» يومٌ من عمري « | ||||||
|
آخر 10 مشاركات |
روابط تهمك | القرآن الكريم | الصوتيات | الفلاشات | الألعاب | الفوتوشوب | اليوتيوب | الزخرفة | قروب | الطقس | مــركز التحميل | لا باب يحجبنا عنك | تنسيق البيانات |
|
الكلِم الطيب (درر إسلامية) رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا |
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-01-2024, 12:15 PM | #201 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
جزاك الله خير الجزاء
مواضيع قيمة ليت الناس تتعض من ذلك وتعلم جزاء من يقع في تلك الأخلاق الذميمه جهودك مراقبنا الكبير وافرة شكراً تتكاثر لروحك الجميلة هنآ |
هَاتِ القَوَافِيْ ، فَهٰذِيْ المَرْأَةُ الأَسْمَىٰ أَزَاحَ رَبِّيْ بِهَا ، عَنْ مُهْجَتِيْ الهَمَّا فِيْهَا مِنَ الحُبِّ مَا لَا شَيْءَ يَحْمِلُهُ وَمِنْ يَدَيْهَا اِجْتَنَيْتُ الأَمْنَ ، وَالحُلْمَ شكرآ أمير الشعراء وسيف المدائن,, |
10-02-2024, 04:49 PM | #202 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( نقض العهد )
|
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 05:14 PM | #203 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
الغدر ونقض العهد
معنى الغَدرِ لُغةً واصطِلاحًا معنى الغَدرِ لُغةً: الغَدرُ: ضِدُّ الوفاءِ بالعَهدِ، يُقالُ: غَدَرَه وبِه، كنَصرَ وضَربَ وسَمِعَ، غَدْرًا وغَدَرانًا: إذا نَقضَ عَهدَه وتَرك الوفاءَ، وهي غَدورٌ وغَدَّارٌ وغَدَّارةٌ، وهو غادِرٌ وغَدَّارٌ وغِدِّيرٌ وغَدورٌ وغُدَرٌ، وأصلُ هذه المادَّةِ يَدُلُّ على تَركِ الشَّيءِ، ومن ذلك الغَدرُ، وهو تَركُ الوفاءِ بالعَهدِ . معنى الغَدرِ اصطِلاحًا: قال الجاحِظُ: (هو الرُّجوعُ عمَّا يبذُلُه الإنسانُ من نفسِه ويَضمَنُ الوفاءَ به) . وقال المُناويُّ: (الغَدرُ: نَقضُ العهدِ والإخلالُ بالشَّيءِ وتَركُه) . وقيل هو: (نَقضُ العَهدِ مُطلقًا في لحظةٍ لم تكُنْ متوقَّعةً ولا منتَظَرةً) . معنى نقضِ العَهدِ لُغةً واصطلاحًا: معنى النَّقضِ: ضِدُّ الإبرامِ، وهو إفسادُ ما أبرَمْتَ من عَقدٍ أو بناءٍ، ونَقضَ الشَّيءَ نَقضًا: أفسَدَه بعدَ إحكامِه، يُقالُ: نَقضَ البِناءَ: هَدمَه، ونَقضَ الحَبلَ أو الغَزلَ: حَلَّ طاقاتِه، والنَّقيضُ: المنقوضُ، وأصلُ هذه المادَّةِ يَدُلُّ على نَكثِ شَيءٍ . وقال الرَّاغبُ: (النَّقضُ: انتِثارُ العَقدِ من البِناءِ والحَبلِ والعِقدِ، وهو ضِدُّ الإبرامِ، ومِن نَقضِ الحَبلِ والعِقدِ استُعيرَ نَقضُ العَهدِ) . معنى العَهدِ لُغةً: العَهدُ: الوصيَّةُ والأمانُ والمَوثِقُ والذِّمَّةُ، ومنه قيلَ للحَربيِّ يَدخُلُ بالأمانِ: ذو عَهدٍ ومُعاهَدٌ، وقد عَهِدْتُ إليه، أي: أوصيتُه، ومنه اشتُقَّ العَهدُ الذي يُكتَبُ للوُلاةِ، وأصلُ هذه المادَّةِ يَدُلُّ على الاحتِفاظِ بالشَّيءِ . معنى العهدِ اصطِلاحًا: قال الجُرجانيُّ: (العَهدُ: حِفظُ الشَّيءِ ومُراعاتُه حالًا بعدَ حالٍ، هذا أصلُه، ثُمَّ استُخدِمَ في الموثِقِ الذي يَلزَمُ مُراعاتُه) . معنى نَقضِ العَهدِ اصطِلاحًا: هو عَدَمُ الوفاءِ بما أعلَنَ الإنسانُ الالتِزامَ به أو قَطَعَه على نَفسِه من عَهدٍ أو ميثاقٍ، سَواءٌ فيما بينَه وبَينَ اللهِ تعالى، أو فيما بينَه وبَينَ النَّاسِ . الفَرقُ بينَ الغَدرِ ونَقضِ العَهدِ وبَعضِ الصِّفاتِ الفَرقُ بَينَ المكْرِ والغَدرِ: الفَرقُ بينهما: أنَّ الغدرَ: نَقضُ العَهدِ وتَركُ الوفاءِ به . بينما قد يكونُ المكرُ ابتداءً من غيرِ عَهدٍ . الفَرقُ بَينَ العَهدِ والوَعدِ والنَّقضِ والخيانةِ الفَرقُ بينَ العَهدِ والوَعدِ: قيلَ: العَهدُ ما يَكونُ من الجانِبَينِ، وأمَّا ما يَكونُ من جانِبٍ فوعدٌ، ونَقضُه خُلفُ وَعدٍ . الفَرقُ بَينَ النَّقضِ والخيانةِ: أنَّ الخيانةَ تَقتَضي نَقضَ العَهدِ سِرًّا، أمَّا النَّقضُ فإنَّه يَكونُ سِرًّا وجَهرًا، ومن ثُمَّ يَكونُ النَّقضُ أعَمَّ من الخيانةِ، ويُرادِفِه الغَدرُ، وضِدُّ الخيانةِ الأمانةُ، وضِدُّ النَّقضِ: الإبرامُ . ذم الغدر ونقض العهد والنهي عنهما أ- من القُرآنِ الكَريمِ - قال تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [النحل: 94] . قال البغويُّ: (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا خَديعةً وفَسادًا بينَكم، فتَغُرُّونَ بها النَّاسَ فيَسكُنونَ إلى أيمانِكم ويَأمَنونَ، ثُمَّ تَنقُضونها، فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا فتَهلِكوا بعدَ ما كُنتُم آمِنينَ) . وقال ابنُ عطيَّةَ: (الدَّخَلُ: الدَّغَلُ بعَينِه، وهي الذَّرائِعُ إلى الخَدْعِ والغَدْرِ؛ وذلك أنَّ المحلوفَ له مُطَمئِنٌّ، فيَتَمَكَّنُ الحالفُ من ضَرِّه بما يُريدُه) . وقال ابنُ كَثيرٍ: (حَذَّرَ تعالى عِبادَه عن اتِّخاذِ الأيمانِ دَخَلًا، أي: خَديعةً ومَكرًا؛ لئَلَّا تَزِلَّ قدَمٌ بعدَ ثُبوتِها، مَثَلٌ لِمن كان على الاستِقامةِ فحاد عنها وزَلَّ عن طَريقِ الهُدى؛ بسَبَبِ الأيمانِ الحانِثةِ المشتَمِلةِ على الصَّدِّ عن سَبيلِ اللهِ؛ لأنَّ الكافِرَ إذا رَأى المؤمنَ قد عاهَدَه ثُمَّ غَدَرَ به، لم يَبقَ له وُثوقٌ بالدّينِ، فانصَدَّ بسَبَبِه عن الدُّخولِ في الإسلامِ) . - وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل: 91-92] . قال الطَّبَريُّ: (إنَّ اللهَ تعالى أمَر في هذه الآيةِ عِبادَه بالوفاءِ بعُهودِه التي يَجعَلونَها على أنفُسِهم، ونَهاهم عن نَقضِ الأيمانِ بعدَ تَوكيدِها على أنفُسِهم لآخَرينَ بعُقودٍ تَكونُ بينَهم بحَقٍّ مِمَّا لا يَكرَهُه) . قال الماوَرديُّ: (لا تنقُضوها بالغَدرِ بعدَ توكيدِها بالوفاءِ) . وقولُه: (تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أي خَديعةً ومَكرًا أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ أي: يَحلِفونَ للنَّاسِ إذا كانوا أكثَرَ منكُم ليَطمَئِنُّوا إليكم، فإذا أمكَنَكم الغَدرُ بهم غَدَرتُم، فنَهى اللهُ عن ذلك ليُنَبِّهَ بالأدنى على الأعلى؛ إذا كان قد نَهى عن الغَدرِ والحالةُ هذه فلَأن يَنهى عنه مع التَّمَكُّنِ والقُدرةِ بطَريقِ الأَولى) . - وقال تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال: 58] . قال ابنُ كثيرٍ: (يَقولُ تعالى لنَبيِّه صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليه وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ قد عاهَدْتَهم خِيَانَةً، أي: نَقضًا لما بينَك وبَينَهم من المواثيقِ والعُهودِ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ أي: عَهدَهم عَلَى سَوَاءٍ أي: أعلِمْهم بأنَّك قد نَقَضْتَ عَهدَهم حَتَّى يَبقى عِلمُك وعِلمُهم بأنَّك حَربٌ لهم وهم حَربٌ لك، وأنَّه لا عَهدَ بينَك وبَينَهم: على السَّواءِ، أي: تَستَوي أنتَ وهم في ذلك) . وقال السَّعديُّ: (وإذا كان بينَك وبَينَ قَومِ عَهدٌ وميثاقٌ على تَركِ القِتال، فخِفتَ منهم خيانةً بأن ظَهَرَ من قَرائِنِ أحوالِهم ما يَدُلُّ على خيانَتِهم من غَيرِ تَصريحٍ منهم بالخيانةِ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَهدَهم، أي: ارمِه عليهم وأخبِرْهم أنَّه لا عَهدَ بينَك وبَينَهم عَلَى سَوَاءٍ أي: حتى يَستَويَ عِلمُك وعِلمُهم بذلك، ولا