُه بأبغَضِ الأسماءِ إليه. أسبابُ الوقوعِ في الهَمْزِ واللَّمزِ 1- ضَعفُ الإيمانِ. 2- سوءُ الخُلُقِ. 3- الحسَدُ، وقد قيل: وذي حَسَدٍ يغتابُني حيثُ لا يرى مكاني ويُثني صالحًا حيثُ أسمَعُ تورَّعْتُ أن أغتابَه من ورائِه وما هو إذ يغتابني متوَرِّعُ . 4- الكِبرُ، فالمتكَبِّرُ ينظُرُ إلى نفسِه بعينِ الكمالِ، وإلى غيرِه بعينِ النَّقصِ، فيحتَقِرُهم ويزدريهم، ولا يراهم أهلًا لأن يقومَ بحُقوقِهم . 5- قِلَّةُ الوَرَعِ، وقد قيل: والمرءُ إن كان عاقلًا وَرِعًا أخرَسَه عن عيوبِهم وَرَعُه كما المريضِ السَّقيمِ يَشغَلُه عن وَجَعِ النَّاسِ كُلِّهم وَجَعُه . 6- الجَهلُ بسُوءِ العاقبةِ؛ قال أبو حازمٍ سَلَمةُ بنُ دينارٍ: (واللهِ لولا تَبِعةُ لساني لأشفَيتُ منكم اليومَ صَدري!) . 7- الغَفلةُ ونِسيانُ الآخرةِ، ذَكَر رجُلٌ آخَرَ عِندَ معروفٍ، فجَعَل يغتابُه، فجعل معروفٌ يقولُ له: (اذكُرِ القُطنَ إذا وضعوه على عينَيك، اذكُرِ القُطنَ إذا وضعوه على عينَيك!) . 8- حُبُّ الرِّياسةِ؛ قال فُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (ما من أحَدٍ أحَبَّ الرِّئاسةَ إلَّا حسَدَ وبَغى وتتبَّع عُيوبَ النَّاسِ، وكَرِهَ أن يُذكَرَ أحَدٌ بخَيرٍ) . 9- البَطالةُ والفَراغُ. 10- التَّنافُسُ في الدُّنيا؛ قال المُناويُّ: إنَّه (أساسُ الآفاتِ ورأسُ الخطيئاتِ وأصلُ الفِتَنِ، وعنه تنشَأُ الشُّرورُ) . 11- إهمالُ تزكيةِ النَّفسِ. 12- العداوةُ الدُّنيويَّةُ والبغضاءُ. 13- كثرةُ العُيوبِ في الهمَّازِ اللَّمَّازِ؛ قال الجاحِظُ: (كانوا يقولون: إذا أردتَ أن ترى العيوبَ جَمَّةً فتأمَّلْ عيَّابًا؛ فإنَّه إنما يَعيبُ بفَضلِ ما فيه من العَيبِ!) . الوسائِلُ المُعينةُ على تَركِ الهَمْزِ واللَّمزِ 1- طَلَبُ العِلمِ؛ قال الحَسَنُ: (كان الرَّجُلُ إذا طلَب بابًا من العِلمِ لم يلبَثْ أن يُرى ذلك في تخشُّعِه وبَصَرِه ولسانِه ويَدِه وبَدَنِه) . 2- معرفةُ خَطَرِ الهَمْزِ واللَّمزِ، والآثارِ المترتِّبةِ عليهما، ومن ذلك قولُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ العبدَ ليتكَلَّمَ بالكَلِمةِ ما يتبيَّنُ فيها، يَزِلُّ بها في النَّارِ أبعَدَ ممَّا بَيْنَ المشرِقِ!) . 3- عِلمُه بأنَّ الإمساكَ عن الشَّرِّ صَدَقةٌ؛ قال أبو ذَرٍّ رَضِيَ الله عنه: ((يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إن ضَعُفتُ عن بعضِ العَمَلِ؟ قال: تكُفُّ شَرَّك عن النَّاسِ؛ فإنَّها صَدَقةٌ منك على نفسِك)) . 4- الاشتِغالُ بعُيوبِ النَّفسِ؛ قيل: عَجِبتُ لِمن يبكي على فَقدِ غَيرِه دُموعًا ولا يبكي على فَقدِه دَمَا وأعجَبُ مِن ذا أن يَرى عَيبَ غَيرِه عظيمًا وفي عينَيه عن عَيبِه عَمَى وقيل: متى تلتَمِسْ للنَّاسِ عَيبًا تجِدْ لهم عيوبًا ولكِنَّ الذي فيك أكثَرُ وقال الرِّياشيُّ: لعَمْرُكَ إنَّ في ذنبي لشُغلًا لنفسي عن ذنوبِ بني أُمَيَّهْ على رَبِّي حسابُهم إليه تناهى علمُ ذلك لا إليَّهْ وليس بضائِري ما قد أتَوه إذا ما اللهُ أصلَحَ ما لدَيَّهْ 5- تركُه ما لا يَعنيه؛ قال رجُلٌ للأحنَفِ بنِ قَيسٍ: (بمَ سُدتَ قَومَك؟ وأراد عيبَه. فقال الأحنَفُ: بتركي من أمرِك ما لا يَعنيني، كما عَناك من أمري ما لا يَعنيك!) . 6- إدمانُ النَّظَرِ في سِيَرِ السَّلَفِ الصَّالحِ، وشِدَّةِ نزاهتِهم عن الوقوعِ في أعراضِ النَّاسِ، وقد كان ابنُ أبي زكريَّا لا يَذكُرُ في مجلِسِه أحدًا، يقولُ: (إن ذكَرْتُم اللهَ أعنَّاكم، وإن ذكَرْتُم النَّاسَ تركْناكم) . وقال عَمرُو بنُ عليٍّ: (وما سمِعتُ وكيعًا ذاكِرًا أحدًا بسُوءٍ قَطُّ) . 8- صحبةُ الصَّالحين. 9- مجاهدةُ النَّفسِ؛ قال ابنُ وهبٍ: (جعَلْتُ على نفسي كلَّما اغتبتُ إنسانًا صيامَ يومٍ فهان عَلَيَّ، فجعَلْتُ عليها إذا اغتَبْتُ إنسانًا عليَّ صَدَقةُ دِرهَمٍ، فثَقُل عليَّ وتركتُ الغِيبةَ!) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
11-12-2024, 08:01 AM | #350 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الهمز واللمز
قِصَصٌ ونماذِجُ من صُورِ الهَمْزِ واللَّمزِ 1- الهَمْزُ واللَّمزُ من صفاتِ المُنافِقين. وقد تصَدَّق أبو خيثمةَ الأنصاريِّ زَمنَ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بصاعِ تمرٍ، فلمَزه المُنافِقون ، أي: عابوه ووقَعوا فيه . قال ابنُ تَيميَّةَ: (لمَّا حَضَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الإنفاقِ عامَ تَبوكَ جاء بعضُ الصَّحابةِ بصُرَّةٍ كادت يَدُه تَعجِزُ مِن حَملِها، فقالوا: هذا مُراءٍ! وجاء بعضُهم بصاعٍ فقالوا: لقد كان اللهُ غنيًّا عن صاعِ فلانٍ! فلمزوا هذا وهذا؛ فأنزل اللهُ ذلك، وصار عِبرةً فيمن يلمِزُ المُؤمِنين المطيعين للهِ ورسولِه) . عن أبي مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (لَمَّا أُمِرْنا بالصَّدَقةِ كُنَّا نتحامَلُ، فجاء أبو عَقيلٍ بنِصفِ صاعٍ، وجاء إنسانٌ بأكثَرَ منه، فقال المُنافِقون: إنَّ اللهَ لغنيٌّ عن صدقةِ هذا، وما فعل هذا الآخَرُ إلَّا رئاءً! فنزلت: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ... [التوبة: 79] الآية) . 2- ذُكِر معروفٌ الكَرخيُّ في مجلِسِ أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ، فقال بعضُ مَن حضَره: هو قصيرُ العِلمِ! قال أحمدُ: أمسِكْ عافاك اللهُ! وهل يرادُ من العِلمِ إلَّا ما وصل إليه معروفٌ؟! . 3- قال سُفيانُ بنُ الحصينِ: (كنتُ جالِسًا عِندَ إياسِ بنِ معاويةَ، فمَرَّ رجُلٌ فنِلتُ منه، فقال: اسكُتْ! ثمَّ قال لي: هل غزوتَ الرُّومَ؟ قلتُ: لا، قال: هل غزوتَ التُّركَ؟ قلتُ: لا، قال: سَلِم منك الرُّومُ، وسَلِم منك التُّركُ، ولم يَسلَمْ منك أخوك المُسلِمُ؟! قال: فما عُدتُ إلى ذلك بَعْدُ) . 4- روى خالِدٌ الرَّبعيُّ قال: (كنتُ في المسجِدِ الجامعِ، فتناولوا رجلًا فنهيتُهم عن ذلك، فكفُّوا وأخذوا في غيرِه، ثمَّ عادوا إليه، فدخَلتُ معهم في شيءٍ من أمرِه، فرأيتُ تلك اللَّيلةَ في المنامِ كأني أتاني رجلٌ أسودُ طويلٌ ومعه طَبَقٌ عليه قِطعةٌ من لحمِ خِنزيرٍ، فقال لي: كُلْ، فقُلتُ: آكُلُ لحمَ الِخنزيرِ؟! واللهِ لا آكُلُه! فانتَهَرني انتهارًا شديدًا، وقال: قد أكَلْتَ ما هو شرٌّ منه، فجَعَل يدُسُّه في فمي حتى استيقظتُ من منامي! فواللهِ لقد مكَثتُ ثلاثين يومًا أو أربعين يومًا ما أكلتُ طعامًا إلَّا وجدتُ طَعمَ ذلك اللَّحمِ ونَتْنَه في فمي!) . 5- قال أبو الحَسَنِ عليُّ بنُ فَرحونَ القُرطبيُّ: (كان لي عمٌّ توفِّي سنةَ خَمسٍ وخمسينَ وخمسِمائةٍ، فرأيتُه بعدَ ذلك في المنامِ وهو داخِلٌ عليَّ في داري، فقمتُ إليه ولاقيتُه بقُربِ البابِ، وسلَّمتُ عليه، ودخَلتُ خَلفَه، فلمَّا توسَّط في البيتِ قعَد واستنَد بظَهرِه إلى الجدارِ، فقعَدتُ بَيْنَ يديه، فرأيتُه شاحِبَ اللَّونِ متغيِّرًا، فقلتُ له: يا عمَّاه، ماذا لقيتَ مِن رَبِّك؟! قال: ما يلقى من الكريمِ يا بُنَيَّ، سَمَح لي في كُلِّ شيءٍ إلَّا في الغِيبةِ! فإني منذُ فارقتُ الدُّنيا إلى الآن محبوسٌ فيها، ما سمَح لي بعدُ فيها؛ فأنا أوصيك يا بُنَيَّ: إيَّاك والغِيبةَ والنَّميمةَ! فما رأيتُ في هذه الدَّارِ شَيئًا أشَدَّ بطشًا وطلَبًا من الغِيبةِ، وتركني وانصرَف!) . حكمُ الهَمْزِ واللَّمزِ وما يباحُ منه همزُ المُؤمِنين ولمزُهم من كبائِرِ الذُّنوبِ؛ فمن اتَّصف بذلك فقد أتى كبيرةً من كبائرِ الذُّنوبِ . قال ابنُ كثيرٍ: (ولا يُستثنى من ذلك إلَّا ما رجَحَت مصلحتُه، كما في الجَرحِ والتَّعديلِ، والنَّصيحةِ) ، فيباحُ ما كان لمصلحةٍ راجحةٍ، وقد يَصِلُ إلى الاستحبابِ أو الوجوبِ بحَسَبِ الغرَضِ الشَّرعيِّ. وقد تقدَّم تفصيلُ ذلك في أقسامِ الهَمْزِ واللَّمزِ. لكِنْ يجِبُ أن يكونَ ذلك على وجهِ النُّصحِ، وابتغاءَ وَجهِ اللهِ تعالى، لا لهوى الشَّخصِ مع الإنسانِ، مثلُ أن يكونَ بَيْنَهما عداوةٌ دُنيويَّةٌ أو تحاسُدٌ أو تباغُضٌ أو تنازُعٌ على الرِّئاسةِ، فيتكلَّمُ بمساوئِه مُظهِرًا للنُّصحِ، وقصدُه في الباطِنِ الغَضُّ من الشَّخصِ واستيفاؤه منه؛ فهذا من عَمَلِ الشَّيطانِ . أخطاءٌ شائعةٌ حولَ الهَمْزِ واللَّمزِ قد يرى بعضُ النَّاسِ أنْ لا إثمَ عليه إذا حضَر مجلِسًا فيه همزٌ ولمزٌ إذا لم يشارِكْ جُلَساءَه في ذلك وسَكَت واكتفى بالسَّماعِ، وهذا خطَأٌ؛ فلا يجوزُ له القعودُ معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيرِه، وإلَّا كان مِثلَهم في الإثمِ؛ لأنَّ مجرَّدَ الجُلوسِ معهم إقرارٌ على المعصيةِ، وتكثيرٌ لسوادِ العُصاةِ وإعانةٌ لهم، قال ابنُ الملقِّنِ: (سماعُ الغِيبةِ مِثلُ الغيبةِ؛ لأنَّه تتميمٌ لقصدِ القائِلِ وإبلاغِه أملَه؛ قال تعالى: وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ [النور: 16] ) . فإن قَدَر على الإنكارِ تعَيَّن عليه، فإنْ عَجَز أو لم يُقبَلْ منه، فارَقَ ذلك المجلِسَ إن أمكَنَه . مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ وجوبُ التَّوبةِ: يجِبُ المبادَرةُ إلى التَّوبةِ مِن الهَمْزِ واللَّمزِ؛ فقد قال تعالى بعد أن نهى عن السُّخريةِ واللَّمزِ والتَّنابُزِ بالألقابِ: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11] ، فقَصَر الظُّلمَ عليهم على سبيلِ المبالغةِ؛ ليزدَجِروا ، قال ابنُ القيِّمِ: (قَسَّم العبادَ إلى تائبٍ وظالمٍ، وما ثَمَّ قِسمٌ ثالثٌ البتَّةَ، وأوقع اسمَ الظَّالمِ على من لم يتُبْ، ولا أظلَمَ منه؛ لجَهلِه برَبِّه وبحَقِّه، وبعيبِ نفسِه وآفاتِ أعمالِه) . كيفيَّةُ التَّوبةِ: وقال ابنُ تَيميَّةَ: (ومن ظَلَم إنسانًا، فقَذَفه أو اغتابه أو شتَمَه، ثمَّ تاب قَبِلَ اللهُ توبتَه، لكِنْ إن عرَف المظلوم مَكَّنه من أخذِ حَقِّه، وإن قذَفَه أو اغتابه ولم يبلُغْه ففيه قولانِ للعُلَماء، هما روايتانِ عن أحمَدَ؛ أصحُّهما: أنَّه لا يُعلِمُه أني اغتَبْتُك، وقد قيل: بل يحسِنُ إليه في غَيبتِه كما أساء إليه في غَيبتِه، كما قال الحَسَنُ البَصريُّ: كَفَّارةُ الغِيبةِ أن تستغفِرَ لِمن اغتَبْتَه) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 0 والزوار 30) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
لنتصدق على فقراء الأخلاق. | رهيبة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 6 | 09-16-2022 10:57 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |