أحاديث الشُرفات ..

تعالي أقصص عليّكِ عتمة أطياف سكنوا الصور ، عن صدى أصواتهم
المعلبة في توابيتٍ فاخرة ..
وسيطول حديثنا فلا تكترّثي للوقت ، فالساعة مملة
لا تغفو عنهم أبدا !..

من شرفتي أراك تقطف
زهراتي المحببة

منتصر عبد الله معجب بهذا

.
رحلتِ وتركتِ شوقي تيهاً معلق على ثلاثة نوافذ !..
نافذة : أدركها عصفور كان يحاول أن يفتح له طريقاً ناحية الشفق ..
ونافذة : ظلت مواربة في انتظار نزق لم ينفجر ..
ونافذة : بقيت أنا بين درفتيها مصلوباً منذ ثلاثين شقاً أملاً في أن يغفر ليّ الوجد ..

.

إن للبحر موجة تستلقي بها المشاعر المتعبة ، غطست من ثقل الرقة ،
تتلون بها شواطئ الحرمان ..
إن شكوت هميّ للبحر ، فالماء رغم ليونته يقطع الحجر على شدته !..
ولكِ أن تتأكدي لشكل المرسى .. بين الأمواج الساخطة .
البحر لا يتقن فن الرفق ، ولا التماس العذر من أخلاقياته ،
السفن هي فقط من من تستطيع مصادقته ،
ومع ذلك ما زلتِ تهوين مجالسته ..!

بيدي قهوتي وسيجارة ...أراقب الوقت من شرفة غرفتي ...
لأن الوقت أخبرني ...أنه سيأتي ممتطيا ظهر الزمن ...
ويسلمني رسالة ...

منتصر عبد الله معجب بهذا

.

( الأماكن كلها مشتاقة )
وتكذب الأغاني وإن صدقت ..
مسّنا قحط الانتظار ونحن نقلب همنا
ذات اليمين وذات الشمال ، وحتفنا باسط كفيه بالوريد !..
كل رحلات الشوق التي تبتغي الوصول إليهم ، لا تمتلك حقوق التذاكر ،
والحنين الذي في الحقائب يُحتجز ، وتضّجر المطارات باللهفة إليهم ..
.

.
لا شيء يغري في أرصفة مبتلة بعرق الغربة ، والقدر مرصوف فوق شوارعها ، مع كل وطء خطوة أو استدارة مفاجئة ..
ما الذي يمكن للمطر أن يفعله فوق شوارعها ، التي لا تمتص سوى المشاعر والأحاسيس ، ولا تذيب سوى الفطرة الكامنة
في بقايا أُناس لا شيء لديهم سوى أحلام ، أماتتها صفير الرياح
وخواء المسافات ، وأماني منهكة من التحليق ، فوق شوارع أجسادهم المترهلة ،
لا ضياء لها ولا بريق ..!

أنيموس معجب بهذا

.
ولا زلت على شرفات المساء أستحلب الكرى ، مستندٍ على ظلال
وعدكِ اليباب !..
وها نحن نتكئ على مرايا الزمن ، لـ نطل بوجه آخر
يحمل من بقايا الأمس بعض الملامح .

.
.
تحدث طاغور ذات مرة : كانت الشمس تشرق .
وأيقنت حينها أن طاغور كان ذا يأس مع الحياة ، حين حبس الشمس في " كانت " !.
وناقضه هيمنجواي متفائلاً قائلاً : لا تزال الشمس تشرق ، " لا " حرف نفي ،
ولكن هيمنجواي أثبت لي عكس ذلك !..
فعادة الربيع أن يأتي بالورود ، ولكنه لن ينبت لي الوقت ، فقط يأتيني بالحنين ،
ويبقى ترقب الحضور كشمسٍ لا تغيب عن خريف الشعور ..

.

حدثيني عن الأشجار التي لا تنام قبل عودة عصافيرها ، وعن العصافير
التي تموت بالسماء قبل أن تجد أشجارها ..
حدثيني عن الأيام التي تمشي وتمشي ولا تتوقف ، وهي تستنزف
سر الرغبات الهاربة ..
تتسربين شفافة من بين أصابعي ، لأكتبكِ قصيدة واتكئ على شطرها .
يا امرأة القصيدة النائمة ، أكتبِ الشعر الذي تنميت ، فيكفينا من الشعر فضلاً ..
أن له بيتاً يداري سوأة التشرد فينا .