يَحِلُّ لك أن تَغْدِرَهم أو تَسعى في شَيءٍ مِمَّا مَنَعَه موجِبُ العَهدِ حتى تُخبِرَهم بذلك إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ بل يُبغِضُهم أشَدَّ البُغضِ، فلا بدَّ من أمرٍ بَيِّنٍ يُبرِّئُكم من الخيانةِ، ودَلَّ مَفهومُها أيضًا أنَّه إذا لم يَخَفْ منهم خيانةً بأن لم يوجَد منهم ما يَدُلُّ على ذلك، أنَّه لا يَجوزُ نَبذُ العَهدِ إليهم، بل يَجِبُ الوفاءُ إلى أن تَتِمَّ مُدَّتُه) . - وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء: 34] . قال القاسميُّ: (لا تنقُضوا العهودَ الجائزةَ بينكم وبَينَ مَن عاهدتُموهم، فتَخفِروها وتَغدِروا بمن أعطيتُموه إيَّاها) . وقال الرَّاغبُ: (ولكونِ الوفاءِ سَبَبًا لعامَّةِ الصَّلاحِ، والغَدَرِ سَبَبًا لعامَّةِ الفَسادِ، عَظَّم اللهُ أمرَهما، وأعاد في عدَّةِ مواضِعَ ذِكرَهما، فقال: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء: 34] ، وقال: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ [البقرة: 177] ) . - وقال تعالى: وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ [لقمان: 32] . أي: (وما يكفُرُ بأدلَّتِنا وحُجَجِنا إلَّا كُلُّ غدَّارٍ بعَهدِه، والخَتْرُ عندَ العَرَبِ: أقبَحُ الغَدرِ) . - قال تعالى: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [التوبة: 12] . قال الرَّازيُّ: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ أي: نقَضوا عهودَهم) . وقال السُّدِّيُّ: (إن نكثوا عهدَهم الذي عاهدوا على الإسلامِ وطعنوا فيه، فقاتِلوهم) . وقال القُرطبيُّ: (إذا حارب الذِّمِّيُّ نقَض عهدَه، وكان مالُه وولَدُه فَيئًا معه) . - وقولُه تعالى: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 26-27] . قال الطَّبريُّ: (وما يُضِلُّ به إلَّا التَّارِكينَ طاعةَ اللهِ الخارِجينَ عن اتِّباعِ أمرِه ونَهيِه، النَّاكِثينَ عُهودَ اللهِ التي عَهِدَها إليهم في الكُتُبِ التي أنزَلها إلى رُسُلِه، وعلى ألسُنِ أنبيائِه باتِّباعِ أمرِ رَسولِه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما جاءَ به، وطاعةِ اللهِ فيما افتَرَضَ عليهم في التَّوراةِ من تَبيينِ أمرِه للنَّاسِ، وإخبارِهم إيَّاهم أنَّهم يَجِدونَه مَكتوبًا عِندَهم أنَّه رَسولٌ من عِندِ الله مُفتَرَضةٌ طاعَتُه، وتَركِ كِتمانِ ذلك لهم. ونَكثُهم ذلك ونَقضُهم إيَّاه هو مُخالفَتُهم اللهَ في عَهدِه إليهم فيما وصَفْتُ أنَّه عَهِدَ إليهم بعدَ إعطائِهم رَبَّهم الميثاقَ بالوفاءِ بذلك كما وصَفَهم به ربُّنا جَلَّ ذِكْرُه) . وقال السَّعديُّ: (وهذا يَعُمُّ العَهدَ الذي بينَهم وبَينَه والذي بينَهم وبَينَ عِبادِه الذي أكَّدَه عليهم بالمواثيقِ الثَّقيلةِ والإلزاماتِ، فلا يُبالونَ بتلك المواثيقِ، بل يَنقُضونَها ويَترُكونَ أوامِرَه ويَرتَكِبونَ نَواهيَه، ويَنقُضونَ العُهودَ التي بينَهم وبَينَ الخَلقِ) . - وقال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 155] . قال ابنُ كثيرٍ: (وهذه من الذُّنوبِ التي ارتَكَبوها مِمَّا أوجَبَ لعنَتَهم وطَرْدَهم وإبعادَهم عن الهدى، وهو نَقضُهم المواثيقَ والعُهودَ التي أُخِذَت عليهم) . وقال الخازِنُ: (فبسَبَبِ نقضِهم ميثاقَهم لعنَّاهم، وسَخِطْنا عليهم، وفعَلْنا بهم ما فعَلْنا) . قال ابنُ عَبَّاسٍ: (هو ميثاقٌ أخذَه اللهُ على أهلِ التَّوراةِ، فنقَضوه) . - وقوله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة: 13] . قال ابنُ كثيرٍ: (أي: فبسبَبِ نقضِهم الميثاقَ الذي أُخِذ عليهم لعنَّاهم، أي: أبعَدْناهم عن الحَقِّ وطرَدْناهم عن الهدى) . - وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 10] . قال ابنُ كثيرٍ: (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ أي: إنَّما يعودُ وَبالُ ذلك على النَّاكثِ، واللهُ غنيٌّ عنه) . وقال ابنُ عَطيَّةَ: (إنَّ من نكَث، يعني: من نَقَض هذا العهدَ، فإنما يجني على نفسِه، وإيَّاها يُهلِكُ، فنَكْثُه عليه لا له) . - وقال الله تعالى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل: 92] الآية. وقال ابنُ عَطيَّةَ في تَفسيرِ هذه الآيةِ: (شَبَّهَت هذه الآيةُ الذي يَحلفُ أو يُعاهِدُ أو يُبرِمُ عُقدةً بالمرأةِ التي تَغزِلُ غَزْلَها وتَفتِلُه مُحكَمًا، وشَبَّه الذي يَنقُضُ عَهدَه بعدَ الإحكامِ بتلك الغازِلةِ إذا نَقَضَت قُوى ذلك الغَزلِ، فحَلَّتْه بعدَ إبرامِه) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 05:17 PM | #204 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الغدر ونقض العهد
ذم الغدر ونقض العهد ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ - عن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لكُلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ يُعرَفُ به)) . - وعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لكُلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ، يقالُ: هذه غَدْرةُ فُلانٍ!)) . - وعن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لكُلِّ غادرٍ لواءٌ عندَ استِه يومَ القيامةِ)) . وفي روايةٍ: ((لكُلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ يُرفَعُ له بقَدْرِ غَدْرِه، ألَا ولا غادِرَ أعظَمُ غَدرًا من أميرِ عامَّةٍ)) . وقال النَّوويُّ: ("لكُلِّ غادرٍ لواءٌ"، أي: علامةٌ يشتَهِرُ بها في النَّاسِ؛ لأنَّ موضوعَ اللِّواءِ الشُّهرةُ، ومكانَ الرَّئيسِ علامةٌ له، وكانت العَرَبُ تنصِبُ الألويةَ في الأسواقِ الحَفِلةِ لغَدرةِ الغادِرِ؛ لتشهيرِه بذلك) . وفي ذلك مبالغةٌ في العقوبةِ وشِدَّةِ الشُّهرةِ والفضيحةِ . ودَلَّت هذه الأحاديثُ على أنَّ الغَدرَ حَرامٌ لجَميعِ النَّاسِ برِّهم وفاجِرِهم؛ لأنَّ الغَدرَ ظُلمٌ، وظُلمُ الفاجِرِ حَرامٌ كَظُلم البِرِّ التَّقيِّ . وفيها دَليلٌ على أنَّ الغَدرَ من كَبائِرِ الذُّنوبِ؛ لأنَّ فيه هذا الوعيدَ الشَّديدَ . قال النَّوويُّ: (وفي هذه الأحاديثِ بيانُ غِلَظِ تَحريمِ الغَدرِ، لا سيَّما من صاحِبِ الوِلايةِ العامَّةِ؛ لأنَّ غَدرَه يَتَعَدَّى ضَرَرُه إلى خَلقٍ كَثيرينَ) ، (ولأنَّه غَيرُ مُضطَرٍّ إلى الغَدرِ؛ لقُدرَتِه على الوفاءِ) . - وعن عَبدِ الله بنِ عَمرٍو أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أربَعٌ مَن كُنَّ فيه كان مُنافِقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خَصلةٌ منهُنَّ كانت فيه خَصلةٌ من النِّفاقِ حَتَّى يَدَعَها: إذا اؤتُمنَ خانَ، وإذا حَدَّثَ كَذَب، وإذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فجَرَ)) . قال المُناويُّ: ("وإذا عاهَد غَدَر"، أي: نَقَض العَهدَ) . وقال العظيم آبادي: ("وإذا عاهَد غَدَر"، أي: نقَض العهدَ وتَرَك الوفاءَ بما عاهَد عليه) . وقال ابنُ عُثَيمين: (... "وإذا عاهَدَ غَدَر"، يعني: إذا أعطى عَهدًا على أيِّ شَيءٍ من الأشياءِ غَدَرَ به ونَقضَ العَهدَ، وهذا يَشمَلُ المعاهَدةَ مع الكُفَّارِ والمعاهَدةَ مع المسلِمِ في بعضِ الأشياءِ، ثُمَّ يَغدِرُ بذلك) . - وفي حديثِ هِرَقلَ الطَّويلِ مع أبي سفيانَ عندما سأله عن النَّبيِّ: ((وسألتُك هل يَغدِرُ؟ فزعمتَ أنْ لا، وكذلك الرُّسُلُ لا يَغدِرون)) . قال ابنُ بطَّالٍ: (قد جاء فَضلُ الوفاءِ بالعَهدِ، وذمُّ الخَترِ في غَيرِ مَوضِعٍ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، وإنَّما أشارَ البُخاريُّ في هذا الحَديثِ إلى سُؤالِ هِرَقلَ لأبي سُفيانَ هل يَغدِرُ؟ إذ كان الغَدرُ عِندَ كُلِّ أُمَّةٍ مَذمومًا قَبيحًا، وليس هو من صِفاتِ رُسُلِ اللهِ، فأراد أن يَمتحِنَ بذلك صِدقَ النَّبيِّ؛ لأنَّ مَن غَدَر ولم يَفِ بعَهدٍ لا يَجوزُ أن يكونَ نبيًّا؛ لأنَّ الأنبياءَ والرُّسُلَ عليهم السَّلامُ أخبَرَت عن اللهِ بفَضلِ مَن وفى بعَهدٍ وذَمِّ مَن غَدَر وختَرَ) . - وعن أبي هُرَيرةَ رَضيَ الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((قال اللهُ: ثَلاثةٌ أنا خَصمُهم يَومَ القيامةِ: رَجُلٌ أعطى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَه، ورَجُلٌ استَأجَرَ أجيرًا فاستَوفى منه ولم يُعطِ أجرَه)) . قال المهلَّبُ: قولُه: ("أعطى بي ثمَّ غدَر" يريدُ: نَقَض عهدًا عاهَده عليه) . وقال المُناويُّ: (... "ثُمَّ غَدَرَ"، أي: نَقضَ العَهدَ الذي عاهَدَ عليه؛ لأنَّه جَعَل اللهَ كَفيلًا له فيما لزِمَه من وفاءِ ما أعطى، والكَفيلُ خَصمُ المكفولِ به للمكفولِ له) . وقال الصَّنعانيُّ: (دَلالةٌ على شِدَّةِ جُرمِ مَن ذُكرَ، وأنَّه تعالى يَخصُمُهم يَومَ القيامةِ نيابةً عَمَّن ظَلموه، وقَولُه: "أعطى بي" أي: حَلَفَ باسمي، وعاهَد أو أعطى الأمانَ باسمي وبِما شَرعتُه من ديني، وتَحريمُ الغَدرِ والنَّكثِ مُجمَعٌ عليه) . - حديثُ: ((الإيمانُ قَيدُ الفَتكِ، لا يَفتِكُ مؤمِنٌ)) . قال المُناويُّ: (أي: يَمنَعُ من الفَتكِ الذي هو القَتلُ بعدَ الأمانِ غَدرًا، كما يَمنَعُ القَيدُ من التَّصَرُّفِ) . - وعن عَليٍّ رَضيَ الله عنه قال: ما عِندَنا شَيءٌ إلَّا كِتابُ اللهِ وهذه الصَّحيفةُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ... ((ذِمَّةُ المُسلِمينَ واحِدةٌ، فمَن أخفَرَ مُسلِمًا فعليه لعنةُ الله والملائِكةِ والنَّاسِ أجمَعينَ، لا يُقبَلُ منه صَرفٌ ولا عَدلٌ ) . وفي روايةِ مُسلمٍ: ((ذمَّةُ المُسلِمين واحدةٌ يسعى بها أدناهم)) . قال ابنُ حَجَرٍ: (قَوُله: "ذِمَّةُ المسلمينَ واحِدةٌ"، أي: أمانُهم صَحيحٌ، فإذا أمَّنَ الكافِرَ واحِدٌ منهم حَرُم على غَيرِه التَّعَرُّضُ له. وقَولُه: "يَسعى بها"، أي: يَتَولَّاها ويَذهَبُ ويَجيءُ، والمعنى: أنَّ ذِمَّةَ المسلِمينَ سَواءٌ صَدَرَت من واحِدٍ أو أكثَرَ شَريفٍ أو وضيعٍ، فإذا أمَّنَ أحَدٌ من المسلمينَ كافِرًا وأعطاه ذِمَّةً، لم يكنْ لأحَدٍ نَقضُه، فيَستوي في ذلك الرَّجُلُ والمرأةُ والحُرُّ والعَبدُ؛ لأنَّ المسلِمينَ كنَفسٍ واحِدةٍ. وقَولُه: "فمَن أخفَرَ" بالخاءِ المعجَمةِ والفاءِ، أي: نَقضَ العَهدَ، يُقالُ: خَفَرتُه بغَيرِ ألفٍ: أمَّنْتُه، وأخفَرْتُه: نَقَضتُ عَهدَه) . - وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضيَ الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من صَلَّى صَلاتَنا، واستَقبَلَ قِبلَتَنا، وأكلَ ذَبيحَتَنا، فذلك المسلِمُ الذي له ذِمَّةُ اللهِ وذِمَّةُ رَسولِه؛ فلا تُخفِروا اللهَ في ذِمَّتِه)) . قال ابنُ رَجَبٍ: (... "فلا تُخفِروا اللهَ في ذِمَّتِه"، أي: لا تَغدِروا بمَن له عَهدٌ من اللهِ ورَسولِه، فلا تَفوا له بالضَّمانِ، بل أوفوا له بالعَهدِ) . وقال القاريُّ: (أي: لا تَخونوا اللهَ في عَهدِه ولا تَتَعَرَّضوا في حَقِّه من مالِه ودَمِه وعِرضِه، أو الضَّميرُ للمُسلِمِ، أي: فلا تَنقُضوا عَهدَ اللهِ) ، (ولا تَخونوه بانتِهاكِ حُقوقِه؛ فإنَّ أيَّ اعتِداءٍ عليه هو خيانةٌ للهِ ورَسولِه، ونَقضٌ لعَهدِهما وإهدارٌ لكَرامةِ الإسلامِ) . - وعن الحَسَنِ بنِ عَليِّ بنِ أبي رافِعٍ أنَّ أبا رافِعٍ أخبَرَه قال: (بعَثتْني قُرَيشٌ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُلقيَ في قَلبي الإسلامُ، فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي واللهِ لا أرجِعُ إليهم أبَدًا! فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنِّي لا أَخيسُ بالعَهدِ ولا أحبِسُ البُرُدَ ، ولكن ارجِعْ، فإن كان في نَفسِك الذي في نَفسِك الآنَ فارجِعْ))، قال: فذَهَبتُ ثُمَّ أتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأسلَمتُ) . قال الخطَّابيُّ: (قولُه: "لا أَخيسُ بالعهدِ" معناه: لا أنقُضُ العَهدَ ولا أُفسِدُه، من قَولِك: خاسَ الشَّيءُ في الوِعاءِ: إذا فسَدَ. وفيه مِن الفِقهِ أنَّ العَقدَ يُرعى مع الكافِرِ كما يُرعى مع المسلِمِ، وأنَّ الكافِرَ إذا عَقَد لك عَقدَ أمانٍ فقد وجَبَ عليك أن تُؤمِّنَه، وألَّا تَغتالَه في دَمٍ ولا مالٍ ولا مَنفَعةٍ) . ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ وغَيرِهم - قال أميرُ المؤمنين عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه: (الوفاءُ توءَمُ الصِّدقِ، ولا أعلمُ جُنَّةً أوقى منه، وما يَغدِرُ من عَلِم كيف المرجِعُ، ولقد أصبَحنا في زَمانٍ اتَّخَذَ أكثَرُ أهلِه الغَدرَ كَيسًا ، ونسَبَهم أهلُ الجَهلِ فيه إلى حُسنِ الحيلةِ، ما لهم قاتَلهم اللهُ ؟! قد يَرى الحُوَّلُ القُلَّبُ وَجهَ الحيلةِ، ودُونَها مانِعٌ من اللهِ ونَهيِه، فيَدَعُها رَأيَ عَينٍ بعدَ القُدرةِ عليها، ويَنتَهِزُ فرصَتَها من لا حَريجةَ له في الدّينِ !) . - وقال أيضًا: (إذا كان الغَدرُ طَبعًا فالثِّقةُ بكُلِّ أحَدٍ عَجزٌ) . - وقال عَديُّ بنُ حاتِمٍ: (أتَينا عُمَرَ في وفدٍ فجَعل يَدعو رَجُلًا رَجُلًا ويُسَمِّيهم، فقُلتُ: أمَا تَعرِفُني يا أميرَ المؤمنينَ؟ قال: بلى، أسلَمْتَ إذ كَفَروا، وأقبَلتَ إذ أدبَروا، ووفَيتَ إذ غَدَروا، وعَرَفتَ إذ أنكَروا، فقال عَديٌّ: فلا أُبالي إذًا!) . - وعن عُمَيرِ بنِ هانِئٍ أنَّ أبا الدَّرداءِ رَضيَ الله عنه كان يَقولُ: (ويلٌ لمن كَذَبَ وعَقَّ ونَقضَ العَهدَ الموثَّقَ، فما بَرَّ ولا صَدَقَ) . - وقال مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظيُّ رَضِيَ اللهُ عنه: (ثَلاثُ خِصالٍ مَن كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغيُ، والنَّكثُ والمكرُ، وقَرَأ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطِر: 43] ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [يونس: 23] ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10] ) . - وقال أبو العاليةِ: (سِتُّ خِصالٍ في المنافِقينَ إذا كانت فيهم الظُّهرةُ على النَّاسِ أظهَروا هذه الخِصالَ: إذا حَدَّثوا كَذَبوا، وإذا وعَدوا أخلَفوا، وإذا ائتُمِنوا خانوا، ونَقضوا عَهدَ اللهِ مِن بعدِ ميثاقِه، وقَطَعوا ما أمَرَ اللهُ به أن يُوصَلَ، وأفسَدوا في الأرضِ، وإذا كانت الظُّهرةُ عليهم أظهَروا الخِصالَ الثَّلاثَ: إذا حَدَّثوا كَذَبوا، وإذا وعَدوا أخلَفوا، وإذا ائتُمِنوا خانوا) . - وعن قَتادةَ قال: (عليكم بالوفاءِ بالعَهدِ، ولا تَنقُضوا هذه المواثيقَ؛ فإنَّ اللهَ قد نَهى عن ذلك، وقدَّمَ فيه أشَدَّ التَّقدِمةِ) . - وقال مَيمونُ بنُ مِهرانَ: (لو أنَّ أقصَرَكم عِلمًا عَمِلَ بما يَعلَمُ لدَخَل الجَنَّةَ، ما منكم