بابٌ في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر في اللغة العربية

بابٌ في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر في اللغة العربية

التأنيث في اللغة العربية نوعان هما* :

1. التأنيث والتذكير الحقيقي* : هو ان يلحق الفعل الذي فاعله مؤنث تاء التأنيث الساكنة. ويبقى الفعل مذكرا إذا كان فاعله مذكر

ومن أحكام التأنيث والتذكير الحقيقي* :

1. أن يتوافقَ الفعل مع فاعله في التأنيث او التذكير فإذا جاء الفاعل مؤنث لحقت فعله تاء التأنيث الساكنة. واذا جاء الفاعل مذكر حُذفت تاء التأنيث الساكنة من الفعل وبقي الفعل مذكرا يوافق الفاعل المذكر في التذكير

2. أن يتوافق الضمير المنفصل او المتصل مع الاسم العائد عليه فإذا كان الاسم العائد على الضمير مذكر يكون الضمير مذكر
واذا كان الاسم العائد على الضمير مؤنث يكون الضمير مؤنث

3. أن تتوافقَ الصفة مع موصوفها المذكر او المؤنث فإذا كانت الصفة مذكرة يكون موصوفها مذكر. واذا كانت الصفة مؤنثة يكون موصوفها مؤنث.

هذه احكام التذكير والتأنيث الحقيقي في اللغة العربية

2. التأنيث والتذكير المجازي* :

هو ان يُذّكر المؤنث ويؤنّث المذكر من باب التأويل المجازي على المعنى البعيد للكلمة المذكرة او المؤنثة. وذُكرَ التذكير والتأنيث المجازي على التأويل في المعنى بكثرة في القران الكريم وهو من اعجاز القران الكريم فلم ترد هذه الظاهرة الا في كتاب الله عزّ وجل واستخدمت بقلّة في بعض النصوص الشعريّة فيتركون اللفظ ويحملون التذكير او التأنيث على المعنى

ويستوي التذكير والتأنيث في حالة المصادر فالمصادر يمكن ان تُذكر ويمكن ان تؤنث .

وكذلك يستوي التذكير والتأنيث في صيغ (فعول)، و(مفعال)، و(مفعيل)، و(فعيل) بمعنى (مفعول) (فعول)، و(مفعال)، و(مفعيل)، و(فعيل) و (مفعول) فهذه الصيغ قد تُذكر وقد تؤنث ايضا

ومن باب تذكير المؤنث على التأويل في المعنى

قوله تعالى ( قد جاءَكم بينةٌ من ربِّكم) فجعل الفعل الماضي مذكر بلا تاء التأنيث الساكنة رغم ان الفاعل مؤنث فلم يقل ( قد جاءتكم بينةٌ من ربِّكم) ولم يجعل الفعل موافق لفاعله المؤنث بل ذُكِّـرَ الفعل مع أن فاعله مؤنث من باب التأويل في المعنى

ومنه قوله تعالى :
(فمن جاءه موعظة من ربه) فـ (الموعظة)* لفظ مؤنث، وجاء الفعل قبلها ( جاءه) بصيغة المذكر* وتفسير ذلك إما بالقول : إن لفظ (الموعظة) تأنيث مجازي فالتاء فيها ليست للتأنيث الحقيقي لانّ أصل الكلمة مأخوذة من ( الوعظ) والوعظ مذكر والتأنيث المجازي يجوز في فعله ان يُذكّر وان يؤنث ايضا
وإما على تأويل المعنى وليس النظر للفظ فـ (الموعظة) معناها الحقيقي (الوعظ) فيكون التذكير هنا اعتباراً للمعنى لا للفظ.

ومنه قوله سبحانه :
(لنحيي به بلدة ميتا) فـ (بلدة) لفظ مؤنث، وجاء وصفها بصيغة المذكر ( ميتا) فلم يقل : بلدة ميتة، والأصل أن توافق الصفة الموصوف في التذكير والتأنيث وتفسير ذلك إن لفظ (بلدة) يؤول بمعنى( المكان) بصفة عامة فيكون التذكير هنا اعتباراً للمعنى لا للفظ، أي : مكاناً ميتاً.

ومنه قوله عز وجل :
(فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي) فـ (الشمس) لفظ مؤنث، وجاء اسم الإشارة عليه بصيغة المذكر ( هذا) فذهبوا إلى تأويل ذلك على معنى وليس اللفظ بمعنى : هذا الطالع هو ربي*ولم يقل ( فلما رأى الشّمسُ بازغة هذه ربي) لصيانة رب العالمين عن شبهة التأنيث والعياذ بالله.

ومنه قوله عز وجل :
• (كلا إنها تذكرة.. فمن شاء ذكره) فـ (التذكرة) لفظ مؤنث وعاد الضمير عليه بصيغة المذكر الهاء في الفعل ( ذكره) ولم يقل : فمن شاءَ ذكرها فذهبوا للتأويل على المعنى وليس اللفظ اي بمعنى : فمن شاء ذكر هذا الشيء الذي هو الذِكر

ومنه قوله عز وجل : (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) فـ (القسمة) لفظ مؤنث، وعاد الضمير (منه) عليه بصيغة المذكر لانهم حملوا التذكير على المعنى لإنّ (القسمة) هنا بمعنى (المقسوم) او ( الميراث) وهو لفظ مذكر فعاد الضمير عليه الهاء في ( منه) بلفظ المذكر لانهم في تأنيث المذكر وتذكير المؤنث يحملونه على معنى الكلمة وليس على لفظها.

ومنه قوله تبارك وتعالى : (وما يدريك لعل الساعة قريب) فلفظ (الساعة) مؤنث وجاء خبر ( لعلّ) فيها (قريب) مذكر وبحسب القواعد ينبغي أن يقولَ ( الساعة قريبة) فلم يقل (قريبة) وانما قال ( قريب) بصيغة المذكر لأن تأنيث الساعة غير حقيقي وانما مجازي لانّ معناها الحقيقي (الوقت) والوقت لفظ مذكر فحملوا التذكير على معنى الكلمة وليس لفظها

قوله تعالى : (وما كانت أمك بغيا) فجاء خبر ( كانَ) بصيغة المذكر (بغيا) واسم ( كانَ) (أمك) لفظ مؤنث فقالوا :
إن الأصل في (بغي) هو (بغوي) على وزن (فعول) وفعول من الأوزان التي تأتي مذكرة ومؤنثة ايضا فلما التقت (الواو) و(الياء)، وهما من الاحرف الساكنة أُدغمت (الواو) في (الياء)، فقيل : بغي وفعول من الصيغ التي يأتي التأنيث فيها مجازي فقد تكون مذكرة ومؤنثة في آنٍ واحدٍ فيجوز ان نقولَ :
امرأة صبور بغير هاء لانَّهم يحملون التأنيث على معنى الكلمة* لأنها بمعنى (صابرة)

ومنه قوله عز وجل : (الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) فـ (الفردوس) لفظ مذكر وجاء الضمير العائد عليه في (فيها) بلفظ المؤنث على* تأويل معنى الفردوس وليس لفظه لان معناه الحقيقي هو* (الجنة) والجنة لفظ مؤنث وكأن المعنى : الذين يرثون الجنة هم فيها

ومنه قوله تعالى : (جاءتها ريح عاصف)
وقوله سبحانه : (ولسليمان الريح عاصفة)
جاءت الصفة في الآية الأولى (عاصف) بصيغة المذكر مع أن الموصوف ( مؤنث) فلم يقل* : ريحٌ عاصفة كما في الاية الثانية لانه في الاية الاولى فحملوا التأنيث على تأويل معنى الكلمة وليس على لفظها ومعناها* : جاءتها ريحٌ عاصفة
وجاءت في الآية الثانية (عاصفة) بصيغة المؤنث موافقة للموصوف ( ريح) وهو المعروف في اللغة العربية.

الخلاصة* :

قد يُذكّر المؤنث ويؤنث المذكّر من باب التأويل على معنى الكلمة وليس لفظها.

ويأتي تذكير المؤنث وتأنيث المذكر في المصادر وفي الصيغ الاتية* :
(فعول)، و(مفعال)، و(مفعيل)، و(فعيل) و (مفعول)

لإن التأنيث فيها مجازي وليس حقيقي فيستند على معنى الكلمة وليس على لفظها.

بحثٌ في باب تذكير المؤنث وتأنيث المذكر في اللغة العربية

إعداد : نـدى الحرف

للمزيد من مواضيعي

 

.
.

الله يا ندى
مكتظة هذه الصفحة بالمفيد والجدير أن نعيه
شكرا تحفّك يا أميرة
سرّني هذا الجهد
طبتِ وطابت روحك العذبة
مودتي
مكافأة لجمالك

ندى الحروف معجب بهذا

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بُشْرَى

.
.

الله يا ندى
مكتظة هذه الصفحة بالمفيد والجدير أن نعيه
شكرا تحفّك يا أميرة
سرّني هذا الجهد
طبتِ وطابت روحك العذبة
مودتي
مكافأة لجمالك

اختي الحبيبة بُشرى

حين تمريّن على حروفي
تأتين بالربيع
فتتفتحُ الزنابقُ..
وتشدو البلابل احتفالاً
بحضورِك النشوان
اشرقتِ كالشمسِ على طفٍّ مظلمٍ