قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
حكاية السيدة "وفاء" / قصة
ارتميتُ بجسدي على السرير العريض في محاولة لتدارك التعب وتقليص حجم الألم فيه..بعد عناء البحث عن سكنٍ جديد منذ شهر ..
فبدون ترددهذه المرة قبلت بالسعر الذي عرضه السيد" زياد "وهو صاحب المقهى المجاور لشقتي القديمة.. لا أدري متى غفوت،ولم أدرك الوقت إلا بعد أن تعالت أصوات السكارى في الحي عرفتُ أنها الثالثة فجراً.. ... مرت عدة شهور وأنا أعيش في دوامة من الاعتياد والكثير من الرتابة بين الوجوه المتبرجة بنوايا الفضول المبهمة.. حفظت تفاصيل يومهم،ابتداءً من أصواتهم المتزاحمة حول مائدة الفطور،ملامحهم المقيتة، كل شيء تفوح منه رائحة الفسق.. الحي كان ضيقاً إلى الحد الذي تتقارب الشرفات من بعضها البعض.. نسوة يتبادلن أحاديثَ تشق سمعي حين اهمُّ بشحذِ جوٍ من الهدوء وبراد نسيمات تحاكي الحلم.. -عن تلك التي هربت من أهلها مع حبيبها (اللص).. -وأُخرى رزقت بطفلٍ غير شرعي من مجهول.. -وذاك الذي يجمع بين زوجته وابنتها في سرير واحد.. .. أما محور أحاديثهن اليومية كانت عن "السيدة وفاء" التي تسكن في شقة مقابل شقتي بالتحديد في نفس العمارة ..والتي كان لابد أن أمر قرب باب شقتها قبل أن أدخل شقتي.. ماعرفته عنها ليس أكثر مما رأيته لكنها أحاديثٌ تجبرني أن احتضن عزلتي، رغم أنني والفضول على طرفي نقيض.. وكنت في كل مرة أعود فيها إلى شقتي مساءً أسمع نفس الأصوات التي تصدر من جانب شقتها.. أنينٌ غريب أشبه بصوتِ الهواء حين ينخر في الجدران المهجورة قبل أن يجد منفذاً نحو الفضاء.. وكثيراً ما أصابتني بصقيع الإشمئزاز تلك الظلال الغريبة المنعكسة على الأرض أسفل باب شقتها.. حتى خُيّل لي أنها جنية شريرة تستحضر أرواحَ عشاقها؛ لتمضي ليلتها رقصاً على ترانيم الفسق..وأنين الفجور.. .. وذات مساءٍ شتائي وأثناء عودتي من عملي المُرهِق.. كانت أوصالي تتآكل برداً يُسرع من خطواتي على الممر الإسفلتي الضيق المؤدي إلى العمارة.. كنتُ أضم أصابعي؛ لأنفخَ فيها الدفء، بينما الصقيع ينتثر من كل زوايا الحي.. من خلف الأبواب المغلقة، من وراء جدران البار ، مع ضحكات الغانيات، من بين أصابع العجوز بائع السجائر حين وضعت بين يديه ثمن علبة، دسستها في جيب المعطف.. وهممتُ بالسير وبخطواتٍ هاربة من الجحيم..! وعند باب الشقة، أخرجت كومة المفاتيح من جيبي رفعتها لمستوى وجهي وعلى انعكاس ضوء المصباح الصغير؛ لأميّز مفتاح الباب.. أدرته ولم يفتح .! مرة ومرتين حاولت عبثاً أن أفتح الباب حتى فشلت كل محاولاتي دون جدوى.. بدأتُ أضرب الباب بجانب جسدي وأرفعه من المقبض .. - مساء الخير.. (جاء الصوت من اتجاه شقة السيدة وفاء ..وكأنه مَدّ البحر الذي لاندرك مايحمل لنا..) التفتُّ إليها في حين مازال جسدي متسمراً ملتصقاً بالباب.. (لم أُميّز ملامحها جيداً؛ فقد غطَّت عليها عتمة المكان ) -مساء النور..آسف على إزعاجكِ .. -لابأس هل تحتاج لمساعدة..؟ …لابأس هل تحتاج لمساعدة …. كان صوتها يتكرر بصداه ويتعاقب حاملاً معه أفكاري، أتراها هي السيدة وفاء..؟ وبسرعة أجبتها: -عفواً هل أجد عندك (مِفكاً) أو أية آلةٍ حادةٍ أفتح بها الباب..؟ -أجابت بالإيجاب وأومأت لي أن اتبعها -تقدمتُ بتردد، لكن رائحة القهوة المنبعثة أمسكت بتلابيب رغبتي..إلى داخل الشقة..! يتبع …….. للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح أنا مَنْ تَمَنّى العشقَ راحةَ مؤمنٍ فأتى هواهُ كما ذنــــوبِ الملّحــدِ ع. آل طلال شكرا عطاف المالكي
آخر تعديل علي آل طلال يوم
08-06-2021 في 12:50 AM.