إلَّا من يَعلَمُ أنَّ الصَّلاةَ خَيرٌ من تَركِها، والأمانةَ خَيرٌ من الخيانةِ، والصِّدقَ خَيرٌ من الكَذِبِ، والوفاءَ بالعَهدِ خَيرٌ من نَقضِه، والصِّلةَ خَيرٌ من القَطيعةِ) . - وقال ابنُ حَزمٍ: (الغَدرُ، وهو الذي لا يَحتمِلُه أحَدٌ ولا يُغضي عليه كَريمٌ، وهو المَسلاةُ حَقًّا، ولا يُلامُ السَّالي عنه على أيِّ وجهٍ كان، ناسيًا أو مُتَصَبِّرًا، بل اللَّائِمةُ لاحِقةٌ لمن صَبَرَ عليه... ولا أَدْعى إلى السُّلُوِّ عِندَ الحُرِّ النَّفسِ وذي الحَفيظةِ والسَّريِّ السَّجايا من الغَدرِ؛ فما يَصبِرُ عليه إلَّا دَنيُّ المروءةِ خَسيسُ الهمَّةِ ساقِطُ الأنَفةِ) . - ولمَّا حلفَ مُحَمَّدٌ الأمينُ للمأمونِ في بيتِ اللهِ الحَرامِ -وهما وليَّا عَهدٍ- طالبَه جَعفَرُ بنُ يَحيى أن يقولَ: خَذلَني اللهُ إن خَذَلْتُه، فقال ذلك ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قال الفَضلُ بنُ الرَّبيعِ: قال لي الأمينُ في ذلك الوقتِ عِندَ خُروجِه من بيتِ اللهِ: (يا أبا العَبَّاسِ، أجِدُ نفسي أنَّ أمري لا يَتِمُّ! فقُلتُ له: ولمَ ذلك أعَزَّ اللهُ الأميرَ؟! قال: لأنِّي كُنتُ أحلفُ وأنا أنوي الغَدرَ! وكان كَذلك، لم يَتِمَّ أمرُه ! - قال الأبشيهيُّ: (وكَم أوقَعَ القدرُ في المهالكِ من غادَر، وضاقَت عليه من مَوارِدِ الهلَكاتِ فسيحاتُ المصادِر، وطَوَّقَه غَدرُه طَوقَ خِزيٍ، فهو على فَكِّه غَيرُ قادِر!) . - وقال أيضًا: (أيُّ سوءٍ أقبَحُ من غَدرٍ يَسوقُ إلى النِّفاقِ، وأيُّ عارٍ أفضَحُ من نَقضِ العَهدِ إذا عُدَّت مَساوِئُ الأخلاقِ؟!) . - قال مَروانُ لعَبدِ الحَميدِ الكاتِبِ، عِندَ زَوالِ أمرِه: (صِرْ إلى هؤلاء القَومِ -يعني بني العَبَّاسِ- فإنِّي أرجو أن تَنفَعَني في مخلفي، فقال: وكيف لي بعِلمِ النَّاسِ جَميعًا أنَّ هذا رَأيُك؟ كُلُّهم يقولون: إني قد غَدَرتُ بك، وأنشَد: وغَدري ظاهِرٌ لا شَكَّ فيه لمبصِرِه وعُذري بالمَغيبِ. ولمَّا أُتي به المنصورُ قال له: استَبْقِني؛ فإنِّي فردُ الدَّهرِ بالبَلاغةِ! فقَطعَ يَدَيه ورِجلَيه، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَه!) . - قال الجاحِظُ: (الغَدرُ لُؤمٌ... وزَعَموا أنَّه لم يَغدِرْ غادِرٌ قَطُّ إلَّا لصِغَرِ هِمَّتِه عن الوفاءِ، وخُمولِ قَدرِه عن احتِمالِ المكارِهِ في جَنبِ نَيلِ المكارِمِ) . - وقال أبو الطَّيِّبِ الوشاءُ: (الصَّبرُ على الخيانةِ والغَدرِ يَضَعُ من المروةِ والقَدْرِ) . - وكَتبَ طاهِرُ بنُ الحُسَينِ لابنِه عَبدِ اللهِ كِتابًا لمَّا ولَّاه المأمونُ عَبدُ اللهِ بنُ هارونَ الرَّشيدِ الرَّقَّةَ ومِصرَ وما بينَهما، وفيه: (لا تَحقِرَنَّ ذَنبًا، ولا تُمالئنَّ حاسِدًا، ولا تُداهِنَنَّ عَدوًّا، ولا تُصَدِّقنَّ نَمَّامًا، ولا تَأمَنَنَّ غَدَّارًا، ولا تُوالينَّ فاسِقًا، ولا تَتَّبعنَّ غاويًا، ولا تَحمَدَنَّ مُرائيًا، ولا تَحقِرَنَّ إنسانًا) . - وقال ابنُ تَيميَّةَ: (جاءَ الكِتابُ والسُّنَّةُ بالأمرِ بالوفاءِ بالعُهودِ والشُّروطِ والمواثيقِ والعُقودِ، وبأداءِ الأمانةِ ورِعايةِ ذلك، والنَّهيِ عن الغَدرِ ونَقضِ العُهودِ والخيانةِ، والتَّشديدِ على من يَفعَلُ ذلك) . - وقال ابنُ كثيرٍ: (إنَّ من صِفاتِ المنافِقينَ أنَّ أحَدَهم إذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فجَرَ، وإذا حَدَّثَ كَذَب، وإذا ائتُمِنَ خانَ؛ ولذلك كان حالُ هؤلاء الأشقياءِ ومَصيرُهم إلى خِلافِ ما صار إليه المؤمنونَ، كما أنَّهم اتَّصفوا بخِلافِ صفاتِهم في الدُّنيا، فأولئك كانوا يوفونَ بعَهدِ اللهِ ويَصِلونَ ما أمَرَ اللهُ به أن يوصَلَ، وهؤلاء يَنقُضونَ عَهدَ اللهِ من بعدِ ميثاقِه) . - وقال ابنُ حَجَرٍ: (الغَدرُ حُرمَتُه غَليظةٌ لا سيَّما من صاحِبِ الوِلايةِ العامَّةِ؛ لأنَّ غَدرَه يَتعدَّى ضَرَرُه إلى خَلقِ كَثيرٍ، ولأنَّه غَيرُ مُضطَرٍّ إلى الغَدرِ لقُدرتِه على الوفاءِ) . - وصَفَ أعرابيٌّ قَومًا فقال: (أولئك قَومٌ أدَّبتْهم الحِكمةُ، وأحكَمَتْهم التَّجارِبُ، ولم تَغرُرْهم السَّلامةُ المُنطَويةُ على الهلَكةِ، ورَحَلَ عنهم التَّسويفُ الذي قَطَعَ النَّاسُ به مَسافةَ آجالِهم، فقالت ألسِنَتُهم بالوعدِ، وانبَسَطَت أيديهم بالإنجازِ؛ فأحسَنوا المقالَ، وشَفَعوه بالفِعالِ) . - وقال أحمد شوقي: (من نَقَض مَوثِقَه نَفَضَ عنه الثِّقةَ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 05:22 PM | #205 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الغدر ونقض العهد
آثارُ الغَدرِ ونَقضِ العَهدِ للغَدرِ ونَقضِ العَهدِ آثارٌ سَيِّئةٌ وعَواقِبُ وخيمةٌ، ومن أبرَزِ هذه الآثارِ وتلك العَواقِبِ ما يلي: 1- الغَوايةُ والضَّلالُ: إنَّ الذين يَتَّصِفونَ بالغَدرِ هم بعيدونَ عن كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِه، وبسَبَبِ ذلك فقد أغواهم اللهُ تعالى وأضَلَّهم، فلا يوفَّقونَ إلى خَيرٍ، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 26 - 27] . ولمَّا كَفرَ بنو إسرائيلَ باللهِ وخانوا مَواثيقَه أضَلَّهم اللهُ عن الطَّريقِ المستَقيمِ، قال تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ [المائدة: 12] ، ثُمَّ قال في آخِرِ الآيةِ بعدَ تَفصيلِ الميثاقِ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [المائدة: 12] . 2- قَسوةُ القَلبِ: لقد كانت قَسوةُ القَلبِ سِمةً بارِزةً في أهلِ الكِتابِ لا سيَّما اليَهودِ؛ لكَثرةِ نَقضِهم العَهدَ والمواثيقَ، قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [المائدة: 13-14] . قال ابنُ عَقيلٍ الحَنبَليُّ: (يا من يَجِدُ في قَلبِه قَسوةً، احذَرْ أن تَكونَ نَقَضْتَ عَهدًا؛ فإنَّ اللهَ تعالى يَقولُ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً [المائدة: 13] ) . 3- ضَياعُ المروءةِ وذَهابُ الهَيبةِ وتَسليطُ الأعداءِ: وما يَتبَعُ ذلك من السَّيطَرةِ على الأوطانِ، واستِنزافِ الخَيراتِ والثَّرَواتِ، وتَغييرِ هُويَّةِ الأُمَّةِ وثَقافَتِها وقيَمِها وأخلاقِها، وسَومِ أبنائِها سوءَ العَذابِ. قال تعالى: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10] . قال مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظيُّ رَضيَ اللهُ تعالى عنه: (ثَلاثُ خِصالٍ من كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغيُ، والنَّكثُ ، والمَكرُ) . قال ابنُ حَجَرٍ: (كان عاقِبةُ نَقضِ قُرَيشِ العَهدَ مع خُزاعةَ حُلَفاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن غَزاهم المسلمونَ حتَّى فتَحوا مَكَّةَ، واضطُرُّوا إلى طَلَبِ الأمانِ وصاروا بعدَ العِزَّةِ والقوَّةِ في غايةِ الوَهنِ إلى أن دَخَلوا في الإسلامِ، وأكثَرُهم لذلك كارِهٌ) . 4- تحمُّلُ الجزاءِ المترتِّبِ على الغَدرِ: ذلك أنَّ الغَدرَ يُؤَدِّي إلى خَسائِرَ بدَنيَّةٍ أو نَفسيَّةٍ أو اجتِماعيَّةٍ أو اقتِصاديَّةٍ، وقد تكونُ هذه جَميعًا. 5- براءةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من أهلِ الغَدرِ. 6- حُلولُ اللَّعنةِ على الغادِرِ وناقِضِ العَهدِ. قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ [المائدة: 13] . وفي الحديثِ: ((فمَن أخفَرَ مُسلِمًا فعليه لعنةُ اللهِ والملائِكةِ والنَّاسِ أجمَعينَ)) . 7- الانتظامُ في سِلكِ المنافِقين. 8- الفضيحةُ على رُؤوسِ الأشهادِ: ذلك أنَّ اللهَ لا يَوقِفُ عِقابَه للغادِرينَ على الدُّنيا، بل يَضُمُّ إلى ذلك عِقابَ الآخِرةَ، وأوَّلُه الفَضيحةُ على رُؤوسِ الأشهادِ، وما أعظَمَه وما أشَدَّه من عِقابٍ! . 9- أنَّ الغَدرَ قد يُؤَدِّي إلى الجَحدِ والكُفرِ، قال تعالى: وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ [لقمان: 32] ، وفي هذا التَّحذيرُ من الغَدرِ؛ لأنَّه قد يَكونُ سَبَبًا في الكُفرِ والجَحدِ؛ ولهذا قال الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أربَعٌ من كُنَّ فيه كان مُنافِقًا خالصًا -وذَكَرَ منها:- إذا عاهَدَ غَدَرَ)) ، فإذا كان لا يَجحَدُ بالآياتِ إلَّا الغَدَّارُ، فمعنى ذلك أنَّ الغَدرَ يَكونُ سَبَبًا للجَحدِ والكُفرِ) . 10- غَدرُ المؤمنِ بما قد عاهَدَ عليه قد يُؤَدِّي إلى عَدَمِ الوُثوقِ بالدِّينِ، ويَصُدُّ عن الدُّخولِ في الإسلامِ بسَبَبِ ذلك. 11- الخُسرانُ عاقِبةُ مَن نَكثَ بعَهدِه ونَقضَ ميثاقَه، قال تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة: 27] . 12- الإغراءُ بالعداوةِ والبغضاءِ: لمَّا نَقضَ النَّصارى الميثاقَ والعُهودَ وبَدَّلوا دينَهم وضَيَّعوا أمرَ اللهِ أورَثَهم اللهُ العَداوةَ والبَغضاءَ، قال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [المائدة: 14] . أحوالُ الإخلافِ بالعَهدِ والوَعدِ (من يُخلِفُ الوعدَ له أربَعُ أحوالٍ في إخلافِه بذلك: الحالةُ الأولى: التَّعبيرُ العَمَليُّ عن الكَذِبِ مُنذُ إعطاءِ الوعدِ أو العَهدِ، وهو في هذا يَحمِلُ رَذيلةَ الإخلافِ المستَنِدِ إلى رَذيلةِ الكَذِبِ. الحالةُ الثَّانيةُ: النَّكثُ والنَّقضُ لما أبرَمَه والتَزَمَ به من وعَدٍ وعَهدٍ، وهذا يُعَبِّرُ عن ضَعفِ الإرادةِ وعَدَمِ الثَّباتِ، وعَدَمِ احتِرامِ شَرَفِ الكَلمةِ وثِقةِ الآخَرينَ بها، وهذا الخُلقُ يُفضي بصاحِبِه إلى النَّبذِ من الفُضَلاءِ الذين يُوثَقُ بهم وبأقوالِهم. الحالةُ الثَّالثةُ: التَّحَوُّلُ إلى ما هو أفضَلُ وخَيرٌ عِندَ اللهِ، والانتِقالُ إلى ما هو أكثَرُ طاعةً للهِ، وذلك كالعَهدِ مع اللهِ في التِزامِ أمرٍ من الأُمورِ، فقد تَجري المفاضَلةُ بينَه وبَينَ غَيرِه لاختيارِ ما هو أقرَبُ إلى طاعةِ اللهِ وتَحقيقِ مَرضاتِه. الحالةُ الرَّابِعةُ: العَجزُ عن الوفاءِ لسَبَبٍ من الأسبابِ، ومَن عَجَزَ عن الوفاءِ مع صِدقِ رَغبَتِه به وحِرصِه عليه فهو مَعذورٌ لعَدَمِ استِطاعَتِه. وأمَّا حالةُ النِّسيانِ فهي من الأُمورِ العامَّةِ التي تَشمَلُ كُلَّ واجِبٍ أو مُستَحَبٍّ، وتَنطَبِقُ عليها أحكامُ النِّسيانِ العامَّةِ، وصادِقُ الوعدِ والعَهدِ هو الذي يَكونُ عازِمًا على الوفاءِ مُنذُ إعطائِه الوعدَ أو العَهدَ، ويَظَلُّ حَريصًا على ذلك ما لم يَمنَعْه مانِعٌ من التَّنفيذِ يُعذَرُ به، أو كان تَركُ الوفاءِ استِجابةً لرَغبةِ من كان الوعدُ أو العَهدُ من أجلِه، وابتِغاءَ مَرضاتِه أو مَسَرَّتِه) . صُوَرُ الغَدرِ ونَقضِ العَهدِ إنَّ الغَدرَ في أيِّ عَهدٍ أعطاه على أيِّ شَيءٍ من الأشياءِ ونَقضَ العَهدَ، وهَذا يَشمَلُ المعاهَدةَ مع الكُفَّارِ والمعاهَدةَ مَعَ المسلِمِ في بعضِ الأشياءِ، فيَحرُمُ الغَدرُ بها، ويَدخُلُ في العُهودِ التي يَجِبُ الوفاءُ بها ويَحرُمُ الغَدرُ فيها جَميعُ عُقودِ المسلمينَ فيما بينَهم إذا تَراضوا عليها من المبايَعاتِ والمناكَحاتِ وغَيرِها من العُقودِ اللَّازِمةِ التي يَجِبُ الوفاءُ بها، وكذلك ما يَجِبُ الوفاءُ به للهِ عَزَّ وجَلَّ مِمَّا يُعاهِدُ العَبدُ رَبَّه عليه من نَذرِ التَّبرُّرِ ونَحوِه . ومِن صوَرِ نَقضِ العَهدِ : 1- نَقضُ العَهدِ الذي وصَّى اللهُ به خَلقَه مِن فعلِ ما يُحِبُّه اللهُ ويَرضاه من الأقوالِ والأفعالِ، وتَركِ ما لا يُحِبُّه اللهُ ولا يَرضاه من الأقوالِ والأفعالِ، والذي تَضَمَّنَته كُتُبُه المنزَّلةُ وبَلَّغَه رُسُلُه عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، ومَعنى نَقضِ هَذا العَهدِ تَركُ العَمَلِ به. 2- نَقضُ العَهدِ الذي للإمامِ ونائِبِه على المسلمينَ من وجوبِ الطَّاعةِ في المعروفِ، ونُصرةِ دينِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ دونَ مُبَرِّرٍ شَرعيٍّ يَقتَضي ذلك. 3- نَقضُ العَهدِ الذي أعطاه الشَّارِعُ الحَكيمُ للكُفَّارِ غَيرِ المحارِبينَ من أهلِ الذِّمَّةِ والمستَأمنينَ وكذلك المعاهَدينَ دونَ مُبَرِّرٍ شَرعيٍّ يَقتَضي ذلك، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ألا مَن قَتَلَ نَفسًا مُعاهَدةً له ذِمَّةُ اللهِ وذِمَّةُ رَسولِه، فقد أخفَرَ بذِمَّةِ اللهِ، فلا يَرَحُ رائِحةَ الجَنَّةِ، وإنَّ ريحَها ليوجَدُ من مَسيرةِ سَبعينَ خَريفًا!)) . 4- خُلفُ الموعِدِ بأن يُعطيَ مَوعِدًا وفي نيَّتِه عَدَمُ الوفاءِ. 5- نَقضُ الحُكَّامِ والوُلاةِ عَهدَ اللهِ بعَدَمِ تَطبيقِهم لشَرعِه والسَّيرِ على مَنهَجِه. أسبابُ الوُقوعِ في الغَدرِ ونَقضِ العَهدِ 1- ضَعفُ التَّربيةِ وفَسادُ البيئةِ. 2- حُبُّ الكُفَّارِ وموالاتُهم. 3- صُحبةُ الذين اشتَهَروا بالغَدرِ. 4- ضَعفُ الإيمانِ باللهِ. 5- عَدَمُ التَّأمُّلِ في العَواقِبِ الوخيمةِ للغَدرِ. 6- اللَّهثُ وراءَ الدُّنيا ومَلَذَّاتِها. 7- قِلَّةُ الصَّبرِ وصِغَرُ الهمَّةِ عن الوفاءِ، وقد قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ [لقمان: 31-32] . فخَتَمَ الآيةَ الأولى بـ صَبَّارٍ شَكُورٍ والثَّانيةَ ببِنيَتي مُبالغةٍ خَتَّارٍ كَفُورٍ، قال أبو حَيَّانَ الأندَلُسيُّ: (فالصَّبَّارُ الشَّكورُ مُعتَرِفٌ بآياتِ اللهِ، والختَّارُ الكَفورُ يَجحَدُ بها، وتَوازنَت هذه الكَلماتُ لفظًا ومَعنًى؛ أمَّا لفظًا فظاهِرٌ، وأمَّا مَعنًى فالختَّارُ هو الغَدَّارُ، والغَدرُ لا يكونُ إلَّا من قِلَّةِ الصَّبرِ؛ لأنَّ الصَّبَّارَ يُفَوِّضُ أمرَه إلى اللهِ، وأمَّا الغَدَّارُ فيُعاهِدُ ويَغدِرُ فلا يَصبِرُ على العَهدِ، وأمَّا الكَفورُ فمُقابَلَتُه مَعنًى للشَّكورِ واضِحةٌ) . وقال الجاحِظُ: (زَعَموا أنَّه لم يَغدِرْ غادِرٌ قَطُّ إلَّا لصِغَرِ هِمَّتِه عن الوفاءِ، وخُمولِ قَدرِه عن احتِمالِ المكارِهِ في جَنبِ نَيلِ المكارِمِ) . 8- طولُ الأمَدِ قد يَتَسَبَّبُ في نَقضِ العَهدِ. الوسائِلُ المُعينةُ على تَركِ الغَدرِ ونَقضِ العَهدِ 1- تَقويةُ الإيمانِ باللهِ تعالى. 2- البُعدُ عن أصدِقاءِ السُّوءِ، ومُجالسةُ أهلِ الصَّلاحِ. 3- التَّأمُّلُ في الآثارِ الوخيمةِ للغَدرِ على الفَردِ والمجتَمَعِ. 4- العِلمُ بالنُّصوصِ الشَّرعيَّةِ التي حَذَّرَت من الغَدرِ وعَدَمِ الوفاءِ. 5- تَركُ الطَّمَعِ واللَّهثِ وراءَ الدُّنيا. 6- مُجاهَدةُ النَّفسِ وتَربيَتُها على التَّحلِّي بالوفاءِ والصِّدقِ. حُكمُ الغَدرِ ونَقضِ العَهدِ ذهَب الفُقَهاءُ إلى تَحريمِ الغَدرِ؛ لأنَّه من عَلاماتِ النِّفاقِ ومن كَبائِرِ الذُّنوبِ، ولا سيَّما إذا كان الغادِرُ من أصحابِ الوِلاياتِ العامَّةِ؛ فقد أمَرَ اللهُ المؤمنينَ بالوفاءِ بالعُهودِ، وحَرَّمَ عليهم نَقضَها، فقال: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا [الإسراء: 34] ، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: 1] ، وتوجَدُ الكثيرُ من الأدِلَّةِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ التي تأمُرُ بوُجوبِ الوفاءِ بالعَهدِ وتُحَرِّمُ نَقضَه، قال ابنُ عَطيَّةَ: وكُلُّ عَهدٍ جائِزٍ بينَ المسلِمينَ فنَقضُه لا يَحِلُّ) . وقد ذكَر الهيتمي في الكبائِرِ: قَتلَ أو غَدرَ أو ظُلمَ مَن له أمانٌ أو ذِمَّةٌ أو عَهدٌ . وذَكَر أيضًا في الكبائِرِ عَدَمَ الوفاءِ بالعَهدِ، وقال: (عَدُّ هذا من الكبائِرِ هو ما وقَع في كلامِ غيرِ واحدٍ) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 05:28 PM | #206 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – الغدر ونقض العهد
