» يومٌ من عمري « | ||||||
|
آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-11-2024, 06:14 AM | #251 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع - التعالم
نماذِجُ من التَّعالُمِ ممَّا رُوِيَ من أخبارِ المتعالِمينَ: - قصَّةُ الهَرَويِّ شَمسِ بنِ عَطاءٍ الرَّازيِّ ت 887ه، وكان من أعوانِ تَيْمورلنك، وكان عريضَ الدَّعوى في الحِفظِ، فاستعظَمَ النَّاسُ ذلك، فجُعِل له مجلِسٌ لامتحانِه، وكان من جملةِ ما سُئِل عنه حينَئذٍ: هل ورد النَّصُّ على أنَّ المغرِبَ تُقصَرُ في السَّفَرِ؟ فقال: نعم، جاء ذلك من حديثِ جابِرٍ في كتابِ الفِردَوسِ لأبي اللَّيثِ السَّمَرقَنديِّ، فلمَّا انفَصلوا ورجَعوا إلى كتابِ أبي اللَّيثِ لم يجِدوا فيه ذلك، فقيل له في ذلك. فقال: لكتابِ السَّمَرْقَنديِّ هذا ثلاثُ نُسَخٍ: كُبرى، ووُسطى، وصُغرى، وهذا الحديثُ في الكُبرى، ولم تَدخُلِ الكُبرى هذه البلادَ! فاستَشْعروا كَذِبَه من يومِئذٍ . - عن أبي العيناءِ قال: حضَرْتُ مجلِسَ بعضِ المحَدِّثين المغَفَّلين فأسندَ حديثًا: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن جِبرائيلَ عن اللَّهِ عن رجلٍ. فقلتُ: من هذا الذي يصلُحُ أن يكونَ شيخَ اللَّهِ؟! فإذا هو قد صحَّفه، وإذا هو: عزَّ وجَلَّ ! - عن محمَّدِ بنِ حمدانَ قال: سمِعتُ صالِحًا -يعني جَزَرةَ- يقولُ: قَدِم علينا بعضُ الشُّيوخِ من الشَّامِ، وكان عندَه كُرَّاسٌ فيه عن جريرٍ، فقرأتُ عليه: حدَّثَكم جريرٌ عن ابنِ عُثمانَ أنَّه كان لأبي أسامةَ خَرَزةٌ يَرقي بها المريضَ، فصَحَّفْتُ أنا الخَرَزةَ، فقُلتُ: كان لأبي أسامةَ جَزَرةٌ. قال الخَطيبُ: وبهذا سُمِّيَ صالِح جَزَرة ! - (في كُتُبِ المحاضَراتِ أنَّ رجُلًا كان يُفتي كُلَّ سائِلٍ دونَ توقُّفٍ، فلحَظ أقرانُه ذلك منه، فأجمعوا أمْرَهم لامتحانِه بنَحتِ كَلِمةٍ ليس لها أصلٌ، هي: الخُنْفُشارُ، فسألوه عنها فأجاب على البَديهةِ بأنَّه: نَبتٌ طَيِّبُ الرَّائحةِ يَنبُتُ بأطرافِ اليَمَنِ، إذا أكلَتْه الإبِلُ عَقَد لبنُها! قال شاعِرُهم اليمانيُّ: لقد عَقَدَتْ محبَّتُكم فؤادي كما عَقَد الحَليبَ الخُنْفُشارُ - وقال داودُ الأنطاكيُّ في تذكِرتِه كذا، وقال فلانٌ وفلانٌ... وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاستوقفوه وقالوا: كذَبْتَ على هؤلاء فلا تكذِبْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم!) . - عن أبي فَزارةَ الأسديِّ قال: قلتُ لسعيدِ بنِ هُشَيمٍ: لو حَفِظتَ عن أبيك عَشَرةَ أحاديثَ سُدْتَ النَّاسَ، وقيل: هذا ابنُ هُشَيمٍ، فجاءوك فسَمِعوا منك، قال: شغَلني عن ذلك القُرآنُ، فلمَّا كان يومٌ آخَرُ، قال لي: جُبَيرٌ كان نبيًّا أم صِدِّيقًا؟ قال: قُلتُ: مَن جُبَيرٌ؟ قال: قولُه عزَّ وجل: واسألْ به جُبَيرًا! قال: قُلتُ له: يا غافِلُ، زعَمْتَ أنَّ القرآنَ أشغَلَك ! - وعن أبي عُبَيدةَ قال: كنَّا نجلِسُ إلى أبي عَمرِو بنِ العلاءِ فنخوضُ في فُنونٍ من العِلمِ، ورجُلٌ يجلِسُ إلينا لا يتكَلَّمُ حتى نقومَ، فقُلْنا: إمَّا أن يكونَ مجنونًا أو أعلَمَ النَّاسِ! فقال يونُسُ: أو خائِفٌ، سأُظهِرُ لكم أمرَه. فقال له: كيف عِلمُك بكتابِ اللَّهِ تعالى؟ قال: عالِمٌ به، قال: ففي أيِّ سورةٍ هذه الآيةُ: الحمدُ للهِ لا شريكَ له مَن لم يَقُلْها فنَفسَه ظَلَمَا فأطرَقَ ساعةً، ثمَّ قال: في: حم الدُّخَان ! صفة التعالم في واحة الأدب أ- في الشِّعرِ - قال كُشاجِمٌ: تشبَّهَ في النَّحوِ بالأخفَشَينِ فجاء بأُعجوبةٍ مُطْرِفَهْ ولم يسمَعِ النَّحوَ لكِنَّه قرا منه شيئًا وقد صَحَّفَهْ فإنْ لم يكُنْ أخفَشَ النَّاظِرَينِ فإنَّ الفتى أخفَشَ المعرِفَهْ - وقال أبو العتاهيةِ: أشَدُّ النَّاسِ للِعلمِ ادِّعاءً أقلُّهم بما هو فيه عِلمَا - وقال الصُّوليُّ: يَشرَعُ في أكثَرِ العُلومِ ولا يَعرِفُ منها أقلَّها خَطَرَا ويدَّعي الحِفظَ للقُرانِ ولا يقومُ بـ"الحَمدُ" وَحْدَها نَظَرَا - وقال الشَّاعرُ: كلُّ مَن يدَّعي بما ليس فيه كذَّبَتْه شواهِدُ الامتحانِ -وقيل: لو قيل كم خَمسٌ وخَمسٌ لارتأى يومًا وليلتَه يَعُدُّ ويَحسُبُ يرمي بمُقلتِه السَّماءَ مُفكِّرًا ويظَلُّ يرسُمُ في التُّرابِ ويكتُبُ ويقولُ مُعضِلةٌ عظيمٌ أمرُها ولئِنْ فَهِمتُ فإنَّ فهمي أعجَبُ حتَّى إذا خدَرَت أنامِلُ كَفِّه عدا وكادت عينُه تتصَوَّبُ أوفى على نَشَزٍ وقال: ألا اسمَعوا قد كِدتُ مِن طَرَبٍ أُجَنُّ وأُسلَبُ خمسٌ وخمسٌ سِتةٌ أو سبعةٌ قولانِ قالهما الخليلُ وثَعلَبُ فيه خلافٌ ظاهِرٌ ومذاهبٌ لكِنَّ مَذهَبنا أصحُّ وأصوَبُ وخواطِرُ الحِسابِ فيها كثرةٌ وأظنُّ قولي فيهم لا يَكذِبُ - وقال أبو حيَّانَ: يظُنُّ الغُمْرُ أنَّ الكُتْبَ تَهدي أخَا فَهمٍ لإدراكِ العُلومِ وما يدري الجَهولُ بأنَّ فيها غوامِضَ حَيَّرَت عقلَ الفهيمِ إذا رُمْتَ العلومَ بغيرِ شَيخٍ ضلَلْتَ عن الصِّراطِ المستقيمِ وتلتَبِسُ العلومُ عليك حتَّى تصيرَ أضَلَّ من تُوما الحكيمِ وقال بعضُهم: إذا لم تكُنْ حافِظًا واعِيًا فجَمْعُك للكُتْبِ لا ينفَعُ وتحضُرُ بالجَهلِ في موضِعٍ وعِلمُك في الكتُبِ مُستودَعُ ومَن كان في عُمُرِه هكذا يكُنْ دَهْرَه القَهْقَرى يَرجِعُ ومن المشهورِ: فدَعْ عنك الكتابةَ لستَ منها ولو سوَّدْتَ وَجْهَك بالمِدادِ وللعُلومِ رِجالٌ يُعرَفون بها وللدواوينِ كُتَّابٌ وحُسَّابُ ب- في الأمثالِ والحِكَمِ 1- قولُهم: يا طَبيبُ طُبَّ لنَفْسِك. يُضرَبُ مَثَلًا للرَّجُلِ يدَّعي العِلمَ وهو جاهِلٌ، أو ينتَحِلُ الصَّلاحَ وهو مُفسِدٌ، وأصلُ الطِّبِّ العِلمُ، وهو السِّحرُ أيضًا . 2- هل يَنهَضُ البازي بغيرِ جَناحٍ. يُضرَبُ لِمن يدَّعي عِلمًا ليس معه آلةٌ، ولِمَن قلَّ أنصارُه. وهو من قَولِ مِسكينٍ: وما طالِبُ الحاجاتِ إلَّا مُخاطِرٌ وما نال شيئًا طالِبٌ كنَجاحِ أخاك أخاك إنَّ من لا أخَا له كساعٍ إلى الهَيْجا بغيرِ سِلاحِ وإنَّ ابنَ عَمِّ المرءِ -فاعلَمْ- جَناحُه وهل يَنهَضُ البازي بغيرِ جَناحِ . 3- تجشَّأَ لُقمانُ مِن غَيرِ شِبَعٍ هو لُقمانُ العاديُّ يُضرَبُ لمَن يدَّعي عِلمًا ليست معه آلتُه . 4- صَبوحُ حَيَّانَ به جُموحُ. حيَّانُ: اسمٌ رَجُلٍ، والصَّبوحُ: ما يُشرَبُ عند الصُّبحِ، وهو يجمَحُ بشارِبِه أنَّه شرِبَها في غيرِ وقتِها. يُضرَبُ لِمَن يتصَدَّرُ للرِّياسةِ في غيرِ حِينِها . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-11-2024, 06:15 AM | #252 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( التنابز بالألقاب )
|
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 02:06 AM | #253 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
التنابز بالألقاب
التَّنابُزُ بالألقابِ لُغةً واصطِلاحًا التَّنابُزُ بالألقابِ لُغةً: النَّبَزُ، بالتَّحريكِ: اللَّقَبُ، والجَمعُ الأنبازُ. والنَّبْزُ، بالتَّسكينِ: المصدَرُ. يقالُ: نبَزه يَنبِزُه نَبْزًا، أي: لقَّبَه. وتنابَزوا بالألقابِ: أي: لَقَّب بعضُهم بعضًا. والتَّنابُزُ: التَّداعي بالألقابِ، وهو يَكثُرُ فيما كان ذمًّا. وقال المُبَرِّدُ: النَّبْزُ: هو اللَّقَبُ الثَّابتُ. والمنابَزةُ: الإشاعةُ باللَّقَبِ . التَّنابُزُ بالألقابِ اصطِلاحًا: التَّنابُزُ بالألقابِ: هو دعاءُ المرءِ صاحِبَه بما يَكرَهُه من اسمٍ أو صفةٍ . الفَرقُ بَينَ الاسمِ والكُنيةِ واللَّقَبِ، وبَينَ التَّنابُزِ وغَيرِه - الفَرقُ بَينَ الاسمِ والكُنيةِ واللَّقَبِ (هذه الثَّلاثةُ وإن اشترَكَت في تعريفِ المدعوِّ بها فإنَّها تفترِقُ في أمرٍ آخَرَ، وهو أنَّ الاسمَ إمَّا أن يُفهِمَ مدحًا أو ذمًّا، أو لا يُفهِمُ واحدًا منهما؛ فإن أفهم ذلك فهو اللَّقَبُ وغالِبُ استعمالِه في الذَّمِّ، فإن صُدِّر بأبٍ وأمٍّ فهو الكُنيةُ، كأبي فُلانٍ وأمِّ فُلانٍ، وإنْ لم يُصَدَّرْ بذلك فهو الاسمُ، كزَيدٍ وعَمرٍو، وهذا هو الذي كانت تَعرِفُه العَرَبُ، وعليه مَدارُ مُخاطباتِهم) . - الفَرقُ بَينَ التَّنابُزِ والغِيبةِ: الغِيبةُ: أن تَذكُرَ أخاك بما يَكرَهُ من العُيوبِ، وهي فيه، والتَّنابُزُ أخَصُّ منها؛ لأنَّه لا يكونُ إلَّا في اللَّقَبِ، أمَّا الغِيبةُ فتكونُ به وبغَيرِه . فالتَّنابُزُ من أفرادِ الغِيبةِ، وهو من أفحَشِ أنواعِها . وقيل: (الغِيبةُ ظاهِرةٌ اجتماعيَّةٌ يُؤذي النَّاسُ بها بَعضُهم بعضًا في غِيبتِهم، فهي كالتَّنابُزِ، ولكِنَّها حرَكةٌ جماعيَّةٌ مُختَلِطةٌ لا مُواجَهةَ فيها؛ فافتَرَقَت عن التَّنابُزِ بالألقابِ) . - الفَرقُ بَينَ التَّنابُزِ والتَّعريضِ: التَّعريضُ: هو ما يَفهَمُ به السَّامعُ مُرادَ المتكَلِّمِ من غيرِ تَصريحٍ، أمَّا التَّنابُزُ فلا يكونُ إلَّا صريحًا . - الفَرقُ بَينَ التَّنابُزِ والهَمزِ واللَّمزِ: أمَّا الفَرقُ بَينَ الهَمزِ واللَّمزِ فقد (اختُلِف في الفَرقِ بَينَ الكَلِمتينِ؛ فقيل: الهَمزُ في الحُضورِ، واللَّمزُ في الغَيبةِ، وقيل: بالعَكسِ. وقيل: الهَمزُ باليَدِ والعَينِ، واللَّمزُ باللِّسانِ، وقيل: هما سواءٌ) . قال الرَّازيُّ: (قال تعالى: وَلَا تَنَابَزُوا ولم يقُلْ: لا تَنبِزوا؛ وذلك لأنَّ اللَّمَّازَ إذا لَمَز فالملموزُ قد لا يجِدُ فيه في الحالِ عَيبًا يلمِزُه به، وإنَّما يَبحَثُ ويَتبَعُه ليَطَّلِعَ منه على عيبٍ، فيُوجَدُ اللَّمزُ من جانبٍ، وأمَّا النَّبزُ فلا يَعجِزُ كُلُّ واحدٍ عن الإتيانِ به؛ فإنَّ من نبَز غيرَه بالحِمارِ وهو يَنبِزُه بالثَّورِ وغيرِه، فالظَّاهِرُ أنَّ النَّبزَ يُفضي في الحالِ إلى التَّنابُزِ، ولا كذلك اللَّمزُ) . فاللَّمزُ أو الهَمزُ يَغلِبُ فيهما الطَّابَعُ الفَرديُّ الخَفيُّ الذي يدرِكُه أهلُ النَّباهةِ، أمَّا النَّبزُ باللَّقَبِ فتَغلِبُ فيه المُشارَكةُ، فمن نُبِزَ نَبَزَ . فيَظهَرُ من جملةِ الكلامِ أنَّ الألفاظَ الثَّلاثةَ تَشتَرِكُ في التَّحقيرِ من الآخَرينَ وعَيبِهم، وإن اختَصَّ التَّنابُزُ بالعَيبِ بالألقابِ أو الأسماءِ، وحُصولِ المُشارَكةِ، بخلافِ اللَّمزِ والهَمزِ؛ فيَغلِبُ فيهما الطَّابَعُ الفَرديُّ. - الفَرقُ بَينَ التَّنابُزِ والسُّخريَّةِ: السُّخريَّةُ: الاستِهانةُ والتَّحقيرُ والتَّنبيهُ على العُيوبِ والنَّقائصِ على وَجهٍ يُضحَكُ منه، وقد يكونُ ذلك بالمحاكاةِ في الفِعلِ والقَولِ، وقد يكونُ بالإشارةِ والإيماءِ، وبهذا يَظهَرُ أنَّ التَّنابُزَ بالألقابِ داخِلٌ في مفهومِ السُّخريَّةِ، ويكونُ ذِكرُ التَّنابُزِ في آيةِ الحُجُراتِ بَعدَ ذِكرِ السُّخريَّةِ مِن قَبيلِ ذِكرِ الخاصِّ بَعدَ العامِّ؛ اهتمامًا به . - الفَرقُ بَينَ التَّنابُزِ والقَذفِ والسَّبِّ: لَمَّا كان التَّنابُزُ التَّناديَ بما يكرَهُه الإنسانُ أو ما فيه عَيبُه أو تحقيرُه، كان القَذفُ -وهو الرَّميُ بالزِّنا- والسَّبُّ -وهو شَتمُ البريءِ في غيرِ حَقٍّ شَرعيٍّ- من أفرادِ التَّنابُزِ . ذم التنابز بالألقاب والتحذير منه أ- مِن القُرآنِ الكريمِ التَّنابُزُ بالألقابِ من الرَّذائِلِ التي تُفسِدُ الأخُوَّةَ، وتوغِرُ الصُّدورَ، وقد نهى القرآنُ الكريمُ عنها، ودعا في آياتٍ كثيرةٍ إلى الحَسَنِ من القَولِ، واجتنابِ القبيحِ منه. ومن الآياتِ الدَّالَّةِ على ذلك: 1- قال تعالى: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [الحجرات: 11] . عن أبي جُبَيرةَ بنِ الضَّحَّاكِ، قال: فينا نزَلت هذه الآيةُ في بني سَلِمةَ: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [الحجرات: 11] قال: قَدِم علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليس منا رجُلٌ إلَّا وله اسمانِ أو ثلاثةٌ، فجعل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((يا فُلانُ)) فيقولونَ: مَهْ! يا رسولَ اللهِ إنَّه يغضَبُ من هذا الاسمِ، فأُنزِلَت هذه الآيةُ: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات: 11] . قال الطَّبريُّ: (إنَّ اللهَ تعالى ذِكرُه نهى المؤمِنينَ أن يتنابَزوا بالألقابِ...، وعمَّ اللهُ بنهيِه ذلك، ولم يَخْصُصْ به بعضَ الألقابِ دونَ بعضٍ؛ فغَيرُ جائزٍ لأحدٍ من المسلِمينَ أن يَنبِزَ أخاه باسمٍ يَكرَهُه، أو صفةٍ يكرَهُها) . 2- قال تعالى كاشفًا عن خُبثِ اليهودِ حينَ أرادوا الإساءةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونَبْزَه بلَفظٍ قبيحٍ -على أحَدِ الأقوالِ في الآيةِ- فنهى اللهُ المؤمنينَ عن قولِه وإن كان قَصدُهم حَسَنًا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة: 104] . قال القُرطبيُّ: (ذلك أنَّ المُسلِمينَ كانوا يقولون: راعِنا يا رسولَ اللهِ، من المراعاةِ، أي: أَرعِنا سَمعَك، أي: فَرِّغْ سَمعَك لكلامِنا، يقال: أرعى إلى الشَّيءِ، ورعاه، وراعاه، أي: أصغى إليه واستمَعَه، وكانت هذه اللَّفظةُ شَيئًا قبيحًا بلُغةِ اليهودِ، وقيل: كان معناها عندَهم اسمَعْ لا سَمِعْتَ، وقيل: هي مِن الرُّعونةِ، إذا أرادوا أن يحَمِّقوا إنسانًا قالوا له: راعِنا، بمعنى: يا أحمَقُ! فلمَّا سمِعَ اليهودُ هذه اللَّفظةَ من المُسلِمينَ قالوا فيما بينهم: كنَّا نَسُبُّ مُحمَّدًا سِرًّا، فأعلِنوا به الآنَ، فكانوا يأتونه ويقولون: راعِنا يا محمَّدُ، ويضحَكون فيما بَينَهم، فسَمِعها سَعدُ بنُ مُعاذٍ، ففَطِن لها، وكان يَعرِفُ لُغتَهم، فقال لليهودِ: لئِنْ سَمِعتُها من أحَدِكم يقولُها لرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأضرِبَنَّ عُنُقَه، فقالوا: أولَستُم تقولونها؟ فأنزل اللهُ تعالى: لَا تَقُولُوا رَاعِنْا؛ كي لا يجِدَ اليهودُ بذلك سبيلًا إلى شَتمِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) . 3- وقال تعالى آمِرًا بما يؤلِّفُ القُلوبَ ويجمَعُها، وما يضادُّ التَّنابُزَ بالألقابِ وما كان مِثلَه من آفاتِ اللِّسانِ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات: 10] . قال ابنُ رَجَبٍ: (فإذا كان المؤمِنونَ إخوةً أُمِروا فيما بَينَهم بما يوجِبُ تآلُفَ القلوبِ واجتماعَها، ونُهُوا عمَّا يوجِبُ تنافُرَ القلوبِ واختلافَها،... وأيضًا: فإنَّ الأخَ من شأنِه أن يوصِلَ إلى أخيه النَّفعَ، ويكُفَّ عنه الضَّرَرَ) . 4- وقال تعالى يحُثُّ عِبادَه على أن تنطِقَ ألسِنَتُهم بالكلامِ الحَسَنِ الذي يُضادُّ التَّنابُزَ بالألقابِ وما كان مِثلَه من مساوئِ الأقوالِ: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83] . قال ابنُ كثيرٍ: (قولُه تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا أي: كَلِّموهم طَيِّبًا، ولَيِّنوا لهم جانِبًا ...، قال الحَسَنُ البَصريُّ في قولِه: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا: فالحُسنُ من القولِ: يأمُرُ بالمعروفِ وينهى عن المُنكَرِ، ويحلُمُ، ويعفو، ويصفَحُ، ويقولُ للنَّاسِ حُسنًا، كما قال اللهُ، وهو كُلُّ خُلُقٍ حَسَنٍ رَضِيَه اللهُ) . 5- وقال تعالى آمرًا بقولِ الكلمةِ التي هي أحسَنُ، ومحَذِّرًا ممَّا يكونُ سببًا لنزَغاتِ الشَّياطينِ، ولا ريبَ أنَّ منها التَّنابُزَ بالألقابِ: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53] . أي: (قُلْ -أيُّها الرَّسولُ الكريمُ- لعبادي المؤمنينَ أن يقولوا عِندَ محاورتِهم لغيرِهم الكلمةَ التي هي أحسَنُ، والعبارةَ التي هي أرَقُّ وألطَفُ؛ وذلك لأنَّ الكلمةَ الطَّيِّبةَ تَزيدُ في المودَّةِ التي بَينَ المؤمِنينَ، وتَكسِرُ حِدَّةَ العداوةِ التي بَينَهم وبَينَ أعدائِهم، وقَولُه سُبحانَه: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ تعليلٌ للأمرِ السَّابقِ، أي: إنَّ الشَّيطانَ يتربَّصُ بكم، ويتلمَّسُ السَّقَطاتِ التي تقعُ من أفواهِكم، والعَثَراتِ التي تنطِقُ بها ألسنتُكم؛ لكي يُشيعَ الشَّرَّ بَينَكم، ويَبذُرَ بُذورَ الشَّرِّ والبغضاءِ في صُفوفِكم) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 02:12 AM | #254 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التنابز بالألقاب