|
08-06-2021, 01:28 AM | #2 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
ياسلام عليك ياعلي شدني حديثك ههههه
احب قصص السرد هذي متابعه ياربي أسعده يختم ويرفع للتنبيهات ويمنح لك المكافاة تستاهل اكثر واكثر ونعود حين البقية للحكاية |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
08-06-2021, 07:15 AM | #3 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
الله الله
وكأني اشتم رائحة القهوة لم نفق بعد من تفاصيل ليلة باردة حتى أقبلت علينا بهذه الفارهة لكن من هو هذا الشخص الذي لم يرد اسمه في القصة سننتظر حكاية السيدة وفاء بفارغ الصبر القدير علي آل طلال أنت حفيف وأجنحة المدائن لا حرمنا الله هذه الطلة ياسمين ومطر لروحك |
|
08-06-2021, 09:31 AM | #4 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
لنرافق يطل القصة ونرى تفاصيل حكايته الممتعة مع أهل القرية أو المدينة والسيدة التي تحدثت عنها النسوة و وماذا فعل بعد أن زارها لأمرِِ ما وتنفس رائحة قهوتها بطل القصة كان رائعاً واستطاع أن يعطينا نبذة عن المكان الذي سكن فيه منذ شهر وبيئة سكانها المتواضعة التي حازت على أسوأ الطباع من نميمة و فقرِِ مدقع وفقر أخلاق ونساء فارغات يمضين يومهن في الحش والبهتان على فلانة وعلانة يعني اجتمعت فيهن المثل القائل (أحشفاً وسوء كيلة ) فهن أشبه بالبضاعة المنتهية صلاحيتها والبائع يبخص في الوزن الخلاصة مسكين هذا البطل أتى إلى مجتمع متخلف حضارياً وأدبياً والأدهى بعدهم عن الله وبعدهم عن الرفاهية والعيش الكريم المهم أنا أنتظر اليتبع بكل سرور من الكاتب والأديب الأنيق علي آل طلال ههه الحمد لله حفظت اللقب ولكن أين الاحتفال .!! |
التعديل الأخير تم بواسطة عطاف المالكي ; 08-06-2021 الساعة 09:44 AM
|
08-06-2021, 07:50 PM | #5 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
تفضل أستاذ عمر..
وسارعتْ لتمحو نظرات الاستغراب على وجهي بابتسامة: -عرفت اسمك من أحاديث النسوة اليومية على شرفات الثرثرة .. (بادلتها الابتسامة بتحفظ شديد..وكأن ملامحي أكلها البرد ..) -أنتِ السيدة وفاء ؟ -نعم ..الشريرة وفاء . (وهي تضحك).. -هل تشاطرني قهوتي.. (ودون تردد ابتسمتُ بالموافقة وبكل امتنان..) -دقائق وتجهز.. .. وفي الصالة أخذت أتفحص الجدران ،الأثاث ..وكل مامن شأنه أن يؤكد شكوكي وتلك الصورة التي رسمتها مخيلتي بناءً على أحاديث أهل الحي.. كان صوتُ الريح العابر من تلك النافذة المكسورة يشق أذنيّ كأنه نحيب الثكالى، ليكمل وجهته حيث تلك القطع الخشبية المتدلية من (المكرمية)، فيحركها بشكل دائري، ثم تمتص بحركتها نور المصباح وتعكسه خيالات موحشة ومخيفة تتعملق على أرضية الشقة..! -عجزتُُ ان اجدَ من يُصلحها لي .. ( نهضتُ لأتناول منها كوب القهوة ..) وأعود لدهشتي..بصدى أفكار(إذن ..ماكانت تلك الأصداء المرعبة سوى أطراف ريحٍ تعبثُ ببضع قطع خشبية..!) ثم ابتسمتُ دون إدراك على سذاجتهم..ظنونهم..و..غبائي المشروع..! تبادلنا أحاديثَ مختلفة ومطولة أتاحت لي فرصة التدقيق في ملامح وجهها .. كانت تقريبا في الخمسين من العمر، ولم تكن جميلة قدر تلك الجاذبية التي رسمتها ملامح الطيبة تحت عينيها بهالاتٍ داكنة..تحكي الشقاء المختبئ خلف قلبٍ محتسب، نقي، عفوي..متحفظ. -أكملتُ كوبين من القهوة.. (قلتها مكتفياً حين سألتني إن كنتُ أرغب بآخر..) هممتُ بالخروج شاكراً لطفها ووعدتها بزيارة اخرى؛ لأُصلح لها النافذة. .. وأمام باب شقتي وقفت لبرهة أشعلتُ سيجارة..علقتها بين شفتيّ في حين تناولت المفك من جيبي، ثم فكرت أن أجرب المفتاح كمحاولة أخيرة وما أن أدرته حتى فُتح الباب..! (ربما هو القدر أن يعاندني بعقبة..لأكتشف عن قرب..روحاً هي واحدة من آلآف الأرواح التي ترزح تحت ظلال الظنون السيئة، بصمتٍ واعتزال، ثم تنزوي..وتختفي من عالمنا بهدوء… انتهت…. |
أنا مَنْ تَمَنّى العشقَ راحةَ مؤمنٍ فأتى هواهُ كما ذنــــوبِ الملّحــدِ ع. آل طلال شكرا عطاف المالكي |
08-06-2021, 08:49 PM | #6 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
سرد جميل خلص نحو حكمة ذهبية
عكس صورة واقع عن إفك الظنون التي تفشت في مجتمعاتنا لتقول لك القصة اكتشف بنفسك و ليس من غيرك تستعير الظنون تحياتي يا قدير |
|
08-06-2021, 08:57 PM | #7 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
قصة رائعة جداً
وخرجنا بفائدة عظمى سلم الفكر الأديب والكاتب علي آل طلال استمتعت بالقراءة لك |
|
08-07-2021, 01:22 AM | #9 |
|
رد: حكاية السيدة "وفاء" / قصة
سوء الظن مرض يقتل
وينتشر في الجسد لولا عطل المفتاح لما عرفنا أسرار الحكاية ولست ادري هل سيغير المجتمع نظرته بعد ذلك أم ستظل النظرة السوداء قائمة على آل طلال تكتسي الحروف لون النور نجمات بيضاء هنا أنت كاتب من زمن المنفلوطي والرافعي وفيك من رائحة محمد علوان |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|