ذم الغدر ونقض العهد في واحة الادب أ- مِنَ الشِّعْرِ 1- قال حسَّانُ يهجو الحارِثَ بنَ عوفٍ المرِّيَّ من غَطفانَ: إن تَغدِروا فالغَدرُ منكم شِيمةٌ والغَدرُ يَنبُتُ في أصولِ السَّخبرِ 2- وقال أبو حنبَلٍ الطَّائيُّ: قد آليتُ أغدِرُ في جَدَاعِ وإن مُنِّيتُ أُمَّاتِ الرِّباعِ لأنَّ الغدرَ في الأقوامِ عارٌ وإن الحُرَّ يَجزَأُ بالكُراعِ 3- وقال أبو فِراسِ بنُ حَمدانَ: تناساني الأصحابُ إلَّا عُصَيبةٌ ستَلحَقُ بالأخرى غدًا وتحولُ فمِن قَبلُ كان الغدرُ في النَّاسِ سُبَّةً وذمَّ زمانٍ واستلامَ خليلِ 4- وقال سعيدُ بنُ حميدٍ: جعَلتُ لأهلِ الوُدِّ ألَّا أَريبَهم بغَدرٍ، وإن مالوا إلى جانبِ الغَدرِ وأن أجزيَ الوُدَّ الجميلَ بمِثلِه وأقبَلَ عُذرًا جاء من جهةِ العُذرِ 5- وقال عُتبةُ بنُ عُتَيبةَ بنِ الحارِثِ بنِ شِهابٍ صَيَّادُ الفوارِسِ: غدَرتُم غَدرةً وغدَرْتُ أخرى فليس إلى توافينا سبَيلُ 6- وقال عارفٌ الطَّائيُّ: أذَلُّ لوطءِ النَّاسِ مِن خَشَبِ الجِسرِ إذا استحقَبَتْها العِيسُ جاءت من البُعدِ أيوعِدُني والرُّمحُ بيني وبينه تبيَّنْ رويدًا ما أُمامةُ مِن هِندِ ومنِ أجَأٍ حولي رِعانٌ كأنَّها قنابِلُ خيلٍ من كُمَيتٍ ومِن وردِ غدَرْت بأمرٍ كنتَ أنت اجتذبْتَنا إليه وبِئسَ الشِّيمةُ الغَدرُ بالعَهدِ 7- وقال حسَّانُ يهجو هُذَيلًا فيما صنعوا بخُبَيبِ بنِ عَديٍّ: أبلِغْ بني عَمرٍو بأنَّ أخاهمُ شراه امرؤٌ قد كان للغَدرِ لازِمَا شراه زُهَيرُ بنُ الأغَرِّ وجامِعٌ وكانا جميعًا يركبانِ المحارِمَا أجرتُم فلمَّا أن أجَرْتُم غدَرتُمُ وكنتُم بأكنافِ الرَّجيعِ لهاذِمَا فليت خُبَيبًا لم تخُنْه أمانةٌ وليت خُبَيبًا كان بالقَومِ عالِمَا 8- وقال ثابت قُطنة: لا تحسَبَنَّ الغَدرَ حَزمًا فربَّما ترَقَّت به الأقدامُ يومًا فزَلَّتِ 9- وقال آخَرُ: فكم فيهم من واعدٍ غيرِ مُنجِزٍ وكم فيهم من قائِلٍ غيرِ صادِقِ وفاءٌ كأُنبوبِ اليَراعِ لصاحِبٍ وغَدرٌ كأطرافِ الرِّماحِ الدَّوالِقِ 10- وقال حاتِمٌ الطَّائيُّ: فأقسَمْتُ لا أمشي إلى سِرِّ جارةٍ يدَ الدَّهرِ ما دامَ الحَمامُ يُغَرِّدُ ولا أشتري مالًا بغَدرٍ عَلِمتُه ألا كُلُّ مالٍ خالطَ الغَدرَ أنكَدُ 11- قال بعضُهم: أخلِقْ بمن رَضِيَ الخيانةَ شِيمةً أن لا يُرى إلَّا صريعَ حوادِثِ ما زالت الأرزاءُ تُلحِقُ بؤسَها أبدًا بغادِرِ ذِمَّةٍ أو ناكِثِ 12- قال كعبُ بنُ زُهَيرٍ: لشتَّانَ من يدعو فيُوفي بعَهدِه ومَن هو للعَهدِ المؤكَّدِ خالِعُ 13- وقال المعَرِّي: تجنَّبِ الوعدَ يومًا أن تفوهَ به فإن وعَدتَ فلا يَذمُمْك إنجازُ واصمُتْ فإنَّ كلامَ المرءِ يُهلِكُه وإن نطَقْتَ فإفصاحٌ وإيجازُ وإن عجَزتَ عن الخيراتِ تفعَلُها فلا يكُنْ دونَ تَركِ الشَّرِّ إعجازُ 14- وقال الغطفاني: أسُمَيَّ وَيحَكِ هل سَمِعتِ بغَدرةٍ رُفِعَ اللِّواءُ لنا بها في مَجمَعِ ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 05:31 PM | #207 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
تابع – ذم الغدر ونقض العهد
من الشعر 15- وقال كعبُ بنُ مالكٍ: فدونَك واعلَمْ أنَّ نقضَ عُهودِنا أباه الملا منَّا الذين تبايَعوا أباه البراءُ وابنُ عَمرٍو كلاهما وأسعَدُ يأباه عليك ورافِعُ 16- وقال آخَرُ: نقضُ العهدِ خائسٌ بالأمانِ مُستحِلٌّ محارِمَ الرَّحمنِ سلَبَتْنا الوفاءَ والحِلمَ طَوعًا فاعتَلَينا به بنو مروانَ ليتني كنتُ فيهم حَسَبَ العيـ ـشِ طليقًا أجرُّ حبلَ الأماني كلُّ عَتبٍ تُعَيِّرنيه الليالي فبسيفي جنَيتُه ولِساني 17- وقال آخَرُ: النَّاسُ من الهوى على أصنافِ هذا نَاقِضُ العَهدِ وهذا وافِ هيهاتَ مِن الكُدورِ تبغي الصَّافي لا يَصلُحُ للحَضرةِ قَلبٌ جافِ 18- وقال آخَرُ: يا بني الإسلامِ مَن عَلَّمَكم بعدَ إذ عاهَدْتُمُ نقضَ العُهودِ كلُّ شيءٍ في الهوى مُستحسَنٌ ما خلا الغَدرَ وإخلافَ الوُعودِ ب- من الأمثالِ والحِكَمِ - إنَّ الغَدرَ في الأقوامِ عارٌ . - أغدَرُ من الذِّئبِ . - أسرعُ غَدرةً من الذِّئبِ . قال شاعِرٌ: هو الذِّئبُ أو لَلذِّئبُ أَوفى أمانةً . - وقيل: الذِّئبُ يأدو الغَزالَ. أي: يَختِلُه . - أغدَرُ من غَديرٍ. قيل: سُمِّي الغديرُ غديرًا؛ لأنَّه يغدِرُ بصاحِبِه، أي: يجِفُّ بعدَ قليلٍ ويَنضُبُ ماؤه . - مَن عاشَر النَّاسَ بالمكرِ كافؤوه بالغَدرِ . - قولُهم: قد خَلَس فلانٌ بما كان عليه. قال أبو بكرٍ: معناه: قد غَدَر به . - أغدَرُ مِن كُناةِ الغَدرِ. وهم بنو سَعدِ بنِ تميمٍ، يُكَنُّونَ عن الغَدرِ بكَيسانَ: اسمٌ وضَعوه له، قال النَّمِرُ بنُ تَولَبٍ: إذا كنتَ في سعدٍ وأمُّك مِنهُمُ غريبًا فلا يَغرُرْك خالُك من سعدِ إذا ما دَعَوا كَيسانَ كانت كُهولُهم إلى الغَدرِ أدنى من شَبابِهم المُردِ - أغدَرُ من قَيسِ بنِ عاصِمٍ. وذلك أنَّ بعضَ التُّجَّارِ جاوره، فأخذ متاعَه، وشَرِب خَمْرَه، وسَكِرَ، وجعل يقولُ: وتاجِرٍ فاجرٍ جاء الإلهُ به كأنَّ لحيتَه أذنابُ أجمالِ وجَبى صدقةَ بني مِنقَرٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ بلَغَه موتُه، فقَسَّمَها في قومِه، وقال: ألَا أبلِغَا عني قُرَيشًا رسالةً إذا ما أتَتْهُم مُهدياتُ الودائِعِ حبوتُ بما صدَّقْتُ في العامِ مِنقَرًا وأيأستُ منها كُلَّ أطلَسَ طامِعِ - أغدَرُ من عُتَيبةَ بنِ الحارِثِ: وذلك أنَّ أُنَيسَ بنَ مُرَّةَ بنِ مِرداسٍ السُّلَميَّ نزل به في صِرمٍ من بني سُلَيمٍ، فأخذ أموالَها وربط رجالَها حتَّى افتَدَوا . - رَكِبَ أُصولَ السَّخبرِ . يقالُ في الغَدرِ والحُؤولِ عن العَهدِ . - الوفاءُ مِن شِيَمِ الكرامِ، والغَدرُ مِن هِمَمِ اللِّئامِ. - لا تَلبَسْ ثيابَك على الغَدرِ . تقالُ في الحَثِّ على الوَفاءِ ومَدحِه. - قالوا: الغالِبُ بالغَدرِ مغلولٌ، والنَّاكِثُ للعهدِ ممقوتٌ مخذولُ . - وقالوا: لا عُذرَ في الغَدرِ. والعُذرُ يَصلُحُ في كُلِّ المواطِنِ، ولا عُذرَ لغادِرٍ ولا خائنٍ . - (وفي بعضِ الكُتُبِ المنَزَّلةِ: إنَّ مما تُعجَّلُ عُقوبتُه من الذُّنوبِ ولا يُؤخَّرُ: الإحسانُ يُكفَرُ، والذِّمَّةُ تُخفَرُ . - وقالوا: الغَدرُ ضامِنُ العَثرةِ، قاطِعٌ ليَدِ النُّصرةِ . - (استبطأ عُبَيدُ اللهِ بنُ يحيى أبا العَيناءِ، فقال: أنا واللهِ ببابِك أكثَرُ من الغَدرِ في آلِ خاقانَ. - وقال الخُبْزارزيُّ: ولم تتعاطى ما تعوَّدْتَ ضِدَّه إذا كنتَ خوَّانًا فلِمَ تدَّعي الوَفا - وقال الباذانيُّ في أبي دلفٍ، وكان نقشَ خاتَمِه الوفاءُ: الغَدرُ أكثَرُ فِعلِه وكتابُ خاتَمِه الوَفا) - وكان يقالُ: (كَلبٌ شاكِرٌ خيرٌ من صاحِبٍ غادِرٍ) . وقالوا: من علاماتِ النِّفاقِ نَقضُ العَهدِ والميثاقِ. - وقال مَلِكٌ لصاحِبِ مَلِكٍ آخَرَ: أطلِعْني على سِرِّ صاحِبِك، قال: إليَّ تقولُ هذا؟ وما ذاق أحَدٌ كأسًا أمرَّ من الغَدرِ، واللهِ لو حُوِّل ثوابُ الوفاءِ إليه لما كان فيه عِوَضٌ منه، ولكِنْ سماجةُ اسمِه وبشاعةُ ذِكرِه ناهيانِ عنه ! - قالوا: مَن نَقَض عَهدَه، ومَنَع رِفدَه ، فلا خَيرَ عِندَه . - وقالوا: من علاماتِ النِّفاقِ نَقضُ العَهدِ والميثاقِ . - وقالوا: الغالِبُ بالغَدرِ مَغلولٌ، والنَّاكِثُ للعهدِ ممقوتٌ مخذولٌ . - وكان يقالُ: آفةُ المروءةِ خُلفُ الوَعدِ . - (وقالوا: الخُلفُ ألأمُ من البُخلِ؛ لأنَّه مَن لم يفعَلِ المعروفَ لَزِمه ذمُّ اللُّؤمِ وَحدَه، ومَن وَعَد وأخلَفَ لَزِمَه ثلاثُ مذَمَّاتٍ: ذَمُّ اللُّؤمِ، وذَمُّ الخُلفِ، وذَمُّ الكَذِبِ) . |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 05:32 PM | #208 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
موضوعنا القادم سيكون ان شاء الله عن ( النميمة )
|
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
10-02-2024, 08:45 PM | #209 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
نقل رائع وحتى أكون صادقة معك لم أقرأها جميعها
ولكن أعدك للعودة مرة أحرى المهم أشكرك القدير البراء على هذه المساحة المفيدة ودي وورود الشام |
|
10-03-2024, 07:30 AM | #210 |
|
رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
النميمة
معنى النَّميمةِ لُغةً واصطِلاحًا معنى النَّميمةِ لُغةً: النَّمُّ: رَفعُ الحديثِ على وَجهِ الإشاعةِ والإفسادِ. وقيل: تزيينُ الكلامِ بالكَذِبِ. مِن نَمَّ يَنُمُّ ويَنِمُّ، فهو نَمومٌ ونَمَّامٌ ومِنَمٌّ، ونَمٌّ، من قومٍ نَمِّينَ وأنِمَّاءَ ونُمٍّ، وهي نَمَّةٌ، ويقالُ للنَّمَّامِ القَتَّاتُ، ونمَّامٌ مبالغةٌ، والاسمُ النَّميمةُ، وأصلُ هذه المادَّةِ يدُلُّ على إظهارِ شَيءٍ وإبرازِه معنى النَّميمةِ اصطِلاحًا: النَّميمةُ: (نَـقلُ الحديثِ مِن قومٍ إلى قومٍ على جِهةِ الإفسادِ والشَّرِّ) . وعرَّفها الغَزاليُّ بقَولِه: (إفشاءُ السِّرِّ، وهَتكُ السِّترِ عمَّا يُكرَهُ كَشفُه) . وقيل هي: (التَّحريشُ بَيْنَ النَّاسِ والسَّعيُ بَيْنَهم بالإفسادِ) . الفَرْقُ بَيْنَ النَّميمةِ وبَعضِ الصِّفاتِ الفَرْقُ بَيْنَ الغِيبةِ والنَّميمةِ: قال ابنُ حَجَرٍ: (اختُلِفَ في الغِيبةِ والنَّميمةِ: هل هما متغايرتانِ أو متَّحِدتانِ، والرَّاجِحُ التَّغايُرُ، وأنَّ بَيْنَهما عُمومًا وخُصوصًا وَجهيًّا؛ وذلك لأنَّ النَّميمةَ نَقلُ حالِ شَخصٍ لغيرِه على جِهةِ الإفسادِ بغيِر رِضاه، سواءٌ كان بعِلمِه أم بغيرِ عِلمِه. والغِيبةُ ذِكرُه في غَيبتِه بما لا يُرضيه، فامتازت النَّميمةُ بقصدِ الإفسادِ، ولا يُشتَرَطُ ذلك في الغِيبةِ. وامتازت الغِيبةُ بكَونِها في غَيبةِ المقولِ فيه، واشتركا فيما عدا ذلك. ومن العُلَماءِ مَن يَشترِطُ في الغِيبةِ أن يكونَ المقولُ فيه غائبًا، واللَّهُ أعلمُ) . وقال ابن حجر الهيتمي: (كُلُّ نميمةٍ غِيبةٌ، وليس كُلُّ غِيبةٍ نميمةً؛ فإنَّ الإنسانَ قد يذكُرُ عن غيرِه ما يَكرَهُه، ولا إفسادَ فيه بينَه وبينَ أحَدٍ، وهذا غِيبةٌ، وقد يَذكُرُ عن غيرِه ما يَكرَهُه، وفيه إفسادٌ، وهذا غِيبةٌ ونميمةٌ معًا) . الفَرْقُ بَيْنَ القَتَّاتِ والنَّمَّامِ: (القَتَّاتُ والنَّمَّامُ بمعنًى واحِدٍ. وقيل: النَّمَّامُ الذي يكونُ مع جماعةٍ يتحَدَّثون حديثًا فيَنُمُّ عليهم. والقَتَّاتُ: الذي يتسَمَّعُ عليهم وهم لا يَعلَمون، ثمَّ يَنُمُّ) . ذم النميمة والنهي عنها أ- من القُرآنِ الكريمِ - قال تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: 10-11] . قال ابنُ كثيرٍ في قولِه تعالى: (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ يعني: الذي يمشي بَيْنَ النَّاسِ، ويُحَرِّشُ بَيْنَهم وينقُلُ الحديثَ لفسادِ ذاتِ البَينِ، وهي الحالِقةُ) . - وقال تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة: 1] . (قيل: اللُّمَزةُ: النَّمَّامُ. عن أبي الجَوزاءِ قال: قلتُ لابنِ عبَّاسٍ: من هؤلاء الَّذين بدأهم اللَّهُ بالوَيلِ؟ قال: هم المَشَّاؤون بالنَّميمةِ، المُفَرِّقون بَيْنَ الأحبَّةِ، الباغون أكبَرَ العَيبِ) . وقال مقاتِلٌ: (فأمَّا الهُمَزةُ فالذي يَنُمُّ الكلامَ إلى النَّاسِ، وهو النَّمَّامُ) . - وقال تعالى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد: 4] . (قيل: كانت نمَّامةً حَمَّالةً للحديثِ إفسادًا بَيْنَ النَّاسِ، وسُمِّيَت النَّميمةُ حَطَبًا؛ لأنَّها تَنشُرُ العداوةَ بَيْنَ النَّاسِ، كما أنَّ الحطَبَ ينشُرُ النَّارَ. قال مجاهِدٌ: يعني حمَّالةَ النَّميمةِ، تمشي بالنَّميمةِ) . ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ - عن حُذيفةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يدخُلُ الجنَّةَ نمَّامٌ)) ، وفي روايةٍ ((قَتَّاتٌ)) . ونفيُ دُخولِ الجنَّةِ في الحديثِ نَفيٌ مُطلَقٌ، والنَّفيُ المُطلَقُ يُحمَلُ على المقَيَّدِ، فيُقالُ: لا يدخُلون الجنَّةَ دُخولًا مُطلَقًا، يعني: لا يَسبِقُه عذابٌ، ولكِنَّهم يدخُلون الجنَّةَ دُخولًا يسبِقُه عذابٌ بقَدْرِ ذُنوبِهم، ثمَّ مَرجِعُهم إلى الجنَّةِ . قال ابنُ بطَّالٍ: (والقَتَّاتُ: النَّمَّامُ عِندَ أهلِ اللُّغةِ) . - وعن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((إنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ألا أنَبِّئُكم ما العِضَةُ؟ هي النَّميمةُ القالةُ بَيْنَ النَّاسِ. وإنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إنَّ الرَّجُلَ يَصدُقُ حتَّى يُكتَبَ صِدِّيقًا، ويَكذِبُ حتَّى يُكتَبَ كَذَّابًا)) . قال المُناويُّ: (... "القالةُ بَيْنَ النَّاسِ"، أي: كثرةُ القولِ، وإيقاعُ الخُصومةِ بَيْنَهما، فيما يُحكى للبعضِ عن البعضِ، وقيل: القالةُ بمعنى المقولةِ، وزعَم بعضُهم أنَّ القالةَ هنا جمعٌ، وهم الذين يَنقُلون الكلامَ، ويوقِعون الخُصومةَ بَيْنَ النَّاسِ) . وقال ابنُ عُثَيمين: (هي النَّميمةُ: أن ينقُلَ الإنسانُ كلامَ النَّاسِ بعضِهم في بعضٍ؛ من أجلِ الإفسادِ بَيْنَهم، وهي من كبائِرِ الذُّنوبِ) . - وعن عبدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قال: ((مرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على قبرَينِ، فقال: إنَّهما ليُعَذَّبانِ، وما يُعَذَّبانِ في كبيرٍ! ثمَّ قال: بلى، أمَّا أحَدُهما فكان يسعى بالنَّميمةِ، وأمَّا الآخَرُ فكان لا يستَتِرُ مِن بَولِه، قال: ثمَّ أخذ عودًا رَطْبًا، فكَسَره باثنتَينِ، ثمَّ غَرَز كُلَّ واحدٍ منهما على قَبرٍ، ثمَّ قال: لعَلَّه يُخَفَّفُ عنهما ما لم يَيْبَسا)) . قال ابنُ بطَّالٍ: (ومعنى الحديثِ: الحَضُّ على تَركِ النَّميمةِ) . وقال ابنُ دقيقِ العيدِ: (في الحديثِ دليلٌ على عِظَمِ أمرِ النَّميمةِ، وأنَّها سَبَبُ العذابِ، وهو محمولٌ على النَّميمةِ المُحَرَّمةِ) . وقال الشَّوكانيُّ: (الحديثُ يدُلُّ على نجاسةِ البَولِ من الإنسانِ، ووجوبِ اجتنابِه، وهو إجماعٌ، ويدُلُّ أيضًا على عِظَمِ أمرِه وأمرِ النَّميمةِ، وأنَّهما من أعظمِ أسبابِ عذابِ القبرِ) . وقال السُّيوطيُّ: (قد ذَكَر بعضُهم السِّرَّ في تخصيصِ البَولِ والنَّميمةِ والغِيبةِ بعذابِ القَبرِ، وهو أنَّ القبرَ أوَّلُ منازِلِ الآخرةِ، وفيه أنموذَجُ ما يقَعُ في يومِ القيامةِ من العقابِ والثَّوابِ. والمعاصي التي يعاقَبُ عليها يومَ القيامةِ نوعانِ: حَقٌّ للهِ، وحَقٌّ لعبادِه، وأوَّلُ ما يُقضى فيه يومَ القيامةِ من حقوقِ اللَّهِ: الصَّلاةُ، ومن حُقوقِ العِبادِ: الدِّماءُ، وأمَّا البرزَخُ فيُقضى فيه في مُقَدِّماتِ هذينِ الحَقَّينِ ووَسائلِهما، فمُقَدِّمةُ الصَّلاةِ الطَّهارةُ من الحدَثِ والخَبَثِ، ومُقَدِّمةُ الدِّماءِ النَّميمةُ والوقيعةُ في الأعراضِ، وهما أيسَرُ أنواعِ الأذى، فيبدَأُ في البرزخِ بالمحاسبةِ والعقابِ عليهما) . ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ - رُوِيَ أنَّ سُلَيمانَ بنَ عَبدِ المَلِكِ كان جالِسًا وعنده الزُّهريُّ، فجاءه رجُلٌ فقال له سُليمانُ: بلغني أنَّك وقَعْتَ فيَّ، وقُلتَ كذا وكذا. فقال الرَّجُلُ: ما فعَلْتُ ولا قُلتُ. فقال سُلَيمانُ: إنَّ الذي أخبرني صادِقٌ، فقال له الزُّهريُّ: لا يكونُ النَّمَّامُ صادِقًا. فقال سُلَيمانُ: صدَقْتَ، ثمَّ قال للرَّجُلِ: اذهَبْ بسَلامٍ . - وقال الحسَنُ: (كأنَّكم تظنُّون أنَّ الخيانةَ ليست إلَّا في الدِّينارِ والدِّرهَمِ! إنَّ الخيانةَ أشَدَّ الخيانةِ أن يجالِسَنا الرَّجُلُ فنطمَئِنَّ إلى جانِبِه، ثمَّ ينطَلِقَ فيسعى بنا إلى شرارةٍ من نارٍ!) . - وقال الحَسَنُ: (مَن نَمَّ إليك نَمَّ عليك) . - وعن عَطاءِ بنِ السَّائِبِ، قال: قَدِمتُ مِن مَكَّةَ فلَقِيني الشَّعبيُّ، فقال: يا أبا زيدٍ، أطرِفْنا ممَّا سَمِعتَ بمكَّةَ، فقُلتُ: سَمِعتُ عبدَ الرَّحمنِ بنَ سابِطٍ يقولُ: لا يَسكُنُ مكَّةَ سافِكُ دَمٍ، ولا آكِلُ رِبًا، ولا مَشَّاءٌ بنميمةٍ، فعَجِبتُ منه حينَ عَدَل النَّميمةَ بسَفكِ الدَّمِ وأكلِ الرِّبا، فقال الشَّعبيُّ: وما يُعجِبُك من هذا؟! وهل يُسفَكُ الدَّمُ وتُركَبُ العظائِمُ إلَّا بالنَّميمةِ ؟! - وقال قتادةُ: (ذُكِر لنا أنَّ عذابَ القبرِ ثلاثةُ أثلاثٍ: ثُلُثٌ من الغِيبةِ، وثُلُثٌ من البولِ، وثُلُثٌ من النَّميمةِ) . - وقال ابنُ حَزمٍ: (وما في جميعِ النَّاسِ شَرٌّ من الوُشاةِ، وهم النَّمامونَ، وإنَّ النَّميمةَ لطَبعٌ يدُلُّ على نَتنِ الأصلِ، ورداءةِ الفَرعِ، وفسادِ الطَّبعِ، وخُبثِ النَّشأةِ، ولا بُدَّ لصاحبِه من الكَذِبِ. والنَّميمةُ فرعٌ من فروعِ الكَذِبِ، ونوعٌ من أنواعِه، وكُلُّ نمَّامٍ كَذَّابٌ) . - وقال أبو موسى عِمرانُ بنُ موسى المؤدِّبُ: (وَفَد على أَنوشِرْوانَ حكيمُ الهندِ، وفيلسوفُ الرُّومِ، فقال للهِنديِّ: تكَلَّمْ. فقال: يا خَيرَ النَّاسِ، مَن ألقى سخيًّا، وعند الغَضَبِ وقورًا، وفي القولِ مُتأنِّيًا، وفي الرِّفعةِ متواضِعًا، وعلى كُلِّ ذي رَحِمٍ مُشفِقًا. وقام الرُّوميُّ، فقال: مَن كان بخيلًا وَرِث عَدُوُّه مالَه، ومَن قَلَّ شُكرُه لم يَنَلِ النَّجاحَ، وأهلُ الكَذِبِ مذمومون، وأهلُ النَّميمةِ يموتون فُقَراءَ، فمَن لم يرحَمْ سُلِّط عليه مَن لا يرحَمُه) . - عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، قال: قال سُلَيمانُ بنُ داودَ لابنِه: (يا بُنَيَّ، إيَّاك والنَّميمةَ؛ فإنَّها أحَدُّ من السَّيفِ) . - قال أكثَمُ بنُ صَيفيٍّ لبنيه: (إيَّاكم والنَّميمةَ؛ فإنَّها نارٌ مُحرِقةٌ، وإنَّ النَّمَّامَ ليَعمَلُ في ساعةٍ ما لا يَعمَلُ السَّاحِرُ في شهرٍ) . - كان ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما يقولُ: (الكَذِبُ فُجورٌ، والنَّميمةُ سِحرٌ؛ فمَن كَذَب فقد فَجَر، ومَن نَمَّ فقد سَحَر) . - عن كَعبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: (اتَّقوا النَّميمةَ؛ فإنَّ صاحِبَها لا يستريحُ من عذابِ القبرِ) . - عن كَعبِ الأحبارِ، قال: (إنَّ أعظَمَ النَّاسِ عِندَ اللَّه خطيئةً يومَ القيامةِ المُثلِّثُ، قالوا له: وما المُثَلِّثُ؟ قال: الذي يسعى بأخيه إلى إمامِه فيُهلِكُ نَفسَه، ويُهلِكُ أخاه، ويُهلِكُ إمامَه) . - عن بعضِ أصحابِ جَعفَرِ بنِ محمدٍ الصَّادِقِ، قال: (دخَلتُ على جَعفَرٍ وموسى بَيْنَ يَدَيه، وهو يوصيه بهذه الوَصيَّةِ، فكان ممَّا حَفِظتُ منها أنْ قال: يا بُنَيَّ، اقبَلْ وَصِيَّتي، واحفَظْ مقالتي... وإيَّاك والنَّميمةَ؛ فإنَّها تزرَعُ الشَّحناءَ في قُلوبِ الرِّجالِ، وإيَّاك والتَّعرُّضَ لعُيوبِ النَّاسِ؛ فمَنزِلةُ التَّعرُّضِ لعيوبِ النَّاسِ بمنزلةِ الهَدَفِ) . - أوصى عبدُ المَلِكِ بنُ صالِحٍ ابنًا له، فقال: (أي بُنَيَّ، احلُمْ؛ فإنَّ مَن حَلُم ساد، ومَن تفَهَّمَ ازداد... مَن سعى بالنَّميمةِ حَذِرَه البعيدُ، ومَقَتَه القريبُ) . - قال يحيى بنُ أبي كثيرٍ: (إنَّ صاحِبَ النَّميمةِ ليُفسِدُ ما بَيْنَ النَّاسِ في يومٍ ما لا يُفسِدُه السَّاحِرُ في شَهرٍ) . - وكتب طاهِرُ بنُ الحُسَينِ لابنِه عبدِ اللَّهِ كتابًا لَمَّا ولَّاه المأمونُ عبدُ اللَّهِ بنُ هارونَ الرَّشيدِ الرَّقَّةَ ومِصرَ وما بَيْنَهما، وفيه: (أغمِضْ عن عيبِ كُلِّ ذي عَيبٍ من رعيَّتِك، واشدُدْ لِسانَك عن قَولِ الكَذِبِ والزُّورِ، وأبغِضْ أهلَه، وأقْصِ أهلَ النَّميمةِ؛ فإنَّ أوَّلَ فَسادِ أمرِك في عاجِلِ الأمورِ وآجِلِها تقريبُ الكذوبِ والجرأةُ على الكَذِبِ؛ لأنَّ الكَذِبَ رأسُ المآثِمِ، والزُّورَ والنَّميمةَ خاتِمتُها؛ لأنَّ النَّميمةَ لا يَسلَمُ صاحِبُها، وقائِلُها لا يَسلَمُ له صاحِبٌ، ولا يستقيمُ لمطيعِها أمرٌ) . - قال ابنُ حِبَّانَ عن النَّميمةِ: (تَهتِكُ الأستارَ، وتُفشي الأسرارَ، وتُورِثُ الضَّغائِنَ، وترفَعُ المودَّةَ، وتجَدِّدُ العداوةَ، وتُبَدِّدُ الجماعةَ، وتُهَيِّجُ الحِقدَ، وتَزيدُ الصَّدَّ) . قال ابنُ مِسكَوَيهِ: (احذَرِ النَّميمةَ وسَماعَها؛ وذلك أنَّ الأشرارَ يَدخُلون بَيْنَ الأخيارِ في صورةِ النُّصَحاءِ فيُوهمونَهم النَّصيحةَ، ويَنقُلون إليهم في عَرضِ الأحاديثِ اللَّذيذةِ أخبارَ أصدقائِهم محَرَّفةً مُمَوَّهةً، حتَّى إذا تجاسَروا عليهم بالحديثِ المُختَلَقِ يُصَرِّحون لهم بما يُفسِدُ مودَّاتِهم، ويُشَوِّهُ وجوهَ أصدقائِهم، إلى أن يُبغِضَ بعضُهم بعضًا) . ( يتبع ) |
نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا ! و ليتني ما أرضيت سواي ! على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 0 والزوار 30) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخلاق أرزاق | فاطمة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 14 | 07-16-2024 05:02 PM |
الأخلاق وهائب….!!!! | النقاء | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 12 | 02-25-2024 02:59 PM |
ربيع الأخلاق | بُشْرَى | الصحة والجمال،وغراس الحياة | 4 | 05-15-2023 12:50 PM |
لنتصدق على فقراء الأخلاق. | رهيبة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 6 | 09-16-2022 10:57 PM |
الأخلاق وهائب | المهرة | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | 5 | 03-16-2021 10:07 PM |