لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى؟

لماذا خلقنا الله سبحانه وتعالى؟

قال تعالى: ▬   •   ♂ [الذاريات: 56]
قال تعالى: ▬                           ♂ [الأعراف: 172]
قال تعالى: ▬        ♂ [المؤمنون: 115].
إن السائل هنا إن كان يقصد إسقاط شبهة فلا محل له هنا لإجابته فليس بابنا لذلك فخلل عقله ومرض روحه يجد له علاجاً في بابٍ آخر ليس هذا مكانه وإنما نريد أن نجيب عن سؤالٍ قد يطرأ على بال البعض فيما أريد من إيجاد الخلق، والحق أن الإجابة الشافية والحجة الكافية تجدها في كتاب الله سبحانه وقد بيَّنها الله عز في علياءه بقوله: ▬   •   ♂ وهذا كافٍ وشافٍ.
ولسان الحال يقول لو أن إنساناً وجد حيرة في نفسه في أمر دنياه أو حركة حياته لذهب لمن هو مثله ليجد الإجابة عند من يملكها، أو لهُ معرفةٌ فيها فصانع الأمر أعلم بها من غيره والمتعلم عن الشيء هو أعلم من غيره وهو الدال لغيره وهذا في أمر الدنيا والموجودات فكيف إذا أردنا أن نعلم شيئاً تعدى الأرض والسموات، فهذا أمر وسؤال عظيم وشأنٌ ليس للإنسان فيه دور فليس له في الأصل شيء وهو الخلق.
وكيف يكون له شيء و هو في ذاته مخلوق، فإجابةُ سؤاله من باب أولى وعلى كل وجه أن تُأخذ من الخالق لأنه الموجد من عدم وهو القيوم الأعلم سبحانه، فبيان ربنا لسبب إيجادنا كافٍ لنا، وما البحث في جوانب التيه في شبهات العقل لما لا يُقدرُ على إدراكه أو ما وسوس له به شيطانه فذلك لجهل وقلة دين أو ناتج عن خروج عن منهاج رب العالمين فالخالق سبحانه قد بين الغاية للإنسان ويسر إليه الوسيلة وسخر له الدنيا و بين له الطريق وبعث له الرسل وأرسل له الكتب وجعل له العقل وأحاطه ببديع الخلق والمخلوقات وبين له العلامات وذلك من كرمه سبحانه ومن كمال علمه وبديع أمره فجلَّ في علياءه وتقدست أسماءه، فهو سبحانه منزهٌ عن العلةِ في أفعاله فيفعل ما يشاء وكيفما يشاء ومتى شاء فتعالى ربنا لا يُسأل عما يفعل والخلق يُسألون وأمره إن شاء بين الكاف والنون.
فلذلك تأدباً وتديناً بعدما أَخبر الخالق سبحانه عن المراد من الخلق فلا يحق للمخلوق أن يتجاوز في الأمر فالطاعة والتسليم من أصل الأمر، فالكريم سبحانه وضع المكلفين في اختبار وخلق لهم الدنيا مُسَخَرَةً لأمرهم ولم يجعلها دار قرار، وبين لهم أمرهم وأقام عليهم الحجة وترك لهم الخيار، وجعل بعد ذلك الحساب و الجنة والنار، فتبارك الهع الملك الجبار الرحيم الغفار فبخلقه لنا تكرم علينا سبحانه أن علمنا من أسماءه وعظيم صفاته ما أراد، فسبحانه حق له أن يُعبد وحق له التوحيد في الوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته فلا منازع لملكه ولا راد لأمره وهو العظيم الكريم الحليم العليم قبل أن نعلم وبعد أن نعلم، الخالق قبل أن يخلقنا، الرحيم قبل أن يرحمنا، فتبارك وتعالى له الكمال في كل شيء ويعلم كل شيء خلقنا لنعبده ونمجده وليس له في خلقنا وخلق شيء حاجة، فلا يزيد في العظمة من خلقنا بشيء ولا ينقص من أمره بما صدر عنا شيء، فسبحانه خلقه إيانا كرم منه ورحمه بأن أوجدنا وأمرنا بإتباع أمره واجتناب نهيه وسلوك شرعه فألحقنا بذلك سبحانه بعز الدين والاستخلاف والتمكين فله الفضل سبحانه وله كل الثناء ونرفع إليك ربي أيدينا بالدعاء ونعتذر إليك بما قصرنا وقصر المقصرون، وما ارتكبنا من ذنوب فأنت أعلم بنا من أنفسنا وتعلم بضعفنا ولذلك أمرتنا بالاستغفار فسبحانك ما أرحمك عَلِمتَ حاجتنا فرحمتنا وغفرت ذنبنا، فلك الحمد والشكر إلى منتهاه أن خلقتنا وهديتنا وجعلت الإسلام ديننا...
***

للمزيد من مواضيعي