ذم التنابز بالالقاب والتحذير منه ب- مِن السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ شدَّدت السُّنَّةُ المطَهَّرةُ في أمرِ اللِّسانِ، وضرورةِ ألَّا يصدُرَ منه ما يُغضِبُ اللهَ سُبحانَه، ويؤذي عبادَه، ويكونُ سببًا لعقوبةِ صاحبِه، كالتَّنابُزِ بالألقابِ وغيرِه؛ فمن ذلك: 1- عن المعرورِ بنِ سُوَيدٍ، قال: لَقِيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذةِ ، وعليه حُلَّةٌ ، وعلى غلامِه حُلَّةٌ، فسألتُه عن ذلك، فقال: إنِّي سابَبتُ رَجُلًا فعَيَّرتُه بأمِّه، فقال لي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا أبا ذَرٍّ أعيَّرْتَه بأمِّه؟! إنَّك امرُؤٌ فيك جاهليَّةٌ، إخوانُكم خَوَلُكم ، جعَلهم اللهُ تحتَ أيديكم؛ فمن كان أخوه تحتَ يَدِه فلْيُطعِمْه ممَّا يأكُلُ، ولْيُلبِسْه ممَّا يَلبَسُ، ولا تُكَلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإنْ كلَّفْتُموهم فأعينوهم)) . قال ابنُ حَجَرٍ: (يؤخَذُ منه المبالغةُ في ذمِّ السَّبِّ واللَّعنِ؛ لِما فيه من احتقارِ المُسلِمِ، وقد جاء الشَّرعُ بالتَّسويةِ بَينَ المُسلِمينَ في معظَمِ الأحكامِ، وأنَّ التَّفاضُلَ الحقيقيَّ بَينَهم إنَّما هو بالتَّقوى، فلا يُفيدُ الشَّريفَ النَّسَبِ نَسَبُه إذا لم يكُنْ من أهلِ التَّقوى، وينتَفِعُ الوضيعُ النَّسَبِ بالتَّقوى) . 2- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سِبابُ المُسلِمِ فُسوقٌ، وقتالُه كُفرٌ)) . قال القُرطبيُّ: (قولُه: "سِبابُ المُسلِمِ فُسوقٌ" أي: خروجٌ عن الذي يجبُ من احترامِ المُسلِمِ، وحُرمةِ عِرضِه وسَبِّه) . - وعن أبي هُرَيرةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظلِمُه، ولا يَخذُلُه، ولا يَحقِرُه)) . قال القاري: (أي: لا يحتَقِرُه بذِكرِ المعايبِ وتنابُزِ الألقابِ والاستهزاءِ والسُّخريَّةِ إذا رآه رثَّ الحالِ، أو ذا عاهةٍ في بدَنِه، أو غيرَ لائقٍ في محادثتِه؛ فلعَلَّه أخلَصُ ضميرًا وأتقى قلبًا ممَّن هو على ضِدِّ صِفتِه، فيَظلِمُ نفسَه بتحقيرِ مَن وَقَّره اللهُ) . 3- عن أبي هُرَيرةَ قال: سُئِل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكثَرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فقال: ((الفَمُ والفَرجُ)) . وذلك لأنَّهما يوقعانِ النَّاسَ في الإثمِ؛ فالفَمُ لِما يتأدَّى به من فِعلٍ وقولٍ؛ فالفِعلُ كالطَّعامِ والشَّرابِ المحَرَّمِ، والقَولُ باللِّسانِ كالكُفرِ والغِيبةِ والنَّميمةِ، وإبطالِ الحَقِّ وإبداءِ الباطِلِ، ومن ذلك التَّنابُزُ بالألقابِ، إلى غيرِ ذلك، وحِفظُ اللِّسانِ مِلاكُ أمرِ الدِّينِ كُلِّه، وأكلُ الحلالِ رأسُ التَّقوى كُلِّها . ج- مِن أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ - قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه في خُطبةٍ خطَبها لَمَّا انصرَف من النَّهْرَوانِ: (وإذا حَكَمْتُم فاعدِلوا، ولا تَفاخَروا بالآباءِ، ولا تَنابَزوا بالألقابِ، ولا تَمازَحوا، ولا يَغتَبْ بعضُكم بعضًا) . - وقال عبدُ الرَّحمنِ بنُ عُمَيرٍ القُرَشيُّ في خُطبتِه يَعِظُ قَومَه: (عبادَ اللهِ، إنَّا لم نَدْعُكم إلى الاختلافِ والفُرقةِ، ولا نريدُ أن تقتَتِلوا ولا تتنابَزوا، ولكِنَّا إنَّما ندعوكم إلى أن تَجمَعوا كَلِمتَكم، وتُوازِروا إخوانَكم الذين هم على رأيِكم، وأن تَلُمُّوا شَعَثَكم . - وقال الضَّحَّاكُ بنُ مُزاحِمٍ ضِمنَ وَصيَّةٍ جامعةٍ لِما يُفعَلُ وما يُجتنَبُ من الأخلاقِ: (واجتنابُ الهَمزِ واللَّمزِ والتَّنابُزِ بالألقابِ، واجتنابُ النَّميمةِ والاغتيابِ، واجتنابُ التَّجسُّسِ وسُوءِ الظَّنِّ بالصَّالحينَ والصَّالحاتِ) . - وقال الحَلِيميُّ: (وينبغي للمُسلِمِ أن يقارِبَ إخوانَه من أهلِ دينِه، ويُؤالِفَهم ويُوادَّهم، ويَبَرَّهم ويَصِلَهم، ولا يؤذيَ أحدًا منهم، ولا يخاطِبَه بما يكرَهُه، ولا يَنبِزَه بلَقَبٍ، ولا يُفسِدَ عليه حالًا صالحًا قد رَضِيها لنفسِه، وسكَن إليها قَلبُه) . - وقال حُسَينٌ المَهديُّ: (وانظُرْ بعينيك الأفرادَ والأمَمَ الذين يختَلِفون ويتنافَرون ويتنابَزون ويتقاطَعون ويستعلي بعضُهم على بعضٍ؛ كيف صار حالُهم، وكيف تبدَّل عِزُّهم إلى ذُلٍّ، وغِناهم إلى فَقرٍ، وجَمْعُهم إلى شَتاتٍ؟!) . آثارُ التَّنابُزِ بالألقابِ 1- يؤدِّي إلى ثَوَرانِ الغَضَبِ وهَيَجانِ الحَماقاتِ. 2- يُفسِدُ المودَّاتِ ويُولِّدُ العداواتِ والأحقادَ. 3- يقطَعُ أواصِرَ الأُخوَّةِ الإيمانيَّةِ. 4- ربَّما وصَّل إلى التَّقاتُلِ بَينَ النَّاسِ . أقسامُ التَّنابُزِ بالألقابِ الألقابُ على ثلاثةِ أقسامٍ: الأوَّلُ: ما يَكرَهُه الإنسانُ ولا يحِبُّ أن يُنادى به، فهذا لا يجوزُ التَّسميةُ به، وهذا المقصودُ في آيةِ النَّهيِ عن التَّنابُزِ. الثَّاني: قِسمٌ يحِبُّه الإنسانُ ويُعجِبُه، ولا إطراءَ فيه، كأبي تُرابٍ لعَليِّ بنِ أبي طالبٍ؛ فقد لقَّبه به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال سَهلٌ: ما كان لعَليٍّ اسمٌ أحَبَّ إليه من أبي تُرابٍ . الثَّالِثُ: قِسمٌ غَلَب على الشَّخصِ واشتَهَر به، وقد لا يُعرَفُ إلَّا به، كالأعرَجِ والأعمَشِ والأبرَصِ والأشَجِّ، فهذا جائِزٌ بشَرطِ ألَّا يَقصِدَ قائِلُه التَّعييرَ واللَّمزَ ونَحوَه . مظاهِرُ وصُوَرُ التَّنابُزِ بالألقابِ 1- التَّنابُزُ برَميِ المُسلِمِ بكَلِمةِ الكُفرِ بغيرِ حَقٍّ. عن ثابتِ بنِ الضَّحَّاكِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من قذَف مؤمِنًا بكُفرٍ فهو كقَتلِه)) ، فرَميُ المُسلِمينَ بالكُفرِ من التَّنابُزِ بالألقابِ الذي نهى اللهُ عنه . 2- التَّنابُزُ بتسميةِ المُسلِمِ بالأعمالِ السَّيِّئةِ بَعدَ الإسلامِ. عن ابنِ زيدٍ، في قَولِه: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات: 11] قال: (تسميتُه بالأعمالِ السَّيِّئةِ بَعدَ الإسلامِ: زانٍ، فاسِقٌ) . 3- التَّنابُزُ بمعايرةِ الإنسانِ بما سَلَف منه من ذُنوبِه وإن تاب منها. عن ابنِ عبَّاسٍ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ [الحجرات: 11] الآية، قال: (التَّنابُزُ بالألقابِ: أن يكونَ الرَّجُلُ عَمِل السَّيِّئاتِ ثمَّ تاب منها، وراجَع الحَقَّ، فنهى اللهُ أن يُعَيَّرَ بما سلَف من عمَلِه) . 4- التَّنابُزُ برَميِ المُسلِمِ أخاه المُسلِمَ بالفِسقِ والنِّفاقِ. عن قتادةَ، في قولِه تعالى: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات: 11] ، قال: (لا تَقُلْ لأخيك المُسلِمِ: يا فاسِقُ، يا مُنافِقُ) . 5- التَّنابُزُ بمناداةِ اليهوديِّ والنَّصرانيِّ والمجوسيِّ بَعدَ إسلامِهم بما كانوا عليه قَبلَ إسلامِهم. عن ابنِ مسعودٍ: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ قال: (أن يقولَ إذا كان الرَّجُلُ يهوديًّا فأسلَم: يا يهوديُّ، يا نصرانيُّ، يا مجوسيُّ) . 6- التَّنابُزُ بألفاظِ السَّبِّ والشَّتمِ الصَّريحةِ. عن عطاءٍ: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ قال: (أن يُسمِّيَه بغيرِ اسمِ الإسلامِ: يا خِنزيرُ، يا كَلبُ، يا حِمارُ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 02:17 AM | #255 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التنابز بالألقاب
أسبابُ الوقوعِ في التَّنابُزِ بالألقابِ 1- ضَعفُ الوازعِ الدِّينيِّ. 2- الكِبرُ الذي يؤدِّي إلى غَمْطِ النَّاسِ واحتِقارِهم. 3- تعظيمُ النَّفسِ ورَفعُها بالحَطِّ من قَدْرِ الآخَرينَ ومَنزلتِهم. 4- الرَّغبةُ في التَّنفيرِ عن آخَرينَ أو أعمالِهم أو أفكارِهم أو دعَواتِهم، وصَدِّ النَّاسِ عنهم. 5- الغضَبُ الذي قد يحمِلُ الإنسانَ على فِعلِ ذلك. 6- الحسَدُ والحِقدُ. الوسائِلُ المُعِينةُ على تَركِ التَّنابُزِ بالألقابِ 1- أن يَعلَمَ أنَّ التَّنابُزَ بالألقابِ مَعصيةٌ نهى اللهُ سُبحانَه عنها، ويجِبُ عليه التَّوبةُ منها. 2- أن يَعلَمَ النَّابِزُ أنَّه ظالمٌ لنفسِه؛ لأنَّه رَضِيَ لها العقوبةَ، مع إمكانِه الإقلاعَ عن ذَنبِه. 3- أن يَعلَمَ أنَّه ظالمٌ لغيرِه معتَدٍ على حُرمتِه. 4- أن يَعلمَ أنَّه يُعَرِّضُ نفسَه للاعتداءِ عليها بما يكرَهُ من ألقابِ السُّوءِ، والعاقِلُ لا يرضى لنفسِه ذلك. 5- أن يَعلمَ أنَّه موصوفٌ بالفِسقِ من قِبَلِ اللهِ سُبحانَه، فيبادِرَ بالإقلاعِ عن سبَبِ وَصفِه. 6- أن يَعلمَ أنَّ التَّنابُزَ بالألقابِ من خِصالِ الجاهليَّةِ. 7- أن يُبرِّئَ الإنسانُ ذِمَّتَه بتركِ الخَوضِ فيما لا يحِبُّ اللهُ ولا يرضى. 8- أن يَعلمَ أنَّ التَّنابُزَ بالألقابِ يخالِفُ مقصودَ الشَّرعِ؛ لأنَّه يؤدِّي إلى التَّباعُدِ والفُرقةِ، واللهُ سُبحانَه أمَرَنا بالوَحدةِ والاجتماعِ. 9- أن يَعلمَ أنَّ التَّنابُزَ قد يحصُلُ بأمرٍ لا يملِكُه المنبوزُ، كأن يَنبِزَه بأمرٍ خِلْقيٍّ خلَقه اللهُ عليه، أو بنَسَبِه أو قَومِه، وهذا الأمرُ كان من الممكِنِ أن يحصُلَ للنَّابزِ، ولا شَكَّ أنَّه لا يحِبُّ أن يُنبَزَ به، والمؤمِنُ يحبُّ لأخيه ما يحِبُّ لنَفسِه. قِصَصٌ ونماذِجُ مِن صُوَرِ التَّنابُزِ بالألقابِ عِندَ بعضِ النَّاسِ - نَبْزُ قُرَيشٍ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ألا تَعجَبونَ كيف يَصرِفُ اللهُ عنِّي شَتْمَ قُرَيشٍ ولَعْنَهم؟! يَشتِمون مُذَمَّمًا، ويَلعَنون مُذَمَّمًا، وأنا محمَّدٌ!)) . فقد (كان الكُفَّارُ من قُرَيشٍ من شِدَّةِ كراهتِهم في النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُسمُّونه باسمِه الدَّالِّ على المدحِ، فيَعدِلون إلى ضِدِّه، فيقولون: مُذَمَّمٌ، وإذا ذكَروه بسوءٍ قالوا: فَعَل اللهُ بمُذَمَّمٍ، ومُذَمَّمٌ ليس هو اسمَه ولا يُعرَفُ به؛ فكان الذي يقعُ منهم في ذلك مصروفًا إلى غيرِه!) . - نَبْزُ عُروةَ بنِ مَسعودٍ أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فإنَّه لمَّا جاء مفاوِضًا لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحُدَيبيَةِ قال له: (فإنِّي واللهِ لأرى وُجوهًا، وإنِّي لأرى أوشابًا من النَّاسِ خليقًا أن يَفِرُّوا ويَدَعوك) . - نَبْزُ رَجُلٍ لسَعيدِ بنِ عامِرٍ وتعييبُه: عن سَعيدِ بنِ عامرِ بنِ حِذْيَمٍ، وكان أميرًا على حِمصٍ، من قُرَيشٍ: أنَّه وثب على فَرَسٍ له، فقال له قائِلٌ: لقد أجَدْتَ الوَثبةَ يا قَرِحًا! فقال: (مَن الذي سمَّاني بغيرِ الاسمِ الذي سمَّاني به والِدي؟ إن كان لغَنِيًّا أن تلعَنَه الملائِكةُ!) . - نَبْزُ أهلِ البِدَعِ أهلَ السُّنَّةِ بأسماءٍ وصِفاتٍ سَيِّئةٍ للتَّنفيرِ منهم: قال أبو حاتمٍ الرَّازيُّ: (وعلامةُ أهلِ البِدَعِ الوقيعةُ في أهلِ الأثَرِ، وعلامةُ الزَّنادقةِ تسميتُهم أهلَ السُّنَّةِ حَشَويَّةً، يريدونَ إبطالَ الآثارِ، وعلامةُ الجَهميَّةِ تَسميتُهم أهلَ السُّنَّةِ مُشَبِّهةً ونابِتةً، وعلامةُ القَدَريَّةِ تَسميتُهم أهلَ الأثَرِ مُجْبِرةً، وعلامةُ المُرجئةِ تَسميتُهم أهلَ السُّنَّةِ مخالِفةً ونُقصانيَّةً، وعلامةُ الرَّافِضةِ تَسميتُهم أهلَ السُّنَّةِ ناصِبةً. ولا يَلحَقُ أهلَ السُّنَّةِ إلَّا اسمٌ واحِدٌ، ويستحيلُ أن تجمَعَهم هذه الأسماءُ) . - نَبْزُ دَعوةِ الشَّيخِ محمَّدِ بنِ عَبدِ الوَهَّابِ بالدَّعوةِ الوَهَّابيَّةِ تنفيرًا منها: فقد حاول أعداءُ الشَّيخِ محمَّدِ بنِ عَبدِ الوَهَّابِ التَّنفيرَ عنه وعن أتباعِه (ونَبذوهم بلَقَبٍ مُنَفِّرٍ «الوَهَّابيَّةِ»؛ تحذيرًا للنَّاسِ منهم، وإضلالًا للعوامِّ، وإغواءً للجُهَّالِ بهذه الحِيلةِ الماكِرةِ) . حُكمُ التَّنابُزِ بالألقابِ حكى النَّوويُّ اتِّفاقَ العُلَماءِ على تحريمِ تلقيبِ الإنسانِ بما يَكرَهُ، سواءٌ كان صفةً له، كالأعمَشِ والأجلَحِ، أو كان صفةً لأبيه أو لأمِّه، أو غيرَ ذلك ممَّا يَكرَهُ. وعدَّ ابن حجر الهيتمي التَّنابُزَ بالألقابِ المكروهةِ من كبائِرِ الذُّنوبِ. أمَّا ما يُباحُ منه: فما كان على جهةِ التَّعريفِ لمَن لا يُعرَفُ إلَّا بذلك، أو ما يحِبُّه الإنسانُ من الألقابِ التي تَزينُه؛ لأنَّ هذه الألقابَ لم تَزَلْ مُستحَسَنةً في الأُمَمِ كُلِّها من العَرَبِ والعَجَمِ، تجري في مخاطباتِهم ومكاتباتِهم من غيرِ نكيرٍ، وقَلَّ من المشاهيرِ في الجاهليَّةِ والإسلامِ مَن ليس له لَقَبٌ، وقد لُقِّب أبو بكرٍ بالعَتيقِ، وعُمَرُ بالفاروقِ، وغيرُهما . أخطاءٌ شائِعةٌ حولَ التَّنابُزِ بالألقابِ 1-الاعتقادُ بأنَّ التَّنابُزَ بالألقابِ إن كان بصفةٍ حقيقيَّةٍ أو وَصفٍ في المنبوزِ، كان جائزًا، وهذا خطَأٌ. قال ابنُ القَيِّمِ: (ولا خِلافَ في تحريمِ تلقيبِ الإنسانِ بما يَكرَهُه، سواءٌ كان فيه أو لم يكُنْ) . وقال ابنُ عُثَيمين: (لا يَنبِزْ بَعضُكم بعضًا باللَّقبِ...؛ لأنَّك إذا نبَزْتَه باللَّقَبِ فإمَّا أن يكونَ اللَّقَبُ فيه، وإمَّا ألَّا يكونَ فيه؛ فإن كان فيه فقد ارتكَبْتَ هذا النَّهيَ، وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه وارتكَبْتَ النَّهيَ أيضًا) . 2-الاعتقادُ بأنَّ التَّنابُزَ بالألقابِ ما دام من بابِ المُزاحِ فلا حَرَجَ فيه مُطلقًا، وهذا خطَأٌ؛ فالتَّنابُزُ بالألقابِ مَنهيٌّ عنه سواءٌ كان عن مُزاحٍ أو لا، والمُزاحُ له ضوابِطُ؛ منها: ألَّا يَؤُولَ إلى الإيذاءِ، وألَّا يُورِثَ الأحقادَ، ويُسقِطَ المهابةَ والوَقَارَ، وهذا مُنتَفٍ مع التَّنابُزِ بالألقابِ. 3- النَّبزُ بالألقابِ والذمُّ جملةً لبلدٍ أو قومٍ أو قبيلةٍ. قال ابنُ عبدِ البرِّ: (الفاضلُ حيثُ كان فهو فاضلٌ، والمفضولُ السَّاقِطُ حيثُ كان مِن البلدانِ لا تُصلِحُه بلدةٌ؛ لأنَّ الأرضَ لا تُقدِّسُ صاحبَها، وإنَّما يُقدِّسُ المرءَ عملُه. وإنَّ مَن مدَح بلدةً وذمَّ أخرَى يحتاجُ إلى توقيفٍ ممَّن يجِبُ التسليمُ له، على أنَّه لا مدحَ ولا ذمَّ لبلدةٍ إلا على الأغلبِ مِن أحوالِ أهلِها، وأمَّا على العمومِ فلا) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 02:19 AM | #256 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – التنابز بالألقاب
مَسائِلُ مُتفرِّقةٌ - إذا كان صاحِبُ اللَّقَبِ لا يُعرَفُ إلَّا به صار اسمًا له وليس تنابُزًا: قال الشَّوكانيُّ: (فإنْ قُلتَ: فإن كان صاحِبُ اللَّقَبِ لا يُعرَفُ إلَّا به، ولا يُعرَفُ بغَيرِه أصلًا؟ قُلتُ: إذا بلَغ الأمرُ إلى هذه النِّهايةِ، ووصل البحثُ إلى هذه الغايةِ؛ لم يكُنْ ذلك اللَّقَبُ لَقَبًا، بل هو الاسمُ الذي يُعرَفُ به صاحِبُه؛ إذ لا يُعرَفُ باسمٍ سِواه قطُّ. والتَّسميةُ للإنسانِ باسمٍ يُعرَفُ به -لا سيَّما من كان من رُواةِ العِلمِ الحامِلينَ له المبَلِّغينَ ما عِندَهم منه إلى النَّاسِ- أمرٌ تدعو الحاجةُ إليه، وإلَّا بَطَل ما يَرويه من العِلمِ، خُصوصًا ما كان قد تفرَّد به ولم يُشارِكْه فيه غيرُه، وعلى هذا يُحمَلُ ما وقَع في المصنَّفاتِ من ذِكرِ الألقابِ؛ فإنَّ أهلَها وإن كانت لهم أسماءٌ، ولآبائِهم ولأجدادِهم، فغَيرُهم يشارِكُهم فيها، فقد يتَّفِقُ اسمُ الرَّجُلِ مع الرَّجُلِ، واسمُ أبيه مع أبيه، واسمُ جَدِّه، فلا يمتازُ أحَدُهما عن الآخَرِ في كثيرٍ من الحالاتِ إلَّا بذكرِ الألقابِ ونحوِها، وحينَئذٍ لم يَبْقَ لتلك الأسماءِ فائدةٌ؛ لأنَّ المقصودَ منها أن يتميَّزَ بها صاحِبُها عن غيرِه، ولم يحصُلْ هذا الذي هو المقصودُ بها، بل إنَّما حصل من اللَّقَبِ؛ فكان هو الاسمَ المُمَيِّزَ في الحقيقةِ، فلم يكُنْ ذلك من التَّنابُزِ بالألقابِ) . - التَّلقيبُ أو التَّسميةُ بلَفظٍ مُضافٍ إلى (الدِّينِ) أو (الإسلامِ): (تُكرَهُ التَّسميةُ بكُلِّ اسمٍ مُضافٍ مِن اسمٍ أو مَصدَرٍ أو صفةٍ مُشبَّهةٍ مُضافةٍ إلى لفظِ «الدِّينِ» ولفظِ «الإسلامِ»؛ مِثلُ: نُورِ الدِّينِ، ضياءِ الدِّينِ، سَيفِ الإسلامِ، نُورِ الإسلامِ ... وذلك لعظيمِ منزلةِ هذَينِ اللَّفظَينِ «الدِّينِ» و«الإسلامِ»؛ فالإضافةُ إليهما على وجْهِ التَّسميةِ فيها دعوى فجَّةٌ تَدلُّ على الكَذِبِ؛ ولهذا نصَّ بعضُ العُلماءِ على التَّحريمِ، والأكثرُ على الكراهةِ؛ لأنَّ منها ما يوهِمُ معانيَ غيرَ صحيحةٍ ممَّا لا يجوزُ إطلاقُه، وكانت في أوَّلِ حُدوثِها ألقابًا زائِدةً عن الاسمِ، ثمَّ استُعمِلَت أسماءً. وقد يكونُ الاسمُ من هذه الأسماءِ مَنهيًّا عنه من جِهَتينِ؛ مثلُ: شِهابِ الدِّينِ؛ فإنَّ الشِّهابَ: الشُّعلةُ مِن النَّارِ، ثمَّ إضافةُ ذلك إلى الدِّينِ... وكان النّوويُّ يَكرَهُ تلقيبَه بمُحيي الدِّينِ، وشيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ يَكرَهُ تلقيبَه بتَقيِّ الدِّينِ، ويقولُ: لكِنَّ أهلي لقَّبوني بذلك فاشتَهَر) . وقال ابنُ تيميَّةَ: (ولا رَيبَ أنَّ هذه المُحدَثاتِ التي أحدَثها الأعاجِمُ، وصاروا يزَيدون فيها، فيقولون: عِزُّ المِلَّةِ، وعِزُّ الدِّينِ، وعِزُّ الحَقِّ، وأكثَرُ ما يدخُلُ في ذلك من الكَذِبِ المُبينِ، بحيثُ يكونُ المنعوتُ بذلك أحَقَّ بضِدِّ ذلك الوَصفِ، والذين يَقصِدون هذه الأمورَ فَخرًا وخُيَلاءَ يُعاقِبُهم اللهُ بنقيضِ قَصدِهم، فيُذِلُّهم ويُسَلِّطُ عليهم عَدُوَّهم، والذين يتَّقون اللهَ ويقومون بما أمرَهم به من عبادتِه وطاعتِه يُعِزُّهم ويَنصُرُهم، كما قال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر: 51] ، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8] ، واللهُ أعلَمُ، وصلَّى اللهُ على محمَّدٍ وآلِه وسَلَّم) . - تلقيبُ مَن ليس بأهلٍ لِما لُقِّبَ به: قال الزَّمخشَريُّ: (وأمَّا ما استُحدِثَ من تلقيبِ السِّفْلةِ بالألقابِ العَلِيَّةِ، حتَّى زال التَّفاضُلُ، وذهب التَّفاوُتُ، وانقلبت الضَّعةُ والشَّرفُ والفَضلُ والنَّقصُ شَرعًا واحِدًا- فمُنكَرٌ، وهَبْ أنَّ العُذرَ مَبسوطٌ في ذلك، فما العُذرُ في تلقيبِ مَن ليس في الدِّينِ بقَبيلٍ ولا دَبيرٍ، ولا له فيه ناقةٌ ولا جَمَلٌ، بل هو مُحتَوٍ على ما يُضادُّ الدِّينَ ويُنافيه- بجَمالِ الدِّينِ وشَرَفِ الإسلامِ؟! هي -لَعَمْرُ اللهِ- الغُصَّةُ التي لا تُساغُ، والغَبنُ الذي يتناثَرُ الصَّبرُ دونَه. نسألُ اللهَ إعزازَ دينِه، وإعلاءَ كَلِمتِه، وأنْ يُصلِحَ فاسِدَنا، ويُوقِظَ غافِلَنا) . وقال ابنُ رَشيقٍ : ممَّا يُبَغِّضُني في أرضِ أندَلُسٍ أسماءُ مُقتَدِرٍ فيها ومُعتَضِدِ ألقابُ مملكةٍ في غَيرِ مَوضِعِها كالهِرِّ يحكي انتِفاخًا صَولةَ الأسَدِ التَّنابُزُ بالألقابِ في واحةِ الأدَبِ 1- قال الشَّاعِرُ: أَكْنِيه حينَ أُناديه لأُكرِمَه ولا أُلَقِّبُه والسَّوأةَ اللَّقَبَا كذاك أُدِّبتُ حتَّى صار مِن خُلُقي أنِّي وجَدْتُ مِلاكَ الشِّيمةِ الأَدَبَا . 2- وقال آخَرُ: لا يُضمِرُ الغَدْرَ للصَّديقِ ولا يَخطو اسمَ ذي وُدِّه إلى لَقَبِه . 3- وقال الشَّاعِرُ: ولسْتُ بذي نَيرَبٍ في الكِرامِ ومَنَّاعَ خَيرٍ وسَبَّابَها ولا مَن إذا كان في جانِبٍ أضاع العَشيرةَ واغتابَها ولكِنْ أُطاوِعُ ساداتِها ولا أتعَلَّمُ ألقابَها . 4- وقال آخَرُ: لا يأمُلُ الجارُ خيرًا من جوارِهِمُ ولا محالةَ مِن هُزْءٍ وألقابِ . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 02:21 AM | #257 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( الثرثرة )
|
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 03:23 PM | #258 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
الثَرثَرة
معنى الثَّرثَرةِ لُغةً واصطِلاحًا الثَّرثَرةُ لُغةً: الثَّرثَرةُ: كَثرةُ الكلامِ وترديدُه في تخليطٍ، وقد ثَرثَرَ الرَّجُلُ، فهو ثَرْثارٌ مِهذارٌ. وثَرَّ الشَّيءَ مِن يَدِه يَثُرُّه ثَرًّا وثَرثَرةً: بدَّده. ورجُلٌ ثَرٌّ وثَرثارٌ: مُتشدِّقٌ كثيرُ الكلامِ، والأُنثى ثَرَّةٌ وثرَثارةٌ. والثَّرثارُ أيضًا: الصَّيَّاحُ. والثَّرثَرةُ في الأكلِ: الإكثارُ في تخليطٍ . الثَّرثَرةُ اصطِلاحًا: قال الطِّيبيُّ: (الثَّرثَرةُ: كثرةُ الكلامِ وترديدُه، والثَّرثارون هم الذين يُكثِرون الكلامَ تكَلُّفًا وخروجًا عن الحَقِّ) . وهو التَّعريفُ نفسُه الذي ذكَره ابن حجر الهيتمي ، والمُناويُّ ، وابنُ علَّانَ . وقال الصَّنعانيُّ: (الثَّرثَرةُ: صوتُ الكلامِ وترديدُه تكَلُّفًا وخروجًا عن الحقِّ واستِكثارًا في الحديثِ) . الفَرْقُ بَيْنَ الثَّرثَرةِ وبَعضِ الصِّفاتِ الفَرْقُ بَيْنَ الثَّرثَرةِ واللَّغوِ: الثَّرثَرةُ هي كثرةُ الكلامِ وترديدُه بدونِ فائِدةٍ، وأمَّا اللَّغوُ فله عِدَّةُ معانٍ؛ منها: (السَّقَطُ وما لا يُعتَدُّ به من الكلامِ وغيرِه، ولا يُحصَلُ منه على فائدةٍ ولا نفعٍ) . وقال الشَّافعيُّ: (اللَّغوُ في لسانِ العَرَبِ: الكلامُ غيرُ المعقودِ عليه) . فيشتَرِكُ الاثنانِ في كونِهما كلامًا لا فائدةَ فيه، وأمَّا الثَّرثَرةُ فتنفَرِدُ بالكثرةِ والتَّرديدِ، بينما لا يلزَمُ ذلك في اللَّغوِ. الفَرْقُ بَيْنَ الثَّرثَرةِ والتَّشَدُّقِ والتَّفيهُقِ: الظَّاهِرُ أنَّ الجامِعَ بَيْنَ الألفاظِ الثَّلاثةِ حُصولُ التَّكلُّفِ، فإذا كان الثَّرثارُ هو الذي يُكثِرُ الكلامَ تكَلُّفًا وخروجًا عن الحَقِّ، فالمتشَدِّقُ هو من يتوسَّعُ في الكلامِ أيضًا بغيرِ احتياطٍ، والمتفَيهِقُ هو من يملأُ فَمَه بالكلامِ ويفتَحُه؛ من الفَهقِ: وهو الامتلاءُ والاتِّساعُ ، فالمشتَرَكُ بَيْنَهم أنَّ المتَّصِفَ بأيِّ صفةٍ منها تكَلَّف أمرًا وبالغ فيه حتَّى خرج به عن حَدِّه. ذم الثرثرة والتحذير منها أ- من القُرآنِ الكريمِ ورد في القرآنِ الكريمِ بعضُ الآياتِ تُشيرُ إلى النَّهيِ عن الثَّرثَرةِ أو كثرةِ الكلامِ على سَبيلِ التَّلميحِ؛ منها على سبيلِ المثالِ: - قوله تعالى: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران: 118] . قال القُرطُبيُّ: (يعني: ظهَرَت العداوةُ والتَّكذيبُ لكم من أفواهِهم. والبغضاءُ: البُغضُ، وهو ضِدُّ الحُبِّ. وخَصَّ تعالى الأفواهَ بالذِّكرِ دونَ الألسِنةِ إشارةً إلى تشَدُّقِهم وثَرثَرتِهم في أقوالِهم هذه، فهم فوقَ المتسَتِّرِ الذي تبدو البغضاءُ في عينَيه) . - قولُه تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ [النساء: 83] . وهذا جانبٌ من جوانبِ الصُّورةِ التي عرَض اللهُ فيها هؤلاء المُنافِقين، وإنَّهم لأصحابُ ثَرثَرةٍ ولَغوٍ، كلَّما وقعَت لآذانِهم كَلِمةٌ طاروا بها، وألقَوا بها إلى كُلِّ أذُنٍ، دونَ أن يتبَيَّنوا ما يَسمَعون أو يَعرِفوا وَجهَه، إنَّ اللَّغوَ وتقليبَ وُجوهِ الكلامِ هو تجارتُهم الرَّابحةُ، وبضاعتُهم الرَّابحةُ، لا يتكَلَّفون له جُهدًا، ولا يخشَون من ورائِه سُوءًا، فما هو إلَّا أحاديثُ تُروى، وأخبارٌ تُتناقَلُ، لا يدري أحَدٌ مَصدَرَها، ولا يَعرِفُ مَن هو صاحِبُها، وعلى هذا الغِذاءِ الخبيثِ يعيشُ المُنافِقون، ومِن هذا الجَوِّ المغبَرِّ يتنَفَّسون! فهم يُثرثِرون بكُلِّ ما يَسمَعون من خيرٍ أو شَرٍّ إِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ أي: نطقوا به وصَحِبوه معهم إلى كُلِّ مكانٍ؛ فليس يُرضيهم أن يُذيعوا هذه الأحاديثَ في النَّاسِ، وإنَّما هم وراءَ هذه الأحاديثِ المذاعةِ يدفَعونها بَيْنَ أيديهم، ويَشهَدون آثارَها في النَّاسِ، وهذا ما يشيرُ إليه النَّظمُ في قَولِه تعالى أَذَاعُوا بِهِ . - قولُه تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة: 204] . قولُه تعالى: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ فيه وَصفٌ دقيقٌ لكُلِّ فَردٍ من أفرادِ هذه الطَّائفةِ، وهو صورةٌ ناطقةٌ بما عليه المُنافِقون جميعًا من قُدرةٍ خاصَّةٍ على الجَدَلِ الفارِغِ، وطُولِ نَفَسٍ في الأخذِ والرَّدِّ؛ فهم ثَرثارون مُتفَيهِقون دائمًا، وعليهم وعلى أمثالِهم يَصدُقُ قَولُه تعالى في سورةِ الأنعامِ: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام: 121] ، وقولُه تعالى في السُّورةِ نفسِها: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [الأنعام: 112] . - وقال تعالى آمِرًا نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالإعراضِ عن لَغوِ وثَرثَرةِ أهلِ الضَّلالِ والكُفرِ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91] . قال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ أي: ثمَّ دَعْهم في جَهلِهم وضَلالِهم يَلعَبونَ، حتَّى يأتيَهم من اللهِ اليقينُ، فسوف يعلمونَ ألهم العاقِبةُ، أم لعبادِ اللهِ المتَّقين؟!) . ففي الآيةِ تنديدٌ بالكُفَّارِ على مكابرتِهم وتجاهُلِهم أو عَدَمِ إدراكِهم عِظَمَ شأنِ اللهِ وقَدْرِه، وسابِقَ أحداثِه مع أنبيائِه، وفيها أمرٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالهُتافِ بأنَّ اللهَ تعالى هو الذي أنزَله، وبأنْ يدَعَهم بعدَ ذلك وشأنَهم غارِقين في خوضِهم وثَرثَرتِهم وغَوايتِهم؛ لأنَّهم يقولون ما يقولون مُكابرةً وعِنادًا . ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ ورَد في السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ بعضُ الأحاديثِ فيها النَّهيُ عن الثَّرثَرةِ على سبيلِ الإشارةِ والتَّشنيعِ على الثَّرثارين؛ منها على سبيلِ المثالِ: - عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن أحَبِّكم إليَّ وأقرَبِكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ أحاسِنَكم أخلاقًا، وإنَّ أبغَضَكم إليَّ وأبعَدَكم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارون والمتَشَدِّقون والمُتفَيهِقون. قالوا: يا رسولَ اللهِ، قد عَلِمْنا الثَّرثارون والمتَشَدِّقون، فما المُتفَيهِقون؟ قال: المُتكَبِّرون)) . قال ابنُ الأثيرِ: الثَّرثارون: هم الذين يُكثِرون الكلامَ تكَلُّفًا وخروجًا عن الحَقِّ. والثَّرثَرةُ: كثرةُ الكلامِ وترديدُه. المتشَدِّقون: المتوسِّعون في الكلامِ من غيرِ احتياطٍ واحترازٍ. وقيل: أراد بالمتشَدِّقِ: المُستهزِئَ بالنَّاسِ يلوي شِدْقَه بهم وعليهم. المُتفَيهِقون: هم الذين يتوسَّعون في الكلامِ ويفتَحون به أفواهَهم، مأخوذٌ من الفَهْقِ، وهو الامتلاءُ والاتِّساعُ. يقال: أفهَقْتُ الإناءَ ففَهِقَ يَفهَقُ فَهْقًا . وقيل: الثَّرثارون: (مُكثِرو الكلامِ خَطَأً أو صوابًا، حَقًّا أو باطلًا، بحيثُ لا يميِّزُ الجَيِّدَ من الرَّديءِ، ويتكَلَّفُ رِياءً وعُجبًا) . - عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يُبغِضُ البليغَ من الرِّجالِ، الذي يتخَلَّلُ بلسانِه تخَلُّلَ الباقِرةِ بلِسانِها)) . ((تخَلُّلَ الباقِرةِ بلِسانِها)) شَبَّه إدارةَ لسانِه حولَ الأسنانِ والفَمِ حالَ التَّكَلُّمِ تفاصُحًا بما تفعَلُ البَقَرةُ بلِسانِها، والباقِرةُ: جماعةُ البَقَرِ، وهو الذي يتشَدَّقُ في الكلامِ، ويُفخِّمُ به لسانَه، ويَلُفُّه كما تَلُفُّ البَقَرةُ بلِسانِها لَفًّا ، (فالمَرْضيُّ من الكلامِ أن يكونَ قَدْرَ الحاجةِ غيرَ زائدٍ عليها، يوافِقُ ظاهِرُه باطِنَه) . - عن كاتِبِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ قال: كتَب معاويةُ رَضِيَ اللَّهُ عنه إلى المغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: أنِ اكتُبْ إليَّ بشَيءٍ سَمِعتَه من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكتَب إليه: سمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّ اللهَ كَرِهَ لكم ثلاثًا: قِيلَ وقال، وإضاعةَ المالِ، وكَثرةَ السُّؤالِ)) . قال ابنُ عُثَيمين: («كَرِه لكم قِيلَ وقال» يعني: نَقلَ الكلامِ، وكثرةَ ما يتكَلَّمُ الإنسانُ ويُثرثِرُ به، وأن يكونَ ليس له همٌّ إلَّا الكلامُ في النَّاسِ، قالوا كذا وقيل كذا، ولا سيَّما إذا كان هذا في أعراضِ أهلِ العِلمِ وأعراضِ وُلاةِ الأمورِ؛ فإنَّه يكونُ أشَدَّ وأشَدَّ كراهةً عِندَ اللهِ عزَّ وجَلَّ) . - وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن كان يؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخِرِ فلْيَقُلْ خَيرًا أو لِيَصمُتْ)) . قال القاضي عِياضٌ: (أي: يَصمُتُ عن الشَّرِّ وما لا يُعنى من الكلامِ، وقد تكونُ الواوُ للتَّقسيمِ، أي: يقولُ الخَيرُ ويَشغَلُ به لسانَه فيُؤجَرُ ويَغنَمُ، فإنْ لم يفعَلْ هذا فلْيَصمُتْ ويَسلَمْ، وقد تكونُ «أو» هنا بمعنى الواوِ، أي: يقولُ الخيرَ ويَصمُتُ عن الشَّرِّ) . وهكذا تجِدُ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أتباعَه الإعراضَ عن اللَّغوِ، ومجانبةَ الثَّرثَرةِ والهَذَرِ . عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ أبغَضَ الرِّجالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ)) . قولُه: ((الأَلَدُّ الخَصِمُ)) يحتَمِلُ أن يكونَ المرادُ الشَّديدَ الخصومةِ؛ فإنَّ الخَصِمَ من صِيَغِ المبالغةِ، فيَحتَمِلُ الشِّدَّةَ، ويحتَمِلُ الكَثرةَ . (والحديثُ بإطلاقِه يَشمَلُ من يخاصِمُ في باطِلٍ أو يجادِلُ بغيرِ عِلمٍ، كالمحامين الذين لم يَدرُسوا القضيَّةَ أو دَرَسوها وعَرَفوا باطِلَها، ودافَعوا فيها، وكالجَدَليِّين الذين يحامون عن الآراءِ الباطِلةِ والعقائِدِ الزَّائغةِ، حتَّى يَضِلَّ بهم العامَّةُ أو ذوو العُقولِ الصَّغيرةِ، سواءٌ كان ذلك بالتَّأليفِ أو بالحديثِ في المجالسِ، ويدخُلُ في الذَّمِّ مَن يخاصِمُ في الحَقِّ، ويتجاوَزُ في الخصومةِ قَدْرَ الحاجةِ، فيَسُبُّ ويَكذِبُ لإيذاءِ خَصمِه، أو يخاصِمُه عِنادًا ليَقهَرَه ويُذِلَّه) . و(هناك أُناسٌ أوتوا بَسطةً في ألسِنَتِهم، تُغريهم بالاشتباكِ مع العالِمِ والجاهِلِ، وتجعَلُ الكلامَ لديهم شَهوةً غالبةً، فهم لا يَمَلُّونه أبَدًا. وهذا الصِّنفُ إذا سَلَّط ذلاقَتَه على شُؤونِ النَّاسِ أساء، وإذا سَلَّطها على حقائِقِ الدِّينِ شَوَّه جمالَها وأضاع هيبتَها. وقد سَخِط الإسلامُ أشَدَّ السَّخَطِ على هذا الفريقِ الثَّرثارِ المتقَعِّرِ. قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ أبغَضَ الرِّجالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ)) ... هذا الصِّنفُ لا يَقِفُ ببَسطةِ لِسانِه عِندَ حَدٍّ، إنَّه يريدُ الكلامَ فحَسْبُ، يريدُ أن يباهيَ به ويَستطيلَ، إنَّ الألفاظَ تأتي في المرتبةِ الأولى، والمعاني في المرتبةِ الثَّانيةِ، أمَّا الغَرَضُ النَّبيلُ فرُبَّما كان له موضوعٌ أخيرٌ، ورُبَّما عزَّ له موضِعٌ وَسْطَ هذا الصَّخَبِ!) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 03:25 PM | #259 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الثرثرة
ذم الثرثرة والتحذير منها ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم وردَت آثارٌ كثيرةٌ فيها الحَثُّ على اجتنابِ الثَّرثَرةِ أو كثرةِ الكلامِ؛ منها على سبيلِ الإيجازِ: - قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ: (يمنَعُني كثرةَ الكلامِ مخافةُ المباهاةِ) . - عن الفُضَيلِ بنِ عِياضٍ قال: (المُؤمِنُ قليلُ الكلامِ كثيرُ العَمَلِ، والمُنافِقُ كثيرُ الكلامِ قليلُ العَمَلِ، كلامُ المُؤمِنِ حُكمٌ، وصَمتُه تفَكُّرٌ، ونَظَرُه عِبرةٌ، وعَمَلُه بِرٌّ، وإذا كُنتَ كذا لم تَزَلْ في عبادةٍ) . - عن بِشرِ بنِ الحارِثِ قال: (خَصلَتانِ تُقَسِّيان القَلبَ: كَثرةُ الكلامِ، وكثرةُ الأكلِ) . - عن أبي إسحاقَ الخَوَّاصِ قال: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ ثلاثةً ويُبغِضُ ثلاثةً؛ فأمَّا ما يحِبُّ: فقِلَّةُ الأكلِ، وقِلَّةُ النَّومِ، وقِلَّةُ الكلامِ، وأمَّا ما يُبغِضُ: فكثرةُ الكلامِ، وكثرةُ الأكلِ، وكثرةُ النَّومِ) . - عن محمَّدِ بنِ النَّضرِ الحارِثيِّ قالكان يقالُ: كَثرةُ الكلامِ تَذهَبُ بالوَقارِ) . - وقال الخَطَّابُ بنُ المُعَلَّى المخزوميُّ موصيًا ابنَه: (إيَّاك وهَذَرَ الكلامِ وكَثرةَ الضَّحِكِ، والمُزاحَ ومهازلةَ الإخوانِ؛ فإنَّ ذلك يُذهِبُ البهاءَ ويوقِعُ الشَّحناءَ، وعليك بالرَّزانةِ والتَّوقُّرِ من غيرِ كِبرٍ يُوصَفُ منك، ولا خُيَلاءَ تُحكى عنك) . - وقال الأحنَفُ بنُ قَيسٍ: (الصَّمتُ أمانٌ من تحريفِ اللَّفظِ، وعِصمةٌ من زَيغِ المنطِقِ، وسلامةٌ من فُضولِ القَولِ، وهَيبةٌ لصاحِبِه) . - وعن موسى بنِ عُقَيلٍ: أنَّ الأحنَفَ بنَ قَيسٍ كان يقولُ: (مَن كَثُر كلامُه وضَحِكُه ومُزاحُه قَلَّت هَيبتُه، ومَن أكثَرَ مِن شيءٍ عُرِف به) . - وعن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي زكريَّا، قال: (مَن كَثُر كلامُه كَثُر سَقَطُه، ومَن كَثُر سَقَطُه قَلَّ وَرَعُه، ومَن قَلَّ ورَعُه أمات اللهُ قَلْبَه) . - وعن شُفَيٍّ الأصبَحيِّ، قال: (مَن كَثُر كلامُه كَثُرت خطيئتُه) . - وعن معروفٍ الكَرْخيِّ، قال: (كلامُ العبدِ فيما لا يَعنيه خِذلانٌ من اللهِ عزَّ وجَلَّ له) . - وقال ابنُ المقَفَّعِ: (صيانةُ القَولِ خَيرٌ مِن سُوءِ وَضعِه، وإنَّ كَلِمةً واحِدةً من الصَّوابِ تُصيبُ مَوضِعَها خيرٌ مِن مِئةِ كَلِمةٍ تقولُها في غيرِ فُرَصِها ومواضِعِها) . - وقال سُلَيمانُ بنُ عبدِ المَلِكِ: (الكلامُ فيما يعنيك خيرٌ من السُّكوتِ عمَّا يَضُرُّك، والسُّكوتُ عمَّا لا يَعنيك خيرٌ من الكلامِ فيما يَضُرُّك) . وقال القاسميُّ: (على المتكَلِّمِ أن يتجَنَّبَ الحَلِفَ في كلامِه وإن كان صادِقًا؛ توقيرًا للَّفظِ الكريمِ، وتباعُدًا عن إيهامِ الدَّخَلِ في كلامِه لترويجِ مَأرَبِه... وعليه ألَّا يكونَ مِكثارًا من القولِ، مُستغرِقًا الجَلسةَ في طولِ حَديثِه، مُلجِمًا الغيرَ عن المُشاركةِ؛ فإنَّ ذلك مُضجِرٌ للجُلَساءِ، ومن دلائِلِ الطَّيشِ والخِفَّةِ، فمَن بَسَط لسانَه قَبَض إخوانَه، ودواؤه الإعراضُ؛ لأنَّ حُسنَ الاستماعِ قُوَّةٌ للمُحَدِّثِ) . وقال عَمرُو بنُ العاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (الكلامُ كالدَّواءِ؛ إن أقلَلْتَ منه نَفَع، وإن أكثَرْتَ منه صَرَع) . وقال لوَلَدِه عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: (قَصِّرْ إذا قُلتَ، واقتَصِرْ إذا طُلْتَ، وإيَّاك والإكثارَ فإنَّه شَينُ العاقِلِ، وحَينُ الجاهِلِ) . وقال بُزُرْجُمِهْر: مَن مَلَكَه طُولُ لِسانِه، أهلكَه فَضلُ بَيانِه . وقال منصورٌ الفقيهُ: ولا تُكثِرَنَّ فخَيرُ الكلامِ القليلُ الحُروفِ الكثيرُ المعاني . آثارُ الثَّرثَرةِ للثَّرثرةِ آثارٌ سَيِّئةٌ كثيرةٌ، نذكُرُ منها: 1- سوءُ المآلِ والمصيرِ؛ فإنَّه من كَثُر كلامُه كَثُر سَقَطُه، ومَن كَثُر سَقَطُه كَثُرت ذُنوبُه، وفي كثرةِ الكلامِ مفاسِدُ لا تُحصى . 2- الثَّرثَرةُ تُحيلُ الصَّوابَ إلى خطَأٍ؛ فإنَّ ما جاوز حدَّه جاوَر ضِدَّه. وقد تكلَّم رجُلٌ عِندَ معاويةَ فهَذَرَ ، فلمَّا أطال قال: أأسكُتُ يا أميرَ المُؤمِنين؟ قال: وهل تكَلَّمْتَ ؟! وقد قيل: الكلامُ إذا طال اختَلَّ، وإذا اختَلَّ اعتَلَّ . وقالوا: العِثارُ مع الإكثارِ . 3- الثَّرثَرة مَدعاةٌ للسَّآمةِ وسُوءِ الاستِماعِ، وقد قيل: خَيرُ الكلامِ ما قَلَّ ودَلَّ، ولم يَطُلْ فيُمَلَّ . 4- الثَّرثَرةُ تنادي على صاحبِها بعَدَمِ الحِكمةِ. قال مصطفى صادِق الرَّافِعيُّ: (الرَّأسُ الفارِغُ من الحِكمةِ لا يوازِنُه في صاحِبِه إلَّا فمٌ ممتلِئٌ من الثَّرثَرةِ) ، وقال أيضًا: (أربعةُ آلافِ كَلِمةٍ في الثَّرثَرةِ أقَلُّ مِن أربَعِ كَلِماتٍ في الحِكمةِ!) . 5- الوقوعُ في الغِيبةِ والنَّميمةِ، وهما من كبائِرِ الذُّنوبِ ، وفي القرآنِ الكريمِ ما يدُلُّ على ذلك؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12] ، وفي السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أتدرون ما الغِيبةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: ذِكْرُك أخاك بما يَكرَهُ، قيل: أفرأَيتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبْتَه، وإنْ لم يكُنْ فيه فقد بهَتَّه)) ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيضًا: ((لا يدخُلُ الجنَّةَ َقَتَّاتٌ)) أي: نمَّامٌ. 6- إفشاءُ أسرارِ النَّاسِ: الثَّرثارُ ليس أمينًا على أسرارِ النَّاسِ، فلا يَهدَأُ له بالٌ إن عَلِم بأمرٍ ما أو رأى شيئًا في بيتٍ أثناءَ زيارتِه، أو سَمِعه أو حتَّى تسَمَّعَ إليه، إلَّا أن يُذيعَه ويتحَدَّثَ به، وقد نهى اللهُ عن ذلك، فقال: وَلَا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12] ، وقد حثَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على السَّترِ على المُسلِمين، فقال: ((ومَن ستَرَ مُسلِمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامةِ)) ، ومِنَ السَّترِ عَدَمُ إفشاءِ أسرارِ النَّاسِ. 7- نَشرُ الشَّائعاتِ التي تضُرُّ بالفَردِ والمجتَمَعِ: فالثَّرثَرةُ مَدعاةٌ إلى نَشرِ الشَّائعاتِ، فينبغي للمرءِ إذا سمِع شيئًا ألَّا يُسهِمَ في نشرِه وإذاعتِه إلَّا بعدَ التَّأكُّدِ من صِحَّتِه؛ كي يبقى المجتمَعُ المُسلِمُ نقيًّا سليمًا طاهِرًا. وفي القرآنِ الكريمِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6] . 8- ضياعُ العُمُرِ أو الوقتِ بما لا فائدةَ فيه؛ فالعُمُرُ كَنزٌ ثمينٌ ينبغي على المرءِ استغلالُه بما يعودُ عليه بالنَّفعِ، وهو مسؤولٌ عنه أمامَ اللهِ تعالى؛ قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تزولُ َقَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه فيما أفناه ...)) . 9- الثَّرثَرةُ من أسبابِ دُخولِ جَهنَّمَ: من أسبابِ دُخولِ جهنَّمَ -عياذًا باللَّهِ- أن يخوضَ الإنسانُ مع الخائِضين، ويُثرثِرَ بالباطِلِ؛ قال اللهُ تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر: 38 - 47] . 10- الثَّرثَرةُ من أسبابِ الحسرةِ يومَ القيامةِ: من أعظَمِ أسبابِ الحَسرةِ يومَ القيامةِ أن يجلِسَ الإنسانُ مجلِسًا ثمَّ ينصَرِفَ منه ولم يَذكُرِ اللهَ تعالى فيه، ولو لم يكُنْ فيه شيءٌ من الكلامِ المحَرَّمِ، قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما من قومٍ جلَسوا مجلِسًا لم يذكُروا اللهَ فيه إلَّا رأوه حسرةً يومَ القيامةِ)) ، فكيف الحالُ إذا كان المجلِسُ كُلُّه خوضًا في الباطِلِ، أو وقوعًا في نميمةٍ أو غِيبةٍ؟! 11- الثَّرثَرةُ والخَوضُ بالباطِلِ صِفةٌ من صفاتِ المُنافِقين؛ قال اللهُ تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ[التوبة: 65] . 12- ويذكُرُ أبو طالِبٍ المكِّيُّ جملةً من آثارِ الثَّرثَرةِ وكَثرةِ الكلامِ، فيقولُ: (كثرةُ الكلامِ... فيه قِلَّةُ الوَرَعِ، وعَدَمُ التَّقوى، وطولُ الحِسابِ، وكثرةُ المطالِبين، وتعلُّقُ المظلومين، وكثرةُ الأشهادِ من الأملاكِ المكاتِبينَ، ودوامُ الإعراضِ من المَلكِ الكريمِ؛ لأنَّ الكلامَ مِفتاحُ كبائِرِ اللِّسانِ، فيه الكَذِبُ والغِيبةُ والنَّميمةُ والبُهتانُ، وفيه شهادةُ الزُّورِ، وفيه قَذفُ المُحصَنِ، والافتراءُ على اللهِ تعالى والإيمانِ، وفيه القولُ فيما لا يَعني، والخوضُ فيما لا ينفَعُ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-13-2024, 03:29 PM | #260 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الثرثرة
أقسامُ الثَّرثَرةِ الثَّرثَرةُ بالكلامِ لا تخرُجُ عن أمرينِ: الأوَّلُ: ثرثرةٌ في أمورٍ تتعَلَّقُ بالدِّينِ، وهذا الأمرُ قد يقعُ ممَّن يدَّعون العِلمَ أو بعضِ مَن يُنسَبون إلى الدُّعاةِ، وقد يقَعُ من جاهلٍ جَريءٍ، فيكثُرُ كلامُهم وتطولُ مجالِسُهم بالقِصَصِ الباطِلةِ والمغالطاتِ والشُّبُهاتِ، أو بذِكرِ ما لا فائِدةَ لمستَمِعِه في دينِه ولا دُنياه، إلى غيرِ ذلك. قال ابنُ بازٍ: (الكلامُ الذي ينفَعُ النَّاسَ ويُوضِّحُ الحَقَّ وليس فيه كَذِبٌ، هذا ليس من آفاتِ اللِّسانِ، هذا حَقٌّ؛ إذا شرَح مسألةً مُهِمَّةً، أو آيةً يشرَحُها للنَّاسِ، أو يُفَسِّرُها، أو حديثًا يُفَسِّرُه للنَّاسِ، ويوضِّحُ معناه بقَدرِ الحاجةِ، فهذا من فضائلِ اللِّسانِ، وممَّا يؤجَرُ عليه الإنسانُ، وإنَّما يكونُ من آفاتِ اللِّسانِ إذا أكثَرَ الكلامَ بدونِ فائدةٍ، وأضاع الوقتَ على النَّاسِ، هذا يكونُ الثَّرثَرةَ، أمَّا إذا تكلَّم بقَدرِ الحاجةِ، وأوضح للنَّاسِ، وبيَّن للنَّاسِ الحُكمَ الشَّرعيَّ، أو صِحَّةَ الحديثِ، أو بُطلانَ الحديثِ وأنَّه مكذوبٌ على الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو بَيَّنَ لهم معنى الآيةِ وشرَحَها لهم بقَدرِ الحاجةِ، هذا مأجورٌ) . الثَّاني: ثرثرةٌ في أمورٍ تتعَلَّقُ بالدُّنيا، وهذا يحصُلُ لكثيرٍ من النَّاسِ، وهو ذائعٌ في هذه الأزمانِ بكثرةٍ، ومُشاهَدٌ في الحديثِ بَيْنَ النَّاسِ في أماكِنِ عَمَلِهم وفي الطُّرُقِ وفي وسائِلِ النَّقلِ، وفي وسائِلِ الإعلامِ، بكلامٍ لا زمامَ له ولا خِطامَ، ولا نَفعَ فيه ولا خَيرَ في دينٍ ولا دُنيا، ويعادُ فيه ويُزادُ بلا مَلَلٍ. ولا يخلو القِسمانِ مِن لَغوٍ أو باطِلٍ أو محرَّمٍ. ولأنَّ الثَّرثَرةَ لا تقتَصِرُ على اللِّسانِ، خُصوصًا في عَصرِ الإنترنتِ وانتشارِ مواقِعِ الكتابةِ للنَّاسِ كافَّةً، فيُمكِنُنا تقسيمُ الثَّرثَرةِ من وَجهٍ آخَرَ إلى نوعينِ أيضًا: الأوَّلُ: الثَّرثَرة الملفوظةُ أو الثَّرثَرةُ بالكلامِ. الثَّاني: الثَّرثَرةُ المكتوبةُ، ومن أبرَزِ صُوَرِها الثَّرثَرةُ على مواقعِ التَّواصُلِ الاجتِماعيِّ، كالفيسِ وتُويتَر، أو الواتس آب والماسِنجَر، وغيرِهما من وسائِلِ التَّواصُلِ الحديثةِ التي أصبحَت مادَّةً خِصبةً للثَّرثَرةِ. دَرَجاتُ الثَّرثَرةِ لا شَكَّ أنَّ الثَّرثَرةَ أمرٌ ممقوتٌ؛ لِما تحمِلُه من التَّكلُّفِ وكثرةِ الكلامِ بغيرِ داعٍ، وعلى المُسلِمِ أن يحفَظَ لِسانَه من الوقوعِ فيها، لكِنْ تبقى الثَّرثَرةُ دَرَجاتٍ بحسَبِ ما تُفضي إليه، وعلى ذلك يمكِنُنا اعتبارُ الثَّرثَرةِ أربعَ دَرَجاتٍ: الأولى: ثرثرةٌ تُفضي إلى الكُفرِ، وذلك إذا اشتمَلَت على استهزاءٍ بشيءٍ من الدِّينِ ونحوِ ذلك. الثَّانيةُ: ثرثرةٌ تُفضي إلى الوقوعِ في كبائِرِ الذُّنوبِ، كثرثرةٍ تُفضي إلى القولِ على اللهِ بغيرِ عِلمٍ، أو نَبزِ أهلِ الدِّينِ، أو التَّكَلُّمِ في الأعراضِ والغِيبةِ، ونحوِ ذلك. الثَّالِثةُ: ثرثرةٌ تُفضي إلى الوقوعِ في صغائِرِ الذُّنوبِ، وهي ما يقَعُ من سَقَطاتِ اللِّسانِ لممًا، ولا يحصُلُ معه إصرارٌ. الرَّابعةُ: ثرثرةٌ هي من لغوِ الكلامِ، وهو الكلامُ الذي لا ضرَرَ فيه لكِنَّه لا ينفَعُ صاحِبَه، وربَّما يؤذي الآخَرينَ من حيثُ كثرتُه بلا فائدةٍ، والعاقِلُ يُنَزِّهُ نفسَه عنه؛ لِما فيه من تضييعِ الأوقاتِ بغيرِ نَفعٍ على صاحِبِه وعلى مَن يتحدَّثُ إليهم . مظاهِرُ وصُوَرُ الثَّرثَرةِ الثَّرثَرةُ إكثارٌ من الكلامِ بلا فائدةٍ مَرجُوَّةٍ، وهذا في حَدِّ ذاتِه مذمومٌ، فكيف إذا كانت تلك الثَّرثَرةُ في باطِلٍ؟ فلا شَكَّ أنَّ ذلك يكونُ أشَدَّ ذَمًّا، وكذلك بعضُ الصُّوَرِ المذكورةِ هي مذمومةٌ، وإن لم يُكثِرْ منها صاحِبُها، فكيف إذا ثرثَرَ بها لسانُه، فلا شَكَّ أنَّها ستكونُ أشَدَّ ذَمًّا، ومن صُوَرِ ومظاهِرِ هذه الثَّرثَرةِ: - كلامُ المرءِ فيما لا يَعنيه. - فضولُ الكلامِ؛ فعن محمَّدِ بنِ سوقةَ قال: (أُحَدِّثُكم بحديثٍ لعَلَّه ينفَعُكم؛ فإنَّه قد نفعني، قال لنا عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ: "يا بَني أخي، إنَّ مَن كان قَبْلَكم كانوا يَكرَهون فُضولَ الكلامِ، وكانوا يَعُدُّون فُضولَ الكلامِ ما عدا كِتابَ اللهِ أن تقرَأَه، أو تأمُرَ بمعروفٍ أو تنهى عن مُنكَرٍ، أو تنطِقَ بحاجتِك في معيشتِك التي لا بُدَّ لك منها، أتُنكِرون إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار: 11]، عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ [ق: 17] ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] ؟) . - المراءُ والجِدالُ: لقولِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنَّةِ لمَن تَرَك المِراءَ وإن كان مُحِقًّا)) . والمِراءُ: هو كُلُّ اعتراضٍ على كلامِ الغيرِ بإظهارِ خَلَلٍ فيه؛ إمَّا في اللَّفظِ، وإمَّا في المعنى. والجِدالُ هو: قَصدُ إفحامِ الغَيرِ وتعجيزِه وتنقيصِه بالقَدحِ في كلامِه. - من صُوَرِ الثَّرثَرةِ أيضًا: الفُحشُ، والسَّبُّ. والفُحشُ: هو التَّعبيرُ عن الأمورِ المُستقبَحةِ بالعباراتِ الصَّريحةِ، وهذا خِلافُ أخلاقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ حيثُ ((لم يكُنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاحِشًا ولا مُتفَحِّشًا)) ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((سِبابُ المُسلِمِ فُسوقٌ، وقِتالُه كُفرٌ)) - الخوضُ في الباطِلِ. - الهَمزُ واللَّمزُ وعَيبُ الآخَرين وتعييرُهم. - تضليلُ النَّاسِ عن الحَقِّ وخِداعُهم بشَقشَقةِ اللِّسانِ والتَّقعُّرِ في الكلامِ، وذلك فِعلُ المُنافِقين الذين فسَدت قلوبُهم؛ فينبغي للمُسلِمِ أن يحذَرَهم ويُحذِّرَ منهم، وألَّا تشتَبِهَ عليه ثَرثَرتُهم وتفاصُحُهم. عن أبي عُثمانَ النَّهديِّ، قال: كنتُ عِندَ عُمَرَ وهو يخطُبُ النَّاسَ، فقال في خطبتِه: (إنَّ أخوَفَ ما أخافُ على أمَّتي كُلُّ مُنافِقٍ عليمِ اللِّسانِ) . قال المُناويُّ: («كُلُّ مُنافِقٍ عليمِ اللِّسانِ» أي: عالمٍ للعِلمِ مُنطَلِقِ اللِّسانِ به، لكِنَّه جاهِلُ القَلبِ والعَمَلِ، فاسِدُ العقيدةِ، مُغرٍ للنَّاسِ بشقاشِقِه وتفحُّصِه وتقَعُّرِه في الكلامِ) . - المبالغةُ في المديحِ والتَّكلُّفُ فيه؛ فإنَّه قَطعٌ لعُنقِ الممدوحِ، وبعضُ النَّاسِ يكثِرُ المديحَ حتَّى يقَعَ في الباطِلِ من القولِ، ويتكَلَّمَ بغيرِ حَقٍّ. عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي بَكرةَ، عن أبيه، قال: ((أثنى رجلٌ على رجُلٍ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: وَيلَك! قطَعْتَ عُنُقَ صاحِبِك، قطَعْتَ عُنُقَ صاحِبِك! مِرارًا، ثمَّ قال: مَن كان منكم مادِحًا أخاه لا محالةَ فلْيَقُلْ: أحسَبُ فلانًا، واللَّهُ حَسيبُه، ولا أزكِّي على اللَّهِ أحَدًا، أحسَبُه كذا وكذا، إن كان يعلَمُ ذلك منه)) . (قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قطَعْتَ عُنُقَ صاحِبِك)): قال أهلُ العِلمِ: هذا كُلُّه في التَّفاوُتِ في المدحِ، ووَصفِ الإنسانِ بما ليس فيه، أو لمن يُخشى عليه العُجبُ والفسادُ بسَماعِ المدحِ) . وقال معروفٌ الكَرْخيُّ: (احفَظْ لِسانَك من المدحِ كما تحفَظُه من الذَّمِّ) . - الجَهرُ بذَنبٍ قد ستَرَه اللهُ على فاعِلِه، فيصبِحُ يُثرثِرُ بما فَعَل ويتكَلَّمُ به دونَ حَياءٍ؛ ولذلك استهجن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِعلَ بعضِ النَّاسِ ممَّن يَقَعون في الحرامِ خُفيةً ثمَّ يُثرثِرون بما فعَلوا. عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((كُلُّ أمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرين، وإنَّ من المُجاهَرةِ أن يعمَلَ الرَّجُلُ باللَّيلِ عَمَلًا، ثمَّ يُصبِحَ وقد ستَرَه اللهُ عليه، فيقولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يستُرُه رَبُّه، ويصبِحُ يَكشِفُ سِترَ اللهِ عنه)) . - تطوُّعُ بعضِ النَّاسِ بالفتوى في أمورِ الدِّينِ بلا عِلمٍ، وإبداءُ رأيِهم في كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، والثَّرثَرةُ فيما لا يُحسِنونَه. عن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: إنَّ اللهَ لا يقبِضُ العِلمَ انتِزاعًا ينتزِعُه مِن العِبادِ، ولكن يقبِضُ العِلمَ بقَبضِ العُلَماءِ، حتَّى إذا لم يُبقِ عالِمًا اتَّخَذ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فسُئِلوا فأفتَوا بغَيرِ عِلمٍ، فضلُّوا وأضلُّوا)) . قال ابنُ بطَّةَ: (كُنتُ عِندَ أبي عُمَرَ الزَّاهِدِ، فسُئِل عن مسألةٍ فبادَرْتُ أنا فأجبْتُ السَّائِلَ، فالتَفتَ إليَّ فقال لي: تَعرِفُ الفُضوليَّاتِ المنتَقِباتِ؟! يعني: أنت فُضوليٌّ، فأخجَلَني!) . ورُويَ عن مجاهِدٍ قال لُقمانُ لابنِه: (إيَّاك إذا سُئِل غيرُك أن تكونَ أنت المجيبَ، كأنَّك أصَبْتَ غنيمةً أو ظَفِرتَ بعَطِيَّةٍ؛ فإنَّك إن فعَلْتَ ذلك أزرَيتَ بالمسؤولِ، وعنَّفْتَ السَّائِلَ، ودلَلْتَ السُّفهاءَ على سَفاهةِ حِلمِك وسُوءِ أدَبِك!) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 21 ( الأعضاء 0 والزوار 21) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
لنتصدق على فقراء الأخلاق. | رهيبة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 6 | 09-16-2022 10:57 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |